9 مصاحف

9 مصاحف الكتاب الاسلامي
حسبي الله ونعم الوكيل

حسبي الله ونعم الوكيل

 

Translate

السبت، 3 يونيو 2023

ج2.العبر في خبر من غبر الإمام الذهبي الجزء الثاني

ج2.العبر في خبر من غبر

الإمام الذهبي

الجزء الثاني

يتناول المؤلف في هذا الكتاب سرد الأحداث والوقائع التاريخية وذكر وفيات الأعيان، ورتبه على حسب الطبقات التاريخية؛ فيذكر في كل سنة ما حدث فيها بداية من السيرة النبوية ونهاية بسنة اثنتين وسبعين وسبعمائة

سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة فيها عسكر الملك أبو كاليجار ودفع عسكر الغزّ عن همذان‏.‏

وفيها بغداد على حالها من الضعف والرفض والنهب والفتن‏.‏

وفيها توفي أبو نصر الكسَّار القاضي أحمد بن الحسين الدِّينوريّ‏.‏

سمع النَّسائي من ابن السُّنّي وحدّث به في شوال من السنة‏.‏

وأبو الحسن بن فاذشاه الرئيس أحمد بن محمد الحسين الأصبهاني الثاني الرئيس راوي ‏[‏المعجم الكبير‏]‏ عن الَّبراني توفي في صفر وقد رمي بالتشيُّع والاعتزال‏.‏

وابو عثمان القرشي سعيد بن العباس الهرويّ المزكِّي الرئيس في المحرم وله أربع وثمانون سنة‏.‏

روى عن حامد الرفّا وأبي الفضل بن خميرويه وطائفة‏.‏

وتفرّد بالرواية عن جماعة‏.‏

وأبو سعيد النضروي عبد الرحمن بن حمدان النيسابوري مسند وقته وراوي مسند إسحاق بن راهويه عن السمذي‏.‏

روى عن ابن نجيد وأبي بكر القطيعي وهذه الطبقة‏.‏

توفي في صفر وهو منسوب إلى جدّه نضرويه‏.‏

وأبو القاسم الزَّيدي الحرَّاني علي بن أحمد بن علي العلوي الحسيني الحنبلي المقري في شوال بحرّان وهو آخر من روى عن النقاش القراءات والتفسير وهو ضعيف‏.‏

قال عبد العزيز الكتَّاني وقد سئل عن شيء‏:‏ ما يكفي علي بن أحمد الزيدي أن يكذب حتى يكذب عليه‏.‏

قلت‏:‏ وكان رجلًا صالحًا ربانيًا‏.‏

وأبو الحسن بن السمسار علي بن موسى الدمشقي حدّث عن أبيه وأخويه‏:‏ محمد وأحمد وعليّ بن أبي العقب وأبي عبد الله بن مروان والكبار‏.‏

قال الكتّاني‏:‏ كان فيه تساهل ويذهب إلى التشيُّع توفي في صفر وقد كمَّل التسعين‏.‏

وابن عبّاد المعتمد على الله القاضي وهو أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عبّاد بن قريش اللَّخمي الإشبيلي الذي ملّكه أهل إشبيلية عليهم عندما قصدهم الظالم يحيى بن علي الإدريسي الملقّب بالمستعلي وله أخبار ومناقب وسيرة عادلة توفي في جمادى الأولى وتملَّك بعده ولده المعتضد بن عبّاد فامتدت أيامه‏.‏

والسلطان مسعود بن السلطان محمود بن سبكتكين تملَّك بعد أبيه خراسان والهند وغزنة وجرت له حروب وخطوب مع بني سلجوق وظهروا على ممالكه وضعف أمره فقتله أمراؤه‏.‏

سنة أربع وثلاثين وأربعمائة فيها كانت الزلزلة العظمى بتبريز فهدمت أسوارها وأحصي من هلك تحت الهدم فكانوا أكثر من أربعين ألفًا نسأل الله العفو‏.‏

وفيها توفي أبو ذرّ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري الهروي الحافظ الفقيه المالكي نزيل مكة روى عن أبي الفضل بن خميرويه وأبي عمر بن حيويه وطبقتهما وروى الصحيح عن ثلاثة من أصحاب الفربري وجمع لنفسه ‏[‏معجمًا‏]‏ وعاش ثمانيًا وسبعين سنة وكان ثقة متقنًا ديِّنًا عابدًا ورعًا حافظًا بصيرًا بالفقه والأصول‏.‏

أخذ علم الكلام عن ابن الباقلاّني وصنّف مستخرجًا على الصحيحين وكان شيخ الحرم في عصره ثم إنه تزوج بالسروات وبقي يحج كل عام ويرجع‏.‏

وعبد الله بن غالب بن تمام أبو محمد الهمداني الماكي مفتي أهل سبتة وزاهدهم وعلمهم دخل الأندلس وأخذ عن أبي بكر الزبيدي وأبي محمد الأصيلي ورحل إلى القيروان فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد وبمصر عن أبي بكر المهندس وكان علامة متيقظًا ذكيًّا مستبحرًا من العلوم فصيحًا مفوّهًا قليل النظير توفي في صفر عن سّنٍ عالية‏.‏

سنة خمس وثلاثين وأربعمائة فيها استولى طغرلبك السلجوقي على الريّ وخرّبها عسكره بالقتل والنهب حتى لم يبق بها إلا نحو ثلاثة آلاف نفس وجاءت رسل طغرلبلك إلى بغداد فأرسل القاضي الماوردي إليه يذمُّ ما صنع في البلاد ويأمره بالاحسان إلى الرعية فتلقّاه طغرلبك واحترمه إجلالًا لرسالة الخليفة‏.‏

واتفق موت جلال الدولة السلطان ببغداد بالخوانيق وكان ابنه الملك العزيز بواسط‏.‏

وفيها وصلت عساكر السلجوقية إلى الموصل فعاثوا وبدّعوا وأخذوا حرم قرواش فاتفق

وفيها خطب ببغداد لأبي كاليجار مع الملك العزيز بعد موت جلال الدولة‏.‏

وكان جلال الدولة ملكًا جليلًا سليم الباطن ضعيف السلطنة مصرًّا على اللهو والشراب مهملًا لأمر الرعية عاش اثنتين وخمسين سنة وكانت دلته سبع عشرة سنة وخلف عشرين ولدًا بنين وبنات ودفن بدار السلطان ببغداد ثم نقل‏.‏

وفيها توفي أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور أمير قرطبة ورئيسها وصاحبها ساس البلد أحسن سياسة وكان من رجال الدهر حزمًا وعزمًا ودهاءً ورأيًا ولم يتَّسم بالملك وقال‏:‏ أنا أدبر الناس إلى أن يقوم لهم من يصلح‏.‏

فجعل ارتفاع الأموال بأيدي الأكابر وديعة وصيّر العوام جندًا وأعطاهم أموالًا مضاربة وقرر عليهم السلاح والعدّة‏.‏

وكان يشهد الجنائز ويعود المرضى وهو بزيّ الصالحين لم يتحول من داره‏.‏

إلى دار السلطنة توفي في المحرم عن إحدى وسبعين سنة وولي بعده ابنه أبو الوليد‏.‏

وأبو القاسم الأزهري عبيد الله بن أحمد بن عثمان البغدادي الصيرفي الحافظ كتب الكثير وعني بالحديث‏.‏

وروى عن القطيعي وطبقته توفي في صفر عن ثمانين سنة‏.‏

وجلال الدولة سلطان بغداد أبو طاهر فيوزجرد بن الملك بهاء الدولة أبي نصر بن الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة بن بويه الديلمي وولي بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور فضعف وخاف وكاتب ابن عمه أبا كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة فوعده بالجميل وخطب للاثنين معًا‏.‏

وأبو بكر الميماسي محمد بن جعفر بن علي الذي روى ‏[‏موطأ‏]‏ يحيى ابن بكبر عن ابن وصيف توفي في شوال وهو من كبار شيوخ نصر المقدسي‏.‏

ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة أبو الحسين البغدادي البزاز روى عن أبي بكر خلاّد وجماعة‏.‏

قال الخطيب‏:‏ صدوق كثير السماع مات في جمادى الأولى‏.‏

وابو القاسم المهلَّب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي قاضي المريَّة أخذ عن أبي محمد الأصيلي وأبي الحسن القابسي وطائفة وكان من أهل الذكاء المفرط والاعتناء التام بالعلوم وقد شرح صحيح البخاري وتوفي في شوال في سنّ الشيخوخة‏.‏

سنة ست وثلاثين وأربعمائة فيها دخل السلطان أبو كاليجار بغداد وضرب له الطبل في أوقات الصلوات الخمس ولم يضرب لأحد قبله إلا ثلاث مرات‏.‏

وفيها توفي تمام بن غالب أبو غالب بن التيَّاني القرطبي لغويّ الأندلس بمرسية‏.‏

له مصنف بديع في اللغة وكان علامة ثقة في نقله ولقد أرسل إليه صاحب مرسية الأمير أبو الجيش مجاهد ألف دينار على أن يزيد في خطبة هذا الكتاب أنه ألفه لأجله فامتنع تورعًا وقال‏:‏ ما صنفته إلا مطلقًا‏.‏

وأبو عبد الله الصميري الحسن بن علي الفقيه أحد أئمة الحنفية ببغداد‏.‏

روى عن أبي الفض الزهري وطبقته وولي قضاء ربع الكرخ وكان ثقة صاحب حديث مات في شوال وله خمس وثمانون سنة‏.‏

والشريف المرتضى نقيب الطالبين وشيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق أبو طالب علي بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي وله إحدى وثمانون سنة وكان إمامًا في التشيع والكلام والشعر والبلاغة كثير التصانيف متبحرًا في فنون العلم أخذ عن الشيخ المفيد وروى الحديث عن سهل الديباجي الكذاب وولي النقابة بعده ابن أخيه عدنان بن الشريف الرضي‏.‏

ومحمد بن عبد العزيز أبو عبد الرحمن النِّيلي شيخ الشافعية بخراسان وله ثمانون سنة كان صالحًا ورعًا كبير القدر‏.‏

روى عن أبي عمرو بن حمدان وجماعة‏.‏

وله ديوان شعر‏.‏

وأبو الحسين البصري محمد بن علي بن الطيّب شيخ المعتزلة وصاحب التصانيف الكلامية وكان من أذكياء زمانه توفي ببغداد في ربيع الآخر وكان يقرئ الاعتزال ببغداد وله حلقة كبيرة‏.‏

سنة سبع وثلاثين وأربعمائة فيها توفي أبو نصر المنازي وزير أحمد بن مروان صاحب ميافارقين وهو من منازجرد واسمه أحمد بن يوسف وكان فصيحًا بليغًا شاعرًا كثير المعارف‏.‏

ومكي بن أبي طالب‏:‏ أبو محمد القيسي شيخ الأندلس وعالما ومقرئها وخطيبها‏.‏

قرأ القراءات على ابن غلبون وابنه وسمع من أبي محمد بن أبي زيد وطائفة‏.‏

وكان من أهل التبحر في العلوم كثير الت صانيف عاش اثنتين وثمانين سنة‏.‏

رحل عن بلده غير مرة وحج وجاور توسع في الرواية وبعد صيته وقصده الناس من النواحي لعلمه ودينه وولي خطابة قرطبة لأبي الحزم جهور وكان مشهورًا بالصلاح وإجابة الدعوة توفي في ثاني المحرم‏.‏

سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة فيها حاصر طغرلبك السَّلجوفي أصبهن وضيّق على أهلها وعلى أميرها فراموز ولد علاء الدولة صم صالحه على مال يحمله وأن يخطب له بأصبهان‏.‏

وفيها توفي أبو علي البغدادي مصنّف ‏[‏الروضة في القراءات العشر‏]‏ الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي‏.‏

وأبو محمد الجويني عبد الله بن يوسف شيخ الشافعية والد إمام الحرمين تفقه بنيسابور على أبي الطيّب الصعلوكي وبمرو على أبي بكر القفال وتصدّر بنيسابور للفتوى والتدريس والتصنيف وكان مجتهدًا في العبادة صاحب جدّ وصدق وهيبة ووقار‏.‏

روى عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد الأسفراييني وجماعة‏.‏

وتوفي في ذي القعدة‏.‏

سنة تسع وثلاثين وأربعمائة فيها توفي أبو محمد الخلال الحسن بن محمد بن الحسن البغدادي الحافظ في جمادى الأولى وله سبع وثمانون سنة‏.‏

روى عن القطيعي وأبي سعيد الحرقي وطبقتهما‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان ثقة له معرفة خرّج المسند على الصحيحين وجمع أبوابًا وتراجم كثيرة‏.‏

قلت‏:‏ آخر من روى عنه أبو سعد أحمد بن الطُّيوري‏.‏

وعلي بن منير بن أحمد الخلال أبو الحسن المصري الشاهد في ذي القعدة روى عن أبي الطار الذهلي وأبي أحمد بن الناصح‏.‏

والنذير الواعظ وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد الشيرازي‏.‏

روى عن إسماعيل بن حاجب الكشاني وجماعة ووعظ ببغداد فازدحموا عليه وشغفوا به ورزق قبولًا لم يرزقه أحد وصار يظهر الزهد ثم إنه تنعّم وقبل الصلات من الأقطار واستجمع له جيش من المطوِّعة فعسكر بظاهر بغداد وضرب له الطبل وسار بهم إلى الموصل واستفحل أمره فصار إلى أذربيجان وضاهى أمير تلك الناحية ثم خمد سوقه وتراجع عامّة أصحابه ثم مات‏.‏

ومحمد بن عبد الله بن عابد أبو عبد الله المعافري حدّث قرطبة‏.‏

روى عن أبي عبد الله بن مفرج وطبقته ورحل فسمع من أبي محمد بن أبي زيد وأبي بكر بن المهندس وطائفة‏.‏

وكان ثقة عالمًا جيّد المشاركة في الفضائ توفي في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة وهو آخر من حدّث عن الأصيلي‏.‏

سنة أربعين وأربعمائة فيها مات السلطان أبو كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة البويهي الديلمي مات بطريق كرمان فصدوه في يوم ثلاث مرّات وكان معه نحو أربعة آلاف من الترك والديلم فنهبت خزائنه وحريمه وجواريه وطلبوا شيراز فلسطنوا ابنه الملك الرحيم أبا نصر وكان مدة سلطنة وفيها أقدم المعز بن باديس بالمغرب الدعوة للقائم بالله العباسي وخلع طاعة المستنصر العبيدي فبعث المستنصر جيشًا من العرب يحاربونه فذلك أول أول دخول العربان إلى إفريقية وهم بنو رياح وبنو زغبة وتمت لهم أمور يطول شرحها‏.‏

وفيها قدم خراسان خلائق من الترك الغزّ فسار بهم الملك ينال فدخل الروم فقتل وسبى وغنم وسار حتى قارب القسطنطينية وحصل لهم من السبي فوق المائة ألف نفس والتقى الروم وهزمهم غير مرة وكسروه أيضًا ثم ثبت المسلمون ونزل النصر وقيل إنهم جرُّوا الغنائم على عشرة آلاف عجلة فلله الحمد‏.‏

وفيها توفي الحكيمي أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن نصر المصري الورّاق يوم الأضحى وله إحدى وثمانون سنة‏.‏

روى عن أبي الطاهر الذهلي وغيره‏.‏

والحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد الأمير أبو محمد العباسي‏.‏

روى عن مؤدِّبه أحمد اليشكري وكان رئيسًا ديِّنًا حافظًا لأخبار الخلفاء توفي في شعبان وله نيِّف وتسعون سنة‏.‏

وأبو القاسم عبيد الله بن أبي حفص عمر بن شاهين‏.‏

روى عن أبيه وأبي بحر البربهاري والقطيعي وكان صدوقًا عالي الإسناد توفي في ربيع الأول‏.‏

وأبو ذرّ محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني الأصبهاني الواعظ‏.‏

روى عن أبي الشيخ ومات في ربيع الأول‏.‏

وأبو عبد الله الكارزيني محمد بن الحسين الفارسي المقرئ نزيل الحرم ومسند القراء توفي فيها أو بعدها وقد قرأ القرءات على المطوِّعي قرأ عليه جماعة كثيرة وكان من أبناء التسعين وما علمت فيه جرحًا‏.‏

وابن ريذة مسند أصبهان أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني التاجر راوية أبي القاسم الطّبراني توفي في رمضان وله أربع وتسعون سنة‏.‏

قال يحيى بن مندة‏:‏ كان ثقة أمينًا كان أحد وجوه الناس وافر العقل كامل الفضل مكرمًا لأهل العلم حسن الخط يعرف طرفًا من النحو واللغة‏.‏

وابن غيلان مسند العراق أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمداني البغدادي البزاز سمع من أبي بكر الشافعي أحد عشر جزءًا وتعرف بالغيلانيّات لتفرده بهها‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا صالحًا ديّنًا‏.‏

قلت‏:‏ مات في شوال وله أربع وتسعون سنة‏.‏

وأبو منصور السّوّاق محمد بن محمد بن عثمان البغدادي البندار وثّقه الخطيب ومات في آخر سنة إحدى وأربعين وأربعمائة فيها أمرت الرافضة ببغداد أن لا يعملوا مأتم عاشوراء فخالفوا فثارت غوغاء السنُّة وحميت الفتنة وجرى مالا يعبّر عنه وقتل جماعة وجرح خلق فاهتم أهل الكرخ وعلموا عليهم سورًا منيعًا غرموا عليه أموالًا عظيمة وكذا فعل أهل نهر القلائين وصار مع كل فرقة طائفة من الأتراك على نحلتهم تشدّ منهم وتمّت لهم فتنة هائلة يوم عيد الفطر‏.‏

وفيها توفي أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي الدمشقي أبو علي المعدَّل أحد الأكابر بدمشق‏.‏

روى عن يوسف الميانجي وجماعة‏.‏

والعتيقي أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي التاجر السفّار المحدِّث‏.‏

روى عن علي بن محمد بن سعيد الرزاز وإسحاق بن سعد النسوي وطبقتهما وجمع وخرّج على الصحيحين وكان ثقة فهمًا توفي في صفر‏.‏

وأحمد بن المظفر بن أحمد بن يزداد الواسطي العطار أبو الحسن‏.‏

را وي مسند مسدَّد عن ابن السقا توفي في شعبان‏.‏

وابو القاسم الأفليلي - وأفليل قرية بالشام - ثم القرطبي إبراهيم ابن محمد بن زكريا الزهري الوقّاصي توفي في ذي القعدة بقرطبة وله تسع وثمانون سنة‏.‏

روى عن أبي عيسى اللّيثي وأبي بكر الزبيدي وطائفة ووليّ الوزارة لبعض أمراء الأندلس‏.‏

وكان رأسًا في اللغة والشعر أخباريًا علامة‏.‏

وابن سختام الفقيه أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نصرويه بن سختام بن هرثمة الغزني السمرقندي الحنفي المفتي رحل إلى الحج وحدَّث ببغداد ودومشق عن أبيه ومحمد بن أحمد بن متّ الإشتيخني وجماعة وحدَّث في هذا العام وتوفي فيه أو بعده في عشر الثمانين‏.‏

وابن حمُّصة أبو الحسن علي بن عمر الحرّاني ثم المصري الصواف عنده مجلس واحد عن حمزة الكتَّاني يعرف بمجلس البطاقة توفي في رجب‏.‏

وقراوش بن مقلَّد بن المسيَّب الأمير أبو المنيع معتمد الدولة العقيلي صاحب الموصل وابن صاحبها وكانت دولته خمسين سنة وكان أديبًا شاعرًا ممدّحًا فارسًا نهابًا وهابًا على دين الأعراف وجاهليتهم يقال إنه جمع بين أختين فلاموه فقال‏:‏ وأيّ شيء نستعمل من الشرع حتى تتكلموا في هذا‏.‏

وقال مرة‏:‏ ما في رقبتي غير دم خمسة أو ستة من العرب فأما الحضر فلا يعبأ الله بهم وثب على قرواش ابن أخيه بركة وقبض عليه وسجنه في هذه السنة وتملك‏.‏

فمات في سنة ثلاث فملك بعده أبو المعالي قريش ابن بدران ابن مقلَّد بن المسيّب فذبح قرواش بن مقلَّد وأبو الفضل السعدي محمد بن أحمد بن عيسى البغدادي الفقيه الشافعي تلميذ أبي حامد الإسفراييني وراوي معجم الصحابة عن ابن بطّة توفي في شعبان وقد روى عن جماعة كثير ة بالعراق والشام ومصر‏.‏

وأبو عبد الله الصوُّري محمد بن علي الحافظ أحد أركان الحديث توفي ببغداد في جمادى الآخرة وقد نيّف على الستين‏.‏

روى عن ابن جميع والحافظ عبد الغ ني المصري ولزمه مدة وأكثر عن المصريين والشاميين ثم رحل إلى بغداد ولقي بها ابن مخلد صاحب الصفّار وهذه الطبقة‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان من أحرص الناس على الحديث وأكثرهم كتبًا وأحسنهم معرفة به لم يقدم علينا أفهم منه وكان دقيق الخط يكتب ثمانين سطرًا في ثمن الكاغد الخراساني وكان يسرد الصوم‏.‏

وقال أبو الوليد الباجي‏:‏ هو أحفظ من رأيناه‏.‏

وقال أبو الحسين بن الطيوري‏:‏ ما رأيت أحفظ من الصوري‏.‏

وكان بفرد عين وكان متفننًا يعرف من كل علم وقوله حجَّة وعنه أخذ الخطيب علم الحديث‏.‏

قلت‏:‏ وله شعر فائق‏.‏

والسلطان مودود صاحب غزنة ابن السلطان مسعود بن محمود ابن سبكتكين وكانت دولته عشر سنين ومات في رجب وله تسع وعشرون سنة وأقاموا بعده ولده وهو صبي صغير ثم خلعوه‏.‏

سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة فيها عيّن ابن النسوي لشرطة بغداد فاتفقت الكلمة في السنَّة والشّيعة أنه متى ولي نزحوا عن البلد ووقع الصلح بهذا السبب بين الفريقين وصار أهل الكرخ يترحمون على الصحابة وصلّوا في مساجد السنّة وخرجوا كلهم إلى زيارة المشاهد وتحابّوا وتوادّوا وهذا شيء لم يعهد من دهرٍ‏.‏

وفيها توفي أبو الحسين التوَّزي أحمد بن علي البغدادي المحتسب‏.‏

روى عن علي بن للؤل وطبقته وكان ثقة صاحب حديث‏.‏

والملك العزيز أبو منصور بن الملك جلال الدولة بن بويه توفي بظاهر ميّافارقين وكانت مدته سنتين وكان أديبًا فاضلًا له شعر حسن‏.‏

وأبو الحسن بن القزويني عل بن عمر الحربي الزاهد القدوة شيخ العراق‏.‏

روى عن أبي عمر بن جيّويه وطبقته‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان أحد الزهاد ومن عباد الله الصالحين يقرئ ويحدّث ولا

يخرج إلاّ لصلاةٍ وعاش اثنتين وثمانين سنة توفي في شعبان وغلقت جميع بغداد يوم دفنه ولم أر جمعًا أعظم من ذلك الجمع رحمه الله تعالى‏.‏

وأبو القاسم الثمانيني الموصلي الضرير النحويّ أحد أئمة العربية بالعراق أخذ عن ابن جنِّي وتصدّر للإفادة وصنّف شرحًا للُّمع وكتاب في النحو وشرحًا للتصريف الملوكي واسمه‏:‏ عمر بن ثابت‏.‏

ومحمد بن عبد الواحد بن زوج الحرّة أبو الحسن أخو أبي يعلى وأبي عبد الله وكان أوسط الثلاثة‏.‏

روى عن علي بن لؤلؤ وطائفة‏.‏

وأبو طاهر بن العلاف محمد بن علي بن محمد البغدادي الواعظ‏.‏

روى عن القطيعي وجماعة‏.‏

وكان نبيلًا وقوًا له حلقة للعلم بجامع المنصور‏.‏

سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة فيها في صفر زال الأنس بين السنّة والشّيعة وعادوا إلى أشدّ ما كانوا عليه وأحكم الرافضة سوق الكرخ وكتبوا على الأبراج‏:‏ محمد وعليّ خير البشر فمن رضي فقد شكر ومن أبى فقد كفر فاضطرمت نار الفتنة وأخذت ثياب الناس في الطرق وغلِّقت الأسواق واجتمع للسنّة جمع لم ير مثله وهجموا على دار الخلافة فوعدوا بالخير فثار أهل الكرخ والتقى الجمعان وقتل جماعة ونهب باب التبن ونبشت عدّة قبور للشّيعة وأحرقوا مثل العوني والناشي والجذوعي وطرحوا النيران في التُّرب وتمَّ على الرافضة خزي عظيم فعمدوا إلى خان الحنفية فأحرقوه وقتلوا مدرّسهم أبا سعد السرخسيّ رحمه الله‏.‏

وقال الوزير‏:‏ إن وأخذنا الكّل خرب البلد‏.‏

وفيها أخذ طغرلبك أصبهان بعد حصار سنة فجعلها دار ملكه ونقل خزائنه من الريِّ إليها‏.‏

وفيها هجمت الغزّ على الأهواز وقتلوا ونهبوا وعلموا كل قبيح‏.‏

وفيها كانت وقعة عظيمة بين المعزّ بن باديس وبين المصريين قتل فيها من المغاربة نحو ثلاثين ألفًا‏.‏

وفيها توفي أبو علي الشاموخي المقرئ الحسن بن علي بالبصرة وله جزء مشهور روى فيه عن أحمد بن محمد بن العباس صاحب أبي خليفة‏.‏

وعلي بن شجاع الشيباني المصقلي أبو الحسن الأصبهاني الصوفي توفي في ربيع الأول‏.‏

روى عن الدَّارقطني وطبقته وأسمع ولديه كثيرًا‏.‏

وأوب القاسم الفارسي عليّ بن محمد بن علي مسند الديار المصرية أكثر عن أبي أحمد بن الناصح والذهلي وابن رشيق توفي في شوال‏.‏

ومحمد بن عبد السلام بن سعدان أبو عبد الله الدمشقي‏.‏

روى عن جمح ابن القاسم وأبي عمر بن فضالة وجماعة‏.‏

توفي في يوم عرفة وعنده ستة أجزاء‏.‏

وأبو الحسن بن صخر الأزدي القاضي محمد بن علي بن محمد البصري بزبيد في جمادى الآخرة عن سنّ عالية أملى مجالس كثيرة عن أحمد بن جعفر السَّقطي ويوسف النَّجيرمي وخلق‏.‏

سنة أربع وأربعين وأربعمائة فيها هاجت الفتنة ببغداد واستعرت نيرانها وأحرقت عدّة حوانيت وكتب أهل الكرخ على أبواب مساجدهم‏:‏ محمد وعلي خير البشر وأذَّوا بحيّ على خير العمل فاجتمع غوغاء السنّة وحملوا حملة حربية على الرافضة فهرب النظّارة وازدحموا في درب ضيّق فهلك ستّ وثلاثون امرأة وستة رجال وصبيان وطرحت النيران في الكرخ وأخذوا في تحصين الأبواب والقتال والتقوا في سادس ذي الحجة فجمع الطقطقي طائفة من الأعوان وكنس نهر طابق من الكرخ وفيها جرت حروب هائلة بين الغزّ السلجوقية وبين صاحب غزنة على الملك وقتل عدد كير من الفريقين قتله جاهلية‏.‏

وفيها جهّز الملك الرحيم الديلمي عسكرًا لحرب أخيه واقتتلوا في السفن أيامًا‏.‏

وفيها عمل محضر كبير ببغداد يتضمن القدح في نسب بني عبيد الخارجين بالمغرب ومصر وأن أصلهم من اليهود وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر بن محمد الصادق رحمه الله فكتب فيه خلق من الأشراف والشِّيعة والسنّة وأولي الخبرة‏.‏

وفيها انتشرت جيوش الغزّ وعاثوا ونهبوا ببلاد الجبل‏.‏

وفيها قدم عسكر الغزّ فأغاروا على أطراف العراق وقتلوا وسبوا وفتكوا‏.‏

وفيها بعث الملك الرحيم وزيره والبساسيري فحاصر أخاه بالبصرة وجرت لهما أمور طويلة ثم هرب إلى طغرلبك فأكرمه وزوّجه بابنته‏.‏

وفيها توفي أبو غانم الكراعي أحمد بن علي بن الحسين المروزي‏.‏

روى عن أبي العباس عبد الملك بن الحسين النضري صاحب الحرث بن أبي أسامة وكان مسند خراسان في وقته وآخر من روى عنه حفيده‏.‏

وأبو علي بن المذهب راوية لأحمد وهو الحسن ابن علي بن التميمي البغدادي الواعظ‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان سماعه للمسند من القطيعي صحيحًا إلا في أجزاء فإنه ألحق اسمه فيها وعاش تسعًا وثمانين سنة‏.‏

قلت‏:‏ توفي في تاسع عشري ربيع الآخر‏.‏

قال ابن نقطة‏:‏ لو بين الخطيب في أي مسند هي لأتى بالفائدة‏.‏

ورشأ بن نظيف بن ما شاء الله أبو الحسن الدمشقي المقرئ المحدّث قرأ بدمشق ومصر وبغداد بالروايات‏.‏

وروى عن أبي مسلم الكاتب‏.‏

وعبد الوهاب الكلابي وطبقتهما‏.‏

قال الكتّاني‏:‏ توفي في المحرم وكان ثقةً مأمونًا وانتهت إليه الرئاسة في قراءة ابن عامر‏.‏

وأبو القاسم الأزجي المحدِّث عبد العزيز بن علي الخياط‏.‏

روى عن ابن عبيد العسكري وعلي بن لؤلؤ وطبقتهما فأكثر توفي في شعبان وله ثمان وثمانون سنة وكان صاحب حديث وسنة‏.‏

وأبو نصر السجزي الحافظ عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري نزيل مصر‏.‏

توفي بمكة في المحرم وكان متقنًا مكثرًا بصيرًا بالحديث والسنّة واسع الرحلة رحل بعد الأربعمائة فسمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر وروى عن الحاكم وأبي أحمد الفرضي وطبقتهما‏.‏

قال الحافظ ابن طاهر‏:‏ سألت الحبّال عن الصوري والسجزي أيّهما أحفظ فقال‏:‏ السجري أحفظ وأبو عمرو الدَّاني عثمان بن سعيد القرطبي بن الصيرفي الحافظ المقرئ أحد الأعلام صاحب المصنفات الكثيرة المتقنة توفي بدانية في شوال وله ثلاث وسبعون سنة‏.‏

قال‏:‏ ابتدأت بطلب العلم سنة ست وثمانين وثلاثمائة ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين فكتبت بالقيروان ومصر‏.‏

قلت‏:‏ سمع من أبي مسلم الكاتب وبمكة من أحمد بن فراس وبالمغرب من أبي الحسن القابسي وقرأ القراءات على عبد العزيز بن جعفر الفارسي وخلف ابن خاقان وظاهر بن غلبون وجماعة‏.‏

قال ابن بشكوال‏:‏ كان أحد الأئمة في علم القرآن رواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه وله معرفة بالحديث وطرقه ورجاله وكان جيّد الضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن ديّنًا ورعًا سنّيًا‏.‏

وقال غيره‏:‏ كان مجاب الدعوة مالكّي المذهب‏.‏

وناصر بن الحسين أبو الفتح القرضي العمري المروزي الشافعي مفتي أهل مرو تفقه على أبي بكر القفّال وأبي الطّيب الصعلوكي وروى عن أبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي صاحب ابن الضريس وعبد الرحمن بن أبي شريح وعليه تفقه البيهقي وكان فقيرًا متعففًا متواضعًا‏.‏

فيها انجفل الناس ببغداد ووصلت السلجوقية إلى حلوان يريدون العراق‏.‏

وفيها توفي تاج الأئمة مقرئ الديار المصرية أبو العباس أحمد بن علي ابن هاشم المصري قر أ على عمر بن عراك وأبي عديّ وجماعة‏.‏

ثم رحل وقرأ على أبي الحسن الحمامي‏.‏

توفي في شوال في عشر السبعين‏.‏

وأبو إسحاق البرمكي إبراهيم بن عمر البغدادي الحنبلي‏.‏

روى عن القطيعي وابن ماسي وطائفة‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا ديّنًا فقيهًا على مذهب أحمد وله حلقة للفتوى توفي يوم التروية وله أربع وثمانون سنة‏.‏

قلت تفقه على ابن بطة وابن حامد‏.‏

وأبو سعيد السمَّان إسماعيل بن علي الرازي الحافظ سمع بالعراق ومكة ومصر والشام وروى عن المخلّص وطبقته‏.‏

قال الكتّاني‏:‏ كان من الحفاظ الكبار زاهدًا عابدًا يذهب إلى الاعتزال‏.‏

قلت‏:‏ كان متبحرًا في العلوم وهو القائل‏:‏ من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام وله تصانيف كثيرة يقال إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ وكان رأسًا في القراءات والحديث والفقه بصيرًا بمذهبي أبي حنيفة والشافعي لكنه من رؤوس المعتزلة وكان يقال أنه ما رأى مثل نفسه‏.‏

وأبو طاره محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الكاتب مسند أصبهان وراوية أبي الشيخ توفي في ربيع الآخر وهو في عشر التسعين وكان ثقة صاحب رحلة إلى أبي الفضل الزهري وطبقته‏.‏

وأبو عبد الله العلوي محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن الكةفي م سند الكوفة في ربيع الأول روى عن البكائي وطائفة‏.‏

سنة ست وأربعين وأربعمائة فيها كانت الحرب الهائلة بالمغرب بين ابن باديس والعرب الذين دخلوا القيروان من جهة صاحب مصر وجاهر العرب القيروان واليهم المؤامرات وعم البلاء بالعرب وانتقل المتعز إلى الهندية‏.‏

وفيها ملك طغرلبك إقليم أذربيجان صلحًا ثم سار بجيوشه فغزا الروم وسبى وغنم‏.‏

وفيه توفي أبو علي الأهوازي الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ المحدِّث مقرئ أهل الشام وصاحب التصانيف ولد سنة اثنتين وستين وثلالاثمائة وعني بالقراءات ولقي الكبار كأبي الفرج الشنَّبوذي وعليّ بن الحسين الغضائري‏.‏

وقرأ بالأهواز لقالون في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وروى الحديث عن نصر المرجي والمعافى الجريري وطبقتهما وهو ضعيف اتهم في لقاء بعض الشيوخ توفي في ذي الحجة‏.‏

وأبو يعلى الخليلي الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني الحافظ أحد أئمة الحديث‏.‏

روى عن عليّ بن أحمد بن صالح القزويني وأبي حفص الكتّاني وطبقتهما وكان أحد من رحل وتعب وبرع في الحديث‏.‏

وأبو محمد بن اللّبان التيمي عبد الله بن محمد الأصبهاني‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان أحد أوعية العلم سمع أبا بكر بن المقرئ وأبا طاهر المخلّص وطبقتهما وكان ثقة صحب ابن الباقلاني ودرس عليه الأصول وتفقّه علي أبي حامد الإسفراييني وقرأ القراءات وله مصنفات كثيرة سمعته يقول‏:‏ حفظت القرآن ولي خمس سنين مات بأصبهان في جمادى الآخرة‏.‏

ومحمد بن عبد الرحمن بن ع ثمان بن أبي نصر أبو الحسين التميمي المعدَّل الرئيس مسند دمشق وابن مسندها سمع أبا بكر الميانجي وأبا سليمان بن زبر توفي في رجب‏.‏

سنة سبع وأربع ين وأربعمائة فيها تملّك طغرلبك العراق باستدعاء الخليفة ومكاتبته لأن أرسلان البساسيري كان قد عظم ببغداد ولم يبق للملك الرحيم ولا للخليفة معه إلا الاسم‏.‏

ثم بلغ الخليفة أنه عازم على نهب دار الخلافة فاستنجد عليه بطغرلبك وكان البساسيري غائبًا بواسط فنهبت داره ببغداد برأي رئيس الرؤساء فأقبل طغرلبك على الملك الرحيم وفرغت دولة بني بويه وعاثت العز بسواد العراق وعفّروا الناس ونهبوهم حتى أبيع الثور بعشرة دراهم‏.‏

وفيها توفي أبو عبد الله القادسي الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب البغدادي البزاز روى عن أبي بكر القطيعي وغيره ضعَّفه الخطيب وفيه أيضًا رفضٌ توفي في ذي القعدة‏.‏

وابن ماكولا قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر العجلي الجرباذقاني الشافعي توفي في شوال وله ثمانون سنة‏.‏

قال الخطيب‏:‏ لم ير قاضٍ أعظم نزاهة منه‏.‏

وحكم بن محمد بن حكم أبو العاص الجذامي القرطبي مسند الأندلس حجّ فسمع من أبي محمد بن أبي زيد وإبراهيم بن علي التمّار وأبي بكر المهندس وقرأ على عبد المنعم بن غلبون وكان صالحًا ثقة ورعًا صليبًا في السنّة مقلاّ زاهدًا توفي في ربيع الآخر عن بضع وتسعين سنة‏.‏

وسليم بن أيوب أبو الفتح الرازي الشافعي المفسر صاحب التصانيف والتفسير وتلميذ أبي حامد الإسفراييني‏.‏

روى عن أحمد بن محمد البصير وطائفة كثيرة وكان رأسًا في العلم

وعبد الوهاب بن الحسين بن برهان أبو الفرج البغدادي الغزّال روى عن أبي عبد الله العسكري وإسحاق بن سعد وخلق وسكن صور وبها مات في شوال عن خمسٍ وثمانين سنة‏.‏

وأبو أحمد الغندجاني عبد الوهاب بن محمد بن موسى‏.‏

روى تاريخ البخاري عن أحمد بن عبدان الشيرازي‏.‏

وأبو القاسم التنوخي علي بن أبي علي المحسِّن بن علي البغدادي‏.‏

روى عن علي بنن محمد بن كيسان والحسين بن محمد العسكري وخلق كثير وأول سماعه في سنة سبعين‏.‏

قال الخطيب‏:‏ صدوق متحفظ في الشهادة ولي قضاء المدائن ونحوها‏.‏

وقال ابن خيرون‏:‏ قيل كان رأيه الترفض والاعزال مات في ثاني المحرم‏.‏

وذخيرة الدين ولي العهد محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد توفي في ذي القعدة وله ست عشرة سنة وكان قد ختم القرآن وحفظ الفقه والنحو والفرائض وخلف سريَّة حاملًا فولدت ولدًا سماه جدّه عبد الله فهو المقتدي الذي ولي الخلافة بعد جدّه‏.‏

ومحمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني ما عنده سوى نسخة أبي مسهر وما معها توفي في ذي الحجة وهو ثقة‏.‏

فيها تزوج القائم بأمر الله بأخت طغرلبك وتمكّن القائم وعظمت الخلافة بسلطنة طغرلبك‏.‏

وفيها كان القحط الشديد بديار مصر والوباء المفرط وكانت العراق تموج بالفتن والخوف والنهب من عسكر طغرلبك ومن الأعراب ومن البساسيري وخطب بالكوفة وواسط والموصل للمستنصر المصري وفرحت الرافضة بذلك واستفحل أمر البساسيري وجاءته الخلع والتقليد من مصر له ولقريش صاحب الموصل ولدبيس صاحب الفرات وأقاموا شعار الرفض‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن الوليد بن سعيد أبو محمد الأنصاري الأندلسي الفقيه المالكي حمل عن أبي محمد بن أبي زيد وخلق وعاش ثمانيًا وثمانين سنة وسكن مصر وتوفي بالشام في رمضان‏.‏

وابو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي ثم النيسابوري راوي ‏[‏صحيح مسلم‏]‏ عن أبي عمرويه و ‏[‏غريب الخطابي‏]‏ عن المؤلف كمَّل خمسًا وتسعين سنة ومات في خامس شوال وكان عدلًا جليل القدر‏.‏

وأبو الحسن الفالي علي بن أحمد بن علي المؤدِّب ثقة‏.‏

روى عن أحمد ابن خربان وأبي عمر الهاشمي‏.‏

وأبو الحسن الباقلاني علي بن إبراهيم بن عيسى البغدادي‏.‏

روى عن القطيعي وغيره‏.‏

قال الخطيب‏:‏ لا بأس به‏.‏

وابن مسرور أبو حفص عمر بن أحمد بن عمر النيسابوري الزاهد روى عن ابن نجيد وبشر بن أحمد الإسفراييني وأبي سهل الصعلوكي وطائفة‏.‏

قال عبد الغافر‏:‏ هو أبو حفص الفامي الماوردي الزاهد الفقيه كان كثير العبادة والمجاهدة كانوا يتبركون بدعائه وعاش تسعين سنة ومات في ذي القعدة‏.‏

وابن الطفّال أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد النيسابوري ثم المصري المقرء البزاز التاجر ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة‏.‏

وروى عن ابن حيويه وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق‏.‏

وابن حيويه وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق‏.‏

وابن الترجمان محمد بن الحسين بن علي الغزّي شيخ الصوفية بديار مصر‏.‏

روى عن محمد بن أحمد الجندري وعبد الواهب الكلابي وطائفة ومات في جمادى الأول بمصر وله خمس وتسعون سنة وكان صدوقًا‏.‏

وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي البغدادي رواي السنن عن الدارقطني وروى أيضًا عن أبي عمر بن حيَّويه وطائفة توفي في جمادى الأولى وكان ثقة

سنة تسع وأربعين وأربعمائة فيها خلع القائم بأمر الله على السلطان طغرلبك السلجوقي سبع خلع وطوّقه وسوّره وتوجه وكتب له تقليدًا بها وراء بابه وشافهه بملك المشرق والمغرب فقدّم للقائم تحفًا منها خمسون مملوكًا بخيلهم وسرحهم وخمسون ألف دينار‏.‏

وفيها عجز ثمال بن صالح بن مرداس عن حلب للقحط وسلمها بالأمان للمصريين‏.‏

وفيها كان الوباء المفرط بما وراء النهر حتى قيل إنه مات فيه ألف ألف إنسان وستمائة ألف‏.‏

وفيها توفي أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري اللغوي الشاعر صاحب التصانيف المشهورة والزندقة المأثورة والذكاء المفرط والزهد الفلسفي وله ست وثمانون سنة‏.‏

جدَّر وهو ابن ثلاث سنين فذهب بصره ولعله مات على الإسلام وتاب من كفرياته وزال عنه الشك‏.‏

وأبو مسعود البجلي أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز الرازي الحافظ وله سبع وثمانون سنة توفي في المحرم ببخارى وكان كثير الترحال طوّف وجمع وصنَّف الأبواب وروى

وأبو عثمان الصابوني شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الواعظ المفسّر المصنف أحد الأعلام‏.‏

روى عن زاهر السرخسي وطبقته وتوفي في صفر وله سبع وسبعون سنة وأول ما جلس للوعظ وهو ابن عشر سنين وكان شيخ خراسان في زمانه‏.‏

وابن بطّال مؤلف ‏[‏شرح البخاري‏]‏ أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطّال القرطبي‏.‏

روى عن أبي المطرف القنازعي ويونس بن عبد الله القاضي توفي في صفر‏.‏

وأبو عبد الله الخبّازي محمد بن علي بن محمد النيسابوري المقرئ عن سبع وسبعين سنة‏.‏

روى عن أبيه القراءات وتصدّر وصنّف فيها وحدَّث عن أبي محمد المخلدي وطبقته وكان كبير الشأن وافر الحرمة مجاب الدعوة آخر من روى عنه الفراوي‏.‏

وأبو الفتح الكراجكي‏.‏

والكراجكي الخيمي رأس الشيّعة وصاحب التصانيف محمد بن علي مات بصور في ربيع الآخر وكان نحويًا لغويًا منجمًا طبيبًا متكلمًا متفنِّنًا من كبار أصحاب الشريف المرتضى وهو مؤلف كتاب ‏[‏تلقين أولاد المؤمنين‏]‏‏.‏

سنة خمسين وأربعمائة فيها سار طغرلبك ليأخذ الجزيرة فنازل الموصل وعمد ارسلان البساسيري فكانت إبراهيم ينال يعده ويمنَّيه ويطعمه في الملك فأصغى إليه وخالف على أخيه طغرلبك وساق بفرقة من الجيش وقصد الريّ فانزعج طغرلبك وساق وراءه ببعض الجيش وترك بعض الجيش مع زوجته ووزيره عميد الملك الكندري وقامت الفتنة على ساقٍ وتمّ للبساسيري ما دبَّر من المكر وقدم بغداد فدخلها في ذي القعدة بالرايات المستنصرية واستبشرت الرافضة وشمخوا وأذَّنوا بحيّ على خير العمل وقاتلت السنّة دون القائم بأمر الله ودامت الحرب في السفن أربعة أيام وأقيمت الخطبة لصاحب مصر ثم ضعف القائم وخندق على داره ثم تفرَّق جمعه واستجار بقريش أمير العرب فأجاره وأخرجه إلى مخيَّمه وقبض البساسيري على الوزير رئيس الرؤساء علي بن المسلمة وشهره بطرطور على جمل ثم صلبه ونهبت دور الخلافة وزالت الدولة العباسية وحبس القائم بحديثه عانة عند مهارش وجمع البساسيري الأعيان كلهم وبايعوه للمستنصر العبيدي قهرًا ثم أحسن إلى الناس ولم يتعصب لمذهب وأفرد لوالدة الخليفة دارًا وراتبًا وقيل إنّ المستنصر أمدَّ البساسيري بأموال عظيمة فوق الألف ألف دينار‏.‏

وفيها توفي الونّي صاحب الفرائض استشهد في فتنة البساسيري وهو أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الواحد البغدادي‏.‏

وأبو الطّيب الطبري طاهر بن عبد الله بن طاهر القاضي الشافعي أحد الأعلام‏.‏

روى عن أبي أحمد الغطريفي وجماعة وتفقه بنيسابور على أبي الحسن الماسرجسي وسكن بغداد وعمرّ مائة وسنتين‏:‏ قال الخطيب‏:‏ كان عارفًا بالأصول والفروع محققًا صحيح المذهب‏.‏

قلت‏:‏ سقنا أخباره في التاريخ الكبير ومات في ربيع الأول ولم يتغّير له ذهن‏.‏

وابو الفتح بن شيطا مقرئ العراق ومصنف ‏[‏التذكار في القراءات العشر‏]‏ عبد الواحد بن الحسين بن أحمد أخذ عن الحمامي وطائفة وحدّث عن محمد بن إسماعيل الوّراق وجماعة توفي في صفر وله ثمانون سنة‏.‏

وعلي بن بقا أبو الحسن المصري الوراق الناسخ محدّث ديار مصر‏.‏

روى عن القاضي أبي الحسن الحلبي وطائفة وكتب الكثير‏.‏

والماوردي أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الشافعي مصنف ‏[‏الحاوي‏]‏ و ‏[‏الإقناع‏]‏ و ‏[‏أدب الدنيا والدين‏]‏‏.‏ وغير ذلك وكان إمامًا في الفقه والأصول والتفسير بصيرًا بالعربية ولي قضاء بلاد كثيرة ثم سكن بغداد وعاش ستًا وثمانين سنة‏.‏

تفقّه على أبي القاسم الصيمري بالبصرة وعلى أبي حامد ببغداد وحدّث عن الحسن الجيلي صاحب أبي خليفة الجمحي وجماعة وآخر من روى عنه ابو العزّ بن كادش‏.‏

وأبو القاسم الخفّاف عمر بن الحسين البغدادي صاحب المشيخة روى عن ابن المظفر وأبو منصور السمعاني محمد بن عبد الجبار القاضي المروزي الحنفي والد العلامة أبي المظفر السمعاني مات بمرو في شوال وكان إمامًا ورعًا نحويًا لغويًا علامة له مصنفات‏.‏

ومنصور بن الحسين التّاني أبو الفتح الأصبهاني المحدّث صاحب ابن المقرئ كان من أروى الناس عنه توفي في ذي الحجة وكان ثقة‏.‏

والملك الرحيم أبو نصر بن الملك أبي كاليجار بن الملك سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن كن الدولة الحسن بن بويه الديلمي آخر ملوك الديلم مات محبوسًا بقلعة الريّ في اعتقال طغرلبك‏.‏

سنة إحدى وخمسين وأربعمائة فيها رجع السلطان طغرلبك إلى بغداد فهرب آل البساسيري وحشمه وأهل الكرخ بأهاليهم على كل صعب وذلول فنهبتهم العربان وكانت أيام البساسيري سنة كاملة وعاد القائم بأمر الله إلى مقرّ عزّه وسار عسكره فالتقاهم البساسيري في ذي الحجة فقتل وطيف برأسه ببغداد‏.‏

وفيها انعقد الصلح بين صاحب غزنة إبراهيم بن مسعود السبكتكيني وبين جغريبك أخي طغرلبك السلجوقي بعد حروب طويلة أضرست الفريقين وفرح المسلمون بالاتفاق فلم ينشب جغريبك أن توفي‏.‏

وفيها توفي ابن سميق أبو عمر أحمد بن يحيى بن أحمد بن سميق القرطبي نزيل طليطلة ومحدّث وقته‏.‏

روى عن أبي المطرّف بن فطيس وابن أبي زمنين وطبقتهما‏.‏

وكان قويّ المشاركة في عدّة علوم حتى في الطب مع العبادة والجلالة وعاش ثمانين سنة‏.‏

والأمير المظفّر أبو الحارث أرسلان التركي البساسيري قال‏:‏ وهي نسبة إلى مدينة فسا - ويقال بسا - وأهل فارس ينسبون إليها هكذا وهي نسبة شاذة على غير الأصل والأصل فسويّ‏.‏

وأبو عثمان النجيرمي سعيد بن محمد بن أحمد بن محمد النيسابوري محدّث خراسان ومسندها‏.‏

روى عن جدّه أبي الحسين وأبي عمرو بن حمدان وطبقتهما ورحل إلى مرو وإسفرايين وبغداد وجرجان توفي في ربيع الآخر‏.‏

وأبو المظفر عبد الله بن شبيب الضبيّ مقرئ أصبهان وخطيبها وواعظها وشيخها وزاهدها أخذ القراءات عن أبي الفضل الخزاعي وسمع من أبي عبد الله بن مندة وغيره توفي في صفر‏.‏

وأبو الحسن الزوزني علي بن محمود بن ماخرة شيخ الصوفية ببغداد في رمضان عن خمس وثمانين سنة وكان كثير الأسفار سمع بدمشق من عبد الوهاب الكلابي وجماعة‏.‏

والعشاري أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي الصالح روى عن الدارقطني وطبقته وعاش خمسًا وثمانين سنة وكان جدّه طويلًا فلّقبوه العشاري وكان أبو طالب فقيهًا تخرّج على أبي حامد وقبله على ابن بطة وكان خيّرًا عالمًا زاهدًا‏.‏

سنة اثنين وخمسين وأربعمائة فيها حاصر محمود الكلابي حلب فأخذها ثم ثم واقع المصريين بظاهر حلب‏.‏

وتعرف بوقعة الفنيدق فهزمهم واستولى على حلب بعد أن نهبها المصريون‏.‏

وفيها حاصر عطية الكلابي الرحبة وضيَّق عليهم فأخذها‏.‏

وفيها توفي الماهر أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن فضال الحلبي الموازيني الشاعر المفلق بالشام‏.‏

وعلي بن حميد أبو الحسن الذهلي إمام جامع همذان وركن السنَّة والحديث بها‏.‏

روى عن أبي بكر بن لال وطبقته وقبره يزار ويتبرك به‏.‏

والقزوين محمد بن أحمد بن علي المقرئ شيخ الإقراء بمصر أخذ عن طاهر بن غلبون وسمع من أبي الطّيب والد طاهر وعبد الوهاب الكلابي وطائفة توفي في ربيع الآخر‏.‏

وابن عمروس أبو الفضل محمد بن عبد الله البغدادي الفقيه المالكي‏.‏

قال الخطيب‏:‏ انتهت إليه الفتوى ببغداد وكان من القرّاء المجوّدين حدَّث عن ابن شاهين وجماعة وعاش ثمانين سنة‏.‏

سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فيها توفي أبو العباس بن نفيس شيخ القراء أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري في رجب وقد نيّف على التسعين وهو أكبر شيخ لابن الفحام قرأ على السَّامري وأبي عديّ عبد العزيز وسمع من أبي القاسم الجوهري وطائفة وانتهى إليه علوّ الإسناد في القراءات وقصد من الآفاق‏.‏

وصاحب ميَّافارقين وديار بكر نصر الدولة أحمد بن مروان بن دوستك الكردي وكان عاقلًا حازمًا عادلًا لم تفته الصبح مع انهماكه على اللذات وكان له ثلاثمائة وستون سرّية يخلو كل ليلة بواحدة وكانت دولته إحدى وخمسين سنة وعاش سبعًا وسبعين سنة وقام بعده ولده نصر‏.‏

وأبو مسلم عبد الرحمن بن غزو النهاوندي العطّار حدث عن أحمد بن فراس العبقسي وخلق‏.‏

وكان ثقة صدوقًا‏.‏

وابو أحمد المعلّم عبد الواحد بن أحمد الأصبهاني راوي مسند أحمد بن منيع عن عبد الله بن جميل وروى عن جماعة وتوفي في صفر‏.‏

وعلي بن رضوان أبو الحسن المصري الفيلسوف صاحب التصانيف وكان رأسًا في الطب وفي التنجيم من أذكياء زمانه بديار مصر‏.‏

وأبو القاسم السميساطي واقف الخانكاه عليّ بن محمد بن يحيى السمي الدمشقي روى عن عبد الوهاب الكلابي وغيره وكان بارعًا في الهندسة والهيئة صاحب حشمة وثروة واسعة عاش ثمانين سنة‏.‏

وقريش بن بدران بن مقلَّد بن المسيب العقيلي أبو المعالي ولي الموصل عشرًا وذبح عمّه قرواش بن مقلّد صبرًا مات بالطاعون عن إحدى وخمسين سنة وقام بعده ابنه شرف الدولة مسلم الذي استولى على ديار ربيعة ومضر وحلب وحاصر دمشق وكاد أن يملكها وأخذ الحمل من بلاد الروم‏.‏

وأبو سعد الكنجروذي محمد بن عبد الرحمن بن محمد النيسابوري الفقيه النحوي الطبيب الفارس قال عبد الغافر‏:‏ له قدمٌ‏:‏ في الطب والفروسية وأدب السلاح كان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم حدّث عن أبي عمرو بن حمدان وطبقته وكان مسند خراسان في

سنة أربع وخمسين وأربعمائة فيها بلغت دجلة إحدى وعشرين ذراعًا وغرقت بغداد‏.‏

وفيها التقى صاحب حلب معز الدولة ثمال بن صالح الكلابي وملك الروم على أرتاح من أعمال حلب وانتصر المسلمون وغنموا وسبوا حتى أبيعت السرِّيَّة الحسناء بمائة درهم وبعدها بيسير توفي ثمال بحلب‏.‏

وفيها توفي أبو سعد بن أبي شمس النيسابوري أحمد بن إبراهيم بن موسى المقرئ المجوّد الرئيس الكامل‏.‏

توفي في شعبان وهو في عشر التسعين‏.‏

روى عن أبي محمد المخلدي وجماعة‏.‏

وروى ‏[‏الغاية في القراءات‏]‏ عن ابن مهران المصنف‏.‏

وأبو محمد الجوهري الحسن بن علي الشيرازي ثم البغدادي المقنَّعي لأنه كان يتطليس ويلفها من تحت حنكه انتهى إليه علوّ الرواية في الدنيا وأملى مجالس كثيرة وكان صاحب حديث روى عن أبي بكر القطيعي وأبي عبد الله العسكري وعلي بن لؤلؤ وطبقتهم وعاش نيِّفًا وتسعين سنة توفي في سابع ذي القعدة‏.‏

وابو نصر زهير بن الحسين السرخسي الفقيه الشافعي مفتي خراسان أخذ ببغداد عن أبي حامد الإسفراييني ولزمه وعلّق عنه تعليقه مليحة‏.‏

وروى عن زاهر السرخسي والمخلّص وجماعة‏.‏

توفي بسرخس وقيل توفي في سنة خمس وخمسين فالله أعلم‏.‏

وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار العجلي أبو الفضل الرازي الإمام المقرئ الزاهد أحد العلماء العاملين‏.‏

قال أبو سعد السمعاني‏:‏ كان مقرئًا كثير التصانيف زاهدًا خشن العيش قانعًا منفردًا عن الناس يسافر وحده ويدخل البراري سمع بمكة من ابن فراس وبالريّ من جعفر بن فناكي وبنيسابور من السلمي وبنسا من محمد بن زهير النسويّ وبجرجان من أبي نصر الإسماعيلي وبأصبهان من ابن مندة الحافظ وببغداد والبصرة والكوفة وحرّان وفارس ودمشق ومصر وكان من أفراد الدهر‏.‏

وأبو حفص الزهراويّ عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي محدّث الأندلس مع ابن عبد البرّ توفي في صفر عن ثلاث وتسعين سنة روى عن عبد الوارث بن سفيان وأبي محمد بن أسد والكبار‏.‏

ولحقته في آخر عمره فاقة فكان يستعصى وتغيّر ذهنه‏.‏

والقضاعي القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر المصري الفقيه الشافعي قضي الديار المصرية ومصنّف كتاب ‏[‏الشهاب‏]‏ روى عن أبي مسلم الكاتب فمن بعده‏.‏

وقال ابن ماكولا‏:‏ كان متفنّنًا في عدّة علوم لم أر بمصر من يجري مجراه‏.‏

قال الحبّال‏:‏ توفي في ذي الحجة‏.‏

والمعزّ بن باديس بن منصور بن بلَّكين الحميري الصنهاجي صاحب المغرب وكان الحاكم العبيدي قد لقّبه شرف الدولة وأرسل له الخلعة والتقليد في سنة سبع وأربعمائة وله تسعة أعوام وكان ملكًا جليلًا عالي الهمَّة محبًّا للعلماء جوادًا ممدّحًا أصيلًا في الإمرة حسن الديانة حمل أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك وخلع طاعة العبيديين في أثناء أيامه وخطب لخليفة العراق فجهز المستنصر لحربه جيشًا وطال حربهم له وخرّبوا حصون برقة وأفريقية توفي في شعبان بالبرص وله ست وخمسون سنة‏.‏

سنة خمس وخمسين وأربعمائة فيها قدم السلطان طغرلبك بغداد فعاث جيشه وفسقوا ونزلوا في دور الناس وهجم جماعة على حمّامين وأخذوا ما استحسنوا من النساء‏.‏

ثم رجع إلى الريّ بعد أن دخل بابنة القائم بأمر الله فمات في رمضان وله سبعون سنة وعاش عقيمًا ما بشّر بولد فعهد بالسلطنة إلى ابن أخيه سليمان بن جغريبك فاختلفت الأمراء عليه ومالوا إلى أخيه سليمان بن جغريبك فاختلفت الأمراء عليه ومالوا إلى أخيه ألب أرسلان فاستولى على ممالك عمّه مع ما في يده‏.‏

وفيها أحمد بن محمود أبو طاهر الثقفي الأصبهاني المؤدِّب سمع كتاب ‏[‏العظمة‏]‏ من أبي الشيخ وما ظهر سماعه منه إلا بعد موته وكان صالحًا ثقة سنيًّا كثير الحديث توفي في ربيع الأول وله خمس وتسعون سنة‏.‏

روى عن أبي بن المقرئ وجماعة‏.‏

وسبط بحروبه أبو القاسم إبراهيم بن منصور السلمي الكرَّاني الأصبهاني صالح ثقة عفيف‏.‏

روى مسند أبي يعلى عن ابن المقرئ ومات في ربيع الأول وله ثلاث وتسعون سنة‏.‏

وأبو يعلى الصابوني إسحاق بن عبد الرحمن النيسابوري أخو شيخ الإسلام أبي عثمان‏.‏

روى عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي وأبي محمد المخلدي وطبقتهما‏.‏

وكان صوفيًا مطبوعًا ينوب عن أخيه في الوعظ توفي في ربيع الآخر وقد جاوز الثمانين‏.‏

وطغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق السلطان الكبير ركن الدين أبو طالب التركي الغزّي السلجوقي أول ملوك السلجوقيّة‏.‏

وأصلهم من أعمال بخارى وهم أهل عمود أول ما ملك هذا الريّ ثم نيسابور ثم أخذ أخوه داود بلخ وغيرها واقتسما الممالك وملك طغرلبك العراق وقمع الرافضة وزال به شعارهم وكان عادلًا في الجملة حليمًا كريمًا محافظًا على الصلوات يصوم الاثنين والخميس ويعمر المساجد توفي بالريّ فحملوا تابوته فدفنوه بمرو عند قبر أخيه داود جغرايبك‏.‏

ومحمد بن حمدون السلمي أبو بكر النيسابوري آخر من روى عن أبي عمرو بن حمدان توفي

سنة ست وخمسين وأربعمائة فيها قبض السلطان ألب أرسلان السلجوقي على الوزير عميد الملك الكندري ثم قتله وتفرّد بوزارته نظام الملك الطوسي فأبطل ما كان عمد طغرلبك ووزيره الكندري من سبّ الأشعرية على المنابر وانتصر للشافعية وأكرم إمام الحرمين أبا المعالي وأبا القاسم القشيري‏.‏

ونازل ألب أرسلان هراة فأخذها من عمه ولم يؤذه وأخذ صغانيان وقتل ملكها‏.‏

والتقى قتلمش قرابته فقتل قتلمش في المصافّ فحزن عليه وندم ثم تسلّم الريّ وسار إلى أذربيجان وجمع الجيوش وغزا الروم فافتتح عدّة حصون وهابته الملوك وعظم سلطانه وبعد صيته وتوفر الدعاء له بكثرة ما افتتح من بلاد النصارى ثم رجع إلى أصبهان ومنها إلى كرمان‏.‏

ثم زوّج ابنه ملكشاه بابنة صاحب غزنة فوقع الائتلاف واتفقت الكلمة والله الحمد‏.‏

وفيها توفي الحافظ عبد العزيز بن محمد بن عاصم النخشبي - ونخشب هي نسف - روى عن جعفر المستغفري وابن غيلان وطبقتهما بخراسان وأصبهان والعراق والشام ومات كهلًا وكان من كبار الحفّاظ‏.‏

وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري النحوي صاحب التصانيف‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان مضطلعًا بعلوم كثيرة منها النحو واللغة والنسب وأيام العرب والمتقدمين وله أنس شديد بعلم الحديث‏.‏

وقال ابن ماكولا‏:‏ سمع من ابن بطة وذهب بموته علم العربية من بغداد‏.‏

وكان أحد من يعرف الأنساب لم أر مثله وكان فقيهًا حنفيًا أخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصري وتقدّم فيه‏.‏

وقال ابن الأثير‏:‏ له اختيار في الفقه وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرأس ولا يقبل من أحد شيئًا‏.‏

مات في جمادى الآخرة وقد جاوز الثمانين وكان يميل إلى إرجاء المعتزلة ويعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار‏.‏

وأبو شاكر عبد الواحج بن محمد التجيبي القبري نزيل بلنسة أجاز له أبو محمد بن أبي زيد وسمع من أبي محمد الأصيلي وأبي حفص بن نابل وولي القضاء والخطبة ببلنسة وعمّر‏.‏

وأبو محمد بن حزم العلامة علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب ابن صالح الأموي مولاهم الفارسي الأصل الأندلسي القرطبي الظَّاهري صاحب المصنفات مات مشردًا عن بلده من قبل الدولة ببادية لبلة بقرية له ليومين بقيا من شعبان عن اثنتين وسبعين سنة‏.‏

روى عن أبي عمر بن الجسور ويحيى بن مسعود وخلق‏.‏

وأول سماعه سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وكان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعه العلم بالكتاب والسنّة والمذاهب والملل والنِّحل والعربية والآداب والمنطق والشعر قال الغزالي‏:‏ والديانة والذمّة والسؤدد والرئاسة والثروة وكثرة الكتب قال الغزالي‏:‏ وجدت في أسماء الله كتابًا لأبي محمد بن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم معرفةً مع توسعة في علم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار أخبرني ابنه الفضل انه اجتمع عنده بخط أبيه من تآليفه نحو أربعمائة مجلد‏.‏

وابن النرسي أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسون البغدادي في صفر عن تسع وثمانين سنة روى في مشيخته عن محمد بن إسماعيل الوراق وطبقته‏.‏

وقتلمش بن أسرائيل بن سلجوق الملك شهاب الدولة وابنّ عمّ السلطان طغرلبك كانت له قلاع وحصون بعراق العجم فعصى على قرابته السلطان ألب أرسلان وواقعه فقتل في المعركة وهو جدّ سلاطين الروم السلجوقية وكان بطلًا شجاعًا‏.‏

والمطرِّز صاحب المقدّمة اللطيفة محمد بن علي بن محمد بن صالح السُّلمي الدمشقي أبو عبد الله النحوي المقرئ في ربيع الأول روى عن تمام وجماعة وآخر من حدَّث عنه النسيب ي فوائده‏.‏

وأبو سعيد الخشاب محمد بن علي بن محمد النَّيسابوري المحدّث خادم أبي عبد الرحمن السلمي روى عن أبي محمد المخلدي والخفاف وطائفة‏.‏

وعميد الملك الوزير أبو نصر محمد بن منصور الكندري‏.‏

وزير السلطان طغرلبك كان من رجال العالم حزمًا ورأيًا وشهامةً وكرمًا وكان قد حيَّ مذاكيره لأمرٍ ثم قتله ألب أرسلان بمرو الرُّوذ في آخر العام وحمل رأسه إلى نيسابور‏.‏

سنة سبع وخمسين وأربعمائة فيها ادخل السلطان ألب أرسلان إلى ما وراء النهر فنازل مدينة جند وجدُّ سلحوق مدفون بها فنزل صاحبها إلى خدمته فأحسن إليه وأقرَّه بها‏.‏

فيها توفي العيّار سعيد بن أبي سعيد أحمد بن محمد بن نعيم أبو عثمان النيسابوري الصوفي‏.‏

روى صحيح البخاري عن محمد بن شبُّويه وروى عن أبي ظاهر بن خزيمة والمخلدي والكبار وانتقى عليه البيهقي توفي بغزنة في ربيع الأول وله مائة سنة وزيادة وقد رحلبنفسه في الحديث سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة‏.‏

سنة ثمان وخمسين وأربعمائة قال ابن الأثير‏:‏ فيها ولدت بنت لها رأسان ورقبتان ووجهان على بدن واحد ببغداد بباب الأزج‏.‏

وفيها توفي البيهقي الإمام العلم أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخسروجردي الشافعي الحافظ صاحب التصانيف توفي عاشر جمادى الأول بنيسابور ونقل تابوته إلى بيهق وعاش أربعًا وسبعين سنة لزم الحاكم مدة وأكثر عن أبي الحسن العلوي وهو أكبر شيوخه وسمع ببغداد من هلال الحفّار وبمكة والكوفة وبلغت تصانيفه ألف جزء ونفع الله بها المسلمين شرقًا وغربًا لإمامة الرجل ودينه وفضله وإتقانه فالله يرحمه‏.‏

وعبد الرزاق بن عمر بن سمه أبو الطيب الأصبهاني التاجر روى عن ابن المقرئ‏.‏

وأبو الحسن بن سيده علي بن إسماعيل المرسي العلامة صاحب المحكم في اللغة وكان أعمى بن أعمى رأسًا في العربية حجّة في نقلها‏.‏

قال أبو عمر الطلمنكي‏:‏ أتوني بمرسية ليسمعوا مني غريب المصنف فقلت انظروا من يقرأ لكم فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده فقرأه فعجبت من حفظه‏.‏

والعبّادي القاضي أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد الهروي شيخ الشافعية وصاحب التصانيف تفقه على القاضي أبو منصور الأزدي وبنيسابور علي أبي عمر البسطامي وكان إمامًا دقيق النظر واسع العلم له ‏[‏المبسوط‏]‏ و ‏[‏أدب القاضي‏]‏ و ‏[‏الهادي‏]‏ وتوفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏

وأبو يعلى بن الفرّاء شيخ الحنابلة القاضي الحبر محمد بن الحسين بن محمد بن خلف البغدادي صاحب التصانيف وفقيه العصر كان إمامًا لا يدرك الحربي والمخلّص وطبقتهما وأملى عدَّة مجالس وولي قضاء الحريم وتوفي في تاسع عشر رمضان تفقّه على أبي عبد الله بن حامد وغيره وجميع الطائفة معترفون بفضله ومغترفون من بحره‏.‏

سنة تسع وخمسين وأربعمائة في ذي القعدة فرغت المدرسة النظامية التي أنشأها الوزير نظام الملك ببغداد وقرّر لتدريسها الشيخ أبا إسحاق واجتمع الناس فلم يحضر لأنه لقيه صبيّ فقال‏:‏ كيف تدرّس في مكان مغضوب فوسوسه فاختفى فلما آيسوا من حضوره درس ابن الصبّاغ مصنف ‏[‏الشامل‏]‏ فلما وصل الخبر إلى الوزير أقام القيامة على أبي سعيد فلم يزل يرفق بأبي إسحاق حتى درّس بها وعمد العميد إلى قبر أبي حنيفة فبنى عليه قبة عظيمة أنفق عليها الأموال‏.‏

وفيها توفي ابن طوق أبو نصر أحمد بن عبد الباقي بن الحسن الموصلي الراوي عن نصر المرجي صاحب أبي يعلى توفي بالموصل في رمضان وله سبع وسبعون سنة‏.‏

وابو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي ثم النيسابوري روى عن أبي الفضل بن خزيمة وأبو القاسم الحنّائي صاحب الأجزاء الحنائيات الحسين بن محمد بن إبراهيم الدمشقي المعدّل الصالح وله ثمانون سنة‏.‏

روى عن عبد الوهاب الكلابي والحسن بن محمد بن درستويه وطائفة‏.‏

وابو مسلم الأصبهاني الأديب المفسر المعتزلي محمد بن علي بن محمد ابن مهر بزد آخر أصحاب ابن المقرئ موتًا له تفسير في عشرين مجلدًا توفي في جمادى الآخرة وله ثلاث وتسعون سنة‏.‏

سنة ستين وأربعمائة فيها وقبلها كان الغلاء العظيم بمصر‏.‏

وفيها كانت الزلزلة التي هلك فيها بالرملة وحدها على ما ورّخ ابن الأثير خمسة وعشرون الفًا وقال‏:‏ انشقت صخرة بيت المقدس وعادت بأذن الله وأبعد البحر عن ساحله مسيرة يوم وردّ‏.‏

وفيها توفي الباطرقاني أبو بكر احمد بن الفضل الأصبهاني المقرئ الأستاذ توفي في صفر عن ثمان وثمانين سنة وله مصنفات في القراءات وكان صاحب حديث وحفظ روى عن أبي عبد

وابن القطّان أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى القرطبي المالكي رئيس المفتين بالأندلس وله سبعون سنة‏.‏

روى عن يونس بن عبد الله القاضي وجماعة‏.‏

وخديجة بنت محمد بن علي الشَّاهجانيَّة الواعظة ببغداد كتبت بخطها عن ابن سمعون وتوفيت في المحرم عن أربع وثمانين سنة‏.‏

وعائشة بنت الحسن الوركانية الأصبهانيَّة‏.‏

روت عن أبي عبد الله بن مندة‏.‏

وعبد الدائم بن الحسن الهلالي الحوراني ثم الدمشقي آخر أصحاب عبد الوهاب الكلابي عن ثمانين سنة‏.‏

سنة إحدى وستين وأربعمائة في نصف شعبان احترق جامع دمشق كله من حرب وقع بين الدولة فضربوا بالنار دارًا مجاورةً للجامع فقضي الأمر واشتد الخطب وأتى الحريق على سائره ودثرت محاسنه وانقضت مدة ملاحته‏.‏

وفيها توفي الفوراني أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المروزي شيخ الشافعية وتلميذ القفّال وذو التصانيف الكثيرة وعنه أخذ أبو سعد المتولّي صاحب التتمة وكان

وعبد الرحيم بن أحمد البخاري الحافظ أبو زكريا ذو الرحلة الواسعة سمع ببخارى من الحليمي وبخراسان من أبي يعلى المهلَّبي وبدمشق من تمام وبمصر من عبد الغني بن سعيد وببغداد من أبي عمر بن مهدي وعاش تسعًا وسبعين سنة‏.‏

وأبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري روى بمصر ودمشق عن أبي الحسن الحلبي ومحمد بن أحمد الأخميمي وطبقتهما توفي في جمادى الأولى بمصر وله ست وسبعون سنة وثّقه الكتّاني وغيره‏.‏

ومقرئ مصر أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي الشيرازي شيخ ابن الفحام قرأ القراءات على السوسنجردي وابن الحمّامي وجماعة‏.‏

وروي الحديث‏.‏

سنة اثنتين وستين وأربعمائة فيها أقبلت جيوش الروم فنزلوا على منبج واستباحواها وأسرعوا الكرّة لفرط القحط أبيع فيهم رطل الخبز بدينار‏.‏

وفيها أقيمت الخطبة العباسيّة بالحجاز وقطعت خطبة المصريين لآشتغالهم بما هم من القحط والوباء الذي لم يسمع في الدهور بمثله وكاد الخراب يستولي على وادي مصر حتى إن صاحب ‏[‏مرآة الزمان‏]‏ نقل شيئًا الله أعلم بصحّته أن امرأة خرجت وبيدها مدّ جوهر فقالت من يأخذه بمدّ برّ فلم يلتفت إليها أحد فألقته في الطريق وقالت هذا ما نفعني وقت الحاجة فلا أريده فلم يلتفت أحد إليه‏.‏

ولما جاءت البشارة بإقامة الدعوة بمكة أرسل السلطان ألب أرسلان إلى صاحبها محمد بن أبي هاشم ثلاثين ألف دينار وخلعًا‏.‏

وفيها توفي القاضي حسين بن محمد بن أحمد أبو علي المروزي المرورذيّ شيخ الشافعية في زمانه وأحد أصحاب الوجوه تفقه على أبي بكر القفّال وروى عن أبي نعيم الاسفراييني توفي في المحرم‏.‏

وأبو غالب بن بشران الواسطي صاحب اللغة محمد بن أحمد بن سهل المعدَّل الحنفي ويعرف بابن الخالة وله اثنتان وثمانون سنة وله يكن بالعراق أعلم منه باللغة روى عن أحمد بن عبيد بن بيري وطبقته‏.‏

وأبو عبد الله محمد بن عتّاب الجذامي مولاهم المالكي مفتي قرطبة وعالمها ومحدّثها وروعها توفي في صفر ومشى في جنازته المعتمد بن عبّاد وله تسع وسبعون سنة روى عن أبي المطرّف القنازعي وخلق‏.‏

فيها أقام صاحب حلب محمود بن صالح الكلابي الخطبة العباسية وقال للحلبيّين‏:‏ هذه دولة عظيمة نخافها وهم يستحلّون دماءكم للتشيُّع فأجابوا‏.‏

ولبس الخطيب السواد وأخذت رعاع الرافضة حصر الجامع وقالوا‏:‏ هذه حصر الإمام علي فليأت أبو بكر بحصره‏.‏

وجاءت محمودًا الخلع من طراد الزينبي ثم قليل جاء السلطان ألب أرسلان وحاصر محمودًا فخرجت أمه بتقادم وتحف فترحّل عنهم‏.‏

وفيها كانت الملحمة الكبرى‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ خرج أرمانوس في مائتي ألف من الفرنج والروم والروس والكرج فوصل إلى منازجرد فبلغ السلطان كثرتهم وهو نجوى وما عنده سوى خمسة عشر ألف فارس فصمّم على الملتقى وقال إن استشهدت فابني ملكشاه ولي عهدي فلما التقى الجمعان أرسل يطلب المهادنة فقال طاغية الروم‏:‏ لا هدنة إلا بالريّ فاحتدّ ألب أرسلان وجرى المصافّ يوم الجمعة والخطباء على المنابر ونزل السلطان وعفَّر وجهه في التراب وبكي وتضرّع ثم ركب وحمل فصار المسلمون في وسط القوم وصدقوا اللقاء وقتلوا الروم كيف شاءوا ونزل النصر وانهزمت الروم وامتلأت الأرض بالتقتلى وأسر أرمانوس فأحضر إلى السلطان فضربه ثلاثة مقارع بيده وقال‏:‏ ألم أرسل إليك في الهدنة فأبيت فقال‏:‏ دعني من التوبيخ وافعل ما تريد قال‏:‏ ما كنت تفعل لو أسرتني‏.‏

قال‏:‏ فما كنت تظن أن أفعل

قال‏:‏ ما عزمت على غير هذه ثم فدى نفسه بألف ألف وخمسمائة ألف دينار وبكل أسير في مملكته فخلع عليه وأطلق له عدّة من البطارقة وهادنه خمسين سنة وشيَّعه فرسخًا وأعطاه عشرة آلاف دينار برسم الطريق فقال‏:‏ أين جهة الخليفة فعرّفوه‏.‏

فكشف رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة وأما المنهزمون ففقدوه وملّكوا عليهم ميخائيل فلما وصل هذا إلى أطراف بلاده ترهّب وتزهَّد وجمع ما أمكنه فكان مائتين وتسعين ألف دينار فأرسله وحلف أنه لا يقدر على غيره ثم إنه استولى على بلاد الأرمن‏.‏

قال‏:‏ وفيها سار أتسز بن أوق الخوارزمي أحد أمراء الملك ألب أرسلان فدخل الشام وافتتح الرَّملة أخذها من المصريين ثم حاصر بيت المقدس فأخذه منهم ثم حاصر دمشق وعاث عسكره وأخربوا أعمال دمشق‏.‏

وفيها توفي أبو حامد الأزهري أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن الأزهر النيسابوري الشُّرطي الثقة‏.‏

روى عن أبي محمد المخلدي وجماعة ومات في رجب عن تسع وثمانين سنة وآخر أصحابه وجيه‏.‏

وأبو بكر الخطيب أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي الحافظ أحد الأئمة الأعلام وصاحب التواليف المنتشرة في الإسلام‏.‏

قال ابن ماكولا‏:‏ لم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثل الخطيب‏.‏

قلت‏:‏ روى عن أبي عمر بن مهدي وابن الصَّلت الأهوازي وطبقتهما ورحل إلى البصرة ونيسابور وأصبهان ودمشق والكوفة والريّ توفي ببغداد في سابع ذي الحجة‏.‏

وابن زيدون شاعر الأندلس أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن غالب بن زيدون المخزومي القرطبي توفي في رجب بإشبيليّة وكان عزيزًا على المعتمد بن عبّاد كأنه وزيرٌ له‏.‏

وأبو علي حسان بن سعيد بن سعيد المنيعي ورئيس مرو الروذ الذي عمّ خراسان ببرّه وأفضاله وأنشأ الجامع المنعيعي وكان يكسو في العام نحو ألف نفس وكان أعظم من وزير رحمه الله‏.‏

روى عن أبي طاهر بن محمش وجماعة‏.‏

وأبو عمر المليحي عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم الهروي المحدّث رواي الصحيح عن النعيمي في جمادى الآخرة وله ست وتسعون سنة سمع بنيسابور من المخلدي وأبي الحسين الخفاف وجماعة وكان ثقة صالحًا أكثر عنه محي السنّة‏.‏

وكريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم أم الكرام المروزيّة المجاورة بكة روت الصحيح عن الكشميهني وروت عن زاهر السرخسي وكانت تضبط كتابها وتقابل نسخها ولها فهم ونباهة وما تزوّجت قط وقيل إنها بلغت المائة وسمع منها خلق‏.‏

وأبو الغنائم بن الدجاجي محمد بن علي البغدادي‏.‏

روي‏.‏

عن علي بن عمر الحربي وابن معروف وجماعة‏.‏

توفي في شعبان وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

وأبو علي محمد بن وشاح الزينبي روى عن أبي حفص بن شاهين وجماعة‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان معتزليًا‏.‏

قلت‏:‏ توفي في رجب‏.‏

وابو عمر بن عبد البر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَّمري الحافظ القرطبي أحد الأعلام وصاحب التصانيف توفي في سلخ ربيع الآخر وله خمس وتسعون سنة وخمسة أيام روى عن سعيد بن نصر وعبد الله بن أسد وابن ضيفون وطبقتهم وأجاز له من مصر أبو الفتح بن سيبخت الذي يروي عن أبي القاسم البغوي وليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة والتبحر في الفقه والعربية والأخبار‏.‏

سنة أربع وستين وأربعمائة فيها توفي أبو الحسن جابر بن ياسين البغدادي الحنَّائي العطار روى عن أبي حفص الكتَّاني والمخلّص‏.‏

والمعتضد بالله أبو عمرو عبّاد بن القاضي محمد بن إسماعيل بن عبّاد اللَّخمي صاحب إشبيليّة ولي بعد أبيه وكان شهمًا مهيبًا صارمًا داهية مقدامًا جرى على سنن أبيه مدة لم يلقب بأمير المؤمنين وقتل جماعة صبرًا وصادر آخرين ودانت له الملوك‏.‏

وابن حيدٍ أبو منصور بكر بن محمد بن علي بن محمد بن حيدٍ النيسابوري التاجر ويلقب بالشيخ المؤتمن‏.‏

روى عن أبي الحسين الخفاف وجماعة وكان ثقة حدَّث بخراسان والعراق وتوفي في صفر‏.‏

سنة خمس وستين وأربعمائة فيها قتل ألب أرسلان وتسلطن ابنه ملكشاه فجاء قاروت بك بجيشه من كرمان ليستولي على ممالك ألب أرسلان أخيه فالتقاه ابن أخيه ملكشاه بناحية همذان فانهزم جيش قاروت بك وأسر هو فخنقه ابن أخيه ملكشاه‏.‏

وفيها افترق جيش مصر واقتتلوا عند كوم الرّيش وكانت ملحمة مشهورة وقتل نحو الأربعين ألفًا ثم التقوا مرَّة ثانية وكثر القتل في العبيد وانتصر الأتراك وضعف المستنصر وأنفق خزائنه في رضاهم وغلبت العبيد على الصعيد ثم جرت لهم وقعات وعاد الغلاء المفرط

والوباء ونهبت الجند دور العامة‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ اشتد الغلاء والوباء حتى إنَّ أهل البيت كانوا يموتون في ليلة وحتى حكى أنَّ امرأة أكلت رغيفًا بألف دينار فاستبعد ذلك فقيل إنها باعت عروضًا لها ألف دينار بثلاثمائة دينار واشترت بها حملة قمح وحمله الحمّال على ظهره فنهبت الحملة فنهبت المرأة مع الناس فحصل لها رغيف واحد‏.‏

وفيها توفي السلطان الكبير عضد الدولة أبو شجاع محمد ألب أرسلان ابن الملك جغرايبك وهو داود بن ميكائيل بن سلجوق بن نفاق بن سلجوق - ونفاق بالتركي‏:‏ قوس حديد - ونفاق أول من دخل في دين الإسلام وألب أرسلان أوَّل من قيل له السلطان على منابر بغداد وكان في أواخر دولته من أعدل الناس ومن أحسنهم سيرة وأرغبهم في الجهاد وفي نصر الإسلام لم عبر بهم جيحون في صفر ومعه نحو مئتي ألف فارس وقصد تكين بن طمغاخ فأتى بمتولّي قلعة اسمه يوسف الخوارزمي فأمر بأن يشبح بأربعة أوتاد فقال‏:‏ يا مخنّث مثلي يقتل هكذا فغضب السلطان فأخذ القوس والنشّاب وقال‏:‏ خلّوه ورماه فأخطأه - وكان قلّ أن يخطئ - فشدّ يوسف عليه فنزل السلطان عن السرير فعثر فبرك عليه يوسف وضربه بسكين معه في خاصرته فشدّ مملوك على يوسف قتله ثم مات السلطان من ذلك الجرح عن أربعين سنة وشهرين وكان أهل سمرقند قد خافوه وابتهلوا إلى الله وقرأوا الختم ليكفيهم أمر

وابن المأمون أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن محمد الهاشمي العباسي البغدادي في شوال وله تسع وثمانون سنة‏.‏

سمع جدّه أبا الفضل بن المأمون والدارقطني وجماعة‏.‏

قال أبو سعد بن السمعاني‏:‏ كان ثقة نبيلًا مهيبًا تعلوه سكينة ووقار رحمه الله‏.‏

وأبو القاسم القشيري عبد الكريم بن هوازن النيسابوري الصوفي الزاهد شيخ خراسان وأستاذ الجماعة ومصنّف ‏[‏الرسالة‏]‏ توفي في ربيع الآخر وله تسعون سنة روى عن أبي الحسين الخفّاف وأبي نعيم الإسفراييني وطائفة‏.‏

قال أبو سعد السمعاني‏:‏ لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة‏.‏

وصرَّدرَّ الشاعر صاحب الديوان أبو منصور علي بن الحسن بن علي ابن الفضل البغدادي الكاتب المنشئ وقد روى عن أبي الحسين بن بشران وجماعة‏.‏

وأبو جعفر بن المسلمة محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن الحسن السلمي البغدادي ثقة نبيل عالي الإسناد كثير السّماع متين الديانة توفي جمادى الأولى عن إحدى وتسعين سنة وهو آخر من روى عن أبي الفضل الزُّهري وأبي محمد بن معروف‏.‏

وابن الغريق الخطيب أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله ابن عبد الصمد بن محمد بن الخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق العباسي سيّد بني العباس في زمانه وشيخهم مات في أول ذي الحجة وله خمس وتسعون سنة وهوآخر من حدَّث عن ابن شاهين والدارقطني وكان ثقةً نبيلًا صالحًا متبتلًا كان يقال له راهب بني هاشم لدينه وعبادته وسرده الصوم‏.‏

وهنّاد بن إبراهيم أبو المظفر النسفي صاحب مناكير وعجائب روى عن القاضي أبي عمر الهاشمي وغجار وطبقتهما‏.‏

وأبو القاسم الهذلي يوسف بن علي بن جبارة المغربي المقرئ المتكلم النحوي صاحب كتاب ‏[‏الكامل في القراءات‏]‏ وكان كثير الترحال حتى وصل إلى بلاد التُّرك في طلب القراءات المشهورة والشاذة‏.‏

سنة ست وستين وأربعمائة فيها كان الغرق الكثير ببغداد فهلك خلق تحت الردم وأقيمت الجمعة في الطيّار على ظهر الماء وكان الموج كالجبال وبعض المحال غرقت بالكليّة وبقيت كأن لم تكن وقيل إنّ ارتفاع الماء بلغ ثلاثين ذراعًا‏.‏

وفيها توفي أبو سهل الحفصي محمد بن أحمد بن عبيد الله المروزيّ راوي الصحيح عن وأبو محمد الكتَّاني عبد العزيز بن أحمد التميمي الدمشقي الصوفي الحافظ‏.‏

روى عن تمّام الرازي وطبقته ورحل سنة سبع عشرة وأربعمائة إلى العراق والجزيرة وكان يفهم ويذاكر‏.‏

قال ابن ماكولا‏:‏ مكثر متقن‏.‏

قلت‏:‏ توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وأبو بكر العطار محمد بن إبراهيم بن علي الحافظ الأصبهاني مستملي الحافظ أبي نعيم‏.‏

روى عن ابن مردويه والقاضي أبي عمر الهاشمي وطبقتهما قال الدقاق‏:‏ كان من الحفّاظ يملي من حفظه توفي في صفر‏.‏

وابن حيُّوس الفقيه أبو المكارم محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي الفرضي‏.‏

روى عن خاله أبي نصر بن الجندي وعبد الرحمن بن أبي نصر توفي في ربيع الآخر‏.‏

ويعقوب بن أحمد أبو بكر الصيرفي النيسابوري العدل‏.‏

روى عن أبي محمد المخلدي والخفاف توفي في ربيع الأول‏.‏

سنة سبع وستين وأربعمائة قال ابن الأثير‏:‏ قد مرّ في سنة خمسٍ تغلّب الأتراك وبني حمدان على مصر وعجز المستنصر عنهم وما صار إليه من الشدّة والفقر وقتل ابن حمدان فراسل المستنصر بدرًا الجمالي وهو بساحل الشام فاستخدم جيشًا وسار في هذه السنة من عكّا في البحر زمن الشتاء وخاطر لأنه أراد أن يبغت مصر وكان هذا الأمر بينه وبين المستنصر سرًا فسلم ودخل مصر فولاه المستنصر الوزارة ولقَّبه أمير الجيوش فبعث طوائف من أصحابه إلى قوّاد مصر الكبار فبعث إلى كل أميرٍ طائفة ليأتوه برأسه ففعلوا‏.‏

وأصبح وقد فرغ من أمر الديار المصرية ونقل جميع حواصلهم إلى دار الخلافة فعاد إليه جميع ما كان أخذ منه إلا القليل ثم سار إلى دمياط وقد عصى بها طائفة فقتلهم ثم أخذ الاسكندرية عنوةً وقتل جماعة ثم سار إلى الصعيد فهذّبه وقتل به اثني عشر ألفًا وأخذ النساء والمتاع فتجمّع لحربه عشرون ألف فارس وأربعون ألف راجل وعسكروا‏.‏

فبيّتهم نصف الليل فانهزموا وقتل منهم خلائق ثم عمل بعد ذلك معهم مصافًّا فهزمهم‏.‏

ثم أخذ يعمرِّ البلاد فأطلق للفلاحين الكلف ثم عث الهدايا إلى صاحب مكّة فأعاد خطبة المستنصر بعد أن كان خطب للقائم بأمر الله أربعة أعوام‏.‏

وفيها عمل السلطان ملكشاه الرّصد وأنفق عليه أموالًا عظيمة‏.‏

وفيها توفي أبو عمر بن الحذَّاء محدِّث الأندلس أحمد بن محمد بن يحيى القرطبي مولى بني أميّة حضَّه أبوه على الطَّلب في صغره وكتب عن عبد الله بن أسد وعبد الوارث بن سفيان وسعيد بن نصر والكبار في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وانتهى إليه علوّ الإسناد بقطره توفي في ربيع الآخر عن سبع وثمانين سنة‏.‏

والقائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسي توفي في شعبان وله ست وسبعون سنة وبقي في الخلافة أربعًا وأربعين سنة وتسعة أشهر وأمُّه أرمنيّ ة كان أبيض مليح الوجه مشربًا حمرة ورعًا ديِّنًا كثير الصدقة له وفضل من خير الخلائق ولا سيَّما بعد عوده إلى الخلافة في نوبة البساسيري فإنه صار يكثر الصيام والتَّهجُّد غسَّله الشريف أبو جعفر بن أبي موسى شيخ الحنابلة وبويع حفيده المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم‏.‏

وأبو الحسن الدَّاوودي جمال الإسلام عبد الرحمن بن محمد بن المظفَّر البوشنجي شيخ خراسان علمًا وفضلًا وجلالة وسندًا روى الكثير عن أبي محمد بن حمويه وهو آخر من حدَّث عنه وتفقه على القفّال المروزيّ وأبي الطيّب الصُّعلوكي وأبي حامد الإسفراييني توفي في شوال وله أربع وتسعون سنة‏.‏

وأبو الحسن الباخرزي الرئيس الأديب علي بن الحسن بن أبي الطيّب مؤلف كتاب دمية

وأبو الحسن بن صصري علي بن الحسن بن أحمد بن محمد التَّغلبي البلدي ثم الدمشقي المعدَّل‏.‏

روى عن تمَّام الرازي وجماعة‏.‏

توفي في المحرم‏.‏

وأبو بكر الخيّاط مقرئ العراق محمد بن علي بن محمد بن موسى الحنبلي الرجل الصالح سمع من إسماعيل بن الحسن الصَّرصري وأبي الحسن المجبِّر وقرأ على أبي أحمد الفرضي وأبي الحسن السُّوسنجردي وجماعة توفي في جمادى الأولى‏.‏

ومحمود بن نصر بن صالح بن مرداس الأمير عزّ الدولة الكلابي صاحب حلب ملكها عشرة أعوام وكان شجاعًا فارسًا جوادًا ممدَّحًا يداري المصريين والعباسيين لتوسط داره بينهما وولي بعده ابنه نصر فقتله بعض الأتراك بعد سنة‏.‏

سنة ثمان وستين وأربعمائة فيها حاصر أتسز الخوارزمي دمشق واشتدّ بها الغلاء وعدمت الأقوات ثم تسلَّم البلد بالأمان وعوَّض انتصار المصمودي ببانياس ويافا وأقيمت الخطبة العباسية وأبطل شعار الشِّيعة من الأذان وغيره واستولى تسز على أكثر الشام وعظم ملكه‏.‏

وفيها توفي أبو علي غلام الهرَّاس مقرئ واسط الحسن بن القاسم الواسطي ويعرف أيضًا بإمام الحرمين كان أحد من عني بالقراءات ورحل فيها إلى بلاد وصنّف فيها‏.‏

قرأ على أبي الحسن السوسنجردي والحمامي وطبقتهما ورحل القرَّاء إليه من الآفاق وفيه لينٌ توفي في جمادي الأولى عن أربع وتسعين سنة‏.‏

وعبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة أبو الفتح الرّازي الواعظ الجوهري التاجر روى عن علي بن محمد القصّار وطائفة وعاش تسعين سنة وآخر من حدَّث عنه إسماعيل الحمّامي‏.‏

وأبو نصر التاجر عبد الرحمن بن علي النيسابوري المزكّي روى عن يحيى بن إسماعيل الحربي النيسابوري وجماعة‏.‏

وأبو الحسن الواحدي المفسّر علي بن أحمد النيسابوري تلميذ أبي إسحاق الثَّعلبي وأحد من برع في العلم‏.‏

روى في كتبه عن ابن محمش وأبي بكر الحيري وطائفة وكان رأسًا في اللغة و العربية توفي في جمادى الآخرة وكان من أنباء السبعين‏.‏

وابن عليّك أبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن الحسن النيسابوري روى عن أبي نعيم الإسفراييني وجماعة‏.‏

وقال ابن نقطة حدَّث عن أبي الحسين الخفّاف مات في رجب بتفليس‏.‏

وأبو بكر الصفّار محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس النيسابوري الشافعي أحد الكبار المفتيين تفقّه على أبي محمد الجويني وجلس بعده في حلقته وروى عن أبي نعيم الإسفراييني وطائفة توفي في ربيع الآخر‏.‏

وأبو القاسم المهرواني يوسف بن محمد الهمذاني الصوفي العبد الصالح الذي خرّج له الخطيب خمسة أجزاء‏.‏

روى عن أبي أحمد الفرضي وأبي عمر بن مهدي ومات في ذي الحجة‏.‏

ويوسف بن محمد بن يوسف أبو القاسم الخطيب محدّث همذان وزاهدها روى عن أبي بكر بن لال وأبي أحمد الفرضي وأبي عمر بن مهدي وطبقتهم‏.‏

وجمع ورحل وعاش سبعًا وثمانين سنة‏.‏

سنة تسع وستين وأربعمائة فيها سار أتسز صاحب الشام فقصد مصر وحاصرها ولم يبق إلا أن يملكها فاجتمع الخلق وتضرّعوا إلى الله مما هم فيه فترحَّل عنهم شبه المنهزم من غير سبب وأتى القدس فعصوا عليه فقاتلهم‏.‏

ثم دخل البلد عنوةّ وعمل كل قبيح وذبح القاضي والشهود وقتل بها نحوًا من ثلاثة آلاف نفس‏.‏

وفيها كانت فتنة أبي نصر بن القشيري ببغداد قدم فوعظ بالنظاميّة وحاب في الوعظ

الاعتقاد ونصر الأشاعرة وحطَّ على الحنابلة فهاجت أحداث السُّنّة وقصدوا النظاميّة وحميت الفتنة وقتل بها نحوًا من ثلاثة آلاف نفس‏.‏

وفيها كانت فتنة أبي نصر بن القشيري ببغداد قدم فوعظ بالنظامية وحاب في الوعظ الاعتقاد ونصر الأشاعرة وحطَّ على الحنابلة فهاجت أحداث السُّنّة وقصدوا النظاميّة وحميت الفتنة وقتل جماعة نعوذ بالله من الفتن‏.‏

وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السُّلمي أحد رؤساء دمشق وعدولها روى عن جدّه أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان وجماعة‏.‏

وسمع بمكة من ابن جهضم توفي في ربيع الأول في عشر التسعين‏.‏

وحاتم بن محمد بن الطرابلسي أبو القاسم التميمي القرطبي المحدِّث المتقن مسند الأندلس في ذي القعدة وله إحدى وتسعون سنة‏.‏

روى عن عمر بن نابل وأبي المطرَّف بن فطيس وطبقتهما‏.‏

ورحل فأكثر عن أبي الحسن القابسي وسمع بمكة من ابن فراس العبقسي و كان فقيهًا مفتيًا قيل إنه دعي إلى قضاء قرطبة فأبى‏.‏

وحيَّان بن خلف بن حسين بن حيّان أبو مروان القرطبي الأديب مؤرِّخ الأندلس ومسندها توفي في ربيع الأول وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏

سمع من عمر بن نابل وغيره وله كتاب ‏[‏المتين‏]‏ في تاريخ الأندلس ستّون مجلدًا وكتاب ‏[‏المقتبس‏]‏ في عشر مجلدات وقد رئي في النوم فسئل عن التاريخ الذي عمله فقال‏:‏ لقد ندمت عليه إلا أنَّ الله تعالى أقالني وغفر لي بلطفه‏.‏

وحيدرة بن علي الأنطاكي أبو المنجَّا المعبِّر حدّث بدمشق عن عبد الرحمن بن أبي نصر وجماعة‏.‏

قال ابن الأكفاني‏:‏ كان يذكر أنه يحفظ في علم التعبير عشرة آلاف ورقة وزيادة‏.‏

وأبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ المصري الجوهري النحوي صاحب التصانيف دخل بغداد تاجرًا في الجوهر وأخذ عن علمائها وخدم بمصر في ديوان الإنشاء ثم تزهّد بآخرة ثم سقط من السطح فمات‏.‏

وكرَّكان الزاهد القدوة أبو القاسم عبد الله بن علي الطوسي شيخ الصوفية وصاحب الدويرة والأصحاب روى عن حمزة المهلَّبي وجماعة ومات في ربيع الأول‏.‏

وأبو محمد الصَّريقيني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هزارمرد المحدّث خطيب صريفين توفي في جمادى الآخرة عن خمس وثمانين سنة روى عن أبي القاسم بن حبابة وأبي حفص الكتّابي وطائفة وكان ثقة‏.‏

سنة سبعين وأربعمائة

وفيها كانت فتنة هائلة ببغداد بسبب الاعتقاد ووقع النهب في البلد واشتدّ الخطب وركب العسكر وقتلوا جماعة حتى فتر الأمر‏.‏

وفيها توفي أبو صالح المؤذِّن أحمد بن عبد الملك بن علي النيسابوري الحافظ محدّث خراسان في زمانه روى عن أبي نعيم الإسفراييني وأبي الحسن العلوي والحاكم وخلق‏.‏

ورحل إلى أصبهان وبغداد ودمشق في حدود الثلاثين وأربعمائة وله ألف حديث عن ألف شيخ وثّقه الخطيب وغيره ومات في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة وله تصانيف ومسوَّدات‏.‏

وابو الحسين بن النَّقور أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي البزاز المحدّ‏!‏ ث الصدوق‏.‏

روى عن علي الحربي وأبي القاسم بن حبابة وطائفة وكان يأخذ على نسخة طالوت دينارًا أفتاه بذلك الشيخ أبو إسحاق لأن الطلبة كانوا يفوّتونه الكسب لعياله مات في رجب عن تسعين سنة‏.‏

وابو نصر بن طلاب الخطيب الحسين بن أحمد بن محمد القرشي مولاهم الدمشقي خطيب دمشق روى عن ابن جميع ‏[‏معجمه‏]‏ وعن أبي بكر بن أبي الحديد وكان صاحب مالٍ وأملاك وفيه عدالة وديانة توفي في صفر وله إحدى وتسعون سنة‏.‏

وعبد الله بن الخلال أبو القاسم بن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد البغدادي سمَّعه أبوه من أبي حفص الكتَّاني والمخلّص ومات في صفر عن خمس وثمانين سنة‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان وأبو جعفر بن أبي موسى الهاشيم شيخ الحنابلة عبد الخالق بن عيسى ابن أحمد وكان ورعًا زاهدًا علاَّمة كثير الفنون رأسًا في الفقه شديدًا على المبتدعة نافذ الكلمة‏.‏

روي عن أبي القاسم بن بشران وقد أخذ في فتنة ابن القشيري وحبس أيامًا ومات في صفر عن تسع وخمسين سنة‏.‏

وأبو القاسم عبد الرحمن بن مندة الأصبهاني الحافظ صاحب التصانيف ولد الحافظ الكبير الجوّال أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد العبدي كان ذا سمتٍ ووقار وله أصحاب وأتباع وفيه تستُّن مفرط أوقع بعض العلماء في الكلام في معتقده وتوهّموا فيه التجسيم وهو برئ منه فيما علمت ولكن لو قصّر من شأنه لكان أولى به أجاز له زاهر بن أحمد السرخسي وروى الكثير عن أبيه وأبي جعفر الأبهري وطبقتهما وسمع بنيسابور من أصحاب الأصمّ وبمكة من ابن جهضم وبهمذان والدينور وشيراز وبغداد وعاش تسعًا وثمانين سنة‏.‏

سنة إحدى وسبعين وأربعمائة فيها دخل تاج الدولة تتش أخو السلطان ملكشاه إلى الشام من جهة أخيه وأخذ حلب ودمشق وكان عسكره التركمان وكان أقسيس - ويقال أتسز وأطسز الخوارزمي - قد جاء المصريون لحربه فاستنجد بتتش عندما أخذ حلب فسار إليه وفرّ المصريون فخرج أقسيس إلى خدمة تتش فأظهر الغضب لكونه ما تلقاه إلى بعيد وقبض عليه وقتله في الحال وأحسن سيرته في الشاميين وكان الناس في جورٍ وضرّ مع أتسز نزل جنده في بيوت الناس وصادر الناس وعذبهم في الشمس‏.‏

وفيها توفي أبو علي بن البنّا الفقيه الحسن بن أحمد البغدادي الحنبلي صاحب التواليف والتخاريج روى عن هلال الحفّار وطبقته وقرأ القراءات على الحمّامي وتفقه ودرَّس وأفتى ووعظ وكان ناصرًا للسنة‏.‏

وأبو علي الوخشي الحسن بن علي بن محمد البلخي الحافظ الكبير رحل وطوّف وجمع وصنَّف وعاش ستًّا وثمانين سنة‏.‏

روى عن تمام الرازي وأبي عمر بن مهدي وطبقتهما بالشام والعراق ومصر وخراسان وكان ثقةً‏.‏

وأبو القاسم الزنجاني سعد بن علي الحافظ القدوة الزاهد نزيل الحرم جار بيت الله‏.‏

روى عن أبي عبد الله بن نظيف الفرَّاء وعبد الرحمن بن ياسر الجوبري وخلق‏.‏

سئل محمد بن طاهر المقدسي عن أفضل من رأى فقال‏:‏ سعد الزنجاني وشيخ الإسلام الأنصاري فقيل‏:‏ أيّهما أفضل فقال‏:‏ الأنصاري كان متفننا وأما الزنجاني فكان أعرف بالحديث منه وسئل إسماعيل التيمي عن سعد فقال‏:‏ إمام كبير عارف بالسنَّة‏.‏

وقال غيره‏:‏ توفي في أوّل سنة إحدى وسبعين أو في آخر سنة سبعين عن تسعين سنة‏.‏

وعبد الباقي بن محمد بن غالب أبو منصور الأزجي العطار وكيل القائم والمقتدي صدوق جليل‏.‏

روى عن المخلّص وغيره توفي في ربيع الآخر‏.‏

وعبد العزيز بن علي أبو القاسم الأنماطي ابن بنت السُّكّري‏.‏

روى عن المخلص‏.‏

قال عبد الوهاب‏:‏ الأنماطي ثقة ومات في رجب‏.‏

قلت‏:‏ آخر من روى عنه ابن الطلاية الزاهد‏.‏

وعبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني أبو بكر النحوي اللعلاّمة صاحب التصانيف منها ‏[‏المغني في شرح الإيضاح‏]‏ ثلاثون مجلدًا وكان شافعيًّا أشعريًا‏.‏

ومنهم من يقول‏:‏ توفي سنة أربع وسبعين‏.‏

وأبو عاصم الفضيلي الفقيه واسمه الفضيل بن يحى الهروي شيخ أبي الوقت في جمادى الأولى وله ثمان وثمانون سنة‏.‏

وأبو الفضل القومساني محمد بن عثمان بن زيرك شيخ عصره بهمذان فضلًا وعلمًا وجلالةً وزهادةً وتفننًا في العلوم عن بضع وسبعين سنة‏.‏

ومحمد بن أبي عمران أبو الخير بن موسى المروزي الصفّار آخر أصحاب الكشميهني ومن به ختم سماع البخاري عاليًا ضعَّفه ابن طاهر‏.‏

سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة فيها توفي أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن محمد الشافعي المكي الحنّاط المعدَّل روى عن أحمد بن فراس العبقسي وعبيد الله بن أحمد السقطي توفي في ذي القعدة‏.‏

ومحمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد أبو عبد الله الفرسي ثم الهروي راوي جزء أبي الجهم وغير ذلك عن أبي محمد الشريحي في شوال‏.‏

وأبو منصور العكبري محمد بن أحمد الأخباري النديم عن تسعين سنة صدوق‏.‏

روى عن محمد بن عبد الله الجعفي وهلال الحفّار وطائفة‏.‏

توفي في شهر رمضان‏.‏

وهيَّاج بن عبيد الزاهد القدوة أبو محمد الحطِّيني قال هبة الله الشيرازي‏:‏ أما هيّاج الزاهد الفقيه فما رأت عيناي مثله في الزهد والورع‏.‏

وقال ابن طاهر‏:‏ بلغ في زهده أنه يواصل ثلاثة أيام لكي يفطر على ماء زمزم فإذا كان اليوم الثالث من أتاه بشيء أكله وكان قد نيَّف على الثمانين وكان يعتمر في كل يوم ثلاث عمر على رجليه ويدرس عدَّة دروس لأصحابه وكان يزور النبي صلى الله عليه وسلم في كل من مكة فيمشي حافيًا ذاهبًا وراجعًا‏.‏

روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة‏.‏

سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة فيها توفي أبو القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب الواعظ النيسابوري آخر أصحاب أبي الحسين الخفّاف موتًا وروي عن العلوي وغيره‏.‏

وأبو الفتيان بن حيوس الأمير مصطفى الدولة محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي شاعر أهل الشام له ديوان كبير‏.‏

وقد روى عن خاله أبي نصر بن الجندي توفي في شعبان بحلب عن ثمانين سنة‏.‏

سنة أربع وسبعين وأربعمائة فيها سار تتش السلجوقي غازيًا في دمشق فافتتح طرسوس‏.‏

وفيها توفي أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف التجيبي القرطبي بالمريّة في رجب عن إحدى وسبعين سنة‏.‏

روى عن يونس بن عبد الله بن مغيث ومكّي بن أبي طالب وجاور ثلاثة

أعوام ولزم أباذرّ الهروي وكان يمضي معه إلى السراة ثم رحل إلى بغداد وإلى دمشق وروى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطبقته بدمشق وابن غيلان وطبقته ببغداد وتفقه على أبي الطيّب الطبري وجماعة وأخذ علم الكلام بالموصل عن أبي جعفر السمناني وسمع الكثير وبرع في الحديث والفقه والأصول والنظر وردَّ إلى وطنه بعد ثلاث عشرة سنة بعلمٍ جمٍّ مع الفقر والقناعة وكان يضرب ورق الذهب للغزل ويعقد الوثائق ثم فتحت عليه الدنيا وأجزلت صلاته وولي قضاء أماكن وصنّف التصانيف الكثيرة‏.‏

قال أبو علي بن سكرة‏:‏ ما رأيت أحدًا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه‏.‏

وأبو القاسم بن البسري علي بن أحمد البغدادي البندار‏.‏

قال أبو سعد السمعاني‏:‏ كان صالحًا ثقة فهمًا عالمًا سمع المخلّص وجماعة وأجاز له ابن بطة ونصر المرجي وكان متولضعًا حسن الأخلاق ذا هيئة ورواء توفي في سادس رمضان‏.‏

وأبو بكر محمد بن المزكّي المحدث من كبار الطلبة كتب عن خمسمائة نفس وأكثر عن أبيه وأبي عبد الرحمن السُّلمي والحاكم‏.‏

وروى عنه الخطيب مع تقدمه توفي في رجب‏.‏

سنة خمس وسبعين وأربعمائة

فيها قدم الشريف أبو القاسم البكري الواعظ من عند نظام الملك إلى بغداد فوعظ بالنظامية ونبز الحنابلة بالتجسيم فسبوه وتعرضوا له وكبس دور بني الفرّاء وأخذ كتاب القاضي أبي يعلي في ‏[‏إبطال التأويل‏]‏ فكان يقرأ بين يديه وهو على المنبر فيشنِّع به ويبشِّع شأنه‏.‏

وفيها توفي محدث أصبهان ومسندها عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة أبو عمرو العبدي الأصبهاني الثقة المكثر سمع أباه وابن خرَّشيذ قوله وجماعة‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

ومحمد بن أحمد بن علي السمسار أبو بكر الأصبهاني روى عن إبراهيم بن خرَّشيذ قوله وجماعة ومات في شوال وله مائة سنة‏.‏

روى عنه خلق كثير‏.‏

والمطهر بن عبد الواحد أبو الفضل البزاني الأصبهاني توفي فيها أو في حدودها روى ع ابن المرزبان الأبهري جزء لوين وعن ابن مندة وابن خرشيذ قوله‏.‏

سنة ست وسبعين وأربعمائة فيها عزم أهل حرّان وقاضيهم ابن جلبة الحنبلي على تسليم حرّان إلى جنق أمير التركمان لكونه سنيًّا وعصوًا على مسلم بن قريش صاحب الموصل لكونه رافضيًا ولكونه مشغولًا بمحاصرة دمشق مع المصريين كانوا يحاصرون بها تاج الدولة تتش وأسرع إلى حرّان ورماها بالمجانيق وأخذها وذبح القاضي وولديه رحمهم الله‏.‏

وفيها توفي الشيخ أبو إسحاق الشِّيرازي إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادي الشافعي جمال الدين أحد الأعلام وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

تفقه بشيراز وقدم بغداد وله اثنتان وعشرون سنة فاستوطنها ولزم القاضي أبا الطيّب إلى أن صار معيده في حلقته وكان أنظر أهل زمانه وأفصحهم وأورعهم وأكثرهم تواضعًا وبشرًا وانتهت إليه رئاسة المذهب في الدنيا‏.‏

روى عن أبي عليّ بن شاذان والبرقاني ورحل إليه الفقهاء من الأقطار وتخرّج به أئمةٌ كبار ولم يحجّ ولا وجب عليه لأنه كان فقيرًا متعففًا قانعًا باليسير درَّس بالنظامية وله شعر حسن توفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة‏.‏

وطاهر بن الحسين أبو الوفا القوّاس الحنبلي الزاهد ببغداد عن ست وثمانين سنة‏.‏

روى عن هلال الحفّار وجماعة وكان إمامًا في الفقه والورع والإبراهيمي عبد الله بن عطاء الهروي الحافظ وهو ضعيف يروي عن أبي عمر المليحي وأقرانه‏.‏

وعبد الوهاب بن أحمد بن جلبة الفقيه أبو الفتح البغدادي ثم الحراني الخزاز الحنبلي قاضي حران وصاحب القاضي أبي يعلى وروى عن أبي بكر البرقاني وجماعة قتله كما ذكرنا والبكري أبو بكر المغربي الواعظ من دعاة الأشعرية وفد على نظام الملك بخراسان فنفق عليه وكتب له سجلًا أن يجلس بجوامع بغداد فقدم وجلس ووعظ ونال من الحنابلة سبًّا وتكفيرًا ونالوا منه ولم تطل مدّته ومات في هذا العام‏.‏

وأبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصَّقر اللَّخمي الأنباري الخطيب في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة سمع بالحجاز والشام ومصر وأكبر شيخ له عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي‏.‏

ومقرئ الأندلس في زمانه أبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني الإشبيلي المقرئ مصنف كتاب ‏[‏الكافي‏]‏ وكتاب ‏[‏التذكير‏]‏ وله أربع وثمانون سنة وقد حجّ وسمع من أبي ذرّ الهروي وجماعة‏.‏

سنة سبع وسبعين وأربعمائة فيها سار سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب قونية وأقصرى بجيوشه إلى الشام فأخذ أنطاكية وكانت بيد النصارى من مائة وعشرين سنة وكان ملكها قد سار عنها إلى بلاد الروم ورتّب بها نائبًا فأساء إلى أهلها وإلى الجند في إقامته بها فلما دخل الروم اتفق ولده ولده والنائب المذكور على تسليمها إلى صاحب قونية سليمان فكاتبوه فأسرع في البحر ثم طلع وسار إليها في جبال وعرة فأتاها بغتةً ونصب السلالم ودخلها وقتل جماعة وعفا من الرعيّة وأخذ منها أموالًا لا تحصى ثم بعث إلى نسيبه السلطان ملكشاه يبشّره بالفتح وكان صاحب الموصل مسلم يأخذ القطيعة من أنطاكية فطلب العادة من سليمان فقال إنما كان ذلك المال جزية وأنا بمحمد الله فمؤمن فنهب مسلم بلاد أنطاكية ثم تمت وقعة بين سليمان ومسلم في صفر من العام الآتي قتل فيها مسلم‏.‏

وفيها توفي إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر أحمد ابن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني أبو القاسم صدر عالم نبيل وافر الحشمة له يدٌ في النظم والنثر‏.‏

روى عن حمزة السهمي وجماعة وعاش سبعين سنة روى ‏[‏الكامل‏]‏ لابن عديّ‏.‏

وبيبى بنت عبد الصمد بن علي أم الفضل وأم عربي الهرثميّة الهرويّة لها جزء مشهور بها ترويه عن عبد الرحمن بن أبي شريح توفيت في هذه السنة أو في التي بعدها وقد استكملت تسعين سنة‏.‏

وأبو سعد عبد الله بن الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري أكبر الأخوة في ذي القعدة وله أربع وستون سنة‏.‏

روى عن القاضي أبي بكر الحيري وجماعة وعاشت أمه فاطمة بنت أبي علي الدقاق بعده أربعة أعوام‏.‏

وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي كلام آخر أصحاب عبد الرحمن بن أبي شريح الهروي موتًا وهو من كبار شيوخ أبي الوقت‏.‏

وأبو نصر بن الصبّاغ الفقيه عبد السيِّد بن محمد بن عبد الواحد البغدادي الشافعي أحد الأئمة ومؤلف ‏[‏الشامل‏]‏ كان نظيرًا للشيخ أبي إسحاق ومنهم من يقدمه على أبي اسحاق في نقل المذهب وكان ثبتًا حجة ديّنا خيّرًا ولي النظامية بعد أبي إسحاق ثم كفّ بصره‏.‏

وروى عن محمد بن الحسين القطّان وأبي علي بن شاذان وكان مولده في سنة أربعمائة توفي في جمادى الأولى ببغداد ودفن في داره‏.‏

وأبو علي الفارمذي الفضل بن محمد الزاهد شيخ خراسان‏:‏ قال عبد الغافر‏:‏ هو شيخ الشيوخ في عصره المنفرد بطريقته في التذكير التي لم يسبق إليها في عبارته وتهذيبه وحسن آدابه ومليح استعارته ورقة ألفاظه‏.‏

دخل نيسابور وصحب القشيري وأخذ في الاجتهاد البالغ‏.‏

إلى أن قال‏:‏ وحصل له عند نظام الملك قبول خارج عن الحدّ روى عن أبي عبد الله بن باكويه وجماعة وعاش سبعين سنة توفي في ربيع الآخر‏.‏

ومحمد بن عمار أبو بكر المهري ذو الوزارتين شاعر الأندلس كان هو وابن زيدون القرطبي كفرسي رهان وكان ابن عمار قد اشتمل عليه المعتمد وبلغ الغاية إلى أن استوزره ثم جعله

ومسعود بن ناصر السِّجزي أبو سعيد الركّاب الحافظ رحل وصنّف وحدّث عن أبي حسّان المزكّي وعلي بن بشرى اللّيثي وطبقتهما ورحل إلى بغداد وأصبهان‏.‏

قال الدقاق‏:‏ لم أر أجود إتقانًا ولا أحسن ضبطًا منه توفي بنيسابور في جمادى الأولى‏.‏

سنة ثمان وسبعين وأربعمائة فيها أخذ الأذفنش لعنه الله مدينة طليلطلة من الأندلس بعد حصار سبع سنين فطغى وتمرّد وحملت إليه الضريبة ملوك الأندلس حتى المعتمد بن عبّاد ثم استعان المعتمد على حربه بالملَّثمين وأدخلهم الأندلس‏.‏

وفيها قدم أمير الجيوش فحاصر تتش بدمشق فلم يقدر عليها وردَّ‏.‏

وفيها ثارت الفتنة ببغداد بين الرافضة والناس واقتتلوا وأحرقت أماكن‏.‏

وفيها توفي أبو العباس العذري أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث الأندلسي الدَّلائي - ودلاية من عمل المريّة - كان حافظًا محدّثًا متقنًا مات في شعبان وله خمس وثمانون سنة ثمان وأربعمائة مع أبويه فجاوزوا ثمانية أعوام وصحب هو أباذرّ فتخرَّج به وروى عن أبي الحسن بن جهضم وطائفة ومن جلالته أن إمامي الأندلس‏:‏ ابن عبد البرّ وابن حزم رويا عنه‏.‏

وله كتاب دلائل وأبو سعد المتولي عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري شيخ الشافعية وتلميذ القاضي حسين وهو صاحب ‏[‏التتمة‏]‏ تمّم به ‏[‏الإبانة‏]‏ لشيخه أبي القاسم الفوراني وقد درّس أيامًا بالنظامية بعد الشيخ أبي إسحاق ثم صرف بابن الصبّاغ ثم وليها بعد ابن الصباغ ومات كهلًا‏.‏

وأبو معشر الطبري عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري القطّان المقرئ نزيل مكة وصاحب كتاب‏:‏ ‏[‏التلخيص‏]‏ وغيره قرأ بحرّان على أبي القاسم الزيدي وبمكة على الكارزيني وبمصر أيضًا على جماعة‏.‏

وروى عن أبي عبد الله ابن نظيف وجلس للإقراء مدة بمكة‏.‏

وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني عبد الملك بن أبي محمد بن عبد الله بن يوسف الفقيه الشافعي ضياء الدين أحد الأئمة الأعلام عاش ستين سنةً وتفقّه على والده وجور بمكة في شبيبته أربعة أعوام ومن ثم قيل له إمام الحرمين وكان من أذكياء العالم وأحد أوعية العلم توفي في ربيع الآخر بنيسابور وكان له نحو من أربعمائة تلميذ رحمه الله‏.‏

وأبو علي بن الوليد الكرخي وله اثنتان وثمانون سنة أخذ عن أبي الحسين البصري وغيره وبه انحرف ابن عقيل عن السنّة قليلًا وكان ذا زهد وورع وقناعة وتعبُّد وله عدّة تصانيف ولما افتقر جعل ينقص داره ويبيع خشبها ويتقوّت به وكانت من حسان الدور ببغداد‏.‏

وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني محمد بن علي بن محمد الحنفي تفقّه بخراسان ثم ببغداد على القدوري وسمع من الصوري وجماعة وعاش ثمانين سنة‏.‏

وكان نظير القاضي أبي يوسف في الجاه والحشمة والسُّؤدد وبقي في القضاء دهرًا ودفن في القبة إلى جانب الإمام أبي حنيفة رحمهما الله‏.‏

ومسلم الملك شرف الدولة أبو المكارم بن الملك أبي المعالي قريش بن بدران بن مقلَّد العقيلي صاحب الجزيرة وحلب وكان رافضيًا اتسعت ممالكه ودانت له العرب وطمع في الاستيلاء على بغداد عند موت طغرلبك وكان شجاعًا فاتكًا مهيبًا داهية ماكرًا التقى هو والملك سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب الروم على باب أنطاكية فقتل في المصافّ‏.‏

سنة تسع وسبعين وأربعمائة فيها التقي تتش - وسليمان بن قتلمش فقتل سليمان وسارتتش فنازل حلب وخافه أخوه تتش فهرب‏.‏

وفيها وقعة الزلاقة وذلك أن الإّذقونش جمع الجيوش فاجتمع المعتمد ويوسف بن تاشفين أمير المسلمين والمطوّعة فأتوا الزلاّقة من عمل بطليوس فالتقى الجمعان فوقعت الهزيمة على الملاعين وكانت ملحمة عظيمة في أول جمعة من رمضان وجرح المعتمد عدّة جراحات سليمة وطابت

وفيها لما افتتح ملكشاه حلب والجزيرة قدم بغداد وهو أول قدومه إليها ثم خرج وتصيَّد وعمل منارة القرون من كثرة وحشٍ صاد ثم ردّ إلى أصبهان وزّوج أخته زليخا محمد بن مسلم بن قريش العقيلي وأقطعه الرَّحبة وحرّان والرَّقّة وسروج‏.‏

وفيها أعيدت الخطبة العباسية بالحرمين وقطعت خطبة العبيديين‏.‏

وفيها توفي أبو سعد النيسابوري شيخ الشيوخ ببغداد أحمد بن محمد ابن دوست وكان كثير الحرمة في الدولة له رباط مشهور ومريدون وكان نظام الملك يعظّمه‏.‏

وإسماعيل بن زاهر النوقاني النيسابوري الشافعي أبو القاسم الفقيه وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏

روى عن أبي الحسن العلوي وعبد الله بن يوسف وابن محمش وطائفة ولقي ببغداد أبا الحسين بن بشران وطبقته وأملى وأفاد‏.‏

وطاهر بن محمد بن محمد أبو عبد الرحمن الشَّحّامي المستملي والد زاهر روى عن أبي بكر الحيري وطائفة وكان فقيهًا صالحًا ومحدّثًا عارفًا له بصر تام بالشروط توفي في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة‏.‏

وأبو علي التستري علي بن أحمد بن علي البصري السَّقطي راوي السُّنن عن أبي عمر الهاشمي‏.‏

وأبو الحسن علي بن فضّال المجاشعي القيرواني صاحب المصنّفات في العربية والتفسير توفي في شهر ربيع الأول وكان من أوعية العلم تنقل بخراسان وصحب نظام الملك‏.‏

وأبو الفضل محمد بن عبيد الله الصَّرّام النيسابوري الرجل الصالح‏.‏

روى عن أبي نعيم الإسفراييني وأبي الحسن العلوي وطبقتهما‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

ومسند العراق أبو نصر الزَّينبي محمد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي آخر أصحاب المخلّص ومحمد بن عمر الوراق توفي في جمادى الآخرة وله اثنتان وتسعون سنة وأربعة أشهر وكان ثقة خيّرًا‏.‏

سنة إحدى وثمانين وأربعمائة فيها توفي أبو بكر الغورجي أحمد بن عبد الصمد الهروي راوي جامع الترمذي عن الجراحي في ذي الحجة‏.‏

وأبو إسحاق الطيّان إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني القفّال صاحب إبراهيم بن خرشيذ قوله في صفر‏.‏

وأبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام عبد الله بن محمد بن علي بن مت الهروي الصوفي القدوة الحافظ أحد الأعلام في ذي الحجة وله ثمانون M0ن وأشهر سمع من عبد الجبار الجراحي وأبي منصور محمد بن محمد ابن الأزدي وخلق كثير وبنيسابور من أبي سعيد الصيرفي وأحمد السليطي صاحبي الأصم وكان جذعًا في أعين المبتدعة وسيفًا على الجهمية وقد امتحن مرّات وصنّف عدّة مصنفات وكان شيخ خراسان في زمانه غير مدافع‏!‏ وعثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي أبو عمر المزكّي بنيسابور في صفر‏.‏

روى عن أبي نعيم الإسفراييني والحاكم‏.‏

وابن ماجة الأبهري أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني - وأبهر أصبهان قرية وأما أبهر زنجان فمدينة - عاش خمسًا وتسعين وتفرد في الدنيا بجزء لوين عن ابن المرزبان الأبهري‏.‏

سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة فيها سار السلطان ملكشاه بجيوشه من أصبهان وعبر النهر فملك سمرقند بعد قتال وحصار وسار نحو كاشغر فدخل ملكها في الطاعة فرجع إلى خراسان ونكث أهل سمرقند فكر راجعًا إلى سمرقند وجرت أمور طويلة‏.‏

وفيها توفي أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد أبو نصر الحنفي رئيس نيسابور وقاضيها وكان يقال له شيخ الإسلام وكان مبالغًا في التعصب في المذهب فأغرى بعضًا ببعض حتى لعنت الخطباء أكثر الطوائف في دولة طغرلبك فلما مات طغرلبك خمد هذا ولزم بيته مدّة ثم ولي القضاء‏.‏

وأبو إسحاق الحبّال الحافظ إبراهيم بن سعيد النعماني مولاهم المصري عن تسعين سنة سمع أحمد بن ثرثال والحافظ عبد الغني ومنير بن أحمد وطبقتهم‏.‏

وكان يتّجر في الكتب وكانت بنو عبيد قد منعوه من التحديث في أواخر عمره وكان ثقة حجّة صالحًا ورعًا كبير القدر‏.‏

والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن أبي الحديد أبو عبد الله السلمي الدمشقي الخطيب نائب الحكم بدمشق روى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطائفة وعاش ستًّا وستين سنة‏.‏

والقاضي أبو منصور بن شكرويه محمد بن أحمد بن علي الأصبهاني توفي في شعبان وله تسع وثمانون سنة وهو آخر من روى عن أبي علي البغداديّ وابن خرَّشيذ قوله ورحل وأخذ بالبصرة عن أبي عمر القاسمي بعض السنن أو كله وفيه ضعف‏.‏

وأبو الخير محمد بن أحمد بن عبد الله بن ورا الأصبهاني‏.‏

روى عن عثمان البرجي وطبقته والطبسي محمد بن أحمد بن أبي جعفر المحدّث مؤلف كتاب ‏[‏بستان العارفين‏]‏ روى عن الحاكم وطائفة توفي في رمضان وكان صوفيًا عابدًا ثقة صاحب حديث‏.‏

سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة فيها كانت فتنة هائلة لم يسمع بمثلها بين السنّة والرافضة وقتل بينهم عدد كثير وعجز والي البلد واستظهرت السنَّة بكثرة من معهم من أعوان الخليفة واستكانت الشّيعة وذلّوا ولزموا التقيّة وأجابوا إلى أن كتبوا على مساجد الكرخ‏:‏ خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر فاشتدّ البلاءُ على غوغائهم وخرجوا عن عقولهم واشتدّوا فنهبوا شارع ابن أبي عوف ثم جرت أمور مزعجة وعاد القتال حتى بعث صدقة بن مزيد عسكرًا تتبّعوا المفسدين إلى أن فتر الشرّ قليلًا‏.‏

وفيها توفي خواهرزاده الحنفي شيخ الطائفة بما وراء النهر وهو أبو بكر بن محمد بن الحسين البخاري القديدي روى عن منصور الكاغدي وطائفة وبرع في المذهب وفاق الأقران وطريقته أبسسط الأصحاب وكان يحفظها توفي في جمادى الأولى ببخارى‏.‏

وعاصم بن الحسن أبو الحسين العاصمي الكرخي الشاعر المشهور‏.‏

روى عن ابن المتيم وأبي عمر بن مهدي وكان شاعرًا محسنًا ظريفًا صاحب ملح ونوادر مع الصلاح والعفّة والصدق مرض في أواخر عمره فغسل ديوان شعره ومات في جمادى الآخرة عن ستٍ وثمانين سنة‏.‏

وأبو نصر الترياقي عبد العزيز بن محمد الهروي راوي التّرمذي سوى آخر جزء منه عن الجرَّاحي ثقة أديب عاش أربعًا وتسعين سنة‏.‏

وترياق من قرى هراة‏.‏

والتَّفليسي أبو بكر محمد بن إسماعيل بن بن محمد النيسابوري المولد الصوفي المقرئ روى عن حمزة المهلَّبي وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وطائفة ومات في شوال‏.‏

ومحمد بن ثابت الخجندي العلامة أبو بكر الشافعي الواعظ نزيل أصبهان ومدرّس نظاميتها وشيخ الشافعية بها ورئيسها وكان إليه المنتهى في الوعظ توفي في ذي القعدة‏.‏

وأبو نصر محمد بن سهل السرّاج الشاذياخي آخر أصحاب أبي نعيم عبد الملك الإسفراييني روى عن جماعة وكان ظريفًا نظيفًا لطيفًا توفي في صفر عن تسعين سنة‏.‏

وأبو الغنائم بن أبي عثمان محمد بن علي بن حسن الدقاق بغدادي متميز صدوق‏.‏

روى عن أبي عمر بن مهدي وجماعة‏.‏

وفخر الدولة بن جهير الوزير أبو نصر محمد بن محمد بن جهير التغلبي ولي نظر حلب ثم وزر لصاحب ميّافارقين ثم وزر للقائم بأمر الله مدّة ثم ولاّه ملكشاه نيابة ديار بكر توفي بالموصل في ثامن صفر وكان من رجال العالم ودهاة بني آدم‏.‏

سنة أربع وثمانين وأربعمائة فيها استولى يوسف بن تاشفين أمير المسلمين على الأندلس وقبض على المعتمد بن عبّاد وأخذ كل شيء يملكه وترك أولاده فقراء‏.‏

وفيها استولت الفرنج على جزيرة صقلِّيّة‏.‏

وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الرحمن الذكواني الأصبهاني يوم عرفة وله تسعون سنة‏.‏

روى عن جدّه أبي بكر بن أبي علي وعثمان البرجي وطبقتهما وكان ثقة‏.‏

وأبو الحسن طاهر بن مفوّز المعافري الشاطبي تلميذ أبي مر بن عبد البرّ وكان من أئمة هذا الشأن مع الورع والتقى والاستبحار في العلم توفي في شعبان وله خمس وخمسون سنة وكان أخوه عبد الله زاهدًا أهل الأندلس‏.‏

وعبد الملك بن علي بن شغبة أبو القاسم الأنصاري البصري الحافظ الزاهد استشهد بالبصرة وكان يروي جملة من سنن أبي داود عن أبي عمر الهاشمي أملى عدّة مجالس وكان من العبادة والخشوع بمحل‏.‏

وأبو نصر الكركانجي محمد بن أحمد بن علي شيخ المقرئين لمرو ومسند الآفاق في ذي الحجة وله أربع وتسعون سنة وكان إمامًا في علوم القرآن كثير التصانيف متين الديانة انتهى إليه على الإسناد‏.‏

قرأ ببغداد على أبي الحسن الحمَّامي وبحرَّان على الشريف الزيدي وبمصر على إسماعيل بن عمر الحداد وبدمشق والموصل وخراسان‏.‏

وفيها حدَّث أبو منصور المقوِّمي محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم القزويني راوي سنن ابن ماجة عن القاسم بن أبي المنذر توفي فيها أو بعدها عن بضع وثمانين سنة‏.‏

وفي رجب قاضي القضاة أبو بكر النَّاصحي محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابوري روى عن أبي بكر الحيري وجماعة‏.‏

قال عبد الغافر‏:‏ هو أفضل عصره في أصحاب أبي حنيفة وأعرفهم بالمذهب وأوجههم في المناظرة مع حظ وافر من الأدب والطبّ ولم تحمد سيرته في القضاء‏.‏

والمعتصم محمد بن معن بن محمد بن أحمد بن صمادح أبو يحيى التجيبي الأندلسي صاحب المريَّة توفي وجيش ابن تاشفين محاصرون له‏.‏

فيها وقة جيَّان بالأندلس أقبل الإذفونش في جموع عظيمة فالتقاه المسلمون فانهزموا‏.‏

ثم تراجع الناس وثبتوا ونزل النصر فانزم الملاعين‏.‏

وقتل منهم خلق عظيم وكان ملحمةً كبرى‏.‏

وفي عاشر رمضان قتل نظام الملك‏.‏

وفيها أخذت خفاجة ركب العراق وكان الحريق العظيم ببغداد فاحترق من الناس عدد كثير واحترق عدة أسواق كبار من الظهر إلى العصر‏.‏

وفيها توفي أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكّاك محدّث مكة وكان متقنًا حجّة صالحًا‏.‏

روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة وعاش سبعين سنة‏.‏

ونظام الملك الوزير أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي قوام الدين كان من جلَّة الوزراء ذكره أبو سعد السمعاني فقال‏:‏ كعبة المجد ومنبع الجود كان مجلسه عامرًا بالقرّاء والفقهاء أنشأ المدارس بالأمصار ورغب في العلم وأملى وحدَّث وعاش ثمانيًا وسبعين سنة أتاه شاب صوفيّ الشكل من الباطنية ليلة عاشر رمضان فناوله قصّة ثم ضربه بسكين في صدره قضى عليه فيقال إنّ ملكشاه دسّ عليه هذا فالله أعلم‏.‏

وأبو عبد الله بن المرابط قاضي المريّة وعالمها محمد بن خلف بن سعيد الأندلسي روى عن المهلَّب بن أبي صفرة وجماعة وصنّف شرحًا للبخاري وكان رأسًا في مذهب مالك ارتحل

وأبو بكر الشاشي محمد بن علي بن حامد الفقيه شيخ الشافعية وصاحب الطريقة المشهورة والمصنفات المليحة درّس مدّة بغزنة ثم بهراة ونيسابور وحدَّث عن منصور الكاغدي وتفقه ببلاده على أبي بكر السنجي وعاش نيّفا وتسعين سنة‏.‏

توفي بهراة‏.‏

ومحمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي المغامي الطليطلي مقرئ الأندلس أخذ عن أبي عمرو الدَّاني ومكّي بن أبي طالب وجماعة‏.‏

أقرأ الناس مدّة‏.‏

وابو عبد الله البانياسي مالك بن أحمد بن علي بن الفرّاء البغدادي واحترق في الحريق الذكور في جمادى الآخرة له سبع وثمانون سنة وهو آخر من حدَّث عن أبي الحسن بن الصلت المجبر وسمع من جماعة‏.‏

والسلطان ملكشاه أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد ابن داود السلجوقي التركي تملك بلاد ما وراء النهر وبلاد الهياطلة وبلاد الروم والجزيرة والشام والعراق وخراسان وغير ذلك‏.‏

قال بعض المؤرخين‏:‏ ملك من مدينة كاشغر الترك إلى بيت المقدس طولًا ومن القسطنطينية وبلاد الخزر إلى بحر الهند عرضًا وكان حسن السيرة محسنًا إلى الرعية وكانوا يلقّبونه بالسلطان العادل وكان ذا غرامٍ بالعمائر وبالصيد مات في شوال بعد وزيره النظام بشهر فقيل إنه سم في في خلال ونقل في تابوت فدفن بأصبهان في مدرسة كبيرة

سنة ست وثمانين وأربعمائة لما علم تتش بدمشق موت أخيه أنفق الأموال وتوجّه ليأخذ السلطنة فسار معه من حلب قسيم الدولة آقسنقر ودخل في طاعته باغبسان صاحب أنطاكية وبوزان صاحب الرُّها وحرَّان ثم سار فأخذ الرَّحبة في أول سنة ستّ ثم نازل نصيبين فأخذها عنوة وقتل بها خلقًا ثم سار إلى الموصل فالتقاه إبراهيم بن قريش العقيلي في ثلاثين ألفًا وتعرف بوقعة المضيع فانهزموا وأسر إبراهيم فقتله صبرًا وأقرَّ أخاه عليًا على الموصل لأنه ابن عمة تتش ثم أرسل إلى بغداد يطلب تقليدًا وساعده كوهرابين ثم سار فتملّك ميّافارقين وديار بكر وقصد أذربيجان فغلب على بعضها فبادر السلطان بركياروق بن ملكشاه ليدفع عمه تتش فلما تقارب العسكران قال قسيم الدولة آقسنقر لبوزان‏:‏ إنما أطعنا هذا الرجل لننظر ما يكون من أولاد السلطان والآن فقد قام ابنه هذا فينبغي أن نكون معه على تتش فخامرا إليه فضعف تتش وردّ إلى الشام‏.‏

ولم يحجّ ركب العراق وحجّ ركب الشام فنهبهم صاحب مكة محمد بن أبي هاشم ونهبتهم العربان عشر مرات وتوصّل من سلم في حال عجيبة‏.‏

وفيها توفي حمد بن أحمد بن الحسن أبو الفضل الأصبهاني الحداد روى ببغداد وأصبهان عن علي بن ماشاذه وعلي بن عبد كويه وطائفة وروى ‏[‏الحلية‏]‏ ببغداد توفي في جمادى الأولى‏.‏

وسليمان بن إبراهيم الحافظ أبو مسعود الأصبهاني‏.‏

قال السمعاني‏:‏ جمع وصنَّف وخرَّج على الصحيحين وروى عن محمد بن إبراهيم الجرجاني وأبي بكر بن مردويه وخلق ولقي ببغداد أبا بكر المنقِّي وطبقته وقد تكلِّم فيه توفي في ذي القعدة عن تسع وثمانين سنة وشهر ين‏.‏

وأبو الفضل الدقاق عبد الله بن علي بن أحمد بن محمد بن ذكرى البغدادي الكاتب روى عن أبي الحسين بن بشران وغيره وكان صالحًا ثقة‏.‏

والشيخ أبو الفرج الشيرازي الحنبلي عبد الواحد بن علي الواعظ الفقيه القدوة سمع بدمشق من أبي الحسن بن السمسار وأبي عثمان الصابوني وتفقه ببغداد زمانًا على القاضي أبي يعلى ونشر بالشام مذهب أحمد وتخرّج به الأصحاب وكان إمامًا عارفًا بالفقه والأصول صاحب حال وعبادة وتألّهٍ وكان تتش صاحب الشام يعظّمه لأنه كاشفه مرّة توفي في ذي الحجة وفي ذريته مدرسون وعلماء‏.‏

وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف البغدادي الرجل الصالح‏.‏

روى عن أبي الفتح بن أبي الفوارس وأبي الفرج الغوري وبه ختم حديثهما وكان ثقةً مأمونًا خيّرًا‏.‏

وشيخ الإسلام الهكَّاري أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الأموي من ذرية عتبة بن أبي سفيان بن حرب وكان صالحًا زاهدًا ربانيًا ذا وقارٍ وهيبة وأتباع ومريدين رحل في الحديث وسمع من أبي عبد الله بن نظيف الفرّاء وأبي القاسم بن بشران وطائفة‏.‏

قال ابن ناصر‏:‏ توفي في أوّل السنة وقال ابن عساكر‏:‏ لم يكن موثَّقًا في راويته‏.‏

قلت‏:‏ ولد سنة تسع وأربعمائة‏.‏

وأبو الحسن الأنباري علي بن محمد بن محمد بن الأخضر الخطيب في شوال عن أربع وتسعين سنة‏.‏

وكان آخر من حدَّث عن أبي أحمد الفرضي وسمع أيضًا من أبي عمر بن مهدي وطائفة وتفقه لأبي حنيفة وكان ثقة نبيلًا عالي الإسناد‏.‏

وأبو المظفَّر موسى بن عمران الأنصاري النيسابوري مسند خراسان في ربيع الأول وله ثمان وتسعون سنة روى عن أبي الحسن العلوي والحاكم وكان من كبار الصوفية‏.‏

وأبو الفتح نصر بن الحسن التنكتي الشاشي نزيل سمرقند وله ثمانون سنة‏.‏

روى ‏[‏صحيح مسلم‏]‏ عن عبد الغافر وسمع بمصر من الطفَّال وجماعة ودخل الأندلس للتجارة فحدّث بها وكان ثقة‏.‏

وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي أبو القاسم الحافظ محدّث جوّال سمع بخراسان والعراق وفارس واليمن ومصر والشام وحدَّث عن أحمد ابن عبد الباقي بن طوق وأبي جعفر بن المسلمة وطبقتهما ومات كهلًا وكان صوفيًا صالحًا متقشفًا‏.‏

سنة سبع وثمانين وأربعمائة في أوّلها علّمن المقتدي بالله على تقليد السلطان بركياروق وخطب له ببغداد ولقِّب ركب الدين ومات الخليفة من الغد فجأةً ورجع قسيم الدولة آقسنقر ببعض جيش بركياروق فالتقاه تتش بقرب حلب فانهزم الحلبيون وأسر آقسنقر فذبحه تتش صبرًا وساق فحاصر حلب فافتتحها‏.‏

وأسر بوزان وكربوقا فذبح بوزان وبعث برأسه إلى أهل حرّان فسلّموا له البلد ثم سار فأخذ الجزيرة وخلاط وأذربيجان جميعها وكثرت جيوشه واستفحل شأنه فقصده بركياروق فكبس عسكر تتش بركياروق فانهزم ونهبت خزائنه وأثقاله‏.‏

وفيها توفي أبو بكر بن خلف الشيرازي ثم النيسابوري مسند خراسان أحمد بن علي بن عبد الله بن بن عمر بن خلف روى عن الحاكم وعبد الله بن يوسف وطائفة قال عبد الغافر‏:‏ هو شيخنا الأديب المحدّث المتقن الصحيح السماع ما رأينا شيخًا أروع منه ولا أشدّ إتقانًا توفي في ربيع الأول وقد نيَّف على التسعين‏.‏

وآقسنقر قسيم الدولة أبو الفتح مولى السلطان ملكشاه وقيل هو لصيق به وقيل اسم أبيه الترعان لمّا افتتح ملكشاه حلب استناب عليها آفسنقر في سنة ثمانين وأربعمائة فأحسن السياسة وضبط الأمور وتتبّع المفسدين حتى صار دخله من البلد كل يوم ألفًا وخمسمائة دينار‏.‏

ذكرنا أنه أسر في المصاف ثم قتل في جمادى الأولى ودفن بمشهد قريبا مدّة ثم نقله ولده الأتابك زنكي فدفنه بالمدرسة الزجاجية داخل حلب‏.‏

وأبو نصر الحسن بن أسد الفارقي الأديب صاحب النظم والنثر وله الكتاب المعروف في الألغاز توثَّب بميّافارقين على الإمرة ونزل بقصر الإمرة وحكم أيامًا ثم ضعف وهرب ثم قبض عليه وشنق‏.‏

والمقتدي بالله أبو القاسم عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله بن الأمير إسحاق بن المقتدر العباسي بويع بالخلافة بعد جدّه في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وله تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر ومات فجأة في ثامن عشر المحرم عن تسع وثلاثين سنة وبويع بعده ابنه المستظهر بالله أحمد وقيل إن جاريته سمَّته وكان ديّنًا خيرًا أمر بنفي الحواظي والمغنيات من بغداد‏.‏

وكانت الخلافة في أيامه باهرةً وافرة الحرمة‏.‏

وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيِّصي عليّ بن محمد بن علي الفقيه الشافعي الدمشقي الفرضي في جمادى الآخرة وله سبع وثمانون سنة‏.‏

روى عن أبي محمد بن أبي نصر وممد بن عبد الرحمن القطّان والكبار وأدرك ببغداد أبا الحسن الحمَّامي وببلد ابني الصَّيّاح وبمصر أبا عبد الله بن نظيف وكان فقيهًا ثقةً‏.‏

وابن ماكولا الحافظ الكبير الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن علي ابن جعفر العجلي الجرباذقاني ثم البغدادي النسّابة صاحب التصانيف ولم يكن ببغداد بعد الخطيب أحفظ منه ولد بعكبرت سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ووزر أبوه للقائم وولي عمه الحسين قضاء القضاة سمع من أبي طالب بن غيلان وطبقته قال الحميدي‏:‏ ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب وقال‏:‏ حتى أكشفه وما راجعت ابن ماكولا إلا وأجابني حفظًا كأنه يقرأ من كتاب وقال أبو سعد السمعاني‏:‏ كان لبيبا عارفًا ونحوًا مجوّدًا وشاعرًا مبرّزًا‏.‏

قلت‏:‏ اختلف في وفاته على أقوال قتله مماليكه بالأهواز وأخذوا ماله في هذه السنة على بعض الأقوال‏.‏

وأبو عامر الأزدي القاضي محمود بن القاسم بن القاضي أبي منصور محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد المهلَّبي الهروي الفقيه الشافعي راوي ‏[‏جامع الترمذي‏]‏ عن الجرّاحي قال أبو نصر الفامي عديم النظير زهدًا وصلاحًا وعفة ولد سنة أربعمائة وتوفي في جمادى الآخرة رحمه والمستنصر بالله أبو تميم معدّ بن الظاهر علي بن الحاكم منصور بن العزيز بن المعزّ العبيدي الرافضي صاحب مصر وكانت أيامه ستّين سنة وأربعة أشهر وقد خطب له ببغداد في سنة إحدى وخمسين ومات في ذي الحجة عن ثمان وستين سنة وبويع بعده ابنه المستعلي‏.‏

سنة ثمان وثمانين وأربعمائة فيها قامت الدولة على أحمد خان صاحب سمرقند وشهدوا عليه بالزَّندقة والانحلال فأفتى الأئمة بقتله فخنقوه وملّكوا ابن عمه‏.‏

وفيها التقي تتش وابن أخيه بركياروق بنواحي الريّ فانهزم عسكر تتش وقاتل هو حتى قتل واستوثق الأمر لبركياروق وكان رصوان بن تتش قد سار إلى بغداد لينزل بها فلما قارب هيت جاءه نعي أبيه فردَّ ودخل حلب ثم قدم عليه من الوقعة أخوه دقاق فأرسله متولِّي قلعة دمشق الخادم ساوتكين فسار سرًّا من أخيه وتملّك دمشق ثم توصّل طغتكين وبعض جيش تتش فأكرمهم دقاق وتزوج طغتكين بأم دقاق‏.‏

وفيها قدم الغزالي دمشق متزهدًا وصنّف ‏[‏الإحياء‏]‏ وأسمعه بدمشق وأقام بها سنتين ثم حجّ وردَّ إلى وطنه‏.‏

وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون البغدادي الحافظ في رجب عن اثنتين وثمانين سنة وشهر روى عن أبي علي بن شاذان والبرقاني وطبقتهما وكتب مالا يوصف وكان ثقةً ثبتًا صاحب حديث‏.‏

قال أبو منصور بن خيرون كتب عمّي عن أبي علي بن شاذان ألف جزء وقال السِّلفي‏:‏ كان يحيى بن معين وقته‏:‏ رحمه الله‏.‏

وأمير الجيوش بدر الأرمني ولي إمرة دمشق في سنة خمس وخمسين وأربعمائة وانفصل بعد عام ثم وليها والشام كلّه في سنة ثمان وخمسين ثم صار إلى الديار المصرية والمستنصر في غاية الضعف فشدَّ دولته وتصرّف في الممالك وولي وزارة السيف والقلم وامتدَّت أيامه ولما أيس منه ولي الأمر بعده الأفضل توفي في ذي القعدة‏.‏

وتتش السلطان تاج الدولة أبو سعيد بن السلطان ألب أرسلان بن داود بن مكائيل بن سلجوق التركي السلجوقي كان شهمًا شجاعًا مقدامًا فاتكأ واسع الممالك كاد أن يستولي على ممالك أخيه ملكشاه قتل بنواحي الريّ وتملّك بعده ابناه بحلب ودمشق‏.‏

ورزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث الإمام أبو محمد التميمي البغدادي الفقيه الواعظ شيخ الحنابلة قرأ القرآن على أبي الحسن الحمّامي وتقدّم في الفقه والتفسير وألأصول والعربية واللغة وحدّث عن أبي الحسن بن المتيّم وأبي عمر بن مهدي والكبار توفي في

نصف جمادى الأوّل عن ثمان وثمانين سنة‏.‏

قال أبو علي ابن سكرة‏:‏ قرأت عليه ختمة لقالون وكان كبير بغداد وجليلها وكان يقول‏:‏ كل الطوائف تدَّعيني‏.‏

وأبو يوسف القزويني عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار شيخ المعتزلة وصاحب التفسير الكبير الذي هو أزيد من ثلاثمائة مجلد درس الكلام على القاضي عبد الجبار بالريّ وسمع منه ومن أبي عمر بن مهدي الفارسي وتنقل في البلاد ودخل مصر وكان صاحب كتب كثيرة وذكاء مفرط وتبحُّرٍ في المعارف واطلاع كثير إلاّ أنه كان داعيةً إلى الاعتزال مات في ذي القعدة وله خمس وتسعون سنة وأشهر‏.‏

وأبو الحسن الحصري المقرئ الشاعر نزيل سبتةّ علي بن عبد الغني الفهري وكان مقرئًا محققًا وشاعرًا مفلقًا مدح ملوكًا ووزراء‏.‏

والمعتمد على الله أبو القاسم محمد بن المعتضد عبّاد بت القاضي محمد ابن إسماعيل اللَّخمي الأندلسي صاحب الأندلس كان ملكًا جليلًا وعالمًا ذكيًا وشاعرًا محسنًا وبطلًا شجاعًا وجوادًا ممدّحًا كان بابه محطَّ الرِّحال وكعبة الآمال وشعره في الذروة العليا ملك من الأندلس من الرِّحال وكعبة الآمال وشعره في الذروة العليا ملك من الأندلس من المدائن والحصون والمعاقل مائة وثلاثين مسوّرًا وبقي في المملكة نيِّفًا وعشرين سنة وقبض عليه أمير المسلمين ابن تاشفين لمّا قهره وغلب على ممالكه وسجنه بأغمات حتى مات في شوال بعد أربع سنين من زوال ملكه وخلع من ملكه عن ثمانمائة سربَّة ومائة وثلاثة وسبعين ولدًا وكان راتبه في اليوم ثمانمائة رطل لحم‏.‏

ومحمد بن علي بن أبي صالح البغوي الدبّاس آخر من روى ‏[‏الترمذي‏]‏ عن الجرّاحي توفي ببغشور في ذي القعدة وكان من الفقهاء‏.‏

وقاضي القضاة الشامي أبو بكر محمد بن المظفر بن بكران الحموي الشافعي كان من أزهد القضاة وأورعهم وأتقاهم لله وأعرفهم بالمذهب ولد بحماة سنة أربعمائة وسمع ببغداد من عثمان بن دوست وطائفة وولي بعد أبي عبد الله الدَّامغاني وكان من أصحاب القاضي أب الطيّب الطبري لم يأخذ على القضاء رزقًا ولا غيَّر ملبسه كان له كارك في الشهر بدينار ونصف يتقنع به قال أبو علي بن سكّرة‏:‏ أما العلم فكان يقال‏:‏ لو رفع المذهب أمكنه أن يمليه من صدره‏.‏

قلت‏:‏ تفي في عاشر شعبان رحمه الله‏.‏

وأبو عبد الله الحميدي محمد بن أبي نصر فتّوح ابن عبد الله بن فتّوح ابن حميد بن يصل الميورقي الأندلسي الحافظ العلامة مؤلف ‏[‏الجمع بين الصحيحين‏]‏ توفي في ذي الحجة عن نحو سبعين سنة وكان أحد أوعية العلم صحب أبا محمد بن حزم مدّة بالأندلس وابن عبد البرّ ورحل في حدود الخمسين وسمع بالقيروان والحجاز ومصر والشام والعراق وكتب عن خلق كثير وكان ظاهريّ المذهب دؤوبًا على طلب العلم كثير الاطلاع ذكيًا فطنًا صيِّنًا ورعًا أخباريًا متفنِّنًا كثير التصانيف حجة ثقة رحمه الله‏.‏

ونجيب بن ميمون أبو سهل الواسطي ثم الهروي روى عن أبي علي الخالدي وجماعة وعاش بضعًا وتسعين سنةً‏.‏

سنة تسع وثمانين وأربعمائة فيها حاصر كربوقًا الموصل تسعة أشهر وأخذها وفارقها صاحبها إبراهيم فسار إلى الأمير صدقة ملك العرب‏.‏

وفيها توفي أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني الكرجي ثم البغدادي في ربيع الآخر وله ثلاث وسبعون سنة تفرَّد بسنن سعيد بن منصور عن أبي علي بن شاذان وكان صالحًا زاهدًا منقبضًا عن الناس ثقةً حجَّة حسن السيرة‏.‏

وأبو منصور الشِّيحي عبد المحسن بن محمد بن علي البغدادي المحدّث التاجر السفّار‏.‏

روى عن ابن غيلان والعتيقي وطبقتهما ولد سنة إحدى وعشرين وسمع بدمشق ومصر والرحبة وكتب وحصّل الأصول‏.‏

وعبد الملك بن سراج أبو مروان الأموي مولاهم القرطبي لغويّ الأندلس بلا مدافعة توفي في ذي الحجة عن تسعين سنة‏.‏

روى عن يونس بن مغيث ومكِّي بن أبي طالب وطائفة وكان من أوعية العلم‏.‏

وأبو عبد الله الثقفي القاسم بن الفضل بن أحمد رئيس أصبهان ومسندها عن اثنتين وتسعين سنة‏.‏

روى عن محمد بن إبراهيم الجرجاني وابن محمش وطبقتهما بأصبهان ونيسابور وبغداد والحجاز‏.‏

وأبو بكر بن الخاضبة محمد بن أحمد بن عبد الباقي البغدادي الحافظ مفيد بغداد‏.‏

روى عن أبي بكر الخطيب وابن المسلمة وطبقتهما ورحل إلى الشام وسمع من طائفة وكان محبّبًا إلى الناس كلهم لدينه وتواضعه ومروءته ومسارعته في قضاء حوائج الناس مع الصِّق والورع والصيانة التامة وطيب القراءة‏.‏

قال ابن طاهر‏:‏ ما كان في الدنيا أحدٌ أحسن قراءة للحديث منه‏.‏

وقال أبو الحسن الفصيحي‏:‏ ما رأيت في المحدّثين أقوم باللغة من ابن الخاضبة توفي في ربيع الأول وشيَّعه خلائق‏.‏

وابو عبد الله العميري محمد بن علي بن محمد الهروي العبد الصالح في المحرم وله إحدى وتسعون سنة وأوّل سماعه سنة سبع وأربعمائة وقد رحل إلى نيسابور وبغداد وروى عن أبي بكر الحيري وطبقته وكان من أولياء الله تعالى قال الدقّاق‏:‏ ليس له نظير بهراة‏.‏

قال أبو النصر الفامي‏:‏ توحّد عن أقرانه بالعلم والزهد في الدنيا وإتقان في الرواية والتجرد من الدنيا‏.‏

وأبو المظفّر السمعاني منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي المروزي العلامة الحنفي ثم الشافعي برع على والده أبي منصور في المذهب وسمع أبا غانم الكراعي وطائفة ثم تحوّل شافعيًا وصنّف التصانيف وخرّج له الأصحاب توفي في ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة‏.‏

سنة تسعين وأربعمائة فيها قتل أرسلان أرغون بن السلطان ألب أرسلان السلجوقي صاحب مرو وبلخ ونيسابور وترمذ وكان جبّارًا عنيدًا قتله غلام له وكان بركياروق قد جهّز الجيش مع أخيه سنجر لقتال عمه أرغون فبلغهم قتله بالدامغان فلقيهم بركياروق وسار فتسلّم نيسابور وغيرها بلا قتال ثم تسلّم بلخ وخطبوا له بسمر قند ودانت له الممالك واستخلف سنجر على خراسان وكانن حدثًا فرتّب في خدمته من يسوس المملكة واستعمل على خوارزم محمد بن أنشتكين مولى الأمير ملكايل السلجوقي ولقّبه خوارزم شاه وكان عادلًا محبًّا للعلماء وبعده ولي ابنه أتسز‏.‏

وفيها التقى الأخوان دقاق ورضوان ابنا تتش بقنّسرين فانكسر دقاق ونهب عسكره ثم تصالحا على أن أن يقدّم أخاه في الخطبة بدمشق‏.‏

وفيها أقام رضوان بحلب دعوة العبيدين وخطب للمستعلي برأي منجمه أسعد الباطني ثم بعد شهر أنكر عليه صاحب أنطاكية وغيره فأعاد الخطبة العباسيّة‏.‏

وفيها خرجت الفرنج بجموعها ونازلت باغي سان بأنطاكية ووصلوا إلى فامية وكفرطاب واستباحوا تلك النواحي‏.‏

وفيها توفي أبو يعلى العبدى أحمد بن محمد بن الحسن البصري الفقيه ويعرف بابن الصوّاف شيخ مالكية العراق وله تسعون سنة‏.‏

تفقّه على القاضي على ابن هارون وحدّث عن البرقاني وطائفة وكان علامة زاهدًا مجدًّا في العبادة عارفًا بالحديث‏.‏

قال بعضهم‏:‏ كان إمامًا في عشرة أنواع من العلم توفي في رمضان بالبصرة‏.‏

وأبو نصر السمسار عبد الرحمن بن محمد الأصبهاني توفي في المحرم وهو آخر من حدّث عن محمد بن إبراهيم الجرجاني‏.‏

وأبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبدوس رئيس همذان ومحدّثها‏.‏

أجاز له أبو بكر بن لال وسمع محمد بن أحمد بن حمدويه الطوسي والحسين بن فتحويه مات في جمادى الآخرة عن خمس وتسعين M0ن‏.‏

روى عنه أبو زرعة‏.‏

والفقيه نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي النابلسي أبو الفتح الزاهد شيخ الشافعية بالشام وصاحب التصانيف كان إمامًا علامة مفتيًا محدّثًا حافظًا زاهدًا متبتلًا ورعًا كبير القدر عديم النظير سمع بدمشق من عبد الرحمن بن الطبيز وأبي الحسن بن السمسار وطائفة وبغزّة من محمد بن جعفر الميماسي وبآمد وصور والقدس وآمل وصنّف‏.‏

وكان يقتات من غلّة تحمل إليه من أرض له بنابلس وهو بدمشق فيخبز له كل ليلة قرصة في جانب الكانون‏.‏

عاش أكثر من ثمانين سنة وتوفي يوم عاشوراء‏.‏

ويحيى بن أحمد السيبي أبو القاسم القصري المقرئ ببغداد وله مائة وسنتان‏.‏

قرأ القرآن على أبي الحسن الحمّامي وسمع أبا الحسن بن الصَّلت وأبا الحسين بن بشران وجماعة ختم عليه خلق وكان خيّرًا ثقة توفي في ربيع الآخر وكان يمشي ويتصرّف في مصالحه في هذا السنّ‏.‏

سنة إحدى وتسعين وأربعمائة

في جمادى الأولى ملكت الفرنج أنطاكية بالسيف ونجا صاحبها باغي سيان في ثلاثين فارسًا ثم ندم حتى غشي عليه من الغمّ فأركبوه فلم يتماسك فتركوه ونجوا فعرفه أرمني حطّاب فقطع رأسه وحمله إلى ملك الفرنج وعظم المصاب على المسلمين برواح أنطاكية وأهلها ثم أخذت الفرنج المعرّة وكفرطاب بالسيف ثم تجمع عساكر الجزيرة والشام فعملوا مع الفرنج مصافًّا فتخاذلوا وهزمتهم الفرنج‏.‏

وفيها توفي أبو العباس أحمد بن عبد الغفار بن أشتة الأصبهان‏.‏

روى عن علي بن ميلة وأبي سعيد النقاش وطائفة وعاش اثنتين وثمانين سنة‏.‏

وسهل بن بشر أبو الفرج الإسفراييني ثم الدمشقي الصوفي المحدّث سمع بدمشق من ابن سلوان وطائفة وبمصر من الطفال وطبقته ولد ببسطام في سنة تسع وأربعمائة ومات بدمشق في ربيع الأول‏.‏

وطرّاد بن محمد بن علي النقيب الكامل أبو الفوارس الهاشمي العباسي الزينبي البغدادي نقيب النقباء ومسند العراق‏.‏

روى عن هلال الحفّار وابن رزقويه وأبي نصر النرسي وجماعة وأملى مجالس كثيرة وازدحموا عليه ورحلوا إليه وكان أعلى الناس منزلة عند الخليفة توفي في شوال وله ثلاث وتسعون سنةً‏.‏

وأبو الحسن الكرجي مكي بن منصور بن محمد بن علان الرئيس السلار نائب الكرج ومعتمدها توفي بأصبهان في جمادي الأولى عن بضع وتسعين سنة رحل وسمع من الحيري والصيرفي وأبي الحسين بن بشران وجماعة‏.‏

وكان محمود السيرة وافر الحرمة‏.‏

وهبة الله بن عبد الرزاق أبو الحسن الأنصاري البغدادي رئيس جليل خيّر توفي في ربيع الآخر عن تسع وثمانين سنة‏.‏

روى عن هلال وجماعة وهو آخر من حدَّث عن أبي الفضل عبد الواحد التميمي‏.‏

سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة فيها انتشرت دعوة الباطنية بأصبهان وأعمالها وقويت شوكتهم وأخذت الفرنج لعنهم الله بيت المقدس بكرة يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان بعد حصار شهر ونصف‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ قتلت الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفًا‏.‏

وفيها ابتداء دولة محمد بن السلطان ملكشاه وكان أخوه بركياروق أقطعه كنجه فكبر وطلع شهمًا شجاعًا مهيبًا فتسارعت إليه العساكر فسار إلى الريّ فتملكها فسار إلى خدمته سعد الدولة كوهرايين فاحترمه وولاه نيابة بغداد فجاء وأقام بها الخطبة لمحمد‏.‏

ولقّبوه غياث وفيها توفي أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي اليوسفي ثقة جليل القدر‏.‏

روى عن أبي علي بن شاذان وطبقته توفي في شعبان وله إحدى وثمانون سنة‏.‏

وأبو القاسم الخليلي أحمد بن محمد الدُّهقان عن مائة سنة وسنة وسنة حدَّث ببلخ بمسند الهيثم بن كليب عن أبي القاسم الخزاعي عنه توفي في صفر‏.‏

وأبو تراب المراغي عبد الباقي بن يوسف نزيل نيسابور‏.‏

قال السمعاني‏:‏ عديم النظير في فنه بهيّ المنظر سليم النفس عاملٌ بعلمه نفّاعٌ للخلق فقيه النفس قويّ الحفظ تفقه ببغداد على أبي الطيّب الطبري وسمع أبا علي بن شاذان توفي في ذي القعدة وله إحدى وتسعون سنة‏.‏

والخلعي القاضي أبو الحسن علي بن الحسن المصري الفقيه الشافعي وله ثمان وثمانون سنة سمع عبد الرحمن بن عمر النحاس وأبا سعد الماليني وطائفة وانتهى إليه علوّ الإسناد بمصر قال ابن سكّرة‏:‏ فقيه له تصانيف ولي القضاء وحكم يومًا واستعفى وانزوى بالقرافة توفي في ذي الحجة‏.‏

قلت‏:‏ وكان يوصف بدين وعبادة‏.‏

وأبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أيوب البزاز ببغداد وتوفي يوم عرفة عن اثنتين وثمانين سنة‏.‏

روى عن أبي علي بن شاذان والحرفي‏.‏

ومكّي بن عبد السلام وأبو القاسم بن الرميلي المقدسي الحافظ أحد من استشهد بالقدس رحل وجمع وغني بهذا الشأن وكان ثقة متحريًا‏.‏

روى عن محمد بن يحيى بن سلوان المازني وأبي عثمان بن ورقا وعبد الصمد بن المأمون وطبقتهم‏.‏

وعاش ستين سنة‏.‏

سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة فيها قدم السلطان بركياروق بغداد وفي خدمته صاحب الحلَّة صدقة بن مزيد فأعيدت خطبته ولم يؤاخذ كوهرايين ثم سار بالعساكر فالتقى هو وأخوه محمد فانهزم جيش بركياروق وسار في خمسين فارسًا فدخل خراسان فالتقاه أخوه سنجر فانهزم الجمعان وذلك من أغرب الاتفاق فسار بركياروق إلى جراجان ثم دخل البريّة وطلب أصبهان فسبقه أخوه محمد إليها‏.‏

وفيها لقي كمشتكين بن الدانشمند صاحب ملطية وسيواس الفرنج بقرب ملطية فكسرهم ‏,‏ اسر ملكهم بيمند ووصل في البحر سبعة قوامص فأخذوا قلعة أنكوريّة وقتلوا أهلها‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ فالتقاهم ابن الدانشمند فلم يفلت أحد من الفرنج سوى ثلاثة آلاف هربوا في الليل قال‏:‏ وكانوا ثلاثمائة ألف‏.‏

وفيها توفي العبّاداني أبو طاهر جعفر بن محمد القرشي البصري روى عن أبي عمر الهاشمي أجزاء ومجالس وكان شيخًا صالحًا أميًا معمّرًا‏.‏

والنعالي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة البغدادي الحمّامي رجل عاميّ من أولاد المحدّثين عمَّر دهرًا وانفرد بأشياء‏.‏

روى عن أبي عمر بن مهدي وأبي سعد الماليني وطائفة‏.‏

توفي في صفر‏.‏

وسليمان بن عبد الله بن الفتى أبو عبد الله النَّهراوني النحوي اللغوي صاحب التصانيف من ذلك كتاب ‏[‏القانون‏]‏ في اللغة عشر مجلدات وكتاب في ‏[‏التفسير‏]‏ تخرّج به أهل أصبهان وروى عن أبي طالب بن غيلان وغيره وهو والد الحسن مدرس النظامية‏.‏

وعبد الله بن جابر بن ياسين أبو محمد الحنّائي الحنبلي تفقه على القاضي أبي يعلى وروى عن أبي علي بن شاذان وكان ثقة نبيلًا‏.‏

وعبد القاهر بن عبد السلام أبو الفضل العباسي النقيب المكّي المقرئ أخذ القرءات عن أبي عبد الله الكاريني وتصدّر للإقراء ببغداد‏.‏

وأبو الفضل عبد الكريم بن المؤمّل السلمي الكفرطابي ثم الدمشقي البزاز‏.‏

روى جزءًا عن عبد الرحمن بن أبي نصر‏.‏

وعميد الدولة أبو منصور محمود بن فخر الدولة محمد بن محمد بن جهير الوزير وزر للمقتدي بالله سنة اثنتين وسبعين ثم عزل بعد خمس سنين بالوزير أبي شجاع ثم وزر سنة أربع وثمانين وإلى أن مات‏.‏

وكان رئيسًا كافيًا شجاعًا مهيبًا فصيحًا مفوّهًا أحمق صودر قبل موته وحبس ثم قتل سرًّا‏.‏

سنة أربع وتسعين وأربعمائة فيها التقى الأخوان بركياروق ومحمد فانهزم محمد وأسر وزيره مؤيد الملك وذبح ووصل محمد إلى جرجان فبعث له أخوه سنجر أموالًا وكسوة ثم تعاهدا وأما بركياروق فصار في مائة ألف فأذن لعسكره في التفرق للغلاء وبقي في عسكر قليل فقصده أخواه ففرّ إلى همذان ونقصت بذلك حرمته ثم فرّ إلى خوزستان وهو في خمسة آلاف ضعفاء جياع فدخل بغداد وتمرّض ومدَّ جنده أيديهم إلى أموال الرعية فوصل سنجر ومحمد إلى بغداد فتقهقر بركياروق إلى واسط وهو مريض وأكثر من معه مجمعة وفي هذا الوقت كثرت الباطنية بالعراق والجبل وزعيمهم الحسن بن الصبَّاح فملكوا القلاع وقطعوا السبل وأهمّ الناس شأنهم واستفحل أمرهم لاشتغال أولاد ملكشاه بنفوسهم‏.‏

وفيها حاصر كندفري - الذي أخذ القدس - عكّا فأصابه سهم قتله فسار أخوه بغدوين إلى القدس فاتفق دقاق بن تتش صاحب دمشق وجناح الدولة صاحب حمص وكسروا الفرنج‏.‏

وفيها أخذت الفرنج حيفا وأرسوف بالأمان وأخذت سروج بالسيف ثم أخذوا قيسارية بالسبف‏.‏

وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات الدمشقي روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر وجماعة ولكنه رافضيّ معتزلي وله كتب موقوفة بجامع دمشق‏.‏

وأبو الفرج الزاز شيخ الشافعية بخراسان عبد الرحمن بن أحمد السرخسي ثم المروزي تلميذ القاضي حسين وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب وورعه إليه المنتهى عاش نيفًا وستين سنة‏.‏

وعبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم القشيري أبو سعيد‏.‏

وكان صالحًا عالمًا كثير الفضل‏.‏

روى عن علي بن محمد الطرازي وجماعة وسماعه حضور في الرابعة من الطرازي‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وأبو الحسن المديني علي بن أحمد بن الأخرم النيسابوري المؤذِّن الزاهد أملى مجالس عن أبي

وعزيري بن عبد الملك أبو المعالي الجيلي القاضي شيذلة شيخ الوعاظ بالعراق مؤلف كتاب ‏[‏مصارع العشاق‏]‏ توفي في صفر‏.‏

ونصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر أبو الخطاب البزاز مسند بغداد روى عن أبي محمد بن البيِّع وابن رزقويه وطائفة توفي في ربيع الأول عن ست وتسعين سنة وكان صحيح السماع انفرد بالرواية عن جماعة‏.‏

سنة خمس وتسعين وأربعمائة فيها تم مصافّ ثالث بين بركياروق وأخيه محمد وكان سنجر قد ردّ إلى خراسان فالتقيا ومع كل واحد أربعة آلاف ولم يجر بينهما كبير قتال وتصالحا ثم جرى بينهما مصاف رابع بعد شهرين فانهزم محمد ونهبت خزائنه ولكن لم يقتل غير رجل واحد وسار فدخل أصبهان في سبعين فارسًا فحصنّها فنازله بركياروق واشتد القحط إلى الغاية وتعثّر الناس ثم خرج محمد في مائة وخمسين فارسًا فنجا وقاتل أهل البلد حتى عجز بركياروق وترحّل عنهم إلى همذان‏.‏

وفيها نازلت الفرنج اطرابلس‏.‏

وفيها توفي المستعلي بالله أبو القاسم أحمد بن المستنصر بالله معدّ بن الظاهر علي بن الحاكم منصور العبيدي صاحب مصر ولي الأمر بعد أبيه ثمان سنين ومات في صفر وله تسع وعشرون سنة وفي أيامه انقطعت دولته من الشام واستولى عليها الأتراك والفرنج ولم يكن له مع الأفضل حلّ ولا ربط بل كان الأفضل أمير الجيوش هو الكلّ وفي أيامه هرب أخوه نزار الذي تنسب إليه الدعوة النزارية بقلعة الألموت فدخل الاسكندرية وبايعه أهلها وساعده قاضيها ابن عمار ومتولِّيها أفتكين فنازلهم الأفضل فبرز لحربه أفتكين وهزمه ثم نازلهم ثانيًا وظفر بهم ورجع إلى القاهرة بأفتكين ونزار فذبح أفتكين وبنى على نزار حائطًا فهلك‏.‏

وأبو العلا صاعد بن سيّار الكناني قاضي القضاة بهراة روى عن أبي سعيد الصيرفي والطرازي وطائفة‏.‏

وسعيد بن هبة الله أبو الحسن شيخ الأطباء بالعراق وكان صاحب تصانيف في الفلسفة والطب والمنطق وله عدّة أصحاب‏.‏

وعبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري الوركي الفقيه‏.‏

قال السمعاني‏:‏ عمّر مائة وثلاثين سنةً وكتب إملاءً عن أبي ذرّ عمار بن محمد صاحب يحيى بن محمد ابن صاعد زرت قبره بوركة على فرسخين من بخارى‏.‏

قلت‏:‏ ما كان في الدنيا له نظير في علوّ الإسناد ولم يضعّفه أحد‏.‏

وأبو عبد الله الكامخي محمد بن أحمد بن محمد الساوي‏.‏

روى عن أبي بكر الحيري وهبة الله اللالكائي وطائفة توفي فيها ظنًا‏.‏

وأبو ياسر الخياط محمد بن عبد العزيز البغدادي رجل خيِّر روى عن أبي بكر أبي علي بن شاذان وجماعة وتوفي في جمادى الآخرة‏.‏

سنة ست وتسعين وأربعمائة فيها كان المصافُّ الخامس على باب خويّ بين الأخوين فانهزم محمد إلى ناحية خلاط‏.‏

وفيها سار دقاق صاحب دمشق فأخذ الرحبة وتسلم حمص بعد موت صاحبها جناح الدولة المتوفي عام أول‏.‏

وفيها حصرت المصريون يافا وبها الفرنج فالتقوهم‏.‏

انكسرت الفرنج وقتل منهم خلق وأسر خلق‏.‏

وفيها توفي ابن سوار مقرئ العراق أبو طاهر أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار مصنف ‏[‏المستنير‏]‏ في القراءات كان ثقة مجودًا أقرأ خلقًا وسمع الكثير وحدّث عن ابن غيلان وطبقته‏.‏

وأبو داود سليمان بن نجاح الأندلسي مولى المؤيد بالله الأموي مقرئ الأندلس وصاحب أبي عمرو الدَّاني وهو أنبل أصحابه وأعلمهم ‏,‏ أكثرهم تصانيف توفي في رمضان عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏

وأبو الحسن بن الرُّوش علي بن عبد الرحمن الشاطبي المقرئ قرأ القراءات على أبي عمرو الدَّاني وسمع من ابن عبد البرّ توفي في شع بان‏.‏

وأبو الحسين بن البيَّار يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد المرسي قرأ على أبي عمرو الدَّاني ومكي‏.‏

قال ابن بشكوال‏:‏ لقي بمصر القاضي عبد الوهاب وأخذ عنه كتابه ‏[‏التلقين‏]‏ وأقرأ الناس وعمر وأسنّ وسمعت بعضهم ينسبه إلى الكذب توفي في المحرم وقد اختلط في آخر عمره وعاش تسعين سنة‏.‏

وأبو العلاء محمد بن عبد الجبّار الفرساني الأصبهاني روى عن أبي بكر بن أبي العلاء المعدّل وجماعة‏.‏

والفانيذي أبو سعد الحسين بن الحسين البغدادي روى عن أبي علي بن شاذان توفي في شوال‏.‏

وأبو ياسر محمد بن عبيد الله بن كادش الحنبلي المحدّث كتب الكثير وتعب وكان قارئ أهل

وأبو البركات محمد بن المنذر بن طيبان - لا طبيان - الكرخي المؤدِّب كذبه ابن ناصر‏.‏

وقد روى عن عبد الملك بن بشران ومات في صفر‏.‏

سنة سبع وتسعين وأربعمائة فيها اصطلح بنو ملكشاه وكان يخطب بخراسان كلها لسنجر ويسمى أخوه محمد في الخطبة واستقر بركياروق على الري وطبرستان وفارس والجزيرة والحرمين وخطب له بهذه البلاد واستقرّ محمد على العراق وأذربيجان وأرمينية وأصبهان‏.‏

وفيها أخذت الفرنج جبيل صلحًا ونكثوا وأخذوا عكا بالسيف وهرب متولِّيها زهر الدولة بنا الجيوشى في البحر ونازلت الفرنج حران فالتقاهم سقمان ومعه عشرة آلاف فانهزموا وتبعتهم الفرنج فرسخين ثم نزل النصر وكرَّ المسلمون فقتلوهم كيف شاءوا وكان فتحًا عظيمًا‏.‏

وفيها توفي أبو ياسر أحمد بن بندار البقال أخو ثابت روى عن بشرى الفاتني وطائفة ومات في رجب‏.‏

وأبو بكر الطريثيثي أحمد بن علي بن حسين بن زكريا ويعرف بابن زهيرًا الصوفي البغدادي من أعيان الصوفية ومشاهيرهم روى عن أبي الفضل القطّان‏.‏

واللاّلكائي وطائفة وهو ضعيف عاش ستًّا وثمانين سنة‏.‏

وأبو علي الجاجرمي إسماعيل بن علي النيسابوري الزاهد القدوة الواعظ وله إحدى وتسعون سنة‏.‏

روى عن أبي عبد الله بن باكويه وعدّة‏.‏

وابو عبد الله بن البسري الحسين بن علي بن أحمد بن محمد بن البندار البغدادي توفي في جمادى الآخرة وله ثمان وثمانون سنة‏.‏

قال السِّلفي‏:‏ لم يرو لنا عن عبد الله بن يحى السكّري سواه‏.‏

ودقاق شمس الملوك أبو نصر بن تاج الدولة تتش ابن السلطان ألب أرسلان السلجوقي صاحب دمشق ولي دمشق بعد أبيه عشر سنين ومرض مدة ومات في رمضان وقيل سمّوه في عنب ودفن بخانكاة الطواويس وأقام أتابكه طغتكين في السلطنة ولدًا طفلًا لدقاق وقيل بل أقدم طغتكين ألتاش أخاد قاق - وكان مسجونًا ببعلبك - وسلطنة فبقي ثلاثة أشهر وتحيّل من طغتكين فذهب بجهله إلى بغدوين صاحب القدس لكي ينصره فلم يلو عليه فتوجّه إلى الشرق وهلك‏.‏

وأبو ياسر الطباخ طاهر بن أسد الشيرازي ثم البغدادي المواقيتي‏.‏

روى عن عبد الملك بن

وأبو مسلم السمناني عبد الرحمن بن عمر شيخ بغدادي روى عن أبي علي بن شاذان ومات في المحرم‏.‏

وأبو الخطاب بن الجرّاح علي بن عبد الرحمن بن هارون البغدادي الشافعي المقرئ الكاتب الرئيس‏.‏

روى عن عبد الملك بن بشران وكان لغويّ زمانه له منظومة في القراءات توفي في ذي الحجة وقد قارب التسعين‏.‏

وابو مكتوم عيسى بن الحافظ أبي ذرّ عبد بن أحمد الهروي ثم السروي الحجازي ولد سنة خمس عشرة بسراة بني شبابة وروى عن أبيه ‏[‏صحيح البخاري‏]‏ وعن أبي عبد الله الصنعاني جملة من تواليف عبد الرزّاق‏.‏

وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد المديني المصري الأصل الصحّاف الناسخ والصحاف الناسخ عاش بضعًا وتسعين سنة وانتهى إليه علوّ الإسناد بأصبهان‏.‏

روى عن أبي بكر بم مردويه والنقّاش وابن عقيل الباروديّ وطائفة‏.‏

وأبو عبد الله بن الطلاع محمد بن فرح مولى محمد بن يحيى بن الطلاّع القرطبي المالكيّ مفتي الأندلس ومسندها وله ثلاث وتسعون سنة‏.‏

روى عن يونس بن مغيث ومّكيّ القيسي وخلق وكان رأسًا في العلم والعمل قوَّالًا بالحق‏.‏

سنة ثمان وتسعين وأربعمائة فيها توفي بركياروق واستولى أخوه محمد بن ملكشاه على ممالكه‏.‏

وفيها التقى رضوان بن تتش والفرنج فانكسر المسلمون وأصيبوا وأخذت الفرنج حصن أرتاح‏.‏

وفيها قدم المصريون في خمسة آلاف ونجدهم طغتكين بألفين فالتقوا بقرب عسقلان وثبت الجمعان حتى قتل من المسلمين فوق الألف ومن الفرنج مثلهم ثم تحاجزوا وتوادعوا الحرب‏.‏

وفيها توفي الحافظ أبو علي البرداني أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي عن اثنتين وسبعين سنة في شوال روى عن ابن غيلان وأبي الحسن القزويني وطبقتهما‏.‏

وكان بصيرًا بالحديث محققًا حجة‏.‏

وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني روى عن أبي بكر بن أبي علي وطائفة وكان ثقة نبيلًا حدّث قديمًا‏.‏

وبركياروق‏:‏ السلطان ركن الدين أبو المظفر بن السلطان ملكشاه السلجوقي تملّك بعد أبيه وجرت له حروب وفتن مع أخيه على السلطنة وعاش ستًّا وعشرين سنة وكانت دولته ثلاث

وثابت بن بندار أبو المعالي البقال المقرئ ببغداد روى عن أبي علي بن شاذان وطبقته وهو ثقة فاضل توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وابو عبد الله الطبري الحسين بن علي الفقيه الشافعي محدّث مكّة في شعبان واه ثمانون سنة‏.‏

روى صحيح مسلم عن عبد الغافر بن محمد وكان فقيهًا مفتيًا تفقه على ناصر بن الحسين العمري وجرت له فتن وخطوب مع هيّاج بن عبيد وأهل السنَّة وكان عارفًا بمذهب الأشعري‏.‏

وأبو علي الغسَّاني الحسين بن محمد الجيَّاني الأندلسي الحافظ أحد أركان الحديث بقرطبة‏.‏

روى عن حكم الجذامي وحاتم بن محمد وابن عبد البرّ وطبقتهم وكان كامل الأدوات في الحديث علامة في اللغة والشعر والنسب حسن التصنيف توفي في شعبان عن اثنتين وسبعين سنة وأصابته في الآخر زمانه‏.‏

وسقمان بن أرتق بن أكسب التركماني صاحب ماردين وجدّ ملوكها كان أميرًا جليلًا فارسًا موصوفًا حضر عدّة حروب توفي بالشام‏.‏

ومحمد بن أحمد بن محمد بن قيداس أبو طاهر التوثي الحطاب سمع أبا علي بن شاذان والحرفي وأجاز له أبو الحسين بن بشران توفي في المحرم‏.‏

ومحمد بن عبد السلام الشريف أبو الفضل الأنصاري البزاز بغدادي جليل صالح‏.‏

روى عن البرقاني وابن شاذان وتوفي في ربيع الآخر‏.‏

ونصر الله بن أحمد بن عثمان أبو علي الخشنامي النيشابوري ثقة صالح عالي الإسناد روى عن أبي عبد الرحمن السلمي والحيري وطائفة‏.‏

سنة تسع وتسعين وأربعمائة فيها ظهر بنهاوند رجل ادعّى النُّبوّة وكان ساحرًا صاحب مخاريق فتبعه خلق وكثرت عليهم الأموال وكان لا يدّخر شيئًا فأخذ وقتل ولله الحمد‏.‏

وفيها ظفر طغتكين بالفرنج مرتين فأسر وقتل وزيّنت دمشق‏.‏

وفيها أخذت الفرنج حصن فامية وأما طرابلس ففتحت الحصار والمسلمون يخرجون منها وينالون من الفرنج فمرض ملكهم صنجيل ومات وحمل فدفن بالقدس وأقامت الفرنج غيره‏.‏

وفيها مات أبو القاسم عبد الله بن علي بن إسحاق الطُّوسي أخو نظام الملك سمع أبا حسان المزكّي وأبا جفص بن مسرور وعاش خمسًا وثمانين سنة‏.‏

وأبو منصور الخيّاط محمد بن أحمد بن علي البغدادي الزاهد أحد القرّاء ببغداد روى عن عبد الملك بن بشران وجماعة وكان عبدًا صالحًا قانتًا لله صاحب أوراد واجتهاد‏.‏

قال ابن ناصر‏:‏ كانت له كرامات توفي في المحرم وقال غيره‏:‏ ولد سنة إحدى وأربعمائة رحمه الله‏.‏

وأبو البركات بن الوكيل محمد بن عبد الله بن يحيى الخيّاز الدبّاس الكرخي قرأ بالروايات على أبي العلا الواسطي والحسن بن الصَّقر وجماعة وتفقه على أبي الطيّب الطبري وسمع من عبد الملك بن بشران وكان يتَّهم بالاعتزال ثم تاب وأناب توفي في ربيع الأول عن ثلاث وتسعين سنة‏.‏

وأبو البقاء الحبّال المعمّر بن محمد بن علي الكوفي الخزاز روى عن جناح بن نذير المحاربي وجماعة توفي في جمادى الآخرة بالكوفة‏.‏

سنة خمسمائة فيها غزا السلطان محمد بن ملكشاه الباطنية وأخذ قلعتهم بأصبهان وقتل صاحبها أحمد بن عبد الملك بن عطاش وكان قد تمّكها اثنتي عشرة سنة وهي من بناء ملكشاه بناها على رأس جبل وغرم عليها ألأفي ألف دينار‏.‏

وفيها غرق قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش صاحب قونية ووجد وقد انتفخ‏.‏

وفيها توفي أبو افتح الحدّاد أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الأصبهاني التاجر وكان ورعًا ديّنًا كثير الصّدقات توفي في ذي القعدة عن اثنتين وتسعين سنة روى عن أبي سعيد النقّاش وخلق وأجاز له من مرّ وإسماعيل بن ينال المحبوبي‏.‏

وأبو المظفّر الخوّافي أحمد بن محمد بن مظفر الشافعي العلامة عالم أهل طوس ورفيق الغزالي ونظيره وكان عجيبًا في المناظرة رشيق العبارة برع عند إمام الحرمين ودرس في أيامه‏.‏

وجعفر بن أحمد بن حسين أبو محمد البغدادي المقرئ السرّاج الأديب روى عن أبي علي بن شاذان وجماعة وكان ثقة بارعًا أخباريًا علامة كثير الشعر حسن التصانيف توفي في صفر‏.‏

وأبو غالب الباقلاَّني محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن البغدادي الفامي الرجل الصالح روى عن ابن شاذان والبرقاني وطائفة توفي في ربيع الآخر عن ثمانين سنة‏.‏

وأبو الحسين بن الطُّيوري المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن قاسم الصيَّرفي البغدادي المحدِّث سمع أبا علي بن شاذان فمن بعده‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ كان مكثرًا صالحًا أمينًا صدوقًا صحيح الأصول صيِّنًا وقور كثير الكتابة وقال غيره‏:‏ توفي في ذي القعدة عن تسع وثمانين سنة وكان عنده ألف جزء بخط الدارقطني‏.‏

والمبارك بن فاخر أبو الكرم الدبّاس الأديب من كبار أئمة اللغة والنحو ببغداد وله مصنفات‏.‏

روى عن القاضي أبي الطيّب الطبري وأخذ العربية عن عبد الواحد بن برهان رماه ابن ناصر بالكذب في الرواية توفي في ذي القعدة عن سبعين سنة‏.‏

ويوسف بن تاشفين أمير المسلمين سلطان المغرب أبو يعقوب الَّلمتوني البربري الملثّم توفي في ثالث المحرم عن تسعين سنة وكان أكبر ملوك الدنيا في عصره ودولته بضع وثلاثون سنة وكان بطلًا شجاعًا عادلًا عديم الرفاهية قشب العيش على قاعدة البربر اختط مرّاكش وأنشأها في سرح وصيّرها دار الإمارة وكثرت جيوشه وبعد صيته وتملك الأندلس ودانت له الأمم وفي آخر أيامه بعث رسولًا إلى العراق يطلب عهدًا من المستظهر بالله فبعث له بالخلع والتقليد واللواء وأقيمت الخطبة العباسيّة بممالكه وعهد بالأمر من بعده إلى ابنه عليّ الذي خرج عليه ابن تومرت‏.‏

سنة إحدى وخمس مائة فيها كانت وقعةٌ كبيرة بالعراق بين سيف الدولة صدقة بن منصور ابن دبيس أمير العرب وبين السلطان محمَّد فقتل صدقة في المصافّ‏.‏

وفيها كان الحصار على صور وعلى طرابلس والشام في ضرٍّ مع الفرنج‏.‏

وفيها توفي تميم بن المعز بن باديس السلطان أبو يحيى الحميري صاحب القيروان‏.‏

ملك بعد أبيه وكان حسن السّيرة محبًا للعلماء مقصدًا للشعراء كامل الشجاعة وافر الهيبة‏.‏

عاش تسعًا وسبعين سنة‏.‏

وامتدّت أيامه وكانت دولته ستًّا وخمسين سنة وخلّف أكثر من مائة ولد وتملّك بعده ابنه يحيى‏.‏

وأبو علي التككِّي الحسن بن محمّد بن عبد العزيز البغداديّ في رمضان‏.‏

روى عن أبي عليّ بن شاذان‏.‏

وصدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأمير سيف الدولة ابن بهاء الدولة الأسديّ الناشري ملك العرب وصاحب الحلّة السيفيّة اختطّها سنة خمس وتسعين وأربع مائة ووقع بينه وبين السلطان فالتقيا فقتل صدقة يوم الجمعة سلخ حمادي الآخرة وقتل معه ثلاثة آلاف فارس وأسر ابنه دبيس وصاحب جيشه سعيد بن حميد‏.‏

وكان صدقة شيعيًّا له محاسن ومكارم وحلمٌ وجود‏.‏

ملك العرب بعد أبيه اثنتين وعشرين سنة‏.‏

ومات جدّه سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة‏.‏

والدُّونيّ أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الصوفيّ الرجل الصالح راوي السُّنن عن أبي نصر الكسّار وكان زاهدًا عابدًا سفيانيّ المذهب‏.‏

وأبو سعد الأسديُّ محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد البغداديُّ المؤدّب‏.‏

روى عن أبي عليّ بن شاذان ضعّفه ابن ناصر‏.‏

وأبو الفرج القزوينيّ محمد ابن العلامة أبي حاتم محمود بن حسن الأنصاريّ‏.‏

فقيهٌ صالحٌ‏.‏

استملى عليه السَّلفي مجلسًا مشهورًا‏.‏

توفي في المحرم‏.‏

سنة اثنتين وخمس مائة فيها حاصر جاولي الموصل وبها زنكي بن جكرمش‏.‏

فنجده السلطان قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش صاحب الروم‏.‏

ففرّ جاولي ودخل قلج الموصل وحلفوا له‏.‏

ثم التقى جاولي وقلج أرسلان في ذي القعدة فحمل قلج أرسلان بنفسه وضرب يد حامل العلم بأبانها ثم ضرب جاولي بالسيف فقطع الكزاغند فحمل أصحاب جاولي على الروميّين فهزموهم وبقي قلج أرسلان في الوسط فهمز فرسه ودخل الخابور‏.‏

فدخل به الفرس في ماءٍ عميق غرّقه وطفا بعد أيام فدفن‏.‏

وساق جاولي فأخذ الموصل وظلم وغشم‏.‏

وفيها التقى طغتكين أتابك دمشق وابن أخت بغدوين بطبريّة فأسره طغتكين وذبحه وبعث بالأسرى إلى بغداد‏.‏

ثم عقد بغدوين وطغتكين الهدنة أربع سنين‏.‏

وفيها تزوج المستظهر بالله بأخت السُّلطان محمد‏.‏

وفيها ظهرت الإسماعيليّة بالشام وملكوا شيزر بحيلةٍ‏.‏

فجاء عسكرها من الصيد فأصعدهم الذريّة في الجبال واقتتلوا بالسكاكين‏.‏

فخذلت الباطنيّة وأخذتهم السيوف فلم ينج منهم أحدٌ وكانوا مائة‏.‏

وفيها قتلت الباطنيَّة بهمذان قاضي قضاة أصبهان عبيد الله بن عليّ الخطيبيّ‏.‏

وقتلت بإصبهان يوم عيد الفطر أبا العلاء صاعد بن محمد البخارىّ وقيل النيسابوريّ الحنفيّ المفتي أحد الأئمة عن خمسٍ وخمسين سنة‏.‏

وقتلت بجامع آمل يوم الجمعة في المحرّم فخر الإسلام القاضي أبا المحاسن عبد الواحد بت إسماعيل الروياني شيخ الشافعية وصاحب التصانيف وشافعيّ الوقت‏.‏

أملى ‏[‏مجالس‏]‏ عن أبي غانم الكراعي وأبي حفص بن مسرور وطبقتهما وعاش سبعًا وثمانين سنة‏.‏

وعظم الخطب بهؤلاء الملاعين وخافهم كلُّ أمير وعالمٍ لهجومهم على الناس‏.‏

وفيهها توفي أبو القاسم الرَّبعيُّ عليُّ بن الحسين الفقيه الشافعيُّ المعتزليُّ ببغداد‏.‏

روى عن أبي الحسن بن مخلد البزّاز وابن بشران‏.‏

توفي في رجب عن ثمانٍ وثمانين سنة‏.‏

ومحمّد بن عبد الكريم بن خشيش أبو سعد البغدادي في ذي القعدة عن تسعٍ وثمانين سنة وأبو زكريا التبريزي الخطيب صاحب اللغة يحيى بن عليّ بن محمد الشيباني صاحب التصانيف‏.‏

أخذ اللغة عن أبي العلاء المعرّي‏.‏

وسمع من سليم بن أيّوب بصور وكان شيخ بغداد في الأدب‏.‏

توفّي في جمادى الآخرة عن إحدى وثمانين سنة‏.‏

سنة ثلاث وخمس مائة في ذي الحجّة أخذت الفرنج طرابلس بعد حصار سبع سنين وكان المدد يأتيها من مصر في البحر‏.‏

وفيها أخذوا بانياس وجبيل‏.‏

وفيها أخذ تنكر ابن صاحب انطاكية طرسوس وحصن الأكراد‏.‏

وفيها توفي أبو بكر أحمد بن المظفر بن سوسن التمّار ببغداد‏.‏

روى عن الحرفي وابن شاذان‏.‏

ضعَّفه شجاع الذهلي‏.‏

وتوفي في صفر عن اثنتين وتسعين سنة‏.‏

وأبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الدِّهستاني الرُّؤاسيُّ الحافظ‏.‏

طوّف خراسان والعراق والشام ومصر وكتب مالا يوصف وروى عن أبي عثمان الصابوني وطبقته‏.‏

توفي بسرخس‏.‏

وأبو سعد المطرِّز محمد بن محمد بن محمد الإصبهانيُّ في شوّال عن نيّف وتسعين سنة‏.‏

‏.‏

سمع الحسين الحسين بن إبراهيم الجمّال وأبا علي غلام محسن وابن عبد كويه‏.‏

وهو أكبر شيخ للحافظ أبو موسى المديني سمع منه حضورًا‏.‏

سنة أربع وخمس مائة فيها اخذت الفرنج بيروت بالسيف ثم أخذوا صيدا بالمان‏.‏

وأخذ صاحب أنطاكية حصن الأثارب وحصن ذردنا‏.‏

وعظم المصاب وتوجّه خلقٌ من المطوّعة يستصرخون الدولة ببغداد على الجهاد واستغاثوا وكسروا منبر جامع السلطان وكثر الضجيج‏.‏

فشرع السلطان في أهبة الغزو‏.‏

وفيها توفي إسماعيل بن أبي الحسن عبد الغافر بن محمد الفارسي ثم النيسابوريّ أبو عبد الله‏.‏

روى عن أبي حسّان المزكيّ وعبد الرحمن بن حمدان النَّصروي وطبقتهما‏.‏

ورحل فأدرك أبا محمد الجوهريّ ببغداد توفي في ذي القعدة عن إحدى وثمانين سنة‏.‏

وأبو يعلى حمزة بن محمّد بن عليّ الزينبي البغداديُّ أخو طراد الزّينبي‏.‏

توفي في رجب وله سبع وتسعون سنة‏.‏

والعجب كيف لم يسمع من هلال الحفّار‏.‏

روى عن أبي العلاء محمد بن علي الواسطيّ وجماعة‏.‏

والكيا أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ الطبرستاني الهرَّاسي الشافعيّ عماد الدين شيخ الشافعيّة ببغداد‏.‏

تفقّه على إمام الحرمين‏.‏

وكان فصيحًا مليحًا مهيبًا نبيلًا‏.‏

قدم بغداد ودرّس بالنظاميّة‏.‏

وتخرّج به الأصحاب‏.‏

وعاش أربعًا وخمسين سنة‏.‏

وأبو الحسين الخشّاب يحيى بن عليّ بن الفرج المصرّ شيخ الإقراء‏.‏

قرأ بالروايات على ابن نفيس وأبي الطاهر إسماعيل بن خلف وأبي الحسين الشيرازي وتصدّر لٌقراء‏.‏

سنة خمس وخمس مائة فيها جاءت عساكر العراق والجزيرة لغزو الفرنج فنازلوا الرُّها فلم يقدروا ثم ساروا وقطعوا الفرات ونازلوا تلّ باشر خمسة وأربعين يومًا فلم يصنعوا شيئًا واتفق موت مقدّمهم واختلافهم‏.‏

فردُّوا وطمعت الفرنج في المسلمين وتجمعّوا مع بغدوين فحاصروا ضور مدّةً طويلة‏.‏

وفيها كانت ملحمةٌ كبيرةٌ بالأندلس بين ابن تاشفين والأدفونش‏.‏

ونصر المسلمون وقتلوا وأسروا وغنموا مالا يعبَّر عنه وذلَّت الفرنج‏.‏

و فيها توفي أبو محمد بن الآبنوسي عبد الله بن علي البغدادي الوكيل المحدِّث أخو الفقيه أحمد بن عليّ‏.‏

سمع من أبي القاسم التنوخي والجوهريّ‏.‏

توفي في جمادى الأولى‏.‏

وأبو الحسن بن العلاف عليُّ بن محمد بن عليّ بن محمد البغدادي الحاجب مسند العراق وآخر من حدَّث عن الحمَّامي‏.‏

وكان يقول‏:‏ ولدت في المحرّم سنة ست وأربع مائة وسمعت من أبي الحسين بن بشران‏.‏

توفي في المحرّم عن مائة إلا سنةً‏.‏

وكان أبوه واعظًا مشهورًا‏.‏

وأبو حامد الغزّالي زين الدين حجّةّ الإسلام محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسيُّ الشافعيُّ أحد الأعلام‏.‏

تلمذ لإمام الحرمين ثمَّ ولاه نظام الملك تدريس مدرسته ببغداد‏.‏

وخرج له الأصحاب وصنّف التصانيف مع التصوّن والذكاء المفرط والاستبحار من العلم‏.‏

وفي الجملة ما رأى الرجل مثل نفسه‏.‏

توفي في رابع عشر جمادى الآخرة بالطّابران قصبة بلاد طوس وله خمسٌ وخمسون سنة‏.‏

والغزّالي هو الغزّال و كذا العطّاري وهو العطار والخبّازي على لغة أهل خراسان‏.‏

سنة ست وخمس مائة وفيها توفي أبو غالب أحمد بن محمد بن أحمد الهمذانيُّ العدل‏.‏

روى عن أبي سعيد عبد

وفيها أبو القاسم إسماعيل بن الحسن السنجبستي الفرائضي توفي في صفر بسنجبست وهي على مرحلة من نيسابور‏.‏

روى عن أبي أبي بكر الحيري وأبي سعيد الصيرفي وعاش خمسًا وتسعين سنة‏.‏

والفضل بن محمد بن عبيد القشيريُّ النيسابوريُّ الصوفيُّ العدل‏.‏

روى عن أبي حسان المزكيّ وعبد الرحمن النَّصروي وطائفة‏.‏

وعاش خمسًا وثمانين سنة وهو أخو عبيد القشيري‏.‏

وأبو سعد المعمَّر بن عليّ بن أبي عمامة البغداديّ الحنبليّ الواعظ المفتي‏.‏

كان يبكي الحاضرين ويضحكهم وله قبولٌ زائدٌ وسرعة جوابٍ وحدّة خاطر وسعة دائرة روى عن ابن غيلان وأبي محمد الخلال‏.‏

توفي في ربيع الأوّل‏.‏

سنة سبع وخمس مائة في المحرّم التقى عسكر دمشق والجزيرة وعسكر الفرنج بأرض طبرية وكانت وقعةً مشهورةً‏.‏

فقتلهم المسلمون قتلًا ذريعًا وأسروهم‏.‏

وممن أسر ملكهم بغدوين صاحب القدس لكن لم يعرف فبذل شيئًا للّذي أسره فأطلقه‏.‏

ثم أنجدتهم عساكر انطاكية وطرابلس وردّت المنهزمين فعقب لهم المسلمون وانحاز الملاعين إلى جبل ورابط الناس بإزائهم يرمونهم فأقاموا كذلك ستة وعشرين يومًا‏.‏

ثم سار المسلمون للغلا فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم ما بين القدس إلى عكّا‏.‏

وردّت عساكر الموصل وتخلَّف مقدّمهم مودود عند طغتكين بدمشق وأمر العساكر بالقدوم بالربيع فوثب على مودود باطنيٌ يوم جمعةٍ فقتله وقتلوا الباطنيّ‏.‏

ودفن مودود عند دقاق بخانكاه الطواويس ثم نقل إلى إصبهان‏.‏

وفيها توفي أبو بكر الحلوانيُّ أحمد بن عليّ بن بدران ويعرف بخالوه‏.‏

ثقة زاهد متعبد‏.‏

ورى عن القاضي أبي الطيّب الطبري وطائفة‏.‏

ورضوان صاحب حلب ابن تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان السلجوقيّ‏.‏

ومنه أخذت الفرنج انطاكية‏.‏

وملّكوا بعده ابنه ألب أرسلان الأخرس‏.‏

وشجاع بن فارس أبو غالب الذهليُّ السُّهروردي ثم البغدادي الحافظ وله سبعٌ وسبعون سنة‏.‏

نسخ ما لا يدخل تحت الحصر من التفسير والحديث والفقه لنفسه وللناس حتى إنه كتب شعر ابن الحجّاج سبع مرّات‏.‏

روى عن ابن غيلان وعبد العزيز الأزجيّ وخلق توفي في جمادى الأولى‏.‏

والشاشيُّ المعروف بالمستظهريّ فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين‏.‏

شيخ الشافعية‏.‏

ولد بميّافارقين سنة تسع وعشرين وتفقّه على محمد بن ببيان الكازرونيّ ثم لزم ببغداد الشيخ أبا إسحاق وابن الصبّاغ‏.‏

وصنّف وأفتى وولّي تدريس النظاميّة وتوفي في شوّال ودفن عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي‏.‏

ومحمد بن طاهر المقدسيُّ الحافظ أبو الفضل ذو الرحلة الواسعة والتصانيف والتعاليق‏.‏

عاش ستّين سنة وسمع بالقدس أوّلًا من ابن ورقاء وببغداد من أبي محمد الصريفيني وبنيسابور من الفضل بن المحبّ وبهراة من بيبى وبإصبهان وشيراز والريّ ودمشق ومصر من هذه الطبقة‏.‏

وكان من أسرع الناس كتابة وأذكاهم وأعرفهم بالحديث‏.‏

والله يرحمه ويسامحه‏.‏

قال إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ‏:‏ أحفظ من رأيت محمد بن طاهر‏.‏

وقال السلفيُّ‏:‏ سمعت ابن طاهر يقول‏:‏ كتبت البخاري ومسلم وسنن أبي داود وابن ماجه سبع مرّات بالوراقة‏.‏

توفي ببغداد في ربيع الأول‏.‏

وأبو المظفّر الأبيوردي محمد بن أبي العبّاس الأمويُّ المعاويُّ اللغويُّ الشاعر الأخباريّ النسّابة صاحب التصانيف والفصاحة والبلاغة‏.‏

وكان رئيسًا عالي الهمّة ذا بأوٍ وتيهٍ وصلف‏.‏

توفي بإصبهان مسمومًا‏.‏

وابن اللبّانة أبو بكر محمد بن عيسى اللخميّ الأندلسيّ الأديب‏.‏

من جلّة الأدباء وفحول الشعراء‏.‏

له تصانيف عديدة في الآداب‏.‏

وكان من شعراء دولة المعتمد والمؤتمن بن أحمد بن عليّ أبو نصر الربعيُّ البغداديُّ الحافظ ويعرف‏.‏

بالسّاجيّ‏.‏

حافظٌ محققٌ واسع الرِّحلة كثير الكتابة متين الورع والديانة‏.‏

روى عن أبي الحسين بن النقور وأبي بكر الخطيب وطبقتهما بالشام والعراق وإصبهان وخراسان‏.‏

وتفقّه وكتب ‏[‏الشامل‏]‏ عن مؤلفه ابن الصبّاغ‏.‏

توفي في صفر عن اثنتين وستين سنةً‏.‏

وكان قانعًا متعفّفًا‏.‏

سنة ثمان وخمس مائة فيها هلك بغدوين صاحب القدس من جراحة أصابته يوم مصافّ طبريّة الذي مرّ‏.‏

وفيها مات أحمديل صاحب مراغة‏.‏

وكان شجاعًا جوادًا‏.‏

وعسكره خمسة آلاف فتكت به الباطنيّة‏.‏

وفيها توفي أحمد بن محمد بن غلبون أبو عبد الله الخولانيّ القرطبيُّ ثم الإشبيليُّ وله تسعون سنة‏.‏

سمّعه أبوه معه من عثمان بن أحمد القيشاطيّ وطائفة‏.‏

وأجاز له يونس بن عبد الله بن مغيث وأبو عمر الطلنمكيّ وأبو ذرّ الهرويّ والكبار‏.‏

وكان صالحًا خيّرًا عالي الإسناد منفردًا‏.‏

وألب أرسلان صاحب حلب وابن صاحبها رضوان ابن تتش السلجوقيُّ التركيُّ‏.‏

تملّك وله ست عشرة سنة‏.‏

فقتل أخويه بتدبير الباب لؤلؤ وقتل جماعة من الباطنيّة‏.‏

وكانوا قد كثروا في دولة أبيه‏.‏

ثم قدم دمشق ونزل بقلعتها ثم رجع وفي خدمته طغتكين‏.‏

وكان سيّيء السيرة فاسقًا‏.‏

فصله البابا وأقام أخًا له طفلًا له ست سنين‏.‏

ثم قتل البابا سنة عشرة‏.‏

وأبو الوحش سبيع بن المسلِّم الدمشقيُّ المقرئ الضرير‏.‏

ويعرف بابن قيراط‏.‏

قرأ لابن عامر على الأهوازيّ ورشأ وروى الحديث عنهما وعن عبد الوهاب بن برهان‏.‏

وكان يقرئ من السحر إلى الظهر‏.‏

توفي في شعبان عن تسع وثمانين سنة‏.‏

والنسيب أبو القاسم عليُّ بن إبراهيم بن العباس الحسينّي الدمشقيّ الخطيب الرئيس المحدِّث صاحب ‏[‏الأجزاء العشرين‏]‏ التي خرّجها له الخطيب‏.‏

توفي ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة‏.‏

قرأ على الأهوازي وروى عنه وعن سليم ورشأ وخلق‏.‏

وكان ثقةً نبيلًا محتشمًا مهيبًا سيّدًا شريفًا صاحب حديث وسنّة‏.‏

ومسعود السلطان علاء الدولة صاحب الهند وغزنة ولد السلطان إبراهيم ابن السلطان مسعود ابن السلطان الكبير محمود بن سبكتكين‏.‏

مات في شوّال وتملّك بعده ولده أرسلان شاه وهو ابن عمة السلطان ملك شاه‏.‏

فيها قدم عسكر السلطان محمد الشام وعليهم برسق للانتقام من طغتكين لا للجهاد‏.‏

فنهبوا حماة وهي لطغتكين‏.‏

فاستعان بالفرنج فأعانوه‏.‏

ثم سار برسق فأخذ كفر طاب وهي للفرنج‏.‏

وساروا إلى المعرّة فساق صاحب أنطاكية فكبس العسكر وكسرهم ورجع من سلم مع برسق منهزمين نعوذ بالله من الخذلان‏.‏

واستضرت الفرنج على أهل الشام‏.‏

وفيها توفي ابن مسلمة أبو عثمان إسماعيل بن محمد الإصبهاني الواعظ المحتسب صاحب تلك ‏[‏المجالس‏]‏‏.‏ قال ابن ناصر‏:‏ وضع حديثًا وكان يخلّط‏.‏

قلت‏:‏ روى عن ابن ريذة وجماعة‏.‏

وأبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلميّ الهمذانيّ الحافظ صاحب كتاب‏:‏ ‏[‏الفردوس‏]‏ و ‏[‏تاريخ همذان‏]‏ وغير ذلك‏.‏

توفي في رجب عن أربع وسبعين سنة وغيره أتقن منه‏.‏

سمع الكثير من يوسف بن محمد المستملي وطبقته ورحل فسمع ببغداد من أبي القاسم بن البسري وكان صلبًا في السنة‏.‏

وغيث بن علي أبو الفرج الصوريُّ الأرمناريُّ خطيب صور ومحدّثها‏.‏

روى عن أبي بكر الخطيب ورحل إلى دمشق ومصر وعاش ستًا وستين سنة‏.‏

وأبو البركات بن السقطيّ هبة الله بن المبارك البغداديّ أحد المحدِّثين الضّعفاء‏.‏

له ‏[‏معجمٌ‏]‏ في مجلّد‏.‏

كذّبه ابن ناصر‏.‏

ويحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس السلطان أبو طاهر الحميري صاحب إفريقية‏.‏

نشر العدل وافتتح عدّة قلاعٍ لم يتهيأ لأبيه فتحها‏.‏

وكان جوادًا ممدحًا عالمًا كثير المطالعة‏.‏

توفي فجأةً يوم الأضحى وخلّف ثلاثين ابنًا فملك بعده ابنه عليٌّ ستة أعوام ومات‏.‏

فملّكوا بعده ابنه الحسن بن عليّ وهو مراهق‏.‏

فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنج طرابلس الغرب بالسيف سنة إحدى وأربعين وخمس مائة فخاف وفرّ من المهديّة والتجأ إلى عبد المؤمن‏.‏

سنة عشر وخمس مائة فيها حاصر عليُّ بن باديس مدينة تونس وضيّق على صاحبها أحمد ابن خراسان فصالحه على ما أراد وفيها كبس طغتكين الفرنج بالبقاع‏.‏

فقتل وأسر وكانوا قد جاءوا يعيشون في البقاع وعليهم بدران بن صنجيل صاحب طرابلس فردّوا بأسوأ حال ولله الحمد‏.‏

وفيها توفي أبو الكرم خميس بن عليّ الواسطيّ الحوزيّ الحافظ‏.‏

رحل وسمع ببغداد من أبي وأبو بكر الشّيرويُّ عبد الغفّار بن محمد بن حسين بن عليّ بن شيرويه النيسابوريّ التاجر مسند خراسان وآخر من حدّث عن الحيري والصيرفي صاحبي الأصمّ‏.‏

توفي في ذي الحجة عن ست وتسعين سنة‏.‏

قال السمعاني‏:‏ كان صالحًا عابدًا رحل إليه من البلاد‏.‏

وأبو القاسم الرزّاز عليُّ بن أحمد بن محمّد بن بيان مسند العراق وآخر من حدّث عن ابن مخلد وطلحة الكتّاني والحرفيّ‏.‏

توفي في شعبان عن سبع وتسعين سنة‏.‏

والغسّال أبو الخير المبارك بن الحسين البغداديّ المقرئ الأديب شيخ الإقراء ببغداد‏.‏

قرأ على أبي بكر محمد بن عليّ الخيّاط وجماعة وبواسط على غلام الهرّاس‏.‏

وحدّث عن أبي محمد الخلال وجماعة‏.‏

ومات في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة‏.‏

وأبو الخطّاب محمود بن أحمد الكلواذاني ثم الأزجيّ شيخ الحنابلة وصاحب التصانيف‏.‏

كان إمامًا علاّمة ورعًا صالحًا وافر العقل غزير العلم حسن المحاضرة جيّد النظم تفقّه على القاضي أبي يعلى وحدّث عن الجوهريّ وتخرّج به أئمةٌ‏.‏

توفي في جمادى الآخرة عن ثمان وسبعين سنة‏.‏

والحنّائي أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد الدمشقي من بيت الحديث والعدالة‏.‏

سمع أباه أبا القاسم ومحمدًا وأحمد ابني عبد الرحمان بن أبي نصر وابن سعدان وطائفة‏:‏ توفي في جمادى الآخرة ع سبع وسبعين سنة‏.‏

وأبي النَّرسي أبو الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون الكوفيُّ الحافظ‏.‏

روى عن محمد بن علي بن عبد الرحمان العلوي وطبقته بالكوفة‏.‏

وعن أبي إسحاق البرمكيّ وطبقته ببغداد‏.‏

وناب في خطابة الكوفة‏.‏

وكان يقول‏:‏ ما بالكوفة من أهل السنة والحديث إلا أنا‏.‏

وقال ابن ناصر‏:‏ كان حافظًا متقنًا ما رأينا مثله‏.‏

كان يتهجّد ويقوم الليل‏.‏

وكان أبو عامر العبدريّ يثني عليه ويقول‏:‏ ختم به هذا الشأن‏.‏

توفي في شعبان عن ستٍ وثمانين سنة ولقّب أبيًّا لجودة قراءته‏.‏

وكان ينسخ ويتعفّف‏.‏

وأبو بكر السمعانيُّ محمد ابن العلامة أبي المظفّر منصور بن محمد التميمي المروزيّ الحافظ والد الحافظ أبي سعد‏.‏

كان بارعًا في الحديث ومعرفته والفقه ودقائقه والأدب وفنونه والتاريخ والوعظ‏.‏

روى عن محمد بن أبي عمران الصفّار ورحل فسمع ببغداد من ثابت بن بندار وطبقته وبنيسابور من نصر الله الخشناميّ وطبقته وبإصبهان والكوفة والحجاز وأملى الكثير وتقدم على أقرانه وعاش ثلاثًا وأربعين سنة‏.‏

فيها عرفت سنجار وانهدم سورها وهلك خلق وجرّ السيل باب المدينة مسيرة مرحلة فطمّة السيل ثم انكشف بعد سنين‏.‏

وسلم طفلٌ في سرير تعلّق بزيتونةٍ ثم عاش وكبر‏.‏

وفيها ترحّلت العساكر عن حصار الباطنيّة بالألموت لمّا بلغهم موت السلطان محمد‏.‏

فتوفي السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن طغربك بن ميكائيل ابن سلجوق التركيُّ غياث الدين أبو شجاع‏.‏

كان فارسًا شجاعًا فحلًا ذا برٍّ ومعروف‏.‏

استقل بالملك بعد موت أخيه بركياروق وقد تمّت لهما حروبٌ عديدة‏.‏

وخفق محمدٌ أربعةً قد ولّوا السلطنة‏:‏ محمود ومسعود وطغريك وسليمان‏.‏

ودفن في ذي الحجة بإصبهان في مدرسة عظيمةٍ للحنفية‏.‏

وقام بعده ابنه محمود ابن أربع عشرة سنة ففرّق الأموال‏.‏

وقد خلّف محمد أحد عشر ألف ألف دينار سوى ما يناسبها من الحواصل وعاش ثمانيًا وثلاثين سنة‏.‏

سامحه الله‏.‏

وفيها توفي أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف اليوسفيُّ البغداديُّ راوي ‏[‏سنن الدارقطني‏]‏ عن أبي بكر بن بشران عنه‏.‏

وكان رئيسًا وافر الجلالة‏.‏

توفي في شوّال عن ست وسبعين سنة‏.‏

وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي ـ وبرج من قرى إصبهان ـ سمع أبا نعيم الحافظ وأجاز له أبو عليّ بن شاذان والحسين الجمّال‏.‏

توفي في ذي القعدة عن أربعٍ وتسعين سنة وكان صدوقًا‏.‏

وأبو عليّ بن نبهان الكاتب محمد بن سعيد بن إبراهيم الكرخي مسند العراق‏.‏

روى عن ابن شاذان وبشرى الفاتني وابن دوما وهو آخر أصحابهم‏.‏

قال ابن ناصر‏:‏ فيه تشيّع وسماعه صحيح‏.‏

بقي قبل موته سنةً ملقىً على ظهره لا يعقل ولا يفهم وذلك من أوّل سنة إحدى عشرة‏.‏

قلت‏:‏ توفي بعد ذلك بتسعة أشهر في شوّال‏.‏

وله سنة كاملة وله شعرٌ وأدب‏.‏

وأبو زكريّا يحيى بن عبد الوهاب ابن الحافظ ابن عبد الله محمد ابن إسحاق بن منده العبديُّ الإصبهانيُّ صاحب ‏[‏التاريخ‏]‏‏.‏

روى عن ابن ريذه وأبي طاهر بن عبد الرحيم وطائفة‏.‏

ثم رحل إلى نيسابور فسمع من البيهقيّ وطبقته ودخل بغداد حاجًّا في الشيخوخة فأملى بها‏.‏

قال السمعانيُّ‏:‏ جليل القدر وافر الفضل واسع الرواية حافظ ثقة فاضلٌ مكثر صدوق كثير التصانيف حسن السيرة بعيدٌ من التكلّف أوحد بيته في عصره‏.‏

صنّف ‏[‏تاريخ إصبهان‏]‏‏.‏

توفي في ذي الحجة وله أربع وسبعون سنة وآخر أصحابه الطرسوسيّ‏.‏

في الثالث والعشرين من ربيع الآخر توفي الإمام المستظهر بالله أبو العبّاس أحمد بن المقتدي بالله عبد الله ابن الأمير محمد بن القائم العباسي وله اثنتان وأربعون سنة‏.‏

وكانت خلافته خمسًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر‏.‏

وكان قويَّ الكتابة جيّد الأدب والفضيلة كريم الأخلاق مسارعًا في أعمال البرّ‏.‏

توفي بالخوانيق وغسّله ابن عقيل شيخ الحنابلة وصلّى عليه ابنه المسترشد بالله الفضل‏.‏

وخلف جماعة أولاد‏.‏

وتوفيت جدّته أرجوان بعده بيسير‏.‏

وهي سرية محمّد الذخيرة‏.‏

وشمس الأئمة أبو الفضل بكر بن محمد بن علي الأنصاري الجابري الزرنجريّ الفقيه شيخ الحنفيّة بما وراء النهر وعالم تلك الديار ومن كان يضرب به المثل في حفظ مذهب أبي حنيفة‏.‏

ولد سنة سبع وعشرين وأربع مائة وتفقه على شمس الأئمة محمّد بن أبي سهل السّرخسيّ وشمس الأئمة عبد العزيز بن أحمد الحلواني‏.‏

وسمع من أبيه ومن أبي مسعود البجليّ وطائفة‏.‏

وروى البخاريّ عن أبي سهل الأبيورديّ عن ابن حاجب الكشاني‏.‏1

توفي في شعبان‏.‏

ونور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي أخو طراد‏.‏

توفي في صفر وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏

كان شيخ الحنفيّة ورئيسهم بالعراق‏.‏

روى عن ابن غيلان وطبقته‏.‏

وحدّث بالصحيح‏.‏

وأبو القاسم الأنصاريُّ العلامة سلمان بن ناصر النيسابوريُّ الشافعيُّ المتكلم تلميذ إمام الحرمين وصاحب التصانيف‏.‏

وكان صوفيًّا زاهدًا من أصحاب القشيريّ‏.‏

روى الحديث عن أبي الحسن عبد الغافر الفارسيّ وجماعة‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وعبيد بن محمد بن عبيد أبو العلاء القشيريُّ التاجر مسند نيسابور‏.‏

روى عن أبي حسّان المزكّي وعبد الرحمن النصرويّ وطائفة‏.‏

ودخل المغرب للتجارة وحدّث هناك‏.‏

توفي في شعبان وله خمسٌ وتسعون سنة‏.‏

سنة ثلاث عشرة وخمس مائة فيها كانت وقعةٌ هائلةٌ بخراسان بين سنجر وبين ابن أخيه محمود بن محمد‏.‏

فانكسر محمود ثم وقع الاتفاق وتزوّج بابنة سنجر‏.‏

وفيها اجتمع طغتكين صاحب دمشق وإيل غازي على حرب الفرنج‏.‏

فبرز صاحب أنطاكية في عشرين ألفًا فالتقوا بنواحي حلب فانهزم الملعون واستبيح عسكره ولله الحمد‏.‏

وفيها كانت الفتنة بين صاحب مصر الآمر وأتابكه الأفضل ابن أمير الجيوش‏.‏

وتمّت لهما

وفيها ظهر قبر إبراهيم خليل الله عليه السلام وإسحاق ويعقوب ورآهم جماعةٌ لم تبل أجسادهم وعندهم في تلك المغار قناديل من ذهبٍ وفضّة‏.‏

قاله حمزة بن القلانسي في تاريخه‏.‏

وفيها توفي أبو الوفاء عليّ بن عقيل بن محمد بن عقيل البغداديُّ الظَّفريّ شيخ الحنابلة وصاحب التصانيف ومؤلِّف كتاب ‏[‏الفنون‏]‏ الذي يزيد على أربع مائة مجلد‏.‏

وكان إمامًا مبرّزًا كثير العلوم خارق الذكاء مكبًّا على الاشتغال والتصنيف عديم النظير‏.‏

روى عن أبي محمد الجوهريّ وتفقّه على القاضي أبي يعلى وغيره وأخذ علم الكلام عن أبي علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبّان‏.‏

قال السِّلفيّ‏:‏ ما رأيت مثله وما كان أحدٌ يقدر أن يتكلّم معه لغزارة علمه وبلاغة كلامه وقوّة حجّته‏.‏

توفي في جمادى الأولى وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

وقاضي القضاة أبو الحسن الدامغانُّي عليُّ ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن عليّ الحنفي ولي القضاء بضعًا وعشرين سنة‏.‏

وكان ذا حزمٍ ورأيٍ وسؤددٍ وهيبة وافرة وديانةٍ ظاهرة‏.‏

روى عن أبي محمد الصَّريفيني وجماعة‏.‏

وتفقّه على والده‏.‏

توفي في المحرّم عن أربع وستين سنة‏.‏

وأبو الفضل بن الموازيني محمد بن الحسن بن الحسين السلميُّ الدمشقيّ العابد أخو أبي الحسن‏.‏

وأبو بكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن مبارز التركيُّ ثم البغداديُّ المحدث النحويّ أحد الفضلاء‏.‏

روى عن أبي جعفر بن المسلمة وطبقته وتفقّه على الشيخ أبي إسحاق وكان ينسخ بالأجرة وفيه زهدٌ وورعٌ تام‏.‏

وخوروست أبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمد بن الحسين الإصبهانيّ المجلِّد‏.‏

روى عن أبي الحسين بن فاذشاه وابن ريذة توفي في جمادى ومحمّد بن عبد الباقي أبو عبد الله الدّوريُّ السمسار الصالح روى هن الجوهريّ وأبي طالب العشاريّ ومات في صفر عن تسع وسبعين سنة‏.‏

وأبو سعد المخرّميُّ المبارك بن عليّ الحنبليُّ‏.‏

من كبار أئمة المذهب‏.‏

تفقّه على الشريف أبي جعفر بن أبي موسى‏.‏

وروى عن القاضي أبي يعلى وجماعة وأقرأ الفقه‏.‏

سنة أربع عشرة وخمس مائة فيها خرجت الكرج والخزر فالتقاهم المسلمون في ثلاثين ألفًا عليهم دبيس بن صدقة وإيلغازي‏.‏

فانكسر المسلمون وتبعهم الكفّار يأسرون ويقتلون فيقال قتل أكثرهم‏.‏

ونجا دبيس وطغريل أخو السلطان محمود‏.‏

ثمّ نازلت الكرج تفليس وأخذوها بالسيّف بعد حصار سنة‏.‏

ولا كشف عنها أحد وفيها كان المصاف بين السلطان محمود وأخيه مسعود صاحب أذربيجان والموصل وله يومئذ إحدى عشرة سنة‏.‏

فالتفوا عند عقبة أسد آباذ‏.‏

فانهزم مسعود وأسر وزيره الطغرائي فقتل‏.‏

وفي هذا الوقت كان ظهور ابن تومرت بالمغرب‏.‏

وفيها توفي أبو عليّ بن بلّيمة الحسن بن خلف القيروانيُّ المقرئ مؤلف تلخيص العبارات من القراءات توفي في رجب بالأسكندرية‏.‏

وهو في عشر التسعين‏.‏

قرأ على جماعة منهم أبو العباس أحمد بن نفيس‏.‏

والطُّغرائي الوزير مؤيّد الدين أبو إسماعيل الحسين بن عليّ الإصبهانيّ صاحب ديوان الإنشاء للسلطان محمد بن ملكشاه و اتصل بابنه مسعود ثم أخذ الطغرائيُّ أسيرًا وذبح بين يدي الملك محمود في ربيع ألأول وقد نيّف عل الستين‏.‏

وكان من أفراد الدهر وحامل لواء النظم والنثر‏.‏

وهو صاحب ‏[‏لامية العجم‏]‏‏.‏

وأبو عليّ بن سكّرة الحافظ الكبير حسين بن محمد بن فيرّه الصدفي السرقسطيُّ الأندلسيُّ‏.‏

سمع من أبي العباس بن دلهاث وطائفة‏.‏

وحجّ سنة إحدى وثمانين‏.‏

فدخل على الحبّال‏.‏

وسمع وأخذ ‏[‏التعليقة الكبرى‏]‏ عن أبي بكر الشاشيّ المستظهريّ‏.‏

وأخذ بدمشق عن الفقيه نصرٍ المقدسيّ‏.‏

وردّ إلى بلاده بعلم جمّ‏.‏

وبرع في الحديث وفنونه وصنّف التصانيف وقد أكره على القضاء فولّيه ثم اختفى حتى أعفي‏.‏

واستشهد في مصافّ قتندة في ربيع الأول وهو من أبناء الستين وأصيب المسلمون يومئذ‏.‏

وأبو نصر عبد الرحيم بن الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيريّ‏.‏

وكان إمامًا مناظرًا مفسّرًا أديبًا علامة متكلّمًا وهو الذي كان أصل الفتنة ببغداد بين الأشاعرة والحنابلة‏.‏

ثم فتر أمره‏.‏

وقد روى عن أبي حفص بن مسرور وطبقته‏.‏

وآخر من روى عنه بسبطه أبو سعد بن الصفّار‏.‏

توفي في جمادى الآخرة وهو في عشر الثمانين وأصابه فالجٌ وهو في آخر عمره‏.‏

وأبو الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع الأندلسيّ المريّي المقرئ تلميذ عبد الله بن سهل‏.‏

تصدّر للإقراء مدّة‏.‏

وحدّث عن ابن عبد البّر وجماعة‏.‏

وفي روايته عن ابن عبد البر كلام‏.‏

توفي في عشر التسعين‏.‏

وأبو الحسن بن الموازيني عليُّ بن الحسن السلميّ أخو محمد‏.‏

روى عن ابن سعدان وابن عبد الرحمان بن أبي نصر وطائفة وعاش أربعًا وثمانين سنة‏.‏

ومحمود بن إسماعيل أبو منصور الإصبهانيُّ الصيرفيُّ الأشقر راوي ‏[‏المعجم الكبير‏]‏ عن ابن توفي في ذي القعدة‏.‏

قال السِّلفي‏:‏ كان صالحًا‏.‏

سنة خمس عشرة وخمس مائة فيها احترقت دار السلطنة ببغداد وذهب ما قيمته ألف ألف دينار‏.‏

وفيها توفي أبو عليّ الحدّاد الحسن بن أحمد بن الحسن الإصبهانيُّ المقرئ المجوِّد مسند الوقت‏.‏

توفي في ذي الحجة عن ست وتسعين سنة‏.‏

وكان مع علّو إسناده أوسع أهل وقته روايةً‏.‏

حمل الكثير عن أبي نعيم وكان خيّرًا صالحًا ثقة‏.‏

والأفضل أمير الجيوش شاهنشاه أبو القاسم ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمنيّ‏.‏

كان في الحقيقة هو صاحب الدار المصريّة‏.‏

ولي بعد موت أبيه وامتدّت أيامه‏.‏

وكان شهمًا مهيبًا بعيد الغور فحل الرأي‏.‏

ولى وزارة السيّف والقلم للمستعلي ثم للآمر‏.‏

وكانا معه صورةً بلا معنى‏.‏

وكان قد أذن للناس في إظهار عقائدهم وأمات شعار دعوة الباطنيّة فمقتوه لذلك‏.‏

وكان مولده بعكّا سنة ثمان وخمسين وأربع مائة‏.‏

وخلّف من الأموال ما يستحى من ذكره‏.‏

وثب عليه ثلاثةٌ من الباطنيّة فضربوه بالسكاكين فقتلوه‏.‏

وحمل بآخر رمق وقيل إنّ الآمر دسّهم عليه بتدبير أبي عبد الله البطائحي الذي وزر بعده ولقِّب بالمأمون‏.‏

وأبو القاسم بن القطّاع السعدي الصقليّ صاحب اللغة‏.‏

واسمه عليّ بن جعفر بن عليّ‏.‏

ولد بصقليّة وأخذ بها عن ابن عبد البرّ اللغويّ وبرع في العربيّة وصنّف التصانيف ومات بها وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏

وفي روايته للصحاح مقال‏.‏

وأبو عليّ بن المهديّ محمد بن محمد بن عبد العزيز الخطيب‏.‏

روى عن ابن غيلان والعتيقي وجماعة‏.‏

وكان صدوقًا نبيلًا ظريفًا‏.‏

توفي في شوّال عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏

وهزار سب بن عوض أبو الخير الهرويُّ الحافظ‏.‏

توفي في ربيع الأوّل‏.‏

وكان عالمًا صاحب حديثٍ وإفادةٍ بليغه‏.‏

وحرص على الطلب‏.‏

سمع من طراد ومن بعده‏.‏

ومات قبل أوان الرواية‏.‏

سنة ست عشرة وخمس مائة فيها توفي إيل غازي بن أرتق بن أكسب نجم الدين التركماني صاحب ماردين‏.‏

وليها بعد أخيه سقمان‏.‏

وكان من أمراء تتش صاحب الشام‏.‏

وكان إيلغازي قد استولى على حلب بعد موت أولاد تتش واستولى على ميّافارقين‏.‏

وكان

والباقرجي أبو عليّ الحسن بن محمد بن إسحاق‏.‏

روى عن أبي الحسن القزوينيّ والبرمكيّ وخلق‏.‏

توفي في رجب‏.‏

والبغويُّ محيي السنّة أبو محمد الحسين بن مسعود بن الفّراء الشافعيُّ المحدّث المفسّر صاحب التصانيف وعالم أهل خراسان‏.‏

روى عن أبي عمر المليحي وأبي الحسن الداودي وطبقتهما‏.‏

وكان سيدًا زاهدًا قانعًا يأكل الخبز وحده فليم في ذلك فصار يأكله بالزيت‏.‏

وكان أبه يصنع الفراء‏.‏

توفي ركن الدين محيي السنّة بمروالروذ في شوّال ودفن عند شيخه القاضي حسين‏.‏

وأبو محمد بن السّمرقنديّ الحافظ عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أخو إسماعيل‏.‏

ولد بدمشق وسمع بها من أبي بكر الخطيب وابن طلاب وجماعة وببغداد من أبي الحسين بن النقور‏.‏

ورحل إلى نيسابور وإصبهان وعني بالحديث وخرّج لنفسه ‏[‏معجمًا‏]‏ في مجلّد وعاش اثنتين وسبعين سنة‏.‏

وأبو القاسم بن الفحّام الصقلّيّ عبد الرحمان بن أبي بكر عتيق بن خلف مصنّف ‏[‏التجريد في القراءات‏]‏ كان أسند من بقي بالديار المصرية من القراءات قرأ على ابن نفيس وطبقته ونيّف على التسعين‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

وأبو طالب اليوسفي عبد القادر بن محمد بن عبد القادر البغداديّ في ذي الحجّة وهو في عشر التسعين‏.‏

روى الكتب الكبار عن ابن المذهب والبرمكيّ‏.‏

وكان ثقةً عدلًا رضيًّا عابدًا‏.‏

وأبو طالب السميرمي علي بن أحمد الوزير‏.‏

وزر ببغداد للسلطان محمود فظلم وفسق وتجبّر ومرق حتى قتل على يد الباطنية‏.‏

وأبو محمد الحريري صاحب ‏[‏المقامات‏]‏ القاسم بن عليّ بن محمد بن عثمان البصريُّ الأديب حامل لواء البلاغة وفارس النظم والنثر‏.‏

كان من رؤساء بلده‏.‏

روى الحديث عن أبي تمّام محمد بن الحسن وغيره وعاش سبين سنة‏.‏

توفي في رجب وخلف ولدين‏:‏ النجم عبد الله وضياء الإسلام عبيد الله قاضي البصرة‏.‏

والدقّاق أبو عبد الله محمد بن عبد بن عبد الواحد الإصبهاني الحافظ الرحال عن ثمانين سنة روى عن عبد الله بن شبيب الخطيب والباطرقاني وعبد الرحمان بن أحمد الرازيّ‏.‏

وعني بهذا الفن وكتب عمّن دبّ ودرج وكان محدّثًا أثريًّا فقيرًا متقلّلًا‏.‏

توفي في شوال‏.‏

سنة سبع عشرة وخمس مائة في أوّلها التقى الخليفة المسترشد بالله ودبيسٌ الأسدي‏.‏

وكان دبيس قد طغى وتمرّد ووعد عسكره بنهب بغداد‏.‏

وجرّد المسترشد يومئذ سيفه ووقف على تلٍّ فانهزم جمع دبيس وقتل خلق منهم‏.‏

وقتل من جيش الخليفة نحو العشر ين وعاد مؤيّدًا منصورًا‏.‏

وذهب دبيس فعاث ونهب وقتل بنواحي البصرة‏.‏

وفيها توفي ابن الطيوريّ أبو سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي ببغداد في رجب عن ثلاثٍ وثمانين سنة‏.‏

وكان صالحًا‏.‏

أكثر بإفادة أخيه المبارك‏.‏

وروى عن ابن غيلان والخلال وأجاز له الصوريُّ وأبو عليّ الأهوازي‏.‏

وابن الخياط الشاعر المشهور أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي التغلبيُّ الكاتب الدمشقيُّ‏.‏

ويعرف بابن سني الدولة الطابلسيُّ‏.‏

عاش سبعًا وستين سنة‏.‏

وكتب أولًا لبعض الأمراء ثم مدح الملوك والكبار وبلغ في النظم الذروة العليا‏.‏

أخذ يجلب عن أبي الفتيان محمد بن حيّوس وعنه أخذ ابن القيسراني‏.‏

قال السِّلفي‏:‏ كان شاعر الشام في زمانه‏.‏

قد اخترت من شعره مجلّدةً لطيفة فسمعتها منه‏.‏

قال ابن القيسراني‏:‏ وقّع الوزير هبة الله بن بديع لابن الخياط مرة بألف دينار‏.‏

توفي في رمضان بدمشق‏.‏

وحمزة بن العبّاس العلويُّ أبو محمد الإصبهانيُّ الصوفيُّ‏.‏

روى عن أبي طاهر بن عبد الرحيم‏.‏

وظريف بن محمد بن عبد العزيز أبو الحسن الحيريَّ النيسابوريُّ‏.‏

روى عن أبي حفص بن مسرور وطائفة‏.‏

وكان ثقةً من أولاد المحدّثين‏.‏

توفي في ذي القعدة وله ثمان و ثمانون سنة‏.‏

وأبو محمد الشنترينيُّ عبد الله بن محمدّ بن سارة البكري الشاعر المفلق اللغويّ‏.‏

له ديوانٌ معروف‏.‏

وأبو نعيم عبيد الله بن أبي عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد الإصبهانيّ الحافظ مؤلّف ‏[‏أطراف الصحيحين‏]‏‏.‏

كان عجبًا في الإحسان إلى الرحّالة وإفادتهم مع الزّهد والعبادة والفضيلة التامة‏.‏

روى عن عبد الله بن منده‏.‏

ولقي بنيسابور أبا المظفّر موسى بن عمران وطبقته وبهراة العميريّ وببغداد النعّالي‏.‏

توفي في جمادى الأولى عنُّ أربع وخمسين سنة‏.‏

وأبو الغنائم بن المهتدي بالله محمد بن أحمد بن محمد الهاشمي الخطيب روى عن أبي الحسن القزويني والبرمكي وطائفة‏.‏

توفي في ربيع الأول‏.‏

وأبو الحسن الزعفراني محمد بن مرزوق البغدادي الحافظ التاجر‏.‏

أكثر من ابن المسلمة وأبي بكر الخطيب‏.‏

وسمع بدمشق ومصر وإصبهان‏.‏

توفي في صفر عن خمس وسبعين سنة‏.‏

وكان متقنًا ضابطًا بفهم ويذاكر‏.‏

وأبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني ثم المصري‏.‏

روى عن ابن حمّصة وأبي الحسن الطفّال وعليّ بن محمد الفارسي وعدّة‏.‏

وكان أسند من بقي بمصر مع الثقة والخير‏.‏

توفي في ذي القعدة عن سنّ عالية‏.‏

سنة ثمان عشرة وخمس مائة فيها كسر بلك بن بهرام بن أرتق صاحب حلب الفرنج‏.‏

ثم نازل منبج فجاءه سهمٌ فقتله‏.‏

فحمله ابن عمّه تمرتاش صاحب ماردين إلى ظاهر حلب وتسلّم حلب وأقام بها ناسًا وردّ إلى ماردين فراحت حلب منه‏.‏

وفيها أخذت الفرنج صور بالأمان‏.‏

وبقيت في أيديهم إلى سنة تسعين وست مائة‏.‏

وفيها توفي داود ملك الكرج الذي أخذ تفليس من قريب‏.‏

وكان عادلًا في الرعيّة‏.‏

يحضر يوم الجمعة ويسمع الخطبة ويحترم المسلمين‏.‏

والحسين بن الصباح صاحب الألموت وزعيم الإسماعيليّة‏.‏

وكان داهيةً ماكرًا زنديقًا من شياطين الإنس‏.‏

وأبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسيّ الشافعيّ الفقيه‏.‏

قال السِّلفيّ‏:‏ كان من أفقه الفقهاء بمصر عليه تفقّه أكثرهم‏.‏

قلت‏:‏ أخذ عن نصر المقدسي وسمع من أبي بكر الخطيب وجماعة‏.‏

وعاش ستًا وسبعين سنة‏.‏

توفي في هذه السنة أو في التي تليها‏.‏

وأبو طاهر الشيخ عبد الواحد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الذهبي آخر أصحاب أبو نعيم توفي في ربيع الأول‏.‏

وأبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمّام بن عطيّة المحاربي الغرناطي الحافظ‏.‏

توفي في جمادى الآخرة بغرناطة عن سبعٍ وسبعين سنة‏.‏

روى عن الأندلسيين ورحل سنة تسعٍ وستين وسمع ‏[‏الصحيحين‏]‏ بمكة‏.‏

قال ابن بشكوال‏:‏ كان حافظًا للحديث وطرقه وعلله عارفًا بأسماء رجاله ونقلته ذاكرًا لمتونه ومعانيه‏.‏

قرأت بخطّ بعض أصحابي أنه كرر ‏[‏صحيح البخاري‏]‏ سبع مائة مرّة‏.‏

وكان أديبًا لغويًا ديّنًا فاضلًا‏.‏

أخذ الناس عنه كثيرًا‏.‏

سنة تسع عشرة وخمس مائة فيها سار الخليفة لمحاربة دبيس فخارت قوى دبيس وطلب العفو وذلّ‏.‏

وكان معه طغرلبك بن السلطان محمد فمرض ثم سار هو ودبيس إلى خراسان فاستجارا بسنجر فأجارهما‏.‏

ثم قبض على دبيس خدمةً للخليفة‏.‏

وفيها توفي أبو الحسن بن الفرّاء الموصلي ثم المصريّ علي بن الحسين بن عمر راوي ‏[‏المجالسة‏]‏ عن عبد العزيز بن الضرّاب‏.‏

وقد روى عن كريمة وطائفة وانتخب عليه السلفي مائة جزءٍ ‏.‏

مولده سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مائة‏.‏

وابن عبدون الهذليّ التونسيّ أبو الحسن عليّ بن عبد الجبار‏.‏

لغويُّ المغرب‏.‏

وأبو عبد الله بن البطائحي المأمون وزير الديار المصرية للآمر‏.‏

كان أبوه جاسوسًا للمصريين فمات وربّي محمد هذا يتيمًا‏.‏

فصار يحمل في السوق‏.‏

فدخل مع الحمّالين إلى دار أمير الجيوش فرآه شابًا ظريفًا فأعجبه‏.‏

فاستخدمه مع الفرّاشين ثم تقدّم عنده ثم آل أمره إلى أن ولي الأمر بعده‏.‏

ثم إنه مالًا أخا الآمر على قتل الآمر فأحسنّ الآمر بذلك فأخذه وصلبه‏.‏

وكانت أيامه ثلاث سنين‏.‏

وأبو البركات بن البخاري يعني المبخِّر البغدادي المعدّل هبة الله ابن محمد بن علي‏.‏

توفي في رجب عن خمسٍ وثمانين سنة‏.‏

روى عن ابن غيلان وابن المذهب والتنوخي‏.‏

يوم الأضحى خطب المسترشد بالله فصعد المنبر ووقف ابنه وليُّ العهد الراشد بالله دونه بيده سيفٌ مشهور‏.‏

وكان المكبِّرون خطباء الجوامع‏.‏

ونزل فنحر بيده بدنة وكان يومًا مشهودًا لا عهد للإسلام بمثله منذ دهر‏.‏

وفيها توفي أبو الفتوح الغزّالي أحمد بن محمد الطوسي الواعظ‏.‏

شيخٌ مشهور فصيحٌ مفوّهٌ صاحب قبول تامّ لبلاغته وحسن إيراده وعذوبة لسانه‏.‏

وهو أخو الشيخ أبي حام‏.‏

وعظ مرّة عند السلطان محمود فأعطاه ألف دينار ولكنه كان رقيق الديانة متكلمًا في عقيدته‏.‏

حضر يوسف الهمذاني في الزاهد عنه فسئل عنه فقال‏:‏ مدد كلامه شيطانيّ لا ربّاني‏.‏

ذهب دينه والدنيا لا تبقى له‏.‏

قلت‏:‏ توفي بقزوين‏.‏

وآقسنقر البرسقي قسيم الدولة‏.‏

ولي إمرة الموصل والرحبة للسلطان محمود ثم ولي بغداد ثم سار إلى الموصل ثم كاتبه الحلبيّون فتملّك حلب ودفع عنها الفرنج‏.‏

قتلته الإسماعيليّة وكانوا عشرة وثبوا عليه يوم جمعة بالجامع في ذي القعدة‏.‏

وكان ديّنًا عادلًا عالي الهمة‏.‏

قتل خلقًا من الإسماعيليّة‏.‏

وأبو بحر الأسديّ سفيان بن العاص الأندلسيّ محدّث قرطبة‏.‏

روى عن ابن عبد البرّ وأبي وصاعد بن سيّار أبو العلاء الإسحاقيّ الهرويُّ الدهّان‏.‏

قرأ عليه ابن ناصر ببغداد ‏[‏جامع الترمذيّ‏]‏ عن أبي عامر الأزدي‏.‏

قال السمعاني‏:‏ كان حافظًا متقنًا كتب الكثير‏.‏

وجمع الأبواب وعرف الرجال‏.‏

وأبو محمد بن عتّاب عبد الرحمن بن محمد بن عتّاب القرطبيُّ مسند الأندلس‏.‏

أكثر عن أبيه وعن حاتم الطرابلسي وأجاز له مكّي بن أبي طالب والكبار‏.‏

وكان عارفًا بالقراءات واقفًا على كثيرٍ من التفسير واللّغة والعربية والفقه مع الحلم والتواضع والزهد‏.‏

وكانت الرحلة إليه‏.‏

توفي في جمادى الأولى عن سبع وثمانين سنة‏.‏

وأبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد المالكيّ قاضي الجماعة بقرطبة ومفتيها‏.‏

روى عن أبي عليّ الغسّاني وأبي مروان بن سراج وخلق‏.‏

كان من أوعية العلم‏.‏

له تصانيف مشهورة عاش سبعين سنة‏.‏

وأبو عبد الله محمد بن بركان بن هلال الصعيدي المصري النحويّ اللغويّ البحر الحبر وله مائة سنة وثلاثة أشهر‏.‏

توفي في ربيع الآخر‏.‏

روى عن عبد العزيز بن الضرّاب والقضاعيّ وسمع ‏[‏البخاري‏]‏ من كريمة بمكة‏.‏

وأبو بكر الطرطوشيُّ محمد بن الوليد الفهريّ الأندلسيّ المالكيّ نزيل الاسكندرية وأحد الأئمّة

الكبار‏.‏

أخذ عن أبي الوليد الباجي ورحل فأخذ ‏[‏السنن‏]‏ عن أبي علي التستري وسمع ببغداد من رزق الله التميمي وطبقته وتفقّه على أبي بكرالشاشي‏.‏

قال ابن بشكوال‏:‏ كان إمامًا عالمًا زاهدًا ورعًا ديّنًا متواضعًا متقشّفًا متقلاّلًا من الدنيا راضيًا باليسير‏.‏

قلت‏:‏ عاش سبعين سنة‏.‏

وتوفي في جمادى الأولى‏.

سنة إحدى وعشرين وخمس مائة فيها أقبل السلطان محمود بن محمد ملكشاه في جيشه محاربًا للمسترشد بالله وتحول أهل بغداد كلّهم إلى الجانب الغربيّ ونزل محمود والعسكر بالجانب الشرقي وتراموا بالنشّاب وتردّدت الرسل في الصلح فلم يقبل الخليفة فهدمت دور الخلافة‏.‏

فغضب الخليفة وخرج من المخيّم والوزير ابن صدقة بين يديه فقدّموا السفن في دفعة واحدة وعبر عسكر الخليفة وألبسوا الملاَّحين السّلاح وسبح العيّارون وصاح المسترشد‏:‏ يال بني هاشم‏:‏ فتحركت النفوس معه‏.‏

هذا وعسكر السلطان مشغولون بالنهب فلما رأوا الجدّ ذلّوا وولّوا الأدبار ومل فيهم السيف ‏,‏ اسر منهم خلقٌ وقتل جماعةٌ أمراء‏.‏

ودخل الخليفة إلى داره‏.‏

وكان معه يومئذ قريب من

وفيها ورد الخبر بأن سنجر صاحب خراسان قتل من الباطنية اثني عشر ألفًا‏.‏

ومرض السلطان محمود وتعلّل بعد الصلح‏.‏

فرحل إلى همذان وولي بغداد الأمير عماد الدين زنكي بن آقسنقر‏.‏

ثم صرف بعد أشهر وفوّض إليه الموصل‏.‏

فسار إليها لموت متولِّيها مسعود بن آقسنقر البرسقي‏.‏

وفيها توفي أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد الهاشميّ العباسي المتوكلي‏.‏

شريفٌ صالحٌ خيرٌ‏.‏

روى عن الخطيب وابن المسلمة وعاش ثمانين سنة‏.‏

ختم التراويح ليلة وعشرين ورجع إلى منزله فسقط من السطح فمات‏.‏

وأبو الحسن الدِّينوري عليُّ بن عبد الواحد‏.‏

روى عن القرويني وأبي محمد الخلال وجماعة‏.‏

وهو أقدم شيخ لابن الجوزي توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وأبو الحسن بن الفاعوس عليُّ بن المبارك البغدادي‏!‏ ُ الحنبليّ الزاهد الإسكاف‏.‏

كان يقصُّ يوم الجمعة وللناس فيه عقيدةٌ لصلاحه وتقشُّفه وإخلاصه‏.‏

روى عن القاضي أبي يعلى وغيره‏.‏

وأبو العزّ القلانسي محمد بن الحسين بن بندار الواسطي مقرئ العراق وصاحب التصانيف في القراءات‏.‏

أخذ عن أبيّ علي غلام الهرّاس وسمع من أبي جعفر بن المسلمة‏.‏

وفيه ضعف وكلام‏.‏

توفي في شوّال عن خمس وثمانين سنة‏.‏

في أوّلها تملّلك حلب عماد الدين زنكي‏.‏

وفيها سار السلطان محمود إلى خدمة عمه سنجر فأطلق له دبيس بن صدقة وقال‏:‏ إعزل زنكي عن الموصل والشام وولِّ دبيسًا واسأل الخليفة أن يصفح عنه‏.‏

فأخذه ورجع‏.‏

وفيها توفي طغتكين ابن أتابك وأبو منصور ظهير الدين‏.‏

وكان من أمراء تتش السلجوقي بدمشق‏.‏

فزوّجه بأم ولده دقاق‏.‏

ثم إنه صار أتابك دقاق ثم تملّك دمشق‏.‏

وكان شهمًا مهيبًا مدبّرًا سائسًا له مواقف مشهورة مع الفرنج‏.‏

توفي في صفر ودفن بتربته قبلي المصلّى‏.‏

وملك بعده ابنه تاج الملوك بوري فعدل ثم ظلم‏.‏

وأبو محمد الشنترينيُّ ثم الإشبيليُّ الحافظ عبد الله بن أحمد‏.‏

روى ‏[‏الصحيح‏]‏ عن ابن منظور عن أبي ذرّ وسمع من حاتم بن محمد وجماعة‏.‏

قال ابن بشكوال‏:‏ كان حافظًا للحديث وعلله عارفًا برجاله وبالجرح والتعديل ثقةً كتب الكثير واختصّ بأبي عليّ الغسّاني وله تصانيف في الرجال توفي في صفر‏.‏

قلت‏:‏ عاش ثمانيًا وسبعين سنة‏.‏

وابن صدقة الوزير أبو عليّ الحسن بن عليّ بن صدقة جلال الدين وزير المسترشد‏.‏

كان ذا حزمٍ وعقل ودهاءٍ ورأيٍ وأدبٍ وفضلٍ توفي في رجب‏.‏

فيها ولي الوزارة عليّ بن طرّاد للمسترشد بالله وصمّمم الخليفة على أن لا يوليّ دبيسًا شيئًا وأصلح زنكي نفسه بأن يحمل للسلطان في السنة مائة ألف دينار وخيلًا وثيابًا فأقرّه‏.‏

وفيها في رمضان هجم دبيس بنواحي بغداد ودخل الحلّة وبعث إلى المسترشد يقول‏:‏ إن رضيت عنّي رددت أضعاف ما ذهب من الأموال‏.‏

فقصه عسكر محمود دخل البريّة بعد أن أخذ من العراق نحو خمس مائة ألف دينار‏.‏

وفيها أخذ زنكي حماة من بوري بن طغتكين وأسر صاحبها سونج بن بوري‏.‏

ثم نازل حمص فلم يقدر عليها‏.‏

فأخذ مع سونج وردّ إلى الموصل‏.‏

فاشتري بوري بن طغتكين ولده سونج منه بخمسين ألف دينار ثم لم يتمّ ذلك‏.‏

فمقت الناس زنكي على غدره وعسفه‏.‏

وفيها قتل بدمشق نحو سنة آلاف ممن كان يرمى بعقيدة الإسماعيلية‏.‏

وكان قد دخل الشام بهرام الأسدآباذي وأضلّ خلقًا ثم إن طغتكين ولاّه بانياس فكانت سبّة من سبّات طغتكين‏.‏

وأقام بهرام له داعيًا بدمشق فكثر أتباعه بدمشق وملك هو عدّة حصون بالشام‏.‏

منها القدموس‏.‏

وكان بوادي التّيم طوائف من الدرزيّة والنصيريّة والمجوس قد استغواهم الضحّاك فحاربهم بهرام فهزموه وكان المزدغانيّ وزير دمشق يعينهم ثم راسل الفرنج ليسلِّم إليهم دمشق فيما قيل ويعوّضوه بصور وقرر مع الباطنيّة بدمشق أن يغلقوا أبواب الجامع والناس في الصلاة‏.‏

ووعد الفرنج أن يهجموا على البلد ساعتئذ‏.‏

فقتله بوري وعلّق رأسه وبذل السيف في الباطنية الإسماعيليّة بدمشق في نصف رمضان يوم الجمعة‏.‏

فسلّم بهرام بانياس للفرنج وجاءت الفرنج فنازلت دمشق‏.‏

وسار عبد الوهاب بن الحنبلي في طائفةٍ يستصرخ أهل بغداد على الفرنج فوعدوا بالإنجاد ثم تناخى عسكر دمشق والعرب والتركمان فبيّتوا الفرنج فقتلوا وأسروا ولله الحمد‏.‏

وفيها توفي جعفر بن عبد الواحد أبو الفضل الثقفي الإصبهانيّ الرئيس‏.‏

روى عن ابن مندة وطائفة وعاش تسعًا وثمانين سنة‏.‏

والمزدغانيُّ الوزير كمال الدين طاهر بن سعد وزير تاج الملوك بوري بن طغتكين‏.‏

مرّ أنه قتل وعلقِّ رأسه على القلعة‏.‏

وأبو الحسن عبيد الله بن محمد بن الإمام أبي بكر البيهقي‏.‏

سمع الكتب من جدِّه ومن أبي يعلى الصابوني وجماعة‏.‏

وحدّث ببغداد‏.‏

وكان قليل الفصيلة‏.‏

توفي في جمادى الأولى وله أربعٌ وسبعون سنة‏.‏

ويوسف بن عبد العزيز أبو الحجّاج الميّورقي الفقيه العلامة نزيل الاسكندرية وأحد الأئمة الكبار‏.‏

تفقّه ببغداد على ألكيا الهرّاسي وأحكم ألأصول والفروع‏.‏

وروى ‏[‏البخاري‏]‏ عن واحد عن أبي ذرّ ومسلمًا عن أبي عبد الله الطبري‏.‏

وله ‏[‏تعليقةٌ‏]‏ في الخلاف‏.‏

توفي في آخر السنة‏.‏

قال السِّلفي‏:‏ حدّث ‏[‏بالترمذي‏]‏ وخلط في إسناده‏.‏

سنة أربع وعشرين وخمس مائة فيها التقى زنكي الفرنج بنواحي حلب وثبت الجمعان ثباتًا كلّيًا ثم ولّت الفرنج ووضع السيف فيهم وأسر خلقًا‏.‏

وافتتح زنكي حصن الأثارب عنوةً وكان له في أيديهم سنوات فخرّبه ونازل حصن حارم فمنها ذلّت الفرنج مع ما جرى منذ أشهر من كسرتهم على دمشق‏.‏

وفيها وزر بدمشق الرئيس مفرّج بن الصوفي‏.‏

وفيها أخذ السلطان محمود قلة الألموت‏.‏

وفيها ظهرت ببغداد عقارب طيّارة قتلت جماعة من أطفال‏.‏

وفيها توفي أبو إسحاق الغزّيُّ إبراهيم بن عثمان شاعر العصر وحامل لواء القريض‏.‏

وشعره كثير سائرٌ متنقّلٌ في بلد الجبال وخراسان‏.‏

وتوفي بناحية بلخ وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

والإخشيذ إسماعيل بن الفضل الإصبهاني السرّاج التاجر‏.‏

قرأ القرآن على جماعة وروى الكثير

والبارع وهو أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب البغدادي الدبّاس المقرئ الأديب الشاعر‏.‏

وهو من ذريّة القاسم بن عبد الله وزير المعتضد‏.‏

توفي في جمادى الآخرة عن اثنتين وثمانين سنة‏.‏

قرأ القرآن على أبي بكر محمد بن عليّ الخيّاط وغيره وروى عن أبي جعفر بن المسلمة وله مصنفات وشعر فائق‏.‏

وابن الغزال أبو محمّد عبد الله بن محمد بن إسماعيل المصري المجاور‏.‏

شيخٌ صالح مقرئ‏.‏

قد سمع السلفي في سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة من إسماعيل الحافظ عنه وسمع القضاعيّ وكريمة‏.‏

وعمَّر دهرًا‏.‏

وفاطمة الجوزدانيّة أمُّ إبراهيم بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل الإصبهانية‏.‏

سمعت من ابن ريذة ‏[‏معجمي الطبراني‏]‏ سنة خمس وثلاثين وعاشت تسعًا وتسعين سنة‏.‏

توفيت في شعبان‏.‏

وأبو الأغرّ قراتكين بن ألأسعد الزجيّ‏.‏

روى عن الجوهريّ‏.‏

وكان عاميًا‏.‏

توفي في رجب ببغداد‏.‏

وأبو عامر العبدري محمد بن سعدون بن مرجّا الميورقي الحافظ الفقيه الظاهرُّ نزيل بغداد‏.‏

أدرك أبا عبد الله البانياسي والحميديّ وهذه الطبقة‏.‏

وقال القاضي أبو بكر بن العربي‏:‏ هو أنبل من لقيته‏.‏

وقال ابن ناصر‏:‏ كان فهمًا عاليًا متعفّفًا مع فقرة‏.‏

وقال السِّلفي‏:‏ كان من أعيان علماء الإسلام متصرّفًا في فنون من العلوم‏.‏

وقال ابن عساكر‏:‏ بلغني أنَّه قال‏:‏ أهل البدع يحتجّون بقوله ليس كمثله شيء أي في الإلهيّة‏.‏

فأمّا في الصورة فمثلنا‏.‏

ثم يحتج بقوله لستنّ كأحد من النساء إن اتقيتنّ أي في الحرمة‏.‏

ومحمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي البربري المدّعي أنه علويّ حسنيّ وأنّه المهديُّ‏.‏

رحل إلى المشرق ولقي الغزّالي وطائفة وحصل فنًا من العلم والأصول والكلام وكان رجلًا ورعًا ساكنًا ناسكًا في الجملة زاهدًا متقشّفًا شجاعًا جلدًا عاقلًا عميق الفكر بعيد الغور فصيحًا مهيبًا‏.‏

لذته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد‏.‏

ولكن جرَّه إقدامه وجرأته إلى حبّ الرئاسة والظهور وارتكاب المحظور ودعوى الكذب والزور من أنّه حسنيّ وهو هرغيّ بربريّ وأنّه إمامٌ معصومٌ وهو بالإجماع مخصوم‏.‏

فبدأ أوَّلًا بالإنكار بمكة فآذوه فقدم مصر وأنكر فطردوه‏.‏

فأقام بالثغر مدّه فنفوه وركب البحر فشرع ينكر على أهل المركب ويأمر وينهى ويلزمهم بالصلاة‏.‏

وكان مهيبًا وقورًا بزيق الفقر‏.‏

فنزل بالمهديّة في غرفة فكان لا يرى منكرًا أو لهوًا إلاّ غيّرة بيده ولسانه‏.‏

فاشتهر وصار له زبون وشباب يقرأون عليه في الأصول‏.‏

فطلبه أمير البلد يحيى بن باديس وجلس له‏.‏

فلما رأى حسن سمته وسمع كلامه احترمه وسأله الدعاء‏.‏

فتحوّل إلى بجاية وأنكر بها‏.‏

فأخرجوه فلقي بقرية ملاّلة عبد المؤمن ابن عليّ شابًّا مختطًا مليحًا‏.‏

فربطه عليه وأفضى إليه بسرّه وأفاده جملةً من العل‏:‏ وصار معه نحو خمسة أنفس‏.‏

فدخل مرّاكش وأنكر كعادته فأشار مالك بن وهيب الفقيه على عليّ بن يوسف بن تاشفين بالقبض عليهم سدَّا للذريعة وخوفًا من الغائلة‏.‏

وكانوا بمسجد داثر بظاهر مرّاكش‏.‏

فأحضرهم وعقد لهم مجلسًا حافلًا فواجهه ابن تومرت بالحقِّ المحض ولم يجابه ووبّخه ببيع الخمر جهارًا وبمشي الخنازير التي للفرنج بين أظهر المسلمين وبنحو ذلك من الذنوب‏.‏

وخاطبه بكيفيّة ووعظ‏.‏

فذرفت عينا الملك وأطرق فقويت التهمة عند ابن وهيب وأشباهه من العقلاء وفهموا مرام ابن تومرت‏.‏

فقيل للملك‏:‏ إن لم تسجنهم وتنفق عليهم كل يوم دينار وإلا أنفقت عليهم خزانتك‏.‏

فهوّن الوزير أمرهم ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا‏.‏

فصرفه الملك وطلب منه الدعاء واشتهر اسمه وتطالعت النفوس إليه‏.‏

وسار إلى أغمات وانقطع بجبل اتينملّ وتسارع إليه أهل الجبل يتبرّكون به‏.‏

فأخذ يستميل الشباب الأعتام والجهلة الشجعان ويلقي إليهم ما في نفسه وطالت المدّة وأصحابه يكثرون وهو يأخذهم بالديانة والتقوى ويحضهم على الجهاد وبذل النفوس في الحق‏.‏

وورد أنه كان حاذقًا في ضرب الرمل قد وقع بجفرٍ فيما قيل واتفق لعبد المؤمن أنّه كان قد رأى أنّه يأكل في صحفة مع ابن تاشفين ثم اختطفت الصحفة منه فقال له المعبر هذه الرؤيا لا ينبغي أن تكون لك بل هي لرجل يخرج على ابن تاشفين ثم يغلب على الأمر‏.‏

وكانت تهمة ابن تومرت في إظهار العقيدة والدعاء إليها‏.‏

وكان أهل المغرب على طريقة السلف ينافرون الكلام وأهله‏.‏

ولما كثرت أصحابه أخذ يذكر المهدي ويشوِّق إليه ويروي الأحاديث التي وردت فيه‏.‏

فتلهّفوا على لقائه‏.‏

ثم روّى ظمأهم وقال‏:‏ أنا هو‏.‏

وساق لهم نسبًا ادّعاه وصرّح بالعصمة‏.‏

وكان عل طريقةٍ مثلى لا ينكر معها العصمة‏.‏

فبادروا إلى متابعة وصنّف لهم تصانيف مختصرات‏.‏

وقوى أمره في سنة خمس عشرة وخمس مائة‏.‏

فلما كان في سنة سبع عشرة جهّز عسكرًا من المصامدة أكثرهم من أهل تينملّ والسوس وقال‏:‏ اقصدوا هؤلاء المارقين من المرابطين فادعوهم إلى إزالة البدع والإقرار بالإمام المعصوم‏:‏ فإن أجابوكم وإلا فقاتلوهم‏.‏

وقدّم عليهم عبد المؤمن‏.‏

فالتقاهم الزبير ولد أمير المسلمين‏.‏

فانهزمت المصامدة ونجا عبد المؤمن‏.‏

ثم التقوهم مرّةً أخرى فنصرت المصامدة واستفحل أمرهم وأخذوا في شنّ الإغارات على بلاد ابن تاشفين وكثر الداخلون في دعوتهم وانضمّ إليهم كل مفسدٍ ومريب واتَّسعت عليهم الدنيا وابن تومرت في ذلك كله لون واحد من الزهد والتقلّل والعبادة وإقامة السنن والشعائر لولا ما أفسد القضية بالقول بنفي الصفات كالمعتزلة وبأنّه المهديُّ وبتسرّعه في الدماء‏.‏

وكان ربما كاشف أصحابه ووعدهم بأمور فتوافق فيفتنون به‏.‏

وكان كهلًا أسمر عظيم الهامة ربعةً حديد النظر مهيبًا طويل الصمت حسن الخشوع والسمت وقبره مشهور معظم ولم يملك شيئًا من المدائن إنما مهّد الأمور وقرّر القواعد فبغته الموت‏.‏

وكانت الفتوحات والممالك لعبد المؤمن‏.‏

وقد طولت ترجمة هذين في تاريخي الكبير‏.‏

والله أعلم‏.‏

والآمر بأحكام الله أبو علي منصور بن المستعلي بالله أحمد بن المستنصر بالله معد بن الظاهر بن الحاكم العبيديُّ الرافضيُّ صاحب مصر‏.‏

كان فاسقًا مستهترًا ظالمًا امتدت دولته‏.‏

ولما كبر وتمكّن قتل وزيره الأفضل وأقام في الوزارة البطائحي المأمون ثم صادره وقتله‏.‏

ولي الخلافة سنة خمس وتسعين وهو ابن خمس سنين فانظر إلى هذه الخلافة الباطلة من وجوه‏:‏ أحدها‏:‏ السن‏.‏

الثاني‏:‏ عدم النسب فإنّ جدّهم دعيٌّ في بني فاطمة بلا خلاف‏.‏

الثالث‏:‏ أنهم خوارج على الإمام‏.‏

الخامس‏:‏ تظاهره بالفسق‏.‏

وكانت أيامه ثلاثين سنة‏.‏

خرج في ذي القعدة إلى الجيزة فكمن له قومٌ بالسّلاح فلما مرّ على الجسر نزلوا عليه بالسيوف‏.‏

ولم يعقب‏.‏

وبايعوا بعده ابن عمّه الحافظ عبد المجيد ابن الأمير محمد بن المستنصر فبقي إلى عام أربعمةٍ وأربعين وكان الآمر ربعةً شديد الأدمة جاحظ العينين عاقلًا ماكرًا مليح الخطّ‏.‏

ولقد ابتهج الناس بقتله لعسفه وظلمه وجوره وسفكه الدماء وإدمانه الفواحش‏.‏

وابو محمد بن الأكفانيّ هبة الله بن أحمد بن محمد الأنصاريُّ الدمشقيُّ الحافظ وله ثمانون سنة‏.‏

سمع أباه وأبا القاسم الحنَّائي وأبا بكر الخطيب وطبقتهم‏.‏

ولزم أبا محمد الكتّاني مدةً‏.‏

وكان ثقةً فهمًا شديد العناية بالحديث والتاريخ كتب الكثير وكان من كبار العدول توفي في سادس المحرّم‏.‏

وأبو سعد المهراني هبة الله بن القاسم بن عطاء النيسابوريّ‏.‏

روى عن عبد الغافر الفارسي وأبي عثمان الصابوني وطائفة‏.‏

وعاش ثلاثًا وتسعين سنة‏.‏

وكان ثقةً جليلًا خيّرًا‏.‏

وتوفي في جمادى ألأولى‏.‏

فيها توفي أبو مسعود بن المجلي أحمد بن علي البغداديّ البزّاز‏.‏

شيخٌ مباركٌ عاميّ‏.‏

روى عن القاضي أبي يعلى وابن المسلمة وطبقتهما‏.‏

وأبو المواهب بن ملوك الورّاق أحمد بن محمد بن عبد الملك البغداديّ عن خمس وثمانين سنة‏.‏

وكان صالحًا خيّرًا‏.‏

روى عن القاضي أبي الطيب الطبري والجوهري‏.‏

وابو نصر الطوسيّ أحمد بن محمد بن عبد القاهر الفقيه نزيل الموصل‏.‏

تفقّه على الشيخ أبي إسحاق وسمع من عبد الصمد بن المأمون وطائفة‏.‏

والشيخ حمّاد بن مسلم الدبّاس أبو عبد الله الرحبيّ الزاهد القدوة نشأ ببغداد وكان له معملٌ للدّبس‏.‏

وكان أمِّيًّا لا يكتب‏.‏

له أصحابٌ وأتباع وأحوال وكرامات‏.‏

دوّنوا كلامه في مجلدات‏.‏

وكان شيخ العارفين في زمانه‏.‏

وكان ابن عقيل يحطُّ عليه ويؤذيه‏.‏

وهو شيخ الشيخ عبد القادر‏.‏

توفي في رمضان‏.‏

وأبو العلاء زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الإيادي الإشبيليّ طبيب الأندلس وصاحب التصانيف‏.‏

أخذ عن أبيه‏.‏

وحدّث عن أبي علي الغسّاني وجماعة‏.‏

ونال دنيا عريضةً ورئاسةً كبيرة‏.‏

وله شعرٌ رائق‏.‏

نكب في الآخر من الدولة‏.‏

وعين القضاة الهمذانيّ أبو المعالي عبد الله بن محمد الميانجيُّ الفقيه العلامة الأديب وأحد من كان يضرب به المثل في الذكاء‏.‏

دخل في التصوّف ودقائقه وتعانى إشارات القوم حتى ارتبط عليه الخلق ثم صلب بهمذان على تلك الألفاظ الكفريّة‏.‏

نسأل الله العفو‏.‏

وأبو عبد الله الرازيّ صاحب ‏[‏السداسيّات‏]‏ و‏[‏المشيخة‏]‏ محمد بن أحمد بن إبراهيم الشاهد المعروف ابن الحطّاب مسند الديار المصريّة وأحد عدول الاسكندرية‏.‏

توفي في جمادى الأولى عن إحدى وتسعين سنة‏.‏

سمّعه أبوه الكثير من مشيخة مصر‏:‏ ابن حّمصة والطفّال وأبي القاسم الفارسي وطبقتهم‏.‏

وأبو غالب الماورديُّ محمد بن الحسن بن علي البصريّ في رمضان ببغداد وله خمسٌ وسبعون سنة‏.‏

روى عن أبي عليّ التستري وأبي الحسين بن النقور وطبقتهما‏.‏

وكان ناسخًا فاضلًا صالحًا‏.‏

دخل إلى أصبهان والكوفة وكتب الكثير وخرّج ‏[‏المشيخة‏]‏

والسلطان محمود ابن السطان محمد بن ملكشاه مغيث الدين السلجوقيّ‏.‏

ولي بعد أبيه سنة اثنتي عشرة وخطب له ببغداد وغيرها ولعمّه سنجر معا‏.‏

وكان له معرفةٌ بالنحو والشعر والتاريخ‏.‏

توفي بهمذان وولي بعده طغريل سنتين ثم مسعود‏.‏

وكان قد حلّفهم لابنه داود بن محمود فلم يتمّ له أمر‏.‏

وأبو القاسم بن الحصين هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس بن الحصين ولد في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين‏.‏

وسمع من ابن غيلان وابن المذهب والحسن بن المقتدي والتنوخيّ‏.‏

وهو آخر من حدّث عنهم‏.‏

وكان ديّنًا صحيح السماع توفي في رابع عشر شوال‏.‏

ويحيى بن المسرف بن عليّ أبو جعفر المصريُّ التمّار‏.‏

روى عن أبي العبّاس بن نفيس‏.‏

وكان صالحًا من أولاد المحدّثين‏.‏

توفي في رمضان‏.‏

سنة ست وعشرين وخمس مائة فيها كانت الوقعة بناحية الدِّينور بين السلطان سنجر وبين ابني أخيه سلجوق ومسعود‏.‏

قال ابن الجوزيّ‏:‏ كان مع سنجر مائة وستون ألفًا ومع مسعود ثلاثون ألفًا‏.‏

وبلغت القتلى أربعين ألفًا‏.‏

وقتلوا قتلةً جاهليّةً على الملك لا على الدين‏.‏

وقتل قراجا أتابك سلجوق‏.‏

وجاء مسعود لما رأى القلبة إلى بين يدي سنجر فعفا عنه وأعاده إلى كنجة وقرّر سلطنة بغداد لطغربل ورد إلى خراسان وفيها التقى المسترشد بالله زنكي ودبيسًا وكانا في سبعة آلاف قدما ليأخذا سلطنة بغداد‏.‏

وشهر المسترشد يومئذٍ السيف‏.‏

وحمل بنفسه وكان في ألفين‏.‏

فانهزم وزنكي وقتل من عسكرهما خلق‏.‏

وفيها كانت وقعةٌ على همذان بين طغريل السلطان وبين حاشية أخيه محمدو ومعهم ابن استاذهم داود صبيٌّ أمرد‏.‏

فانهزموا‏.‏

وفيها توفي الملك الأكمل أحمد بن الأفضل أمير الجيوش شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي المصريّ‏.‏

سجن بعد قتل أبيه مدّةً إلى أن قتل الآمر وأقيم الحافظ‏.‏

فأخرجوا الأكمل وولي وزارة السيف والقلم‏.‏

وكان شهمًا هيبًا عالي الهمّة كأبيه وجدّه‏.‏

فحجر على الحافظ ومنعه من الظهور وأخذ أكثر ما في القصر وأهمل ناموس الخلافة العبيديّة لأنه كان سنيًّا كأبيه لكنّه أظهر التمسّك بالإمام المنتظر وأبطل من الأذان ‏[‏حيّ على خير العمل‏]‏ وغيرّ قواعد القوم‏.‏

فأبغضه الدعاة والقوّاد وعملوا عليه‏.‏

فركب للعب الكرة في المحرّم فوثبوا عليه وطعنه مملوك الحافظ بحربة وأخرجوا الحافظ ونزل إلى دار الأكمل واستولى على خزائنه واستوزر يانس مولاه‏.‏

فهلك بعد عام‏.‏

وأبو العزّ بن كادش أحمد بن عبيد الله بن محمد السُّلمي العكبريّ قي جمادى الأولى عن تسعين سنة‏.‏

وهو آخر من روى عن القاضي أبي الحسن الماورديّ‏.‏

وروى عن الجوهريّ والعشاري والقاضي أبي الطيب‏.‏

وكان قد طلب الحديث بنفسه وله فهم‏.‏

قال عبد الوهاب الأنماطي‏:‏ كان مخلّصًا‏.‏

وبوري تاج الملوك صاحب دمشق وابن صاحبها طغتكين مملوك تاج الدولة تتش السلجوقي‏.‏

وكانت دولته أربع سنين‏.‏

قفز عليه الباطنية فجرح وتعلل أشهرًا ومات في رجب وولي بعده ابنه شمس الملوك إسماعيل‏.‏

وكان شجاعًا مجاهدًا جوادًا كريمًا‏.‏

سدّ مسدّ أبيه وعاش ستًا وأربعين سنة‏.‏

وعبد الله بن أبي جعفر المرسيّ العلامة أبو محمد المالكيّ‏.‏

انتهت إليه رئاسة المالكيّة‏.‏

توفي في رمضان‏.‏

وقد روى عن أبي حاتم بن محمد وابن عبد البر والكبار وسمع بمكة ‏[‏صحيح مسلم‏]‏ من أبي عبد الله الطبري‏.‏

وعبد الكريم بم حمزة أبو محمد السُّلمي الدمشقيّ الحدّاد مسند الشام‏.‏

روى عن أبي القاسم الحنّائي والخطيب وأبو الحسين بن مكّي‏.‏

وكان ثقةً‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

والقاضي أبو الحسين بن الفرّاء محمد ابن القاضي أبي يعلى محمد ابن الحسين البغدادي الحنبليّ وله أربعٌ وسبعون سنة‏.‏

سمع أباه وعبد الصمد ابن المأمون وطبقتهما‏.‏

وكان مفتيًا مناظرًا عارفًا بالمذهب ودقائقه صلبًا في السُّنة كثير الحطِّ على الأشاعرة‏.‏

استشهد ليلة عاشوراء وأخذ ماله ثم قتل قاتله‏.‏

ألّف ‏[‏طبقات الحنابلة‏]‏‏.‏

فيها قدمت التركمان فأغاروا على أعمال طرابلس فالتقاهم فرنج طرابلس فهزمتهم التركمان‏.‏

ثمّ وقع الخلف بين ملوك الفرنج بالشام وتحاربوا‏.‏

وفيها واقع عسكر حلب الفرنج وقتلوا منهم نحو الألف‏.‏

وفيها سار المسترشد بالله في اثني عشر ألفًا إلى الموصل فحاصرها ثمانين يومًا وبها زنكي ثم ترحّل خوفًا على بغداد من دبيس والسلطان مسعود‏.‏

وفيها أخذ شمس الملوك إسماعيل حصن بانياس من الفرنج بالسيف وقلعتها بالأمان‏.‏

وفيها توفي أبو غالب بن البنّاء أحمد بن أبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الله البغدادي الحنبليّ مسند العراق وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏

مات في صفر‏.‏

سمع الجوهريّ ‏,‏ وأبا يعلى بن الفرّاء وطائفة‏.‏

وله ‏[‏مشيخة‏]‏ مرويّة‏.‏

وأبو العباس بن الرطبي أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن مخلّد الكرخيّ‏.‏

برع في المذهب وغوامضه على الشيخين أبي إسحاق وابن الصبّاغ حتى صار يضرب به المثل في الخلاف والمناظرة ثم علّم أولاد الخليفة‏.‏

وأسعد الميهني العلامة مجد الدين أبو الفتح شيخ الشافعيّة في عصره وعالمهم وأبو سعيد صاحب ‏[‏التعليقة‏]‏‏.‏

تفقّه بمر وغزنة وشاع فضله وبعد صيته وولي نظاميّة بغداد مرّتين‏.‏

وخرج له عدة تلامذة‏.‏

وكان ذكاءً‏.‏

تفقّه على أبي المظفّر بن السمعاني والموفّق الهروي‏.‏

وكان يرجع إلى دين وخوف‏.‏

وأبو نصر اليونارتي الحسن بن محمد بن إبراهيم الحافظ - ويونارت قرية على باب إصبهان‏.‏

سمع أبا بكر بن ماجه وأبا بكر بن خلف الشيرازي وطبقتهما‏.‏

ورحل إلى هراة وبلخ وبغداد‏.‏

وعني بهذا الشأن‏.‏

وكان جيِّد العرفة‏.‏

توفي في شوال وقد جاوز الستين‏.‏

وابن الزاغواني أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر البغدادي شيخ القراءات وله اثنتان وسبعون سنة‏.‏

روى عن ابن المسلمة والصريفيني وقرأ القراءات وبرع في المذهب والأصول والوعظ‏.‏

وصنّف التصانيف واشتهر اسمه توفي في المحرّم وشيّعته أمم‏.‏

ومحمد بن أحم بن صاعد أبو سعيد النيسابوريّ الصاعديّ وله ثلاثٌ وثمانون سنة‏.‏

وكان رئيس نيسابور وقاضيها وعالمها وصدرها‏.‏

روى عن أبي الحسن عبد الغافر وابن مسرور‏.‏

وأبو بكر المزرفي محمد بن الحسين الفرضي الحنبليّ ببغداد وله ثمان وثمانون سنة‏.‏

قرأ القراءات على أصحاب الحمّامي وسمع أبا جعفر بن المسلمة وطائفة‏.‏

مات ساجدًا في أوّل يومٍ من السنة‏.‏

وأبو خازم بن الفرّاء الحنبليُّ محمد ابن القاضي أبي يعلى‏.‏

ولد سنة سبع وخمسين ومات أبوه وله سنة فسمع من أبي جعفر بن المسلمة وجماعة وبرع في المذهب والأصول والخلاف وفاق أهل زمانه بالزهد والديانة صنف كتاب ‏[‏التبصرة في الخلاف‏]‏ و ‏[‏رؤوس المسائل‏]‏ وشرح ‏[‏مختصر الخرقي‏]‏ وغير ذلك‏.‏

سنة ثمان وعشرين وخمس مائة فيها جاء الحمل من صاحب الموصل زنكي ورضي عنه الخليفة‏.‏

وفيها قدم رسول السلطان سنجر فأكرم وأرسل إليه المسترشد بالله خلفه عظيمة الحظر بمائة وعشرين ألف دينار ثم عرض المسترشد جيشه فبلغوا خمسة عشر ألفًا في عددٍ وزينةٍ لم ير مثلها‏.‏

وجدّد المسترشد قواعد الخلافة وأحي رميمها ونشر عظامها وهابته الملوك‏.‏

وفيها توفي الشيخ أبو الوفاء أحمد بن عليّ الشريازي الزاهد الكبير صاحب الرباط والأصحاب والمريدين ببغداد‏.‏

وكان يحضر السماع‏.‏

وأبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصّلت الدّاني الأندلسي صاحب الفلسفة‏.‏

وكان ماهرًا في علوم ألأوائل‏:‏ الطبيعي والرياضي والإلهي كثير التصانيف بديع النظم‏.‏

عاش ثمانيًا

وأبو عليّ الفارقي الحسن بن إبراهيم شيخ الشافعيّة‏.‏

ولد بميّافارقين سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مائة وتفقّه على محمد بن بيان الكازوني ثم ارتحل إلى الشيخ أبي إسحاق وحفظ عليه ‏[‏المهذّب‏]‏ وتفقه على ابن الصبّاغ وحفظ عليه ‏[‏الشامل‏]‏‏.‏

وكان ورعًا زاهدًا صاحب حقٍّ مجودًا لحفظ الكتابين يكرر عليهما‏.‏

وقد سمع من أبي جعفر بن المسلمة وجماعة وولي قضاء واسط مدّة‏.‏

وبها توفي في المحرّم عن خمسٍ وتسعين سنة وعليه تفقّه القاضي أبو سعد بن أبي عصرون‏.‏

وأبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد الواسطي الشروطي‏.‏

روى عن الخطيب وابن المسلمة وتوفي في ذي الحجة‏.‏

سنة تسع وعشرين وخمس مائة فيها بعث المسترشد إلى مسعود بالخلع والتاج ثم نفذ إليه جاولي شحنة بغداد مستحثًّا له على الخروج من بغداد وأمره إن ماطل أ يرمي مخيّمه‏.‏

ثم أحسّ المسترشد من مسعود الشرَّ فأخرج السرادق وبرزت الأمراء‏.‏

وجاء الخبر بموت طغريل فساق مسعود إلى همذان فاختلف عليه الجيش وجاء منهم جماعة وفيها أخذ زنكي المعرّة من الفرنج وبقيت في أيديهم سبعًا وثلاثين سنة‏.‏

ثم إنّ الأخبار تواترت بأن مسعودًا قد حشد وجمع وعلى خيالته دبيس‏.‏

فطلب المسترشد زنكي وهو محاصرٌ دمشق ليقدم فنفذ مسعود خمسة آلاف فكبسوا مقدّمة المسترشد وأخذوا خيلهم وأمتعتهم‏.‏

فرّوا إلى بغداد بأسوإ حال ثم جبرهم الخليفة وسار في سبعة آلاف‏.‏

وكان مسعود بهمذان في بضعة عشر ألفًا فالتقوا في رمضان فانهزم عسكر الخليفة وأحيط به وبخواصته وأخذت خزائنه وكان معه على البغال آلاف ألف دينار ولم يقتل سوى خمسة أنفس وحصل المسترشد في أسر مسعود وأقام أهل بغداد يوم العيد عليه شبه المأتم وهاشوا على شحنة مسعود‏.‏

ثم أمر الأجناد والعامة فقتل مائة وخمسون نفسًا‏.‏

وأشرفت بغداد على النهب‏.‏

ثم أمر الشحنة فنودي‏:‏ سلطانكم جاثي بين يدي الخليفة وعلى كتفه الغاشية‏.‏

فسكنوا‏.‏

وأمّا مسعود فسار ومعه الخليفة معتقلًا إلى مراغة وبها داود بن محمود‏.‏

فأرسل سنجر يهدّد مسعودًا ويخوّفه وأمره أن يتلافى الأمر وأن يعيد المسترشد إلى دسته ويمشي في ركابه‏.‏

فسارع إلى ذلك‏.‏

واتفق أنّ مسعودًا ركب في جيشه ليلقى بظاهر مراغة‏.‏

وجلس السلطان للعزاء ووقع البكاء والنوح‏.‏

وجاء الخبر إلى ولده الراشد فيايعوه ببغداد طول الليل وأقام عليه البغداديّون مأتمًا ما سمع بمثله قطّ‏.‏

وكانت خلافة المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله بن محمد القائم الهاشيم العباسي سبع عشرة سنة ونصف سنة‏.‏

استحلف بعد أبيه وسنُّ إذ ذاك سبع وعشرون سنة واستشهد في سابع عشر ذي القعدة وله خمس وأربعون سنة‏.‏

وقيل إنّ الباطنية جهزهم عليه مسعود‏.‏

ولم يل الخلافة بعد المعتضد بالله أشهم منه‏.‏

كان بطلًا شجاعًا مقدامًا شديد الهيبة ذا رأي ويقظةٍ وهمةٍ عالية‏.‏

وقد روى عن أبي القاسم بن بيان الرزّاز‏.‏

وشمس الملوك أبو الفتح إسماعيل بن تاج الملوك بوري بن طغتكين‏.‏

ولي دمشق بعد أبيه‏.‏

وكان وافر الحرمة موصوفًا بالشجاعة كثير الإغارة على الفرنج‏.‏

أخذ منهم عدّة حصون وحاصر أخاه ببعلبك مدة لكنه كان ظالمًا مصادرًا جبّارًا مسودنًا‏.‏

فرتبت أمُّه زمرّد خاتون من وثب عليه فيقلعة دمشق في ربيع الأوّل‏.‏

وكانت دولته نحو ثلاث سنين وترتّب بعده في الملك أخوه محمود وصار أتابكه معين الدين أنر الطغتكيني فبقي أربع سنين وقتله غلمانه‏.‏

والحسن ابن الحافظ لدين الله عبد المجيد العبيديّ المصريّ وليّ عهد أبيه ووزيره‏.‏

ولي ثلاثة أعوام فظلم وغشم وفتك حتى إنه قتل في ليلة أربعين أميرًا‏.‏

فخافه أبوه وجهّز لحربه جماعة ودبيس بن صدقة ملك العرب نور الدولة أبو الأغرّ ولد الأمير سيف الدولة الأسدي صاحب الحلّة‏.‏

كان فارسًا مقدامًا جوادًا ممدّحًا أديبًا كثير الحروب والفتن‏.‏

خرج على المسترشد بالله غير مرّة ودخل خراسان والشام والجزيرة واستولى على كثير من العراق‏.‏

وكان مسعر حرب وجمرة بلاء‏.‏

قتله السلطان مسعود بمراغة في ذي الحجّة‏.‏

وأظهر أنه قتله أخذًا بثأر المسترشد‏.‏

فلله الحمد على قتله‏.‏

وظافر بن القاسم الحدّاد الجذامي الاسكندري الشاعر المحسن صاحب ‏[‏الديوان‏]‏‏.‏

وأبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسي الحافظ الأديب صاحب ‏[‏تاريخ نيسابور‏]‏ ومصنّف ‏[‏مجمع الغرائب‏]‏ ومصنف ‏[‏المفهم في شرح مسلم‏]‏ وكان إمامًا في الحديث وفي اللغة والأدب والبلاغة‏.‏

عاش ثمانيًا وسبعين سنة وأكثر الأسفار وحدث عن جدّه لأمه أبي القاسم القشيريّ وطبقته‏.‏

وأجاز له أبو محمد الجوهريّ وآخرون‏.‏

وقاضي الجماعة أبو عبد الله بن الحاجّ التجيبي القرطبيّ المالكيّ محمد بن أحمد بن خلف‏.‏

روى عن أبي عليّ الغسّاني وطائفة‏.‏

وكان من جلّة العلماء وكبارهم متبحر في العلوم والآداب‏.‏

ولم يكن أحدٌ في زمانه أطلب للعلم منه مع الدين والخشوع‏.‏

قتل ظلمًا بجامع قرطبة في صلاة الجمعة

سنة ثلاثين وخمس مائة فيها جاء أميرٌ من جهة السلطان مسعود يطلب من الراشد بالله سبع مائة ألف دينار‏.‏

فاستشار الأعيان فأشاروا عليه بالتجنيد‏.‏

فردّ على مسعود بقوة نفس‏.‏

وأخذ يتهيأ‏.‏

فانزعج أهل بغداد وعلّقوا السلاح‏.‏

ثم إنّ الراشد قبض على إقبال الخادم وأخذت حواصله فتألّم العسكر لذلك وشغبوا ووقع النهب‏.‏

ثم جاء زنكي وسأل في إقبال سؤالًا تحته إلزام‏.‏

فأطلق له‏.‏

ثم قبض الراشد على أستاذ داره ثم خرج بالعساكر فجاء عسكر مسعود فنازلوا بغداد وقاتلهم الناس وخامر جماعة أمراء إلى الراشد‏.‏

ثمّ بعد أيام وصل رسول مسعود يطلب من الراشد الصلح فقرئت مكاتبته على الأمراء فأبوا إلا القتال‏.‏

فأقبل مسعود في خمسة آلاف راكب ودام الحصار واضطرب عسكر الخليفة والقصة فيها طول‏.‏

ثم كاتب مسعودٌ زنكي ووعده ومنّاه وكتب إلى أمراء زنكي‏.‏

إنكم إن قتلتم زنكي أعطيتم بلاده‏.‏

وعرف زنكي فرحل هو والراشد ونزل بغداد‏.‏

فدخلها مسعودٌ فأظهر القول واجتمع إليه الأعيان والعلماء وحطّوا على الراشد‏.‏

وبالغ في ذلك عليُّ بن طراد وقيل بل أخرج مسعود خط الراشد يقول إني متى جندت انعزلت ثم نهض علي بن طراد

بأعباء القضية واجتمع بالقضاة والمفتين وخوّفهم وأرهبهم إن لم يخلعوا الراشد‏.‏

وكتب محضرًا فيه‏:‏ إن أبا جعفر بن المسترشد بدا منه سوء فعالٍ وسفك دماءٍ وفعل مالا يجوز أن يكون معه إمامًا‏.‏

وشهد بذلك جماعةٌ‏.‏

ثم حكم ابن الكرجي وهو قاضٍ بخلعه في ذي القعدة‏.‏

وأحضروا محمد بن المستظهر فبايعوه ولقّبوه المقتفي لأمر الله‏.‏

ثم أخذ مسعود جميع ما في دار الخلافة حتى لم يدع في دار الخلافة سوى أربعة أفراس‏.‏

فقيل إنهم بايعوه على أن لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر‏.‏

وبايعه مسعود يوم عرفة‏.‏

وفيها كبس عسكر حلب بلاد الفرنج بالساحل فأسروا وسبوا وغنموا وشرع أمر الفرنج يتضعضع‏.‏

وفيها توفي نصر البئّار إبراهيم بن الفضل الإصبهاني الحافظ روى عن أبي الحسين بن النقور وخلق‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ رحل وسمع وما أظنّ أحدًا بعد ابن طاهر المقدسي رحل وطوّف مثله أو جمع الأبواب كجمعه إلا أنّ الإدبار لحقه في آخر الأمر‏.‏

وكان يقف في سوق إصبهان ويروي من حفظه بسنده‏.‏

وسمعت أنه يضع في الحال‏.‏

وقال لي إسماعيل بن محمد الحافظ‏:‏ اشكر الله كيف ما لحقته‏.‏

وأمّا ابن طاهر المقدسي فجرّب عليه وسلطان بن يحيى بن عليّ ب عبد العزيز زين القضاة أبو المكارم القرشيّ الدمشقيّ‏.‏

روى عن أبي القاسم بن أبي العلاء وجماعة وناب في القضاء عن أبيه ووعظ وأفتى‏.‏

وعليّ بن أحمد بن منصور بن قبيس الغسّاني أبو الحسن المالكي النحويُّ الزاهد شيخ دمشق ومحدّثها روى عن أبي القاسم السميساطي وأبي بكر الخطيب وعدّة‏.‏

قال السِّلفي‏:‏ لم يكن في وقته مثله بدمشق‏.‏

كان زاهدًا عابدًا ثقةً‏.‏

وقال ابن عساكر‏:‏ كان متحرّزًا متيقّظًا منقطعًا في بيته بدرب النقّاشة أو بيته الذي في المنارة الشرقية بالجامع مفتيًا يقرئ الفرائض والنحو‏.‏

وأبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه الأصبهاني المزكّى راوي ‏[‏مسند الروياني‏]‏ عن أبي الفضل الرازي توفي في ذي القعدة‏.‏

وأبو عبد الله محمد بن حمويه الجوينيّ الزاهد شيخ الصوفية بخراسان‏.‏

له ‏[‏مصنّفٌ في التصوف‏]‏‏.‏

وكان زاهدًا قدوةً عارفًا بعيد الصيت‏.‏

روى عن موسى بن عمران الأنصاري وجماعة وعاش اثنتين وثمانين سنة‏.‏

وهو جدّ بني حمّويه‏.‏

وأبو بكر محمد بن علي بن أبي ذرّ الصالحاني مسند إصبهان في زمانه وآخر من حدّث عن أبي طاهر بن عبد الرحيم الكاتب‏.‏

كان صالحًا صحيح السماع‏.‏

توفي في جمادى الآخرة عن اثنتين وتسعين سنة‏.‏

وآخر أصحابه عين الشمس‏.‏

وأو عبد الله الفراوي محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي النيسابوري فقيه الحرم‏.‏

راوي ‏[‏صحيح مسلم‏]‏ عن الفارسي‏.‏

روى عن الكبار ولقي ببغداد أبا نصر الزّينبي وتفرّد بكتبٍ كبار وصار مسند خراسان‏.‏

وكان شافعيًّا مفتيًا مناظرًا‏.‏

صحب إمام الحرمين مدة وعاش تسعين سنة‏.‏

توفي في شوال‏.‏

سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة فيها دفع زنكي الراشد المخلوع عن الموصل فسار نحو أذربيجان وتسلّل الناس عنه وبقي حائرًا‏.‏

فنفذ مسعود ألفي فارس ليأخذوه ففاتهم وجاء إلى مراغة‏.‏

فبكى عند قبر أبيه وحثا على رأسه التراب‏.‏

فرقّ له أهل مراغة وقام معه داود بن السلطان ولد محمود‏.‏

فالتقى داود ومسعود فقتل خلقٌ من جيش مسعود‏.‏

وصادر مسعود الرعية ببغداد وعسف‏.‏

وفيها سار عسكر دمشق فالتقوا فرنج طرابلس فكسروهم ولله الحمد‏.‏

وفيها هزم الأتابك زنكي الفرنج بالشام وأخذ منهم قلعة بعرين ثم سار إلى بعلبك فتملّكها‏.‏

وفيها توفي إسماعيل بن أبي القاسم القارئ أبو محمد النيسابوري روى عن أبي الحسن عبد الغافر وأبي حفص بن مسرور‏.‏

وكان صوفيًّا صالحًا ممن خدم أبا القاسم القشيريّ‏.‏

ومات في رمضان وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏

وقد روى ‏[‏صحيح مسلم‏]‏ كلّه‏.‏

وتميم بن أبي سعيد أبو القاسم الجرجانيّ‏.‏

روى عن أبي حفص بن مسرور وأبي سعد الكنجروذي والكبار‏.‏

وكان مسند هراة في زمانه‏.‏

توفي ي هذه السنة أو في التي قبلها‏.‏

وطاهر بن سهل بن بشر أبو محمد الاسفراييني الدمشقي الصائغ عن إحدى وثمانين سنة‏.‏

سمع أباه وأبا بكر الخطيب وأبا القاسم الحنّائي وطائفة‏.‏

وكان ضعيفًا‏.‏

قال ابن عساكر‏:‏ حكّ اسم أخيه وكتب بدله اسمه‏.‏

وأبو جعفر الهمذانيُّ محمد بن أبي عليّ الحسن بن محمد الحافظ الصدوق‏.‏

رحل وروى عن ابن النقور وأبي صالح المؤذّن والفضل بن المحبّ وطبقتهم بخراسان والعراق والحجاز والنواحي‏.‏

قال ابن السمعانيّ‏:‏ ما أعرف أنّ في عصره أحدًا سمع أكثر منه‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

وأبو القاسم بن الطبر هبة الله بن أحمد بن عمر الحريريّ البغداديّ المقرئ‏.‏

قرأ بالروايات على أبي بكر محمد بن موسى الخيّاط وهو آخر أصحابه وسمع من أبي إسحاق البرمكيّ وجماعة‏.‏

وكان ثقةً صالحًا ممتّعًا بحواسه‏.‏

توفي في جمادى الآخرة عن ست وتسعين سنة‏.‏

وأبو عبد الله يحيى ين الحسن بن أحمد بن البنّاء البغداديُّ روى عن أبي الحسين بن الآبنوسي وعبد الصمد بن المأمون‏.‏

وكان ذا علمٍ وصلاحٍ‏.‏

توفي في ربيع الأول‏.‏

سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة فيها قويت شوكة الراشد بالله وكثرت جموعه فلم ينشب أن قتل‏.‏

وفيها توفي أبو نصر الغازي أحمد بن عمر بن محمد الإصبهاني الحافظ‏.‏

قال ابن السمعانيّ‏:‏ ثقةٌ حافظٌ ما رأيت في شيوخي أكثر رحلةً منه‏.‏

سمع أبا القاسم بن منده وأبا الحسين بن النقور والفضل بن المحبّ وطبقتهم‏.‏

وكان جماعة من أصحابنا يفضّلونه على إسماعيل التيمي الحافظ‏.‏

توفي في رمضان‏.‏

قلت‏:‏ عاش ثلاثًا وثمانين سنة‏.‏

وأحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن أحمد الحافظ بقيّ ابن مخلد أبو القاسم القرطبي المالكي‏.‏

أحد الأئمة‏.‏

روى عن أبيه وابن الطلاع‏.‏

وأجاز له أبو العباس بن دلهاث‏.‏

توفي في سلخ العام عن سبع وثمانين سنة‏.‏

والفقيه أبو بكر الدينوري احمد بن أبي الفتح محمد بن أحمد الحنبلي‏.‏

من أئمة الحنابلة ببغداد‏.‏

تفقّه على أبي الخطاب‏.‏

وروى عن رزق الله‏.‏

وإسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك المؤذّن الفقيه أبو سعد النيسابوري الشافعي‏.‏

روى عن أبيه وأبي حامد الأزهري وطائفة‏.‏

وتفقّه على إمام الحرمين وبرع في الفقه ونال جاهًا ورئاسة عند سلطان كرمان‏.‏

توفي ليلة الفطر وله نيّف وثمانون سنة‏.‏

وسعيد بن أبي الرجاء محمد بن بكر أبو الفج الإصبهانيّ الصيرفيّ الخلال السمسار‏.‏

توفي في صفر عن سنٍ عالية‏.‏

فإنه سمع سنة ستٍ وأربعين من أحمد ابن محمد بن النعمان القصّاص‏.‏

وروى ‏[‏مسند أحمد بن منيع‏]‏ و ‏[‏مسند العدني‏]‏ و ‏[‏مسند أب يعلى‏]‏ وأشياء كثيرة وكان صالحًا ثقة‏.‏

وعبد المنعم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن أبو المظفّر القشيريّ النيسابوريّ آخر أولاد الشيخ وفاةً‏.‏

عاش سبعًا وثمانين سنة‏.‏

وحدّث عن سعيد البحيريّ والبيهقيّ والكبار‏.‏

وأدرك وأبو الحسن الجذامي علي بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن موهب الأندلسي أحد الأئمّة‏.‏

أجاز له أبو عمر بن عبد البرّ وأكثر عن أبي العبّاس ابن دلهاث العذريّ وصنّف تفسيرًا وكتابًا في الأصول‏.‏

وعمّر إحدى وتسعين سنة‏.‏

وعليّ بن علي بن عبيد الله أبو منصور الأمين والد عبد الوهاب بن سكينة‏.‏

روى ‏[‏الجعديّات‏]‏ عن الصريفيني‏.‏

وكان خيّرًا زاهدًا يصوم صوم داود‏.‏

وكان أمينًا على أموال الأيتام ببغداد‏.‏

عاش أربعًا وثمانين سنة‏.‏

وفاطمة بنت عليّ بن المظفر بن زعبل أمُّ الخير البغداديّة الأصل النيسابوريّة المقرئة‏.‏

روت ‏[‏صحيح مسلم‏]‏ و ‏[‏غريب الخطّابي‏]‏ عن أبي الحسن الفارسي‏.‏

وعاشت سبعًا وتسعين سنة‏.‏

وكانت تلقّن النساء‏.‏

وقيل توفيت في العام المقبل‏.‏

وأبو الحسن الكرجيّ محمد بن عبد الملك الفقيه الشافعي شيخ الكرج وعالمها ومفتيها‏.‏

قال ابن السمعانيّ‏:‏ إمامٌ ورعٌ فقيه مفت محدَّثٌ أديبٌ‏.‏

أفنى عمره في طلب العلم ونشره‏.‏

وروى عن مكّي السلاّر وجماعة‏.‏

قلت‏:‏ له قصيدةٌ مشهور في السنّة‏.‏

توفي في شعبان في عشر الثمانين‏.‏

والراشد بالله أبو جعفر منصور بن المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله الهاشميّ العباسيّ‏.‏

خطب له بولاية العهد أكثر أيام والده وبويع بعده‏.‏

وكان شابًا أبيض مليحًا تام الشكل شديد البطش شجاع النفس حسن السيرة جوادًا كريمًا شاعرًا فصيحًا لم تطل دولته‏.‏

خرج من بغداد إلى الجزيرة وأذربيجان فخلعوه لذنوبٍ ملفّقةٍ فدخل مراغة وعسكر منها وسار إلى أصبهان معه السلطان داود بن محمود فحاصرها وتمرّض هناك‏.‏

فوثب عليه جماعةٌ من الباطنية‏.‏

قتلوه وقتلوا‏.‏

وقيل قتلوه صائمًا يوم سادس وعشرين رمضان وله ثلاثون سنة‏.‏

وخلّف نيّفًا وعشرين ابنًا‏.‏

وقد غزا أهل همذان وعبرها في أيام عزله وظلم وعسف وقتل كغيره‏.‏

ونوشروان بن محمد بن خالد الوزير أبو نصر القاشاني‏.‏

وزر للمسترشد والسلطان محمود‏.‏

وكان من عقلاء الرجال ودهاتهم وفيه دينٌ وحلمٌ وجودٌ مع تشيّعٍ قليل‏.‏

توفي في رمضان وقد شاخ‏.‏

وابو الحسن يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبد الله ابن مغيث القرطبيّ العلاّمة أحد الأئمة بالأندلس‏.‏

كان رأسًا في الفقه وفي الحديث وفي الأنساب والأخبار وفي علوّ الإسناد‏.‏

روى عن أبي عمر بن الحذّاء وحاتم بن محمد والكبار‏.‏

وتوفي في جمادى الآخرة عن خمس وثمانين سنة‏.‏

قال أبو الفرج بن الجوزي‏:‏ فيها كانت زلزلةٌ عظيمة بجنزة أتت على مائة ألف وثلاثين ألفًا أهلكتهم‏.‏

فسمعت شيخنا ابن ناصر يقول‏:‏ جاء الخبر إنه خسف بجنزة وصار مكان البلد ماء أسود‏.‏

وأما ابن الأثير فذكر ذلك في سنة أربع الآتية وأنَّ الذين هلكوا مائتا ألف وثلاثون ألفًا‏.‏

وفيها اختلف السلطان سنجر وخوارزم شاه أتسز‏.‏

فالتقيا فانهزم خوارزم شاه وقتل ولده‏.‏

وملك سنجر البلد‏.‏

وأقام بها نائبًا‏.‏

فلما رجع جاء إليها خوارزم شاه فهرب النائب منه‏.‏

وفيها توفي الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي‏.‏

روى عن جماعةٍ وانفرد بالإجازة عن أبي عمرو الداني‏.‏

وزاهر بن طاهر أبو القاسم الشحّامي النيسابوريّ المحدّث المستملي الشروطيّ‏.‏

مسند خراسان‏.‏

روى عن أبي سعد الكنجروذي والبيهقي وطبقتهما‏.‏

ورحل في الحديث أوّلًا وآخرًا‏.‏

وخرّج التخاريج وأملى نحوًا من ألف مجلس‏.‏

ولكنه كان يخلّ بالصلوات فتركه جماعة لذلك‏.‏

توفي في ربيع الآخر‏.‏

وجمال الإسلام أبو الحسن علي بن المسلم السلمي الدمشقيّ الشافعي مدرِّس الغزاليّة وألأمينيّة ومفتي الشام في عصره‏.‏

صنَّف في الفقه والتفسير وتصدر للإشغال والرواية‏.‏

فحدّث عن أبي نصر بن طلاب وعبد العزيز الكتّاني وطائفة‏.‏

وأوّل ما درّس بمدرسة أمين الدولة سنة أربع عشرة وخمس مائة‏.‏

ومحمود بن بوري بن طغتكين الملك شهاب الدين صاحب دمشق‏.‏

ولي بعد تل أخيه شمس الملوك إسماعيل‏.‏

وكان أمه زمرّد هي الكلّ‏.‏

فلما تزوّج بها الأتابك زنكي وسار إلى حلب قام بتدبير المملكة معين الدين أنر الطغتكيني فوثب عليه جماعة من المماليك فقتلوه في شوال وأحضروا أخاه محمدًا من مدينة بعلبك فملّكوه‏.‏

وهبة الله بن سهل السيّدي أبو محمد البسطاميّ ثم النيسابوريّ‏.‏

فقيه صالحٌ متعّبدٌ عالي الإسناد‏.‏

روى عن أبي حفص بن مسرور وأبي يعلى الصابوني والكبار‏.‏

توفي يف صفر‏.‏

سنة أربع وخمس مائة فيها حاصر دمشق زنكي‏.‏

وفيها توفي أبو الفضل محمد بن إسماعيل الفضيلي الهروي العدل روى عن أبي المليحي ومحلّم الضّبي‏.‏

توفي في صفر‏.‏

ومحمد بن بوري بن طغتكين صاحب دمشق جمال الدين كان ظالمًا سيء السيرة‏.‏

ولي دمشق ويحيى بن علي بن عبد العزيز القاضي الزكيّ أبو الفضل القرشيّ الدمشقي قاضي دمشق وأبو قضاتها سمع من عبد العزيز الكتاني وطائفة ولزم الفقيه نصر المقدسي مدّة‏.‏

توفي في ربيع الأول‏.‏

ويحيى بن بطريق الطرسوسيّ ثم الدمشقي‏.‏

روى عن أبي بكر الخطيب وأبي الحسين محمد بن مكي توفي في رمضان‏.‏

سنة خمس وثلاثين وخمس مائة فيها ألحّ زنكي على دمشق بالحصار وخرّب قرى المرج وعاث بحوران ثم التقاه عسكر دمشق وقتل جماعة ثم ترحل إلى الشرق‏.‏

وفيها توفي إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ الكبير قوام السنة أبو القاسم التيمي الطلحيّ الإصبهاني‏.‏

روى عن أبي عمرو بن منده وطبقته بإصبهان وأبي نصر الزيني ببغداد ومحمد بن سهل السرّاج بنيسابور‏.‏

ذكره أبو موسى المديني فقال‏:‏ أبو القاسم إمام أئمة وقته وأستاذ علماء عصره وقدوة أهل السنّة في زمانه‏.‏

أصمت في صفر سنة أربع وثلاثين ثم فلج بعد مدة وتوفي بكرة يوم عيد

وقال ابن السمعاني‏:‏ هو أستاذي في الحديث وعنه أخذت هذا القدر‏.‏

وهو إمامّ في التفسير والحديث واللغة والأدب عارفٌ بالمتون والأسانيد وأملى بجامع إصبهان قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس‏.‏

وقال أبو عامر العبدريّ‏:‏ ما رأيت شابًا ولا شيخًا قطّ مثل إسماعيل التيميّ‏.‏

ذاكرته فرأيته حافظًا للحديث عارفًا بكل علم متفنّنًا‏.‏

وقال أبو موسى‏:‏ صنّف شيخنا إسماعيل ‏[‏التفسير‏]‏ في ثلاثين مجلّدة كبار وسماه ‏[‏الجامع‏]‏‏.‏

وله ‏[‏الإيضاح‏]‏ في التفسير أربع مجلدات‏.‏

و ‏[‏الموضح‏]‏ في التفسير ثلاث مجلدات‏.‏

وله ‏[‏المعتمد‏]‏ في التفسير عشر مجلدات‏.‏

و ‏[‏تفسير‏]‏ بالعجمي عدّة مجلدات رحمه الله‏.‏

ورزين بن معاوية أوب الحسن العبدريّ الأندلسي السرقطسيّ مصنف ‏[‏تجريد الصحاح‏]‏‏.‏

روى كتاب ‏[‏البخاري‏]‏ عن ابي مكتوم بن أبي ذرّ ‏[‏وكتاب مسلم‏]‏ عن الحسين الطبري‏.‏

وجاور بمكة دهرًا‏.‏

وتوفي في المحرم‏.‏

وأبو منصور القزّاز عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيبانيّ البغداديّ ويعرف بابن زريق‏.‏

روى عن الخطيب وأبي جعفر بن المسلمة والكبار‏.‏

وكان صالحًا كثير الرواية‏.‏

توفي في شوال عن بضع وثمانين سنة‏.‏

وعبد الوهاب بن شاه أبو الفتوح الشاذياخي النيسابوريّ التاجر‏.‏

سمع من القشيريّ ‏[‏رسالته‏]‏ من أبي سهل الحفصي ‏[‏صحيح البخاري‏]‏ ومن طائفة‏.‏

توفي في شوال‏.‏

وأبو الحسن بن توبة محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة الأسديُّ العكبريُّ الشافعي المقرئ‏.‏

روى عن أبي جعفر بن المسلمة وأبي بكر الخطيب وطائفة‏.‏

توفي في صفر‏.‏

وتوفي أخوه عبد الجبّار بعده بثلاثة أشهر‏.‏

وروي عن أبي محمد الصريفيني وجماعة‏.‏

وكان الأصغر‏.‏

ومحمد بن عبد الباقي بن محمد القاضي أبو بكر الأنصاريُّ البغداديّ الحنبليّ‏.‏

البزّاز مسند العراق ويعرف بقاضي المارستان‏.‏

حضر أبا إسحاق البرمكيّ وسمع من علي بن عيسى الباقلاني وأبي محمد الجوهري وأبي الطّيب الطبري وطائفة‏.‏

وتفقّه على القاضي أبي يعلى وبرع في الحساب والهندسة وشارك في علومٍ كثيرة وانتهى إليه علو الإسناد في زمانه‏.‏

توفي في رجب وله ثلاث وتسعون سنة وخمسة أ شهر‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ ما رأيت أجمع للفنون منه نظر في كلّ علم‏.‏

وسمعته يقول‏:‏ تبت من كلّ علمٍ تعلمته إلا الحديث وعلمه‏.‏

ويوسف بن أيوب أبو يعقوب الهمذاني الزاهد شيخ الصوفية بمرو وبقية مشايخ الطريق العاملين‏.‏

تفقّه على الشيخ أبي إسحاق فأحكم مذهب الشافعي وبرع في المناظرة ثم ترك ذلك وأقبل على شأنه‏.‏

وروى عن الخطيب وابن المسلمة والكبار‏.‏

وسمع بإصبهان وبخارى وسمرقند‏.‏

ووعظ وخوّف وانتفع به الخلق‏.‏

وكان صاحب أحوال وكرامات توفي في ربيع الأوّل عن أربع وتسعين سنة‏.‏

سنة ست وثلاثين وخمس مائة فيها كانت ملحمةٌ عظيمةٌ بين السلطان سنجر وبين الترك الكفرة بما وراء النهر أصيب فيها المسلمون وأفلت سنجر في نفر يسير بحيث أنه وصل بلخ في ستة أنفس وأسرت زوجته وبنته‏.‏

وقتل في جيشه مائة ألف أو أكثر‏.‏

وقيل إنّه أحصي من القتلى أحد عشر ألف صاحب عمامة وأربعة آلاف امرأة‏.‏

وكانت الترك في ثلاث مائة ألف فارس‏.‏

وأبو سعد الزوزني أحمد بن محمد الشيخ أبي الحسن علي بن محمود بن ماخوَّة الصوفي‏.‏

روى عن القاضي أبي يعلى الفرّاء وأبي جعفر بن المسلمة والكبار‏.‏

توفي في شعبان عن سبع وثمانين سنة‏.‏

قال ابن ناصر‏:‏ كان متسمّحًا فرأيته في النوم فقلت‏:‏ ما فعل الله بك قال‏:‏ غفر لي وأنا في وأبو العباس بن العريف أحمد بن محمد بن موسى الصِّنهاجي الأندلسي الصوفيّ الزاهد‏.‏

قال ابن بشكوال‏:‏ كان مشاركًا في أشياء من العلم ذا عناية بالقراءات وجمع الروايات والطرق وحملتها وكان متناهيًا في الفضل والدين منقطعًا إلى الخير‏.‏

وكان العباد وأهل الزهد يقصدونه ويألفونه‏.‏

قلت‏:‏ لما كثر أتباعه توهّم السلطان وخاف أن يخرج عليه‏.‏

فطلبه فأحضر إلى مرّاكش فتوفي في الطريق قبل أن يصل‏.‏

وقيل‏:‏ توفي بمرّاكش في صفر وله ثمان وسبعون سنة‏.‏

وكان من أهل المريّة‏.‏

وإسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أبو القاسم بن السمرقندي الحافظ ولد بدمشق سنة أربع وخمسين وسمع بها من الخطيب وعبد الدائم الهلالي وابن طلاب والكبار وببغداد من الصريفيني فمن بعده‏.‏

قال أبو العلاء الهمداني‏:‏ ما أعدل به أحدًا من شيوخ العراق‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

وعبد الجبّار بن محمد بن أحمد أبو محمد الخواريّ الشافعيُّ المفتي إمام جامع نيسابور‏.‏

تفقّه على إمام الحرمين وسمع البيهقيّ والقشيريّ وجماعة‏.‏

توفي في شعبان عن إحدى وتسعين سنة‏.‏

وابن برّجان وهو أبو الحكم عبد السّلام بن عبد الرحمان بن أبي الرجال اللخميّ الإفريقيّ ثم الإشبيلي العارف شيخ الصوفية ومؤلِّف ‏[‏شرح الأسماء الحسنى‏]‏ توفي غريبًا بمرّاكش‏.‏

قال ابن الأبّار‏:‏ كان من أهل المعرفة بالقراءات والحديث والتحقق بعلم الكلام والتصوّف مع الزهد والاجتهاد في العبادة‏.‏

وقبره بإزاء قبر ابن العريف‏.‏

وشرف الإسلام عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج الحنبليّ عبد الواحد ابن محمد الأنصاري الشيرازي ثم الدمشقي‏.‏

الفقيه الواعظ شيخ الحنابلة بالشام‏.‏

بعد والده ورئيسهم‏.‏

وهو واقف المدرسة الحنبليّة بدمشق‏.‏

توفي في صفر وكان ذا حرمة وحشمة وقبول وجلالة ببلده‏.‏

وأبو عبد الله المازري محمد بن علي بن عمر المالكي المحدِّث مصنف ‏[‏المعلم في شرح مسلم‏]‏ كان من كبار أئمة زمانه‏.‏

توفي في ربيع الأول وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

مازر بفتح الزاي وكسرها بليدة بجزيرة صقلية‏.‏

وهبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاوس أبو محمد البغداديّ إمام جامع دمشق‏.‏

ثقة مقرئ محقّق‏.‏

ختم عليه خلقٌ‏.‏

وله اعتناء بالحديث‏.‏

روى عن أبي العبّاس بن قبيس وأبي عبد الله ابن أبي الحديد وببغداد من البانياسي وطائفة وبإصبهان من ابن شكرويه وطائفة وهو آخر

ويحيى بن عليّ أبو محمد بن الطرّاح المدبّر‏.‏

روى عن عبد الصمد بن المأمون وأقرانه‏.‏

وكان صالحًا ساكنًا‏.‏

توفي في رمضان‏.‏

سنة سبع وثلاثين وخمس مائة فيها توفي صاحب ملطية محمد بن الدانشمد واستولى على مملكته مسعود بن قلج أرسلان صاحب قونية‏.‏

والحسين بن علي سبط الخيّاط البغدادي المقرئ أبو عبد الله‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ شيخٌ صالح ديِّنٌ حسن الإقراء‏.‏

يأكل من كدّ يده‏.‏

سمع الصريفيني وابن المأمون والكبار‏.‏

وأبو الفتح بن البيضاوي القاضي عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد أخو قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي لأمّه‏.‏

سمع أبا جعفر بن المسلمة وعبد الصمد بن المأمون وكان متحريًّا في أحكامه‏.‏

توفي جمادى الأولى ببغداد‏.‏

وعليُّ بن يوسف بن تاشفين أمير المسلمين صاحب المغرب‏.‏

كان يرجع إلى عدلٍ ودينٍ وتعبُّد وحسن طويّة وشدّة إيثار لأهل العلم وتعظيمٍ لهم وذمٍّ للكلام وأهله‏.‏

ولما وصلت إليه كتب

أبي حامد أمر بإحراقها وشدّد في ذلك ولكنه كان مستضعفًا مع رؤوس أمرائه فلذلك ظهرت مناكير وخمور في دولته‏.‏

فتغافل وعكف على العبادة‏.‏

وتوثب عليه ابن تومرت ثم صاحبه عبد المؤمن‏.‏

توفي في رجب عن إحدى وستين سنة‏.‏

وتملّك بعده ابنه تاشفين‏.‏

وعمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن لقمان النسفي السمرقندي الحنفي الحافظ ذو الفنون‏.‏

يقال له مائة مصنّف‏.‏

روى عن إسماعي بن محمد النوحي فمن بعده وله أوهام كثيرة‏.‏

وكوخان سلطان الترك والخطا الذي هزم المسلمين وفعل الأفاعيل في السنة الماضية واستولى على سمرقند وغيرها‏.‏

هلك في رجب ولم يمهله الله‏.‏

وكان ذا عدل على كفره تملك بعده بنته مديدةً وهلكت فولي بعدها أمّها‏.‏

ومحمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز القاضي المنتخب أبو المعالي القرشيُّ الدمشقيُّ الشافعيُّ قاضي دمشق وابن قاضيها القاضي الزكيّ‏.‏

سمع أبا القاسم بن أبي العلاء وطائفة وسمع بمصر من الخلعي وتفقّه على نصر المقدسي وغيره‏.‏

توفي في ربيع الأول عن سبعين سنة‏.‏

ومفلح بن أحمد أبو الفتح الروميّ‏.‏

ثم البغداديّ الورّاق‏.‏

سمع من أبي بكر الخطيب والصريفيني وجماعة‏.‏

توفي في المحرم‏.‏

فيها حاصر سنجر مدينة خوارزم‏.‏

وكاد أن يأخذها خوارزم شاه أتسز وبذل الطاعة‏.‏

وفيها توفي أبو المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن البدن البغدادي الصفّار المقرئ‏.‏

روى عن ابن المسلمة وعبد الصمد بن المأمون‏.‏

وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي الحافظ مفيد بغداد‏.‏

سمع الصريفيني وطبقته ومن بعده‏.‏

قال أبو سعد‏:‏ حافظٌ متقنٌ كثير السماع واسع الرواية دائم المبشر سريع الدمعة‏.‏

جمع وخرّج لعله ما بقي جزء عالٍ أو نازل إلا قرأه وحصّل به نسخةً‏.‏

ولم يتزوج قط‏.‏

توفي في المحرّم وله ست وسبعون سنة‏.‏

وعليّ بن طراد بن محمد الوزير الكبير أبو القاسم الزينبي العباسيّ‏.‏

وزر للمسترشد والمقتفي وسمع من عمه أبي نصر الزينبي وأبي القاسم بن البسري‏.‏

وكان صدرًا نبيلًا كامل السؤدد بعيد الغور دقيق النظر ذا رأيٍ ودهاءٍ وإقدامٍ‏.‏

نهض بأعباء بيعة المقتفي وخلع الراشد في نهارٍ واحد‏.‏

وكان الناس يتعجبّون من ذلك‏.‏

ولما تغيّر عليه المقتفي وهمّ بالقبض عليه احتمى منه بدار السلطان مسعود ثم خلص ولزم داره واشتغل بالعبادة والخير إلى أن مات في رمضان‏.‏

وكان يضرب المثل بحسنه في صباه‏.‏

وأبو الفتوح الأسفراييني محمد بن الفضل بن محمد ويعرف أيضًا بابن المعتمد الواعظ المتكلِّم‏.‏

روى عن أبي الحسن بن الأخرم المديني‏.‏

ووعظ ببغداد‏.‏

وجعل شعاره إظهار مذهب الأشعريّ وبالغ في ذلك حتى هاجت فتنةٌ كبيرة بين الحنابلة والأشعرية‏.‏

فأخرج من بغداد فغاب مدةً ثم قدم وأخذ يثير الفتنة ويبثّ اعتقاده‏.‏

ويذمُّ الحنابلة‏.‏

فأخرج من بغداد وألزم بالإ قامة ببلده‏.‏

فأدركه الموت ببسطام في ذي الحجة‏.‏

وكان رأسًا في الوعظ أوحد في مذهب الأشعريّ‏.‏

له تصانيف في الأصول والتصوف‏.‏

قال ابن عساكر‏:‏ جرأ من رأيته لسانًا وجنانًا ‏,‏ أسرعهم جوابًا وأسلسهم خطابًا‏.‏

لازمت حضور مجلسه فما رأيت مثله واعظًا ولا مذكرًا‏.‏

وقال أبو طالب بن الحديثي القاضي‏:‏ كنت جالسًا فمرّ أبو الفتوح وحوله جمٌّ غفيرٌ وفيهم من يصيح يقول‏:‏ لا بحرف ولا بصوت بل عبارة‏.‏

فرجمه العوام وكان هناك كلبٌ ميتٌ فتراجموا به وصار من ذاك فتنة كبيرة‏.‏

وأبو القاسم الزمخشريّ محمود بن عمر الخوارزميّ النحويّ اللغويّ المفسّر المعتزليّ صاحب ‏[‏الكشّاف‏]‏ و ‏[‏المفصّل‏]‏‏.‏

عاش إحدى وسبعين سنة‏.‏

وسمع ببغداد من ابن البطر وصنف عدة تصانيف‏.‏

وسقطت رجله فكان يمشي في جاون خشب‏.‏

وكان داعيةً إلى الاعتزال كثير

فيها حجَّ بالناس من العراق نظر الخادم بعد انقطاع الركب مدة فنهبوا في مكّة

وفيها أخذ زنكي الرّها من الفرنج‏.‏

وفيها توفي أبو البدر الكرخي إبراهيم بن محمد بن منصور‏.‏

تفرّد ‏[‏بأمالي ابن سمعون‏]‏ عن خديجة الشاهجانيّة وسمع أيضًا من الخطيب وطائفة‏.‏

توفي في ربيع الأوّل‏.‏

وتاشفين صاحب المغرب أمير المسلمين ولد علي بن يوسف بن تاشفين المصمودي البربري الملثّم‏.‏

ولي بعد أبيه سنتين وأشهرًا فكانت دولته في ضعف وسفالٍ وزوال مع وجود عبد المؤمن‏.‏

فتحصّن بمدينة وهران‏.‏

فصعد ليلةً في رمضان إلى مزارٍ بظاهر وهران فبيّته أصحاب عبد المؤمن‏.‏

فلما أيقن الشاب بالهلكة ركض فرسه فتردّى به إلى البحر فتحطّم وتلف ولم يبق لعبد المؤمن منازعٌ وتوجّه فأخذ تلمسان‏.‏

وأبو منصور بن الرزاز سعيد بن محمد بن عمر البغدادي شيخ الشافعيّة ومدرّس النظاميّة‏.‏

تفقّه على الغزّالي وأسعد الميهني وإلكيا الهرّاسي وأبي بكر الشاشي وأبي سعد المتولّي‏.‏

وأبو الحسن شريح بن محمد شريح الرُّعيني الإشبيلي خطيب إشبيلية ومقرئها ومسندها‏.‏

روى عن أبيه وأبي عبد الله بن منظور وأجاز له ابن حزم‏.‏

وقرأ القراءات على أبيه وبرع فيها‏.‏

رحل الناس إليه من الأقطار للحديث والقراءات‏.‏

ومات في شهر جمادى الأولى عن تسع وثمانين سنة‏.‏

وعلي بن هبة الله بن عبد السلام أبو الحسن الكاتب البغدادي‏.‏

سمع الكثير بنفسه وكتب وجمع وحدَّث عن الصريفيني وابن النقور‏.‏

توفي في رجب عن ثمانٍ وثمانين سنة‏.‏

وأبو البركات عمر عمر بن إبراهيم بن محمد العلويّ الزيدي الكوفي الحنفي النحوي‏.‏

أجاز له محمد بن علي بن عبد الرحمان العلويّ وسمع من أبي بكر الخطيب وخلق‏.‏

وسكن الشام مدّة وله مصنّفات في العربية‏.‏

وكان يقول‏:‏ أفتي برأي أبي حنيفة ظاهرًا وبمذهب زيد بن عليّ جدّي تديّنًا‏.‏

وقال أبي النّرسي‏:‏ كان جاروديًّا لا يرى الغسل من الجنابة‏.‏

قلت وقد اتّهم بالرفض والقدر والتجّهم توفي في شعبان وله سبع وتسعون سنة‏.‏

وشيّعه نحو ثلاثين ألفًا وكان مسند الكوفة‏.‏

وفاطمة بنت محمد بن أبي سعد البغدادي أم البهاء الواعظة مسندة إصبهان‏.‏

روت عن أبي وسمعت ‏[‏صحيح البخاري‏]‏ من سعيد العيّار‏.‏

توفيت في رمضان ولها أربعٌ وتسعون سنة‏.‏

وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسيّ ثم النيسابوري راوي ‏[‏السنن الكبير‏]‏ عن البيهقي وراوي ‏[‏البخاري‏]‏ عن العيّار‏.‏

توفي جمادى الآخرة وله إحدى وتسعون سنة‏.‏

وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن أحمد بن خيرون البغدادي المقرئ الدبّاس مصنف ‏[‏المفتاح‏]‏ و ‏[‏الموضح في القراءات‏]‏‏.‏

أدرك أصحاب أبي الحسن الحمّامي وسمع الحديث من أبي جعفر بن المسلمة والخطيب والكبار‏.‏

وتفرّد بإجازة أبي محمد الجوهري‏.‏

توفي في رجب وله خمس وثمانون سنة‏.‏

والمبارك بن عليّ أبو المكارم السمذّي البغدادي سمع الصريفيني وطائفة‏.‏

ومات يوم عاشوراء‏.‏

سنة أربعين وخمس مائة فيها توفي أبو سعد البغدادي الحافظ أحمد بن محمد بن أبي سعد أحمد بن الحسن الإصبهانّي‏.‏

ولد سنة ثلاث وستين وأربع مائة وسمع من عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني منده وطبقتهما وببغداد عن عاصم بن الحسن‏.‏

قال أبو سعد السمعاني حافظٌ ديِّن خيّرٌ يحفظ ‏[‏صحيح مسلم‏]‏‏.‏

وكان يملي من حفظه‏.‏

وأبو بكر عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمان البحيريّ‏.‏

روى عن القشيريّ وأحمد بن منصور المغربي‏.‏

توفي في جمادى الأولى عن سبع وثمانين سنة‏.‏

وأبو منصور بن الجواليقي موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر البغدادي النحويّ اللغويّ‏.‏

روى عن أبي القاسم بن البسري وطائفة‏.‏

وأخذ الأدب عن أبي زكريا التبريزيّ‏.‏

وصنّف التصانيف وانتهى إليه علم اللغة وأم بالخليفة المقتفي وعلّمه الأدب‏.‏

وكان غزير العقل متواضعًا مهيبًا عاش أربعًا وسبعين سنة‏.‏

وتوفي في المحرّم ووهم من قال توفي سنة إحدى وأربعين‏.‏

سنة إحدى وأربعين وخمس مائة فيها حاصر زنكي قلعة جعبر‏.‏

فوثب عليه ثلاثةٌ من غلمانه فقتلوه وتملّك الموصل بعده ابنه غازي‏.‏

وتملّك حلب وغيرها ابنه الآخر نور الدين محمود‏.‏

وفيها أخذت الفرنج طرابلس المغرب بالسيف ثم عمروها‏.‏

وفيها توفي أبو البركات إسماعيل بن الشيخ أبي سعد أحمد بن محمد النيسابوي ثم البغداديّ شيخ الشيوخ وله ستٌ وسبعون سنة‏.‏

روى عن أبي القاسم بن البسري وطائفة‏.‏

وكان مهيبًا وحنبل بن علي أبو جعفر البخاري الصوفي رحل وسمع من شيخ الإسلام بهراة وصحبه وببغداد من أبي عبد الله النعالي توفي بهراة في شوّال‏.‏

وزنكي الأتابك عماد الدين صاحب الموصل وحلب ويعرف أبوه بالحاجب قسيم الدولة أقسنقر التركي‏.‏

ولي شحنكيّة بغداد في آخر دولة المستظهر بالله ثم نقل إلى الموصل وسلّم إليه السلطان محمود ولده فرُّخشاه الملقّب بالخفاجي ليربيه ولهذا قيل له أتابك‏.‏

وكان فارسًا شجاعًا ميمون النقيبة شديد البأس قوي المراس عظيم الهيبة فيه ظلمٌ وزعارة‏.‏

ملك الموصل وحلب وحماة وحمص وبعلبك والمعرّة‏.‏

قتله بعض غلمانه وهو نائهٌ وهربوا إلى قلعة جعبر‏.‏

ففتح لهم صاحبها عليّ بن مالك العقيليّ‏.‏

وكان سامحه الله حسن الصورة أسمر مليح العينين قد وخطه الشيب‏.‏

وجاوز الستين‏.‏

قتل في ربيع الآخر‏.‏

وأبو الحسن سعد الخير بن محمّد بن سهل الأنصاري الأندلسي البلنسيّ المحدّث‏.‏

رحل إلى المشرق وسافر في التجارة إلى الصين‏.‏

وكان فقيهًا عالمًا متقنًا سمع أبا عبد الله النعالي وطرّاد بن محمد وطائفة وسكن إصبهان مدّة ثم بغداد وتفقّه على الغزّالي‏.‏

توفي في المحرم‏.‏

وسبط الخيّاط الإمام أبو محمد عبد الله بن علي البغدادي المقرئ النحويّ شيخ المقرئين بالعراق وصاحب التصانيف‏.‏

ولد سنة أربعٍ وستين وأربع مائة وسمع من أبي الحسين بن النقور

وطائفة‏.‏

وقرأ القرآن على جدّه الزاهد أبي منصور والشريف عبد القاهر وطائفة‏.‏

وبرع في العربيّة على ابن فاخر‏.‏

وأمّ بمسجد ابن جردة بضعًا وخمسين سنة‏.‏

وقرأ عليه خلقٌ‏.‏

وكان من أندى الناس صوتً بالقرآن‏.‏

توفي في ربيع الآخر‏.‏

وكان الجمع في جنازته يفوق الإحصاء‏.‏

وأبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحّامي أخو زاهر‏.‏

توفي في جمادى الآخرة عن ست وثمانين سنة‏.‏

سمع القشيريّ وأبا حامد الأزهريّ ويعقوب الصيرفيّ وطبقتهم وطائفة بهراة وببغداد والحجاز‏.‏

وأملى مدة‏.‏

وكان خيّرًا متواضعًا متعبّدًا لا كأخيه‏.‏

وقد تفرّد في عصره‏.‏

سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة فيها غزا نور الدين محمود بن زنكي فافتتح ثلاثة حصون للفرنج بأعمال حلب‏.‏

وفيها كان الغلاء المفرط بل وقبلها سنوات بأفريقية حتى أكلوا لحوم الآدمييّن‏.‏

وفيها توفي أبو الحسن بن الآبنوسي أحمد بن أبي محمد عبد الله بن علي البغداديّ الشافعيّ الوكيل‏.‏

سمع أبا القاسم بن البسرى وطبقته‏.‏

وتفقّه وبرع قرأ الكلام والاعتزال‏.‏

ثم لطف الله به وتحوّل سنيًّا‏.‏

توفي في ذي الحجة عن بضع وسبعين سنة‏.‏

روى عن أبي عبد الله الطلاعي وأبي على الغسّاني وطبقتهما‏.‏

وكان إمامًا حافلًا بصيرًا بمذهب مالك‏.‏

ودقائقه إمامًا في الحديث ومعرفة رجاله وعلله‏.‏

له مصنفاتٌ مشهورةٌ‏.‏

ولم يكن في وقته بالأندلس مثله‏.‏

ولكنّه كان قليل العربية رثَّ الهيئة خاملًا‏.‏

توفي في المحرم‏.‏

وأبو بكر الأشقر أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلال‏.‏

روى عن أبي الحسين بن المهتدي بالله والصريفيني‏.‏

وكان خيّرًا صحيح السماع‏.‏

توفي في صفر‏.‏

ودعوان بن عليّ أبو محمد مقرئ بغداد بعد سبط الخيّاط‏.‏

قرأ القراءات على ابن سوار وعبد القاهر العبّاسي‏.‏

وسمع من رزق الله وطائفة‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

وعلي بن عبد السيِّد أبو القاسم ابن العلاّمة أبي نصر بن الصبّاغ الشاهد‏.‏

سمع من الصريفيني كتاب ‏[‏السبعة‏]‏ لابن مجاهد وعدة أجزاء‏.‏

وكان صالحًا حسن الطريقة‏.‏

توفي في جمادي الأولى‏.‏

وعمر بن ظفر أبو حفص المغازليّ مفيد بغداد‏.‏

سمع أبا القاسم بن البسري فمن بعده‏.‏

وأقرأ القرآن مدّةً وكتب الكثير‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

وأبو عبد الله الجلاّبي القاضي محمد بن علي بن محمد بن الطيّب الواسطي المغازلّي‏.‏

سمع من محمد بن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي والحسن بن أحمد الغندجاني وطائفة‏.‏

وأجاز له أبو غالب بن بشران اللغوي وطبقته‏.‏

وكان ينوب في الحكم بواسط‏.‏

وأبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القويّ المصيّصي ثم الّلاذقي ثم الدمشقيّ الفقيه الشافعيُّ الأصوليًُّ الأشعريّ‏.‏

سمع من أبي بكر الخطيب بصور وتفقّه على الفقيه نصرٍ المقدسي وسمع ببغداد من رزق الله وعاصم وبإصبهان من ابن شكرويه‏.‏

ودرّس بالغزاليّة‏.‏

ووقف وقوفًا وأفتى واشتغل وصار شيخ دمشق في وقته‏.‏

توفي في ربيع الأوّل وله أربع وتسعون سنة‏.‏

وآخر أصحابه ابن أبي لقمة‏.‏

وأبو السعادات بن الشَّجريّ هبة الله بن عليّ العلويّ البغداديّ النحوي صاحب التصانيف‏.‏

توفي في رمضان وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏

وقد سمع في الكهولة من أبي الحسين بن الطيوري وغيره‏.‏

سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة في ربيع الأوّل نازلت الفرنج دمشق في عشرة آلاف فارس وستين ألف راجل‏.‏

فخرج المسلمون من دمشق للمصاف فكانوا مائة وثلاثين ألف راجل وعسكر البلد‏.‏

فاستشهد نحو المائتين‏.‏

ثم بروزا في اليوم الثاني فاستشهد جماعةٌ وقتل من الفرنج عدد كثيرٌ‏.‏

فلما كان أهل دمشق في الاستغاثة والتضرّع إلى الله‏.‏

وأخرجوا المصحف العثماني إلى صحن الجامع‏.‏

وضجّ النساء والأطفال مكشفي الرؤوس وصدقوا الافتقار إلى الله فأغاثهم وركب قسّيس الفرنج وفي عنقه صليبٌ وفي يده صليب وقال‏:‏ أنا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق‏.‏

فاجتمعوا حوله وحمل على البلد‏.‏

فحمل عليه المسلمون فقتلوه وقتلوا حماره وأحرقوا الصلبان‏.‏

ووصلت النجدة فانهزمت الفرنج وأصيب منهم خلقٌ‏.‏

وسبب هزيمتهم أّن مقدّم الجيش معين الدين أنر أرسل يقول للفرنج الغرباء‏:‏ إنّ صاحب الشرق قد حضر فإن رحلتم وإلا سلمت دمشق إليه وحينئذ تندمون‏.‏

وأرسل إلى فرنج الشام يقول‏:‏ بأيّ عقل تساعدون هؤلاء الغرباء علينا وأنتم تعلمون أّنهم إن ملكوا أخذوا بلادكم وأنا إن ملكت سلّمت البلد إلى أولاد زنكي فلا يبقى لكم معه ملك‏.‏

فأجابوه إلى التخلَّي عن ملك الألمان وبذل لهم حصن بانياس فاجتمعوا بملك الألمان وخوفوه من عساكر الشرق‏.‏

فترحّل في البحر من عكّا وبلاده وراء القسطنطينيّة‏.‏

وفيها سارت بعض العساكر محاربين منابذين للسلطان مسعود ومعهم محمد شاه ابن السلطان محمود ونازلوا بغداد وعاثوا ونهبوا وسبوا البنات‏.‏

فعسكر المقتفي وقاتلت العامة وبقي الحصار أيّامًا‏.‏

ثم برز الناس بالعدّة التامة فتقهقر لهم العسكر فتبعوهم‏.‏

فخرج كمين للعسكر فانهزمت العامة وقتل منهم يومئذ نحو الخمس مائة‏.‏

ثم تلافت الأمراء القضية ورموا نفوسهم تحت التاج واعتذروا فلم يجابوا إلى ثاني يوم‏.‏

وترحّلوا‏.‏

وأما السواد فخرب ودخل أهله في جوع وعرى يستعطفون‏.‏

وفيها كان شدة القحط بافريقية‏.‏

فانتهز رجار صاحب صقلية الفرصة وأقبل في مائتين وخمسين مركبًا‏.‏

فهرب منه صاحب المهديّة فأخذها الملعون بلا ضربة ولا طعنة وانتهبها ساعتين وأمّنهم‏.‏

وصار للفرنج من أطرابلس المغرب إلى قريب تونس‏.‏

وأما صاحبها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم الباديسي فإنه عزم على الالتجاء إلى عبد المؤمن‏.‏

والحسن هو التاسع من ملوك بني زيري بالقيروان‏.‏

وفيها توفي أبو تمام أحمد بن أبي العزّ محمد بن المختار بن المؤيد بالله الهاشميّ العباسيّ البغداديّ السفّار نزيل خراسان‏.‏

سمع أبا جعفر بن المسلمة وغيره‏.‏

وتوفي في ذي القعدة بنيسابور عن بضعٍ وتسعين سنة‏.‏

وأبو إسحاق الغنوي إبراهيم بن محمد بن نبهان الرقّي الصوفي الفقيه الشافعي‏.‏

سمع رزق الله التميمي وتفقّه على الغزّالي وغيره‏.‏

وكان ذا سمتٍ ووقارٍ وعبادةٍ وهو راوي ‏[‏خطب ابن نباتة‏]‏‏.‏

توفي في ذي الحجة عن خمس وثمانين سنة‏.‏

وقاضي العراق أبو الحسن الزينبي علي بن نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد بن علي العبّاسي الحنفي‏.‏

سمع من أبيه وعمّه طراد‏.‏

وكان ذا عقل ووقار ورزانةٍ وعلمٍ وشهامةٍ ورأي‏.‏

أعرض عنه في الآخر المقتفي وجعل معه في القضاء ابن المرخّم ثم مرض ومات يوم الأضحى‏.‏

والمبارك بن كامل الخفّاف أبو بكر الظفريّ محدِّث بغداد ومفيدها‏.‏

أخذ عمّن دبَّ ودرج وأفنى عمره في هذا الشأن فلم يمهر فيه‏.‏

سمع أبا القاسم بن بيان وطبقته وعاش ثلاثًا وخمسين سنة‏.‏

وكان فقيرًا متعفّفًا‏.‏

وأبو الدرّ ياقوت الرومي التاجر عتيق ابن البخاري حدّث بدمشق ومصر وبغداد عن الصريفيني بمجالس المخلّص وغير ذلك‏.‏

وتوفي بدمشق في شعبان‏.‏

وأبو الحجاج الفندلاوي يوسف بن دوباس المغربي المالكي‏.‏

كان فقيهًا عالمًا صالحًا حلو المجالسة شديد التعصُّب للأشعريّة صاحب تحرُّق على الحنابلة‏.‏

قتل في سبيل الله في حصار الفرنج لدمشق مقبلًا غير مدبر بالنيرب أوّل يوم جاءت الفرنج وقبره يزار بمقبرة باب الصغير‏.‏

سنة أربعٍ وأربعين وخمس مائة فيها كسر الملك نور الدين الفرنج‏.‏

وكانت وقعة ميمونة قتل فيها ألفٌ وخمس مائة من الفرنج

منهم صاحب أنطاكية وأسر مثلهم‏.‏

وسار فافتتح حصن فامية وكان أهل حماة وحمص منه في ضرٍّ‏.‏

ثم أسر جوسلين صاحب عين تاب وتل باشر وعزاز والبيرة وبهسنة والراوندان ومرعش‏.‏

وأعطي نور الدين التركمانيَّ الذي أسره عشرة آلاف دينار واستولى على أكثر بلاده‏.‏

وفيها استوزر المقتفي عون الدين أبا المظفّر بن هبيره‏.‏

وفيها توفي القاضي أبو بكر الأرَّجاني أحمد بن الحسين ناصح الدين قاضي تستر وحامل لواء الشعر بالمشرق‏.‏

وله ‏[‏ديوانٌ‏]‏ مشهور‏.‏

روى عن ابن ماجه الأبهري‏.‏

وتوفي في ربيع الأول وقد شاخ‏.‏

وأرّجان مشدّدٌ بلدٌ صغير في عمل الأهواز‏.‏

وأبو المحاسن أسعد بن عليّ بن الموفّق الهرويّ الحنفيّ العبد الصالح راوي ‏[‏الصحيح‏]‏ و ‏[‏الدارمي‏]‏ و ‏[‏عبد‏]‏ عن الداودي‏.‏

عاش خمسًا وثمانين سنة‏.‏

وألأمير معين الدي أنر بن عبد الله الطغتكيني مقدّم عسكر دمشق ومدبِّر الدولة‏.‏

كان عاقلًا سائسًا مدبّرًا حسن الديانة ظاهر الشجاعة كثير الصدقات‏.‏

وهو مدفونٌ بقبّته التي بين دار البطّيخ والشاميّة‏.‏

توفي في ربيع الآخر وله مدرسة بالبلد‏.‏

والحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله العبيدي الرافضيّ صاحب فاستولى عليه أحمد بن الأفضل أمير الجيوش وضيّق عليه‏.‏

وكان يعتريه القولنج فعمل له شيرماه الديلمي طبلًا مركّبًا من المعادن السبعة إذا ضربه ذو القولنج خرج منه ريحٌ متتابعة واستراح‏.‏

مات في جمادي الأولى‏.‏

وكانت دولته عشرين سنة إلاّ خمسة أشهر‏.‏

وقام بعده ابنه الظافر‏.‏

والقاضي عياض بن موسى بن عياض العلامة أبو الفضل اليحصبي السَّبتي المالكيّ أحد الأعلام‏.‏

ولد سنة ست وسبعين وأربع مائة وأجاز له أبو عليّ الغساني وسمع من أبي علي بن سكّراة وأبي محمد بن عتاب وطبقتهما‏.‏

ولي قضاء سبتة مدّةً ثم قضاء غرناطة وصنّف التصانيف البديعة‏.‏

توفي بمراكش في جمادي الآخرة‏.‏

وغازي السلطان سيف الدين صاحب الموصل وابن احبها زنكي ابن آقسنقر‏.‏

كان فيه دينٌ وخيرٌ وشجاعة وإقدام‏.‏

توفي في جمادي الآخرة وقد نيّف على الأربعين‏.‏

وتملّك بعده أخوه قطب الدين مودود‏.‏

سنة خمس وأربعين وخمس مائة فيها أخذت العربان ركب العراق وراح للخاتون أخت السلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار‏.‏

وتمزّق الناس ومات خلقٌ جوعًا وعطشًا‏.‏

وفيها نازل نور الدين دمشق وضايقها‏.‏

ثم خرج إليه صاحبها مجير الدين أبق ووزيره ابن الصوفيّ فخلع عليهما‏.‏

وردَّ إلى حلب ونفوس الناس قد أحبته لما رأوا من دينه‏.‏

وفيها توفي الرئيس أبو علي الحسن بن علي الشحّامي النيسابوريّ‏.‏

روى عن الفضل بن المحب وجماعة‏.‏

توفي بمرو في شعبان‏.‏

وأبو بكر محمد بن عبد العزيز بن علي الدِّينوريّ ثم البغدادي البيّع‏.‏

سمع أبا نصر الزينبيّ وعاصم بن الحسن وجماعة‏.‏

وتوفي في المحرّم وله سبعون سنة‏.‏

والمبارك بن أحمد بن بركة الكندي البغدادي الخبّاز شيخٌ فقيرٌ يخبز بيده ويبيعه‏.‏

سمع أبا نصرٍ الزينبي وعاصم بن الحسن وطائفة‏.‏

توفي في شوال‏.‏

سنة ست وأربعين وخمس مائة فيها توفي أبو النصر الفامي عبد الرحمان بن عبد الجبّار الحافظ محدث هراة وله أربعٌ وسبعون سنة‏.‏

كان خيّرًا متواضعًا صالحًا فاضلًا سمع شيخ الإسلام ونجيب بن ميمون وطبقتهما‏.‏

وعمر بن علي أبو سعد المحموديّ البلخي‏.‏

توفي في رمضان عن تسعين سنة‏.‏

سمع أبا عليّ الوحشي وهو آخر من حدّث عنه‏.‏

والقاضي أبو بكر بن العربي محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي المالكي الحافظ أحد الأعلام وعالم أهل الأندلس ومسندهم‏.‏

ولد سنة ثمان وستين وأربع مائة ورحل مع أبيه سنة خمس وثمانين ودخل الشام فسمع من الفقيه نصر المقدسي وأبي الفضل بن الفرات وببغداد من أبي طلحة النِّعالي وطراد وبمصر من الخلعي وتفقه على الغزّالي وأبي بكر الشاشي وأبي الوليد الطرطوشي‏.‏

وكان من أهل التفنّن في العلوم والاستبحار فيها مع الذكاء المفرط‏.‏

ولي قضاء أشبيلية مدةً وصرف فأقبل على نشر العلم وتصنيفه في التفسير والحديث والفقه والأصول‏.‏

توفي بفاس في ربيع الآخر‏.‏

وتوشتكين الرضوانيّ مولى ابن رضوان المراتبي‏.‏

شيخٌ صالح متودّدٌ‏.‏

روى عن علي بن البسري وعاصم وتوفي في ذي القعدة عن اثنتين وثمانين سنة‏.‏

وأبو الأسعد هبة الرحمان بن عبد الواحد بن الشيخ أبي القاسم القشيريّ النيسابوري خطيب نيسابور ومسندها‏.‏

سمع من جدّه حضورًا ومن جدّته فاطمة بنت الدقّاق ويعقوب بن أحمد الصيرفي وطائفة‏.‏

وروى الكتب الكبار ‏[‏كالبخاري‏]‏ و‏[‏مسند أبي عوانة‏]‏ ومات في شوال عن سبع وثمانين سنة‏.‏

وأبو الوليد بن الدبّاغ يوسف بن عبد العزيز اللخمي الأندي ثم الدش المرسي الحافظ تلميذ أبي علي بن سكّرة‏.‏

كان إمامًا مفتيًا رأسًا في الحديث وطرقه ورجاله‏.‏

وعاش خمسًا وستين سنة‏.‏

الجزء الثالث

سنة سبعة وأربعين وخمس مائة

سنة خمس وخمسين وخمس مائة فيها تملك سليمان شاه همذان

سنة أربع وستين وخمس مائة فيها سار أسد الدين مسيره الثالث إلى مصر

سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة فيها أمر صلاح الدين ببناء السور الكبير

سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة

سنة ثلاث وثمانون وخمس مائة

سنة تسع وثمانين وخمس مائة

سنة تسعين وخمس مائة فيها سار بنارس أكبر ملوك الهند وقصد الإسلام فطلبه شهاب الدين الغوري فالتقى الجمعان على نهر ماحون.

سنة إحدى وتسعين وخمس مائة فيها كانت وقعة الزلاقة بالأندلس

سنة تسع وتسعين وخمس مائة تمكن العادل من الممالك

سنة ثمان وست مائة فيها قدم بغداد رسول جلال الدين حسن

نة اثنتي عشرة وست مائة

نة ثلاث عشرة وست مائة

سنة ست عشرة وست مائة فيها تحركت التتار

سنة ثلاث وعشرين وست مائة فيها سار الملك الأشرف إلى أخيه

سنة اثنتين وثلاثين وست مائة فيها ضربت ببغداد دراهم

سنة تسع وثلاثين وست مائة فيها توفي الشمس بن الخباز النحوي

سنة خمس وأربعين وست مائة في جمادى الآخرة أخذ المسلمون عسقلان

سنة اثنتين وخمسين وست مائة فيها تسلطن الملك المعز أيبك

سنة ثمان وخمسين وست مائة في المحرم قطع هولاوو الفرات

سنة ثلاث وستين وست مائة فيها كانت ملحمة عظمى بالأندلس

سنة ست وسبعين وست مائة في أولها ولي مملكة تونس أبو زكريا

سنة اثنتين وثمانين وست مائة فيها توفي إسماعيل بن أبي عبد الله العسقلاني

سنة تسع وثمانين وست مائة فيها توفي نجم الدين

سنة سبع وتسعين سنة فيها توفي الشهاب العابد

الجزء الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم

سنة سبعة وأربعين وخمس مائة

فيها توفي أبو عبد الله بن غلام الفرس محمد بن الحسن بن محمد سعيد الداني المغربي الأستاذ‏.‏

أخذ القراءات عن أبي داود وابن الدش وابن السيار وأبي الحسن بن شفيع‏.‏

وسمع من أبي علي الصدفي وتصدر للإقراء مدة ولتعليم العربية وكان مشاركًا في علوم جمة صاحب تحقيق وأتقان أنيق الوراقة‏.‏

ولي خطابة بلده ومات في المحرم عن خمسٍ وسبعين سنة‏.‏

والأرموي القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الفقيه الشافعي‏.‏

ولد ببغداد سنة تسع و خمسين وسمع أبا جعفر بن المسلمة وابن المأمون وابن المهتدي ومحمد بن علي الخياط‏.‏

وتفرد بالرواية عنهم‏.‏

وكان ثقة صالحًا‏.‏

تفقه على الشيخ أبي إسحاق‏.‏

وانتهى إليه علو الاسناد بالعراق‏.‏

توفي في رجب وقد ولي قضاء دير العاقول في شبيبته وكان يشهد في الآخر‏.‏

ومحمد بن منصور الحرضي النيسابوري‏.‏

شيخ صالح سمع القشيري ويعقوب الصيرفي و الكبار‏.‏

ومات في شعبان‏.‏

والسلطان مسعود غياث الدين أبو الفتح بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن طغر بيك السلجوقي‏.‏

رباه بالموصل الأمير مودود ثم اقسنقر البرسقي ثم جوش بك‏.‏

فلما هلك أخوه السلطان محمود طعمة جوش بك في السلطنة‏.‏

فجمع وحشد والتقى أخاه فانكسر مسعود‏.‏

ثم تنقلت به الأحوال واستقل بالملك سنة ثمان وعشرين‏.‏

وامتدت أيامه وكان منهمكًا في اللهو واللعب كثير المزاح لين العريكة‏.‏

سعيدًا في دنياه سامحه الله تعالى‏.‏

عاش خمسًا وأربعين سنة‏.‏

ومات في جمادى الآخرة‏.‏

وكان قد آذىالمقتفي في الآخر فقنت عليه شهرًا فمات‏.‏

سنة ثمان وأربعين وخمس مائة فيها خرجت الغز على أهل خراسان وهم تركمان ما وراء النهر‏.‏

فالتقاهم سنجر فاستتباحوا عسكره قتلًا وأسرًا‏.‏

ثم هجموا بنيسابور فقتلوا فيها قتلًا زريعًا ثم أخذوا بلخ وأسروا السلطان سنجر وقالوا‏:‏ أنت سلطاننا ونحن أجنادك‏.‏

ولو أمنا إليك لمكناك من الأمور وبقي في أيديهم مدة وأسماء مقدميهم‏:‏ دينار وبختيار وطوطي وأرسلان وجعفر ومحمود‏.‏

وكانوا نحو مائة ألف خركاه‏.‏

فلما مكت الخطا ما وراء النهر طردوا عنها هؤلاء الغز‏.‏

فنزلوا بنواحي بلخ ثم ثاروا وعملوا بخراسان مالا تعمله الكفار من القتل والسبي والخراب والمصادرة والعذاب ولم يسلم سوى هراة‏.‏

ولقد أحصي في محلتين من نيسابور خمسة عشر ألف قتيل‏.‏

ثم تجمع عسكر خراسان فواقعوا الغز غير مرة في أكثرها كان النصر للغز‏.‏

ثم استولى على نيسابور ورستاقها أيبه الملقب بالمؤيد مملوك السلطان سنجر وجرت أمور طويلة‏.‏

وفيها أخذت الفرنج عسقلان بعد عدة حصارات‏.‏

وكان المصريون يمدونهم بالرجال والذخائر‏.‏

وفي هذه المرة اختلف عساكرها وقتل منها جماعة‏.‏

فاغتنم الفرنج غفلتهم وركبوا الأسوار‏.‏

فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

وفيها سار المقتفي بجيشه إلى تكريت ثم سار إلى واسط لدفع ملكشاه عنها‏.‏

وفيها استولى غياث الدين الغوري على هراة وكانت لسنجر‏.‏

وغزا أخوه شهاب الدين بلاد الهند فهزموه‏.‏

ثم غزاهم فظفر وافتتح بلاد واسعة ومملكة كبيرة‏.‏

وفيها توفي ابن الطلاية أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن أحمد البغدادي الوراق الزاهد العابد‏.‏

سمع من عبد العزيز الأنماطي وغيره‏.‏

وانفرد بالجزء التاسع من المخلصيات حتى أضيف إليه‏.‏

وقد زاره السلطان مسعود في مسجده بالحربية وتشاغل عنه بالصلاة وما زاده على أن قال‏:‏ يا مسعود اعدل و ادع لي‏.‏

الله أكبر‏.‏

وأحرم بالصلاة‏.‏

فبكى السلطان وأبطل المكوس والضرائب وتاب‏.‏

نقلها أبو المظفر سبط ابن الجوزي عن جماعة‏.‏

والرفاء أبو الحسين أحمد بن منير الاطرابلسي الشاعر المشهور‏.‏

كان رافضيًا هجاء فائق النظم‏.‏

له ديوان‏.‏

وكان معارضًا للقيسراني في زمانه كجرير والفرزدق في زمانهما‏.‏

ورجار الفرنجي صاحب صقليه‏.‏هلك في ذي القعدة بالخوانيق وامتدت أيامه‏.‏

و أبو الفرج عبد الخالق بن احمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي محدث بغداد‏.‏

كان خيرًا متواضعًامتقنًا مكثرًا صاحب حديث وإفادة‏.‏

روى عن أبي نصر الزينبي وعاصم بن الحسن وخلق‏.‏

توفي في المحرم عن أربع وثمانين سنة‏.‏

والكروخي أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل الهروي‏.‏

الرجل الصالح راوي جامع الترمذي كان ورعًا ثقة كتب من الجامع نسخة ووقفها‏.‏

وكان يعيش من النسخ‏.‏

حدث ببغداد ومكة‏.‏

وعاش ستًا وثمانين سنة وتوفي في ذي الحجة‏.‏

وأبو الحسن البلخي علي بن الحسن الحنفي الواعظ الزاهد‏.‏

درس بالصادرية ثم جعلت له دار الأمير طرخان مدرسة وقام عليه الحنابله لأنه تكلم فيهم‏.‏

وكان يلقب برهان الدين‏.‏

وكان زاهدًا معرضًا عن الدنيا‏.‏

وهو الذي قام في إبطال حي على خير العمل من حلب‏.‏

وكان معظمًا مفخمًا في الدولة‏.‏

درس أيضًا بمسجد خاتون‏.‏

ومدرسته داخل الصدرية‏.‏

والملك العادل علي بن السلار الكردي ثم المصري وزير الظافر‏.‏

أقبل من ولاية الاسكندرية إلى القاهرة ليأخذ الوزارة بالقهر فدخل فحكم ففر الوزير نجم الدين سليم بن مصال‏.‏

وجمع العساكر وجاء فجهز ابن السلار جيشًالحربه فالتقوا بدلاص‏.‏

فقتل ابن مصال وطيف برأسه في سنة أربع وأربعين‏.‏

وكان ابن السلار سنيًا شافعيًا شجاعًا مقدامًا‏.‏

بنى للسلفي مدرسة معروفة لكه جبار ظالم شديد البأس صعب المراس‏.‏

وكان زوج أم عباس بن باديس‏.‏

فقتله نصر بن عباس هذا على فراشه بالقاهرة في المحرم وولي عباس الملك‏.‏

الأفضل محمد بن عبد الكريم المتكلم صاحب التصانيف‏.‏

أخذ علم النظر والأصول عن أبي القاسم الأنصاري وأبي نصر بن القشيري‏.‏

ووعظ ببغداد وظهر له القبول التام‏.‏

وقد اتهم بمذهب الباطنية‏.‏

توفي في شعبان وله إحدى و ثمانون سنة‏.‏

روى عن أبي الحسن المديني‏.‏

وأبو طاهر السنجي محمدبن محمد بن عبد الله المروزي الحافظ خطيب مرو‏.‏

تفقه على أبي المظفر السمعاني وعبد الرحمان البزاز وسمع من طائفة ولقي ببغداد ثابت بن بندار وطبقته‏.‏

ورحل مع أبي بكر بن السمعاني‏.‏

وكان ذا معرفة وفهم مع الثقة والفضل والتعفف‏.‏

توفي في شوال عن بضع وثمانين سنة‏.‏

وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكشميهني المروزي الخطيب شيخ الصوفية ببلده وآخر من روى عن محمد بن أبي عمران كتاب البخاري‏.‏

عاش ستًا وثمانين سنة‏.‏

وأبو عبد الله القيسراني محمدبن نصر بن صغير بن خالد الأديب حامل لواء الشعر في عصره‏.‏

تولى إدارة الساعات التي بدمشق مدة ثم سكن حلب‏.‏

وكان عارفًا بالهيئة والنجوم والهندسة والحساب‏.‏

مدح الملوك والكبار وعاش سبعين سنة‏.‏

ومات بدمشق‏.‏

ومحمد بن يحيى العلامة أبو أسعد النيسابوري محيي الدين شيخ الشافعية وصاحب الغزالي وأبي المظفر أحمد بن محمد الخوافي‏.‏

انتهت إليه رئاسة المذهب بخراسان وقصده الفقهاء من البلاد وصنف التصانيف ودرس بنظامية بلده‏.‏

توفي في رمضان شهيدًا على يد الغز قبحهم الله عن اثنتين وسبعين سنة‏.‏

ونصر بن أحمد بن مقاتل السوسي ثم الدمشقي‏.‏

روى عن أبي القاسم بن أبي العلاء‏.‏

وجماعة‏.‏

وكان شيخًا مباركًا‏.‏

توفي في ربيع الأول‏.‏

وهبة الله بن الحسين بن أبي شريك الحاسب‏.‏

مات ببغداد في صفر‏.‏

سمع من أبي الحسين بن وأبو الحسين المقدسي الزاهد صاحب الأحوال والكرامات دون الشيخ الضياء سيرته في جزء‏.‏

وقبره بحلب يزار‏.‏

سنة تسع وأربعين وخمس مائة فيها زاد تمكن المقتفي ولاسيما بموت السلطان مسعود وعرض عسكره فكانوا ستة آلاف‏.‏

فأنفق فيهم ثلاث مائة ألف دينار وجهزهم مع الوزير ابن هبيرة‏.‏

وكان مسعود بلال والبقش قد حضا السلطان محمد شاه على قصد العراق واستأذناه في التقدم فأذن لهما‏.‏

فجمعا التركمان وجاؤوا‏.‏

فسار لحربهم المقتفي ونازلهم أيامًا‏.‏

ثم عملوا المصاف في رجب‏.‏

فانهزمت مسيرة المقتفي فحمل بنفسه ورفع الطرحة وحذف السيف وصاح‏:‏ يال مضر‏:‏ كذب الشيطان وفر‏.‏

فوقعت الهزيمة على التركمان وأخذ لهم فيما قيل أربع مائة ألف رأس غنم وأسرت أولادهم‏.‏

ثم مالوا على واسط فسار ابن هبيرة بالعساكر وهزمهم ورد منصورًا فلقبه المقتفي‏:‏ سلطان العراق ملك الجيوش‏.‏

وفيهاجاءت الأخبار بأن السلطان محمد شاه على قصد بغداد‏.‏

فاستعرض المقتفي جيشه فزادوا على اثني عشر ألف فارس‏.‏

فمات البقش وضعف عزم محمد شاه‏.‏

فخامر عليه جماعة أمراء ولجأوا إلى الخليفة وجاءت الأخبار بما فيه السلطان سنجر من الذل‏:‏ له اسم السلطنة رواتبه من الغز راتب سائس وأنه يبكي على نفسه‏.‏

وفيها في صفر أخذ نور الدين دمشق من مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طغتكين على أن يعوضه بحمص‏.‏

فلم يتم وأعطاه بالس‏.‏

فغضب وسار إلى بغداد وبنى بها دارًا فاخرة وبقي بها مدة‏.‏

وكانت الفرنج قد طمعوا في دمشق بحيث أن نوابهم استعرضوا من بدمشق من الرقيق فمن أحب المقام تركوه ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهرًا‏.‏

وكان لهم على أهل دمشق القطيعة كل سنة فلطف الله‏.‏

واستمال نور الدين أحداث دمشق فلما جاء ونازلهم استنجد أبق بالفرنج‏.‏

وسلم إليه الناس البلد من شرقيه وحاصر أيق في القلعة‏.‏

ثم نزل بعد أيام‏.‏

وبعث المقتفي عهدًا بالسلطنة لنور الدين وأمره بالمسير إلى مصر وكان مشغولًا بحرب الفرنج‏.‏

وفيها توفي الظاهر بالله أبو منصور إسماعيل بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن المستنصر بالله العبيدي الرافضي‏.‏

بقي في الولاية خمسة أعوام ووزر له ابن مصال ثم ابن السلار ثم عباس ثم إن عباسًا وابنه نصرًا قتلا الظافر غيلةً في دارهما وجحداه في شعبان وأجلس عباس في الدست الفائز عيسى بن الظافر صغيرًا‏.‏

وكان الظافر شابًا لعابًا منهمكًا في الملاهي والقصف‏.‏

فدعاه نصر إليه وكان يحب نصرًا‏.‏

فجاءه متنكرًا معه خويدم فقتله وطمره‏.‏

وكان من أحسن وأبو البركات عبد الله بن محمد بن فضل الفراوي صفي الدين النيسابوري‏.‏

سمع من جده ومن جده لأمه طاهر الشحامي ومحمد بن عبد الله الصرام وطبقتهم‏.‏

وكان رأساَ في معرفة الشروط‏.‏

حدث بمسند أبي عوانة ومات من الجوع بنيسابور في فتنة الغز وله خمس وسبعن سنة‏.‏

وعبد الخالق بن زاهر بن طاهر أبو منصور الشحامي الشروطي المستملي‏.‏

سمع من جده وأبي بكر بن خلف وطبقتهما‏.‏

وهلك في العقوبة والمطالبة في فتنة الغز وله أربع وسبعون سنة‏.‏

وكان يملي ويستملي في الآخر‏.‏

وأبو سعيد محمد بن جامع النيسابوري الصوفي خياط الصوف‏.‏

شيخ صالح صاحب أصول‏.‏

سمع فاطمة بنت الدقاق وأبا بكر بن خلف‏.‏

وأبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي الدمشقي‏.‏

سمع أبا القاسم المصيصي وصحب الفقيه نصر المقدسي مدة‏.‏

وأبو الفتح الهروي محمد بن عبد الله بن أبي سعد الصوفي الملقب بالشيرازي‏.‏

أحد الذين جاوزوا المائة‏.‏

سمع بيبي الهرثمية وصحب شيخ الإسلام‏.‏

وأبو المعمر الأنصاري المبارك بن أحمد الأزجي الحافظ سمع أبا عبد الله النعالي فمن بعده‏.‏

وله والمظفر بن علي بن محمد بن محمد بن جهير الوزير بن الوزير أبو نصر بن أبي القاسم‏.‏

ولي وزارة المقتفي سبع سنين وعزل سنة اثنتين وأربعين‏.‏

توفي في ذي الحجة عن نيف وستين سنة‏.‏

ومؤيد الدولة ابن الصوفي الدمشقي وزير صاحب دمشق أبق‏.‏

كان ظالمًا عسوفًا فسر الناس بموته ودفن بداره بدمشق‏.‏

وأبو المحاسن البرمكي نصر بن المظفر الهمداني ويعرف بالشخص العزيز‏.‏

سمع أبا الحسين بن النقور وعبد الوهاب بن منده‏.‏

وتفرد في زمانه وقصده الطلبة‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ توفي سنة خمسين‏.‏

سنة خمسين وخمس مائة فيها توجه المقتفي إلى الكوفة واجتاز بسوقها إلى الجامع‏.‏

وفيها عسكر طلائع بن زريك بالصعيد وأقبل ليأخذ القاهرة‏.‏

فانهزم منه عباس وابنه الذي قتل الظافر‏.‏

ودخل طلائع القاهرة بأعلام مسودة وثياب سود مظهرًا للحزن وفي الأعلام شعور نساء القصر كن بعثن إليه بها في طي الكتب حزنًا على الظافر‏.‏

وفيها توفي الأقليشي أبو العباس أحمد بن معد بن عيسى التجيبي الأندلسي الداني‏.‏

سمع أبا الوليد بن الدباغ وطائفة وبمكة من الكروخي‏.‏

وكان زاهدًا عارفًا متفننًا صاحب نصانيف‏.‏

وله شعر في الزهد‏.‏

وأبو عثمان العصائدي إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري‏.‏

روى عن طاهر بن محمد الشحامي وطائفة‏.‏

وكان ذا رأي وعقل‏.‏

عمر تسعين سنة‏.‏

وسعيد بن بن البناء أبو القاسم ابن الشيخ أبي غالب أحمد بن الإمام أبي محمد الحسن بن أحمد البغدادي الحنبلي‏.‏

سمع ابن البسري وأبا نصر الزينبي‏.‏

وعاش ثلاثًا وثمانين سنة‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

وأبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب‏.‏

سمع رزق الله التميمي والحميدي ومات في صفر‏.‏

ومحمد بن ناصر بن محمد بن علي الحافظ أبو الفضل البغدادي محدث العراق‏.‏

ولد سنة سبع وستين وأربع مائة وسمع علي بن البسري وأبا طاهر بن أبي الصقر والبانياسي وطبقتهم وأجاز له من خراسان أبو صالح المؤذن والفضل بن المحب وأبو القاسم بن عليك وطبقتهم‏.‏

وعني بالحديث بعد أن برع في اللغة وتحول من مذهب الشافعي إلى الحنابلة‏.‏

قال ابن النجار‏:‏ كان ثقة ثبتًا حسن الطريقة متديتًا فقيرًا متعففًا نظيفًا نزهًا‏.‏

وقف كتبه‏.‏

وخلف ثيابًا خلقة وثلاثة دنانير ولم يعقب‏.‏

وقال فيه أبو موسى المديني الحافظ‏:‏ هو مقدم أصحاب الحديث في وقته ببغداد‏.‏

توفي في ثامن عشر شعبان رحمه الله‏.‏

وأبو الكرم الشهرزوري المبارك بن الحسن البغدادي شيخ المقرئين ومصنف المصباح في العشرة‏.‏

كان صالحًا خيرًا قرأ عليه خلق كثير‏.‏

أجاز له أبو الغنائم بن المأمون والصريفيني وطائفة‏.‏

وسمع من إسماعيل بن مسعدة ورزق الله التميمي‏.‏

وقرأالقراءات على عبد السيد بن عتاب وعبد القاهر العباسي وطائفة‏.‏

وانتهى إليه علو الإسناد في القراءات‏.‏

وتوفي في ذي الحجة‏.‏

ومجلي بن جميع قاضي القضاة بالديار المصرية أبو المعالي القرشي المخزومي الشافعي‏.‏

ولي بتفويض العادل ابن السلار وله كتاب الذخائر في المذهب من المصنفات المعتبرة‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

سنة إحدى وخمسين وخمس مائة كان السلطان سليمان شاه بن محمد ملكشاه السلجوقي قد قدم بغداد في آخر سنة خمسين‏.‏

فتلقاه الوزير عون الدين‏.‏

ولم يترجل أحد منهما للآخر ولم يحتفل لمجيئه لتمكن الخليفة وقوة دولته وكثرة جيوشه وهيبته‏.‏

فاستدعي في نصف المحرم إلى باب الخليفة المقتفي وحلف وقلد السلطنة‏.‏

وذكر في الخطبة بعد السلطان سنجر‏.‏

وقرر أنه ليس له في العراق شيء إلا ما يفتحه من خراسان‏.‏

فقدم للمقتفي عشرين ألف دينار له ومايتي كر‏.‏

ثم سار المقتفي وفي خدمته سليمان شاه إلى حلوان ثم بعث المقتفي مع سليمان شاه جيشًا‏.‏

وفي رمضان هرب سنجر من يد الغز وطلع إلى قلعة ترمذ وانكسرت سورة العز بموت كبيرهم علي بك وتسربت الأجناد إلى خدمة سنجر الغز أكثر من ثلاث سنين‏.‏

وكان خوارزم شاه أتسز و الخاقان محمود ابن أخت سنجر يحاربان الغز والحرب سجال بينهم‏.‏

وفيها عمل سليمان شاه مصافًا مع محمد شاه‏.‏

فانكسر سليمان شاه‏.‏

ووصل المنهزمون بغداد وتشتت سليمان شاه‏.‏

فنزل صاحب الموصل فأسره وقصد محمد شاه بغداد وانجفل أهلها‏.‏

وفيها توفي أبو القاسم الحمامي إسماعيل بن علي بن الحسين النيسابوري ثم الإصبهاني الصوفي مسند إصبهان وله أكثر من مائة‏.‏

سمع سنة تسع وخمسين وأربع مائة من أبي مسلم بن مهر بزد وتفرد بالسماع من جماعة‏.‏

سمع منه السلفي‏.‏

وقال يوسف بن أحمد الحافظ‏:‏ انبأ الشيخ المعمر الممتع بالعقل والسمع والبصر وقد جاوز المائة أبو القاسم الصوفي‏.‏

قلت‏:‏ مات في سابع صفر‏.‏

وأبو القاسم بن البن الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي الدمشقي‏.‏

تفقه على نصر المقدسي وسمع من أبي القاسم المصيصي والحسن بن أبي الحديد وجماعة‏.‏

وتوفي في ربيع الآخر عن

وأبوبكر عتيق بن أحمد الأزدي الأندلسي الأوريولي حج فسمع بمكة من طراد الزينبي‏.‏

وهو آخر من حدث عنه بالمغرب‏.‏

توفي بأوريوله وله أربع وثمانون سنة‏.‏

وأبو الحسن علي بن أحمد بن محمويه اليزدي الشافعي المقرئ الزاهد نزيل بغداد‏.‏

وقرأ بإصبهان على أبي الفتح الحداد وأبي سعد المطرز وغيرهما‏.‏

وسمع من ابن مردويه وسمع النسائي من الدوني‏.‏

وببغداد من أبي القاسم الربعي وأبي الحسين بن الطيوري‏.‏

وبرع في القراءات والمذهب‏.‏

وصنف في القراءات والفقه والزهد‏.‏

وكان رأسًا في الزهد والورع‏.‏

توفي في جمادى الآخرة وقد قارب الثمانين رحمه الله‏.‏

وأبو عبد الله بن الرطبي محمد بن عبيد الله بن سلامة الكرخي كرخ جدان المعدل‏.‏

روى عن أبي القاسم بن البسري وأبي نصر الزيني‏.‏

توفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏

وأبو البيان نبا بن محمد بن محفوظ القرشي الشافعي اللغوي الدمشقي الزاهد‏.‏

ويعرف بابن الحوراني‏.‏

سمع أبا الحسن علي بن الموازيني وغيره وكان صالحًا تقيًا ملازمًا للعلم والمطالعة كثير العبادة والمراقبة كبير الشأن بعيد الصيت صاحب أحوال ومقامات ملازمًا للسنة والأمر‏.‏

له تواليف ومجاميع‏.‏

ورد على المتكلمين وأذكار مسجوعة وأشعار مطبوعة وأصحاب ومريدون وفقراء بهديه يقتدون‏.‏

كان هو والشيخ رسلان شيخي دمشق في عصرهما وناهيك

سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة فيها ناز بغداد محمد شاه ابن السلطان محمود وزين الدين علي كوجك‏.‏

واختلف عسكر المقتفي عليه وقاتلت العامة ونهب الجانب الغربي واشتد الخطب واقتتلوا في السفن أشد قتال‏.‏

وفرق المقتفي الأموال والسلاح والغلة الكثيرة ونهض أتم نهوض حتى إنه من جملة ما عمل له بعض الزجاجين ثماني عشرة ألف قارورة للنفط‏.‏

ودام الحصار نحوًا من شهرين وقتل خلق من الفريقين وجاءت الأخبار بأخذ همذان وهي لمحمد شاه‏.‏

فقلق لذلك وقلت عليهم الميرة وجرت أمور طويلة‏.‏

ثم ترحلوا خائبين‏.‏

وفيها خرجت الإسماعيلية على حجاج خراسان فقتلوا وسبوا واستباحوا الركب وصبح الضعفاء والجرحى إسماعيلي شيخ ينادي‏:‏ يا مسلمين ذهبت الملاحدة فأبشروا ومن هو عطشان سقيته‏.‏

فبقي إذا كلمه أحد أجهز عليه‏.‏

فهلكوا إلى رحمة الله كلهم‏.‏

واشتد القحط بخراسان وتخربت بأيدي الغز ومات سلطانها سنجر وغلب كل أمير على بلد واقتتلوا وتعثرت الرعية الذين نجوا من القتل وخرج المقتفي بعد الحصار فتصيد أيامًا ورجع‏.‏

وفيها هزم نور الدين الفرنج على صفد‏.‏

وكانت وقعة عظيمة‏.‏

وجاءت الزلزلة العظيمة بالشام فهلك بحلب تحت الردم نحو الخمس مائة وخرجت أكثر حماة ولم ينج من أهل شيزر إلا خادم وامرأة ثم عمرها نور الدين‏.‏

وفيها أخذ نور الدين من الفرنج غزة وبانياس‏.‏

وفيها انقرضت دولة الملثمين بالأندلس لم يبق لهم إلا جزيرة ميورقة‏.‏

وفيها توفي أبو علي الخراز أحمد بن أحمد بن علي الحريمي‏.‏

سمع أبا الغنائم محمد بن علي الدقاق ومالكًا البانياسي‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

وشمس الملوك إبراهيم بن رضوان بن تتش السلجوقي‏.‏

تملك حلب مديدة ثم أخذها منه زنكي وعوضه نصيبين فتملكها إلى أن مات في شعبان وطالت أيامه بها وخلف ذرية فحملوا‏.‏

وسنجر السلطان الأعظم معز الدين أبو الحارث ولد السلطان ملكشاه بن الب أرسلان بن جعفر بيك السجوقي‏.‏

صاحب خراسان وأجل ملوك العصر وأعرقهم نسبًا وأقدمهم ملكًا وأكثرهم جيشًا‏.‏

واسمه بالعربي أحمد بن الحسن بن محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق‏.‏

خطب له بالعراق والشام والجزيرة وأذربيجان وأران والحرمين وخراسان وما وراء النهر وغزنه‏.‏

وعاش ثلاثًا وسبعين سنة‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ أول ما ناب في المملكة عن أخيه بركياروق سنة تسعين وأربع مائة‏.‏

ثم استقل بالسلطنة سنة اثنتي عشرة وخمس مائة‏.‏

ولقب حينئذ بالسلطان‏.‏

وكان قبل ذلك يلقب بالملك المظفر‏.‏

وكان وقورًا مهيبًا ذا حياء وكرم وشفقة على الرعية‏.‏

وكان مع كرمه المفرط من أكثر الناس مالًا‏.‏

اجتمع في خزائنه من الجوهر ألف رطل وثلاثون رطلًا وهذا مالم يملكه خليفة ولا ملك فيما نعلم‏.‏

توفي في ربيع الأول ودفن في قبة بناها وسماها دار الآخرة‏.‏

وقد تضعضع ملكه في أواخر أيامه وقهرته الغز ورأى الهوان‏.‏

ثم من الله عليه وخلص كما تقدم‏.‏

و عبد الصبور بن عبد السلام أبو صابر الهروي التاجر‏.‏

روى جامع الترمذي ببغداد عن أبي عامر الأزدي‏.‏

وكان صالحًا خيرًا‏.‏

وعبد الملك بن مسرة أبو مروان اليحصبي الشنتمري ثم القرطبي أحد الأعلام‏.‏

قال ابن بشكوال‏:‏ كان ممن جمع الله له الحديث والفقه مع الأدب البارع والخط الحسن والفضل والدين والورع والتواضع‏.‏

أخذ الموطأ عن أبي عبد الله الطلاع سماعًا وصحب أبا بكر بم مفوز وتوفي في شعبان‏.‏

وعثمان بن علي البيكندي أبو عمر مسند بخاري‏.‏

كان إمامًا عالمًا ورعًا عابدًا متعففًا تفرد بالرواية عن أبي المظفر * عبد الكريم الأندقي وسمع من عبد الواحد الزبيري المعمر وطائفة ومات في شوال عن سبع وثمانين سنة‏.‏

وعمر بن عبد الله الحربي المقرئ أبو حفص سمع الكثير وصدر الدين أبو بكر الخجندي محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن ثابت رئيس إصبهان وعالمها‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ كان صدر العراق في زمانه على الإطلاق إمامًا مناظرًا واعظًا جواد مهيبًا‏.‏

كان السلطان محمود يصدر عن رأيه وكان بالوزراء اشبه منه بالعلماء‏.‏

درس ببغداد بالنظامية وكان يعظ وحوله السيوف‏.‏

مات فجأة بقرية بين همزان ولكرج في شوال وقد روى عن أبي علي الحداد‏.‏

وأبو بكر بن الزاغوني محمد بن عبيد الله بن نصر البغدادي المجلد‏.‏

سمع أبا القاسم بن البسري وأبا نصر الزينبي والكبار‏.‏

وصار مسند العراق‏.‏

وكان صالحًا مرضيًا إليه المنتهى في التجليد‏.‏

اصطفاه الخليفة لتجليد خزانة كتبه‏.‏

توفي في ربيع الأخر وله أربع وثمانون سنة‏.‏

وأبو الحسن بن الخل الفقيه الشافعي محمد بن المبارك بن محمد العكبري‏.‏

أتقن المذهب على أبي بكر الشاشي المستظهري ودرس وأفتي وصنف وأقرأ‏.‏

له مصنف في شرح التنبيه ومصنف الأصول روى عن النعالي وابن البطر وطائفة‏.‏

ومات في المحرم عن سبع وسبعين سنة‏.‏

ونصر بن نصر علي أبو القاسم العكبري الواعظ‏.‏

روى عن أبي القاسم ابن اليسري وطائفة‏.‏

توفي في ذي الحجة عن سبع وثمانين سنة‏.‏

فيها اتفق السلطان ملك شاه وأخوه محمد شاه‏.‏

وسار محمد فأخذ خوزستان‏.‏

وفيها زار المقتفي مشهد الحسين ودخل واسط‏.‏

وفيها خرج إلى المدائن وكان يركب في تجمل عظيم وأبهة تامة‏.‏

وفيها قال ابن الأثير‏:‏ نزل ألف وسبع مائة من الإسماعيلية على زوق كبير التركمان فجازوه فأسرع عسكر التركمان فأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف فلم ينج منهم إلا تسعة أنفس‏.‏

فلله الحمد‏.‏

وفيها تمت عدة وقعات بين عسكر خراسان وبين الغز وقتل خلق‏.‏

وفيها توفي مسند الدنيا أبو الوقت عبد الأول بن شعيب بن عيسى بن شعيب السجزي ثم الهروي الماليني الصوفي الزاهد‏.‏

سمع الصحيح ومسندي الدارمي وعبد بن حميد من جمال الإسلام الداودي في سنة خمس وستين وأربع مائة‏.‏

وسمع من أبي عاصم الفضيلي ومحمد بن أبي مسعود الفارسي وطائفة‏.‏

وصحب شيخ الإسلام الأنصاري وخدمه‏.‏

وعمر إلى هذا الوقت وقدم بغداد فازدحم الخلق عليه وكان خيرًا متواضعًا متوددًا حسن السمت متين الديانة محبًا للرواية‏.‏

توفي في سادس ذي القعدة ببغداد وله خمس وتسعون سنة‏.‏

وكوتاه الحافظ أبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الاصبهاني‏.‏

توفي في شعبان عن سبع وسبعين سنة وحدث عن رزق الله التميمي وأبي بكر بن ماجه الأبهري وخلق‏.‏

قال أبو موسى المديني‏:‏ أوحد وقته في علمه مع طريقته وتواضعه‏.‏

حدثنا لفظًا وحفظًا على منبر وعظه‏.‏

وقال غيره‏:‏ كان جيد المعرفة حسن الحفاظ ذا عفة وقناعة وإكرام للغرباء‏.‏

وعلي بن عساكر بن سرور المقدسي ثم الدمشقي الخشاب‏.‏

صحب الفقيه نصر المقدسي مدة وسمع منه سنة سبعين وأربع مائة‏.‏

ثم سمع بدمشق من أبي عبد الله بن أبي الحديد‏.‏

توفي في سن أبي الوقت صحيح الذهن والجسم‏.‏

توفي في شوال‏.‏

والعلامة أبو حفص الصفار عمر بن أحمد بن منصور النيسابوري‏.‏

روي عن أبي بكر بن خلف وأبي المظفر موسى بن عمران وطائفة ولقبه عصام الدين‏.‏

وكان من كبار الشافعية يذكر مع محمد بن يحيى ويزيد عليه بالأصول‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ إمام بارع مبرز جامع لأنواع من العلوم الشرعية سديد السيرة مكثر‏.‏

مات يوم عيد الضحى‏.‏

سنة أربع وخمسين وخمس مائة فيها نهبت الغز نيسابور مرة ثالثة‏.‏

وفيها سار المقتفي إلى واسط فرماه الفرس وشج جبينه بقبيعة سيفه‏.‏

وفيها سار عبد المؤمن في مائة ألف فنازل المهدية برًا وبحرًا فأخذها من الفرنج بالأمان‏.‏

ولكن ركبوا البحر وكان شتاء فغرق أكثرهم‏.‏

وفيها قتل بعض أصحاب نقيب العلوية بنيسابور فحمى رئيس الشافعية مؤيد الدين القاتل فقصد لنقيب الشافعية فاقتتلوا بالبلد وقتل جماعة وأحرق النقيب سوق العطارين وسكة معاد‏.‏

فحشد المؤيد والتقى الفريقان واشتد الحرب وعظم الخطب وندرت الرؤوس عن كواهلها وأحرقت المدارس والأسواق واستحر القتل بالشافعية وهرب المؤيد وكاد يخرب البلد وعصى العلوي بالبلد وتعثرت الرعية وتمنوا الموت‏.‏

وجاء المؤيد أبيه القائد فشد من الشافعية فبالغ القوم في أخذ الثأر وحرقوا مدرسة الحنفية‏.‏

وفيها أقبلت الروم في جموع عظيمة وقصدوا الشام‏.‏

فالتقاهم المسلمون فانتصروا ولله الحمد وأسر ابن أخت ملك الروم‏.‏

وفيها توفي ابن قفرجل أبو القاسم أحمد بن المبارك بن عبد الباقي البغدادي الذهبي القطان‏.‏

روى عن عاصم بن الحسن وجماعة‏.‏

وأبو جعفر العباسي أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي نقيب الهاشميين بمكة‏.‏

روى عن أبي علي الشافعي وحدث ببغداد وإصبهان‏.‏

وكان صالحًا متواضعًا فاضلًا مسندًا‏.‏

توفي في وأبو زيد جعفر بن زيد بن جامع الحموي الشامي‏.‏

مؤلف رسالة البرهان التي رواها عنه ابن الزبيدي‏.‏

كان صالحًا عابدًا صاحب سنة وحديث‏.‏

روى عن أبي سعد بن الطيوري وأبي طالب اليوسفي وأبي القاسم الحصين‏.‏

توفي في ذي الحجة وقد شاخ‏.‏

والحسن بن جعفر بن المتوكل أبو علي الهاشمي العباسي‏.‏

سمع أبا غالب بن الباقلاني وغيره‏.‏

وكان أديبًا شاعرًا صالحًا جمع سيرة المرشد وسيرة المقتفي‏.‏

وتوفي في جمادى الآخرة‏.‏

ومحمد شاه بن السلطان محمود بن ملكشاه أخو ملكشاه السلجوقي‏.‏

توفي بعلة السل وله ثلاث وثلاثون سنة‏.‏

وكان كريمًا عاقلًا‏.‏

وهو الذي حاصر بغداد من قريب‏.‏

واختلف الأمراء من بعده فطائفة لحقت بأخيه ملكشاه وطائفة لحقت بسليمان شاه‏.‏

سنة خمس وخمسين وخمس مائة فيها تملك سليمان شاه همذان‏.‏

وذهب ملكشاه إلى إصبهان فمات بها‏.‏

وتوفي المقتفي وعقدت البيعة يومئذ للمستنجد بالله ولده‏.‏

فأول من بايعه أخوه الكبير ثم ابن هبيرة وقاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني‏.‏

وفيها توفي الفائز صاحب مصر وأقيم بعده العاضد‏.‏

وفيها قبضت الأمراء على سليمان شاه وخطبوا لأرسلان شاه بن طغرل بن محمد بن ملكشاه‏.‏

بقيام زوج أمه ألدكر صاحب أران وأذربيجان‏.‏

وفيها توفي العميد بن القلانسي صاحب التاريخ أبو يعلي حمزة بن أسد التميمي الدمشقي الكاتب‏.‏

حدث عن سهل بن بشر الأسفراييني‏.‏

وولي رئاسة البلد مرتين‏.‏

وكان يسمى أيضًا المسلم‏.‏

توفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة‏.‏

وأبو يعلي بن الحبوبي حمزة بن علي بن هبة الله الثعلبي الدمشقي البزبز‏.‏

سمع أبا القاسم المصيصي ونصر المقدسي‏.‏

مات في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة‏.‏

وكان لابأس به‏.‏

وخسروا شاه سلطان غزنة‏.‏

تملك بعد أبيه بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين‏.‏

وكان عادلًا سائسًا مقربًا للعلماء‏.‏

وكانت دولته تسع سنين‏.‏

وتملك بعده ولده ملكشاه‏.‏

وأبو جعفر الثقفي قاضي العراق عبد الواحد بن أحمد ابن محمد وقد ناهز الثمانين‏.‏

ولي قضاةالكوفة مدة وسمع من أبي النرسي‏.‏

ثم ولاه المستنجد في هذا العام قضاء القضاة‏.‏

فتوفي في آخر العام وقد ناهز الثمانين‏.‏

وولي بعده ابنه جعفر‏.‏

والفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى بن الظافر إسماعيل بن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي‏.‏

أقيم في الخلافة بعد قتل أبيه وله خمس سنين‏.‏

فحمله الوزير عباس على كتفه وقال‏:‏ يا أمراء‏:‏ هذا ولد مولاكم وقد قتل مولاكم أخواه فقتلتهما كما ترون‏.‏

فبايعوا هذا الطفل‏.‏

فقالوا سمعنا وأطعنا‏.‏

وضجوا ضجة واحدة‏.‏

ففزع الصبي وبال واختل عقله‏.‏

فيما قيل من تلك الصيحة‏.‏

وصار يتحرك ويصرع‏.‏

وتوفي في رجب من هذه السنة وكان الحل والربط لعباس‏.‏

فلما هرب عباس وقتل كان الأمر للصالح طلائع بن رزيك‏.‏

والمقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله بن الأمير محمد بن القائم العباسي أمير المؤمنين‏.‏

كان عالمًا فاضلًا دينًا حليمًا شجاعًا مهيبًا خليقًا للإمارة كامل السؤدد‏.‏

وكان لايجري في دولته أمر وإن صغر إلا بتوقيعه‏.‏

وكتب في أيام خلافته ثلاث ربعات‏.‏

ووزر له علي بن طراد ثم أبو نصر بن جهير ثم علي بن صدقة ثم ابن هبيرة وحجبه أبو المعالي بن الصاحب ثم جماعة بعده‏.‏

وكان آدم اللون بوجهه أثر جدري مليح الشيبة عظيم الهيبة ابن حبشية‏.‏

كانت دولته خمسًا وعشرين سنة‏.‏

توفي في ربيع الأول عن ست وستين سنة‏.‏

وقد جدد باب الكعبة واتخذ لنفسه من العقيق تابوتًا دفن فيه وأبو المظفر التريكي محمد بن أحمد بن علي العباسي خطيب جامع المهدي‏.‏

روى عن أبي نصر الزيني وعاصم بن الحسن وعاش خمسًا وثمانين سنة‏.‏

توفي في نصف ذي القعدة‏.‏

وأبو الفتوح الطائي محمدبن أبي جعفر محمد بن علي الهمذاني صاحب الأربعين سمع فيد بن عبدالرحمن الشعراني وإسماعيل بن الحسن الفرائضي وطائفة بخراسان والعراق والجبال توفي في شوال عن خمس وثمانين‏.‏

سنة ست وخمسين وخمس مائة فيها ركب المستنجد بالله إلى الصيد مرتين‏.‏

وفيها توفي أبو حكيم النهراوني إبراهيم بن دينار الحنبلي الزاهد الفرضي أحد من كان يضرب به المثل في الحلم والتواضع‏.‏

أنشأ مدرسة بباب الأزج‏.‏

وقد اجتهد جماعة على إغضابه فلم يقدروا‏.‏

وكان بصيربً بالمذهب‏.‏

وعلاء الدين الحسين بن الحسين الغوري سلطان الغور تملك بعده ولده سيف الدين محمد‏.‏

وسليمان شاه ابن السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي‏.‏

وكان أهوج أخرق فاسقًا بل زنديقًا يشرب الخمر في نهار رمضان‏.‏

قبض عليه الأمراء في العام الماضي ثم خنق في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

وطلائع بن رزيك الأرمني ثم المصري الملك الصالح وزير الديار المصرية‏.‏

غلب على الأمور في سنة تسع وأربعين‏.‏

وكان أديبًا شاعرًا فاضلًا رافضيًا جوادًا ممدحًا‏.‏

ولما بايع العاضد زوجه بابنته‏.‏

ونقض أرزاق الأمراء فعملوا عليه بإشارة العاضد وقتلوه في الدهليز في رمضان‏.‏

وكان في نصر التشييع كالسكة المحماة‏.‏

كان يجمع الفقهاء ويناظهرهم على الإمامة وعلى القدر وله مصنف في ذلك‏.‏

وأبو الفتح بن الصابوني عبد الوهاب بن محمد المالكي المقرئ الخفاف من قرية المالكية‏.‏

روى عن النعالي وابن البطر وطبقتهما‏.‏

وكتب وحصل وجمع أربعين حديثًا‏.‏

وقرأ القراءات على ابن بدران الحلواني وغيره‏.‏

وتصدر للإقراء‏.‏

وكان قيمًا بالفن‏.‏

توفي في صفر عن أربع وسبعين سنة‏.‏

والوزير جلال الدين أبو الرضا محمد بن أحمد بن صدفة‏.‏

وزر للراشد بالله‏.‏

وكان في خير ودين‏.‏

توفي في شعبان عن ثمان وخمسين سنة‏.‏

وابن المادح أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي البغدادي‏.‏

روى عن أبي نصر الزينبي وجماعة وتوفي في ذي القعدة‏.‏

والخاقان محمود بن محمد التركي سلطان ما وراء النهر وابن بنت السلطان ملكشاه السلجوقي‏.‏

سار بالغز في وسط السنة وحاصر نيسابور شهرين‏.‏

وكان كالمقهور مع الغز فهرب منهم إلى سنة سبع وخمسين وخمس مائة فيها كان مصاف هائل بين جيوش أذربيجان وبين الكرج‏.‏

فنصر الله الإسلام‏.‏

وكانت الغنيمة تتجاوز الوصف‏.‏

وفيها حج الركب العراقي وحيل بينهم وبين البيت إلا شرذمةيسيرة ورد الناس بلا طواف‏.‏

وفيها توفي أبو يعلي حمزة بن أحمد بن فارس بن كروس السلمي الدمشقي‏.‏

روى عن نصر المقدسي ومكي الرميلي وجماعة‏.‏

وكان شيخًا مباركًا حسن السمت‏.‏

توفي في صفر عن أربع وثمانين سنة‏.‏

تفرد برواية الموطأ‏.‏

وزمرد الخا تون المحترمة صفوة الملوك بنت الأمير جاولي أخت دقاق صاحب دمشق لأمه وزوجة تاج الملوك بوري وأم ولديه شمس الملوك إسماعيل ومحمود‏.‏

سمعت من أبي الحسن بن قبيس واستنسخت الكتب‏.‏

وحفظت القرآن‏.‏

وبنت الخاتونية بصنعاء دمشق‏.‏

ثم تزوجها أتابك زنكي فبقيت معه تسع سنين فلما قتل حجت وجاورت بالمدينة ودفنت بالبقيع‏.‏

أما خاتون بنت أنر زوجة الملك نور الدين فتأخرت ولها مدرسة بدمشق وخانقاه معروفة على نهر باناس‏.‏

وأبو مروان عبد الملك بن زهر بن عبد الملك الإشبيلي طبيب عبد المؤمن وصاحب التصانيف‏.‏

أخذ عن والده وبرع في الصناعة‏.‏

والشيخ عدي بن مسافر بن إسماعيل الشامي ثم الهكاري الزاهد قطب المشايخ وبركة الوقت وصاحب الأحوال والكرامات‏.‏

صحب الشيخ عقيلًا المنبجي والشيخ حماد الدباس وعاش تسعين سنة‏.‏

ولأصحابه فيه عقيدة تتجاوز الحد‏.‏

وهبة الله بن أحمد الشبلي أ بو المظفر القصار المؤذن‏.‏

توفي في سلخ السنة عن ثمان وثمانين سنة وبه ختم السماع من أبي نصر الزينبي‏.‏

وهبة الله بن أحمد أبو بكر الحفار‏.‏

روى عن رزق الله التميمي‏.‏

وتوفي في شوال وكلاهما ببغداد‏.‏

سنة ثمان وخمسين وخمس مائة فيها غزا نور الدين ونزل تحت حصن الأكراد وكبست الفرنج جيشه فوقعت الهزيمة‏.‏

وركب نور الدين فرسًا ونجا‏.‏

ونزل على بحيرة حمص وحلف لا يستظل بسقف أويأخذ بالثأر‏.‏

ثم لم شعث العسكر‏.‏

وفيها سار جيش المستنجد فالتقوا آل دبيس الأسديين أصحاب الحلة فالتقوهم فخذلت بنو أسد وقتل من العرب نحو أربعة آلاف وقطع دابرهم فلم يقم لهم بعدها قائمة‏.‏

وفيها توفي الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ أبي عمر والشيخ الموفق وله سبع وستون سنة‏.‏

وكان خطيب جماعيل ففر بدينه من الفرنج إ فهاجر إلى الله ونزل هو وآله بمسجد أبي صالح الذي بظاهر باب شرقي سنتين‏.‏

ثم صعد إلى الجبل وبنى الدير ونزل هو وآله بسفح قاسيون‏.‏

وكانوا يعرفون بالصالحية لنزولهم بمسجد أبي صالح ومن ثم قيل جبل الصالحية‏.‏

وكان زاهدًا صالحًا قانتًا لله صاحب جد وصدق وحرص على الخير‏.‏

رحمة الله عليه‏.‏

وشهردار ابن الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي‏.‏

المحدث أبو منصور الديلمي‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ كان حافظًا عارفًا بالحديث فهمًا بالحديث فهمًا عارفًا بالأدب ظريفًا‏.‏

سمع أباه وعبدوس بن عبد الله ومكي السلار وطائفة وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي‏.‏

وعاش خمسًا وسبعين سنة‏.‏

وعبد المؤمن بن علي القيسي الكومي التلمساني صاحب المغرب والأندلس‏.‏

وكان أبوه صانعًا في الفخار فصار أمره إلى ما صار‏.‏

وكان أبيض مليحًا ذا جسم وعمم يعلوه حمرة أسود الشعر معتدل القامة وضيئًا جهوري الصوت فصيحًا عذب المنطق لايراه أحد إلا أحبه بديهة‏.‏

وكان في الآخر شيخًا أنقى‏.‏

وقد سقت أخباره في تاريخي الكبير‏.‏

مات غازيًا بمدينة سلا في جمادى الآخرة‏.‏

وكان ملكًا عادلًا سائسًا عظيم الهيبة عالي الهمة كثير المحاسن متين الديانة قليل المثل‏.‏

كان يقرأ كل يوم سبعًا ويجتنب لبس الحرير ويصوم الاثنين والخميس ويهتم بالجهاد والنظر في الأمور كأنما خلق للملك‏.‏

وسديد الدولة بن الأنباري صاحب ديوان الإنشاء ببغداد وهو محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم الشيباني الكاتب البليغ‏:‏ أقام في الإنشاء خمسين سنة‏.‏

وناب في الوزارة ونفذ رسولًا‏.‏

وكان ذا رأي وحزم وعقل‏.‏

عاش نيفًا وثمانين سنة‏.‏

والجواد جمال الدين أبو جعفر محمد بن علي الإصبهاني وزير صاحب الموصل أتابك زنكي‏.‏

كان رئيسًا نبيلًا مفخمًا دمث الأخلاق سمحًا كريمًا مفضالًا متبوعًا في أفعال البر والقرب مبالغًا في ذلك‏.‏

وقد وزر أيضًا لولد زنكي سيف الدين غازي ثم لأخيه قطب الدين مدة ثم قبض عليه في هذه السنة وحبسه‏.‏

ومات في العام الآتي فنقل ودفن بالبقيع‏.‏

ولقد حكى ابن الأثير في ترجمة الجواد مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها في الأعمار‏.‏

فيها كسر نور الدين الفرنج وأسر الإبرنس‏.‏

وذلك أن صاحب ماردين نجم الدين نازل حارم فنجدتها الفرنج واجتمع عليها طائفة من ملوكهم وعلى الكل بيمند صاحب أنطاكية‏.‏

ففر صاحب ماردين‏.‏

وقصدهم نور الدين فالتقاهم‏.‏

فانهزمت ميمنته وتبعتهم فرسان الفرنج فمالت ميسرته على رجالة الفرنج فحصدتهم فلما ردت فرسانهم ردت خلفهم الميمنة ومن بين أيديهم الميسرة‏.‏

فأحاط به المسلمون وحمي الحرب واستحر القتل بالفرنج والأسر فأسر صاحب أنطاكية وصاحب طرابلس ومقدم الروم الدوك‏.‏

وزادت عدة القتلى على عشرة آلاف وتسلم نور الدين قلعة حارم وفي آخر السنةقلعة بانياس‏.‏

وفيها سار ملك القسطنطينية بجيوشه وقصد بلاد الإسلام‏.‏

فلما قاربوا مملكة قلج أرسلان جعل التركمان يبيتونهم ويغيرون عليهم في الليل حتى قتلوا منهم نحو العشرة آلاف فردوا بذلة‏.‏

وطمع فيهم المسلمون وأخذوا لهم عدة حصون‏.‏

ولله الحمد‏.‏

وفيها سار جيش نور الدين مع مقدم عسكره أسد الدين شيركوه فدخلوا مصر وقتل الملك المنصور ضرغام الذي كان قد قهر شاور السعدي‏.‏

ثم تمكن شاور وخاف من عسكر الشام فاستنجد بالفرنج فنجدوه من القدس وما يليه‏.‏

فدخل العسكر بلبيس وحصرهم الفرنج ثلاثة أشهر‏.‏

فلما جاءهم الصريخ بما تم على دين الصليب بوقعة حارم صالحوا أسد الدين وردوا‏.‏

وفيها توفي أبو أسعد عبد الوهاب بن الحسن الكرماني بقية شيوخ نيسابور‏.‏

روى عن أبي بكر بن خلف وموسىبن عمران وأبي سهل عبد الملك الدشتى وتفرد عنهم‏.‏

عاش تسعًا وسبعين سنة‏.‏

والسيد أبو الحسن علي بن حمزة العلوي الموسوي مسند هراة‏.‏

سمع أبا عبد الله العمري ونجيب بن ميمون وأبا عامر الأزدي وطائفة وعاش نيفًا وتسعين سنة‏.‏

وأبو الخير الباغبان محمد بن أحمد بن محمد الإصبهاني المقدر‏.‏

سمع عبد الوهاب بن منده والمطهر البزاني وجماعة‏.‏

وكان ثقة مكثرًا‏.‏

توفي في شوال‏.‏

ونصر بن خلف السلطان أبو الفضل صاحب سجستان‏.‏

عمر مائة سنة‏.‏

ملك منها ثمانين سنة‏.‏

وكان عادلًا حسن السيرة مطيعًا للسلطان سنجر‏.‏

سنة ستين وخمس مائة فيها وقعت فتنة هائلة بإصبهان بين صدر الدين عبد اللطيف بن الخجندي وبين غيره من أصحاب المذاهب سببها التعصب للمذاهب‏.‏

فخرجوا إلى القتال وبقي الشر والقتل ثمانية أيام قتل خلق كثير وأحرقت أماكن كثيرة‏.‏

وفيها توفي أبو العباس بن الحطئة أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام اللخمي الفاسي المقرئ الصالح الناسخ‏.‏

ولد سنة ثمان وسبعين وحج وقرأ القراءات على ابن الفحام وبرع فيها‏.‏

وكان لأهل مصر فيه اعتقاد كبير رحمه الله توفي في المحرم وقبره بالقرافة‏.‏

وأمير ميران أخو السلطان نور الدين‏.‏

أصابه سهم في عينه على حصار بانياس فمات منه بدمشق‏.‏

وأبو الندى حسان بن تميم الزيات‏.‏

رجل حاج صالح‏.‏

روى عن نصر المقدسي وتوفي في رجب عن بضع وثمانين سنة‏.‏

روت عنه كريمة‏.‏

وأبو المظفر الفلكي سعيد بن سهل الوزير النيسابوري ثم الخوارزمي وزير خوارزمشاه‏.‏

روى مجالس عن علي بن أحمد المديني ونص الله الخشنامي‏.‏

وحج وتزهد وأقام بدمشق بالسميساطية‏.‏

وكان صالحًا متواضعًا توفي في شوال‏.‏

وحذيفة بن سعد أبو المعمر بن الطاهر الأزجي الوزان‏.‏

روى عن أبي الفضل بن خيرون وجماعة‏.‏

توفي في رجب‏.‏

ورستم بن علي بن شهريار صاحب مازندران‏.‏

استولى في العام الماضي على بسطام وقومس واتسعت مملكته ومات في ربيع الأول وتملك بعده ابنه علاء الدين حسن‏.‏

وعلي بن أحمد أبو الحسن اللباد الإصبهاني‏.‏

سمع أبا بكر بن ماجه ورزق الله التميمي وطائفة‏.‏

وأجاز له أبو بكر بن خلف‏.‏

توفي في شوال‏.‏

وأبو القاسم بن البزري عمر بن محمد الشافعي فقيه أهل الجزيرة‏.‏

تفقه ببغداد على الغزالي وإلكيا الهراسي‏.‏

وصار أحفظ أهل زمانه للمذهب‏.‏

وله مصنف كبير على إشكالات المهذب وكان ينعت بزين الدين جمال الإسلام‏.‏

عاش تسعًا وثمانين سنة‏.‏

وأبو عبد الله الحراتي محمد بن عبد الله بن العباس العدل ببغداد‏.‏

سمع رزق الله التميمي وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري وطراد بن محمد‏.‏

وكان أديبًا فاضلًا ظريفًا‏.‏

توفي في جمادى الأولى‏.‏

والقاضي أبو يعلي الصغير محمد بن أبي خازم محمد ابن القاضي الكبير أبي يعلي بن الفراء البغدادي الحنبلي‏.‏

شيخ المذهب‏.‏

تفقه على أبيه وعمه أبي الحسين‏.‏

وكان مناظرًافصيحًا مفوهًا ذكيًا‏.‏

ولي قضاء واسط مدة ثم عزل منها‏.‏

فلزم منزله‏.‏

وأضر بأخرة‏.‏

توفي في ربيع الآخر وله ست وستون سنة‏.‏

وأبو طالب العلوي الشريف محمد بن محمد بن محمد بن أبي زيد الحسني البصري نقيب الطالبيين بالبصرة‏.‏

روى عن أبي علي التستري وجعفر العباداني وجماعة‏.‏

واستقدمه ابن هبيرة لسماع السنن فروى الكتاب بالإجازة سوى الجزء الأول فبالسماع من التستري‏.‏

وأما ابن الحصري فروى عنه الكتاب عن التستري سماعًا‏.‏

وهذا لم يتابعه عليه أحد‏.‏

توفي في ربيع الأول عن إحدى وتسعين سنة‏.‏

وأبو الحسن بن التلميذ أمين الدولة هبة الله بن صاعد النصراني البغدادي شيخ قومه وقسيسهم‏.‏

لعنهم الله‏.‏

وشيخ الطب وجالينوس العصر وصاحب التصانيف‏.‏

مات في ربيع الأول وله أربع وتسعون سنة‏.‏

وياغي أرسلان بن الداشمند صاحب ملطيه‏.‏

جرى بينه وبين جاره قلج أرسلان حروب عديدة‏.‏

ثم مات وولى بعده ابن أخيه إبراهيم بن محمد فصالح قلج أرسلان‏.‏

والوزير عون الدين أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد الشيباني وزير المقتفي وابنه‏.‏

ولد سنة تسع وتسعين وأربع مائة بالسواد ودخل بغداد شابًا فطلب العلم وتققه وسمع الحديث وقرأ القراءات وشارك في الفنون وصار من فضلاء زمانه‏.‏

ثم احتاج فدخل في الكتابة وولي مشارفة الخزانة‏.‏

ثم ترقي وولي ديوان الخاص‏.‏

ثم استوزره المقتفي فبقي وزيرًا إلى أن مات‏.‏

وكان شامة بين الوزراء لعدله ودينه وتواضعه ومعروفه‏.‏روى عن أبي عثمان بن ملة وجماعة‏.‏

ولما ولاه المقتفي امتنع من لبس خلعة الحرير وحلف أنه لايلبسها‏.‏

وذا شي لا يفعله قضاة زماننا ولاخطباؤه‏.‏

كان مجلسه معمورًا بالعلماء والفقهاء والبحث وسماع الحديث‏.‏

شرح صحيحي البخاري ومسلم وألف كتاب العبادات في مذهب أحمد‏.‏

ومات شهيدًا مسمومًا في جمادى الأولى ووزر بعده شرف الدين أبو جعفر بن البلدي‏.‏

سنة إحدى وستين وخمس مائة فيها ظهر ببغداد الرفض والسب وعظم الخطب‏.‏

وفيها خرجت الكرج في أرمينية وأذربيجان فقتلوا وسبوا‏.‏

وفيها أخذ نور الدين من الفرنج حصن المنيطرة‏.‏

وفيها توفي الرسمي الإمام أبو عبد الله الحسن بن العباس الإصبهاني الفقيه الشافعي مسند إصبهان‏.‏

سمع أبا عمرو بن مندة ومحمود الكوسج وطائفة‏.‏

وتفرد ورحل إليه‏.‏

وكان زاهدًا ورعًا خاشعًا بكاء فقيهًا مفتيًا محققًا تفقه به جماعة‏.‏

توفي في غرة صفر وقد استكمل ثلاثًا وتسعين سنة رحمه الله‏.‏

وعبد الله بن رفاعة بن غدير الفقيه أبو محمد السعدي المصري الشافعي الفرضي صاحب القاضي الخلعي‏.‏

توفي في ذي القعدة عن أربع وتسعين سنة كاملة‏.‏

وقد ولي القضاء بمصر ثم وأبو محمد الأشيري عبد الله بن محمد المغربي الصنهاجي الفقيه الحافظ‏.‏

روى عن أبي الحسن الجذامي والقاضي عياض‏.‏

وكان عالمًا بالحديث وطرقه وبالنحو واللغةوالنسب كثير الفضائل‏.‏

وقبره بظاهر بعلبك‏.‏

وأبو طالب بن العجمي عبد الرحمان بن الحسن الحلبي الفقيه الشافعي‏.‏

تفقه ببغداد على الشاشي وأسعد الميهني‏.‏

وسمع من ابن بيان وله بحلب مدرسة كبيرة‏.‏

عاش إحدى وثمانين سنة ومات في شعبان‏.‏

والشيخ عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي دوست أبومحمد الجيلي الزاهد شيخ العصر وقدوة العارفين صاحب المقامات والكرامات ومدرس الحنابلة محيي الدين‏.‏

انتهى إليه التقدم في الوعظ والكلام على الخواطر‏.‏

ولد بجيلان سنة إحدى وسبعين وأربع مائة وقدم بغداد شابًا فتفقه على أبي سعد المخرمي وسمع من أبي غالب بن الباقلاني وجعفر السراج وطائفة‏.‏

وصحب الشيخ حمادًا الدباس‏.‏

قال الشيخ الموفق‏:‏ أقمنا عنده في مدرسته شهرًا وتسعة أيام‏.‏

ثم مات وصلينا عليه‏.‏

قال‏:‏ ولم أسمع عن أحد يحكي عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه ولا رأيت أحدًا يعظم من أجل الين أكثر منه‏.‏

قلت عاش تسعين سنة‏.‏

فيها سار أسد الدين شيركوه المسير الثاني إلى مصر يمعظم جيش نور الدين‏.‏

فنازل الجيزة شهرين واستنجد وزير مصر شاور بالفرنج فدخلوا في النيل من دمياط والتقوا فنصر أسد الدين وقتل ألوف من الفرنج‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ هذا من أعجب ما أرخ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج‏.‏

قلت‏:‏ ثم استولى أسد الدين على الصعيد وتقوى بخراجها‏.‏

وأقامت الفرنج بالقاهرة حتى استراشوا ثم قصدوا الإسكندرية وقد أخذها صلاح الدين‏.‏

فحاصروه أربعة أشهر ثم كر أسد الدين منجدًا له فترحلت الملاعين بعد أن استقر لهم بالقاهرة شحنة وقطيعة مائة ألف دينار في العام‏.‏

وصالح شاور أسد الدين على خمسين ألف دينار أخذها ونزل إلى الشام‏.‏

وفيها قدم قطب الدين صاحب الموصل على أخيه نور الدين فغزوا الفرنج وأخذوا غير حصن‏.‏

وفيها احترقت اللبادين حريقًا عظيمًا صار تاريخًا وأقامت النار تعمل أيامًا‏.‏

وصار أصلها من دكان طباخ وذهب للناس مالايحصى‏.‏

وفيها توفي خطيب دمشق أبو البركان الخضر بن شبل بن عبد الحارثي الدمشقي الفقيه الشافعي‏.‏

درس بالغزاليه والمجاهدية‏.‏

وبنى له نور الدين مدرسته التي عند باب الفرج فدرس بها وتعرف الأن بالعمادية‏.‏

قرأ علبى أبي الوحش سبيع صاحب الأهوازي وسمع من أبي الحسن بن الموازيني توفي في ذي القعدة‏.‏

وعبد الجليل بن أبي سعد الهروي أبو محمد المعدل مسند هراة‏.‏

تفرد بالرواية عن بيبي الهرثمية وعبد الرحمان كلار وعاش اثنتين وتسعين سنة‏.‏

وهو أكبر شيخ للحافظ عبد القادر الرهاوي‏.‏

والحافظ أبو سعد السمعاني تاج الإسلام عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي محدث المشرق وصاحب التصانيف الكثيرة والرحلة الواسعة‏.‏

عاش ستًا وخمسين سنة‏.‏

سمع حضورًا من الشيروي وأبي منصور الكراعي‏.‏

ثم رحل بنفسه وله ثلاث وعشرون فسمع من الفراوي وطبقته بنيسابور وهراة وبغداد وإصبهان ودمشق‏.‏

وله معجم شيوخه في عشر مجلدات‏.‏

وكان حافظًا ثقة مكثرًا واسع العلم كثير الفضائل ظريفًا لطيفًا متجملًا نظيفًا نبيلًا شريفًا‏.‏

توفي في غزة ربيع الأول بمرو‏.‏

وأبوشجاع البسطامي عمر بن محمد بن عبد الله الحافظ المفسر الواعظ المفتي الأديب المتفنن وله سبع وثمانون سنة‏.‏

سمع أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي وجماعة وانتهت إليه مشيخة بلخ وتفقه عليه جماعة مع الدين والورع‏.‏

تفرد برواية الشمائل ومسند الهيثم بن كليب‏.‏

وقينس بن محمد أبو عاصم السويقي الإصبهاني المؤذن الصوفي‏.‏

رحل وسمع ببغداد من أبي وابن اللحاس أبو المعالي محمد بن محمد بن الجبان الحريمي العطار‏.‏

سمع من طراد وطائفة‏.‏

وهو آخر من روىبالإجازة عن أبي القاسم بن البسري‏.‏

وكان صالحًا ثقة ظريفًا لطيفًا‏.‏

توفي في ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة‏.‏

وأبو طالب بن خضير المبارك بن علي البغدادي الصيرفي المحدث‏.‏

كتب الكثير عن أبي الحسن بن العلاف وطبقته وبدمشق عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة‏.‏

وعاش ثمانين سنة توفي في ذي الحجة‏.‏

ومسعود الثقفي الرئيس المعمر أبو الفرج بن الحسن ابن الرئيس المعتمد أبي عبد الله القاسم بن الفضل الإصبهاني مسند العصر ورحلة الآفاق‏.‏

توفي في رجب وله مائة سنة‏.‏

أجاز له عبد الصمد بن المأمون وأبو بكر الخطيب وسمع من جده وعبد الوهاب بن منده وطبقتهما‏.‏

وهبة الله بن الحسن بن هلال أبو القاسم البغدادي الدقاق مسند العراق‏.‏

سمع عاصم بن الحسن وأبا الحسن الأنباري وعمر نحوًا من تسعين سنة‏.‏

توفي في المحرم‏.‏

وكان شيخًا لا بأس به متدينًا‏.‏

سنة ثلاث وستين وخمس مائة فيها أعطى نور الدين لنائبه أسد الدين حمص وأعمالها فبقيت بيد أولاده مائة سنة‏.‏

وفيها توفي أبو المعالي الباجسرائي التاني أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة‏.‏

روى عن ابن البطر وطائفة‏.‏

توفي في رمضان وكان ثقة‏.‏

وأبو بكر أحمد بن المقرب الكرخي‏.‏

روى عن النعالي وطراد وطائفة‏.‏

وكان ثقة متوددًا‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

وقاضي القضاة أبو البركات جعفر ابن قاضي القضاة أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي‏.‏

ولي قضاء العراق سبع سنين‏.‏

ولما مات ابن هبيرة ناب في الوزارة مضافًا إلى القضاء فاستفظع ذلك‏.‏

وقد روى عن ابن الحصين وعاش ستًا وأربعين سنة‏.‏

توفي في جمادى الآخرة وشاكر بن علي أبو الفضل الأسواري الإصبهاني سمع أبا الفتح السوذرجاني وأبا مطيع وجماعة‏.‏

توفي في أواخر رمضان‏.‏

وأبو محمد الطامذي عبد الله بن علي الإصبهاني المقرئ‏.‏

عالم زاهد معمر‏.‏

روى عن طراد وجعفر بن محمد العباداني والكبار‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

وأبوالنجيب السهروردي عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه الصوفي القدوة الواعظ العارف الفقيه الشافعي أحد الأعلام‏.‏

قدم بغدادوسمع أبا علي بن نبهان وجماعة‏.‏

وكان إمامًا في الشافعية وعلمًا في الصوفية‏.‏

توفي في جمادى الآخرة ودفن بمدرسته وله ثلاث وسبعون سنة‏.‏

وزين الدين صاحب إربل على كوجك بن بكتكين التركماني الفارس المشهور والبطل المذكور‏.‏

ولقب بكوجك وهو بالعربي اللطيف القد والقصير‏.‏

وكان مع ذلك معروفًا بالقوة المفرطة والشهامة‏.‏

وهو ممن حاصر المقتفي وخرج عليه ثم حسنت طاعته‏.‏

وكان جوادًا معطاء فيه عدل وحسن سيرة‏.‏

يقال إنه جاوز المائة‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

وأبو الحسن تاج القراء علي بن عبد الرحمن الطوسي ثم البغدادي‏.‏

روى عن أبي عبد الله البانياسي ويحيى السيبي وجماعة‏.‏

وكان صوفيًا كبيرًا‏.‏

توفي في صفر عن سن عالية‏.‏

وأبو الحسن بن الصابي محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن البغدادي‏.‏

من بيت كتابة وأدب‏.‏

سمع النعالي وغيره‏.‏

وكان ثقة‏.‏

توفي في ربيع الأول عن اثنتين وثمانين سنة‏.‏

والشريف الخطيب أبو الفتوح ناصر بن الحسن الحسيني المصري شيخ الإقراء‏.‏

قرأ علي أبي الحسن الحصيني وأبي الحسين الخشاب‏.‏

وتصدر للإقراء وحدث عن محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي‏.‏

توفي يوم عيد الفطر وله إحدى وثمانون سنة‏.‏

والجياني أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله بن ياسر الأنصاري الأندلسي‏.‏

تفقه بدمشق على نصر الله المصيصي وأدب بها‏.‏

قال ابن عساكر‏:‏ ثم زاملني إلى بغداد‏.‏

وسمع من ابن الحصين وسمع بمرو من أبي منصور الكراعي وبنيسابور من سهل المسجدي وطائفة‏.‏

ثم سكن في الآخر ونفيسة البزازة واسمها أيضًا فاطمة بنت محمد بن علي البغدادية‏.‏

روت على النعالي وطراد‏.‏

وتوفيت في ذي الحجة‏.‏

والصائن أبو الحسين هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عساكر‏.‏

الفقيه الشافعي‏.‏

قرأ القراءات على جماعة منهم أبو الوحش سبيع وسمع من النسيب وتفقه على جمال الإسلام وسمع ببغداد من ابن نبهان وعلق الخلاف على أسعد الميهني ودرس بالغزالية وأفتى وعني بفنون العلم‏.‏

وكان ورعًا خيرًا كبير القدر‏.‏

عرضت عليه خطابة البلد فامتنع‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

سنة أربع وستين وخمس مائة فيها سار أسد الدين مسيره الثالث إلى مصر‏.‏

وذلك أن الفرنج قصدت الديار المصرية وملكوا بلبيس و استباحوها‏.‏

ثم حاصروا القاهرة‏.‏

وأخذوا كل ما كان خارج السور‏.‏

فبذل شاور لملك الفرنج مري ألف ألف دينار يعجل له بعضها‏.‏

فأجاب‏.‏

فحمل إليه مائة ألف دينار وكاتب نور الدين واستصرخ به وسود كتابه وجعل في طيه ذوائب نساء القصر‏.‏

وواصل كتبه يستحثه‏.‏

وكان بحلب فساق إليه أسد من حمص‏.‏

فأخذ بجمع العساكر ثم توجه في عسكر لجب فيقال كانوا سبعين ألفًا من بين فارس وراجل‏.‏

فتقهقر الفرنج ودخل القاهرة في ربيع الآخر وجلس في دست الملك وخلع عليه العاضد خلع السلطنة وعهد إليه بوزارته وقبض على شاور فأرسل إليه العاضد بطلب رأس شاور فقطع وأرسل إليه‏.‏

فلم ينشب أسد الدين أن مات بعد شهرين‏.‏

فقلد العاضد منصبه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن نجم الدين ولقبه بالملك الناصر‏.‏

ثم ثار عليه السودان فحاربهم وظفر بهم وقتل منهم خلقًا عظيمًا‏.‏

وفيها توفي أبق الملك المظفر مجير الدين‏.‏

صاحب دمشق قبل نور الدين وابن صاحبها جمال الدين محمد بن تاج الملوك بوري التركي ثم الدمشقي‏.‏

ولد ببعلبك في إمرة أبيه عليها وولي دمشق بعد أبيه خمس عشرة سنة وملكوه وهو دون البلوغ‏.‏

وكان المدبر لدولته أنر فلما مات أنر انبسطت يد أبق ودبر الأمور الوزير الرئيس أبو الفوارس المسيب بن علي الصوفي ثم غضب عليه وأبعده إلى صرخد واستوزر أخاه أبا البيان حيدرة مدة ثم أقدم عطاء ابن حفاظ من بعلبك وقدمه على العسكر وقتل حيدرة ثم قتل عطاء ولما انفصل عن دمشق توجه إلى بالس ثم إلى بغداد‏.‏

قأقطعه المقتفي خبزًا وأكرم مورده‏.‏

وشاور بن مجير بن نزار الهوازني السعدي أبو شجاع‏.‏

ولاه ابن رزبك إمرة الصعيد‏.‏

فتمكن‏.‏

وكان شهمًا شجاعًا مقدامًا داهية‏.‏

فحشد وجمع وتوثب على مملكة الديار المصرية وظفر بالعادل رزيك بن الصالح طلائع ابن رزيك وزير العاضد فقتله ووزر بعده‏.‏

فلما خرج عليه ضرغام فر إلى الشام فأكرمه نور الدين وأعانه على عوده إلى منصبه‏.‏

فاستعان بالفرنج على رفع أسد الدين عنه‏.‏

وجرت له أمور طويلة‏.‏

وفي الآجر وثبت عليه جرد بك النوري فقتله في جمادى الأولى لأن أسد الدين تمارض فعاده شاور فقتلوه‏.‏

وشيركوه بن شاذي بن مروان الملك المنصور أسد الدين‏.‏

قد ذكرنا من أخباره‏.‏

توفي بالقاهرة فجأة في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة ثم نقل إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فدفن بها‏.‏

وكان بطلًا شجاعًا شديد البأس ممن يضرب بشجاعته المثل‏.‏

له صيت بعيد‏.‏

توفي شهيدًا بخانوق عظبم قتله في ليلة وكان كثيرًا ما يعتريه‏.‏

وورثه ولده الملك القاهر ناصر الدين محمد صاحب حمص‏.‏

وأبومحمد عبد الخالق بن أسدالدمشقي الحنفي المحدث مدرس الصادرية والمعينية‏.‏

روى عن عبد الكريم بن حمزة وإسماعيل بن السمرقندي وطبقتهما‏.‏

ورحل إلى بغداد وإصبهان وخرج لنفسه المعجم توفي في المحرم‏.‏

وأبو الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل البلنسي شيخ المقرئين بالأندلس‏.‏

ولد سنة إحدى وسبعين وأربع مائة‏.‏

وقرأ القراءات على أبي داود ولازمه أكثر من عشر سنين‏.‏

وكان زوج أمه فأكثر عنه‏.‏

وهو أثبت الناس فيه‏.‏

وروى الصحيحين وسنن أبي داود وغير ذلك‏.‏قال ابن الأبار‏:‏ كان منقطع القرين في الفضل والزهد والورع مع العدالة والتواضع والإعراض عن الدنيا والتقلل منها صوامًا قوامًا كثير الصدقة‏.‏

انتهت إليه الرئاسة في صناعة الإقراء عامة عمره لعلو روايته وإمامته في التجويد والإتقان‏.‏

حدث عن جلة لا يحصون‏.‏

توفي في رجب‏.‏

والقاضي زكي الدين أبو الحسن علي ابن القاضي المنتخب أبي المعالي محمد بن يحيى القرشين قاضي دمشق هو وأبوه وجده‏.‏

استعفى من القضاء فأعفي‏.‏

وسار يحج من بغداد وعاد إليها فتوفي بها وله سبع وخمسون سنة‏.‏

وأبو الفتح بن البطي الحاجب محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البغدادي مسند العراق وله سبع وثمانون سنة‏.‏

أجاز له أبو نصر الزينبي وتفرد بذلك وبالرواية عن البانياسي وعاصم بن الحسن وعلي بن محمد بن محمد الأنباري والحميدي وخلق‏.‏

وكان دينًا عفيفًا محبًا للرواية صحيح الأصول‏.‏

توفي في جمادى الأولى‏.‏

وأبو عبد الله الفارقي الزاهد محمد بن عبد الملك نزيل بغداد‏.‏

كان يعظ ويذكر من غير كلفة‏.‏

وللناس فيه اعتقاد عظيم‏.‏

وكان صاحب أحوال ومجاهدات وكرامات ومقامات‏.‏

عاش ثمانين سنة‏.‏

ومعمربن عبد الواحد الحافظ أبو أحمد بن الفاخر القرشي العبشمي الإصبهاني المعدل‏.‏

عاش سبعين سنة وسمع من أبي الفتح الحداد وأبي المحاسن الروياني وخلق‏.‏

وببغداد من ابن الحصين وعني بالحديث وجمعه‏.‏

وعظ بإصبهان وآمل وقدم بغداد مرات فسمع أولاده‏.‏

توفي في ذي القعدة بطريق الحجاز وكان ذا قبول ووجاهة‏.‏

سنة خمس وستين وخمس مائة فيها جاءت الزلزلة العظمى بالشام‏.‏

أطنب في وصفها العماد الكاتب وأبو المظفر بن الجوزي وغيرهما حتى قال بعضهم‏:‏ هلك بحلب تحت الهدم ثمانون ألفًا‏.‏

وفيها حاصرت الفرنج دمياط خمسين يومًا ثم ترحلوا لأن نور الدين وصلاح الدين أجلبا عليهم وعلى بلادهم برًا وبحرًا‏.‏

فعن صلاح الدين قال‏:‏ ما رأيت أكرم من العاضد‏.‏

أخرج إلي في هذه المرة ألف ألف دينار سوى الثياب وغيرها‏.‏

وفيها حاصر نور الدين سنجار ثم أخذها بالأمان‏.‏

وتوجه إلى الموصل فبنى بها جامعًا ورتب أمورها‏.‏

ثم رجع فنازل الكرك ونصب عليها منجنيقين‏.‏

ثم رحل عنها لحرب نجدة الفرنج فانهزموا منه‏.‏

وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي ثم البغدادي أحد العلماء المعدلين والفضلاء والمحدثين‏.‏

سمع قاضي المارستان وطبقته وقرأالقراءات على سبط الخياط‏.‏

وعني بالحديث أتم عناية‏.‏

وكان يقتفي أثر ابن ناصر ويمشي خلفه‏.‏

وقد لازمه مدة واستملى عليه‏.‏

توفي في شعبان وله خمس وأربعون سنة‏.‏

قال الشيخ الموفق‏:‏ كان إمامًا في السنة ثقة حافظًا مليح القراءة للحديث‏.‏

وأبو بكر بن النقور عبد الله بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد البغدادي البزاز‏.‏

ثقة محدث من أولاد الشيوخ‏.‏

سمع العلاف وأبا الحسين بن الطيوري وطائفة‏.‏

وطلب بنفسه مع الدبن والورع والتحري توفي في شعبان وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏

وأبو المكارم عبد الواحد بن أ بي طاهر محمد بن مسلم بن هلال الأزدي المعدل‏.‏

أحضره أبوه أبو طاهر محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال عند عبد الكريم الكفرطابي‏.‏

وهو في الرابعة في جزء خيثمة‏.‏

ثم سمع من النسيب وغيره‏.‏

وكان رئيسًا جليلًا كثير العبادة والبر‏.‏

اسمه عبد الواحد‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وأجاز له الفقيه نصر‏.‏

وفورجة أبو القاسم محمود بن عبد الكريم الإصبهاني التاجر‏.‏

روى عن أبي بكر بن ماجه وسليمان الحافظ وأبي عبد الله الثقفي وغيرهم‏.‏

توفي بإصبهان في صفر وبه ختم جزء لوين‏.‏

ومودود السلطان قطب الدين الأعرج صاحب الموصل وابن صاحبها أتابك زنكي‏.‏

تملك بعد أخيه سيف الدين غازي فعدل وأحسن السيرة‏.‏

توفي في شوال عن نيف وأربعين سنة‏.‏

وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة وكان محببًا إلى الرعية‏.‏

سنة ست وستين وخمس مائة فيها استخلف المتضيء أبو محمد الحسن بعد موت أبيه ونادى برفع الظلم والمكوس‏.‏

قال ابن الجوزي‏:‏ أظهر من العدل والكرم مالم نره من الأعمار‏.‏

واحتجب عن أكثر الناس فلم يركب إلا مع الخدم‏.‏

ولم يدخل عليه غير قايماز‏.‏

وفيها سار نور الدين وأبطل عن الجزيرة مكوسًا وضرائب كثيرة‏.‏

وفيها أخذت الخزر مدينة دوين من بلاد أرمنية‏.‏

وقتلوا من المسلمين نحوًا من ثلاثين ألفًا‏.‏

وفيها مات الوزير أبوجعفر بن البلدي لأن المستضيء استوزر أبا الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء‏.‏

فانتقم من ابن البلدي وقتله وألقي في دجلة‏.‏

وأبو زرعة طاهر بن الحافظ محمد بن طاهر المقدسي ثم الهمذاني‏.‏

ولد بالري سنة إحدى وثمانين وأربع مائة وسمع بها من المقومي وبالدون من عبد الرحمن بن محمد الدوني وبهمذان من عبدوس وبالكرج من السلارمكي وبساوة من الكامخي وروى الكثير وكان رجلًا جيدًا عريًا من العلم‏.‏

توفي بهمذان في ربيع وأبو مسعود الحاجي عبد الرحيم بن أبي الوفاء علي بن أحمد الإصبهاني الحافظ المعدل‏.‏

سمع من جده غانم البرجي ورحل فسمع بنيسابور من الشيروي وببغداد من ابن الحصين‏.‏

توفي في شوال في عشر الثمانين‏.‏

وأبو عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة المرسي نزيل شاطبة مكثر عن أبي علي الصدفي وإليه صارت عامة أصوله‏.‏

وسمع أيضًا من أبي محمد بن عتاب‏.‏

وجمع فسمع من ابن غزال ورزين العبدري‏.‏

قال ابن الأبار‏:‏ كان عارفًا يالأثر مشاركًا في التفسير حافظًا للفروع بصيرًا باللغة والكلام فصيحًا مفوهًا مع الوقار والسمت والصيام والخشوع ولي قضاء شاطبة وحدث وصنف‏.‏

ومات في أول العام وله سبعون سنة‏.‏

ويحيى بن ثابت بن بندار أبوالقاسم البغدادي البقال‏.‏

سمع من طراد والنعالي وجماعة‏.‏

توفي في ربيع الأول وقد نيف على الثمانين‏.‏

والمستنجد بالله أبو المظفر بوسف بن المقتدي لأمر الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي العباسي‏.‏

خطب له أبوه بولاية العهد سنة سبع وأربعين واستخلف سنة خمس وخمسين‏.‏

وعاش ثمانيًا وأربعين سنة‏.‏

وأمه طاوس الكرجية أدركت دولته‏.‏

وله شعر وسط‏.‏

وكان موصوفًا بالعدل والديانة‏.‏

أبطل المكوس وقام كل القيام على المفسدين‏.‏

توفي في ثامن ربيع الآخر‏.‏

حبس في حمام‏.‏

وابن الخلال القاضي الأديب موفق الدين يوسف بن محمد المصري صاحب ديوان الانشاء‏.‏

توفي في جمادى الآخرة وقد شاخ‏.‏

وولي بعده القاضي الفاضل‏.‏

سنة سبع وستين وخمس مائة في أولها تجاسر صلاح الدين وقطع خطبة العاضد العبيدي وخطب للمستضيء أمير المؤمنين‏.‏

فأعقب ذلك موت العاضد يوم عاشوراء‏.‏

فجلس صلاح الدين للعزاء وبالغ في الحزن والبكاء‏.‏

وتسلم القصر وماحوى‏.‏

واحتيط على آل القصر في مكان أفراد لهم‏.‏

وقرر لهم ما يكفيهم‏.‏

ووصل إلى بغداد أبو سعد بن أبي عصرون رسولًابذلك‏.‏

فغلقت بغداد فرحًا وعملت القباب‏.‏

وكانت خطبة بني العباس قد قطعت من مصر من مائتي سنة وتسع سنين بخطبة بني عبيد‏.‏

فقدم صندل المقتفوي بالخلع لنور الدين ولصلاح الدين‏.‏

فلبس نور الدين الخلعة وهي فرجية وجبة وقباء وطوق ذهب وزنه ألف دينار وحصان بسرجه وسيفان ولواء وحصان آخر بحيث كتب بين يديه وقلد السيفين إشارة إلى الجمع له بين مصر والشام‏.‏

وفيها سار نور الدين لحصار الكرك وطلب صلاح الدين فبعث يعتذر فلم يقبل عذره‏.‏

وهم بالدخول إلىمصر وعزل صلاح الدين عنها‏.‏

وبلغ صلاح الدين ذلك فجمع خواصه ووالده وخاله شهاب الدين الحارمي وجماعة أمراء وأطلعهم على أمره واستشارهم‏.‏

فقال ابن أخيه تقي الدين عمر‏:‏ إذا جاء قاتلناه‏.‏

فتابعه غيره‏.‏

فشتمهم أبوه نجم الدين أيوب واحتد وزبرهم وقال لابنه‏:‏ أنا أبوك وهذا خالك‏.‏

أفي هؤلاء من يريد لك من الخير مثلنا فقال‏:‏ لا‏.‏

قال والله لو رأيت أناوهذا نور الدين لم يمكنا إلا أن ننزل ونقبل الأرض‏.‏

ولو أمرنا بضرب عنقك لفعلنا‏.‏

فما ظنك بغيرنا‏.‏

وهذه البلاد لنور الدين‏.‏

ولو أراد عزلك فأي حاجة له في المجيء بل يطلبك بكتاب‏.‏

وتفرقوا وكتب غير واحد من الأمراء بما تم فلما خلا نجم الدين بابنه قال‏:‏ أنت جاهل تجمع هذا الجمع وتطلعهم على سرك‏.‏

فلو قصدك نور الدين لم تر معك منهم أحدًا‏.‏

فاكتب إليه واخضع له ففعل‏.‏

وفيها توفي أبو علي بن الرحبي أحمد بن محمد الحريمي العطار‏.‏

روى عن النعالي وجماعة‏.‏

ومات في صفر عن خمس وثمانين سنة‏.‏

والعلامة أبو محمد بن الخشاب عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد البغدادي النحوي المحدث‏.‏

ولد سنة اثنين وتسعين وأربع مائة‏.‏

وسمع من علي بن الحسين الربعي وأبي النرسي‏.‏

ثم طلب بنفسه وأكثر عن ابن الحصين وطبقته‏.‏

وقرأ الكثير وكتبه بخطه المليح المتقن‏.‏

وأخذ العربية عن أبي السعادات بن الشجري وابن الجواليقي وأتقن العربية واللغة والهندسة وغير ذلك‏.‏

وصنف التصانيف‏.‏

وكان إليه المنتهى في حسن القراءة وسرعتها وفصاحتها مع الفهم والعذوبة‏.‏

وانتهت إليه الإمامة في النحو‏.‏

وكان ظريفًا مزاحًا قذرًا وسخ الثياب يستقي في جرة مكسورة‏.‏

وما تأهل قط ولا تسرى‏.‏

توفي في رمضان‏.‏

وأبو محمد عبد الله بن منصور بن الموصلي البغدادي المعدل‏.‏

سمع من النعالي وتفرد بديوان المتنبي عن أبي البركات الوكيل وعاش ثمانين سنة‏.‏

والعاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد المستنصر بن الظاهر بن الحاكم العبيدي المصري الرافضي خاتمة خلفاء الباطنية‏.‏

ولد في أول سنة ست وأربعين وخمس منة وأقامه الصالح ابن رزيك بعد هلاك الفائز‏.‏

وفي أيامه قدم حسين بن نزار بن المستنصر العبيدي في جموع من المغرب‏.‏

فلما قرب غدر به أصحابه وقبضوا عليه وحملوه إلى العاضد فذبحه صبرًا‏.‏

ورد أن موت العاضد كان بإسهال مفرط‏.‏

وقيل مات غمًا لما سمع بقطع خطبته‏.‏

وقيل بل كان له خاتم مسموم فامتصه وخسر نفسه‏.‏

وعاش إحدى وعشرين سنة‏.‏

وأبو الحسن بن النعمةعلي بن عبد الله بن خلف الأنصاري الأندلسي المريي ثم البلنسي‏.‏

أحد الأعلام‏.‏

توفي في رمضان وهو في عشر الثمانين‏.‏

روى عن أبي علي بن سكرة وطبقته‏.‏

وتصدر ببلنسية لإقراء القراءات والفقه والحديث والنحو‏.‏

قال ابن الأبار‏:‏ كان عالمًا حافظًا للفقه والتفاسير ومعاني الآثار مقدمًا في علم اللسان فصيحًا مفوهًا ورعًا فاضلًا معظمًا دمث الأخلاق‏.‏

انتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى وصنف كتابًا كبيرًا في شرح سنن النسائي بلغ فيه الغاية‏.‏

وكان خاتمة العلماء بشرق الأندلس‏.‏

والقاسم بن الفضل بن عبد الواحد بن الفضل أبو المطهر الإصبهاني الصيدلاني‏.‏

روى عن رزق الله التميمي والقاسم بن الفضل الثقفي‏.‏

توفي في جمادى الأولى وقد نيف على التسعين‏.‏

وأبو المظفر محمد بن أسعد بن الحكيم العراقي الحنفي الواعظ‏.‏

كان له القبول التام في الوعظ بدمشق‏.‏

ودرس بالطرخانية والصادرية والمعينية‏.‏

سمع أبا علي بن نبهان وجماعة‏.‏

وروى المقامات عن الحريري‏.‏

وصنف لها شرحًا وصنف تفسير القرآن عاش نيفًا وثمانين سنة‏.‏

وأبو عبد الله بن الفرس محمد بن عبد الرحيم الأنصاري الخزرجي الغرناطي‏.‏

تفقه على أبيه وقرأ عليه القراءات وسمع أبا بكر بن عطية وسمع بقرطبة من أبي محمد بن عتاب وطبقته‏.‏

وصار رأسًا في الفقه وفي الحديث وفي القراءات‏.‏

توفي في شوال ببلنسية وله ست وستون سنة‏.‏

وأبو حامد البروي الطوسي الفقيه الشافعي محمد بنن محمد تلميذ محمد ابن يحيى وصاحب التعليقة المشهورة في الخلاف‏.‏

كان إليه المنتهى في معرفة الكلام والنظر والبلاغة والجدل بارعًا في معرفة مذهب الأشعري‏.‏

قدم بغداد وشغب على الحنابلة وأثار الفتنة ووعظ بالنظامية وبعد صيته‏.‏

فأصبح ميتًا فيقال إن الحنابلة أهدوا له مع امرأة صحن حلو مسمومة وقيل إن البروي قال‏:‏ لو كان لي أمر لوضعت على الحنابلة الجزية‏.‏

وأبو المكارم الباذرائي المبارك بن محمد المعمر الرجل الصالح‏.‏

روى عن ابن البطر والطريثيثي‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

ويحيى بن سعدون الإمام أبو بكر الأزدي القرطبي المقرئ النحوي نزيل الموصل وشيخها‏.‏

قرأ القراءات على جماعة منهم ابن الفحام بالاسكندرية‏.‏

وسمع بقرطبة من أبي محمد بن عتاب وبمصر من أبي صادق المديني وببغداد من ابن الحصين‏.‏

وقد أخذ عن الزمخشري وبرع في العربية والقراءات وتصدر فيهما مدة‏.‏

وكان ثقة ثبتًا صاحب عبادة وورع وتبحر في العلوم‏.‏

توفي يوم الفطر عن اثنتين وثمانيم سنة‏.‏

سنة ثمان وستين وخمس مائة فيها دخل قراقوش مملوك تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أخي السلطان صلاح الدين المغرب فنازل طرابلس المغرب مدة وافتتحها وكانت للفرنج‏.‏

وفيها التقى مليح بن لاون الأرمني فهزمهم وكان نور الدين قد استخدم ابن لاون وأقطعه سيس وظهر له نصحه وكان الكلب شديد النصح لنور الدين معينًا له على الفرنج‏.‏

ولما ليم نور الدين على إقطاعه سيس قال‏:‏ أستعين به وأريح عسكري وأجعله سدًا بيننا وبين صاحب القسطنطينية‏.‏

وفبها سار نور الدين فافتتح بهنسا ومرعش ثم دخل الموصل ودان له صاحب الروم قلج أرسلان‏.‏

وفيها توفي أبو الفضل أحمدبن محمد بن شنيف الدارقزي المقرئ أسند من بقي في القراءات‏.‏

لكنه لم يكن ماهرًا بها‏.‏

قرأ على ابن سوار وثابت ابن بندار‏.‏

وعاش ستًا وتسعين سنة‏.‏

وأرسلان خوارزم شاه بن اتسز خوارزم شاه بن محمد نوشتكين‏.‏

رد من قتال الخطا فمرض ومات فتملك بعده ابنه محمود فغضب ابنه الأكبر خوارزم شاه علاء الدين تكش وقصد ملك الخطا فبعث معه جيشًا‏.‏

فهرب محمود واستولى هو على خوارزم‏.‏

فالتجأ محمود إلى صاحب نيسابور المؤيد فنجده والتقيا فانهزم هؤلاء وأسر المؤيد وذبح بين يدي تكش صبرًا وقتل أم أخيه‏.‏

وذهب محمود إلى غياث الدين صاحب الغور فأكرمه‏.‏

وألذكر ملك أذربيجان وهمذان‏.‏

كان عاقلًا جيد السيرة واسع الممالك عدد عسكره خمسون ألفًا‏.‏

وكان ابن امرأته أرسلان شاه بن طغرل السلجوقي هو السلطان وألذكر أتابكة لكنه كان من تحت حكمه‏.‏

وولى بعده ابنه محمد البهلوان‏.‏

وأيوب بن شاذي الأمير نجم الدين الدويني والد الملوك‏:‏ صلاح الدين وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاهنشاه وتاج الملوك بوري وست الشام وربيعة خاتون‏.‏

وأخو الملك أسد الدين شب به فرسه فحمل إلى داره ومات بعد أيام في ذي الحجة‏.‏

وكان يلقب بالأجل الأفضل‏.‏

دفن عند أخيه ثم نقلا سنة تسع وسبعين إلى المدينة النبوية‏.‏

وأول ما ولى نجم الدين ولاية قلعة تكريت بعد أبيه لصاحبها الخادم بهروز نائب بغداد ثم غضب بهروز عليه بسبب أخيه أسد الدين‏.‏

فقصدا أتابك زنكي فاستخدمهما‏.‏

فلما ولي بعلبك استناب عليها نجم الدين فعمر بها الخانقاه‏.‏

وكان دينًا عاقلًا كريمًا‏.‏

والمؤيد أبي به بن عبد الله السنجري صاحب نيسابور‏.‏

قتل في هذا العام‏.‏

وجعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني أبو منصور‏.‏

روى عن أبي مسلم السمناني وابن الطيوري‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وملك النجاة أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي‏.‏

كان نحويًا بارعًا وأصوليًا متكلمًا وفصيحًا متقعرًا كثير العجب والتيه‏.‏

قدم دمسق واشتغل بها وصنف في الفقه والنحو والكلام‏.‏

وعاش وأبو جعفر الصيدلاني محمد بن الحسن الإصبهاني له أجازة من بيبي الهرثمية‏.‏

تفرد بها وسمع من شيخ الإسلام وطبقته بهراة ومن سليمان الحافظ وطبقته بإصبهان‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

سنة تسع وستين وخمسمائة فيها توفي نور الدين وثارت الفرنج‏.‏

ونزلوا على بانياس فصالحهم أمراء دمشق وبذلوا لهم مالًا وأسارى‏.‏

فبعث صلاح الدين يوبخهم‏.‏

وفيها وعظ الشهاب الطوسي ببغداد فقال‏:‏ ابن ملجم لم يكفر بقتل علي‏.‏

فرجموه بالآجر‏.‏

وهاشت الشيعة فلولا الغلمان لقتل‏.‏

وأحرقوا منبره وهيئوا له للميعاد الآخر قوارير النفط ليحرقوه‏.‏

ولأمه نقيب النقباء فأساء الأدب‏.‏

فنفوه من الحضرة فدخل إلى مصر وارتفع بها شأنه وعظم‏.‏

وفيها توفي النقيب أوعبد الله أحمد بن علي بن المعمر الحسيني الأديب نقيب الطالبيين‏.‏

روى عن أبي الحسين بن الطيوري وجماعة‏.‏

وتوفي في جمادى الأولى‏.‏

وأبو إسحاق بن قرقول إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي‏.‏

وحمزة اسم قريته‏.‏

سمع الكثير وعاش أربعًا وستين سنة‏.‏

وكان من أهل المغرب فقيهًا مناظرًا متفننًا حافظًا للحديث بصيرًا والحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمذاني المقرئ الأستاذ شيخ همذان وقارئها وحافظها‏.‏

رحل وحمل القراءات والحديث عن الحداد‏.‏

وقرأ بواسط على القلا نسي وببغداد على جماعة وسمع من ابن بيان وطبقته وبخراسان القراوي وطبقته‏.‏

قال الحافظ عبد القادر‏:‏ شيخنا أبو العلاء‏.‏

أشهر من أن يعرف بل يتعذر وجود مثله في أعصار كثيرة‏.‏

وأول سماعه من الدوني في سنة خمس وتسعين وأربع مائة‏.‏

برع على حفاظ زمانه في حفظ ما يتعلق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسير‏.‏

وله التصانيف في الحديث والقراءات والرقائق‏.‏

وله في ذلك مجلدات كبيرة منها كتاب زاد المسافر خمسون مجلدًا‏.‏

قال‏:‏ وكان إمامًا في العربية‏.‏

سمعت أن من جملة ما حفظ في اللغة كتاب الجمهرة‏.‏

وخرج له تلامذة في العربية أئمة‏.‏

منهم إنسان كان يحفظ كتاب الغريبين للهروي‏.‏

ثم أخذ عبد القادر يصف مناقب أبي العلاء ودينه وكرمه وجلالته وأنه أخرج جميع ماورثه وكان أبوه تاجرًا وأنه سافر مرات ماشيًا يحمل كتبه على ظهره ويبيت في المساجد ويأكل خبز الدخن إلى أن نشر الله ذكره في الآفاق‏.‏

وقال ابن النجار‏:‏ هو إمام في علوم القراءات والحديث والأدب والزهد والتمسك بالأثر‏.‏

توفي في جمادى الأولى‏.‏

وأبو محمد الدهان سعيد بن المبارك البغدادي النحوي ناصح الدين‏.‏

صاحب التصانيف الكثيرة‏.‏

ألف شرحًا للإفصاح في ثلاث وأربعين مجلدة وسكن الموصل وأضر بأخرة‏.‏

وكان سيبويه زمانه‏.‏

تصدر للاشتعال خمسين سنة وعاش بضعًا وسبعين سنة‏.‏

وعبد النبي بن المهدي اليمني الذي تغلب على اليمن ويلقب بالمهدي‏.‏

وكان أبوه أيضًا قد استولى على اليمن فظلم وغشم وذبح الأطفال‏.‏

وكان باطنيًا من دعاة المصريين‏.‏

فهلك سنة ست وستين‏.‏

وقام بعده الولد فاستباح الحرائر وتمرد على الله فقتله شمس الدولة كما ذكرنا‏.‏

وأبو الحسن علي بن أحمد بن حنين الكناني القرطبي نزيل فارس‏.‏

سمع الموطأ من أبي عبد الله بن الطلاع‏.‏

وقرأ القراءات عن أبي الحسن العبسي وسمع من حازم بن محمد والكبار‏.‏

وحج سنة خمس مائة ولقي الكبار وعمر دهرًا ولد سنة ست وسبعين وأربع مائة‏.‏

وتصدر للإقراء مدة‏.‏

والفقيه عمارة بن علي بن زيدان أبو محمد الحكمي المذ حجي التميمي الشافعي القاضي نجم الدين نزيل مصر وشاعر العصر‏.‏

قال ابن خانكان‏:‏ كان شديد التعصب للسنة أديبًا ماهرًا لم يزل ماشي الحال في دولة المصريين إلى أن ملك صلاح الدين فمدحه ثم أنه شرع في أمور وأخذ في اتفاق مع الرؤساء في التعصب للعبيديين وإعادة دولتهم‏.‏

فنقل أمرهم وكانوا ثمانية إلى صلاح الدين فشنقهم في رمضان‏.‏

قلت مات في الكهولة‏.‏

والسلطان نور الدين الملك العادل أبو القاسم محمود بن أتابك زنكي ابن أقسنقر التركي‏.‏

تملك حلب بعد أبيه ثم أخذ دمشق فملكها عشرين سنة‏.‏

وكان مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمس مائة‏.‏

وكان أجل ملوك زمانه وأعدلهم وأدينهم وأكثرهم جهادًا وأسعدهم في دنياه وآخرته‏.‏

هزم الفرنج غير مرة وأخافهم وجرعهم المر‏.‏

وفي الجملة محاسنه أبين من الشمس وأحسن من القمر‏.‏

وكان أسمر طويلًا مليحًا تركي اللحية نقي الخد شديد المهابة حسن التواضع طاهر اللسان كامل العقل والرأي سليمًا من التكبر خائفًا من الله قل أن يوجد في الصلحاء الكبار مثله فضلًا عن الملوك‏.‏

ختم الله له بالشهادة ونوله الحسنى إن شاء الله وزيادة فمات بالخوانيق في حادي عشر شوال‏.‏

وعهد بالملك إلى ولده الصالح إسماعيل وعمره إحدى عشرة سنة‏.‏

وهبة الله بن كامل المصري التنوخي قاضي القضاة وداعي الدعاة أبو القاسم قاضي الخليفة العاضد‏.‏

كان أحد الثمانية الذين سعوا في إعادة دولة بني عبيد‏.‏فشنقهم الملك صلاح الدين رحمه الله‏.‏سنة سبعين وخمس مائة

فيها قدم صلاح الدين فأخذ دمشق ولا ضربة ولا طعنة‏.‏

وسار الصالح إسماعيل في حاشيته إلى حلب ثم سار صلاح الدين فحاصر حمص بالمجانيق ثم سار فأخذ حماة في جمادى الآخرة ثم سار فحاصر حلب وأساء العشيرة في حق آل نور الدين‏.‏

ثم رد وتسلم حمص ثم عطف إلى بعلبك فتسلمها ثم كر فالتقى عز الدين مسعود بن مودود ابن صاحب الموصل وأخو صاحبها‏.‏

فانهزم المواصلة على قرون حماة أسوأ هزيمة‏.‏

ثم وقع الصلح‏.‏

واستناب بدمشق أخاه سيف الإسلام‏.‏

وكان بمصر أخوه العادل‏.‏

وفيها توفي أحمدبن المبارك المرقعاتي‏.‏

روى عن جده لأمه ثابت بن بندار‏.‏

وكان يبسط المرقعة للشيخ عبد القادر على الكرسي‏.‏

توفي في صفر‏.‏

وخديجة بنت أحمد بن الحسن النهرواني‏.‏

روت عن أبي عبد الله النعالي‏.‏

وكانت صالحة‏.‏

توفيت في رمضان‏.‏

وشملة التركماني‏.‏

تملك بلاد فارس وجدد قلاعًا وحارب الملوك ونهب المسلمين‏.‏

وكان يخطب للخليفة‏.‏

التقاه البهلوان بن إلدكز ومعه عسكرمن التركمان لهم ثأر على شملة فانهزم جيشه وأصابه سهم فأسر ومات‏.‏

وكان ظالمًا جبارًا فرح الناس بمصرعه‏.‏

وكانت أيامه عشرين سنة‏.‏

وقايماز الملك قطب الدين المستنجدي‏.‏

عظم في دولة مولاه وصار مقدم الجيش في دولة المستضيء واستبد بالأمور إلى أن هم بالخروج فسار بعسكره نحو الموصل‏.‏

فمات في ذي الحجة وكان فيه كرم وقلة ظلم‏.‏

وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن خليل القيسي اللبلي نزيل فارس ثم مراكش‏.‏

روى عن ابن الطلاع وحازم بن محمد وسمع صحيح مسلم من أبي علي الغساني‏.‏

قال ابن الأبار‏:‏ كان من أهل الرواية والدراية‏.‏

لازم مالك بن وهيب مدة‏.‏

سنة إحدى وسبعين وخمس مائة فيها نقض صاحب الموصل‏.‏

وسار السلطان سيف الدين غازي بن قطب الدين‏.‏

فالتقاه صلاح الدين بنواحي حلب على تل السلطان‏.‏

فانهزم غازي وجمعه وكانوا ستة آلاف وخمس مائة ولكن لم يقتل سوى رجل واحد‏.‏

ثم سار صلاح الدين فأخذ منبج ثم نازل قلعة عزاز مدة‏.‏

وقفز عليه الإسماعيلية فجرحوه في فخذه وأخذوا فقتلوا‏.‏

وافتتح القلعة‏.‏

ثم نازل حلب أشهرًا ثم وقع الصلح وترحل عنهم‏.‏

وأطلق قلعة عزاز لولد نور الدين‏.‏

وفيها توفي الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلدة أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة

الله الدمشقي‏.‏

محدث الشام ثقة الدين‏.‏

ولد في أول سنة تسع وتسعين وأربع مائة وأسمع في سنة خمس وخمس مائة وبعدها من النسيب وأبي طاهر الحنلئي وطبقتهما‏.‏

ثم عني بالحديث ورحل فيه إلى العراق خراسان وإصبهان‏.‏

وساد أهل زمانه في الحديث ورجاله وبلغ في ذلك الذروة العليا‏.‏

ومن تصفح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ‏.‏

توفي في حادي عشر رجب‏.‏

وحفدة العطاري الإمام نجم الدين أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد الطوسي الفقيه الشافعي الأصولي الواعظ تلميذ محيي السنة البغوي وراوي كتابيه شرح السنةومعالم التنزيل‏.‏

وقد دخل إلى بخارى وتفقه بها‏.‏

ثم عاد إلى أذربيجان والجزيرة‏.‏

وبعد صيته في الوعظ‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ توفي في ربيع الآخر‏.‏

ثم قال‏:‏ وقيل سنة ثلاث وسبعين‏.‏

سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة فيها أمر صلاح الدين ببناء السور الكبير

المحيط بمصر والقاهرة في البر‏.‏

وطوله تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاث مائة ذراع بالقاسمي‏.‏

فلم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين‏.‏

وأنفق عليه أموالًا لاتحصى‏.‏

وكان مشد بنائه قراقوش‏.‏

وأمر أيضًا بإنشاء قلعة الجبل ثم توجه إلى الاسكندرية وسمع الحديث من السلفي‏.‏

وفيها وقعة الكنز‏.‏

جمع الكنز مقدم السودان خلقًا‏.‏

وجيش بالصعيد وسار إلى القاهرة في مائة ألف‏.‏

فخرج لحربه نائب مصر سيف الدين أبو بكر العادل فالتقوا فانكسر الكنز وقتل في المصاف‏.‏

قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي‏:‏ قيل إنه قتل منهم ثمانون ألفًا يعني من السودان‏.‏

وفيها توفي أبو محمد صالح بن المبارك بن الرخلة الكرخي المقرئ القزاز‏.‏

سمع من النعالي وغيره وتوفي في صفر‏.‏

والعثماني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى الأموي الديباجي محدث الاسكندرية بعد السلفي في الرتبة‏.‏

روى عن أبي القاسم بن الفحام والطرطوشي وخلق‏.‏

ويعرف بابن أبي اليابس‏.‏

وكان ثقة صالحًا متعففًا يقرىء النحو واللغة والحديث‏.‏

وكان السلفي يؤذيه ويرميه بالكذب‏.‏

فكان يقول‏:‏ كل من بيني وبينه شيء فهو في حل إلا السلفي فبيني وبينه وقفة بين يدي الله تعالى‏.‏

يقال توفي في شوال عن ثمان وثمانين سنة‏.‏

وعلي بن عساكر بن المرحب أبو الحسن البطائحي الضرير المقرئ الأستاذ‏.‏

قرأ القراءات على أبي العز القلانسي وأبي عبد الله البارع وطائفة‏.‏

وتصدر للإقراء وأتقن الفن وحدث عن أبي طالب بن يوسف وطائفة‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

ومحمد بن أحمد بن ماشاذه أبو بكر الإصبهاني المقرئ المحقق‏.‏

قرأ القراءات وتفرد بالسماع من وأبو الفضل بن الشهرزوري قاضي القضاة كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفر الموصلي الشافعي‏.‏

ولد سنة إحدى وتسعين وأربع مائة‏.‏

وتفقه ببغداد على أسعد الميهني وسمع من نور الهدى الزينبي وبالموصل من جده لأمه على بن طوق‏.‏

وولي قضاء بلده لأتابك زنكي‏.‏

ثم وفد على نور الدين فبالغ في تبجيله وركن إليه وصار قاضيه ووزيره ومشيره ومن جلالته أن السلطان صلاح الدين لما أخذ دمشق وتمنعت عليه القلعة أيامًا مشى إلى دار القاضي كمال الدين‏.‏

فانزعج وخرج لتلقيه‏.‏

فدخل وجلس‏.‏

وقال‏:‏ طب نفسًا فالأمر أمرك والبلد بلدك‏.‏

توفي في سادس المحرم وهو من بيت قضاء وفقه‏.‏

وأبو الفتح نصر بن سيار بن صاعد بن سيار الكتاني الهروي الحنفي القاضي شرف الدين‏.‏

كان بصيرًا بالمذهب مناظرًا دينًا متواضعًا‏.‏

سمع الكثير من جده القاضي أبي العلاء والقاضي أبي عامر الأزدي ومحمد بن العميري والكبار وتفرد في زمانه‏.‏

وعاش سبعًا وتسعين سنة‏.‏

توفي في يوم عاشوراء‏.‏

وهو آخر من روى ‏[‏جامع الترمذي‏]‏ عن أبي عامر‏.‏

سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة فيها وقعة الرملة‏.‏

سارصلاح الدين من مصر فسبى وغنم ببلاد عسقلان‏.‏

وسار إلى الرملة فالتقى الفرنج فحملوا على المسلمين فهزموهم‏.‏

وبيت السلطان وابن أخيه تقي الدين عمر‏.‏

ودخل الليل واحتوت الفرنج على المعسكر بما فيه‏.‏

وتمزق العسكر وعطشوا في الرمال واستشهد جماعة وتحيز صلاح الدين ونجا ولله الحمد وقتل ولد لتقي الدين عمر وله عشرون سنة وأسر الأمير الفقيه عيسى الهكاري‏.‏

وكانت نوبة صعبة‏.‏

ونزلت الفرنج على حماة وحاصرتها أربعة أشهر لاشتغال السلطان بلم شعث الجيش‏.‏

وفيها توفي أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي سلطان أذربيجان‏.‏

كان له السكة والخطبة‏.‏

والقائم بدولته زوج أمه الذكر‏.‏

ثم ابنه البهلوان‏.‏

فلما توفي خطبوا لولده طغريل الذي قتله خوارزم شاه‏.‏

والوزير أبو الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء الوزير أبي القاسم على بن المسلمة‏.‏

روى عن ابن الحصين وجماعة وولي أستاذ دارية المقتفي ثم المستنجد ووزر للمستضيء ولقب عضد الدين وكان جوادًا سريًا معظمًا مهيبًا‏.‏

خرج للحج في محمل عظيم فوثب عليه واحد من الباطنية فقتله في أوائل ذي القعدة عن تسع وخمسين سنة‏.‏

وأبو محمد بن المأمون الاديب صاحب التاريخ هارون بن العباس بن محمد العباسي المأموني البغدادي الأديب‏.‏

روى عن قاضي المرستان وشرح أيضًا المقامات الحريري توفي في ذي الحجة

ولاحق بن علي بن كارة أخو دهبل البغدادي‏.‏

روي عن أبي القاسم ابن بيان وغيره‏.‏

وتوفي في نصف شعبان عن ثمان وسبعين سنة‏.‏

وأبو شاكر السقلاطوني يحيى بن يوسف بن بالان الجباز‏.‏

روى عن ثابت بن بندار والحسين بن البسري وجماعة‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

سنة أربع وسبعين وخمس مائة فيها أخذ ابن قرايا الرافضي الذي ينشد في الأسواق ببغداد فوجدوا في بيته سب الصحابة‏.‏

فقطعت يده ولسانه ورجمته العامة‏.‏

فهرب وسبح فألحوا عليه بالآجر فغرق‏.‏

فأخرجوه وأحرقوه‏.‏

ثم وقع القبح على الرافضة وأحرقت كتبهم وانقمعوا حتى صاروا في ذلة اليهود‏.‏

وهذا شيء لم يتهيأ ببغداد من نحو مائتين وخمسين سنة‏.‏

وفيها خرج نائب دمشق فرخشاه ابن أخي السلطان‏.‏

فالتقى الفرنج فهزمهم‏.‏

وقتل مقدمهم هنفري الذي كان يضرب به المثل في الشجاعة‏.‏

وفيها أطلق السلطان حماة عند موت صاحبها خاله شهاب الدين الحارمي لابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه‏.‏

وأطلق له أيضًا المعرة ومنبج وفامية‏.‏

فبعث إليها نوابة‏.‏

وفيها توفي أبو أحمد أسعد بن بلدرك الجبريلي البغدادي البواب المعمر في ربيع الأول عن مائة وأربع سنين‏.‏

ولو سمع في صغره لبقي مسند العالم‏.‏

سمع من أبي الخطاب الجراح وأبي الحسن بن العلاف‏.‏

والحيص بيص شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن صيفي التميمي الشاعر المشهور وله ديوان معروف‏.‏

كان وافر الأدب متضلعًا من اللغة بصيرًا بالفقه والمناظرة‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

وشهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري ثم البغدادي الكاتبة المسندة فخر النساء‏.‏

كانت دينة عابدة صالحة‏.‏

سمعها أبوها الكثير وصارت مسندة العراق‏.‏

روت عن طراد والنعالي وابن البطر وطائفة‏.‏

وكانت ذا بر وخير‏.‏

توفيت في رابع عشر المحرم عن نيف وتسعين سنة‏.‏

وأبو رشيد عبد الله بن عمر الإصبهاني آخر من بقي بإصبهان من أصحاب الرئيس الثقفي‏.‏

وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي أخو عبد الحق‏.‏

روى عن ابن بيان وجماعة‏.‏

وكان خياطًا دينًا‏.‏

توفي بمكة وله سبعون سنة‏.‏

وأبو الخطاب العليمي عمر بن محمد بن عبد الله الدمشقي التاجر السفار‏.‏

طلب بنفسه وكتب الكثير في تجارته بالشام ومصر والعراق وماوراء النهر‏.‏

روى عن نصب الله المصيصي وعبد الله بن الفراوي وطبقتهما‏.‏

توفي في شوال عن أربع وخمسين سنة‏.‏

وأبو عبد الله بن المجاهد الزاهد القدوة محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الأندلسي عن بضع وثمانين سنة‏.‏

قرأ العربية ولزم أبا بكر بن العربي مدة‏.‏

قال ابن الآبار‏:‏ كان المشار إليه في زمانه بالصلاح والورع والعبادة إجابة الدعوة‏.‏

وكان أحد أولياء الله الذين تذكر به رؤيتهم‏.‏

آثاره مشهورة وكراماته معروفة مع الحظ الوافر من الفقه والقراءات‏.‏

ومحمد بن نسيم العيشوني‏.‏

روى عن ابن العلاف وابن نبهان‏.‏

وقع من سلم فمات في الحال في جمادى الآخرة‏.‏

سنة خمس وسبعين وخمس مائة فيها نزل صلاح الدين على بانياس وأغارت سراياه على الفرنج ثم أخبر بمجيء الفرنج فبادر في الحال وكبسهم‏.‏

فإذا هم في ألف قنطارية وعشرة آلاف راجل‏.‏

فحملوا على المسلمين فبيتوا لهم ثم حمل المسلمون فهزموهم ووضعوا فيهم السيف ثم أسروا مائتين وسبعين أسيرًا منهم مقدم الديوية فاستفك نفسه بألف أسير وبجملة من المال‏.‏

وأما ملكهم فانهزم جريحًا‏.‏

وفيها نزل قلج أرسلان صاحب الروم على حصن رعبان في عشرين ألفًا‏.‏

فنهض لنجدة الحصن تقي الدين صاحب حماة وسيف الذين المشطوب في ألف فارس‏.‏

فكبسوا الروميين بغتة فركبوا خيولهم عريًا ونجوا‏.‏

وحوى تقي الدين الخيام بما فيها‏.‏

ثم من على الأسراء بأموالهم وسرحهم‏.‏

وفيها مات المستضيء وبويع ابنه أحمد الناصر لدين الله في سلخ شوال وفيها توفي أحمد بن أبي الوفاء أبو الفتح بن الصائغ البغدادي الحنبلي‏.‏

خدم أبا الخطاب الكلواذاني مدة‏.‏

وحدث عن ابن بيان بحران‏.‏

وأبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم الغافقي المقرئ‏.‏

أخذ القراءات عن أبيه وأبي الحسن شريخ وطائفة وأقرأ بالاسكندرية والقاهرة واستملىعليه صلاح الدين وقربه واحترمه‏.‏

وكان فقيهًا مفتيًا محدثًا مقرئًا نسابة أخباريًا بديع الخط‏.‏

وقيل هو أول من خطب بالدعوة العباسية بمصر توفي في رجب‏.‏

وتجنى الوهابية أم عتب آخر من روى في الدنيا بالسماع عن طراد والنعالي‏.‏

توفيت في شوال وآخر من حدث عنها ابن قميرة‏.‏

والمستضيء بأمر الله أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله بن يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي العباسي‏.‏

بويع بعد أبيه في ربيع الآخر سنة ست وسنين‏.‏

ونهض بخلافته الوزير عضد الدين بن رئيس الرؤساء فاستوزره‏.‏

وكان ذا دين وحلم وأناة ورأفة ومعروف زائد‏.‏

وأمه أرمنية‏.‏

عاش خمسًا وأربعين سنة‏.‏

خلف ولدين‏:‏ أحمد الناصر وهاشما‏.‏

قال ابن الجوزي في المنتظم‏:‏ أظهر من العدل والكرم مالم نره في أعمارنا وفرق مالًا عظيمًا في الهاشميين وفي المدارس‏.‏

وكان ليس للمال عنده وقع‏.‏

قلت‏:‏ كان يطلب ابن الجوزي ويأمر بعقد مجلس الوعظ ويجلس بحيث يسمع ولا يرى‏.‏

وفي أيامه اختفى الرفض ببغداد ووهى‏.‏

وأما بمصر والشام فتلاشى‏.‏

وزالت دولة العبيديين أولي الرفض‏.‏

وخطب له بديار مصر وبعض المغرب واليمن‏.‏

وأبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الشيخ الثقة عن إحدى وثمانين سنة‏.‏

أسمعه أبوه الكثير من أبي القاسم الربعي وابن الطيوري وجعفر السراج وطائفة‏.‏

ولم يحدث بما سمعه حضورًا تورعًا‏.‏

وكان فقيرًا صالحًا متعففًا كثير التلاوة جدًا توفي في جمادى الأولى‏.‏

وأبو الفضل عبد المحسن بن تريك الأزجي البيع‏.‏

روى عن ابن بيان وجماعة‏.‏

توفي يوم عرفة‏.‏

وأبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي الزبيري الدمشقي القاضي الحافظ‏.‏

نزيل بغداد‏.‏

سمع من أبي الدر ياقوت الرومي وطائفة بدمشق ومن أبي الوقت والناس ببغداد‏.‏

وصحب أبا وأبة هاشم الدوشابي عيسى بن أحمد الهاشمي العباسي البغدادي الهراس‏.‏

روى عن الحسين بن البسري وغيره‏.‏

توفي في رجب‏.‏

وأبو بكر بن خير واسمه محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الأشبيلي المقرئ الحافظ صاحب شريح‏.‏

فاق الأقران في ضبط القراءات وسمع الكثير من أبي مروان الباجي وابن العربي وخلق‏.‏

وبرع أيضًا في الحديث واشتهر بالإتقان وسعة المعرفة بالعربية توفي في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة‏.‏

وأبو بكر الباقداري الضرير محمد بن أبي غالب الحافظ‏.‏

سمع أبا محمد سبط الخياط فمن بعده‏.‏

وبرع في الحديث حتى صار ابن ناصر يسأله ويرجع إلى قوله‏.‏

قال ابن الدبيثي‏:‏ انتهى إليه معرفة رجال الحديث وحفظه‏.‏

وعليه كان المعتمد فيه‏.‏

توفي كهلًا في ذي الحجة‏.‏

وأبو عبد الله الوهراني المغربي محمد بن محرز ركن الدين وقيل جمال الدين الأديب الكاتب صاحب المزاح والدعابة والمنام الطويل الذي جمع أنواعًا من المجون والأدب‏.‏

مات في رجب بدمشق‏.‏

وأبو محمد بن الطباخ المبارك بن علي البغدادي الحنبلي المجاور بمكة‏.‏

كان يكتب العبر ويؤم بحطيم الحنابلة‏.‏

روى عن ابن الحصين وطبقته وكتب بخطه‏.‏

سمع منه أبو سعد بن السمعاني وأبو الفضل متوجهر بن محمد بن تركشاه الكاتب كان أديبًا فاضلًا مليح الإنشاء حسن الطريقة‏.‏

كتب للأمير قايماز المستنجدي وروى المقامات عن الحريري مرارًا‏.‏

وروى عن هبة الله بن أحمد الموصلي وجماعة‏.‏

وتوفي في جمادى الأولىوله ست وثمانون سنة‏.‏

وأبو عمر بن عباد الأستاذ المقرئ المحقق يوسف بن عبد الله الأندلسي اللري‏.‏

قدم بلنسية وأخذ القراءات عن أبي مروان بن الصقيل وابن هذيل وسمع من طارق بن يعيش وخلق كثير وعني يصناعة الحديث وكتب العالي والنازل وبرع في معرفة الرجال وصنف التصانيف الكثيرة وعاش سيعين سنة‏.‏

سنة ست وسبعين وخمس مائة فيها نزل صلاح الدين على حصن من بلاد الأرمن فافتتحه وهدمه ثم رجع فوافاه القليد وخلع السلطنة بحمص من الناصر لدين الله فركب بها هناك‏.‏

وكان يومًا مشهودًا‏.‏

وفيها ركب الناصر بأبهة الخلافة وعلى رأسه المظلة السوداء وعلى كريمته الطرحة‏.‏

ثم ركب بعد أيام يتصيد‏.‏

وفيها توفي أبو طاهر السلفي الحافظ العلامة الكبير مسند الدنيا ومعمر الحفاظ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الإصبهاني الجرواني‏.‏

وجروان محلة بإصبهان وسلفة لقب جده أحمد ومعناه غليظ الشفة‏.‏

سمع من أبي عبد الله الثقفي وأحمد بن عبد الغفار بن اشته ومكي السلار وخلق كثير بإصبهان خرج عنهم في معجم وحدث بإصبهان في سنة اثنتين وتسعين‏.‏

قال‏:‏ وكنت ابن سبع عشرة سنة أكثر أو أقل ورحل سنة ثلاث فأدرك أبا الخطاب بن البطر ببغداد وعمل معجمًا لشيوخ بغداد‏.‏

ثم حج وسمع بالكوفة والحرمين والبصرة وهمذان وأذربيجان والري والدينور وقزوين وزنجان والشام ومصر فأكثر وأطاب‏.‏

وتفقه فأتقن مذهب الشافعي وبرع في الأدب وجود القرآن بالروايات واسوطن الاسكندرية بضعًا وستين سنة مكبًا على الاشتغال والمطالعة والنسخ وتحصيل الكتب‏.‏

وقد أفردت أخباره في جزء‏.‏

وجاوز المائة بلا ريب‏.‏

وإنما النزاع في مقدار الزيادة‏.‏

ومكث نيفًا وثمانين سنة يسمع عليه‏.‏

ولا أعلم أحدًا مثله في هذا ومات يوم الجمعة بكرة خامس ربيع الآخر رحمه الله‏.‏

وشمس الدولة الملك المعظم تورانشاه بن أيوب بن شاذي وكان أسن من أخيه صلاح الدين‏.‏

وكان يحترمه ويتأدب معه‏.‏

سيره فغزا النوبة فسبى وغنم ثم بعثه فافتتح اليمن وكانت بيد الخوارج الباطنية‏.‏

وأقام بها ثلاث سنين‏.‏

ثم اشتاق إلى طيب الشام ونضارتها فقدم وناب بدمشق لأخيه‏.‏

ثم تحول إلى مصر فتوفي بالاسكندرية في صفر فنقل إلى الشام ودفنته أخته

وأبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر الدمشقي‏.‏

ولد سنة تسع وتسعين وعني به أبوه فأسمعه الكثير من النسيب وأبي طاهر الحنائي وطبقتهما‏.‏

ولعب في شبابه وباع أصول أبيه بالهوان‏.‏

توفي في رجب على طريقة حسنة‏.‏

وأبو المفاخر المأموني راوي صحيح مسلم بمصر سعيد بن الحسين ابن سعيد العباسي‏.‏

روى الحديث هو وابنه وحفيده وناقلته‏.‏

وأبو الفهم بن أبي العجائز الأزدي الدمشقي واسمه عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد‏.‏

وهو راوي حديث سخنام عن أبي طاهر الحنائي‏.‏

وأبو الحسن بن العصار النحوي علي بن عبد الرحيم السلمي الرقي ثم البغدادي‏.‏

كان علامة في اللغة حجة في العربية‏.‏

أخذ عن ابن الجواليقي‏.‏

وكتب الكثير بخطه الأنيق وروى عن أبي الغنائم بن المهتدي بالله وغيره وخلف مالًا طائلًا وإليه انتهى علم اللغة‏.‏

توفي في المحرم عن ثمان وستين سنة‏.‏

وغازي السلطان سيف الدين صاحب الموصل وابن صاحبها قطب الدين مودود بن أتابك زنكي التركي الأتابكي‏.‏

توفي في صفر بعلة السل وله ثلاثون سنة وكان شابًا مليحًا أبيض طويلًا عاقلًا وقورًا قليل الظلم‏.‏ومحمد بن محمد بن مواهب أبو العز بن الخراساني البغدادي الأديب صاحب العروض والنوادر وديوان الشعر الذي هو في مجلدات‏.‏

كان صاحب ظرف ومجون وذكاء مفرط وتفنن في الأدب‏.‏

روى عن أبي الحسين بن الطيوري وأبي سعد بن خشيش وجماعة‏.‏

وتغير ذهنه قبل موته بقليل‏.‏

توفي في رمضان وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏

سنة سبع وسبعين وخمس مائة فيها توفي الملك الصالح أبو الفتح إسماعيل ابن السلطان نور الدين محمود بن زنكي‏.‏

ختنه أبوه وعمل وقتًا باهرًا وزينت دمشق ثم مات أبوه بعد ختانه بأيام وأوصى له بالسلطنة فلم يتم وبقيت له حلب وكان شابًا أديبًا عاقلًا محببًا إلى الحلبيين إلى الغاية بحيث أنهم قاتلوا عن حلب صلاح الدين قتال الموت وما تركوا شيئًا من مجهودهم‏.‏

ولما مرض بالقولنج في رجب ومات أقاموا عليه المأتم وبالغوا في النوح والبكاء وفرشوا الرماد في الطرق‏.‏

وكان له تسع عشرة سنة وأوصى بحلب لابن عمه عز الدين مسعود بن مودود فجأء وتملكها‏.‏

والكمال ابن الأنباري النحوي العبد الصالح أبو البركات عبد الرحمن ابن محمد بن عبيد الله‏.‏

تفقه بالنظامية على بن الرزاز وأخذ النحو عن ابن الشجري واللغة عن ابن الجواليقي‏.‏

وبرع في الأدب حتى صار شيخ العراق‏.‏

توفي في شعبان وله أربع وستون سنة‏.‏

وكان زاهدًا عابدًا مخلصًا ناسكًا تاركًا الدنيا له مائة وثلاثون مصنفًا في الفقه والأصول والزهد وأكثرها في فنون العربية فرحمه الله‏.‏

وشيخ الشيوخ أبو الفتح عمر بن علي بن الزاهد محمد بن علي بن حمويه الجويني الصوفي وله أربع وستون سنة‏.‏

روى عن جده والفراوي وطائفة‏.‏

وولاه نور الدين مشيخة الشيوخ بالشام وكان وافر الحرمة‏.‏

سنة ثمان وسبعين وخمس مائة فيها سار صلاح الدين فافتتح حران وسروج وسنجار ونصيبين والرقة والبيرة‏.‏

ونازل الموصل فحاصرها وتحير من حصانتها ثم جاءه رسول الخليفة يأمره بالترحل عنها‏.‏

فرحل ورجع فأخذ حلب من عز الدين مسعود الأتابكي وعوضه بسنجار‏.‏

وفيها لبس لباس الفتوة الناصر لدين الله من شيخ الفتوة عبد الجبار ولهج بذلك وبقي يلبس الملوك‏.‏

وإنما كمال المروة ترك لبس الفتوة‏.‏

وفيها بعث صلاح الدين أخاه سبف الإسلام طغتكين على مملكة اليمن فدخلها وتسلمها من نواب أخيه‏.‏

وفيها توفي أحمد بن الرفاعي الزاهد القدوة أبو العباس بن علي بن أحمد‏.‏

وكان أبوه قد نزل البطائح بالعراق بقرية أم عبيدة فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد‏.‏

فولد له الشيخ أحمد في سنة خمس مائة‏.‏

وتفقه قليلًا على مذهب الشافعي‏.‏

وكان إليه المنتهى في التواضع والقناعة ولين الكلمة والذل والانكسار الإزراء على نفسه وسلامة الباطن ولكن أصحابه فيهم الجيد الرديء وقد كثر الزغل فيهم وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق‏:‏ من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات‏.‏

وهذا ما عرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه‏.‏

فنعوذ بالله من الشيطان‏.‏

وأبو طالب الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاوس الدمشقي المقرئ‏.‏

آخر من قرأ على أبي الوحش سبيع وآخر من سمع على الشريف النسيب‏.‏

توفي في شوال وله ست وثمانون سنة‏.‏

وأبو القاسم بن بشكوال خلف بن عبد الملك بن مسعود أبو القاسم الأنصاري القرطبي الحافظ محدث الأندلس ومؤرخها ومسندها وله أربع وثمانون سنة‏.‏

سمع أبا محمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وطبقتهما‏.‏

وأجاز له أبو علي الصدفي‏.‏

وله عدة تصانيف‏.‏

توفي في ثامن رمضان‏.‏

وخطيب الموصل أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد عبد القاهر الطوسي ثم البغدادي‏.‏

ولد في صفر سنة سبع وثمانين وسمع حضورًا من طراد والنعالي وغيرهما‏.‏

وسمع من ابن البطر وابي بكر الطريثيثي وخلق‏.‏

وكان ثقة في نفسه‏.‏

توفي في رمضان‏.‏

قال ابن النجار‏:‏ كان قرا الفقه والأصول على الكيا الهراسي وأبي بكر الشاشي والأدب على أبي زكريا التبريزي وولي خطابة الموصل زمانًا وتفرد في الدنيا وقصده الرحالون‏.‏

وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن حمنيس البغدادي السراج‏.‏

سمع أبا الحسن بن العلاف وأبا سعد بن خشيش وجماعة‏.‏

قال ابن الأخضر‏:‏ كان لايحسن يصلي ولا أن يقول التحيات‏.‏

قلت توفي في رجب‏.‏

وفروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي عز الدين صاحب بعلبك وأبو صاحبها الملك الأمجد ونائب دمشق لعمه صلاح الدين‏.‏

كان ذا معروف وبر وتواضع وأدب‏.‏

وكان للتاج الكندي به اختصاص‏.‏

توفي بدمشق ودفن بقبته التي بمدرسته على الشرف الشمالي في جمادى الأولى وهو أخو صاحب حماة تقي الدين‏.‏

والقطب النيسابوري الفقيه العلامة أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود الطرثيثي الشافعي‏.‏

ولد سنةخمس وخمس مائة وتفقه على محمد بن يحيى صاحب الغزالي وتأدب على أبيه وسمع من هبة الله السيدي وجماعة وبرع في الوعظ وحصل له القبول ببغداد ثم قدم دمشق سنة أربعين‏.‏

وأقبلوا عليه‏.‏

ودرس بالمجاهدية والغزالية‏.‏

ثم خرج إلى حلب ودرس بالمدرستين اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين‏.‏

ثم ذهب إلى همذان فدرس بها‏.‏

ثم عاد بعد مدة إلى دمشق ودرس بالغزالية‏.‏

وانتهت إليه رئاسة المذهب بدمشق‏.‏

وكان حسن الأخلاق قليل التصنع مات في سلخ رمضان‏.‏

ودفن يوم العيد بتربته‏.‏

وأبو محمد بن الشيرازي هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل البغدادي المعدل الصوفي الواعظ‏.‏

سمع أبا علي بن نبهان وغيره‏.‏

وقدم دمشق سنة ثلاثين وخمس مائة وهو شاب‏.‏

فسكنها وأم بمشهد علي وفوض إليه عقد الأنكحة‏.‏

توفي في ربيع الأول وهو في عشر الثمانين‏.‏

وأم بعده بالمشهد ابنه القاضي شمس الدين أبو نصر محمد‏.‏

وأبو الفضل وفاء بن أسعد التركي الخباز‏.‏

روى عن أبي القاسم بن بيان وجماعة‏.‏

توفي في ربيع الآخر وكان شيخًا صالحًا‏.‏

سنة تسع وسبعين وخمس مائة في أولها نازل صلاح الدين حلب وبها عماد الدين مسعود فاقتتلوا ثم وقع الصلح فقتل عليها جماعة‏.‏

وفيها توفي بوري تاج الملوك مجد الدين أخو السلطان صلاح الدين وله ثلاث وعشرون سنة‏.‏

وتقية بنت غيث بن علي الأرمنازي الشاعرة المحسنة‏.‏

لها شعر سائر‏.‏

وكانت امرأة برزة جلدة‏.‏

مدحت تقي الدين عمر صاحب حماة والكبار وعاشت أربعًا وسبعين سنة‏.‏

ولها ابن محدث معروف‏.‏

وأبو الفتح الخرقي عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح الإصبهاني مسند إصبهان‏.‏

سمع أبا مطيع المصري وأحمد بن عبد الله الشوذرجاني وانفرد بالرواية عن جماعة‏.‏

توفي في رجب وله تسع وثمانون سنة وكان رجلًا صالحًا‏.‏

والأبلة الشاعر صاحب الديوان أبو عبد الله محمد بن بختيار البغدادي‏.‏

ساب ظريف وشاعر مفلق بزي الجند‏.‏

وقيل له الأبله بالضد‏.‏

توفي في جمادى الأخرة‏.‏

ومحمد بن جعفر بن عقيل أبو العلاء البصري ثم البغدادي المقرئ‏.‏

قرأ القراءات على أبي الخير الغسال وسمع من ابن بيان وأبي النرسي وعاش ثلاثًا وتسعين سنة‏.‏

وأبو طالب الكتاني محمد بن أحمد بن علي الواسطي المحتسب‏.‏

توفي في المحرم وله أربع وتسعون سنة‏.‏

سمع من محمد بن علي بن أبي الصقر الشاعر وأبي نعيم الجماري وطائفة‏.‏

وانفرد بإجازة أبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي والباقلاتي وجماعة‏.‏

ورحل إلى بغداد فلحق بها أبا الحسن بن العلاف وكان ثقة دينًا ويونس بن محمد بن منعة الإمام رضي الدين الموصلي الشافعي والد العلامة كمال الدين موسى وعماد الدين محمد‏.‏

تفقه على الحسين بن نصر بن خميس وببغداد على أبي منصور الرزاز‏.‏

ودرس وأفتى وناظر وتفقه به جماعة‏.‏

توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة‏.‏

سنة ثمانين وخمس مائة فيها نازل صلاح الدين الكرك‏.‏

ونصب عليها المجانيق‏.‏

فجاءتها نجدات الفرنج وطلبوا وأجلبوا‏.‏

فرأى أن حصارها يطول‏.‏

فسار وهجم على نابلس فنهب وسبى‏.‏

وفيها توفي إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق الملك قطب الدين صاحب ماردين التركماني‏.‏

وليها بعد أبيه مدة‏.‏

وكان موصوفًا بالشجاعة والعدل‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر أبو عبد الله القرشي الدمشقي الشروطي المعدل‏.‏

توفي في صفر وله إحدى وثمانون سنة‏.‏

وكان ثقة صاحب حديث‏.‏

سمع من هبة الله بن الأكفاني وطائفة‏.‏

ورحل فسمع من هبة الله بن الطبر وفاضي المرستان‏.‏

وكتب الكثير وأفاد‏.‏

وكان شروطي البلد‏.‏

والسلطان يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي أبو يعقوب صاحب المغرب‏.‏

كان أبوه قد جعل الأمر بعده لولده محمد وكان طياشًا شريبًا للخمر فخلعه الموحدون بعد شهر ونصف‏.‏

واتفقوا على بيعة أبي يعقوب‏.‏

وكان أبيض مشربًا بحمرة أسود الشعر مستدير الوجه أعين أفوه حلو الكلام مليح المفاكهة يصيرًا باللغة وأيام الناس قوي المشاركةفي الحديث والقرآن وغير ذلك‏.‏

وقيل إنه كان يحفظ أحد الصحيحين‏.‏

وكان شيخًا جوادًا همامًا له همة في أيام خلافته في الفلسفة‏.‏

وكان لا يكاد يفارق محمد بن طفيل الفيلسوف‏.‏

وأما الممالك فافتتح ما لم يتهيأ لأبيه من الأندلس وغيرها‏.‏

وهادن ملك صقلية على جزية يحملها وكان يملي أحاديث الجهاد بنفسه على الموحدين‏.‏

وتجهز لغزو النصارى واستنفر الخلق في سنة تسع وسبعين ودخل الأندلس فنازل مدينة سنترين وهي لابن الدنق الفرنجي مدة ثم تكلموا في الرحيل‏.‏

فتسابق الجيش حتى بقي أبو يعقوب في قل من الناس‏.‏

فانتهزت الملاعين الفرصة وخرجوا فحملوا على الناس فهزموهم‏.‏

وأحاطت الفرنج بالمخيم فقتل على بابه طائفة من أعيان الجند وخلص إلى أبي يعقوب فطعن في بطنه‏.‏

ومات بعد أيام يسيرة في رجب وبايعوا ‏,‏ ولده يعقوب‏.‏

سنة إحدى وثمانين وخمس مائة فيها نازل صلاح الدين الموصل‏.‏

وكانت قد سارت إلى خدمته ابنة الملك نور الدين محمود زوجة عز الدين صاحب البلد وخضعت له فردها خائبة‏.‏

وحصر الموصل‏.‏

فبذل أهلها نفوسهم وقاتلوا أشد قتال‏.‏

فندم وترحل عنهم لحصانتها‏.‏

ثم نزل على ميافارقين فأخذها بالأمان ثم رد إلى الموصل وحاصرها أيضًا ثم وقع الصلح على أن يخطبوا له وأن يكون صاحبها طوعه وأن يكون لصلاح الدين شهرزور وحصنوها ثم رحل فمرض واشتد مرضه بحران حتى أرجفوا بموته وسقط شعر لحيته ورأسه‏.‏

وفيها هاجت الفتنة العظيمة بين التركمان وبين الأكراد بالجزيرة وأذربيجان وغلب من أجلها وتمادى تطاولها‏.‏

وقتل من الفريقين خلق لايحصون وتقطعت السبل‏.‏

وفيها استولى ابن غانية الملثم على أكثر بلاد أفريقية وخطب للناصر العباسي وبعث رسوله يطلب التقليد بالسلطنة‏.‏

وفيها توفي صدر الإسلام أبو الطاهر بن عوف بن إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف الزهري الإسكندراني المالكي في شعبان وله ست وتسعون سنة‏.‏

تفقه على أبي بكر الطرطوشي وسمع منه ومن أبي عبد الله الرازي وبرع في المذهب وتخرج به الأصحاب وقصده السلطان صلاح الدين وسمع منه الموطأ‏.‏

ومحمد البهلوان بن إلذكر الأتابك شمس الدين صاحب أذربيجان وعراق العجم‏.‏

توفي في آخر السنة وقام بعده أخوه قزل‏.‏

وكان السلطان طغرل السلجوقي من تحت حكم البهلوان كما كان أرسلان شاه من تحت حكم أبيه الذكر‏.‏

ويقال كان للبهلوان خمسة آلاف مملوك‏.‏

والشيخ حياة بن قيس الحراني الزاهد القدوة شيخ أهل حران وصالحهم المشهور‏.‏

توفي في سلخ جمادى الأولى وله ثمانون سنة‏.‏

وكان صاحب زاوية وأتباع‏.‏

زاره نور الدين ثم صلاح الدين‏.‏

وأبو اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد التنوخي المعري ثم الدمشقي صاحب ديوان الإنشاء في الدولة النورية‏.‏

عاش خمسًا وثمانين سنة‏.‏

والمهذب بن الدهان عبد الله بن أسعد بن علي الموصلي الفقيه الشافعي الأديب الشاعر النحوي ذو الفنون‏.‏

توفي بحمص في شعبان‏.‏

وكان مدرسًا بها‏.‏

وعبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو محمد الأزدي الإشبيلي الحافظ ويعرف بابن الخراط‏.‏

أحد الأعلام ومؤلف الأحكام الكبرى والصغرى والجمع بين الصحيحين وكتاب الغريبين في اللغة وكتاب الجمع بين الكتب الستة وغير ذلك روى عن أبي الحسن شريح وجماعة نزل بجاية وولي خطابتها وبها‏.‏

توفي بعد محنة لحقته من الدولة في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة‏.‏

وكان مع جلالته في العلم قانعًا متعففًا موصوفًا بالصلاح والورع ولزوم السنة‏.‏

والسهيلي أبو زيد وأبو القاسم وأبو الحسن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد العلامة الأندلسي المالقي النحوي الحافظ العلم صاحب التصانيف‏.‏

أخذ القراءات عن سليمان بن يحيى وجماعة وروى عن أبين العربي والكبار وبرع في العربية واللغات والأخبار والأثر وتصدر للإفادة‏.‏

توفي في شعبان في اليوم الذي توفي فيه شيخ الاسكندرية أبو الطاهر بن عوف وعاش اثنتين وسبعين سنة‏.‏

وعبد الرزاق بن نصر المسلم الدمشقي النجار‏.‏

روى عن أبي طاهر بن الحنائي وأبي الحسن بن الموازيني وجماعة توفي في ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة‏.‏

وابن شاتيل أبو الفتح عبيد الله بن غبد الله بن محمد بن نجا الدباس مسند بغداد‏.‏

سمع الحسين بن البسري وأبا غالب بن الباقلاني وجماعة‏.‏

تفرد بالرواية عن بعضهم‏.‏

ووهم من قال‏:‏ إنه سمع من ابن البطر‏.‏

توفي في رجب عن تسعين سنة‏.‏

وعصمة الدين الخاتون بنت الأمير معين الدين أنر زوجة نور الدين ثم صلاح الدين‏.‏

وواقفة المدرسة التي بدمشق للحنفية والخانكاه التي بظاهر دمشق توفيت في ذي القعدة ودفنت بتربتها التي هي تجاه قبة جركس بالجبل‏.‏

والميانشي أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي شيخ الحرم‏.‏

تناول من أبي عبد الله الرازي سداسياته وسمع من جماعة وله كراس في علم الحديث‏.‏

توفي بمكة‏.‏

والبانياسي أبو المجد الفضل بن الحسين الحميري عفيف الدين الدمشقي‏.‏

روى عن أبي القاسم الكلابي وأبي الحسن بن الموازيني‏.‏

توفي في شوال وله ست وثمانون سنة‏.‏

وصاحب حمص الملك ناصر الدين محمد بن الملك أسد الدين شيركوه وابن عم السلطان صلاح الدين‏.‏

كان فارسًا شجاعًا جريئًا متطلعًا إلى السلطنة‏.‏

قيل إنه قتله الخمر وقيل بل سقي السم‏.‏مات يوم عرفة‏.‏

وأبو سعد الصائغ محمد بن عبد الواحد الإصبهاني المحدث‏.‏

روى عن غانم البرجي والحداد وخلق‏.‏

وأبو موسى المديني محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد بن غانم البرجي وجماعة من أصحاب أبي نعيم‏.‏

ولم يخلف بعده مثله‏.‏

مات في جمادى الأولى‏.‏

وكان مع براعته في الحفظ والرجال صاحب ورع وعبادة وجلالة وتقى‏.‏

سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة

قال العماد الكاتب‏:‏ أجمع المنجمون في هذا العام في جميع البلاد على خراب العالم في شعبان عند اجتماع الكواكب الستة في الميزان بطوفان الريح وخوفوا بذلك ملوك الأعاجم والروم‏.‏

فشرعوا في حفر مغارات ونقلوا إليها الماء والأزواد وتهيأوا‏.‏

فلما كانت الليلة التي عينها المنجمون لمثل ريح عاد ونحن جلوس عند السلطان والشموع توقد فلا تتحرك ولم نر ليلة مثل ركودها‏.‏

وقال محمد بن القادسي‏:‏ فرش الرماد في أسواق بغداد وعلقت المسوح يوم عاشوراء وناح أهل الكرخ وتعدى الأمر إلى سب الصحابة‏.‏

وكانوا يصيحون‏:‏ ما بقي كتمان‏.‏

وكان ذلك منسوبًا إلى مجد الدين ابن الصاحب أستاذ الدار‏.‏

وقال غيره‏:‏ تمت فتنة ببغداد قتل فيها خلق من الرافضة والسنة‏.‏

وفيها توفي العلامة عبد الله بن بري أبو محمد المقدسي ثم المصري النحوي صاحب التصانيف وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

روى عن أبي صادق المديني وطائفة وانتهى إليه علم العربية في زمانه‏.‏

وقصد من البلاد لتحقيقه وتبحره ومع ذلك فله حكايات في التغفل وسذاجة الطبع‏.‏

كان يلبس الثياب الفاخرة ويأخذ في كمه العنب مع الحطب والبيض فيقطر على رجله ماء العنب فيرفع رأسه ويقول‏:‏ العجب أنها تمطر مع الصحو‏.‏

وكان يتحدث ملحونًا ويتبرم بمن يخاطبه بإعراب‏.‏

وهو شيخ الجزولي‏.‏

سنة ثلاث وثمانون وخمس مائة

فيها افتتح صلاح الدين بالشام فتحًا مبينًا ورزق رزقًا متينًا وهزم الفرنج وأسر ملوكهم وكانوا أربعين ألفًا‏.‏

ونازل القدس وأخذه ثم عكا فأخذها ثم جال وافتتح عدة حصون ودخل على المسلمين سرور لا يعلمه إلا الله‏.‏

وفيها قتل ابن الصاحب ولله الحمد ببغداد فذلت الرافضة‏.‏

وفيها قويت نفس السلطان طغريل بن أرسلان بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي وامتدت يده وحكم بأذربيجان بعد موت أبي بكر البهلوان بن إلذكر‏.‏

فأرسل إلى بغداد يأمر بأن يعمر له دار السلطان وأن يخطبوا له‏.‏

فأمر الناصر بالدار فهدمت وأخرج رسوله بلا جواب‏.‏

وفيها توفي عبد الجبار بن يوسف البغدادي شيخ الفتوة وحامل لوائها‏.‏

وكان قد علا شأنه بكون الخليفة الناصر تفتى إليه‏.‏

توفي حاجًا بمكة‏.‏

وعبد المغيث بن زهير أبو العز الحربي محدث بغداد وصالحها وأحد من عني بالأثر والسنة‏.‏

سمع ابن الحصين وطبقته وتوفي في المحرم عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏

وكان ثقة سنيًا مفتيًا صاحب طريقة حميدة‏.‏

تبادر وصنف جزءًا في فضايل يزيد أتى فيه بالموضوعات‏.‏

وابن الدامغاني قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن قاضي القضاة علي ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الحنفي وله سبعون سنة‏.‏

وكان ساكنًا وقورًا محتشمًا‏.‏

حدث عن ابن الحصين وطائفة‏.‏

وولي القضاء بعد موت قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي ثم عزل عند موت المقتفي فبقي معزولًا إلى سنة سبعين ثم ولي إلى أن مات‏.‏

وابن المقدم الأمير الكبير شمس الدين محمد بن عبد الملك‏.‏

كان من أعيان أمراء الدولتين‏.‏

وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين ثم تملك بعلبك‏.‏

وعصى على صلاح الدين مدة فحاصره ثم صالحه‏.‏

وناب له بدمشق‏.‏

وكان بطلًا شجاعًا محتشمًا عاقلًا‏.‏

شهد في هذا العام الفتوحات‏.‏

وحج فلما حل بعرفات رفع علم السلطان صلاح الدين وضرب الكوسات‏.‏

فأنكر عليه أمير ركب العراق طاشتكين فلم يلتفت إليه وركب في طلبه وركب طاشكتين‏.‏

فالتقوا وقتل جماعة من الفريقين وأصاب ابن المقدم سهم في عينه فخر صريعًا‏.‏

وأخذ طاشكتين ابن المقدم فمات من الغد بمنى‏.‏

ومخلوف بن علي بن جارة أبو القاسم المغربي ثم الاسكندراني المالكي‏.‏

أحد الأئمة الكبار‏.‏

تفقه به أهل الثغر زمانًا‏.‏

وأبو السعادات القزاز نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن زريق الشيباني الحريمي مسند بغداد‏.‏

سمع جده أبا غالب القزاز وأبا القاسم الربعي وأبا الحسين بن الطيوري وطائفة‏.‏

توفي وأبو الفتح بن المني ناصح الإسلام نصر بن فتيان بن مطر النهراوي ثم الحنبلي فقيه العراق وشيخ الحنابلة‏.‏

روى عن أبي الحسن بن الزاغوني وطبقته‏.‏

وتفقه على أبي يكر الدينوري‏.‏

وكان ورعًا زاهدًا متعبدًا على منهاج السلف‏.‏

تخرج به أئمة‏.‏

وتوفي في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة ولم يخلف مثله‏.‏

ومجد الدين ابن الصاحب هبة الله بن علي‏.‏

ولي استاذ دارية المستضيء‏.‏

ولما ولي الناصر رفع منزلته وبسط يده‏.‏

وكان رافضيًا سبابًا‏.‏

تمكن وأحيا شعار الإمامية وعمل كل قبيح إلى أن طلب إلى الديوان فقتل وأخذت حواصله‏.‏

فمن ذلك ألف ألف دينار‏.‏

وعاش إحدى وأربعين سنة‏.‏

سنة أربع وثمانين وخمس مائة دخلت وصلاح الدين يصول ويجول بجنوده على الفرنج حتى دوخ بلادهم وبث سراياه‏.‏

وافتتح أخوه الملك العادل الكرك بالأمان في رمضان سلموها لفرط القحط‏.‏

وفيها سار عسكر بغداد وعليهم الوزير جلال الدين بن يونس‏.‏

فالتقوا السلطان طغريل بن رسلان السلجوقي فهزمهم ورجعوا بسوء الحال وقبض طغريل على الوزير وكان المصاف وفيها توفي أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الأمير الكبير مؤيد الدولة أبو المظفر الكناني الشيزري أحد الأبطال المشهورين والشعراء المبرزين‏.‏

وله عدة تصانيف في الأدب والأخبار والنظم والنثر‏.‏

وفيه تشيع‏.‏

عمر ستًا وتسعين سنة‏.‏

وعبد الرحمان بن محمد بن حبيش القاضي أبو القاسم الأنصاري المريي نزيل مرسية‏.‏

عاش ثمانين سنة‏.‏

قرأ القراءات على جماعة‏.‏

ورحل بعد ذلك فسمع بقرطبة من يونس بن محمد بن مغيث والكبار‏.‏

وكان من أئمة الحديث والقراءات والنحو واللغة‏.‏

ولي خطابة مرسية وقضاءها مدة واشتهر ذكره وبعد وصيته‏.‏

وكانت الرحلة إليه في زمانه‏.‏

وقد صنف كتاب المغازي في عدة مجلدات‏.‏

وعمر بن بكر بن محمد بن علي القاضي عماد الدين ابن الإمام شمس الأئمة الجابري الزرنجري شيخ الحنفية في زمانه بما وراء النهر ومن انتهت إليه رئاسة الفقه‏.‏

توفي في شوال عن نحو ستين سنة‏.‏

والتاج المسعودي محمد بن عبد الرحمن البنجديهي الخراساني الصوفي الرحال الأديب عن اثنتين وثمانين سنة‏.‏

سمع من أبي الوقت وطبقته‏.‏

وأملى بمصر مجالس وعني بهذا الشأن وكتب وسعى وجمع فأوعى وصنف شرحًا طويلًا للمقامات‏.‏

قال يوسف بن خليل الحافظ‏:‏ لم يكن في نقله بثقة‏.‏

وقال ابن النجار‏:‏ كان من الفضلاء في كل فن في الفقه والحديث والأدب‏.‏

وكان من أظرف المشايخ وأجملهم‏.‏

وأبو الفتح بن التعاويذي الشاعر الذي سار نظمه في الآفاق وتقدم على شعراء العراق‏.‏

توفي في شوال عن خمس وثمانين سنة‏.‏

وابن صدقة الحراني أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن صدقة التاجر السفار‏.‏

راوي صحيح مسلم عن الفراوي‏.‏

شيخ صالح صدوق كثير الأسفار‏.‏

سمع في كهولته الكتاب المذكور‏.‏

وعمر سبعًا وتسعين سنة‏.‏

توفي في ربيع الأول بدمشق له أوقاف وبر‏.‏

وأبو بكر الحازمي الحافظ محمد بن موسى الهمذاني سمع من أبي الوقت ومن أبي زرعة ومعمر بن الفاخر‏.‏

ورحل سنة نيف وسبعين إلى العراق وإصبهان والجزيرة والنواحي‏.‏

وصنف التصاتيف‏.‏

وكان إمامًا ذكيًا ثاقب الذهن فقيهًا بارعًا ومحدثًا ماهرًا بصيرًا بالرجال والعلل متبحرًا في علم السنن ذا زهد وتعبد وتأله وانقباض عن الناس‏.‏

توفي في جمادى الأولى شابًا عن خمس وثلاثين سنة‏.‏

ويحيى بن محمود بن سعد الثقفي أبو الفرج الإصبهاني الصوفي‏.‏

حضر في أول عمره على الحداد وجماعة وسمع من جعفر بن عبد الواحد الثقفي وفاطمة الجوزدانية‏.‏

وجده لأمه أبي القاسم صاحب الترغيب والترهيب وروى الكثير بإصبهان والموصل وحلب ودمشق‏.‏

توفي بنواحي همذان وله سبعون سنة‏.‏

سنة خمس وثمانين وخمسومائة في أول شعبان التقى صلاح الدين الفرنج‏.‏

وفي وسطه التقى الفرنج أيضًا فانهزم المسلمون واستشهد جماعة‏.‏

ثم ثبت السلطان والأبطال وكروا على الملاعين ووضعوا فيهم السيف‏.‏

وجافت الأرض من كثرة القتلى‏.‏

ونازلت الفرنج عكا فساق صلاح الدين وضايقهم وبقوا محاصرين محصورين‏.‏

والتقاهم المسلمون مرات وطال الأمر وعظم الخطب وبقي الحصار والحالة هذه عشرين شهرًا أو أكثر وجاء الفرنج في البحر والبر وملأوا السهل والوعر حتى قيل إن عدة من جاء منهم أو نجدهم بلغت ستة مائة ألف‏.‏

وفيها توفي أبو العباس الترك أحمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن ينال الإصبهاني شيخ صوفية بلده ومسندها‏.‏

سمع أبا مطيع وعبد الرحمن الدوني وببغداد أبا علي بن نبهان‏.‏

توفي في شعبان في عشر منه‏.‏

وابن الموازيني أبو الحسين أحمد بن حمزة بن أبي الحسن علي بن الحسن السلمي‏.‏

سمع من جده ورحل إلى بغداد في الكهولة‏.‏

فسمع من أبي بكر بن الزاغوني وطبقته وكان صالحًا خيرًا محدثًا فهمًا‏.‏

توفي في المحرم وهو في عشر التسعين‏.‏

وابن أبي عصرون قاضي القضاة فقيه الشام شرف الدين أبو سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله بن المظفر بن علي بن أبي عصرون التميمي الحديثي ثم الموصلي أحد الأعلام‏.‏

تفقه بالموصل وسمع بها من أبي الحسن ابنه طوق ثم رحل إلى بغداد فقرأ القرآن على عبد الله البارع وسبط الخياط‏.‏

وسمع من ابن الحصين وطائفة‏.‏

ودرس النحو الأصلين ودخل واسطًا فتفقه بها ورجع إلى الموصل بعلوم جمة‏.‏

فدرس بها وأفتى‏.‏

ثم سكن سنجارمدة ثم قدم حلب ودرس بها‏.‏

وأقبل عليه نور الدين فقدم معه عندما افتتح دمشق‏.‏

ودرس بالغزالية‏.‏

ثم رد وولي قضاء سنجار وحران مدة‏.‏

ثم قدم دمشق وولي القضاء لصلاح الدين سنة ثلاث وسبعين‏.‏

وله مصنفات كثيرة‏.‏

أضر في آخر عمره وتوفي في رمضان وله ثلاث وتسعون سنة‏.‏

وأبو طالب الكرخي صاحب ابن الخل‏.‏

واسمه المبارك بن المبارك ابن المبارك شيخ الشافعية في وقته ببغداد وصاحب الخط المنسوب ومؤدب أولاد الناصر لدين الله‏.‏

درس بالنظامية بعد أبي الخير القزويني‏.‏

وتفقه به جماعة‏.‏

وحدث عن ابن الحصين‏.‏

وكان رب علم وعمل ونسك وورع كان أبوه مغنيًا فتشاغل بضرب العود حتى شهدوا له أنه في طبقة معبد ثم أنف من ذلك فجود الكتابة حتى زاد بعضهم وقال‏:‏ هو أكتب من ابن البواب ثم اشتغل بالفقه فبلغ في العلم الغاية‏.‏

سنة ست وثمانين وخمس مائة دخلت والفرنج محدقون بعكا والسلطان في مقاتلتهم والحرب سجال فتارة يظهر هؤلاء وتارة يظهر هؤلاء‏.‏

وقدمت عساكر الأطراف مددًا لصلاح الدين‏.‏

وكذلك الفرنج أقبلت في البحر من الجزائر البعيدة وفرغت السنة والناس كذلك‏.‏

وفيها توفي أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ الحافظ الكبير ابن صصري التغلبي الدمشقي‏.‏

سمع من جده ونصر الله المصيصي وطبقتهما‏.‏

ولزم الحافظ ابن عساكر وتخرج به‏.‏

ثم رحل وسمع بالعراق من ابن البطي وطبقته وبهمذان من أبي العلاء الحافظ وعدة وبإصبهان من ابن ماشاذ وطبقته وبالحيرة والنواحي‏.‏

وبرع في هذا الشأن وجمع وصنف مع الثقة والجلالة والكرم والرئاسة‏.‏

عاش تسع وأربعن سنة‏.‏

وأبو عبد الله بن زرقون محمد بن سعيد بن أحمد الإشبيلي المالكي المقرئ المحدث‏.‏

ولد سنة اثنتين وخمس مائة فأجاز له فيها أبو عبد الله أحمد بن محمد الخولاني وسمع بمراكش من موسى بن أبي تليد وتفرد بالرواية عن جماعة‏.‏

ولي قضاء سبتة‏.‏

وكان فقيهًا مبرزًا عالمًا سريًا بصيرًا بالحديث‏.‏

توفي في رجب‏.‏

وأبو بكر بن الجد محمد بن عبد الله بن يحيى الفهري الإشبيلي الحافظ النحوي‏.‏

بحث كتاب سيبويه على أبي الحسن بن الأخضر وسمع صحيح مسلم من أبي القاسم الهوزني ولقي بقرطبة أبا محمد بن عتاب وطائفة وبرع في سنة إحدى وعشرين وخمس مائة وعظم جاهه وحرمته‏.‏

توفي في شوال وله تسعون سنة‏.‏

ومحيي الدين قاضي القضاة أبو حامد محمد ابن قاضي القضاة كمال الدين أبي الفضل محمد بن عبد الله بن الشهرزوري الشافعي‏.‏

تفقه ببغداد على أبي منصور بن الرزاز وناب بدمشق عن أبيه‏.‏

ثم ولي قضاء حلب ثم الموصل وتمكن من صاحبها عز الدين مسعود إلى الغاية‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ قيل إنه أنعم في ترسله مرة إلى بغداد بعشرة آلاف دينار على الفقهاء والأدباء والشعراء والمحاويج‏.‏

ويحكى عنه رئاسة ضخمة ومكارم كثيرة‏.‏

توفي في جمادى الأولى وله اثنتان وستون سنة‏.‏

ومحمد بن المبارك بن الحسين أبو عبد الله بن أبي السعود الحلاوي الحربي المقرئ‏.‏

روى بالإجازة عن أبي الحسين ابن الطيوري وجماعة ثم ظهر سماعه بعد موته من جعفر السراج وغيره‏.‏

وعاش ثلاثًا وتسعين سنة‏.‏

ومسعود بن علي بن النادر أبو الفضل البغدادي قرأ على أبي بكر المزرفي وسبط الخياط‏.‏

وكتب عن قاضي المرستان فمن بعده فأكثر‏.‏

ونسخ مائة وإحدى وعشرين ختمة‏.‏

وعاش ستين سنة وتوفي في المحرم‏.‏

وابن الكيال أبو الفتح نصر الله بن علي الفقيه الحنفي‏.‏

مقرىء واسط‏.‏

أخذ العشرة عن علي بن علي بن شيران وأبي عبد الله البارع وأخذ العربية عن ابن السجزي وابن الجواليقي وتفقه ودرس وناظر وولي قضاء واسط‏.‏

توفي في جمادى الآخرة عن أربع وثمانين سنة وحدث عن ابن الحصين‏.‏

وزين الدين يوسف بن زين الدين على كوجك صاحب إربل وابن صاحبها وأخو صاحبها مظفر الدين مات مرابطًا على عكا‏.‏

سنة سبع وثمانين وخمس مائة اشتدت مضايقة الفرنج لعكا والحرب بينهم وبين السلطان مستمر‏.‏فرمي المسلمون بحجر ثقيل وهو مجيء ملك الأنكلتير في جمادى الأولى وكان رجل الفرنج دهاء ومكرًا وشجاعة‏.‏

فراسل صلاح الدين أهل عكا أن اخرجوا على حمية وسيروا مع الساحل وأنا أحمل بالجيش وأكشف عنكم‏.‏

فما تمكنوا من هذا ثم قلت الأقوات على المسلمين بها فسلموها بالأمان‏.‏

فغدرت الفرنج ببعضهم‏.‏

ووفيها توفي الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن علي بن المسلم اللخمي الدمشقي الخرقي الشافعي‏.‏

روى عن ابن الموازيني وعبد الكريم بن حمزة وجماعة‏.‏

وكان فقيهًا متعبدًا يتلو كل يوم وليلة ختمة‏.‏

أعاد مدة بالأمينية‏.‏

توفي في ذي القعدة وسنه ثمان وثمانون سنة والفقيه أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن مغاور الشاطبي الكاتب‏.‏

وهو آخر من سمع من أبي علي بن سكرة‏.‏

وسمع أيضًا من جماعة‏.‏

وكان منشئًا بليغًا مفوهًا شاعرًا توفي في صفر‏.‏

وأبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري مسند خراسان‏.‏

سمع من جده وأبي بكر الشيروي وجماعة‏.‏

وتفرد في عصره‏.‏

توفي في آواخر شعبان عن سن عالية‏.‏

وتقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب الملك الظفر صاحب حماة أحد الأبطال الموصوفين كان عمه صلاح الدين يحبه ويعتمد عليه وكان يتطاول للسلطنة ولاسيما لما مرض صلاح الدين فإنه كان نائبه على مصر‏.‏

توفي وهو محاصر منازكرد في رمضان‏.‏

فنقل ودفن بحماة‏.‏

وتملك حماة بعده ابنه المنصور محمد‏.‏

وقزل أرسلان بن إلذكر ملك آذربيجان وأران وهمذان وإصبهان والري بعد أخيه البهلوان محمد‏.‏

قتل غيلة على فراشه في شعبان‏.‏

ونجم الدين الخبوشاني محمد بن الموفق الصوفي الزاهد الفقيه الشافعي‏.‏

تفقه على ابن يحيى‏.‏

وكان يستحضر كتاب المحيط ويحفظه‏.‏

ألف كتاب تحقيق المحيط في ستة عشر مجلدًا‏.‏

روى عن هبة الرحمن القشيري وقدم مصر وسكن بتربة الشافعي ودرس وأفتى وكان صلاح الدين يعتقد فيه ويبالغ في احترامه‏.‏

وعمر له مدرسة الشافعي‏.‏

وكان كالسكة المحماة في الذم لبني عبيد‏.‏

ولما تهيب صلاح الدين من الإقدام على قطع خطبة العاضد وقف الخبوشاني قدام المنبر وأمر الخطيب أن يخطب الخطبة لبني العباس‏.‏

ففعل ولم يتم إلا الخير‏.‏

ثم عمد إلى قبر أبي الكيزان الظاهري وكان من غلاة السنة وأهل الأثر فنبشه وقال‏:‏ لايكون صديق وزنديق في موضع واحد‏.‏

يعني هو والشافعي فثارت حنابلة مصر عليه وقويت الفتنة وصار بينهم حملات حربية‏.‏

وقد سقت فوائد من أخباره في تاريخي الكبير توفي في ذي القعدة في عشر الثمانين‏.‏

والسهروردي الفيلسوف المقتول شهاب الدين يحيى بن محمد بن حبش بن أميرك أحد أذكياء بني آدم‏.‏

وكان رأسًا في معرفة علوم الأوائل بارعًا في علم الكلام فصيحًا مناظرًا محجاجًا متزهدًا زهد مردكة وفراغ مزدريًا للعلماء ومستهزئًا رقيق الدين‏.‏

قدم حلب واشتهر اسمه فعقد له الملك الظاهر غازي ولد السلطان صلاح الدين مجلسًا فبان فضله وبهر علمه فارتبط عليه الظاهر واختص به وظهر للعلماء منه زندقة وانحلال فعملوا محضرًا بكفره وسيروه إلى صلاح الدين وخوفوه من أن يفسد عقيدة ولده‏.‏

فبعث إلى ولده بأن يقتله بلا مراجعة فخيره الظاهر فاختار أن يموت جوعًا لأنه كان له عادة بالرياضيات‏.‏

فمنع من الطعام حتى تلف‏.‏

وعاش ستًا وثلاثين سنة‏.‏

قال السيف الآمدي‏:‏ رأيته كثير العلم قليل العقل‏.‏

قال‏:‏ لابد أن أملك الأرض‏.‏

وقال ابن خانكان‏:‏ حبسه الظاهر ثم خنقه في خامس رجب سنة سبع‏.‏

قلت‏:‏ كان زري اللباس وفي رجله زربول كأنه خربندج‏.‏

وسائر تصانيفه فلسفة وإلحاد‏.‏

قال ابن خانكان‏:‏ كان يتهم بالانحلال والتعطيل‏.‏

سنة ثمان وثمانين وخمس مائة فيها سار شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بجيوشه فالتقىملك الهند لعنهم الله فانتصر المسلمون واستحر القتل بالهنود وأسر ملكهم وغنم المسلمون مالا يوصف من ذلك أربعة عشر فيلًا‏.‏

وافتتحوا في الحرارة قلعة جهير وأعمالها‏.‏

وفيها التقى المسلمون بالشام الفرنج غير مرة كلها للمسلمين إلاواحدة كان الملك العادل مقدمها ردهم العدو فهزموهم‏.‏

وفيها أخذ صلاح الدين يافا بالسيف ثم هادن الفرنج ثلاثة أعوام وثمانية أشهر‏.‏

وفيها توفي الخبزوي أبو الفضل إسماعيل بن علي الشافعي الشروطي الفرضي من أعيان المحدثين بدمشق وبها ولد‏.‏

تفقه على جمال الإسلام ابن المسلم وغيره وسمع من هبة الله بن الأكفاني وطبقته ورحل إلى بغداد فسمع أبا علي الحسن بن محمد الباقرجي وأبا الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني والكبار وكتب الكثير وكان بصيرًا بعقد الوثائق والسجلات‏.‏

توفي في جمادى الأولى عن تسعين سنة‏.‏

وموفق الدين خالد ابن الأديب البارع محمد بن نصر القيسراني أبو البقاءالكاتب‏.‏

صاحب الخط المنسوب‏.‏

كان صدرًا نبيلًا وافر الحشمة‏.‏

وزر للسلطان نور الدين وسمع بمصر من عبد الله بن رفاعة‏.‏

توفي بحلب‏.‏

وأبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة البغدادي الطحان‏.‏

روى عن ابن الحصين

وزاهر وقدم حران فروى بها المسند‏.‏

وكان فقيرًا صبورًا‏.‏

توفي في ربيع الأول عن اثنتين وسبعين سنة‏.‏

وحبة بباء موحدة‏.‏

والمشطوب الأمير مقدم الجيوش سيف الدين علي با أحمد ابن صاحب قلاع الهكارية أبي الهيجاء الهكاري نائب عكا لما أخذت الفرنج عكا أسروه‏.‏

ثم اشترى بمبلغ عظيم‏.‏

وقيل إن خبزه كان يعمل في السنة ثلاث مائة ألف دينار‏.‏

ثم أقطعه صلاح الدين لقدس فتوفي بها في شوال‏.‏

وكان ابنه عماد الدين ابن المشطوب من كبراء الأمراء بمصر‏.‏

وقلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق بن دقاق التركي السلجوقي صاحب الروم وحمو الناصر لدين الله‏.‏

امتدت أيامه وشاخ وقوي عليه أولاده وتصرفوا في ممالكه في حياته‏.‏

وهي قونية وأقسر وسيواس وملطية‏.‏

وعاش سلطانًا اكثر من ثلاثين سنة وتملك بعده ابنه غياث الدين كيخسروا‏.‏

وابن مجبر الشاعر أبو بكر يحيى بن عبد الجليل الفهري ثم الإشبيلي شاعر الأندلس في عصره‏.‏

وهو كثير القول في يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن‏.‏

سنة تسع وثمانين وخمس مائة

فيها توفي بكتمر السلطان سيف الدين صاحب خلاط‏.‏

توفي في جمادى الأولى‏.‏

وكان فيه دين وإحسان إلى الرعية وله همة عالية‏.‏

ضرب لنفسه الطبل في أوقات الصلوات الخمس‏.‏

قتله بعض الإسماعيلية‏.‏

وصاحب مكة داود بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن أبي هاشم العلوي الحسني‏.‏

وكانت مكة تكون له تارة ولأخيه مكثر تارة‏.‏

ومحمود سلطان شاه أخو الملك علاء الدين خوارزمشاه بن أرسلان بن اتسز بن محمد الخوارزمي‏.‏

تملك بعد أبيه سنة ثمان وستين‏.‏

ثم قوى عليه أخوه وحاربه وتنقلت به الأحوال ثم وثب على مدينة مرو وكان نظيرًا لأخيه في الجلالة والشجاعة‏.‏

دفع الغزو عن مرو ثم تجمعوا له وحاربوه وقتلوا رجاله ونهبوا خزانته فاستعان على حربهم بالخطا‏.‏

وجاء بجيش عرمرم واستولى على مملكة مرو وسرخس ونسا وأبيورد‏.‏

وردت الخطا بمكاسب عظيمة من أموال المسلمين‏.‏

ثم أغار على بلاد الغوري وظلم وعسف‏.‏

ثم التقى هو والغورية فهزموه‏.‏

ووصل إلى مرو في عشرين فارسًا‏.‏

وجرت له أمور طويلة‏.‏

توفي في سلخ رمضان‏.‏

وسنان بن سلمان أبو الحسن البصري الإسماعيلي الباطني صاحب الدعوة وصاحب حصون الإسماعيلية‏.‏

كان أديبًا متفننًا متكلمًا عارفًا بالفلسفة أخباريًا شاعرًا ماكرًا من شياطين الإنس‏.‏

وأبو منصور عبد الله بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب البغدادي‏.‏

روى عن أبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان‏.‏

ومات في ربيع الأول وقد قارب التسعين‏.‏

والخضرمي قاضي الإسكندرية أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد المالكي‏.‏

روى عن محمد بن أحمد الرازي وغيره‏.‏

وصاحب الموصل السلطان عز الدين مسعود بن مودود ابن أتابك زنكي بن آقسنقر‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ بقي عشرة أيام لايتكلم إلا بالشهادتين وبالتلاوة ورزق خاتمة خير‏.‏

وكان كثير الخير والإحسان يزور الصالحين ويقربهم ويشفعهم‏.‏

وفيه حلم وحياء ودين‏.‏

قلت‏:‏ دفن في مدرسته بالموصل‏.‏

وتملك بعده ولده نور الدين‏.‏

وصلاح الدين السلطان الملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني الأصل التكريتي المولد‏.‏

ولد في سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة إذ أبوه شحنة تكريت‏.‏

ملك البلاد ودانت له العباد وأكثر من الغزو وأطاب وكسر الفرنج مرات‏.‏

وكان خليقًا للملك شديد الهيبة محببًا إلى الأمة عالي الهمة كامل السؤدد جم المناقب‏.‏

ولي السلطنة عشرين سنة‏.‏

وتوفي بقلعة دمشق في السابع والعشرين في صفر وارتفعت الأصوات بالبلد بالبكاء وعظم الضجيج حتى إن العاقل يتخيل أن الدنيا كلها تصيح صوتًا واحدًا‏.‏

وكان أمرًا عجيبًا‏.‏

سنة تسعين وخمس مائة فيها سار بنارس أكبر ملوك الهند وقصد الإسلام فطلبه شهاب الدين الغوري فالتقى الجمعان على نهر ماحون‏.‏

كذا قال ابن الأثير‏:‏ وكان مع الهندي سبع مائة فيل ومن العسكر على ما قيل ألف ألف نفس‏.‏

فصبر الفريقان وكان النصر لشهاب الدين وكثر القتل في الهنود حتى جافت منهم الأرض‏.‏

وأخذ شهاب الدين تسعين فيلًا وقتل بنارس ملك الهند‏.‏

وكان قد شد أسنانه بالذهب فما عرف إلا بذلك‏.‏

ودخل شهاب الدين بلاد بنارس وأخذ من خزانته ألفًا وأربع مائة حمل وعاد إلى غزنة‏.‏

ومن جملة الفيلة فيل أبيض‏.‏

حدثني بذلك من رآه‏.‏

وفيها حارب علاء الدين خوارزم شاه بأمر الخليفة السلطان طغريل‏.‏

فالتقاه وهزم جيشه وقتل طغريل وحمل رأسه على رمح إلى بغداد ومعه قاتله شاب تركي أمير‏.‏

وفيها توفي القزويني العلامة رضي الدين أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني الفقيه الشافعي الواعظ‏.‏

ولد سنة اثنتي عشرة وخمس مائة وتفقه على الفقيه ملكدار العمركي ثم بنيسابور على محمد بن يحيى حتى فاق الأقران وسمع من الفراوي وزاهر وخلق‏.‏

ثم قدم بغداد قبل ستين ودرس بها ووعظ ثم قدمها قبل السبعين ودرس بالنظامية‏.‏

وكان إمامًا في المذهب والخلاف والأصول والتفسير والوعظ وروى كتبًا كبارًا ونفق كلامه على الناس لحسن سمته وحلاوة منطقه وكثرة محفوظاته‏.‏

وكان صاحب قدم راسخة في العبادة عديم النظير كبير الشأن‏.‏

رجع إلى قزوين سنة ثمانين ولزم العبادة إلى أن مات في المحرم رحمه الله عليه‏.‏

وطغريل شاه بن أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي السلطان آذربيجان‏.‏

طلب السلطنة من الخليفة وأن يأتي بغداد ويكون على قاعدة الملوك السلجوقية‏.‏

فمنعه الخليفة فأظهر العصيان فانتدب لحربه علاء الدين الخوارزمي وقتله‏.‏

وكان شابًا مليحًا موصوفًا بالشجاعة‏.‏

وعبد الخالق بن فيروز الجوهري الهمذاني الواعظ‏.‏

أكثر الترحال وروى عن زاهر والفراوي وطائفة‏.‏

ولم يكن ثقة ولا مأمونًا‏.‏

وعبد الوهاب بن علي القرشي الزبيري الدمشقي الشروطي‏.‏

ويعرف بالحبقبق والد كريمة‏.‏

روى عن جمال الإسلام أبي الحسن السلمي وجماعة وتوفي في صفر‏.‏

والشاطبي أبو محمد القاسم بن فيره بن خلف الرعيني الأندلسي المقرئ الضرير أحد الأئمة الأعلام‏.‏

وأما السخاوي فقال‏:‏ أبو القاسم‏.‏

ولم يذكر له اسمًا سوى الكنية‏.‏

والأول أصح‏.‏

ولد سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة وقرأالقراءات على ابن العاص النفزي ببلده ثم ارتحل إلى بلنسية فعرض القراءات على ابن هذيل وسمع الحديث من طائفة ثم رحل وسمع من السلفي‏.‏

وكان إمامًا علامة محققًا ذكيًا كثير الفنون واسع المحفوظ‏.‏

له القصيدتان اللتان قد سارت بهما الركبان وخضع لبراعة نظمهما فحول الشعراء وأئمة القراء والبلغاء‏.‏

وكان ثقة في نفسه زاهدًا ورعًا قانتًا لله منقبضًا عن الناس كبير القدر‏.‏

نزل القاهرة وتصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية فشاع أمره وبعد صيته وانتهت إليه الرئاسة في الإقراء إلى أن توفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة‏.‏

وابن الفخار أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خلف الأنصاري المالقي الحافظ صاحب أبي بكر بن العربي‏.‏

أكثر عنه وعن شريح وخلق‏.‏

وكان إمامًا معروفًا بسرد المتون والأسانيد عارفًا بالرجال واللغة ورعًا جليل القدر‏.‏

طلبه السلطان ليسمع منه بمراكش فمات بها في شعبان وله ثمانون سنة‏.‏

ومحمد بن عبد الملك بن بونة العبدري المالقي بن البيطار نزيل غرناطة وآخر من روى بالإجازة عن أبي علي بن سكرة‏.‏

سمع أبامحمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وعاش أربعًا وثمانين سنة‏.‏

وفخر الدين بن الدهان محمد بن علي بن شعيب البغدادي الفرضي الحاسب الأديب النحوي الشاعر‏.‏

جال في الجزيرة والشام ومصر وصنف الفرائض على شكل المنبر‏.‏

فكان أول من اخترع ذلك‏.‏

وألف تاريخًا وألف كتاب غريب الحديث في مجلدات‏.‏

وصنف في النجوم والزيج‏.‏

وكان أحد الأذكياء‏.‏

مات فجأة بالحلة‏.‏

وممن كان في هذا العصر‏:‏ أبو مدين الأندلسي الزاهد العارف شيخ أهل المغرب شعيب بن الحسين‏.‏

سكن تلمسان‏.‏

وكان من أهل العمل وله اجتهاد منقطع القرين في العبادة والنسك‏.‏

بعيد الصيت‏.‏

وأبو الكرم علي بن عبد الكريم بن أبي العلاء العباسي الهمذاني العطار مسند همذان‏.‏

حدث سنة خمس وثمانين عن أبي غالب العدل وفيد الشعراني‏.‏

وجاكير الزاهد القدوة أحدشيوخ العراق واسمه محمد بن رستم الكردي الحنبلي‏.‏

له أصحاب وأتباع وأحوال وكرامات‏.‏

سنة إحدى وتسعين وخمس مائة فيها كانت وقعة الزلاقة بالأندلس

بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وبين الفنش المتغلب على أكثر جزيرة الأندلس‏.‏

فدخل يعقوب وعدي من زقاق سبتة في مائة ألف وأما المطوعة فقل ما شئت‏.‏

وأقبل الفنش في مائتي ألف وأربعين ألفًا‏.‏

فانتصر الإسلام وانهزم الكلب في عدد يسير وقتل من الفرنج كما أرخ أبو شامة وغيره مائة ألف وستة وأربعون ألفًا وأسر ثلاثون ألفًا وغنم المسلمون غنيمة لم يسمع بمثلها حتى أبيع السيف بنصف درهم والحصان بخمسة دراهم والحمار بدرهم وذلك في تاسع شعبان‏.‏

فهؤلاء جاهدوا‏.‏

وأما آل أيوب فسار الملك العزيز ولد صلاح الدين من مصر فنزل بحوران ليأخذ دمشق من أخيه الأفضل‏.‏

فنجد الأفضل عمه العادل‏.‏

فرد العزيز وتبعاه فدخل القاضي الفاضل في الصلح وأقام العادل بمصر فعمل نيابة السلطنة ورد الأفضل‏.‏

وفيها توفي ذاكر بن كامل الخفاف البغدادي أخو المبارك‏.‏

سمعه أخوه من أبي علي الباقرجي وأبي علي بن المهدي وابي سعد بن الطيوري والكبار وكان صالحًا خيرًا صوامًا توفي في رجب‏.‏

وأبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي المصري الفقيه النحوي‏.‏

قرأ القراءات على ابن الحطئة وسمع من جماعة وتصدر بجامع مصر وتوفي في ربيع الآخر‏.‏

وآخر أصحابه الكمال الضرير‏.‏

وأبو محمد بن عبيد الله الحجري الأندلسي الحافظ الزاهد القدوة أحد الأعلام عبد الله بن محمد بن علي عبد الله بن عبيد الله المريي‏.‏

ولد سنة خمس وخمس مائة‏.‏

قرأ الصحيح للبخاري عن شريح وسمع فأكثر عن أبي الحسن بن مغيث وابن العربي والكبار وتفنن في العلوم وبرع في الحديث وطال عمره وشاع ذكره‏.‏

وكان قد سكن سبتة فاستدعاه السلطان إلى مراكش ليسمع منه‏.‏

توفي في أول صفر‏.‏

سنة اثنتين وتسين وخمس مائة فيها قدم العزيز دمشق مرة ثالثة ومعه عمه العادل فحاصرا دمشق مدة ثم خامر جند الأفضل عليه ففتحوا لهما فدخلا في رجب وزال ملك الأفضل وأنزل في صرخد ورد العزيز وبقي العادل بدمشق وخطب بها للعزيز قليلًا‏.‏

وكانت دار الأمير أسامة بجنب تربة صلاح الدين فأمر العزيز القاضي محيي الدين بن الزكي أن يبنيها له مدرسة ففعل‏.‏

وفيها سار خوارزم شاه علاء الدين فوصل إلى همذان وطلب السلطنة من الخليفة وأن يجبيء بغداد همذان وطلب السلطنة من الخليفة وأن يجبيء بغداد ويكون سلطانًا بها مع الناصر‏.‏

فانزعج الناصر والرعية وغلت الأسعار‏.‏

وفيها التقى يعقوب صاحب المغرب والفنش فهزمه أيضًا يعقوب ولله الحمد‏.‏

وساق وراءه إلىطليطلة وحاصره وضربها بالمجانيق‏.‏

فخرجت والدة الفنش وحريمه وبكين بين يدي يعقوب فرق لهن ومن عليهن‏.‏

ولولا ابن غانية الملثم وهيجه ببلاد المغرب لافتتح يعقوب عدة مدائن وفيها توفي أحمد بن طارق أبو الرضا الكركي ثم البغدادي التاجر المحدث‏.‏

سمع من ابن ناصر وأبي الفضل الأرموي وطبقتهما فأكثر ورحل إلى دمشق ومصر وهو من كرك نوح‏.‏

وكان شيعيًا جلدًا‏.‏

والشيخ السديد شيخ الطب بالديار المصرية شرف الدين عبد الله بن علي‏.‏

أخذ الصناعة عن الموفق بن العين زربي‏.‏

وخدم العاضد صاحب مصر ونال الحرمة والجاه العريض‏.‏

وعمر دهرًا‏.‏

أخذ عنه نفيس الدين بن الزبير‏.‏

وحكي بعضهم أن الشيخ السديد حصل له في يوم واحد ثلاثون ألف دينار‏.‏

وحكي عنه ابن الزبير تلميذه أنه طهر ولدي الحافظ لدين الله فحصل له من الذهب نحو خمسين ألف دينار‏.‏

وعبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد الصابوني المالكي الخفاف الحنبلي أبو محمد الضرير‏.‏

سمعه أبوه من أبي علي الباقرحي وعلى بن عبد الواحد الدبنوري وطائفة‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

وأبو الغنائم بن المعلم شاعر العراق محمد بن علي بن فارس الواسطي‏.‏

توفي في رجب وقد نيف على التسعين‏.‏

وابن القصاب الوزير الكبير مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن علي البغدادي المنشىء البليغ‏.‏

وزر وسار بالعساكر ففتح همذان وإصبهان وحاصر الري وصارت له هيبة وعظمة في النفوس‏.‏

توفي بظاهر همذان في شعبان وقد نيف على السبعين ورد العسكر‏.‏

فلما جاء خوارزم شاه بيته وحز رأسه وطوف به بخراسان‏.‏

والمجير الإمام أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي ثم البغدادي الفقيه الشافعي أحد الأذكياء والمناظرين تفقه على أبي منصور بن الرزاز وأخذ علم النظر عن أبي الفتوح محمد بن الفضل الأسفراييني وصار المشار إليه في زمانه والمقدم على أقرانه‏.‏

حدث عن ابن الحصين وجماعة‏.‏

ودرس بالنظامية‏.‏

وكان ذكيًا طوالًا نبيلًا غواصًا على المعاني‏.‏

قدم دمشق وبنيت له مدرسةجاروخ ثم توجه إلى شيراز وبني له ملكها مدرسة ثم أحضره ابن القصاب وقدمه‏.‏

ويوسف بن معالي الأطرابلسي ثم الدمشقي الكتاني البزاز المقرئ‏.‏

روى عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة‏.‏

توفي في شعبان سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة في شوال افتتح العادل يافا عنوة‏.‏

وكان لها مدة في يد الفرنج‏.‏

وفيها أخذت الفرنج من المسلمين بيروت‏.‏

وهرب أميرها عز الدين سامة إلى صيدا‏.‏

وفيها توفي سيف الإسلام الملك العزيز طغتكين بن أيوب بن شاذي أرسله أخوه صلاح الدين فتملك اليمن‏.‏

وكان بها نواب أخيهما شمس الدولة‏.‏

أنشأها في شوال وتملك بعده ابنه إسماعيل الذي سفك الدماء وظلم وعسف وادعى أنه أموي‏.‏

وابو بكر بن الباقلاني مقرىء العراق عبد الله بن منصور ابن عمران الربعي الواسطي تلميذ أبي العز القلانسي وآخر أصحابه‏.‏

روى الحديث عن خميس الجوزي وأبي عبد الله البارع‏.‏

وطائفة‏.‏

توفي في سلخ ربيع الأول وله ثلاث وتسعون سنة وثلاثة أشهر‏.‏

والجلال عبيد الله بن يونس البغدادي الوزير‏.‏

تفقه وقرأ الأصول والكلام وقرأ القراءات على أبي العلاء العطار وسمع من أبي الوقت وصنف كتابًا في الكلام والمقالات ثم توكل لأم الخليفة ثم توفي وعظم قدره وولي وزارة الناصر لدين الله والتقى طغريل فانكسر عسكر الخليفة وجرت لابن يونس أمور ونجا‏.‏

وقدم بغداد فاختفى ثم ظهر وولي الأستاذ دارية ثم حبس حتى مات‏.‏

وقاضي القضاة أبو طالب علي بن علي بن هبة الله بن محمد بن النجاري البغدادي الشافعي‏.‏

سمع من أبي الوقت وولي القضاء سنة اثنتين وثمانين ثم عزل ثم أعيد سنة تسع وثمانين‏.‏

ومحمد بن حيدرة بن أبي البركات عمر بن إبراهيم بن محمد أبو المعمر الحسيني الزيدي الكوفي‏.‏

سمع من جده‏.‏

وهو آخر من حدث عن أبي النرسي‏.‏

وكان رافضيًا‏.‏

وناصر بن محمد الزيرج أبو الفتح الإصبهاني القطان‏.‏

روى الكثير عن جعفر الثقفي وإسماعيل بن الفضل الإخشيد‏.‏

وخلق‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

أكثر عنه الحافظ ابن خليل‏.‏

ويحيى بن أسعد بن بوش أبو القاسم الأزجي الحنبلي الخباز‏.‏

سمع الكثير من أبي طالب اليوسفي‏.‏

وأبي سعد بن الطيوري وأبي علي الباقرجي وطائفة‏.‏

وكان عاميًا‏.‏

مات شهيدًا‏.‏

غص بلقمة فمات في ذي القعدة عن بضع وثمانين سنة‏.‏

له إجازة من ابن بيان‏.‏

سنة أربع وتسعين وخمس مائة فيها استولى علاء الدين خوارزم شاه تكش على بخارا‏.‏

وكانت لصاحب الخطا لعنه الله‏.‏

وجرى له معه حروب وخطوب‏.‏

ثم انتصر تكش‏.‏

وقتل خلق من الخطا‏.‏

وفيها نازل العادل ماردين وحاصرها أشهرًا‏.‏

وفيها توفي أبو علي الفارسي الزاهد واسمه الحسن بن مسلم زاهد العراق في زمانه‏.‏

تفقه وسمع من أبي البدر الكرخي‏.‏

متبتلًا في العبادة كثير البكاء دائم المراقبة‏.‏

يقال إنه من الأبدال‏.‏

زاره الخليفة الناصر غير مرة‏.‏

توفي في المحرم وقد بلغ التسعين‏.‏

وصاحب سنجار الملك عماد الدين زنكي بن قطب الدين مودود بن أتابك زنكي‏.‏

تملك حلب بعد ابن عمه الصالح إسماعيل‏.‏

فسار السلطان صلاح الدين ونازله ثم أخذ منه حلب وعوضه بسنجار فملكها إلى هذا الوقت ونجد صلاح الدين على عكا‏.‏

وكان عادلًا متواضعًا موصوفًا بالبخل‏.‏

وتملك بعده ابنه قطب الدين محمد‏.‏

وأبو الفضائل الكاغدي الخطيب عبد الرحيم ابن محمد الإصبهاني المعدل‏.‏

روى عن أبي علي الحداد وعدة‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

وعلي بن سعيد بن فاذشاه أبو طاهر الإصبهاني‏.‏

روى عن الحداد أيضًا‏.‏

ومات في شهر ربيع الأول‏.‏

وفوام الدين بن زبادة يحيى بن سعيد بن هبة الله الواسطي ثم البغدادي‏.‏

صاحب ديوان الإنشاء ببغداد ومن انتهى إليه رئاسة الترسل مع معرفته بالفقه والأصول والكلام والنحو والشعر‏.‏

أخذ عن ابن الجواليقي وحدث عن علي بن الصباغ والقاضي الأرجاني‏.‏

وولي نظر واسط‏.‏

ثم ولي حجابة الحجاب‏.‏

ثم الأستاذ دارية وغير ذلك‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

سنة خمس وتسعين وخمس مائة فيها بعث الخليفة خلع السلطنة إلى خوارزم شاه‏.‏

وفيها أخرج ابن الجوزي من سجن واسط وتلقاه الناس وبقي في المطمورة خمس سنين‏.‏

وفيها كانت فتنة الفخر الرازي صاحب التصانيف‏.‏

وذلك أنه قدم هراة ونال إكرامًا عظيمًا من الدولة‏.‏

فاشتد ذلك على الكرامية‏.‏

فاجتمع يومًا هو والقاضي الزاهد مجد الدين ابن القدوة فتناظرا ثم استطال فخر الدين علي ابن القدوة وشتمه وأهانه‏.‏

فلما كان من الغد جلس ابن عم مجد الدين فوعظ الناس وقال‏:‏ ‏{‏ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين‏}‏ أيها الناس‏.‏

لا نقول إلا ماصح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأما قول أرسطو وكفريات ابن سينا وفلسفة الفارابي فلا نعلمها‏.‏

فلأي شيء يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الأسلام يذب عن دين الله وبكى فأبكى الناس‏.‏

وضجت الكرامية وثاروا من كل ناحية وحميت الفتنة‏.‏

فأرسل السلطان الجند وسكنهم‏.‏

وأمر الرازي بالخروج‏.‏

وفيها كانت بدمشق الحافظ عبد الغني‏.‏

وكان أمارًا بالمعروف داعية إلى السنة‏.‏

فقامت عليه الأشعرية وأفتنوا بقتله‏.‏

فأخرج من دمشق طريدًا‏.‏

وفيها مات العزيز صاحب مصر وأقيم ولده علي‏.‏

فاختلف الأمراء وكاتب بعضهم الأفضل‏.‏

فسار من صرخا إلى مصر وعمل نيابة السلطنة‏.‏

ثم سار بالجيوش ليأخذ دمشق من عمه فأحرق العادل الحواضر والنيرب‏.‏

ووقع الحصار‏.‏

ثم دخل الأفضل من باب السلامة وفرحت به العامة وحوصرت القلعة مدة‏.‏

وفيها توفي عبد الخالق بن هبة الله أبو محمد الحريمي بن البندار الزاهد‏.‏

روى عن ابن الحصين وجماعة‏.‏

قال ابن النجار‏:‏ كان يشبه الصحابة‏.‏

مارأيت مثله‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

والملك العزيز أبو الفتح عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب مصر‏.‏

توفي في المحرم عن ثمان وعشرين سنة‏.‏

وكان شابًا مليحًا ظريف الشمائل قويًا ذا بطش وأيد وكرم وحياء وعفة‏.‏

بلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة وبلغ من عفته أنه كان له غلام بألف دينار فحل لباسه ثم وفق فتركه وأسرع إلى سرية له فافتضها‏.‏

وخرج وأمر الغلام بالتستر وأقيم بعده ابنه وهو مراهق‏.‏

وابن رشد الحفيد‏.‏

هو العلامة أبو الوليد محمد بن أحمد بن العلامة المفتي أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي‏.‏

أدرك من حياة جده شهرًا سنة عشرين‏.‏

تفقه وبرع وسمع الحديث وأتقن الطب‏.‏

ثم أقبل على الكلام والفلسفةحتى صار يضرب به المثل فيها‏.‏

وصنف التصانيف مع الذكاء المفرط والملازمة للاشتغال ليلًا ونهارًا‏.‏

وتواليفه كثيرة في الفقه والطب والمنطق الرياضي والطبيعي والإلهي‏.‏

توفي في صفر بمراكش‏.‏

وأبو جعفر الطرطوسي محمد بن إسماعيل الإصبهاني الحنبلي‏.‏

سمع أبا علي الحداد ويحيى بن منده وابن طاهر ومحمود بن اسماعيل وطائفة‏.‏

وتفرد في عصره‏.‏

توفي في جمادى الآخرة عن

وأبو بكر بن زهر محمد بن عبد الملك بن زهر الأيادي الإشبيلي شيخ الطب وجالينوس العصر‏.‏

ولد سنة سبع وخمس مائة وأخذ الصناعة عن جده أبي العلاء زهر بن عبد الملك‏.‏

وبرع ونال تقدمًا وحظوة عند السلاطين وحمل الناس عنه تصانيفه‏.‏

وكان جوادًا ممدحًا محتشمًا كثير العلوم‏.‏

قيل إنه حفظ صحيح البخاري كله وحفظ شعر ذي الرمة‏.‏

وبرع في اللغة‏.‏

توفي بمراكش في ذي الحجة‏.‏

والجمال أبو الحسن مسعود بن أبي منصور بن محمد الإصبهاني الخياط‏.‏

روى عن الحداد ومحمود الصيرفي وحضر غانمًا البرجي وأجاز له عبد الغفار الشيروي توفي في شوال‏.‏

ومنصور بن أبي الحسن الطبري أبو الفضل الصوفي الواعظ‏.‏

تفقه وتفنن وسمع من زاهر الشحامي وعبد الجبار الخواري وجماعة‏.‏

وهو ضعيف في روايته لمسلم عن الفراوي‏.‏

توفي بدمشق في ربيع الآخر‏.‏

وجمال الدين بن فضلان العلامة أبو القاسم يحيى بن علي البغدادي الشافعي‏.‏

عاش ثمانين سنة‏.‏

وروى عن أبي غالب ابن البنا‏.‏

وكان من أئمة علم الخلاف والجدل مشارًا إليه في ذلك‏.‏

ارتحل إلى محمد بن يحيى صاحب الغزالي مرتين‏.‏

وكان يجري له وللمجير البغدادي بحوث ومحافل‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

والمنصور أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي الملقب بأمير المؤمنين‏.‏

بويع سنة ثمانين بعد أبيه وسنة اثنتان وثلاثون سنة‏.‏

وكان صافي اللون جميلًا أعين أفوه أقنى أكحل مستدير اللحية ضخمًا جهوري الصوت جزل الألفاظ كثير الإصابة بالظن والفراسة خبيرًا ذكيًا شجاعًا محبًا للعلوم كثير الجهاد ميمون النقيبة ظاهري المذهب معاديًا لكتب الفقه والراي‏.‏

أباد منها شيئًا كثيرًا بالحريق‏.‏

وحمل الناس على التشاغل بالأثر‏.‏

سنة ست وتسعين وخمس مائة فيها تسلطن علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش بعد موت أبيه علاء الدين‏.‏

‏.‏

‏.‏

وفيها كانت دمشق محاصرة وبها العادل وعليها الأفضل والظاهر ابن صلاح الدين وعساكرهما نازلة قد خندقوا عليهم من أرض اللوان إلى يلدا خوفًا من كبسة عسكر العادل‏.‏

ثم ترضوا عنها ورد الظاهر إلى حلب وسار الأفضل إلى مصر‏.‏

فساق وراءه وأدركه عند الغرابي‏.‏

ثم تقدم عليه وسبقه إلى مصر‏.‏

فرجع الأفضل منحوسًا إلى صرخد وغلب العادل على مصر وقال‏:‏ هذا صبي‏.‏

وقطع خطبته‏.‏

ثم أحضر ولده الكامل وسلطنه على الديار المصرية في أواخر السنة فلم ينطق أحد من الأمراء وسهل له ذلك اشتغال أهل مصر بالقحط‏.‏

فإن فيها كسر النيل من ثلاثة عشر ذراعًا إلا ثلاثة أصابع واشتد الغلاء وعدمت الأقولت وشرع الوباء وعظم الخطب إلى أن آل بهم الأمر إلى أكل الآدميين الموتى‏.‏

وفيها توفي أبو جعفر القرطبي أحمد بن علي بن أبي بكر المقرئ الشافعي إمام الكلاسة وأبو إمامها‏.‏

ولد سنة ثمان وعشرين بقرطبة‏.‏

وسمع بها من أبي الوليد الدباغ وقرأ القراءات على أبي بكر بن صيف ثم حج وقرأ القراءات بالموصل على ابن سعدون القرطبي ثم قدم دمشق فأكثر عن الحافظ بن عساكر وكتب الكثير وكان عبدًا صالحًا خبيرًا بالقراءات‏.‏

وأبو إسحاق العراقي العلامة إبراهيم بن منصور المصري الخطيب‏.‏

شيخ الشافعية بمصر‏.‏

شرح كتاب المهذب ولقب بالعراقي لاشتغاله ببغداد‏.‏

وإسماعيل بن صالح بن ياسين أبو الطاهر الشارعي المقرئ الصالحي‏.‏

روى عن أبي عبد الله الرازي مشيخته وسداسياته توفي في ذي الحجة‏.‏

وأبو سعيد الراراني خليل بن أبي الرجاء بدر بن ثابت الإصبهاني الصوفي‏.‏

ولد سنة خمس مائة وروى عن الحداد ومحمود الصيرفي وطائفة‏.‏

توفي في ربيع الآخر‏.‏

تفرد بعدة أجزاء‏.‏

وعلاء الدين خوارزم شاه تكش بن خوارزم شاه أرسلان ابن المز بن محمد بن نوشتكين سلطان الوقت‏.‏

ملك من السند والهند وما وراء النهر إلى خراسان إلى بغداد‏.‏

وكان جيشه مائة ألف فارس‏.‏

وهو الذي أزال دولة بني سلجوق‏.‏

وكان حاذقًا يلعب بالعود‏.‏

ذهبت عينه في بعض حروبه‏.‏

وكان شجاعًافارسًا عالي الهمة‏.‏

تغيرت نيته للخليفة وعزم على قصد العراق‏.‏

وسار فجاءه الموت فجأة بدهستان في رمضان وحمل إلى خوارزم‏.‏

وقيل كان عنده ادب ومعرفة بمذهب أبي حنيفة‏.‏

مات بالخوانيق‏.‏

وقام بعده ولده قطب الدين محمد‏.‏

ولقبوه بلقب أبيه‏.‏

ومجد الدين طاهر بن نصر الله بن جهيل الكلابي الحلبي الشافعي الفرضي مدرس مدرسة صلاح الدين بالقدس وله أربع وستون سنة‏.‏

وهو أحد من قام على السهروردي الفيلسوف وأفتى بقتله‏.‏

والقاضي الفاضل أبو علي عبد الرحيم بن علي بن الحسن اللخمي البيساني ثم العسقلاني ثم المصري محيي الدين صاحب ديوان الإنشاء وشيخ البلاغة‏.‏

ولد سنة تسع وعشرين وخمس مائة وقيل إن مسودات رسائله لو جمعت لبلغت مائة مجلدة‏.‏

وقيل إن كتبه بلغت مائة ألف مجلد‏.‏

وكان له حدبة يخفيها بالطيلسان وله آثار جميلة وأفعال حميدة وديانة متينة وأوراد كثيرة‏.‏

وكان كثير الأموال يدخله في السنة من مغله ورزقه خمسون ألف دينار‏.‏

توفي في سابع ربيع الآخر‏.‏

وعبد اللطيف بن أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري ثم البغدادي شيخ الشيوخ‏.‏

كان صوفيًا عاميًا‏.‏

روى عن قاضي المرستان وابن السمر قندي‏.‏

حج وقدم دمشق فمات بها في ذي الحجة‏.‏

وابن كليب مسند العراق أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد الحراني ثم البغدادي الحنبلي التاجر‏.‏

ولد في صفر سنة خمس مائة وسمع من ابن بيان وابن نبهان وابن بدران الحلواني وطائفة‏.‏

وتوفي في ربيع الأول ممتعًا بحواسه‏.‏

والأثير أبي الطاهر محمد بن محمد بن أبي الطاهر محمد بن بنان الأنباري ثم المصري الكاتب‏.‏

روى عن أبي صادق مرشد المديني وغيره وروى ببغداد صحاح الجوهري عن أبي البركات العراقي‏.‏

وعمر وزالت رئاسته‏.‏

توفي في ربيع الآخر وله تسع وثمانون سنة‏.‏

والشهاب الطوسي أبو الفتح محمد بن محمود نزيل مصر وشيخ الشافعية‏.‏

توفي بمصر عن أربع وسبعين سنة‏.‏

درس وأفتى ووعظ وصنف وتخرج به الأصحاب وكان يركب بالغاشية والسيوف المسللة وبين يديه من ينادي‏:‏ هذا ملك العلماء‏.‏

وكان رئيسًا معظمًا وافر الهيبة يحمق بظرافة ويتيه على الملوء بصنعة‏.‏

وكان صاحب حرمة في القيام على الحنابلة ونصر الأشاعرة‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

وابن زريق الحداد أبو جعفر المبارك بن المبارك بن أحمد الواسطي شيخ الإقراء‏.‏

ولد سنة تسع وخمس مائة وقرأ على أبيه وعلي سبط الخياط وسمع من أبي علي الفارقي وأبي علي بن علي بن شيران‏.‏

وأجاز له خميس الحوزي وطائفة توفي في رمضان‏.‏

سنة سبع وتسعين وخمس مائة فيها كان الجوع والموت المفرط بالديار المصرية وجرت أمور تتجاوز الوصف ودام ذلك إلى نصف العام الآتي فلو قال القائل‏:‏ مات ثلاثة أرباع أهل الإقليم لما أبعد‏.‏

والذي دخل تحت قلم الحشرية في مدة اثنين وعشرين شهرًا مائة ألف وأحد عشر ألفًا بالقاهرة‏.‏

وهذا نزر في جنب ماهلك بمصر والحواضر وفي البيوت والطرق ولم يدفن‏.‏

وكله نزر في جنب ما هلك بالإقليم‏.‏

وقيل إن مصر كان بها تسع مائة منسج للحصر فلم يبق إلا خمسة عشر منسجًا‏.‏

فقس على هذا‏.‏

وبلغ الفروج مائة درهم ثم عدم الدجاج بالكلية لولا ما جلب من الشام‏.‏

وأما أكل لحوم الآدميين فشاع وتواتر‏.‏

وفي شعبان كانت الزلزلة العظمى التي عمت اكثر الدنيا‏.‏

قال أبو شامة‏:‏ مات بمصر خلق تحت الهدم‏.‏

قال‏:‏ ثم هدمت نابلس‏.‏

وذكر خسفًا عظيمًا إلى أن قال‏:‏ من هلك في السنة فكان ألف ومائة ألف ألف‏.‏

وفيها كاتبت الأمراء بمصر الأفضل والظاهر وكرهوا العادل وتطيروا بكعبه‏.‏

فاسرع الأفضل إلى حلب‏.‏

فخرج معه أخوه واتفقا على أن تكون دمشق للأفضل ثم يسيران إلى مصر فإذا تملكاها استقر بها الأفضل وتبقى بالشام كلها للظاهر‏.‏

فنازلوا دمشق في ذي القعدة وبها المعظم وقدم أبوه إلى نابلس فاستمال الأمراء وأوقع بين الأخوين‏.‏

وكان من دهاة الملوك‏.‏

فترحلوا‏.‏

وكان بخراسان فتن وحروب ضخمة على الملك‏.‏

وفيها توفي اللبان القاضي العدل أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد التيمي الإصبهاني مسند العجم‏.‏

مكثر عن أبي علي الحداد‏.‏

وله إجازة عن عبد الغفار الشيروي‏.‏

توفي في آخر العام‏.‏

وتميم بن أحمد بن أحمد البندنيجي الأزجي أبو القاسم مفيد بغداد ومحدثها‏.‏

كتب الكثير وعني بهذا الشأن‏.‏

وحدث عن أبي بكر بن الزاغوني وطبقته‏.‏

وظافر بن الحسين أبو المنصور الأزدي المصري شيخ المالكية‏.‏

كان منتصبًا للإفادة والفتيا‏.‏

انتفع به بشر كثير‏.‏

توفي بمصر في جمادى الآخرة‏.‏

وأبو محمد بن الطويلة عبد الله بن أبي بكر بن المبارك بن هبة الله البغدادي‏.‏

روى عن ابن وأبو الفرج بن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي الحافظ الكبير جمال الدين التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ المتفنن صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في أنواع العلم من التفسير والحديث والفقه والزهد والوعظ والأخبار والتاريخ والطب وغير ذلك‏.‏

ولد سنة عشر وخمس مائة أو قبلها‏.‏

وسمع من علي بن عبد الواحد الدينوري وابن الحصين وأبي عبد الله البارع وتتمة سبع وثمانين نفسًا‏.‏

ووعظ في صغره وفاق فيه الأقران ونظم الشعر المليح وكتب بخطه ما لا يوصف ورأى من القبول والاحترام ما لا مزيد عليه وحكى غير مرة أن مجلسه حزر بمائة ألف وحضر مجلسه الخليفة المستضيء مرات من وراء الستر‏.‏

توفي في ثالث عشر رمضان‏.‏

وابن ملاح الشط عبد الرحمن بن محمد بن أبي ياسر البغدادي‏.‏

روى عن ابن الحصين والكبار توفي في شوال‏.‏

وقراقوش الأمير الكبير الخادم بهاء الدين الأبيض فتى الملك أسد الدين شيركوه‏.‏

كان خصيًا وقد وضعوا عليه خرافات ولولا وثوق صلاح الدين بعقله لما سلم إليه عكا وغيرها‏.‏

وكانت له رغبة في الخير وآثار حسنة‏.‏

والكراني أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الإصبهاني الخباز المعمر توفي في شوال وقد

استكمل مائة عام‏.‏

سمع الكثير من الحداد ومحمودالصيرفي وغيرهما‏.‏

وكران محلة معروفة بإصبهان‏.‏

والعماد الكاتب الوزير العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد ابن محمد الإصبهاني ويعرف بإبن أخي العزيز‏.‏

ولد سنة تسع عشرة بإصبهان وتفقه ببغداد على ابن الرزاز وأتقن الفقه والخلاف والعربية وسمع من علي بن الصباغ وطبقته وأجاز له ابن الحصين والفراوي ثم تعانى الكتابة والترسل والنظم وفاق الأقران وحاز قصب السبق وولاه ابن هبيرة نظر واسط وغيرها ثم قدم دمشق بعد الستين وخمس مائة وخدم في ديوان الإنشاء فبهر الدولة ببديع نثره ونظمه وترقى إلى أعلى المراتب ثم عظمت رتيته في الدولات الصلاحية وما بعدها‏.‏

وصنف التصانيف الأدبية وختم به هذا الشأن‏.‏

توفي في أول رمضان ودفن بمقابر الصوفية رحمه الله‏.‏

وابن الكيال أبو عبد الله محمد بن محمد بن هارون البغدادي ثم الحلي البزاز‏.‏

أحد القراء الأعيان‏.‏

ولد سنة خمس عشرة وخمس مائة وقرأالقراءات على سبط الخياط ودعوان وأبي الكرم الشهرزوري‏.‏

وأقرأ بالحلة زمانًا‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

وأبو شجاع بن المقرون محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي البغدادي‏.‏

أحد أئمة القراء‏.‏

قرا على سبط الخياط وأبي الكرم وسمع من أبي الفتح بن البيضاوي وطائفة ولقي خلقًا لايحصون‏.‏

وكان صالحًا عابدًا ورعًا مجاب الدعوة يتقوت من كسب يده‏.‏

وكان من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر‏.‏

توفي في ربيع الآخر‏.‏

ويوسف بن عبد الرحمن بن غصن أبو الحجاج‏:‏ الإشبيلي‏.‏

أخذ القراءات عن شريح وجماعة وحدث عن ابن ا لعربي وتصدر للإقراء وكان آخر من قرأ القراءات على شريح‏.‏

توفي في هذا العام أو في حدوده‏.‏

سنة ثمان وتسعين وخمس مائة فيها تغلب قنادة بن إدريس الحسني على مكة وزالت دولة بني فليتة وفيها توفي أحمد بن ترمش البغدادي الخياط نقيب القاضي‏.‏

روى عن قاضي المرستان والكروخي وجماعة وتوفي بحلب‏.‏

وأسعد بن أحمد بن أبي غانم الثقفي الإصبهاني الضرير‏.‏

سمع هو وأخوه زاهر الثقفي مسند أبي يعلى من أبي عبد الله الخلال‏.‏

وسمع هو من جعفر بن عبد الواحد الثقفي وجماعة وكان فقيهًا معدلًا‏.‏

والمؤيد أبو المعالي أسعد بن العميد أبي يعلى بن القلانسي التميمي الدمشقي الوزير‏.‏

روى عن نصر الله المصيصي وغيره ومات في ربيع الأول وكان صدر البلد‏.‏

والملك المعز إسماعيل بن سيف الإسلام طغتكين بن نجم الدين أيوب صاحب اليمن وابن صاحبها‏.‏

كان مجرمًا مصرًا على الخمر والظلم‏.‏

ادعى أنه أموي وخرج وعزم على الخلافة فوثب عليه أخوان من أمرائه فقتلاه‏.‏

ويقال إنه ادعى النبوة ولم يصح‏.‏

وولي بعده أخ له صبي اسمه الناصر أيوب‏.‏

والخشوعي مسند الشام أبو طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الدمشقي الأنماطي‏.‏

ولد في صفر سنة عشر وأكثر عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة وأجاز له الحريري وأبو صادق المديني وخلق من العراق والمصريين والإصبهانيين‏.‏

وعمر دهرًا وبعد صيته ورحل إليه‏.‏

وكان صدوقًا‏.‏

توفي في سابع صفر‏.‏

وحماد بن هبة الله الحافظ أبو الثناء الحراني التاجر السفار‏.‏

ولد سنة إحدى عشرة وسمع ببغداد من إسماعيل بن السمرقندي وبهراة من عبد السلام بكبره وبمصر من ابن رفاعة وعمل بعض تاريخ حران أو كله توفي في ذي الحجة بحران‏.‏

وعبد الله بن أحمد بن أبي المجد أبو محمد الحربي الإسكافي‏.‏

روى المسند عن ابن الحصين وأبو بكر عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عطية المحاربي الغرناطي المالكي المفتي تفرد بإجازة غالب بن عطية أخو جدهم وأبي محمد بن عتاب‏.‏

وسمع من القاضي عياض والكبار‏.‏

وهو من بيت علم ورواية‏.‏

وأبو الحسن العمري عبد الرحمان بن أحمد بن محمد البغدادي القاضي‏.‏

أجاز له أبو عبد الله البارع وسمع من ابن الحصين وطائفة‏.‏

وناب في الحكم‏.‏

توفي في صفر‏.‏

وزين القضاة أبو بكر عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى بن علي القرشي الدمشقي الشافعي‏.‏

سمع من جده القاضي أبو الفضل يحيى بن الزكي وجماعة وأجاز له زاهر الشهامي وجماعة وكان نعم الرجل فقهًا وفضلًا ورئاسة وصلاحًا‏.‏

توفي في ذي الحجة‏.‏

وعبد الرحيم بن أبي القاسم الجرجاني أبو الحسن اخو زينب الشعرية‏.‏

ثقة صالح مكثر‏.‏

روى مسلمًا عن الفراوي والسنن والآثار عن عبد الجبار الخواري والموطأ من السيدي والسنن الكبير عن عبد الجبار الدهان وشعب الإيمان توفي في المحرم‏.‏

والدولعي خطيب دمشق ضياء الدين عبد الملك بن زيد بن ياسين التغلبي الموصلي الشافعي وله إحدى وتسعون سنة‏.‏

تفقه بدمشق وسمع من الفقيه نصر الله المصيصي وببغداد من الكروخي‏.‏

وكان مفتيًا خبيرًا بالمذهب‏.‏

خطب دهرًا ودرس بالغزالية وولي الخطابة بعده وعلي بن محمد بن علي بن يعيش سبط ابن الدامغاني‏.‏

روى عن ابن الحصين وزاهر‏.‏

توفي في صفر‏.‏

وكان متميزًا جليلًا لقيه ابن عبد الدائم‏.‏

ولؤلؤ الحاجب العادلي‏.‏

من كبار الدولة‏.‏

له مواقف حميدة بالسواحل‏.‏

وكان مقدم المجاهدين المؤيدين الذين ساروا لحرب الفرنج الذين قصدوا الحرم النبوي في البحر فظفروا بهم‏.‏

قيل إن لؤلؤ سار جازمًا بالنصر وأخذ معه قيودًا بعدد الملاعين وكانوا ثلاث مائة وشيئًا كلهم أبطال من الكرك والشوبك‏.‏

مع طائفة من العرب المرتدة‏.‏

فلما بقي بينهم وبين المدينة يوم أدركهم لؤلؤ وبذل الأموال للعرب‏.‏

فخامروا معه وذلت الفرنج واعتصموا بحبل‏.‏

فترجل لؤلؤ وصعد إليهم بالناس‏.‏

وقيل بل صعد في تسعة أنفس فهابوه وسلموا أنفسهم‏.‏

فصفدهم وقيدهم كلهم‏.‏

وقدم بهم مصر‏.‏

وكان يوم دخولهم مشهودًا وكان لؤلؤ أرمنيًا من غلمان القصر‏.‏

فخدم مع صلاح الدين مقدمًا للأسطول‏.‏

وكان أينما توجه فتح ونصر‏.‏

ثم كبر وترك الخدمة‏.‏

وكان يتصدق كل يوم بعدة قدور طعام وبإثني عشر ألف رغيف‏.‏

ويضعف ذلك في رمضان‏.‏

مات في صفر‏.‏

وابن الوزان عماد الدين محمد ابن الإمام أبي سعد عبد الكريم بن أحمد الرازي‏.‏

شيخ الشافعية بالري وصاحب شرح الوجيز‏.‏

توفي في ربيع الآخر‏.‏

وابن الزكي قاضي الشام محيي الدين أبو المعالي محمد ابن قاضي القضاة زكي الدين على ابن قاضي القضاة منتخب الدين محمد بن يحيى القرشي الشافعي‏.‏

ولد سنة خمسين وخمس مائة وروى عن الوزير الفلكي وجماعة‏.‏

وكان فقيهًا إمامًا طويل الباع في الإنشاء والبلاغة فصيحًا كامل السؤدد‏.‏

توفي في شعبان عن ثمان وأربعين سنة‏.‏

ومحمود بن عبد المنعم التميمي الدمشقي‏.‏

روى معجم ابن جميع عن جمال الإسلام‏.‏

وتوفي في جمادى الأولى‏.‏والسبط أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن أبي سعد الهمذاني سبط ابن لال‏.‏

روى عن أبيه وابن الحصين وخلق‏.‏

توفي في المحرم‏.‏

والبوصيري ابو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود الأنصاري الكاتب الأديب مسند الديار المصرية‏.‏

ولد سنة ست وخمس مائة وسمع من أبي صادق المديني ومحمد بن بركات السعيدي وطائفة وتفرد في زمانه ورحل إليه‏.‏

توفي في ثاني صفر‏.

سنة تسع وتسعين وخمس مائة تمكن العادل من الممالك

وأبعد الملك المنصور علي بن العزيز بن صلاح الدين وأسكنه بمدينة الرها‏.‏

وفيها رمي بالنجوم‏.‏

ورخ ذلك العز النسابة وسبط ابن الجوزي وغير واحد‏.‏

فأنبأني محفوظ بن البزوري في تاريخه‏.‏

قال‏:‏ في سلخ المحرم ماجت النجوم وتطايرت كتطاير الجراد ودام ذلك إلى الفجر وانزعج الخلق وضجوا بالدعاء ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفيها توفي أبو علي بن أشنانة الحسن بن إبراهيم بن منصور الفرغاني ثم البغدادي الصوفي‏.‏

روى عن ابن الحصين وغيره‏.‏

وتوفي في صفر‏.‏

وأبو محمد بن عليان عبد الله بن محمد بن عبد القاهر الحربي‏.‏

روى عن ابن الحصين وجماعة‏.‏

تغير من السوداء في آخر عمره مديدة‏.‏

وأبو القاسم بن موقا عبد الرحمن بن مكي بن حمزة الأنصاري المالكي التاجر مسند الإسكندرية وآخر من حدث عن أبي عبد الله الرازي‏.‏

توفي في ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة ومتع بحواسه‏.‏

وابن نجية الإمام أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نجا زين الدين الأنصاري الدمشقي الحنبلي الواعظ نزيل مصر‏.‏

ولد سنة ثمان وخمس مائة وسمع من علي بن أحمد بن قيس المالكي ورحل وحمل جامع الترمذي عن عبد الصبور الهروي‏.‏

وكان من رؤساء العلماء له وجاهة ودنيا واسعة وهمة عالية‏.‏

ترسل عن نور الدين إلى الديوان‏.‏

وكان يجري له وللشهاب الطوسي العجائب من أجل العقيدة‏.‏

توفي في رمضان عن إحدى وتسعين سنة‏.‏

وكان سبط الشيخ ابي الفرج الشيرازي‏.‏

وعلي بن حمزة أبو الحسن البغدادي الكاتب حاجب باب النوبي‏.‏

حدث بمصر عن ابن الحصين وتوفي في شعبان‏.‏

وغياث الدين الغوري سلطان غزنة أبو الفتح محمد بن سام بن حسين‏.‏

ملك جليل عادل محبب إلى رعيته كثير المعروف والصدقات تفرد بالممالك بعده أخوه السلطان شهاب الدين‏.‏

وابن الشهرزوري قاضي القضاة ضياء الدين أبو الفضائل القاسم بن يحيى بن أخي قاضي الشام كمال الدين‏.‏

ولي قضاء الشام بعد عمه قليلًا ثم لما تملك العادل سار إلى بغداد فولي بها القضاء والمدارس والأوقاف وارتفع شأنه عند الناصر لدين الله إلى الغاية ثم إنه خاف الدوائر فاستعفي وتوجه إلى الموصل ثم قدم حماة فولي قضاءها‏.‏

فعيب ذلك عليه‏.‏

وكان جوادًا ممدحًا له شعر جيد ورواية عن السلفي‏.‏

توفي بحماة في رجب عن خمس وستين سنة‏.‏

والزاهد أبو عبد الله القرشي محمد بن أحمد بن إبراهيم الأندلسي الصوفي أحد العارفين وأصحاب الكرامات والأحوال‏.‏

نزل بيت المقدس وبه توفي عن خمس وخمسين سنة وقبره وأبو بكر بن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك الأموي مولاهم المرسي المالكي القاضي‏.‏

أحد أئمة المذهب‏.‏

عرض المدونة على والده وله منه إجازة كما لأبيه إجازة أبي عمرو الداني‏.‏

وأجاز له أبو بحر بن العاص والكبار وأفتى ستين سنة وولي قضاء مرسية وشاطبة دفعات وصنف التصانيف وكان أسند من بقي بالأندلس‏.‏

توفي في المحرم‏.‏

والغزنوي الفقيه بهاء الدين أبو الفضل محمد بن يوسف الحنفي المقرئ‏.‏

روي عن قاضي المرستان وطائفة‏.‏

قرأ القراءات على سبط الخياط‏.‏

قرأ عليه بطرق المنهج السخاوي وأبو عمرو بن الحاجب‏.‏

ودرس المذهب‏.‏

توفي بالقاهرة في ربيع الأول‏.‏

وابن المعطوش مسند العراق أبو طاهر المبارك بن المبارك ابن هبة الله الحريمي العطار‏.‏

ولد سنة سبع وخمس مائة وسمع من أبي علي بن المهدي وأبي الغنائم بن المهتدي بالله وبه ختم حديثهما‏.‏

وسمع المسند كما رواه‏.‏

توفي في عاشر جمادى الأولى‏.‏

والبرهان الحنفي العلاء أبو الموفق مسعود بن شجاع الأموي الدمشقي مدرس النورية والخاتونية وقاضي العسكر‏.‏

كان صدرًا معظمًا مفتيًا رأسًا في المذهب‏.‏

ارتحل إلى بخارى وتفقه هناك وعمر دهرًا‏.‏

توفي في جمادى الآخرة وله تسعون إلا سنة‏.‏

وكان لا يغسل له فرجية بل يهبها ويلبس جديدة‏.‏

وابن الطفيل أبو يعقوب يوسف بن هبة الله بن محمود الدمشقي الصوفي‏.‏

شيخ صالح له عناية بالرواية‏.‏

رحل إلى بغداد وسمع من أبي الفضل الأرموي وابن ناصر وطبقتهما‏.‏

وأسمع ابنه عبد الرحيم من السلفي‏.‏

سنة ست مائة فيها أخذ صاحب الموصل تلعفر من ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار‏.‏

فاستنجد القطب بجاره الملك الأشرف موسى وهو بخراسان‏.‏

فسار معه وعمل مصافًا مع صاحب الموصل نور الدين‏.‏

فكسره الأشرف وأسر جماعة من أمرائه ثم اصطلحا في آخر العام‏.‏

وتزوج الأشرف بأخت صاحب الموصل وهي الجهة الأتابكية صاحبة التربة والمدرسة بالجبل‏.‏

وفيها أخذت الفرنج فوة واستباحوها‏.‏

دخلوا من فم رشيد في النيل‏.‏

فلا حول ولاقوة إلا بالله‏.‏

وهي بليدة حسنة تكون يقدر زوع‏.‏

وفيها توفي العلامة أبو الفتوح العجلي منتجب الدين أسعد بن أبي الفضائل محمود بن خلف الإصبهاني الشافعي الواعظ‏.‏

شيخ الشافعية‏.‏

عاش خمسًا وثمانين سنة‏.‏

وروى عن فاطمة الجوزدانية وجماعة‏.‏

وكان يقتنع وينسخ‏.‏

له كتاب مشكلات الوجيز وكتاب تتمة التتمة‏.‏

وترك الوعظ وألف كتاب آفاق الوعاظ‏.‏

وبقاء بن عمر بن جند أبو المعمر الأزجي الدقاق ويسمى أيضًا المبارك‏.‏

روى عن ابن الحصين وجماعة توفي في ربيع الآخر‏.‏

وأبو الفرج بن اللحية جابر بن محمد بن يونس الحموي ثم الدمشقي التاجر‏.‏

روى عن الفقيه نصر الله المصيصي وغيره‏.‏

وابن شرقيني أبو القاسم شجاع بن معالي البغدادي الغراد القصباني‏.‏

روى عن ابن الحصين وجماعة‏.‏وتوفي في ربيع الآخر‏.‏

وأبو سعد بن الصفار عبد الله ابن العلامة أبي حفص عمر بن أحمد ابن منصور النيسابوري الشافعي‏.‏

فقيه متبحر أصولي عامل بعلمه‏.‏

ولد سنة ثمان وخمس مائة وسمع من جده لأمه أبي نصر القشيري‏.‏

سمع سنن الدار قطني بفوت من أبي القاسم الأبيوردي وسمع سنن أبي داود من عبد الغافر بن إسماعيل وسمع من طائفة كتبًا كبارًا‏.‏

توفي في شعبان أو رمضان وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏

والحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور الإمام تقي الدين أبو محمد المقدسي الجماعيلي الحنبلي ولد سنة إحدى وأربعين وخمس مائة وهاجر صغيرًا إلى دمشق بعد الخمسين فسمع أبا المكارم بن هلال وببغداد أبا الفتح بن البطي وبالإسكندرية من السلفي وطبقتهم ورحل إلى إصبهان فأكثر بها سنة نيف وسبعين‏.‏

وصنف التصانيف‏.‏

ولم يزل يسمع ويكتب إلى أن مات‏.‏

وإليه انتهى حفظ الحديث متنًا وإسنادًا ومعرفة بفنون مع الورع والعبادة والتمسك بالأثر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏

وسيرته في جزئين ألفها الحافظ الضياء‏.‏

والركن الطاووسي أبو الفضل العراقي عزيز بن محمد بن العراقي القزويني صاحب الطريقة‏.‏

كان إمامًا مناظرًا محجاجًا قيمًا بعلم الخلاف مفحمًا للخصوم‏.‏

أخذ عن الرضي النيسابوري الحنفي صاحب الطريقة‏.‏

توفي بهمذان‏.‏

وعمر بن محمد بن الحسن الأزجي القطان‏.‏

روى عن ابن الحصين وجماعة‏.‏

لقبه جريرة‏.‏

توفي في جمادى الأولى‏.‏

وفاطمة بني سعد الخير بن محمد أم عبد الكريم بنت أبي الحسن الأنصاري البلنسي‏.‏

ولدت بإصبهان سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة‏.‏

وسمعت حضورًا من فاطمة الجوزدانية ومن ابن الحصين وزاهر الشحامي‏.‏

ثم سمعت من هبة الله بن الطبر وخلق‏.‏

وتزوج بها أبو الحسن بن نجا الواعظ‏.‏

وروت الكثير بمصر‏.‏

توفيت في ربيع الأول عن ثمان وسبعين سنة‏.‏

والقاسم ابن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن المحدث أبو محمد بن عساكر الدمشقي‏.‏

ولد سنة سبع وعشرين وخمس مائة وسمع من جد أبويه القاضي الزكي يحيى بن علي القرشي وجمال الإسلام بن المسلم وطبقتهما‏.‏

وأجاز له الفراوي وقاضي المرستان وطبقتهما‏.‏

وكان محدثًا فهمًا حسن المعرفة شديد الورع صاحب مزاح وفكاهة‏.‏

وخطه ضعيف عديم الإتقان‏.‏

ولي مشيخة دار الحديث النورية بعد أبيه‏.‏

وتوفي في صفر‏.‏

ومحمد بن صافي أبو المعالي البغدادي النقاش‏.‏

روى عن أبي بكر المزرفي وجماعة‏.‏

وتوفي في ربيع الآخر‏.‏

والمبارك بن إبراهيم بن مختار بن تغلب الأزجي الطحان ابن السيبي‏.‏

روي عن ابن الحصين وجماعة‏.‏

وتوفي في شوال‏.‏

وصنيعة الملك القاضي أبو محمد هبة الله بن يحيى بن علي بن حيدرة المصري ويعرف بابن مسير المعدل راوي كتاب السيرة توفي في ذي الحجة‏.‏

ولاحق بن أبي الفضل بن علي بن قندرة‏.‏

روى المسند كله عن ابن الحصين‏.‏

توفي في المحرم عن ثمان وثمانين سنة‏.‏

سنة إحدى وست مائة فيها تغلبت الفرنج على مملكة القسطنطينية وأخرجوا الروم عنها بعد حصار طويل وحروب وفيها خرجت الكرج فعاثوا ببلاد أذربيجان وقتلوا وسبوا ووصلت عيارتهم إلى عمل الخياط‏.‏

فانتدب لحربهم عسكر خلاط وعسكر أرزان الروم‏.‏

والتقوهم فنصر الله الإسلام وقتل في المصاف ملك الكرج‏.‏

وفيها توفي السكر المحدث أحمد بن سليمان بن أحمد بن الحربي المقرئ المفيد عن نيف وستين سنة‏.‏

قرأ على أحمد بن محمد بن شنيف وجماعة وسمع من سعيد بن البنا وابن البطي فمن بعدهما‏.‏

وكان ثقة مكثرًا صاحب قرآن وتهجد وإفادة للطلبة توفي في صفر‏.‏

وعبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن حمويه الإصبهاني الرجل الصالح نزيل همذان‏.‏

روى بالحضور معجم الطبراني عن عبد الصمد العنبري عن ابن ريذة‏.‏

وعبد الله بن عبد الرحمان بن أيوب الحربي الفلاح أبو محمد‏.‏

آخر من سمع من أبي العز بن كادش وسمع أيضًا من ابن الحصين توفي في ربيع الأول‏.‏

وشميم الحلي أبو الحسن علي بن الحسن ابن عنتر النحوي اللغوي الشاعر‏.‏