ج2.العبر في خبر من غبر
الإمام الذهبي
الجزء الثاني
يتناول المؤلف في هذا الكتاب سرد الأحداث والوقائع التاريخية وذكر وفيات الأعيان، ورتبه على حسب الطبقات التاريخية؛ فيذكر في كل سنة ما حدث فيها بداية من السيرة النبوية ونهاية بسنة اثنتين وسبعين وسبعمائة
سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة فيها عسكر الملك أبو كاليجار ودفع عسكر الغزّ عن همذان.
وفيها بغداد على حالها من الضعف والرفض والنهب والفتن.
وفيها توفي أبو نصر الكسَّار القاضي أحمد بن الحسين الدِّينوريّ.
سمع النَّسائي من ابن السُّنّي وحدّث به في شوال من السنة.
وأبو الحسن بن فاذشاه الرئيس أحمد بن محمد الحسين الأصبهاني الثاني الرئيس راوي [المعجم الكبير] عن الَّبراني توفي في صفر وقد رمي بالتشيُّع والاعتزال.
وابو عثمان القرشي سعيد بن العباس الهرويّ المزكِّي الرئيس في المحرم وله أربع وثمانون سنة.
روى عن حامد الرفّا وأبي الفضل بن خميرويه وطائفة.
وتفرّد بالرواية عن جماعة.
وأبو سعيد النضروي عبد الرحمن بن حمدان النيسابوري مسند وقته وراوي مسند إسحاق بن راهويه عن السمذي.
روى عن ابن نجيد وأبي بكر القطيعي وهذه الطبقة.
توفي في صفر وهو منسوب إلى جدّه نضرويه.
وأبو القاسم الزَّيدي الحرَّاني علي بن أحمد بن علي العلوي الحسيني الحنبلي المقري في شوال بحرّان وهو آخر من روى عن النقاش القراءات والتفسير وهو ضعيف.
قال عبد العزيز الكتَّاني وقد سئل عن شيء: ما يكفي علي بن أحمد الزيدي أن يكذب حتى يكذب عليه.
قلت: وكان رجلًا صالحًا ربانيًا.
وأبو الحسن بن السمسار علي بن موسى الدمشقي حدّث عن أبيه وأخويه: محمد وأحمد وعليّ بن أبي العقب وأبي عبد الله بن مروان والكبار.
قال الكتّاني: كان فيه تساهل ويذهب إلى التشيُّع توفي في صفر وقد كمَّل التسعين.
وابن عبّاد المعتمد على الله القاضي وهو أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عبّاد بن قريش اللَّخمي الإشبيلي الذي ملّكه أهل إشبيلية عليهم عندما قصدهم الظالم يحيى بن علي الإدريسي الملقّب بالمستعلي وله أخبار ومناقب وسيرة عادلة توفي في جمادى الأولى وتملَّك بعده ولده المعتضد بن عبّاد فامتدت أيامه.
والسلطان مسعود بن السلطان محمود بن سبكتكين تملَّك بعد أبيه خراسان والهند وغزنة وجرت له حروب وخطوب مع بني سلجوق وظهروا على ممالكه وضعف أمره فقتله أمراؤه.
سنة أربع وثلاثين وأربعمائة فيها كانت الزلزلة العظمى بتبريز فهدمت أسوارها وأحصي من هلك تحت الهدم فكانوا أكثر من أربعين ألفًا نسأل الله العفو.
وفيها توفي أبو ذرّ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري الهروي الحافظ الفقيه المالكي نزيل مكة روى عن أبي الفضل بن خميرويه وأبي عمر بن حيويه وطبقتهما وروى الصحيح عن ثلاثة من أصحاب الفربري وجمع لنفسه [معجمًا] وعاش ثمانيًا وسبعين سنة وكان ثقة متقنًا ديِّنًا عابدًا ورعًا حافظًا بصيرًا بالفقه والأصول.
أخذ علم الكلام عن ابن الباقلاّني وصنّف مستخرجًا على الصحيحين وكان شيخ الحرم في عصره ثم إنه تزوج بالسروات وبقي يحج كل عام ويرجع.
وعبد الله بن غالب بن تمام أبو محمد الهمداني الماكي مفتي أهل سبتة وزاهدهم وعلمهم دخل الأندلس وأخذ عن أبي بكر الزبيدي وأبي محمد الأصيلي ورحل إلى القيروان فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد وبمصر عن أبي بكر المهندس وكان علامة متيقظًا ذكيًّا مستبحرًا من العلوم فصيحًا مفوّهًا قليل النظير توفي في صفر عن سّنٍ عالية.
سنة خمس وثلاثين وأربعمائة فيها استولى طغرلبك السلجوقي على الريّ وخرّبها عسكره بالقتل والنهب حتى لم يبق بها إلا نحو ثلاثة آلاف نفس وجاءت رسل طغرلبلك إلى بغداد فأرسل القاضي الماوردي إليه يذمُّ ما صنع في البلاد ويأمره بالاحسان إلى الرعية فتلقّاه طغرلبك واحترمه إجلالًا لرسالة الخليفة.
واتفق موت جلال الدولة السلطان ببغداد بالخوانيق وكان ابنه الملك العزيز بواسط.
وفيها وصلت عساكر السلجوقية إلى الموصل فعاثوا وبدّعوا وأخذوا حرم قرواش فاتفق
وفيها خطب ببغداد لأبي كاليجار مع الملك العزيز بعد موت جلال الدولة.
وكان جلال الدولة ملكًا جليلًا سليم الباطن ضعيف السلطنة مصرًّا على اللهو والشراب مهملًا لأمر الرعية عاش اثنتين وخمسين سنة وكانت دلته سبع عشرة سنة وخلف عشرين ولدًا بنين وبنات ودفن بدار السلطان ببغداد ثم نقل.
وفيها توفي أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور أمير قرطبة ورئيسها وصاحبها ساس البلد أحسن سياسة وكان من رجال الدهر حزمًا وعزمًا ودهاءً ورأيًا ولم يتَّسم بالملك وقال: أنا أدبر الناس إلى أن يقوم لهم من يصلح.
فجعل ارتفاع الأموال بأيدي الأكابر وديعة وصيّر العوام جندًا وأعطاهم أموالًا مضاربة وقرر عليهم السلاح والعدّة.
وكان يشهد الجنائز ويعود المرضى وهو بزيّ الصالحين لم يتحول من داره.
إلى دار السلطنة توفي في المحرم عن إحدى وسبعين سنة وولي بعده ابنه أبو الوليد.
وأبو القاسم الأزهري عبيد الله بن أحمد بن عثمان البغدادي الصيرفي الحافظ كتب الكثير وعني بالحديث.
وروى عن القطيعي وطبقته توفي في صفر عن ثمانين سنة.
وجلال الدولة سلطان بغداد أبو طاهر فيوزجرد بن الملك بهاء الدولة أبي نصر بن الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة بن بويه الديلمي وولي بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور فضعف وخاف وكاتب ابن عمه أبا كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة فوعده بالجميل وخطب للاثنين معًا.
وأبو بكر الميماسي محمد بن جعفر بن علي الذي روى [موطأ] يحيى ابن بكبر عن ابن وصيف توفي في شوال وهو من كبار شيوخ نصر المقدسي.
ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة أبو الحسين البغدادي البزاز روى عن أبي بكر خلاّد وجماعة.
قال الخطيب: صدوق كثير السماع مات في جمادى الأولى.
وابو القاسم المهلَّب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي قاضي المريَّة أخذ عن أبي محمد الأصيلي وأبي الحسن القابسي وطائفة وكان من أهل الذكاء المفرط والاعتناء التام بالعلوم وقد شرح صحيح البخاري وتوفي في شوال في سنّ الشيخوخة.
سنة ست وثلاثين وأربعمائة فيها دخل السلطان أبو كاليجار بغداد وضرب له الطبل في أوقات الصلوات الخمس ولم يضرب لأحد قبله إلا ثلاث مرات.
وفيها توفي تمام بن غالب أبو غالب بن التيَّاني القرطبي لغويّ الأندلس بمرسية.
له مصنف بديع في اللغة وكان علامة ثقة في نقله ولقد أرسل إليه صاحب مرسية الأمير أبو الجيش مجاهد ألف دينار على أن يزيد في خطبة هذا الكتاب أنه ألفه لأجله فامتنع تورعًا وقال: ما صنفته إلا مطلقًا.
وأبو عبد الله الصميري الحسن بن علي الفقيه أحد أئمة الحنفية ببغداد.
روى عن أبي الفض الزهري وطبقته وولي قضاء ربع الكرخ وكان ثقة صاحب حديث مات في شوال وله خمس وثمانون سنة.
والشريف المرتضى نقيب الطالبين وشيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق أبو طالب علي بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي وله إحدى وثمانون سنة وكان إمامًا في التشيع والكلام والشعر والبلاغة كثير التصانيف متبحرًا في فنون العلم أخذ عن الشيخ المفيد وروى الحديث عن سهل الديباجي الكذاب وولي النقابة بعده ابن أخيه عدنان بن الشريف الرضي.
ومحمد بن عبد العزيز أبو عبد الرحمن النِّيلي شيخ الشافعية بخراسان وله ثمانون سنة كان صالحًا ورعًا كبير القدر.
روى عن أبي عمرو بن حمدان وجماعة.
وله ديوان شعر.
وأبو الحسين البصري محمد بن علي بن الطيّب شيخ المعتزلة وصاحب التصانيف الكلامية وكان من أذكياء زمانه توفي ببغداد في ربيع الآخر وكان يقرئ الاعتزال ببغداد وله حلقة كبيرة.
سنة سبع وثلاثين وأربعمائة فيها توفي أبو نصر المنازي وزير أحمد بن مروان صاحب ميافارقين وهو من منازجرد واسمه أحمد بن يوسف وكان فصيحًا بليغًا شاعرًا كثير المعارف.
ومكي بن أبي طالب: أبو محمد القيسي شيخ الأندلس وعالما ومقرئها وخطيبها.
قرأ القراءات على ابن غلبون وابنه وسمع من أبي محمد بن أبي زيد وطائفة.
وكان من أهل التبحر في العلوم كثير الت صانيف عاش اثنتين وثمانين سنة.
رحل عن بلده غير مرة وحج وجاور توسع في الرواية وبعد صيته وقصده الناس من النواحي لعلمه ودينه وولي خطابة قرطبة لأبي الحزم جهور وكان مشهورًا بالصلاح وإجابة الدعوة توفي في ثاني المحرم.
سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة فيها حاصر طغرلبك السَّلجوفي أصبهن وضيّق على أهلها وعلى أميرها فراموز ولد علاء الدولة صم صالحه على مال يحمله وأن يخطب له بأصبهان.
وفيها توفي أبو علي البغدادي مصنّف [الروضة في القراءات العشر] الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي.
وأبو محمد الجويني عبد الله بن يوسف شيخ الشافعية والد إمام الحرمين تفقه بنيسابور على أبي الطيّب الصعلوكي وبمرو على أبي بكر القفال وتصدّر بنيسابور للفتوى والتدريس والتصنيف وكان مجتهدًا في العبادة صاحب جدّ وصدق وهيبة ووقار.
روى عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد الأسفراييني وجماعة.
وتوفي في ذي القعدة.
سنة تسع وثلاثين وأربعمائة فيها توفي أبو محمد الخلال الحسن بن محمد بن الحسن البغدادي الحافظ في جمادى الأولى وله سبع وثمانون سنة.
روى عن القطيعي وأبي سعيد الحرقي وطبقتهما.
قال الخطيب: كان ثقة له معرفة خرّج المسند على الصحيحين وجمع أبوابًا وتراجم كثيرة.
قلت: آخر من روى عنه أبو سعد أحمد بن الطُّيوري.
وعلي بن منير بن أحمد الخلال أبو الحسن المصري الشاهد في ذي القعدة روى عن أبي الطار الذهلي وأبي أحمد بن الناصح.
والنذير الواعظ وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد الشيرازي.
روى عن إسماعيل بن حاجب الكشاني وجماعة ووعظ ببغداد فازدحموا عليه وشغفوا به ورزق قبولًا لم يرزقه أحد وصار يظهر الزهد ثم إنه تنعّم وقبل الصلات من الأقطار واستجمع له جيش من المطوِّعة فعسكر بظاهر بغداد وضرب له الطبل وسار بهم إلى الموصل واستفحل أمره فصار إلى أذربيجان وضاهى أمير تلك الناحية ثم خمد سوقه وتراجع عامّة أصحابه ثم مات.
ومحمد بن عبد الله بن عابد أبو عبد الله المعافري حدّث قرطبة.
روى عن أبي عبد الله بن مفرج وطبقته ورحل فسمع من أبي محمد بن أبي زيد وأبي بكر بن المهندس وطائفة.
وكان ثقة عالمًا جيّد المشاركة في الفضائ توفي في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة وهو آخر من حدّث عن الأصيلي.
سنة أربعين وأربعمائة فيها مات السلطان أبو كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة البويهي الديلمي مات بطريق كرمان فصدوه في يوم ثلاث مرّات وكان معه نحو أربعة آلاف من الترك والديلم فنهبت خزائنه وحريمه وجواريه وطلبوا شيراز فلسطنوا ابنه الملك الرحيم أبا نصر وكان مدة سلطنة وفيها أقدم المعز بن باديس بالمغرب الدعوة للقائم بالله العباسي وخلع طاعة المستنصر العبيدي فبعث المستنصر جيشًا من العرب يحاربونه فذلك أول أول دخول العربان إلى إفريقية وهم بنو رياح وبنو زغبة وتمت لهم أمور يطول شرحها.
وفيها قدم خراسان خلائق من الترك الغزّ فسار بهم الملك ينال فدخل الروم فقتل وسبى وغنم وسار حتى قارب القسطنطينية وحصل لهم من السبي فوق المائة ألف نفس والتقى الروم وهزمهم غير مرة وكسروه أيضًا ثم ثبت المسلمون ونزل النصر وقيل إنهم جرُّوا الغنائم على عشرة آلاف عجلة فلله الحمد.
وفيها توفي الحكيمي أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن نصر المصري الورّاق يوم الأضحى وله إحدى وثمانون سنة.
روى عن أبي الطاهر الذهلي وغيره.
والحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد الأمير أبو محمد العباسي.
روى عن مؤدِّبه أحمد اليشكري وكان رئيسًا ديِّنًا حافظًا لأخبار الخلفاء توفي في شعبان وله نيِّف وتسعون سنة.
وأبو القاسم عبيد الله بن أبي حفص عمر بن شاهين.
روى عن أبيه وأبي بحر البربهاري والقطيعي وكان صدوقًا عالي الإسناد توفي في ربيع الأول.
وأبو ذرّ محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني الأصبهاني الواعظ.
روى عن أبي الشيخ ومات في ربيع الأول.
وأبو عبد الله الكارزيني محمد بن الحسين الفارسي المقرئ نزيل الحرم ومسند القراء توفي فيها أو بعدها وقد قرأ القرءات على المطوِّعي قرأ عليه جماعة كثيرة وكان من أبناء التسعين وما علمت فيه جرحًا.
وابن ريذة مسند أصبهان أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني التاجر راوية أبي القاسم الطّبراني توفي في رمضان وله أربع وتسعون سنة.
قال يحيى بن مندة: كان ثقة أمينًا كان أحد وجوه الناس وافر العقل كامل الفضل مكرمًا لأهل العلم حسن الخط يعرف طرفًا من النحو واللغة.
وابن غيلان مسند العراق أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمداني البغدادي البزاز سمع من أبي بكر الشافعي أحد عشر جزءًا وتعرف بالغيلانيّات لتفرده بهها.
قال الخطيب: كان صدوقًا صالحًا ديّنًا.
قلت: مات في شوال وله أربع وتسعون سنة.
وأبو منصور السّوّاق محمد بن محمد بن عثمان البغدادي البندار وثّقه الخطيب ومات في آخر سنة إحدى وأربعين وأربعمائة فيها أمرت الرافضة ببغداد أن لا يعملوا مأتم عاشوراء فخالفوا فثارت غوغاء السنُّة وحميت الفتنة وجرى مالا يعبّر عنه وقتل جماعة وجرح خلق فاهتم أهل الكرخ وعلموا عليهم سورًا منيعًا غرموا عليه أموالًا عظيمة وكذا فعل أهل نهر القلائين وصار مع كل فرقة طائفة من الأتراك على نحلتهم تشدّ منهم وتمّت لهم فتنة هائلة يوم عيد الفطر.
وفيها توفي أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي الدمشقي أبو علي المعدَّل أحد الأكابر بدمشق.
روى عن يوسف الميانجي وجماعة.
والعتيقي أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي التاجر السفّار المحدِّث.
روى عن علي بن محمد بن سعيد الرزاز وإسحاق بن سعد النسوي وطبقتهما وجمع وخرّج على الصحيحين وكان ثقة فهمًا توفي في صفر.
وأحمد بن المظفر بن أحمد بن يزداد الواسطي العطار أبو الحسن.
را وي مسند مسدَّد عن ابن السقا توفي في شعبان.
وابو القاسم الأفليلي - وأفليل قرية بالشام - ثم القرطبي إبراهيم ابن محمد بن زكريا الزهري الوقّاصي توفي في ذي القعدة بقرطبة وله تسع وثمانون سنة.
روى عن أبي عيسى اللّيثي وأبي بكر الزبيدي وطائفة ووليّ الوزارة لبعض أمراء الأندلس.
وكان رأسًا في اللغة والشعر أخباريًا علامة.
وابن سختام الفقيه أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نصرويه بن سختام بن هرثمة الغزني السمرقندي الحنفي المفتي رحل إلى الحج وحدَّث ببغداد ودومشق عن أبيه ومحمد بن أحمد بن متّ الإشتيخني وجماعة وحدَّث في هذا العام وتوفي فيه أو بعده في عشر الثمانين.
وابن حمُّصة أبو الحسن علي بن عمر الحرّاني ثم المصري الصواف عنده مجلس واحد عن حمزة الكتَّاني يعرف بمجلس البطاقة توفي في رجب.
وقراوش بن مقلَّد بن المسيَّب الأمير أبو المنيع معتمد الدولة العقيلي صاحب الموصل وابن صاحبها وكانت دولته خمسين سنة وكان أديبًا شاعرًا ممدّحًا فارسًا نهابًا وهابًا على دين الأعراف وجاهليتهم يقال إنه جمع بين أختين فلاموه فقال: وأيّ شيء نستعمل من الشرع حتى تتكلموا في هذا.
وقال مرة: ما في رقبتي غير دم خمسة أو ستة من العرب فأما الحضر فلا يعبأ الله بهم وثب على قرواش ابن أخيه بركة وقبض عليه وسجنه في هذه السنة وتملك.
فمات في سنة ثلاث فملك بعده أبو المعالي قريش ابن بدران ابن مقلَّد بن المسيّب فذبح قرواش بن مقلَّد وأبو الفضل السعدي محمد بن أحمد بن عيسى البغدادي الفقيه الشافعي تلميذ أبي حامد الإسفراييني وراوي معجم الصحابة عن ابن بطّة توفي في شعبان وقد روى عن جماعة كثير ة بالعراق والشام ومصر.
وأبو عبد الله الصوُّري محمد بن علي الحافظ أحد أركان الحديث توفي ببغداد في جمادى الآخرة وقد نيّف على الستين.
روى عن ابن جميع والحافظ عبد الغ ني المصري ولزمه مدة وأكثر عن المصريين والشاميين ثم رحل إلى بغداد ولقي بها ابن مخلد صاحب الصفّار وهذه الطبقة.
قال الخطيب: كان من أحرص الناس على الحديث وأكثرهم كتبًا وأحسنهم معرفة به لم يقدم علينا أفهم منه وكان دقيق الخط يكتب ثمانين سطرًا في ثمن الكاغد الخراساني وكان يسرد الصوم.
وقال أبو الوليد الباجي: هو أحفظ من رأيناه.
وقال أبو الحسين بن الطيوري: ما رأيت أحفظ من الصوري.
وكان بفرد عين وكان متفننًا يعرف من كل علم وقوله حجَّة وعنه أخذ الخطيب علم الحديث.
قلت: وله شعر فائق.
والسلطان مودود صاحب غزنة ابن السلطان مسعود بن محمود ابن سبكتكين وكانت دولته عشر سنين ومات في رجب وله تسع وعشرون سنة وأقاموا بعده ولده وهو صبي صغير ثم خلعوه.
سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة فيها عيّن ابن النسوي لشرطة بغداد فاتفقت الكلمة في السنَّة والشّيعة أنه متى ولي نزحوا عن البلد ووقع الصلح بهذا السبب بين الفريقين وصار أهل الكرخ يترحمون على الصحابة وصلّوا في مساجد السنّة وخرجوا كلهم إلى زيارة المشاهد وتحابّوا وتوادّوا وهذا شيء لم يعهد من دهرٍ.
وفيها توفي أبو الحسين التوَّزي أحمد بن علي البغدادي المحتسب.
روى عن علي بن للؤل وطبقته وكان ثقة صاحب حديث.
والملك العزيز أبو منصور بن الملك جلال الدولة بن بويه توفي بظاهر ميّافارقين وكانت مدته سنتين وكان أديبًا فاضلًا له شعر حسن.
وأبو الحسن بن القزويني عل بن عمر الحربي الزاهد القدوة شيخ العراق.
روى عن أبي عمر بن جيّويه وطبقته.
قال الخطيب: كان أحد الزهاد ومن عباد الله الصالحين يقرئ ويحدّث ولا
يخرج إلاّ لصلاةٍ وعاش اثنتين وثمانين سنة توفي في شعبان وغلقت جميع بغداد يوم دفنه ولم أر جمعًا أعظم من ذلك الجمع رحمه الله تعالى.
وأبو القاسم الثمانيني الموصلي الضرير النحويّ أحد أئمة العربية بالعراق أخذ عن ابن جنِّي وتصدّر للإفادة وصنّف شرحًا للُّمع وكتاب في النحو وشرحًا للتصريف الملوكي واسمه: عمر بن ثابت.
ومحمد بن عبد الواحد بن زوج الحرّة أبو الحسن أخو أبي يعلى وأبي عبد الله وكان أوسط الثلاثة.
روى عن علي بن لؤلؤ وطائفة.
وأبو طاهر بن العلاف محمد بن علي بن محمد البغدادي الواعظ.
روى عن القطيعي وجماعة.
وكان نبيلًا وقوًا له حلقة للعلم بجامع المنصور.
سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة فيها في صفر زال الأنس بين السنّة والشّيعة وعادوا إلى أشدّ ما كانوا عليه وأحكم الرافضة سوق الكرخ وكتبوا على الأبراج: محمد وعليّ خير البشر فمن رضي فقد شكر ومن أبى فقد كفر فاضطرمت نار الفتنة وأخذت ثياب الناس في الطرق وغلِّقت الأسواق واجتمع للسنّة جمع لم ير مثله وهجموا على دار الخلافة فوعدوا بالخير فثار أهل الكرخ والتقى الجمعان وقتل جماعة ونهب باب التبن ونبشت عدّة قبور للشّيعة وأحرقوا مثل العوني والناشي والجذوعي وطرحوا النيران في التُّرب وتمَّ على الرافضة خزي عظيم فعمدوا إلى خان الحنفية فأحرقوه وقتلوا مدرّسهم أبا سعد السرخسيّ رحمه الله.
وقال الوزير: إن وأخذنا الكّل خرب البلد.
وفيها أخذ طغرلبك أصبهان بعد حصار سنة فجعلها دار ملكه ونقل خزائنه من الريِّ إليها.
وفيها هجمت الغزّ على الأهواز وقتلوا ونهبوا وعلموا كل قبيح.
وفيها كانت وقعة عظيمة بين المعزّ بن باديس وبين المصريين قتل فيها من المغاربة نحو ثلاثين ألفًا.
وفيها توفي أبو علي الشاموخي المقرئ الحسن بن علي بالبصرة وله جزء مشهور روى فيه عن أحمد بن محمد بن العباس صاحب أبي خليفة.
وعلي بن شجاع الشيباني المصقلي أبو الحسن الأصبهاني الصوفي توفي في ربيع الأول.
روى عن الدَّارقطني وطبقته وأسمع ولديه كثيرًا.
وأوب القاسم الفارسي عليّ بن محمد بن علي مسند الديار المصرية أكثر عن أبي أحمد بن الناصح والذهلي وابن رشيق توفي في شوال.
ومحمد بن عبد السلام بن سعدان أبو عبد الله الدمشقي.
روى عن جمح ابن القاسم وأبي عمر بن فضالة وجماعة.
توفي في يوم عرفة وعنده ستة أجزاء.
وأبو الحسن بن صخر الأزدي القاضي محمد بن علي بن محمد البصري بزبيد في جمادى الآخرة عن سنّ عالية أملى مجالس كثيرة عن أحمد بن جعفر السَّقطي ويوسف النَّجيرمي وخلق.
سنة أربع وأربعين وأربعمائة فيها هاجت الفتنة ببغداد واستعرت نيرانها وأحرقت عدّة حوانيت وكتب أهل الكرخ على أبواب مساجدهم: محمد وعلي خير البشر وأذَّوا بحيّ على خير العمل فاجتمع غوغاء السنّة وحملوا حملة حربية على الرافضة فهرب النظّارة وازدحموا في درب ضيّق فهلك ستّ وثلاثون امرأة وستة رجال وصبيان وطرحت النيران في الكرخ وأخذوا في تحصين الأبواب والقتال والتقوا في سادس ذي الحجة فجمع الطقطقي طائفة من الأعوان وكنس نهر طابق من الكرخ وفيها جرت حروب هائلة بين الغزّ السلجوقية وبين صاحب غزنة على الملك وقتل عدد كير من الفريقين قتله جاهلية.
وفيها جهّز الملك الرحيم الديلمي عسكرًا لحرب أخيه واقتتلوا في السفن أيامًا.
وفيها عمل محضر كبير ببغداد يتضمن القدح في نسب بني عبيد الخارجين بالمغرب ومصر وأن أصلهم من اليهود وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر بن محمد الصادق رحمه الله فكتب فيه خلق من الأشراف والشِّيعة والسنّة وأولي الخبرة.
وفيها انتشرت جيوش الغزّ وعاثوا ونهبوا ببلاد الجبل.
وفيها قدم عسكر الغزّ فأغاروا على أطراف العراق وقتلوا وسبوا وفتكوا.
وفيها بعث الملك الرحيم وزيره والبساسيري فحاصر أخاه بالبصرة وجرت لهما أمور طويلة ثم هرب إلى طغرلبك فأكرمه وزوّجه بابنته.
وفيها توفي أبو غانم الكراعي أحمد بن علي بن الحسين المروزي.
روى عن أبي العباس عبد الملك بن الحسين النضري صاحب الحرث بن أبي أسامة وكان مسند خراسان في وقته وآخر من روى عنه حفيده.
وأبو علي بن المذهب راوية لأحمد وهو الحسن ابن علي بن التميمي البغدادي الواعظ.
قال الخطيب: كان سماعه للمسند من القطيعي صحيحًا إلا في أجزاء فإنه ألحق اسمه فيها وعاش تسعًا وثمانين سنة.
قلت: توفي في تاسع عشري ربيع الآخر.
قال ابن نقطة: لو بين الخطيب في أي مسند هي لأتى بالفائدة.
ورشأ بن نظيف بن ما شاء الله أبو الحسن الدمشقي المقرئ المحدّث قرأ بدمشق ومصر وبغداد بالروايات.
وروى عن أبي مسلم الكاتب.
وعبد الوهاب الكلابي وطبقتهما.
قال الكتّاني: توفي في المحرم وكان ثقةً مأمونًا وانتهت إليه الرئاسة في قراءة ابن عامر.
وأبو القاسم الأزجي المحدِّث عبد العزيز بن علي الخياط.
روى عن ابن عبيد العسكري وعلي بن لؤلؤ وطبقتهما فأكثر توفي في شعبان وله ثمان وثمانون سنة وكان صاحب حديث وسنة.
وأبو نصر السجزي الحافظ عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري نزيل مصر.
توفي بمكة في المحرم وكان متقنًا مكثرًا بصيرًا بالحديث والسنّة واسع الرحلة رحل بعد الأربعمائة فسمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر وروى عن الحاكم وأبي أحمد الفرضي وطبقتهما.
قال الحافظ ابن طاهر: سألت الحبّال عن الصوري والسجزي أيّهما أحفظ فقال: السجري أحفظ وأبو عمرو الدَّاني عثمان بن سعيد القرطبي بن الصيرفي الحافظ المقرئ أحد الأعلام صاحب المصنفات الكثيرة المتقنة توفي بدانية في شوال وله ثلاث وسبعون سنة.
قال: ابتدأت بطلب العلم سنة ست وثمانين وثلاثمائة ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين فكتبت بالقيروان ومصر.
قلت: سمع من أبي مسلم الكاتب وبمكة من أحمد بن فراس وبالمغرب من أبي الحسن القابسي وقرأ القراءات على عبد العزيز بن جعفر الفارسي وخلف ابن خاقان وظاهر بن غلبون وجماعة.
قال ابن بشكوال: كان أحد الأئمة في علم القرآن رواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه وله معرفة بالحديث وطرقه ورجاله وكان جيّد الضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن ديّنًا ورعًا سنّيًا.
وقال غيره: كان مجاب الدعوة مالكّي المذهب.
وناصر بن الحسين أبو الفتح القرضي العمري المروزي الشافعي مفتي أهل مرو تفقه على أبي بكر القفّال وأبي الطّيب الصعلوكي وروى عن أبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي صاحب ابن الضريس وعبد الرحمن بن أبي شريح وعليه تفقه البيهقي وكان فقيرًا متعففًا متواضعًا.
فيها انجفل الناس ببغداد ووصلت السلجوقية إلى حلوان يريدون العراق.
وفيها توفي تاج الأئمة مقرئ الديار المصرية أبو العباس أحمد بن علي ابن هاشم المصري قر أ على عمر بن عراك وأبي عديّ وجماعة.
ثم رحل وقرأ على أبي الحسن الحمامي.
توفي في شوال في عشر السبعين.
وأبو إسحاق البرمكي إبراهيم بن عمر البغدادي الحنبلي.
روى عن القطيعي وابن ماسي وطائفة.
قال الخطيب: كان صدوقًا ديّنًا فقيهًا على مذهب أحمد وله حلقة للفتوى توفي يوم التروية وله أربع وثمانون سنة.
قلت تفقه على ابن بطة وابن حامد.
وأبو سعيد السمَّان إسماعيل بن علي الرازي الحافظ سمع بالعراق ومكة ومصر والشام وروى عن المخلّص وطبقته.
قال الكتّاني: كان من الحفاظ الكبار زاهدًا عابدًا يذهب إلى الاعتزال.
قلت: كان متبحرًا في العلوم وهو القائل: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام وله تصانيف كثيرة يقال إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ وكان رأسًا في القراءات والحديث والفقه بصيرًا بمذهبي أبي حنيفة والشافعي لكنه من رؤوس المعتزلة وكان يقال أنه ما رأى مثل نفسه.
وأبو طاره محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الكاتب مسند أصبهان وراوية أبي الشيخ توفي في ربيع الآخر وهو في عشر التسعين وكان ثقة صاحب رحلة إلى أبي الفضل الزهري وطبقته.
وأبو عبد الله العلوي محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن الكةفي م سند الكوفة في ربيع الأول روى عن البكائي وطائفة.
سنة ست وأربعين وأربعمائة فيها كانت الحرب الهائلة بالمغرب بين ابن باديس والعرب الذين دخلوا القيروان من جهة صاحب مصر وجاهر العرب القيروان واليهم المؤامرات وعم البلاء بالعرب وانتقل المتعز إلى الهندية.
وفيها ملك طغرلبك إقليم أذربيجان صلحًا ثم سار بجيوشه فغزا الروم وسبى وغنم.
وفيه توفي أبو علي الأهوازي الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ المحدِّث مقرئ أهل الشام وصاحب التصانيف ولد سنة اثنتين وستين وثلالاثمائة وعني بالقراءات ولقي الكبار كأبي الفرج الشنَّبوذي وعليّ بن الحسين الغضائري.
وقرأ بالأهواز لقالون في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وروى الحديث عن نصر المرجي والمعافى الجريري وطبقتهما وهو ضعيف اتهم في لقاء بعض الشيوخ توفي في ذي الحجة.
وأبو يعلى الخليلي الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني الحافظ أحد أئمة الحديث.
روى عن عليّ بن أحمد بن صالح القزويني وأبي حفص الكتّاني وطبقتهما وكان أحد من رحل وتعب وبرع في الحديث.
وأبو محمد بن اللّبان التيمي عبد الله بن محمد الأصبهاني.
قال الخطيب: كان أحد أوعية العلم سمع أبا بكر بن المقرئ وأبا طاهر المخلّص وطبقتهما وكان ثقة صحب ابن الباقلاني ودرس عليه الأصول وتفقّه علي أبي حامد الإسفراييني وقرأ القراءات وله مصنفات كثيرة سمعته يقول: حفظت القرآن ولي خمس سنين مات بأصبهان في جمادى الآخرة.
ومحمد بن عبد الرحمن بن ع ثمان بن أبي نصر أبو الحسين التميمي المعدَّل الرئيس مسند دمشق وابن مسندها سمع أبا بكر الميانجي وأبا سليمان بن زبر توفي في رجب.
سنة سبع وأربع ين وأربعمائة فيها تملّك طغرلبك العراق باستدعاء الخليفة ومكاتبته لأن أرسلان البساسيري كان قد عظم ببغداد ولم يبق للملك الرحيم ولا للخليفة معه إلا الاسم.
ثم بلغ الخليفة أنه عازم على نهب دار الخلافة فاستنجد عليه بطغرلبك وكان البساسيري غائبًا بواسط فنهبت داره ببغداد برأي رئيس الرؤساء فأقبل طغرلبك على الملك الرحيم وفرغت دولة بني بويه وعاثت العز بسواد العراق وعفّروا الناس ونهبوهم حتى أبيع الثور بعشرة دراهم.
وفيها توفي أبو عبد الله القادسي الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب البغدادي البزاز روى عن أبي بكر القطيعي وغيره ضعَّفه الخطيب وفيه أيضًا رفضٌ توفي في ذي القعدة.
وابن ماكولا قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر العجلي الجرباذقاني الشافعي توفي في شوال وله ثمانون سنة.
قال الخطيب: لم ير قاضٍ أعظم نزاهة منه.
وحكم بن محمد بن حكم أبو العاص الجذامي القرطبي مسند الأندلس حجّ فسمع من أبي محمد بن أبي زيد وإبراهيم بن علي التمّار وأبي بكر المهندس وقرأ على عبد المنعم بن غلبون وكان صالحًا ثقة ورعًا صليبًا في السنّة مقلاّ زاهدًا توفي في ربيع الآخر عن بضع وتسعين سنة.
وسليم بن أيوب أبو الفتح الرازي الشافعي المفسر صاحب التصانيف والتفسير وتلميذ أبي حامد الإسفراييني.
روى عن أحمد بن محمد البصير وطائفة كثيرة وكان رأسًا في العلم
وعبد الوهاب بن الحسين بن برهان أبو الفرج البغدادي الغزّال روى عن أبي عبد الله العسكري وإسحاق بن سعد وخلق وسكن صور وبها مات في شوال عن خمسٍ وثمانين سنة.
وأبو أحمد الغندجاني عبد الوهاب بن محمد بن موسى.
روى تاريخ البخاري عن أحمد بن عبدان الشيرازي.
وأبو القاسم التنوخي علي بن أبي علي المحسِّن بن علي البغدادي.
روى عن علي بنن محمد بن كيسان والحسين بن محمد العسكري وخلق كثير وأول سماعه في سنة سبعين.
قال الخطيب: صدوق متحفظ في الشهادة ولي قضاء المدائن ونحوها.
وقال ابن خيرون: قيل كان رأيه الترفض والاعزال مات في ثاني المحرم.
وذخيرة الدين ولي العهد محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد توفي في ذي القعدة وله ست عشرة سنة وكان قد ختم القرآن وحفظ الفقه والنحو والفرائض وخلف سريَّة حاملًا فولدت ولدًا سماه جدّه عبد الله فهو المقتدي الذي ولي الخلافة بعد جدّه.
ومحمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني ما عنده سوى نسخة أبي مسهر وما معها توفي في ذي الحجة وهو ثقة.
فيها تزوج القائم بأمر الله بأخت طغرلبك وتمكّن القائم وعظمت الخلافة بسلطنة طغرلبك.
وفيها كان القحط الشديد بديار مصر والوباء المفرط وكانت العراق تموج بالفتن والخوف والنهب من عسكر طغرلبك ومن الأعراب ومن البساسيري وخطب بالكوفة وواسط والموصل للمستنصر المصري وفرحت الرافضة بذلك واستفحل أمر البساسيري وجاءته الخلع والتقليد من مصر له ولقريش صاحب الموصل ولدبيس صاحب الفرات وأقاموا شعار الرفض.
وفيها توفي عبد الله بن الوليد بن سعيد أبو محمد الأنصاري الأندلسي الفقيه المالكي حمل عن أبي محمد بن أبي زيد وخلق وعاش ثمانيًا وثمانين سنة وسكن مصر وتوفي بالشام في رمضان.
وابو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي ثم النيسابوري راوي [صحيح مسلم] عن أبي عمرويه و [غريب الخطابي] عن المؤلف كمَّل خمسًا وتسعين سنة ومات في خامس شوال وكان عدلًا جليل القدر.
وأبو الحسن الفالي علي بن أحمد بن علي المؤدِّب ثقة.
روى عن أحمد ابن خربان وأبي عمر الهاشمي.
وأبو الحسن الباقلاني علي بن إبراهيم بن عيسى البغدادي.
روى عن القطيعي وغيره.
قال الخطيب: لا بأس به.
وابن مسرور أبو حفص عمر بن أحمد بن عمر النيسابوري الزاهد روى عن ابن نجيد وبشر بن أحمد الإسفراييني وأبي سهل الصعلوكي وطائفة.
قال عبد الغافر: هو أبو حفص الفامي الماوردي الزاهد الفقيه كان كثير العبادة والمجاهدة كانوا يتبركون بدعائه وعاش تسعين سنة ومات في ذي القعدة.
وابن الطفّال أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد النيسابوري ثم المصري المقرء البزاز التاجر ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.
وروى عن ابن حيويه وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق.
وابن حيويه وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق.
وابن الترجمان محمد بن الحسين بن علي الغزّي شيخ الصوفية بديار مصر.
روى عن محمد بن أحمد الجندري وعبد الواهب الكلابي وطائفة ومات في جمادى الأول بمصر وله خمس وتسعون سنة وكان صدوقًا.
وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي البغدادي رواي السنن عن الدارقطني وروى أيضًا عن أبي عمر بن حيَّويه وطائفة توفي في جمادى الأولى وكان ثقة
سنة تسع وأربعين وأربعمائة فيها خلع القائم بأمر الله على السلطان طغرلبك السلجوقي سبع خلع وطوّقه وسوّره وتوجه وكتب له تقليدًا بها وراء بابه وشافهه بملك المشرق والمغرب فقدّم للقائم تحفًا منها خمسون مملوكًا بخيلهم وسرحهم وخمسون ألف دينار.
وفيها عجز ثمال بن صالح بن مرداس عن حلب للقحط وسلمها بالأمان للمصريين.
وفيها كان الوباء المفرط بما وراء النهر حتى قيل إنه مات فيه ألف ألف إنسان وستمائة ألف.
وفيها توفي أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري اللغوي الشاعر صاحب التصانيف المشهورة والزندقة المأثورة والذكاء المفرط والزهد الفلسفي وله ست وثمانون سنة.
جدَّر وهو ابن ثلاث سنين فذهب بصره ولعله مات على الإسلام وتاب من كفرياته وزال عنه الشك.
وأبو مسعود البجلي أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز الرازي الحافظ وله سبع وثمانون سنة توفي في المحرم ببخارى وكان كثير الترحال طوّف وجمع وصنَّف الأبواب وروى
وأبو عثمان الصابوني شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الواعظ المفسّر المصنف أحد الأعلام.
روى عن زاهر السرخسي وطبقته وتوفي في صفر وله سبع وسبعون سنة وأول ما جلس للوعظ وهو ابن عشر سنين وكان شيخ خراسان في زمانه.
وابن بطّال مؤلف [شرح البخاري] أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطّال القرطبي.
روى عن أبي المطرف القنازعي ويونس بن عبد الله القاضي توفي في صفر.
وأبو عبد الله الخبّازي محمد بن علي بن محمد النيسابوري المقرئ عن سبع وسبعين سنة.
روى عن أبيه القراءات وتصدّر وصنّف فيها وحدَّث عن أبي محمد المخلدي وطبقته وكان كبير الشأن وافر الحرمة مجاب الدعوة آخر من روى عنه الفراوي.
وأبو الفتح الكراجكي.
والكراجكي الخيمي رأس الشيّعة وصاحب التصانيف محمد بن علي مات بصور في ربيع الآخر وكان نحويًا لغويًا منجمًا طبيبًا متكلمًا متفنِّنًا من كبار أصحاب الشريف المرتضى وهو مؤلف كتاب [تلقين أولاد المؤمنين].
سنة خمسين وأربعمائة فيها سار طغرلبك ليأخذ الجزيرة فنازل الموصل وعمد ارسلان البساسيري فكانت إبراهيم ينال يعده ويمنَّيه ويطعمه في الملك فأصغى إليه وخالف على أخيه طغرلبك وساق بفرقة من الجيش وقصد الريّ فانزعج طغرلبك وساق وراءه ببعض الجيش وترك بعض الجيش مع زوجته ووزيره عميد الملك الكندري وقامت الفتنة على ساقٍ وتمّ للبساسيري ما دبَّر من المكر وقدم بغداد فدخلها في ذي القعدة بالرايات المستنصرية واستبشرت الرافضة وشمخوا وأذَّنوا بحيّ على خير العمل وقاتلت السنّة دون القائم بأمر الله ودامت الحرب في السفن أربعة أيام وأقيمت الخطبة لصاحب مصر ثم ضعف القائم وخندق على داره ثم تفرَّق جمعه واستجار بقريش أمير العرب فأجاره وأخرجه إلى مخيَّمه وقبض البساسيري على الوزير رئيس الرؤساء علي بن المسلمة وشهره بطرطور على جمل ثم صلبه ونهبت دور الخلافة وزالت الدولة العباسية وحبس القائم بحديثه عانة عند مهارش وجمع البساسيري الأعيان كلهم وبايعوه للمستنصر العبيدي قهرًا ثم أحسن إلى الناس ولم يتعصب لمذهب وأفرد لوالدة الخليفة دارًا وراتبًا وقيل إنّ المستنصر أمدَّ البساسيري بأموال عظيمة فوق الألف ألف دينار.
وفيها توفي الونّي صاحب الفرائض استشهد في فتنة البساسيري وهو أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الواحد البغدادي.
وأبو الطّيب الطبري طاهر بن عبد الله بن طاهر القاضي الشافعي أحد الأعلام.
روى عن أبي أحمد الغطريفي وجماعة وتفقه بنيسابور على أبي الحسن الماسرجسي وسكن بغداد وعمرّ مائة وسنتين: قال الخطيب: كان عارفًا بالأصول والفروع محققًا صحيح المذهب.
قلت: سقنا أخباره في التاريخ الكبير ومات في ربيع الأول ولم يتغّير له ذهن.
وابو الفتح بن شيطا مقرئ العراق ومصنف [التذكار في القراءات العشر] عبد الواحد بن الحسين بن أحمد أخذ عن الحمامي وطائفة وحدّث عن محمد بن إسماعيل الوّراق وجماعة توفي في صفر وله ثمانون سنة.
وعلي بن بقا أبو الحسن المصري الوراق الناسخ محدّث ديار مصر.
روى عن القاضي أبي الحسن الحلبي وطائفة وكتب الكثير.
والماوردي أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الشافعي مصنف [الحاوي] و [الإقناع] و [أدب الدنيا والدين]. وغير ذلك وكان إمامًا في الفقه والأصول والتفسير بصيرًا بالعربية ولي قضاء بلاد كثيرة ثم سكن بغداد وعاش ستًا وثمانين سنة.
تفقّه على أبي القاسم الصيمري بالبصرة وعلى أبي حامد ببغداد وحدّث عن الحسن الجيلي صاحب أبي خليفة الجمحي وجماعة وآخر من روى عنه ابو العزّ بن كادش.
وأبو القاسم الخفّاف عمر بن الحسين البغدادي صاحب المشيخة روى عن ابن المظفر وأبو منصور السمعاني محمد بن عبد الجبار القاضي المروزي الحنفي والد العلامة أبي المظفر السمعاني مات بمرو في شوال وكان إمامًا ورعًا نحويًا لغويًا علامة له مصنفات.
ومنصور بن الحسين التّاني أبو الفتح الأصبهاني المحدّث صاحب ابن المقرئ كان من أروى الناس عنه توفي في ذي الحجة وكان ثقة.
والملك الرحيم أبو نصر بن الملك أبي كاليجار بن الملك سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن كن الدولة الحسن بن بويه الديلمي آخر ملوك الديلم مات محبوسًا بقلعة الريّ في اعتقال طغرلبك.
سنة إحدى وخمسين وأربعمائة فيها رجع السلطان طغرلبك إلى بغداد فهرب آل البساسيري وحشمه وأهل الكرخ بأهاليهم على كل صعب وذلول فنهبتهم العربان وكانت أيام البساسيري سنة كاملة وعاد القائم بأمر الله إلى مقرّ عزّه وسار عسكره فالتقاهم البساسيري في ذي الحجة فقتل وطيف برأسه ببغداد.
وفيها انعقد الصلح بين صاحب غزنة إبراهيم بن مسعود السبكتكيني وبين جغريبك أخي طغرلبك السلجوقي بعد حروب طويلة أضرست الفريقين وفرح المسلمون بالاتفاق فلم ينشب جغريبك أن توفي.
وفيها توفي ابن سميق أبو عمر أحمد بن يحيى بن أحمد بن سميق القرطبي نزيل طليطلة ومحدّث وقته.
روى عن أبي المطرّف بن فطيس وابن أبي زمنين وطبقتهما.
وكان قويّ المشاركة في عدّة علوم حتى في الطب مع العبادة والجلالة وعاش ثمانين سنة.
والأمير المظفّر أبو الحارث أرسلان التركي البساسيري قال: وهي نسبة إلى مدينة فسا - ويقال بسا - وأهل فارس ينسبون إليها هكذا وهي نسبة شاذة على غير الأصل والأصل فسويّ.
وأبو عثمان النجيرمي سعيد بن محمد بن أحمد بن محمد النيسابوري محدّث خراسان ومسندها.
روى عن جدّه أبي الحسين وأبي عمرو بن حمدان وطبقتهما ورحل إلى مرو وإسفرايين وبغداد وجرجان توفي في ربيع الآخر.
وأبو المظفر عبد الله بن شبيب الضبيّ مقرئ أصبهان وخطيبها وواعظها وشيخها وزاهدها أخذ القراءات عن أبي الفضل الخزاعي وسمع من أبي عبد الله بن مندة وغيره توفي في صفر.
وأبو الحسن الزوزني علي بن محمود بن ماخرة شيخ الصوفية ببغداد في رمضان عن خمس وثمانين سنة وكان كثير الأسفار سمع بدمشق من عبد الوهاب الكلابي وجماعة.
والعشاري أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي الصالح روى عن الدارقطني وطبقته وعاش خمسًا وثمانين سنة وكان جدّه طويلًا فلّقبوه العشاري وكان أبو طالب فقيهًا تخرّج على أبي حامد وقبله على ابن بطة وكان خيّرًا عالمًا زاهدًا.
سنة اثنين وخمسين وأربعمائة فيها حاصر محمود الكلابي حلب فأخذها ثم ثم واقع المصريين بظاهر حلب.
وتعرف بوقعة الفنيدق فهزمهم واستولى على حلب بعد أن نهبها المصريون.
وفيها حاصر عطية الكلابي الرحبة وضيَّق عليهم فأخذها.
وفيها توفي الماهر أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن فضال الحلبي الموازيني الشاعر المفلق بالشام.
وعلي بن حميد أبو الحسن الذهلي إمام جامع همذان وركن السنَّة والحديث بها.
روى عن أبي بكر بن لال وطبقته وقبره يزار ويتبرك به.
والقزوين محمد بن أحمد بن علي المقرئ شيخ الإقراء بمصر أخذ عن طاهر بن غلبون وسمع من أبي الطّيب والد طاهر وعبد الوهاب الكلابي وطائفة توفي في ربيع الآخر.
وابن عمروس أبو الفضل محمد بن عبد الله البغدادي الفقيه المالكي.
قال الخطيب: انتهت إليه الفتوى ببغداد وكان من القرّاء المجوّدين حدَّث عن ابن شاهين وجماعة وعاش ثمانين سنة.
سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فيها توفي أبو العباس بن نفيس شيخ القراء أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري في رجب وقد نيّف على التسعين وهو أكبر شيخ لابن الفحام قرأ على السَّامري وأبي عديّ عبد العزيز وسمع من أبي القاسم الجوهري وطائفة وانتهى إليه علوّ الإسناد في القراءات وقصد من الآفاق.
وصاحب ميَّافارقين وديار بكر نصر الدولة أحمد بن مروان بن دوستك الكردي وكان عاقلًا حازمًا عادلًا لم تفته الصبح مع انهماكه على اللذات وكان له ثلاثمائة وستون سرّية يخلو كل ليلة بواحدة وكانت دولته إحدى وخمسين سنة وعاش سبعًا وسبعين سنة وقام بعده ولده نصر.
وأبو مسلم عبد الرحمن بن غزو النهاوندي العطّار حدث عن أحمد بن فراس العبقسي وخلق.
وكان ثقة صدوقًا.
وابو أحمد المعلّم عبد الواحد بن أحمد الأصبهاني راوي مسند أحمد بن منيع عن عبد الله بن جميل وروى عن جماعة وتوفي في صفر.
وعلي بن رضوان أبو الحسن المصري الفيلسوف صاحب التصانيف وكان رأسًا في الطب وفي التنجيم من أذكياء زمانه بديار مصر.
وأبو القاسم السميساطي واقف الخانكاه عليّ بن محمد بن يحيى السمي الدمشقي روى عن عبد الوهاب الكلابي وغيره وكان بارعًا في الهندسة والهيئة صاحب حشمة وثروة واسعة عاش ثمانين سنة.
وقريش بن بدران بن مقلَّد بن المسيب العقيلي أبو المعالي ولي الموصل عشرًا وذبح عمّه قرواش بن مقلّد صبرًا مات بالطاعون عن إحدى وخمسين سنة وقام بعده ابنه شرف الدولة مسلم الذي استولى على ديار ربيعة ومضر وحلب وحاصر دمشق وكاد أن يملكها وأخذ الحمل من بلاد الروم.
وأبو سعد الكنجروذي محمد بن عبد الرحمن بن محمد النيسابوري الفقيه النحوي الطبيب الفارس قال عبد الغافر: له قدمٌ: في الطب والفروسية وأدب السلاح كان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم حدّث عن أبي عمرو بن حمدان وطبقته وكان مسند خراسان في
سنة أربع وخمسين وأربعمائة فيها بلغت دجلة إحدى وعشرين ذراعًا وغرقت بغداد.
وفيها التقى صاحب حلب معز الدولة ثمال بن صالح الكلابي وملك الروم على أرتاح من أعمال حلب وانتصر المسلمون وغنموا وسبوا حتى أبيعت السرِّيَّة الحسناء بمائة درهم وبعدها بيسير توفي ثمال بحلب.
وفيها توفي أبو سعد بن أبي شمس النيسابوري أحمد بن إبراهيم بن موسى المقرئ المجوّد الرئيس الكامل.
توفي في شعبان وهو في عشر التسعين.
روى عن أبي محمد المخلدي وجماعة.
وروى [الغاية في القراءات] عن ابن مهران المصنف.
وأبو محمد الجوهري الحسن بن علي الشيرازي ثم البغدادي المقنَّعي لأنه كان يتطليس ويلفها من تحت حنكه انتهى إليه علوّ الرواية في الدنيا وأملى مجالس كثيرة وكان صاحب حديث روى عن أبي بكر القطيعي وأبي عبد الله العسكري وعلي بن لؤلؤ وطبقتهم وعاش نيِّفًا وتسعين سنة توفي في سابع ذي القعدة.
وابو نصر زهير بن الحسين السرخسي الفقيه الشافعي مفتي خراسان أخذ ببغداد عن أبي حامد الإسفراييني ولزمه وعلّق عنه تعليقه مليحة.
وروى عن زاهر السرخسي والمخلّص وجماعة.
توفي بسرخس وقيل توفي في سنة خمس وخمسين فالله أعلم.
وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار العجلي أبو الفضل الرازي الإمام المقرئ الزاهد أحد العلماء العاملين.
قال أبو سعد السمعاني: كان مقرئًا كثير التصانيف زاهدًا خشن العيش قانعًا منفردًا عن الناس يسافر وحده ويدخل البراري سمع بمكة من ابن فراس وبالريّ من جعفر بن فناكي وبنيسابور من السلمي وبنسا من محمد بن زهير النسويّ وبجرجان من أبي نصر الإسماعيلي وبأصبهان من ابن مندة الحافظ وببغداد والبصرة والكوفة وحرّان وفارس ودمشق ومصر وكان من أفراد الدهر.
وأبو حفص الزهراويّ عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي محدّث الأندلس مع ابن عبد البرّ توفي في صفر عن ثلاث وتسعين سنة روى عن عبد الوارث بن سفيان وأبي محمد بن أسد والكبار.
ولحقته في آخر عمره فاقة فكان يستعصى وتغيّر ذهنه.
والقضاعي القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر المصري الفقيه الشافعي قضي الديار المصرية ومصنّف كتاب [الشهاب] روى عن أبي مسلم الكاتب فمن بعده.
وقال ابن ماكولا: كان متفنّنًا في عدّة علوم لم أر بمصر من يجري مجراه.
قال الحبّال: توفي في ذي الحجة.
والمعزّ بن باديس بن منصور بن بلَّكين الحميري الصنهاجي صاحب المغرب وكان الحاكم العبيدي قد لقّبه شرف الدولة وأرسل له الخلعة والتقليد في سنة سبع وأربعمائة وله تسعة أعوام وكان ملكًا جليلًا عالي الهمَّة محبًّا للعلماء جوادًا ممدّحًا أصيلًا في الإمرة حسن الديانة حمل أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك وخلع طاعة العبيديين في أثناء أيامه وخطب لخليفة العراق فجهز المستنصر لحربه جيشًا وطال حربهم له وخرّبوا حصون برقة وأفريقية توفي في شعبان بالبرص وله ست وخمسون سنة.
سنة خمس وخمسين وأربعمائة فيها قدم السلطان طغرلبك بغداد فعاث جيشه وفسقوا ونزلوا في دور الناس وهجم جماعة على حمّامين وأخذوا ما استحسنوا من النساء.
ثم رجع إلى الريّ بعد أن دخل بابنة القائم بأمر الله فمات في رمضان وله سبعون سنة وعاش عقيمًا ما بشّر بولد فعهد بالسلطنة إلى ابن أخيه سليمان بن جغريبك فاختلفت الأمراء عليه ومالوا إلى أخيه سليمان بن جغريبك فاختلفت الأمراء عليه ومالوا إلى أخيه ألب أرسلان فاستولى على ممالك عمّه مع ما في يده.
وفيها أحمد بن محمود أبو طاهر الثقفي الأصبهاني المؤدِّب سمع كتاب [العظمة] من أبي الشيخ وما ظهر سماعه منه إلا بعد موته وكان صالحًا ثقة سنيًّا كثير الحديث توفي في ربيع الأول وله خمس وتسعون سنة.
روى عن أبي بن المقرئ وجماعة.
وسبط بحروبه أبو القاسم إبراهيم بن منصور السلمي الكرَّاني الأصبهاني صالح ثقة عفيف.
روى مسند أبي يعلى عن ابن المقرئ ومات في ربيع الأول وله ثلاث وتسعون سنة.
وأبو يعلى الصابوني إسحاق بن عبد الرحمن النيسابوري أخو شيخ الإسلام أبي عثمان.
روى عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي وأبي محمد المخلدي وطبقتهما.
وكان صوفيًا مطبوعًا ينوب عن أخيه في الوعظ توفي في ربيع الآخر وقد جاوز الثمانين.
وطغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق السلطان الكبير ركن الدين أبو طالب التركي الغزّي السلجوقي أول ملوك السلجوقيّة.
وأصلهم من أعمال بخارى وهم أهل عمود أول ما ملك هذا الريّ ثم نيسابور ثم أخذ أخوه داود بلخ وغيرها واقتسما الممالك وملك طغرلبك العراق وقمع الرافضة وزال به شعارهم وكان عادلًا في الجملة حليمًا كريمًا محافظًا على الصلوات يصوم الاثنين والخميس ويعمر المساجد توفي بالريّ فحملوا تابوته فدفنوه بمرو عند قبر أخيه داود جغرايبك.
ومحمد بن حمدون السلمي أبو بكر النيسابوري آخر من روى عن أبي عمرو بن حمدان توفي
سنة ست وخمسين وأربعمائة فيها قبض السلطان ألب أرسلان السلجوقي على الوزير عميد الملك الكندري ثم قتله وتفرّد بوزارته نظام الملك الطوسي فأبطل ما كان عمد طغرلبك ووزيره الكندري من سبّ الأشعرية على المنابر وانتصر للشافعية وأكرم إمام الحرمين أبا المعالي وأبا القاسم القشيري.
ونازل ألب أرسلان هراة فأخذها من عمه ولم يؤذه وأخذ صغانيان وقتل ملكها.
والتقى قتلمش قرابته فقتل قتلمش في المصافّ فحزن عليه وندم ثم تسلّم الريّ وسار إلى أذربيجان وجمع الجيوش وغزا الروم فافتتح عدّة حصون وهابته الملوك وعظم سلطانه وبعد صيته وتوفر الدعاء له بكثرة ما افتتح من بلاد النصارى ثم رجع إلى أصبهان ومنها إلى كرمان.
ثم زوّج ابنه ملكشاه بابنة صاحب غزنة فوقع الائتلاف واتفقت الكلمة والله الحمد.
وفيها توفي الحافظ عبد العزيز بن محمد بن عاصم النخشبي - ونخشب هي نسف - روى عن جعفر المستغفري وابن غيلان وطبقتهما بخراسان وأصبهان والعراق والشام ومات كهلًا وكان من كبار الحفّاظ.
وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري النحوي صاحب التصانيف.
قال الخطيب: كان مضطلعًا بعلوم كثيرة منها النحو واللغة والنسب وأيام العرب والمتقدمين وله أنس شديد بعلم الحديث.
وقال ابن ماكولا: سمع من ابن بطة وذهب بموته علم العربية من بغداد.
وكان أحد من يعرف الأنساب لم أر مثله وكان فقيهًا حنفيًا أخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصري وتقدّم فيه.
وقال ابن الأثير: له اختيار في الفقه وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرأس ولا يقبل من أحد شيئًا.
مات في جمادى الآخرة وقد جاوز الثمانين وكان يميل إلى إرجاء المعتزلة ويعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار.
وأبو شاكر عبد الواحج بن محمد التجيبي القبري نزيل بلنسة أجاز له أبو محمد بن أبي زيد وسمع من أبي محمد الأصيلي وأبي حفص بن نابل وولي القضاء والخطبة ببلنسة وعمّر.
وأبو محمد بن حزم العلامة علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب ابن صالح الأموي مولاهم الفارسي الأصل الأندلسي القرطبي الظَّاهري صاحب المصنفات مات مشردًا عن بلده من قبل الدولة ببادية لبلة بقرية له ليومين بقيا من شعبان عن اثنتين وسبعين سنة.
روى عن أبي عمر بن الجسور ويحيى بن مسعود وخلق.
وأول سماعه سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وكان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعه العلم بالكتاب والسنّة والمذاهب والملل والنِّحل والعربية والآداب والمنطق والشعر قال الغزالي: والديانة والذمّة والسؤدد والرئاسة والثروة وكثرة الكتب قال الغزالي: وجدت في أسماء الله كتابًا لأبي محمد بن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم معرفةً مع توسعة في علم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار أخبرني ابنه الفضل انه اجتمع عنده بخط أبيه من تآليفه نحو أربعمائة مجلد.
وابن النرسي أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسون البغدادي في صفر عن تسع وثمانين سنة روى في مشيخته عن محمد بن إسماعيل الوراق وطبقته.
وقتلمش بن أسرائيل بن سلجوق الملك شهاب الدولة وابنّ عمّ السلطان طغرلبك كانت له قلاع وحصون بعراق العجم فعصى على قرابته السلطان ألب أرسلان وواقعه فقتل في المعركة وهو جدّ سلاطين الروم السلجوقية وكان بطلًا شجاعًا.
والمطرِّز صاحب المقدّمة اللطيفة محمد بن علي بن محمد بن صالح السُّلمي الدمشقي أبو عبد الله النحوي المقرئ في ربيع الأول روى عن تمام وجماعة وآخر من حدَّث عنه النسيب ي فوائده.
وأبو سعيد الخشاب محمد بن علي بن محمد النَّيسابوري المحدّث خادم أبي عبد الرحمن السلمي روى عن أبي محمد المخلدي والخفاف وطائفة.
وعميد الملك الوزير أبو نصر محمد بن منصور الكندري.
وزير السلطان طغرلبك كان من رجال العالم حزمًا ورأيًا وشهامةً وكرمًا وكان قد حيَّ مذاكيره لأمرٍ ثم قتله ألب أرسلان بمرو الرُّوذ في آخر العام وحمل رأسه إلى نيسابور.
سنة سبع وخمسين وأربعمائة فيها ادخل السلطان ألب أرسلان إلى ما وراء النهر فنازل مدينة جند وجدُّ سلحوق مدفون بها فنزل صاحبها إلى خدمته فأحسن إليه وأقرَّه بها.
فيها توفي العيّار سعيد بن أبي سعيد أحمد بن محمد بن نعيم أبو عثمان النيسابوري الصوفي.
روى صحيح البخاري عن محمد بن شبُّويه وروى عن أبي ظاهر بن خزيمة والمخلدي والكبار وانتقى عليه البيهقي توفي بغزنة في ربيع الأول وله مائة سنة وزيادة وقد رحلبنفسه في الحديث سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.
سنة ثمان وخمسين وأربعمائة قال ابن الأثير: فيها ولدت بنت لها رأسان ورقبتان ووجهان على بدن واحد ببغداد بباب الأزج.
وفيها توفي البيهقي الإمام العلم أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخسروجردي الشافعي الحافظ صاحب التصانيف توفي عاشر جمادى الأول بنيسابور ونقل تابوته إلى بيهق وعاش أربعًا وسبعين سنة لزم الحاكم مدة وأكثر عن أبي الحسن العلوي وهو أكبر شيوخه وسمع ببغداد من هلال الحفّار وبمكة والكوفة وبلغت تصانيفه ألف جزء ونفع الله بها المسلمين شرقًا وغربًا لإمامة الرجل ودينه وفضله وإتقانه فالله يرحمه.
وعبد الرزاق بن عمر بن سمه أبو الطيب الأصبهاني التاجر روى عن ابن المقرئ.
وأبو الحسن بن سيده علي بن إسماعيل المرسي العلامة صاحب المحكم في اللغة وكان أعمى بن أعمى رأسًا في العربية حجّة في نقلها.
قال أبو عمر الطلمنكي: أتوني بمرسية ليسمعوا مني غريب المصنف فقلت انظروا من يقرأ لكم فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده فقرأه فعجبت من حفظه.
والعبّادي القاضي أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد الهروي شيخ الشافعية وصاحب التصانيف تفقه على القاضي أبو منصور الأزدي وبنيسابور علي أبي عمر البسطامي وكان إمامًا دقيق النظر واسع العلم له [المبسوط] و [أدب القاضي] و [الهادي] وتوفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة.
وأبو يعلى بن الفرّاء شيخ الحنابلة القاضي الحبر محمد بن الحسين بن محمد بن خلف البغدادي صاحب التصانيف وفقيه العصر كان إمامًا لا يدرك الحربي والمخلّص وطبقتهما وأملى عدَّة مجالس وولي قضاء الحريم وتوفي في تاسع عشر رمضان تفقّه على أبي عبد الله بن حامد وغيره وجميع الطائفة معترفون بفضله ومغترفون من بحره.
سنة تسع وخمسين وأربعمائة في ذي القعدة فرغت المدرسة النظامية التي أنشأها الوزير نظام الملك ببغداد وقرّر لتدريسها الشيخ أبا إسحاق واجتمع الناس فلم يحضر لأنه لقيه صبيّ فقال: كيف تدرّس في مكان مغضوب فوسوسه فاختفى فلما آيسوا من حضوره درس ابن الصبّاغ مصنف [الشامل] فلما وصل الخبر إلى الوزير أقام القيامة على أبي سعيد فلم يزل يرفق بأبي إسحاق حتى درّس بها وعمد العميد إلى قبر أبي حنيفة فبنى عليه قبة عظيمة أنفق عليها الأموال.
وفيها توفي ابن طوق أبو نصر أحمد بن عبد الباقي بن الحسن الموصلي الراوي عن نصر المرجي صاحب أبي يعلى توفي بالموصل في رمضان وله سبع وسبعون سنة.
وابو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي ثم النيسابوري روى عن أبي الفضل بن خزيمة وأبو القاسم الحنّائي صاحب الأجزاء الحنائيات الحسين بن محمد بن إبراهيم الدمشقي المعدّل الصالح وله ثمانون سنة.
روى عن عبد الوهاب الكلابي والحسن بن محمد بن درستويه وطائفة.
وابو مسلم الأصبهاني الأديب المفسر المعتزلي محمد بن علي بن محمد ابن مهر بزد آخر أصحاب ابن المقرئ موتًا له تفسير في عشرين مجلدًا توفي في جمادى الآخرة وله ثلاث وتسعون سنة.
سنة ستين وأربعمائة فيها وقبلها كان الغلاء العظيم بمصر.
وفيها كانت الزلزلة التي هلك فيها بالرملة وحدها على ما ورّخ ابن الأثير خمسة وعشرون الفًا وقال: انشقت صخرة بيت المقدس وعادت بأذن الله وأبعد البحر عن ساحله مسيرة يوم وردّ.
وفيها توفي الباطرقاني أبو بكر احمد بن الفضل الأصبهاني المقرئ الأستاذ توفي في صفر عن ثمان وثمانين سنة وله مصنفات في القراءات وكان صاحب حديث وحفظ روى عن أبي عبد
وابن القطّان أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى القرطبي المالكي رئيس المفتين بالأندلس وله سبعون سنة.
روى عن يونس بن عبد الله القاضي وجماعة.
وخديجة بنت محمد بن علي الشَّاهجانيَّة الواعظة ببغداد كتبت بخطها عن ابن سمعون وتوفيت في المحرم عن أربع وثمانين سنة.
وعائشة بنت الحسن الوركانية الأصبهانيَّة.
روت عن أبي عبد الله بن مندة.
وعبد الدائم بن الحسن الهلالي الحوراني ثم الدمشقي آخر أصحاب عبد الوهاب الكلابي عن ثمانين سنة.
سنة إحدى وستين وأربعمائة في نصف شعبان احترق جامع دمشق كله من حرب وقع بين الدولة فضربوا بالنار دارًا مجاورةً للجامع فقضي الأمر واشتد الخطب وأتى الحريق على سائره ودثرت محاسنه وانقضت مدة ملاحته.
وفيها توفي الفوراني أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المروزي شيخ الشافعية وتلميذ القفّال وذو التصانيف الكثيرة وعنه أخذ أبو سعد المتولّي صاحب التتمة وكان
وعبد الرحيم بن أحمد البخاري الحافظ أبو زكريا ذو الرحلة الواسعة سمع ببخارى من الحليمي وبخراسان من أبي يعلى المهلَّبي وبدمشق من تمام وبمصر من عبد الغني بن سعيد وببغداد من أبي عمر بن مهدي وعاش تسعًا وسبعين سنة.
وأبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري روى بمصر ودمشق عن أبي الحسن الحلبي ومحمد بن أحمد الأخميمي وطبقتهما توفي في جمادى الأولى بمصر وله ست وسبعون سنة وثّقه الكتّاني وغيره.
ومقرئ مصر أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي الشيرازي شيخ ابن الفحام قرأ القراءات على السوسنجردي وابن الحمّامي وجماعة.
وروي الحديث.
سنة اثنتين وستين وأربعمائة فيها أقبلت جيوش الروم فنزلوا على منبج واستباحواها وأسرعوا الكرّة لفرط القحط أبيع فيهم رطل الخبز بدينار.
وفيها أقيمت الخطبة العباسيّة بالحجاز وقطعت خطبة المصريين لآشتغالهم بما هم من القحط والوباء الذي لم يسمع في الدهور بمثله وكاد الخراب يستولي على وادي مصر حتى إن صاحب [مرآة الزمان] نقل شيئًا الله أعلم بصحّته أن امرأة خرجت وبيدها مدّ جوهر فقالت من يأخذه بمدّ برّ فلم يلتفت إليها أحد فألقته في الطريق وقالت هذا ما نفعني وقت الحاجة فلا أريده فلم يلتفت أحد إليه.
ولما جاءت البشارة بإقامة الدعوة بمكة أرسل السلطان ألب أرسلان إلى صاحبها محمد بن أبي هاشم ثلاثين ألف دينار وخلعًا.
وفيها توفي القاضي حسين بن محمد بن أحمد أبو علي المروزي المرورذيّ شيخ الشافعية في زمانه وأحد أصحاب الوجوه تفقه على أبي بكر القفّال وروى عن أبي نعيم الاسفراييني توفي في المحرم.
وأبو غالب بن بشران الواسطي صاحب اللغة محمد بن أحمد بن سهل المعدَّل الحنفي ويعرف بابن الخالة وله اثنتان وثمانون سنة وله يكن بالعراق أعلم منه باللغة روى عن أحمد بن عبيد بن بيري وطبقته.
وأبو عبد الله محمد بن عتّاب الجذامي مولاهم المالكي مفتي قرطبة وعالمها ومحدّثها وروعها توفي في صفر ومشى في جنازته المعتمد بن عبّاد وله تسع وسبعون سنة روى عن أبي المطرّف القنازعي وخلق.
فيها أقام صاحب حلب محمود بن صالح الكلابي الخطبة العباسية وقال للحلبيّين: هذه دولة عظيمة نخافها وهم يستحلّون دماءكم للتشيُّع فأجابوا.
ولبس الخطيب السواد وأخذت رعاع الرافضة حصر الجامع وقالوا: هذه حصر الإمام علي فليأت أبو بكر بحصره.
وجاءت محمودًا الخلع من طراد الزينبي ثم قليل جاء السلطان ألب أرسلان وحاصر محمودًا فخرجت أمه بتقادم وتحف فترحّل عنهم.
وفيها كانت الملحمة الكبرى.
قال ابن الأثير: خرج أرمانوس في مائتي ألف من الفرنج والروم والروس والكرج فوصل إلى منازجرد فبلغ السلطان كثرتهم وهو نجوى وما عنده سوى خمسة عشر ألف فارس فصمّم على الملتقى وقال إن استشهدت فابني ملكشاه ولي عهدي فلما التقى الجمعان أرسل يطلب المهادنة فقال طاغية الروم: لا هدنة إلا بالريّ فاحتدّ ألب أرسلان وجرى المصافّ يوم الجمعة والخطباء على المنابر ونزل السلطان وعفَّر وجهه في التراب وبكي وتضرّع ثم ركب وحمل فصار المسلمون في وسط القوم وصدقوا اللقاء وقتلوا الروم كيف شاءوا ونزل النصر وانهزمت الروم وامتلأت الأرض بالتقتلى وأسر أرمانوس فأحضر إلى السلطان فضربه ثلاثة مقارع بيده وقال: ألم أرسل إليك في الهدنة فأبيت فقال: دعني من التوبيخ وافعل ما تريد قال: ما كنت تفعل لو أسرتني.
قال: فما كنت تظن أن أفعل
قال: ما عزمت على غير هذه ثم فدى نفسه بألف ألف وخمسمائة ألف دينار وبكل أسير في مملكته فخلع عليه وأطلق له عدّة من البطارقة وهادنه خمسين سنة وشيَّعه فرسخًا وأعطاه عشرة آلاف دينار برسم الطريق فقال: أين جهة الخليفة فعرّفوه.
فكشف رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة وأما المنهزمون ففقدوه وملّكوا عليهم ميخائيل فلما وصل هذا إلى أطراف بلاده ترهّب وتزهَّد وجمع ما أمكنه فكان مائتين وتسعين ألف دينار فأرسله وحلف أنه لا يقدر على غيره ثم إنه استولى على بلاد الأرمن.
قال: وفيها سار أتسز بن أوق الخوارزمي أحد أمراء الملك ألب أرسلان فدخل الشام وافتتح الرَّملة أخذها من المصريين ثم حاصر بيت المقدس فأخذه منهم ثم حاصر دمشق وعاث عسكره وأخربوا أعمال دمشق.
وفيها توفي أبو حامد الأزهري أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن الأزهر النيسابوري الشُّرطي الثقة.
روى عن أبي محمد المخلدي وجماعة ومات في رجب عن تسع وثمانين سنة وآخر أصحابه وجيه.
وأبو بكر الخطيب أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي الحافظ أحد الأئمة الأعلام وصاحب التواليف المنتشرة في الإسلام.
قال ابن ماكولا: لم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثل الخطيب.
قلت: روى عن أبي عمر بن مهدي وابن الصَّلت الأهوازي وطبقتهما ورحل إلى البصرة ونيسابور وأصبهان ودمشق والكوفة والريّ توفي ببغداد في سابع ذي الحجة.
وابن زيدون شاعر الأندلس أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن غالب بن زيدون المخزومي القرطبي توفي في رجب بإشبيليّة وكان عزيزًا على المعتمد بن عبّاد كأنه وزيرٌ له.
وأبو علي حسان بن سعيد بن سعيد المنيعي ورئيس مرو الروذ الذي عمّ خراسان ببرّه وأفضاله وأنشأ الجامع المنعيعي وكان يكسو في العام نحو ألف نفس وكان أعظم من وزير رحمه الله.
روى عن أبي طاهر بن محمش وجماعة.
وأبو عمر المليحي عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم الهروي المحدّث رواي الصحيح عن النعيمي في جمادى الآخرة وله ست وتسعون سنة سمع بنيسابور من المخلدي وأبي الحسين الخفاف وجماعة وكان ثقة صالحًا أكثر عنه محي السنّة.
وكريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم أم الكرام المروزيّة المجاورة بكة روت الصحيح عن الكشميهني وروت عن زاهر السرخسي وكانت تضبط كتابها وتقابل نسخها ولها فهم ونباهة وما تزوّجت قط وقيل إنها بلغت المائة وسمع منها خلق.
وأبو الغنائم بن الدجاجي محمد بن علي البغدادي.
روي.
عن علي بن عمر الحربي وابن معروف وجماعة.
توفي في شعبان وله ثلاث وثمانون سنة.
وأبو علي محمد بن وشاح الزينبي روى عن أبي حفص بن شاهين وجماعة.
قال الخطيب: كان معتزليًا.
قلت: توفي في رجب.
وابو عمر بن عبد البر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَّمري الحافظ القرطبي أحد الأعلام وصاحب التصانيف توفي في سلخ ربيع الآخر وله خمس وتسعون سنة وخمسة أيام روى عن سعيد بن نصر وعبد الله بن أسد وابن ضيفون وطبقتهم وأجاز له من مصر أبو الفتح بن سيبخت الذي يروي عن أبي القاسم البغوي وليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة والتبحر في الفقه والعربية والأخبار.
سنة أربع وستين وأربعمائة فيها توفي أبو الحسن جابر بن ياسين البغدادي الحنَّائي العطار روى عن أبي حفص الكتَّاني والمخلّص.
والمعتضد بالله أبو عمرو عبّاد بن القاضي محمد بن إسماعيل بن عبّاد اللَّخمي صاحب إشبيليّة ولي بعد أبيه وكان شهمًا مهيبًا صارمًا داهية مقدامًا جرى على سنن أبيه مدة لم يلقب بأمير المؤمنين وقتل جماعة صبرًا وصادر آخرين ودانت له الملوك.
وابن حيدٍ أبو منصور بكر بن محمد بن علي بن محمد بن حيدٍ النيسابوري التاجر ويلقب بالشيخ المؤتمن.
روى عن أبي الحسين الخفاف وجماعة وكان ثقة حدَّث بخراسان والعراق وتوفي في صفر.
سنة خمس وستين وأربعمائة فيها قتل ألب أرسلان وتسلطن ابنه ملكشاه فجاء قاروت بك بجيشه من كرمان ليستولي على ممالك ألب أرسلان أخيه فالتقاه ابن أخيه ملكشاه بناحية همذان فانهزم جيش قاروت بك وأسر هو فخنقه ابن أخيه ملكشاه.
وفيها افترق جيش مصر واقتتلوا عند كوم الرّيش وكانت ملحمة مشهورة وقتل نحو الأربعين ألفًا ثم التقوا مرَّة ثانية وكثر القتل في العبيد وانتصر الأتراك وضعف المستنصر وأنفق خزائنه في رضاهم وغلبت العبيد على الصعيد ثم جرت لهم وقعات وعاد الغلاء المفرط
والوباء ونهبت الجند دور العامة.
قال ابن الأثير: اشتد الغلاء والوباء حتى إنَّ أهل البيت كانوا يموتون في ليلة وحتى حكى أنَّ امرأة أكلت رغيفًا بألف دينار فاستبعد ذلك فقيل إنها باعت عروضًا لها ألف دينار بثلاثمائة دينار واشترت بها حملة قمح وحمله الحمّال على ظهره فنهبت الحملة فنهبت المرأة مع الناس فحصل لها رغيف واحد.
وفيها توفي السلطان الكبير عضد الدولة أبو شجاع محمد ألب أرسلان ابن الملك جغرايبك وهو داود بن ميكائيل بن سلجوق بن نفاق بن سلجوق - ونفاق بالتركي: قوس حديد - ونفاق أول من دخل في دين الإسلام وألب أرسلان أوَّل من قيل له السلطان على منابر بغداد وكان في أواخر دولته من أعدل الناس ومن أحسنهم سيرة وأرغبهم في الجهاد وفي نصر الإسلام لم عبر بهم جيحون في صفر ومعه نحو مئتي ألف فارس وقصد تكين بن طمغاخ فأتى بمتولّي قلعة اسمه يوسف الخوارزمي فأمر بأن يشبح بأربعة أوتاد فقال: يا مخنّث مثلي يقتل هكذا فغضب السلطان فأخذ القوس والنشّاب وقال: خلّوه ورماه فأخطأه - وكان قلّ أن يخطئ - فشدّ يوسف عليه فنزل السلطان عن السرير فعثر فبرك عليه يوسف وضربه بسكين معه في خاصرته فشدّ مملوك على يوسف قتله ثم مات السلطان من ذلك الجرح عن أربعين سنة وشهرين وكان أهل سمرقند قد خافوه وابتهلوا إلى الله وقرأوا الختم ليكفيهم أمر
وابن المأمون أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن محمد الهاشمي العباسي البغدادي في شوال وله تسع وثمانون سنة.
سمع جدّه أبا الفضل بن المأمون والدارقطني وجماعة.
قال أبو سعد بن السمعاني: كان ثقة نبيلًا مهيبًا تعلوه سكينة ووقار رحمه الله.
وأبو القاسم القشيري عبد الكريم بن هوازن النيسابوري الصوفي الزاهد شيخ خراسان وأستاذ الجماعة ومصنّف [الرسالة] توفي في ربيع الآخر وله تسعون سنة روى عن أبي الحسين الخفّاف وأبي نعيم الإسفراييني وطائفة.
قال أبو سعد السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة.
وصرَّدرَّ الشاعر صاحب الديوان أبو منصور علي بن الحسن بن علي ابن الفضل البغدادي الكاتب المنشئ وقد روى عن أبي الحسين بن بشران وجماعة.
وأبو جعفر بن المسلمة محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن الحسن السلمي البغدادي ثقة نبيل عالي الإسناد كثير السّماع متين الديانة توفي جمادى الأولى عن إحدى وتسعين سنة وهو آخر من روى عن أبي الفضل الزُّهري وأبي محمد بن معروف.
وابن الغريق الخطيب أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله ابن عبد الصمد بن محمد بن الخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق العباسي سيّد بني العباس في زمانه وشيخهم مات في أول ذي الحجة وله خمس وتسعون سنة وهوآخر من حدَّث عن ابن شاهين والدارقطني وكان ثقةً نبيلًا صالحًا متبتلًا كان يقال له راهب بني هاشم لدينه وعبادته وسرده الصوم.
وهنّاد بن إبراهيم أبو المظفر النسفي صاحب مناكير وعجائب روى عن القاضي أبي عمر الهاشمي وغجار وطبقتهما.
وأبو القاسم الهذلي يوسف بن علي بن جبارة المغربي المقرئ المتكلم النحوي صاحب كتاب [الكامل في القراءات] وكان كثير الترحال حتى وصل إلى بلاد التُّرك في طلب القراءات المشهورة والشاذة.
سنة ست وستين وأربعمائة فيها كان الغرق الكثير ببغداد فهلك خلق تحت الردم وأقيمت الجمعة في الطيّار على ظهر الماء وكان الموج كالجبال وبعض المحال غرقت بالكليّة وبقيت كأن لم تكن وقيل إنّ ارتفاع الماء بلغ ثلاثين ذراعًا.
وفيها توفي أبو سهل الحفصي محمد بن أحمد بن عبيد الله المروزيّ راوي الصحيح عن وأبو محمد الكتَّاني عبد العزيز بن أحمد التميمي الدمشقي الصوفي الحافظ.
روى عن تمّام الرازي وطبقته ورحل سنة سبع عشرة وأربعمائة إلى العراق والجزيرة وكان يفهم ويذاكر.
قال ابن ماكولا: مكثر متقن.
قلت: توفي في جمادى الآخرة.
وأبو بكر العطار محمد بن إبراهيم بن علي الحافظ الأصبهاني مستملي الحافظ أبي نعيم.
روى عن ابن مردويه والقاضي أبي عمر الهاشمي وطبقتهما قال الدقاق: كان من الحفّاظ يملي من حفظه توفي في صفر.
وابن حيُّوس الفقيه أبو المكارم محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي الفرضي.
روى عن خاله أبي نصر بن الجندي وعبد الرحمن بن أبي نصر توفي في ربيع الآخر.
ويعقوب بن أحمد أبو بكر الصيرفي النيسابوري العدل.
روى عن أبي محمد المخلدي والخفاف توفي في ربيع الأول.
سنة سبع وستين وأربعمائة قال ابن الأثير: قد مرّ في سنة خمسٍ تغلّب الأتراك وبني حمدان على مصر وعجز المستنصر عنهم وما صار إليه من الشدّة والفقر وقتل ابن حمدان فراسل المستنصر بدرًا الجمالي وهو بساحل الشام فاستخدم جيشًا وسار في هذه السنة من عكّا في البحر زمن الشتاء وخاطر لأنه أراد أن يبغت مصر وكان هذا الأمر بينه وبين المستنصر سرًا فسلم ودخل مصر فولاه المستنصر الوزارة ولقَّبه أمير الجيوش فبعث طوائف من أصحابه إلى قوّاد مصر الكبار فبعث إلى كل أميرٍ طائفة ليأتوه برأسه ففعلوا.
وأصبح وقد فرغ من أمر الديار المصرية ونقل جميع حواصلهم إلى دار الخلافة فعاد إليه جميع ما كان أخذ منه إلا القليل ثم سار إلى دمياط وقد عصى بها طائفة فقتلهم ثم أخذ الاسكندرية عنوةً وقتل جماعة ثم سار إلى الصعيد فهذّبه وقتل به اثني عشر ألفًا وأخذ النساء والمتاع فتجمّع لحربه عشرون ألف فارس وأربعون ألف راجل وعسكروا.
فبيّتهم نصف الليل فانهزموا وقتل منهم خلائق ثم عمل بعد ذلك معهم مصافًّا فهزمهم.
ثم أخذ يعمرِّ البلاد فأطلق للفلاحين الكلف ثم عث الهدايا إلى صاحب مكّة فأعاد خطبة المستنصر بعد أن كان خطب للقائم بأمر الله أربعة أعوام.
وفيها عمل السلطان ملكشاه الرّصد وأنفق عليه أموالًا عظيمة.
وفيها توفي أبو عمر بن الحذَّاء محدِّث الأندلس أحمد بن محمد بن يحيى القرطبي مولى بني أميّة حضَّه أبوه على الطَّلب في صغره وكتب عن عبد الله بن أسد وعبد الوارث بن سفيان وسعيد بن نصر والكبار في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وانتهى إليه علوّ الإسناد بقطره توفي في ربيع الآخر عن سبع وثمانين سنة.
والقائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسي توفي في شعبان وله ست وسبعون سنة وبقي في الخلافة أربعًا وأربعين سنة وتسعة أشهر وأمُّه أرمنيّ ة كان أبيض مليح الوجه مشربًا حمرة ورعًا ديِّنًا كثير الصدقة له وفضل من خير الخلائق ولا سيَّما بعد عوده إلى الخلافة في نوبة البساسيري فإنه صار يكثر الصيام والتَّهجُّد غسَّله الشريف أبو جعفر بن أبي موسى شيخ الحنابلة وبويع حفيده المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم.
وأبو الحسن الدَّاوودي جمال الإسلام عبد الرحمن بن محمد بن المظفَّر البوشنجي شيخ خراسان علمًا وفضلًا وجلالة وسندًا روى الكثير عن أبي محمد بن حمويه وهو آخر من حدَّث عنه وتفقه على القفّال المروزيّ وأبي الطيّب الصُّعلوكي وأبي حامد الإسفراييني توفي في شوال وله أربع وتسعون سنة.
وأبو الحسن الباخرزي الرئيس الأديب علي بن الحسن بن أبي الطيّب مؤلف كتاب دمية
وأبو الحسن بن صصري علي بن الحسن بن أحمد بن محمد التَّغلبي البلدي ثم الدمشقي المعدَّل.
روى عن تمَّام الرازي وجماعة.
توفي في المحرم.
وأبو بكر الخيّاط مقرئ العراق محمد بن علي بن محمد بن موسى الحنبلي الرجل الصالح سمع من إسماعيل بن الحسن الصَّرصري وأبي الحسن المجبِّر وقرأ على أبي أحمد الفرضي وأبي الحسن السُّوسنجردي وجماعة توفي في جمادى الأولى.
ومحمود بن نصر بن صالح بن مرداس الأمير عزّ الدولة الكلابي صاحب حلب ملكها عشرة أعوام وكان شجاعًا فارسًا جوادًا ممدَّحًا يداري المصريين والعباسيين لتوسط داره بينهما وولي بعده ابنه نصر فقتله بعض الأتراك بعد سنة.
سنة ثمان وستين وأربعمائة فيها حاصر أتسز الخوارزمي دمشق واشتدّ بها الغلاء وعدمت الأقوات ثم تسلَّم البلد بالأمان وعوَّض انتصار المصمودي ببانياس ويافا وأقيمت الخطبة العباسية وأبطل شعار الشِّيعة من الأذان وغيره واستولى تسز على أكثر الشام وعظم ملكه.
وفيها توفي أبو علي غلام الهرَّاس مقرئ واسط الحسن بن القاسم الواسطي ويعرف أيضًا بإمام الحرمين كان أحد من عني بالقراءات ورحل فيها إلى بلاد وصنّف فيها.
قرأ على أبي الحسن السوسنجردي والحمامي وطبقتهما ورحل القرَّاء إليه من الآفاق وفيه لينٌ توفي في جمادي الأولى عن أربع وتسعين سنة.
وعبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة أبو الفتح الرّازي الواعظ الجوهري التاجر روى عن علي بن محمد القصّار وطائفة وعاش تسعين سنة وآخر من حدَّث عنه إسماعيل الحمّامي.
وأبو نصر التاجر عبد الرحمن بن علي النيسابوري المزكّي روى عن يحيى بن إسماعيل الحربي النيسابوري وجماعة.
وأبو الحسن الواحدي المفسّر علي بن أحمد النيسابوري تلميذ أبي إسحاق الثَّعلبي وأحد من برع في العلم.
روى في كتبه عن ابن محمش وأبي بكر الحيري وطائفة وكان رأسًا في اللغة و العربية توفي في جمادى الآخرة وكان من أنباء السبعين.
وابن عليّك أبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن الحسن النيسابوري روى عن أبي نعيم الإسفراييني وجماعة.
وقال ابن نقطة حدَّث عن أبي الحسين الخفّاف مات في رجب بتفليس.
وأبو بكر الصفّار محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس النيسابوري الشافعي أحد الكبار المفتيين تفقّه على أبي محمد الجويني وجلس بعده في حلقته وروى عن أبي نعيم الإسفراييني وطائفة توفي في ربيع الآخر.
وأبو القاسم المهرواني يوسف بن محمد الهمذاني الصوفي العبد الصالح الذي خرّج له الخطيب خمسة أجزاء.
روى عن أبي أحمد الفرضي وأبي عمر بن مهدي ومات في ذي الحجة.
ويوسف بن محمد بن يوسف أبو القاسم الخطيب محدّث همذان وزاهدها روى عن أبي بكر بن لال وأبي أحمد الفرضي وأبي عمر بن مهدي وطبقتهم.
وجمع ورحل وعاش سبعًا وثمانين سنة.
سنة تسع وستين وأربعمائة فيها سار أتسز صاحب الشام فقصد مصر وحاصرها ولم يبق إلا أن يملكها فاجتمع الخلق وتضرّعوا إلى الله مما هم فيه فترحَّل عنهم شبه المنهزم من غير سبب وأتى القدس فعصوا عليه فقاتلهم.
ثم دخل البلد عنوةّ وعمل كل قبيح وذبح القاضي والشهود وقتل بها نحوًا من ثلاثة آلاف نفس.
وفيها كانت فتنة أبي نصر بن القشيري ببغداد قدم فوعظ بالنظاميّة وحاب في الوعظ
الاعتقاد ونصر الأشاعرة وحطَّ على الحنابلة فهاجت أحداث السُّنّة وقصدوا النظاميّة وحميت الفتنة وقتل بها نحوًا من ثلاثة آلاف نفس.
وفيها كانت فتنة أبي نصر بن القشيري ببغداد قدم فوعظ بالنظامية وحاب في الوعظ الاعتقاد ونصر الأشاعرة وحطَّ على الحنابلة فهاجت أحداث السُّنّة وقصدوا النظاميّة وحميت الفتنة وقتل جماعة نعوذ بالله من الفتن.
وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السُّلمي أحد رؤساء دمشق وعدولها روى عن جدّه أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان وجماعة.
وسمع بمكة من ابن جهضم توفي في ربيع الأول في عشر التسعين.
وحاتم بن محمد بن الطرابلسي أبو القاسم التميمي القرطبي المحدِّث المتقن مسند الأندلس في ذي القعدة وله إحدى وتسعون سنة.
روى عن عمر بن نابل وأبي المطرَّف بن فطيس وطبقتهما.
ورحل فأكثر عن أبي الحسن القابسي وسمع بمكة من ابن فراس العبقسي و كان فقيهًا مفتيًا قيل إنه دعي إلى قضاء قرطبة فأبى.
وحيَّان بن خلف بن حسين بن حيّان أبو مروان القرطبي الأديب مؤرِّخ الأندلس ومسندها توفي في ربيع الأول وله اثنتان وتسعون سنة.
سمع من عمر بن نابل وغيره وله كتاب [المتين] في تاريخ الأندلس ستّون مجلدًا وكتاب [المقتبس] في عشر مجلدات وقد رئي في النوم فسئل عن التاريخ الذي عمله فقال: لقد ندمت عليه إلا أنَّ الله تعالى أقالني وغفر لي بلطفه.
وحيدرة بن علي الأنطاكي أبو المنجَّا المعبِّر حدّث بدمشق عن عبد الرحمن بن أبي نصر وجماعة.
قال ابن الأكفاني: كان يذكر أنه يحفظ في علم التعبير عشرة آلاف ورقة وزيادة.
وأبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ المصري الجوهري النحوي صاحب التصانيف دخل بغداد تاجرًا في الجوهر وأخذ عن علمائها وخدم بمصر في ديوان الإنشاء ثم تزهّد بآخرة ثم سقط من السطح فمات.
وكرَّكان الزاهد القدوة أبو القاسم عبد الله بن علي الطوسي شيخ الصوفية وصاحب الدويرة والأصحاب روى عن حمزة المهلَّبي وجماعة ومات في ربيع الأول.
وأبو محمد الصَّريقيني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هزارمرد المحدّث خطيب صريفين توفي في جمادى الآخرة عن خمس وثمانين سنة روى عن أبي القاسم بن حبابة وأبي حفص الكتّابي وطائفة وكان ثقة.
سنة سبعين وأربعمائة
وفيها كانت فتنة هائلة ببغداد بسبب الاعتقاد ووقع النهب في البلد واشتدّ الخطب وركب العسكر وقتلوا جماعة حتى فتر الأمر.
وفيها توفي أبو صالح المؤذِّن أحمد بن عبد الملك بن علي النيسابوري الحافظ محدّث خراسان في زمانه روى عن أبي نعيم الإسفراييني وأبي الحسن العلوي والحاكم وخلق.
ورحل إلى أصبهان وبغداد ودمشق في حدود الثلاثين وأربعمائة وله ألف حديث عن ألف شيخ وثّقه الخطيب وغيره ومات في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة وله تصانيف ومسوَّدات.
وابو الحسين بن النَّقور أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي البزاز المحدّ! ث الصدوق.
روى عن علي الحربي وأبي القاسم بن حبابة وطائفة وكان يأخذ على نسخة طالوت دينارًا أفتاه بذلك الشيخ أبو إسحاق لأن الطلبة كانوا يفوّتونه الكسب لعياله مات في رجب عن تسعين سنة.
وابو نصر بن طلاب الخطيب الحسين بن أحمد بن محمد القرشي مولاهم الدمشقي خطيب دمشق روى عن ابن جميع [معجمه] وعن أبي بكر بن أبي الحديد وكان صاحب مالٍ وأملاك وفيه عدالة وديانة توفي في صفر وله إحدى وتسعون سنة.
وعبد الله بن الخلال أبو القاسم بن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد البغدادي سمَّعه أبوه من أبي حفص الكتَّاني والمخلّص ومات في صفر عن خمس وثمانين سنة.
قال الخطيب: كان وأبو جعفر بن أبي موسى الهاشيم شيخ الحنابلة عبد الخالق بن عيسى ابن أحمد وكان ورعًا زاهدًا علاَّمة كثير الفنون رأسًا في الفقه شديدًا على المبتدعة نافذ الكلمة.
روي عن أبي القاسم بن بشران وقد أخذ في فتنة ابن القشيري وحبس أيامًا ومات في صفر عن تسع وخمسين سنة.
وأبو القاسم عبد الرحمن بن مندة الأصبهاني الحافظ صاحب التصانيف ولد الحافظ الكبير الجوّال أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد العبدي كان ذا سمتٍ ووقار وله أصحاب وأتباع وفيه تستُّن مفرط أوقع بعض العلماء في الكلام في معتقده وتوهّموا فيه التجسيم وهو برئ منه فيما علمت ولكن لو قصّر من شأنه لكان أولى به أجاز له زاهر بن أحمد السرخسي وروى الكثير عن أبيه وأبي جعفر الأبهري وطبقتهما وسمع بنيسابور من أصحاب الأصمّ وبمكة من ابن جهضم وبهمذان والدينور وشيراز وبغداد وعاش تسعًا وثمانين سنة.
سنة إحدى وسبعين وأربعمائة فيها دخل تاج الدولة تتش أخو السلطان ملكشاه إلى الشام من جهة أخيه وأخذ حلب ودمشق وكان عسكره التركمان وكان أقسيس - ويقال أتسز وأطسز الخوارزمي - قد جاء المصريون لحربه فاستنجد بتتش عندما أخذ حلب فسار إليه وفرّ المصريون فخرج أقسيس إلى خدمة تتش فأظهر الغضب لكونه ما تلقاه إلى بعيد وقبض عليه وقتله في الحال وأحسن سيرته في الشاميين وكان الناس في جورٍ وضرّ مع أتسز نزل جنده في بيوت الناس وصادر الناس وعذبهم في الشمس.
وفيها توفي أبو علي بن البنّا الفقيه الحسن بن أحمد البغدادي الحنبلي صاحب التواليف والتخاريج روى عن هلال الحفّار وطبقته وقرأ القراءات على الحمّامي وتفقه ودرَّس وأفتى ووعظ وكان ناصرًا للسنة.
وأبو علي الوخشي الحسن بن علي بن محمد البلخي الحافظ الكبير رحل وطوّف وجمع وصنَّف وعاش ستًّا وثمانين سنة.
روى عن تمام الرازي وأبي عمر بن مهدي وطبقتهما بالشام والعراق ومصر وخراسان وكان ثقةً.
وأبو القاسم الزنجاني سعد بن علي الحافظ القدوة الزاهد نزيل الحرم جار بيت الله.
روى عن أبي عبد الله بن نظيف الفرَّاء وعبد الرحمن بن ياسر الجوبري وخلق.
سئل محمد بن طاهر المقدسي عن أفضل من رأى فقال: سعد الزنجاني وشيخ الإسلام الأنصاري فقيل: أيّهما أفضل فقال: الأنصاري كان متفننا وأما الزنجاني فكان أعرف بالحديث منه وسئل إسماعيل التيمي عن سعد فقال: إمام كبير عارف بالسنَّة.
وقال غيره: توفي في أوّل سنة إحدى وسبعين أو في آخر سنة سبعين عن تسعين سنة.
وعبد الباقي بن محمد بن غالب أبو منصور الأزجي العطار وكيل القائم والمقتدي صدوق جليل.
روى عن المخلّص وغيره توفي في ربيع الآخر.
وعبد العزيز بن علي أبو القاسم الأنماطي ابن بنت السُّكّري.
روى عن المخلص.
قال عبد الوهاب: الأنماطي ثقة ومات في رجب.
قلت: آخر من روى عنه ابن الطلاية الزاهد.
وعبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني أبو بكر النحوي اللعلاّمة صاحب التصانيف منها [المغني في شرح الإيضاح] ثلاثون مجلدًا وكان شافعيًّا أشعريًا.
ومنهم من يقول: توفي سنة أربع وسبعين.
وأبو عاصم الفضيلي الفقيه واسمه الفضيل بن يحى الهروي شيخ أبي الوقت في جمادى الأولى وله ثمان وثمانون سنة.
وأبو الفضل القومساني محمد بن عثمان بن زيرك شيخ عصره بهمذان فضلًا وعلمًا وجلالةً وزهادةً وتفننًا في العلوم عن بضع وسبعين سنة.
ومحمد بن أبي عمران أبو الخير بن موسى المروزي الصفّار آخر أصحاب الكشميهني ومن به ختم سماع البخاري عاليًا ضعَّفه ابن طاهر.
سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة فيها توفي أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن محمد الشافعي المكي الحنّاط المعدَّل روى عن أحمد بن فراس العبقسي وعبيد الله بن أحمد السقطي توفي في ذي القعدة.
ومحمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد أبو عبد الله الفرسي ثم الهروي راوي جزء أبي الجهم وغير ذلك عن أبي محمد الشريحي في شوال.
وأبو منصور العكبري محمد بن أحمد الأخباري النديم عن تسعين سنة صدوق.
روى عن محمد بن عبد الله الجعفي وهلال الحفّار وطائفة.
توفي في شهر رمضان.
وهيَّاج بن عبيد الزاهد القدوة أبو محمد الحطِّيني قال هبة الله الشيرازي: أما هيّاج الزاهد الفقيه فما رأت عيناي مثله في الزهد والورع.
وقال ابن طاهر: بلغ في زهده أنه يواصل ثلاثة أيام لكي يفطر على ماء زمزم فإذا كان اليوم الثالث من أتاه بشيء أكله وكان قد نيَّف على الثمانين وكان يعتمر في كل يوم ثلاث عمر على رجليه ويدرس عدَّة دروس لأصحابه وكان يزور النبي صلى الله عليه وسلم في كل من مكة فيمشي حافيًا ذاهبًا وراجعًا.
روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة.
سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة فيها توفي أبو القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب الواعظ النيسابوري آخر أصحاب أبي الحسين الخفّاف موتًا وروي عن العلوي وغيره.
وأبو الفتيان بن حيوس الأمير مصطفى الدولة محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي شاعر أهل الشام له ديوان كبير.
وقد روى عن خاله أبي نصر بن الجندي توفي في شعبان بحلب عن ثمانين سنة.
سنة أربع وسبعين وأربعمائة فيها سار تتش السلجوقي غازيًا في دمشق فافتتح طرسوس.
وفيها توفي أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف التجيبي القرطبي بالمريّة في رجب عن إحدى وسبعين سنة.
روى عن يونس بن عبد الله بن مغيث ومكّي بن أبي طالب وجاور ثلاثة
أعوام ولزم أباذرّ الهروي وكان يمضي معه إلى السراة ثم رحل إلى بغداد وإلى دمشق وروى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطبقته بدمشق وابن غيلان وطبقته ببغداد وتفقه على أبي الطيّب الطبري وجماعة وأخذ علم الكلام بالموصل عن أبي جعفر السمناني وسمع الكثير وبرع في الحديث والفقه والأصول والنظر وردَّ إلى وطنه بعد ثلاث عشرة سنة بعلمٍ جمٍّ مع الفقر والقناعة وكان يضرب ورق الذهب للغزل ويعقد الوثائق ثم فتحت عليه الدنيا وأجزلت صلاته وولي قضاء أماكن وصنّف التصانيف الكثيرة.
قال أبو علي بن سكرة: ما رأيت أحدًا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه.
وأبو القاسم بن البسري علي بن أحمد البغدادي البندار.
قال أبو سعد السمعاني: كان صالحًا ثقة فهمًا عالمًا سمع المخلّص وجماعة وأجاز له ابن بطة ونصر المرجي وكان متولضعًا حسن الأخلاق ذا هيئة ورواء توفي في سادس رمضان.
وأبو بكر محمد بن المزكّي المحدث من كبار الطلبة كتب عن خمسمائة نفس وأكثر عن أبيه وأبي عبد الرحمن السُّلمي والحاكم.
وروى عنه الخطيب مع تقدمه توفي في رجب.
سنة خمس وسبعين وأربعمائة
فيها قدم الشريف أبو القاسم البكري الواعظ من عند نظام الملك إلى بغداد فوعظ بالنظامية ونبز الحنابلة بالتجسيم فسبوه وتعرضوا له وكبس دور بني الفرّاء وأخذ كتاب القاضي أبي يعلي في [إبطال التأويل] فكان يقرأ بين يديه وهو على المنبر فيشنِّع به ويبشِّع شأنه.
وفيها توفي محدث أصبهان ومسندها عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة أبو عمرو العبدي الأصبهاني الثقة المكثر سمع أباه وابن خرَّشيذ قوله وجماعة.
توفي في جمادى الآخرة.
ومحمد بن أحمد بن علي السمسار أبو بكر الأصبهاني روى عن إبراهيم بن خرَّشيذ قوله وجماعة ومات في شوال وله مائة سنة.
روى عنه خلق كثير.
والمطهر بن عبد الواحد أبو الفضل البزاني الأصبهاني توفي فيها أو في حدودها روى ع ابن المرزبان الأبهري جزء لوين وعن ابن مندة وابن خرشيذ قوله.
سنة ست وسبعين وأربعمائة فيها عزم أهل حرّان وقاضيهم ابن جلبة الحنبلي على تسليم حرّان إلى جنق أمير التركمان لكونه سنيًّا وعصوًا على مسلم بن قريش صاحب الموصل لكونه رافضيًا ولكونه مشغولًا بمحاصرة دمشق مع المصريين كانوا يحاصرون بها تاج الدولة تتش وأسرع إلى حرّان ورماها بالمجانيق وأخذها وذبح القاضي وولديه رحمهم الله.
وفيها توفي الشيخ أبو إسحاق الشِّيرازي إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادي الشافعي جمال الدين أحد الأعلام وله ثلاث وثمانون سنة.
تفقه بشيراز وقدم بغداد وله اثنتان وعشرون سنة فاستوطنها ولزم القاضي أبا الطيّب إلى أن صار معيده في حلقته وكان أنظر أهل زمانه وأفصحهم وأورعهم وأكثرهم تواضعًا وبشرًا وانتهت إليه رئاسة المذهب في الدنيا.
روى عن أبي عليّ بن شاذان والبرقاني ورحل إليه الفقهاء من الأقطار وتخرّج به أئمةٌ كبار ولم يحجّ ولا وجب عليه لأنه كان فقيرًا متعففًا قانعًا باليسير درَّس بالنظامية وله شعر حسن توفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة.
وطاهر بن الحسين أبو الوفا القوّاس الحنبلي الزاهد ببغداد عن ست وثمانين سنة.
روى عن هلال الحفّار وجماعة وكان إمامًا في الفقه والورع والإبراهيمي عبد الله بن عطاء الهروي الحافظ وهو ضعيف يروي عن أبي عمر المليحي وأقرانه.
وعبد الوهاب بن أحمد بن جلبة الفقيه أبو الفتح البغدادي ثم الحراني الخزاز الحنبلي قاضي حران وصاحب القاضي أبي يعلى وروى عن أبي بكر البرقاني وجماعة قتله كما ذكرنا والبكري أبو بكر المغربي الواعظ من دعاة الأشعرية وفد على نظام الملك بخراسان فنفق عليه وكتب له سجلًا أن يجلس بجوامع بغداد فقدم وجلس ووعظ ونال من الحنابلة سبًّا وتكفيرًا ونالوا منه ولم تطل مدّته ومات في هذا العام.
وأبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصَّقر اللَّخمي الأنباري الخطيب في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة سمع بالحجاز والشام ومصر وأكبر شيخ له عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.
ومقرئ الأندلس في زمانه أبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني الإشبيلي المقرئ مصنف كتاب [الكافي] وكتاب [التذكير] وله أربع وثمانون سنة وقد حجّ وسمع من أبي ذرّ الهروي وجماعة.
سنة سبع وسبعين وأربعمائة فيها سار سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب قونية وأقصرى بجيوشه إلى الشام فأخذ أنطاكية وكانت بيد النصارى من مائة وعشرين سنة وكان ملكها قد سار عنها إلى بلاد الروم ورتّب بها نائبًا فأساء إلى أهلها وإلى الجند في إقامته بها فلما دخل الروم اتفق ولده ولده والنائب المذكور على تسليمها إلى صاحب قونية سليمان فكاتبوه فأسرع في البحر ثم طلع وسار إليها في جبال وعرة فأتاها بغتةً ونصب السلالم ودخلها وقتل جماعة وعفا من الرعيّة وأخذ منها أموالًا لا تحصى ثم بعث إلى نسيبه السلطان ملكشاه يبشّره بالفتح وكان صاحب الموصل مسلم يأخذ القطيعة من أنطاكية فطلب العادة من سليمان فقال إنما كان ذلك المال جزية وأنا بمحمد الله فمؤمن فنهب مسلم بلاد أنطاكية ثم تمت وقعة بين سليمان ومسلم في صفر من العام الآتي قتل فيها مسلم.
وفيها توفي إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر أحمد ابن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني أبو القاسم صدر عالم نبيل وافر الحشمة له يدٌ في النظم والنثر.
روى عن حمزة السهمي وجماعة وعاش سبعين سنة روى [الكامل] لابن عديّ.
وبيبى بنت عبد الصمد بن علي أم الفضل وأم عربي الهرثميّة الهرويّة لها جزء مشهور بها ترويه عن عبد الرحمن بن أبي شريح توفيت في هذه السنة أو في التي بعدها وقد استكملت تسعين سنة.
وأبو سعد عبد الله بن الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري أكبر الأخوة في ذي القعدة وله أربع وستون سنة.
روى عن القاضي أبي بكر الحيري وجماعة وعاشت أمه فاطمة بنت أبي علي الدقاق بعده أربعة أعوام.
وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي كلام آخر أصحاب عبد الرحمن بن أبي شريح الهروي موتًا وهو من كبار شيوخ أبي الوقت.
وأبو نصر بن الصبّاغ الفقيه عبد السيِّد بن محمد بن عبد الواحد البغدادي الشافعي أحد الأئمة ومؤلف [الشامل] كان نظيرًا للشيخ أبي إسحاق ومنهم من يقدمه على أبي اسحاق في نقل المذهب وكان ثبتًا حجة ديّنا خيّرًا ولي النظامية بعد أبي إسحاق ثم كفّ بصره.
وروى عن محمد بن الحسين القطّان وأبي علي بن شاذان وكان مولده في سنة أربعمائة توفي في جمادى الأولى ببغداد ودفن في داره.
وأبو علي الفارمذي الفضل بن محمد الزاهد شيخ خراسان: قال عبد الغافر: هو شيخ الشيوخ في عصره المنفرد بطريقته في التذكير التي لم يسبق إليها في عبارته وتهذيبه وحسن آدابه ومليح استعارته ورقة ألفاظه.
دخل نيسابور وصحب القشيري وأخذ في الاجتهاد البالغ.
إلى أن قال: وحصل له عند نظام الملك قبول خارج عن الحدّ روى عن أبي عبد الله بن باكويه وجماعة وعاش سبعين سنة توفي في ربيع الآخر.
ومحمد بن عمار أبو بكر المهري ذو الوزارتين شاعر الأندلس كان هو وابن زيدون القرطبي كفرسي رهان وكان ابن عمار قد اشتمل عليه المعتمد وبلغ الغاية إلى أن استوزره ثم جعله
ومسعود بن ناصر السِّجزي أبو سعيد الركّاب الحافظ رحل وصنّف وحدّث عن أبي حسّان المزكّي وعلي بن بشرى اللّيثي وطبقتهما ورحل إلى بغداد وأصبهان.
قال الدقاق: لم أر أجود إتقانًا ولا أحسن ضبطًا منه توفي بنيسابور في جمادى الأولى.
سنة ثمان وسبعين وأربعمائة فيها أخذ الأذفنش لعنه الله مدينة طليلطلة من الأندلس بعد حصار سبع سنين فطغى وتمرّد وحملت إليه الضريبة ملوك الأندلس حتى المعتمد بن عبّاد ثم استعان المعتمد على حربه بالملَّثمين وأدخلهم الأندلس.
وفيها قدم أمير الجيوش فحاصر تتش بدمشق فلم يقدر عليها وردَّ.
وفيها ثارت الفتنة ببغداد بين الرافضة والناس واقتتلوا وأحرقت أماكن.
وفيها توفي أبو العباس العذري أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث الأندلسي الدَّلائي - ودلاية من عمل المريّة - كان حافظًا محدّثًا متقنًا مات في شعبان وله خمس وثمانون سنة ثمان وأربعمائة مع أبويه فجاوزوا ثمانية أعوام وصحب هو أباذرّ فتخرَّج به وروى عن أبي الحسن بن جهضم وطائفة ومن جلالته أن إمامي الأندلس: ابن عبد البرّ وابن حزم رويا عنه.
وله كتاب دلائل وأبو سعد المتولي عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري شيخ الشافعية وتلميذ القاضي حسين وهو صاحب [التتمة] تمّم به [الإبانة] لشيخه أبي القاسم الفوراني وقد درّس أيامًا بالنظامية بعد الشيخ أبي إسحاق ثم صرف بابن الصبّاغ ثم وليها بعد ابن الصباغ ومات كهلًا.
وأبو معشر الطبري عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري القطّان المقرئ نزيل مكة وصاحب كتاب: [التلخيص] وغيره قرأ بحرّان على أبي القاسم الزيدي وبمكة على الكارزيني وبمصر أيضًا على جماعة.
وروى عن أبي عبد الله ابن نظيف وجلس للإقراء مدة بمكة.
وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني عبد الملك بن أبي محمد بن عبد الله بن يوسف الفقيه الشافعي ضياء الدين أحد الأئمة الأعلام عاش ستين سنةً وتفقّه على والده وجور بمكة في شبيبته أربعة أعوام ومن ثم قيل له إمام الحرمين وكان من أذكياء العالم وأحد أوعية العلم توفي في ربيع الآخر بنيسابور وكان له نحو من أربعمائة تلميذ رحمه الله.
وأبو علي بن الوليد الكرخي وله اثنتان وثمانون سنة أخذ عن أبي الحسين البصري وغيره وبه انحرف ابن عقيل عن السنّة قليلًا وكان ذا زهد وورع وقناعة وتعبُّد وله عدّة تصانيف ولما افتقر جعل ينقص داره ويبيع خشبها ويتقوّت به وكانت من حسان الدور ببغداد.
وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني محمد بن علي بن محمد الحنفي تفقّه بخراسان ثم ببغداد على القدوري وسمع من الصوري وجماعة وعاش ثمانين سنة.
وكان نظير القاضي أبي يوسف في الجاه والحشمة والسُّؤدد وبقي في القضاء دهرًا ودفن في القبة إلى جانب الإمام أبي حنيفة رحمهما الله.
ومسلم الملك شرف الدولة أبو المكارم بن الملك أبي المعالي قريش بن بدران بن مقلَّد العقيلي صاحب الجزيرة وحلب وكان رافضيًا اتسعت ممالكه ودانت له العرب وطمع في الاستيلاء على بغداد عند موت طغرلبك وكان شجاعًا فاتكًا مهيبًا داهية ماكرًا التقى هو والملك سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب الروم على باب أنطاكية فقتل في المصافّ.
سنة تسع وسبعين وأربعمائة فيها التقي تتش - وسليمان بن قتلمش فقتل سليمان وسارتتش فنازل حلب وخافه أخوه تتش فهرب.
وفيها وقعة الزلاقة وذلك أن الإّذقونش جمع الجيوش فاجتمع المعتمد ويوسف بن تاشفين أمير المسلمين والمطوّعة فأتوا الزلاّقة من عمل بطليوس فالتقى الجمعان فوقعت الهزيمة على الملاعين وكانت ملحمة عظيمة في أول جمعة من رمضان وجرح المعتمد عدّة جراحات سليمة وطابت
وفيها لما افتتح ملكشاه حلب والجزيرة قدم بغداد وهو أول قدومه إليها ثم خرج وتصيَّد وعمل منارة القرون من كثرة وحشٍ صاد ثم ردّ إلى أصبهان وزّوج أخته زليخا محمد بن مسلم بن قريش العقيلي وأقطعه الرَّحبة وحرّان والرَّقّة وسروج.
وفيها أعيدت الخطبة العباسية بالحرمين وقطعت خطبة العبيديين.
وفيها توفي أبو سعد النيسابوري شيخ الشيوخ ببغداد أحمد بن محمد ابن دوست وكان كثير الحرمة في الدولة له رباط مشهور ومريدون وكان نظام الملك يعظّمه.
وإسماعيل بن زاهر النوقاني النيسابوري الشافعي أبو القاسم الفقيه وله اثنتان وثمانون سنة.
روى عن أبي الحسن العلوي وعبد الله بن يوسف وابن محمش وطائفة ولقي ببغداد أبا الحسين بن بشران وطبقته وأملى وأفاد.
وطاهر بن محمد بن محمد أبو عبد الرحمن الشَّحّامي المستملي والد زاهر روى عن أبي بكر الحيري وطائفة وكان فقيهًا صالحًا ومحدّثًا عارفًا له بصر تام بالشروط توفي في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة.
وأبو علي التستري علي بن أحمد بن علي البصري السَّقطي راوي السُّنن عن أبي عمر الهاشمي.
وأبو الحسن علي بن فضّال المجاشعي القيرواني صاحب المصنّفات في العربية والتفسير توفي في شهر ربيع الأول وكان من أوعية العلم تنقل بخراسان وصحب نظام الملك.
وأبو الفضل محمد بن عبيد الله الصَّرّام النيسابوري الرجل الصالح.
روى عن أبي نعيم الإسفراييني وأبي الحسن العلوي وطبقتهما.
توفي في شعبان.
ومسند العراق أبو نصر الزَّينبي محمد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي آخر أصحاب المخلّص ومحمد بن عمر الوراق توفي في جمادى الآخرة وله اثنتان وتسعون سنة وأربعة أشهر وكان ثقة خيّرًا.
سنة إحدى وثمانين وأربعمائة فيها توفي أبو بكر الغورجي أحمد بن عبد الصمد الهروي راوي جامع الترمذي عن الجراحي في ذي الحجة.
وأبو إسحاق الطيّان إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني القفّال صاحب إبراهيم بن خرشيذ قوله في صفر.
وأبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام عبد الله بن محمد بن علي بن مت الهروي الصوفي القدوة الحافظ أحد الأعلام في ذي الحجة وله ثمانون M0ن وأشهر سمع من عبد الجبار الجراحي وأبي منصور محمد بن محمد ابن الأزدي وخلق كثير وبنيسابور من أبي سعيد الصيرفي وأحمد السليطي صاحبي الأصم وكان جذعًا في أعين المبتدعة وسيفًا على الجهمية وقد امتحن مرّات وصنّف عدّة مصنفات وكان شيخ خراسان في زمانه غير مدافع! وعثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي أبو عمر المزكّي بنيسابور في صفر.
روى عن أبي نعيم الإسفراييني والحاكم.
وابن ماجة الأبهري أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني - وأبهر أصبهان قرية وأما أبهر زنجان فمدينة - عاش خمسًا وتسعين وتفرد في الدنيا بجزء لوين عن ابن المرزبان الأبهري.
سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة فيها سار السلطان ملكشاه بجيوشه من أصبهان وعبر النهر فملك سمرقند بعد قتال وحصار وسار نحو كاشغر فدخل ملكها في الطاعة فرجع إلى خراسان ونكث أهل سمرقند فكر راجعًا إلى سمرقند وجرت أمور طويلة.
وفيها توفي أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد أبو نصر الحنفي رئيس نيسابور وقاضيها وكان يقال له شيخ الإسلام وكان مبالغًا في التعصب في المذهب فأغرى بعضًا ببعض حتى لعنت الخطباء أكثر الطوائف في دولة طغرلبك فلما مات طغرلبك خمد هذا ولزم بيته مدّة ثم ولي القضاء.
وأبو إسحاق الحبّال الحافظ إبراهيم بن سعيد النعماني مولاهم المصري عن تسعين سنة سمع أحمد بن ثرثال والحافظ عبد الغني ومنير بن أحمد وطبقتهم.
وكان يتّجر في الكتب وكانت بنو عبيد قد منعوه من التحديث في أواخر عمره وكان ثقة حجّة صالحًا ورعًا كبير القدر.
والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن أبي الحديد أبو عبد الله السلمي الدمشقي الخطيب نائب الحكم بدمشق روى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطائفة وعاش ستًّا وستين سنة.
والقاضي أبو منصور بن شكرويه محمد بن أحمد بن علي الأصبهاني توفي في شعبان وله تسع وثمانون سنة وهو آخر من روى عن أبي علي البغداديّ وابن خرَّشيذ قوله ورحل وأخذ بالبصرة عن أبي عمر القاسمي بعض السنن أو كله وفيه ضعف.
وأبو الخير محمد بن أحمد بن عبد الله بن ورا الأصبهاني.
روى عن عثمان البرجي وطبقته والطبسي محمد بن أحمد بن أبي جعفر المحدّث مؤلف كتاب [بستان العارفين] روى عن الحاكم وطائفة توفي في رمضان وكان صوفيًا عابدًا ثقة صاحب حديث.
سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة فيها كانت فتنة هائلة لم يسمع بمثلها بين السنّة والرافضة وقتل بينهم عدد كثير وعجز والي البلد واستظهرت السنَّة بكثرة من معهم من أعوان الخليفة واستكانت الشّيعة وذلّوا ولزموا التقيّة وأجابوا إلى أن كتبوا على مساجد الكرخ: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر فاشتدّ البلاءُ على غوغائهم وخرجوا عن عقولهم واشتدّوا فنهبوا شارع ابن أبي عوف ثم جرت أمور مزعجة وعاد القتال حتى بعث صدقة بن مزيد عسكرًا تتبّعوا المفسدين إلى أن فتر الشرّ قليلًا.
وفيها توفي خواهرزاده الحنفي شيخ الطائفة بما وراء النهر وهو أبو بكر بن محمد بن الحسين البخاري القديدي روى عن منصور الكاغدي وطائفة وبرع في المذهب وفاق الأقران وطريقته أبسسط الأصحاب وكان يحفظها توفي في جمادى الأولى ببخارى.
وعاصم بن الحسن أبو الحسين العاصمي الكرخي الشاعر المشهور.
روى عن ابن المتيم وأبي عمر بن مهدي وكان شاعرًا محسنًا ظريفًا صاحب ملح ونوادر مع الصلاح والعفّة والصدق مرض في أواخر عمره فغسل ديوان شعره ومات في جمادى الآخرة عن ستٍ وثمانين سنة.
وأبو نصر الترياقي عبد العزيز بن محمد الهروي راوي التّرمذي سوى آخر جزء منه عن الجرَّاحي ثقة أديب عاش أربعًا وتسعين سنة.
وترياق من قرى هراة.
والتَّفليسي أبو بكر محمد بن إسماعيل بن بن محمد النيسابوري المولد الصوفي المقرئ روى عن حمزة المهلَّبي وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وطائفة ومات في شوال.
ومحمد بن ثابت الخجندي العلامة أبو بكر الشافعي الواعظ نزيل أصبهان ومدرّس نظاميتها وشيخ الشافعية بها ورئيسها وكان إليه المنتهى في الوعظ توفي في ذي القعدة.
وأبو نصر محمد بن سهل السرّاج الشاذياخي آخر أصحاب أبي نعيم عبد الملك الإسفراييني روى عن جماعة وكان ظريفًا نظيفًا لطيفًا توفي في صفر عن تسعين سنة.
وأبو الغنائم بن أبي عثمان محمد بن علي بن حسن الدقاق بغدادي متميز صدوق.
روى عن أبي عمر بن مهدي وجماعة.
وفخر الدولة بن جهير الوزير أبو نصر محمد بن محمد بن جهير التغلبي ولي نظر حلب ثم وزر لصاحب ميّافارقين ثم وزر للقائم بأمر الله مدّة ثم ولاّه ملكشاه نيابة ديار بكر توفي بالموصل في ثامن صفر وكان من رجال العالم ودهاة بني آدم.
سنة أربع وثمانين وأربعمائة فيها استولى يوسف بن تاشفين أمير المسلمين على الأندلس وقبض على المعتمد بن عبّاد وأخذ كل شيء يملكه وترك أولاده فقراء.
وفيها استولت الفرنج على جزيرة صقلِّيّة.
وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الرحمن الذكواني الأصبهاني يوم عرفة وله تسعون سنة.
روى عن جدّه أبي بكر بن أبي علي وعثمان البرجي وطبقتهما وكان ثقة.
وأبو الحسن طاهر بن مفوّز المعافري الشاطبي تلميذ أبي مر بن عبد البرّ وكان من أئمة هذا الشأن مع الورع والتقى والاستبحار في العلم توفي في شعبان وله خمس وخمسون سنة وكان أخوه عبد الله زاهدًا أهل الأندلس.
وعبد الملك بن علي بن شغبة أبو القاسم الأنصاري البصري الحافظ الزاهد استشهد بالبصرة وكان يروي جملة من سنن أبي داود عن أبي عمر الهاشمي أملى عدّة مجالس وكان من العبادة والخشوع بمحل.
وأبو نصر الكركانجي محمد بن أحمد بن علي شيخ المقرئين لمرو ومسند الآفاق في ذي الحجة وله أربع وتسعون سنة وكان إمامًا في علوم القرآن كثير التصانيف متين الديانة انتهى إليه على الإسناد.
قرأ ببغداد على أبي الحسن الحمَّامي وبحرَّان على الشريف الزيدي وبمصر على إسماعيل بن عمر الحداد وبدمشق والموصل وخراسان.
وفيها حدَّث أبو منصور المقوِّمي محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم القزويني راوي سنن ابن ماجة عن القاسم بن أبي المنذر توفي فيها أو بعدها عن بضع وثمانين سنة.
وفي رجب قاضي القضاة أبو بكر النَّاصحي محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابوري روى عن أبي بكر الحيري وجماعة.
قال عبد الغافر: هو أفضل عصره في أصحاب أبي حنيفة وأعرفهم بالمذهب وأوجههم في المناظرة مع حظ وافر من الأدب والطبّ ولم تحمد سيرته في القضاء.
والمعتصم محمد بن معن بن محمد بن أحمد بن صمادح أبو يحيى التجيبي الأندلسي صاحب المريَّة توفي وجيش ابن تاشفين محاصرون له.
فيها وقة جيَّان بالأندلس أقبل الإذفونش في جموع عظيمة فالتقاه المسلمون فانهزموا.
ثم تراجع الناس وثبتوا ونزل النصر فانزم الملاعين.
وقتل منهم خلق عظيم وكان ملحمةً كبرى.
وفي عاشر رمضان قتل نظام الملك.
وفيها أخذت خفاجة ركب العراق وكان الحريق العظيم ببغداد فاحترق من الناس عدد كثير واحترق عدة أسواق كبار من الظهر إلى العصر.
وفيها توفي أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكّاك محدّث مكة وكان متقنًا حجّة صالحًا.
روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة وعاش سبعين سنة.
ونظام الملك الوزير أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي قوام الدين كان من جلَّة الوزراء ذكره أبو سعد السمعاني فقال: كعبة المجد ومنبع الجود كان مجلسه عامرًا بالقرّاء والفقهاء أنشأ المدارس بالأمصار ورغب في العلم وأملى وحدَّث وعاش ثمانيًا وسبعين سنة أتاه شاب صوفيّ الشكل من الباطنية ليلة عاشر رمضان فناوله قصّة ثم ضربه بسكين في صدره قضى عليه فيقال إنّ ملكشاه دسّ عليه هذا فالله أعلم.
وأبو عبد الله بن المرابط قاضي المريّة وعالمها محمد بن خلف بن سعيد الأندلسي روى عن المهلَّب بن أبي صفرة وجماعة وصنّف شرحًا للبخاري وكان رأسًا في مذهب مالك ارتحل
وأبو بكر الشاشي محمد بن علي بن حامد الفقيه شيخ الشافعية وصاحب الطريقة المشهورة والمصنفات المليحة درّس مدّة بغزنة ثم بهراة ونيسابور وحدَّث عن منصور الكاغدي وتفقه ببلاده على أبي بكر السنجي وعاش نيّفا وتسعين سنة.
توفي بهراة.
ومحمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي المغامي الطليطلي مقرئ الأندلس أخذ عن أبي عمرو الدَّاني ومكّي بن أبي طالب وجماعة.
أقرأ الناس مدّة.
وابو عبد الله البانياسي مالك بن أحمد بن علي بن الفرّاء البغدادي واحترق في الحريق الذكور في جمادى الآخرة له سبع وثمانون سنة وهو آخر من حدَّث عن أبي الحسن بن الصلت المجبر وسمع من جماعة.
والسلطان ملكشاه أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد ابن داود السلجوقي التركي تملك بلاد ما وراء النهر وبلاد الهياطلة وبلاد الروم والجزيرة والشام والعراق وخراسان وغير ذلك.
قال بعض المؤرخين: ملك من مدينة كاشغر الترك إلى بيت المقدس طولًا ومن القسطنطينية وبلاد الخزر إلى بحر الهند عرضًا وكان حسن السيرة محسنًا إلى الرعية وكانوا يلقّبونه بالسلطان العادل وكان ذا غرامٍ بالعمائر وبالصيد مات في شوال بعد وزيره النظام بشهر فقيل إنه سم في في خلال ونقل في تابوت فدفن بأصبهان في مدرسة كبيرة
سنة ست وثمانين وأربعمائة لما علم تتش بدمشق موت أخيه أنفق الأموال وتوجّه ليأخذ السلطنة فسار معه من حلب قسيم الدولة آقسنقر ودخل في طاعته باغبسان صاحب أنطاكية وبوزان صاحب الرُّها وحرَّان ثم سار فأخذ الرَّحبة في أول سنة ستّ ثم نازل نصيبين فأخذها عنوة وقتل بها خلقًا ثم سار إلى الموصل فالتقاه إبراهيم بن قريش العقيلي في ثلاثين ألفًا وتعرف بوقعة المضيع فانهزموا وأسر إبراهيم فقتله صبرًا وأقرَّ أخاه عليًا على الموصل لأنه ابن عمة تتش ثم أرسل إلى بغداد يطلب تقليدًا وساعده كوهرابين ثم سار فتملّك ميّافارقين وديار بكر وقصد أذربيجان فغلب على بعضها فبادر السلطان بركياروق بن ملكشاه ليدفع عمه تتش فلما تقارب العسكران قال قسيم الدولة آقسنقر لبوزان: إنما أطعنا هذا الرجل لننظر ما يكون من أولاد السلطان والآن فقد قام ابنه هذا فينبغي أن نكون معه على تتش فخامرا إليه فضعف تتش وردّ إلى الشام.
ولم يحجّ ركب العراق وحجّ ركب الشام فنهبهم صاحب مكة محمد بن أبي هاشم ونهبتهم العربان عشر مرات وتوصّل من سلم في حال عجيبة.
وفيها توفي حمد بن أحمد بن الحسن أبو الفضل الأصبهاني الحداد روى ببغداد وأصبهان عن علي بن ماشاذه وعلي بن عبد كويه وطائفة وروى [الحلية] ببغداد توفي في جمادى الأولى.
وسليمان بن إبراهيم الحافظ أبو مسعود الأصبهاني.
قال السمعاني: جمع وصنَّف وخرَّج على الصحيحين وروى عن محمد بن إبراهيم الجرجاني وأبي بكر بن مردويه وخلق ولقي ببغداد أبا بكر المنقِّي وطبقته وقد تكلِّم فيه توفي في ذي القعدة عن تسع وثمانين سنة وشهر ين.
وأبو الفضل الدقاق عبد الله بن علي بن أحمد بن محمد بن ذكرى البغدادي الكاتب روى عن أبي الحسين بن بشران وغيره وكان صالحًا ثقة.
والشيخ أبو الفرج الشيرازي الحنبلي عبد الواحد بن علي الواعظ الفقيه القدوة سمع بدمشق من أبي الحسن بن السمسار وأبي عثمان الصابوني وتفقه ببغداد زمانًا على القاضي أبي يعلى ونشر بالشام مذهب أحمد وتخرّج به الأصحاب وكان إمامًا عارفًا بالفقه والأصول صاحب حال وعبادة وتألّهٍ وكان تتش صاحب الشام يعظّمه لأنه كاشفه مرّة توفي في ذي الحجة وفي ذريته مدرسون وعلماء.
وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف البغدادي الرجل الصالح.
روى عن أبي الفتح بن أبي الفوارس وأبي الفرج الغوري وبه ختم حديثهما وكان ثقةً مأمونًا خيّرًا.
وشيخ الإسلام الهكَّاري أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الأموي من ذرية عتبة بن أبي سفيان بن حرب وكان صالحًا زاهدًا ربانيًا ذا وقارٍ وهيبة وأتباع ومريدين رحل في الحديث وسمع من أبي عبد الله بن نظيف الفرّاء وأبي القاسم بن بشران وطائفة.
قال ابن ناصر: توفي في أوّل السنة وقال ابن عساكر: لم يكن موثَّقًا في راويته.
قلت: ولد سنة تسع وأربعمائة.
وأبو الحسن الأنباري علي بن محمد بن محمد بن الأخضر الخطيب في شوال عن أربع وتسعين سنة.
وكان آخر من حدَّث عن أبي أحمد الفرضي وسمع أيضًا من أبي عمر بن مهدي وطائفة وتفقه لأبي حنيفة وكان ثقة نبيلًا عالي الإسناد.
وأبو المظفَّر موسى بن عمران الأنصاري النيسابوري مسند خراسان في ربيع الأول وله ثمان وتسعون سنة روى عن أبي الحسن العلوي والحاكم وكان من كبار الصوفية.
وأبو الفتح نصر بن الحسن التنكتي الشاشي نزيل سمرقند وله ثمانون سنة.
روى [صحيح مسلم] عن عبد الغافر وسمع بمصر من الطفَّال وجماعة ودخل الأندلس للتجارة فحدّث بها وكان ثقة.
وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي أبو القاسم الحافظ محدّث جوّال سمع بخراسان والعراق وفارس واليمن ومصر والشام وحدَّث عن أحمد ابن عبد الباقي بن طوق وأبي جعفر بن المسلمة وطبقتهما ومات كهلًا وكان صوفيًا صالحًا متقشفًا.
سنة سبع وثمانين وأربعمائة في أوّلها علّمن المقتدي بالله على تقليد السلطان بركياروق وخطب له ببغداد ولقِّب ركب الدين ومات الخليفة من الغد فجأةً ورجع قسيم الدولة آقسنقر ببعض جيش بركياروق فالتقاه تتش بقرب حلب فانهزم الحلبيون وأسر آقسنقر فذبحه تتش صبرًا وساق فحاصر حلب فافتتحها.
وأسر بوزان وكربوقا فذبح بوزان وبعث برأسه إلى أهل حرّان فسلّموا له البلد ثم سار فأخذ الجزيرة وخلاط وأذربيجان جميعها وكثرت جيوشه واستفحل شأنه فقصده بركياروق فكبس عسكر تتش بركياروق فانهزم ونهبت خزائنه وأثقاله.
وفيها توفي أبو بكر بن خلف الشيرازي ثم النيسابوري مسند خراسان أحمد بن علي بن عبد الله بن بن عمر بن خلف روى عن الحاكم وعبد الله بن يوسف وطائفة قال عبد الغافر: هو شيخنا الأديب المحدّث المتقن الصحيح السماع ما رأينا شيخًا أروع منه ولا أشدّ إتقانًا توفي في ربيع الأول وقد نيَّف على التسعين.
وآقسنقر قسيم الدولة أبو الفتح مولى السلطان ملكشاه وقيل هو لصيق به وقيل اسم أبيه الترعان لمّا افتتح ملكشاه حلب استناب عليها آفسنقر في سنة ثمانين وأربعمائة فأحسن السياسة وضبط الأمور وتتبّع المفسدين حتى صار دخله من البلد كل يوم ألفًا وخمسمائة دينار.
ذكرنا أنه أسر في المصاف ثم قتل في جمادى الأولى ودفن بمشهد قريبا مدّة ثم نقله ولده الأتابك زنكي فدفنه بالمدرسة الزجاجية داخل حلب.
وأبو نصر الحسن بن أسد الفارقي الأديب صاحب النظم والنثر وله الكتاب المعروف في الألغاز توثَّب بميّافارقين على الإمرة ونزل بقصر الإمرة وحكم أيامًا ثم ضعف وهرب ثم قبض عليه وشنق.
والمقتدي بالله أبو القاسم عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله بن الأمير إسحاق بن المقتدر العباسي بويع بالخلافة بعد جدّه في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وله تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر ومات فجأة في ثامن عشر المحرم عن تسع وثلاثين سنة وبويع بعده ابنه المستظهر بالله أحمد وقيل إن جاريته سمَّته وكان ديّنًا خيرًا أمر بنفي الحواظي والمغنيات من بغداد.
وكانت الخلافة في أيامه باهرةً وافرة الحرمة.
وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيِّصي عليّ بن محمد بن علي الفقيه الشافعي الدمشقي الفرضي في جمادى الآخرة وله سبع وثمانون سنة.
روى عن أبي محمد بن أبي نصر وممد بن عبد الرحمن القطّان والكبار وأدرك ببغداد أبا الحسن الحمَّامي وببلد ابني الصَّيّاح وبمصر أبا عبد الله بن نظيف وكان فقيهًا ثقةً.
وابن ماكولا الحافظ الكبير الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن علي ابن جعفر العجلي الجرباذقاني ثم البغدادي النسّابة صاحب التصانيف ولم يكن ببغداد بعد الخطيب أحفظ منه ولد بعكبرت سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ووزر أبوه للقائم وولي عمه الحسين قضاء القضاة سمع من أبي طالب بن غيلان وطبقته قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب وقال: حتى أكشفه وما راجعت ابن ماكولا إلا وأجابني حفظًا كأنه يقرأ من كتاب وقال أبو سعد السمعاني: كان لبيبا عارفًا ونحوًا مجوّدًا وشاعرًا مبرّزًا.
قلت: اختلف في وفاته على أقوال قتله مماليكه بالأهواز وأخذوا ماله في هذه السنة على بعض الأقوال.
وأبو عامر الأزدي القاضي محمود بن القاسم بن القاضي أبي منصور محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد المهلَّبي الهروي الفقيه الشافعي راوي [جامع الترمذي] عن الجرّاحي قال أبو نصر الفامي عديم النظير زهدًا وصلاحًا وعفة ولد سنة أربعمائة وتوفي في جمادى الآخرة رحمه والمستنصر بالله أبو تميم معدّ بن الظاهر علي بن الحاكم منصور بن العزيز بن المعزّ العبيدي الرافضي صاحب مصر وكانت أيامه ستّين سنة وأربعة أشهر وقد خطب له ببغداد في سنة إحدى وخمسين ومات في ذي الحجة عن ثمان وستين سنة وبويع بعده ابنه المستعلي.
سنة ثمان وثمانين وأربعمائة فيها قامت الدولة على أحمد خان صاحب سمرقند وشهدوا عليه بالزَّندقة والانحلال فأفتى الأئمة بقتله فخنقوه وملّكوا ابن عمه.
وفيها التقي تتش وابن أخيه بركياروق بنواحي الريّ فانهزم عسكر تتش وقاتل هو حتى قتل واستوثق الأمر لبركياروق وكان رصوان بن تتش قد سار إلى بغداد لينزل بها فلما قارب هيت جاءه نعي أبيه فردَّ ودخل حلب ثم قدم عليه من الوقعة أخوه دقاق فأرسله متولِّي قلعة دمشق الخادم ساوتكين فسار سرًّا من أخيه وتملّك دمشق ثم توصّل طغتكين وبعض جيش تتش فأكرمهم دقاق وتزوج طغتكين بأم دقاق.
وفيها قدم الغزالي دمشق متزهدًا وصنّف [الإحياء] وأسمعه بدمشق وأقام بها سنتين ثم حجّ وردَّ إلى وطنه.
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون البغدادي الحافظ في رجب عن اثنتين وثمانين سنة وشهر روى عن أبي علي بن شاذان والبرقاني وطبقتهما وكتب