9 مصاحف

9 مصاحف الكتاب الاسلامي
حسبي الله ونعم الوكيل

حسبي الله ونعم الوكيل

 

Translate

الاثنين، 5 يونيو 2023

مجموعة مقالات وخطب من مواقع متنوعة {عن الهموم والكروب والاحزان} نعوذ بالله من كل سوء في الدارين

مجموعة مقالات وخطب من الالوكة وغيرها


تفريجُ الكُروب[1]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71-72].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

طُبِعتْ على كدر وأنت ترومها

صفواً من الأقذار والأكدارِ

ومكلِّفُ الأيام ضد طباعها

متطلّب في الماء جذوةَ نارِ

لا رخاء إلا ويعقبه بلاء، ولا راحة إلا ويتلوها تعب، ولا سراء إلا تتبعها ضراء، ولا صحة إلا حُفّت بالسقم، ولا بسمة ارتياح إلا ستجيئ بعدها دمعة ألم.

هذه-أيها الناس- حقيقة الدنيا التي لا تنكر، وقانون الحياة الذي لا يجحد، فمن عاش في الدنيا فلن يسلم من كربة خفيفة أو ثقيلة، وقد تزول عنه وقد تطول معه.

فمن لكروبنا، ومن لهمومنا، ومن لأوجاعنا، ومن لأحزاننا؟

فمن لكروبٍ في الحياة تعددت

وضاقت بها النفس الكريمة في الورى

فليس لها فوق البسيطة كاشف

سوى الله رب العالمين بِلا مِرَا

هذه هي الحقيقة: أن الكروب لا يزيلها إلا علام الغيوب، وقد أيقن بهذه الحقيقة بعض المشركين في الجاهلية، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 63-64]. وقال: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65].

هذه حال بعض المشركين في الأمس، وأما حال بعض المسلمين اليوم فإنهم إذا مسهم الكرب تركوا الرب وتضرعوا بين يدي الغرب، أو تركوا سؤال الله تعالى وتوجهوا بالسؤال لأصحاب القبور. فسبحان الله العظيم!

أما أهل الإيمان فإنهم إذا اشتدت بهم الكروب، ونزلت بساحاتهم الخطوب وكلوا أمر تفريجها إلى خالقهم وراحمهم سبحانه وتعالى مع بذل الأسباب المباحة الممكنة، فعند ذلك تخفّ عليهم ويقرب رفعها عنهم.

عباد الله، إنه لا يسلم من لفح الكروب أحد ولد إلى هذه الحياة، حتى الأنبياء والرسل عليهم السلام، بل هم أشد فيها من غيرهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل)[2].

فهذا نوح عليه السلام اشتد عليه أذى قومه وعتوهم مع العمر المديد الذي قضاه في دعوتهم، حينها علم من الله أن لا هداية لهم، فلجأ إلى الله تعالى وحده في هذا الكرب فقال تعالى: ﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأنبياء: 76-77].

ولما تكبر فرعون وملأه عن قبول الحق الذي جاء به موسى وهارون عليهما السلام، وأراد قتلهما ومن معهما من بني إسرائيل لجأ موسى إلى الله وحده، فنجاهم الله، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الصافات: 114-115].

وعندما مسّ أيوبَ كربُ المرض والضر كشفه الله تعالى بلجوء أيوب إليه وحده، قال تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83-84].

ويونس عليه السلام المكروب في بطن الحوت، قال تعالى: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87-88].

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له) [3].

وزكريا عليه السلام الذي ذاق مُرَّ العقم، فتضرع إلى الله وابتهل بين يديه فرزقه الله تعالى يحيى عليه السلام ﴿ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39].

قال تعالى: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 89-90].

وإلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يسلم من عناء الكروب المتنوعة من جهات متعددة، ولكنه في كروبه المتلاحقة لم يترك الابتهال بين يدي ربه، وسؤاله كشف كربه. ففي غزوة بدر حين جاءت قريش بحدها وحديدها تحاد الله ورسوله وتحارب أولياء الله بكبريائها وعنجهيتها حينها مد رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء داعيًا مبتهلاً حتى سقط رداؤه وهو يقول: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض)[4]. فاستجاب الله تعالى دعاءه في كربه فنصره على القوم الكافرين.

عباد الله، إذا نزل الكرب بالناس افترقوا فيه إلى فريقين: فريق يرى للكرب صورة مظلمة قاتمة لا خير فيها، وفريق يرى من خلاله بشائر وأفراحًا تعقب ذلك الكرب، وهذا الفريق الثاني هم أهل التفاؤل واليقين، فيصير الكرب عليهم-وهم على هذه الحال- نعمة لا نقمة، ما داموا مؤمنين صابرين.

قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمتْ ♦♦♦ ويبتلي الله بعض القوم بالنعم

وهذا الفريق الثاني هو الذي ينبغي أن نكون من أهله؛ لنؤجر على الكرب النازل، وليخف علينا نزوله، ولننتظر الفرج القريب بيقين واستبشار؛ فإن الكروب في الدنيا لا تدوم، ولكنها تطول على الساخطين، وتقصر لدى المتفائلين.

عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرجٌ قريب

فلا تيأسْ وإن لاقي

تَ كربًا يحبس النفسا

فأقرب ما يكون المر

ء من فرج إذا يئسا

بمعنى: إذا اشتد الكرب فقد آذن بالفرج؛ كقول الله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110].

فمن الأمثلة في زوال الكروب العظيمة: زوال طوفان التتار الذي ساح في بلاد المسلمين وقتل عدداً كبيراً من أهل الإسلام، وخرب ديارهم، وأحرق ما يقبل الإحراق مما يعز على المسلمين فقدُه، وفعل ما فعل من التخريب والإفساد.

واسمع ما يقول بعض المؤرخين عن هذه الحادثة التاريخية المهولة، يقول ابن الأثير في "كامله" التاريخي: " قد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً، إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترْك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: عمت الخلائق، وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم، وإلى الآن، لم يبتلوا بمثلها؛ لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها. ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث: ما فعله بخت نصر ببني إسرائيل من القتل، وتخريب البيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد، التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى من قتلوا؛ فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم، وتفنى الدنيا، إلا يأجوج ومأجوج. وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه، ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، شقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

فالكثير من المسلمين ظنوا أن لا تقوم للمسلمين بعد ذلك قائمة.

لكن انجلى الكرب بصباح الفرج الذي أعاد للمسلمين عزتهم وقوتهم، فاستعادوا بلدانهم، وهزموا عدوهم، بل دخل بعض التتار الإسلام. ثم أقام المسلمون الخلافة العثمانية بعد ذلك، وامتد الإسلام إلى أماكن لم يصلها من قبل.

ولربَّ نازلةٍ يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها

فُرِجتْ وكنت أظنها لا تفرج

وقبل حادثة التتار يذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" في حوادث سنة (449هـ) أنه كان الغلاء والفناء مستمرين ببغداد وغيرها من البلاد بحيث خلت أكثر الدور، وسُدت على أهلها أبوابها بما فيها، وأهلها موتى فيها، ثم صار المار في الطريق لا يلقى الواحد بعد الواحد، وأكل الناس الجيف والنتن من قلة الطعام، بل حتى أكلوا الكلاب والموتى.

ثم انجلت هذه الغمة وعاد الرخاء إلى بلاد المسلمين مرة أخرى.

أيها المسلمون، إن الكروب حينما تنزل بالمسلمين لا تنزل بهم عبثًا من غير حكمة، أو خِلواً من غير غاية، بل لها حكم وغايات حميدة، فمن ذلك: أن الكروب سبب لتكفير السيئات، وتكثير الحسنات، ورفع الدرجات، إذا صبر المكروب المسلم عندها، فكم من معصية لم تكفرها إلا كربة، وكم من ميزان ثقل لصاحبه يوم القيامة بكرب صبر عنده، وكم درجة بلغها العبد بكربة نالته في الدنيا فاحتسب أجرها عند الله تعالى. قال النبي صلى الله عليه و سلم: ( ما يصيب المسلمَ من نصَب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )[5].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يود أهل العافية يوم القيامة -حين يعطى أهل البلاء الثواب- لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض"[6].

ومن حكم تقدير الكروب: أنها تصقل إيمان المسلم وتصفيه حتى يخرج صافيًا من شوائب النفاق أو الكذب أو الضعف، قال تعالى: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 140-142].

ومن حكم القضاء بالكروب: أنها تسوق الناس إلى ربهم وسيدهم بعد أن شردتهم عنه النعم والشهوات والشبهات، فيرجعون بالكروب خاضعين منيبين، قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

ومن حكم حصول الكروب: أنها تعرف العبد بأنه لله عبد، فينكسر بين يديه، ويخلع عنه كبرياء النفس وترفُّعَها، فتأتيه الكروب لتجعله متواضعًا لله ولخلق الله.

ومن الحكم كذلك: أن الكروب تعلّم الإنسان الرحمة والعطف على المكروبين من الناس، فمن مسه الكرب تذكّر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجراً فقال: نعم، في كل ذات كبد رطبة أجر) [7].

ومن الحكم أيضًا: أن الكروب تشوّق المسلم إلى الجنة دار السلام، التي يرتاح بها من كل عناء، فيصبر عند ذلك ويحتسب، ويتذكر بآلام كروب الدنيا آلام كروب الآخرة في نار جهنم فيستعد بالزاد الذي ينجيه من ذلك. ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أيها المسلمون، إن كروب الدنيا لا تدوم؛ ولذلك فإن الله تعالى برحمته بعباده قد جعل لكشف الكروب أسبابًا، فمن ذلك: الإيمان الصادق بالله تعالى؛ فإنه أعظم سبب للنجاة والخروج من الملمات، قال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [يونس: 98].

ومن الأسباب: ادخار أعمال صالحة خالصة ليوم الكروب، كما نجى الله تعالى أولئك الثلاثة الذي أووا إلى غار فسدت عليهم صخرةٌ بابَ الغار فلم يستطيعوا الخروج، حتى توسلوا إلى الله تعالى بأعمالهم الصالحة الخالصة، كما جاء ذلك في الصحيحين.

ومن الأسباب كذلك: التفريج عن المكروبين، والتنفيس عن المعسرين، والجزاء من جنس العمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) [8].

ومن أسباب كشف الكروب: الدعاء الخاص والدعاء العام؛ فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعية تقال في أوقات الكروب، فمن ذلك: ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: (يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث)[9].

وعن أبي بكرة رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت) [10].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم, لا إله إلا الله رب العرش العظيم, لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم)[11].

وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئًا) [12].

وكذلك على العبد المكروب أن يتضرع بين يدي الله تعالى؛ ليكشف كربه، ويعافيه مما حل به، والله تعالى يقول: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].

[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 3/ 6/ 1432هـ، 5/ 5/ 2011م.

[2] رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو صحيح.

[3] رواه الترمذي والنسائي في الكبرى، وهو صحيح.

[4] رواه مسلم.

[5] رواه البخاري.

[6] رواه الترمذي، وهو حسن.

[7] متفق عليه.

[8] متفق عليه.

[9] رواه الترمذي، وهو حسن.

[10] رواه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد، وهو حسن.

[11] متفق عليه.

[12] رواه أبو داود وابن ماجه، وهو صحيح.

=======

الإخلاص سبب في تفريج الكروب

فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((انطلق ثلاثة نفرٍ ممن كان قبلكم، حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدَّت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم، قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنتُ لا أغْبِق[1] قبلهما أهلًا ولا مالًا، فنأى بي طلبُ الشجر يومًا، فلم أُرِح[2] عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غَبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهتُ أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلًا أو مالًا، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر[3]، والصبية يتضاغَون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرِّجْ عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه، قال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحبَّ الناس إليَّ - وفي رواية: كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء - فأردتها على نفسها، فامتنعت مني حتى ألمَّت بها سَنَةٌ[4] من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلِّيَ بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرتُ عليها - وفي رواية: فلما قعدت بين رجليها - قالت: اتقِ الله ولا تفضَّ الخاتم[5] إلا بحقه، فانصرفتُ عنها، وهي أحب الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرُجْ عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها، وقال الثالث: اللهم استأجرتُ أُجَراءَ، وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمَّرتُ أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدالله، أدِّ إليَّ أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبدالله، لا تستهزئ بي، فقلت: لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه، فلم يترك منه شيئًا، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون)).

فكل واحد من هؤلاء الثلاثة دعا الله عز وجل بصالح عمله عندما كان يقول: ((اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه...))، وهذا هو الشاهد من الحديث، وفي النهاية فرج الله كربهم، فخرجوا يمشون.

حتى المشركين يخلصون لرب العالمين عند نزول البلاء الشديد؛ ليفرج عنهم ما هم فيه؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [يونس: 22]، وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴾ [لقمان: 32].

[1] لا أَغْبِق: هو - بفتح الهمزة وإسكان الغين المعجمة وكسر الباء - معناه: لا أقدِّم عليهما في شرب اللبن أهلًا ولا غيرهم، والغَبوق - بفتح الغين - هو ما يُشرَب بالعشيِّ.

[2] لم أُرِح - بضم الهمزة وكسر الراء - أي: أرجع.

[3] حتى برق الفجر: أي: ظهر ضوؤه.

[4] السَّنَة: العام المقحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئًا، سواء نزل غيث أم لم ينزل، والمعنى: أنه نزلت بهذه الفتاة سنة من السنين المجدبة، وفاقة وفقر، وحاجة شديدة.

[5] تفض الخاتم: هو - بضاد معجمة مشددة - وهو كناية عن الجماع.

=======

المخرج من الهموم والغموم والكروب

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف المُرسلين صلى الله عليه وسلم.

في ظل هذه الأزماتِ الخانقة، والكُرُبات الحالكة، حيثُ سُفكت دماؤُنا، وأزهقت أرواحُنا، وهُتكت أعراضنا، وسُلبت أموالنا، وحُرِّقت ديارنا، ولم يَبْقَ لنا شرق ولا غرب، وفوق كل هذا رُمينا بأننا فعَلنا الذي فُعل بنا، وبكى الناسُ على الجناةِ علينا، وتنكَّر لنا الدَّهْماءُ، واجترأ علينا أجبنُ الجبناء، وتكالبت علينا صفوفُ الأعداء، وتقطّعت بنا السبل، وغُلِّقت من دوننا الأبواب، والتبست علينا الطُّرق، وبارت الحيل، وفسَد التدبير، وضاقت بنا الأرضُ بما رحبت، وضاقت علينا أنفسُنا، وبلَغت القلوبُ الحناجرَ، وتنفسنا مِن أضيقَ مِن سَمِّ الخِيَاطِ!

لم يَبْقَ لنا من سبيل إلا سبيل الحنّان المنان؛ فهو أحن علينا من أمهاتنا، وبابُ أرحم الراحمين!

فلنقرَعْ بابه الأعظم بأجل الأدعية، وأعظم الابتهالات التي علّمها لنا نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- وقت المحن والكروب؛ فبها يُفتَح باب رحمته، وبها تنهمرُ فيوضُ كرمه.

فعليك بكثرة المداومة عليها، واجعَلْها لك وردًا صباح مساء؛ عسى أن يجعل اللهُ -تعالى- فيها ذهابَ همومنا، وزوال كروبنا بإذن الله تعالى، وقد اختصرتها بعيدًا عن سياقها تجنبًا للإطالة.

• ((لا إلهَ إلا أنت سُبحانك إني كُنتُ من الظالمين))؛ (حم/ت/ع).

• ((لا إله إلا اللهُ، العليمُ العظيمُ الحليمُ، لا إلهَ إلا اللهُ، ربُّ العرش العظيم، لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ السموات والأرض، لا إلهَ إلا اللهُ رب العرش الكريم))؛ (حم/خ/م).

• ((يا حي يا قيومُ، برحمتك أستغيثُ، اللهُم رحمتَك أرجُو، أصلِحْ لي شأني كُلَّه، ولا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عينٍ، لا إلهَ إلا أنت))؛ [ص](كن).

• ((اللهُ، اللهُ ربى، لا أُشركُ به شيئًا))؛ (حم/د/جه).

• ((اللهُم إني أعوذُ بك من جَهدِ البلاء، ودَرك الشقاء، وسُوء القضاء، وشَماتة الأعداء))؛ (حم/خ/م).

• ((اللهُم إني عبدُك، ابنُ عبدك، ابنُ أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حُكمُك، نافذٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك بكُل اسمٍ سمَّيْتَ به نفسك، أو أنزلتهُ في كتابك، أو علَّمتهُ أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علمِ الغيب عندك، أن تجعَلَ القُرآن ربيعَ قلبي، ونُور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب غمي))؛ (حم).

• ((اللهُم أنت عضُدي، وأنت نصيري، بك أحولُ، وبك أصُولُ، وبك أُقاتلُ))؛ (حم/ت).

• ((اللهُم اكفِنيهم بما شئتَ))؛ (م).

• ((حسبُنا اللهُ ونعم الوكيلُ))؛ (خ).

• ((اللهُم إني أجعلُك في نُحُورهم، وأعُوذُ بك من شُرُورِهم))؛ (حم/د/كن).

• ((لا حولَ ولا قُوة إلا بالله))؛ (حم/خ/م).

كثرة الاستغفار.

كثرة الصلاةِ على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم.

قيام الليل، وصيامُ النهار حتى يأذَنَ اللهُ بالفرَج القريب، والنصر العاجل.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين، سُبحانك اللهُم وبحمدك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنت، أستغفرُك، وأتُوبُ إليك.

======

تفريجُ الكُروب[1]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71-72].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

طُبِعتْ على كدر وأنت ترومها

صفواً من الأقذار والأكدارِ

ومكلِّفُ الأيام ضد طباعها

متطلّب في الماء جذوةَ نارِ

لا رخاء إلا ويعقبه بلاء، ولا راحة إلا ويتلوها تعب، ولا سراء إلا تتبعها ضراء، ولا صحة إلا حُفّت بالسقم، ولا بسمة ارتياح إلا ستجيئ بعدها دمعة ألم.

هذه-أيها الناس- حقيقة الدنيا التي لا تنكر، وقانون الحياة الذي لا يجحد، فمن عاش في الدنيا فلن يسلم من كربة خفيفة أو ثقيلة، وقد تزول عنه وقد تطول معه.

فمن لكروبنا، ومن لهمومنا، ومن لأوجاعنا، ومن لأحزاننا؟

فمن لكروبٍ في الحياة تعددت

وضاقت بها النفس الكريمة في الورى

فليس لها فوق البسيطة كاشف

سوى الله رب العالمين بِلا مِرَا

هذه هي الحقيقة: أن الكروب لا يزيلها إلا علام الغيوب، وقد أيقن بهذه الحقيقة بعض المشركين في الجاهلية، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 63-64]. وقال: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65].

هذه حال بعض المشركين في الأمس، وأما حال بعض المسلمين اليوم فإنهم إذا مسهم الكرب تركوا الرب وتضرعوا بين يدي الغرب، أو تركوا سؤال الله تعالى وتوجهوا بالسؤال لأصحاب القبور. فسبحان الله العظيم!

أما أهل الإيمان فإنهم إذا اشتدت بهم الكروب، ونزلت بساحاتهم الخطوب وكلوا أمر تفريجها إلى خالقهم وراحمهم سبحانه وتعالى مع بذل الأسباب المباحة الممكنة، فعند ذلك تخفّ عليهم ويقرب رفعها عنهم.

عباد الله، إنه لا يسلم من لفح الكروب أحد ولد إلى هذه الحياة، حتى الأنبياء والرسل عليهم السلام، بل هم أشد فيها من غيرهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل)[2].

فهذا نوح عليه السلام اشتد عليه أذى قومه وعتوهم مع العمر المديد الذي قضاه في دعوتهم، حينها علم من الله أن لا هداية لهم، فلجأ إلى الله تعالى وحده في هذا الكرب فقال تعالى: ﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأنبياء: 76-77].

ولما تكبر فرعون وملأه عن قبول الحق الذي جاء به موسى وهارون عليهما السلام، وأراد قتلهما ومن معهما من بني إسرائيل لجأ موسى إلى الله وحده، فنجاهم الله، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الصافات: 114-115].

وعندما مسّ أيوبَ كربُ المرض والضر كشفه الله تعالى بلجوء أيوب إليه وحده، قال تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83-84].

ويونس عليه السلام المكروب في بطن الحوت، قال تعالى: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87-88].

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له) [3].

وزكريا عليه السلام الذي ذاق مُرَّ العقم، فتضرع إلى الله وابتهل بين يديه فرزقه الله تعالى يحيى عليه السلام ﴿ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39].

قال تعالى: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 89-90].

وإلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يسلم من عناء الكروب المتنوعة من جهات متعددة، ولكنه في كروبه المتلاحقة لم يترك الابتهال بين يدي ربه، وسؤاله كشف كربه. ففي غزوة بدر حين جاءت قريش بحدها وحديدها تحاد الله ورسوله وتحارب أولياء الله بكبريائها وعنجهيتها حينها مد رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء داعيًا مبتهلاً حتى سقط رداؤه وهو يقول: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض)[4]. فاستجاب الله تعالى دعاءه في كربه فنصره على القوم الكافرين.

عباد الله، إذا نزل الكرب بالناس افترقوا فيه إلى فريقين: فريق يرى للكرب صورة مظلمة قاتمة لا خير فيها، وفريق يرى من خلاله بشائر وأفراحًا تعقب ذلك الكرب، وهذا الفريق الثاني هم أهل التفاؤل واليقين، فيصير الكرب عليهم-وهم على هذه الحال- نعمة لا نقمة، ما داموا مؤمنين صابرين.

قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمتْ ♦♦♦ ويبتلي الله بعض القوم بالنعم

وهذا الفريق الثاني هو الذي ينبغي أن نكون من أهله؛ لنؤجر على الكرب النازل، وليخف علينا نزوله، ولننتظر الفرج القريب بيقين واستبشار؛ فإن الكروب في الدنيا لا تدوم، ولكنها تطول على الساخطين، وتقصر لدى المتفائلين.

عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرجٌ قريب

فلا تيأسْ وإن لاقي

تَ كربًا يحبس النفسا

فأقرب ما يكون المر

ء من فرج إذا يئسا

بمعنى: إذا اشتد الكرب فقد آذن بالفرج؛ كقول الله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110].

فمن الأمثلة في زوال الكروب العظيمة: زوال طوفان التتار الذي ساح في بلاد المسلمين وقتل عدداً كبيراً من أهل الإسلام، وخرب ديارهم، وأحرق ما يقبل الإحراق مما يعز على المسلمين فقدُه، وفعل ما فعل من التخريب والإفساد.

واسمع ما يقول بعض المؤرخين عن هذه الحادثة التاريخية المهولة، يقول ابن الأثير في "كامله" التاريخي: " قد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً، إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترْك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: عمت الخلائق، وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم، وإلى الآن، لم يبتلوا بمثلها؛ لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها. ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث: ما فعله بخت نصر ببني إسرائيل من القتل، وتخريب البيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد، التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى من قتلوا؛ فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم، وتفنى الدنيا، إلا يأجوج ومأجوج. وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه، ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، شقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

فالكثير من المسلمين ظنوا أن لا تقوم للمسلمين بعد ذلك قائمة.

لكن انجلى الكرب بصباح الفرج الذي أعاد للمسلمين عزتهم وقوتهم، فاستعادوا بلدانهم، وهزموا عدوهم، بل دخل بعض التتار الإسلام. ثم أقام المسلمون الخلافة العثمانية بعد ذلك، وامتد الإسلام إلى أماكن لم يصلها من قبل.

ولربَّ نازلةٍ يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها

فُرِجتْ وكنت أظنها لا تفرج

وقبل حادثة التتار يذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" في حوادث سنة (449هـ) أنه كان الغلاء والفناء مستمرين ببغداد وغيرها من البلاد بحيث خلت أكثر الدور، وسُدت على أهلها أبوابها بما فيها، وأهلها موتى فيها، ثم صار المار في الطريق لا يلقى الواحد بعد الواحد، وأكل الناس الجيف والنتن من قلة الطعام، بل حتى أكلوا الكلاب والموتى.

ثم انجلت هذه الغمة وعاد الرخاء إلى بلاد المسلمين مرة أخرى.

أيها المسلمون، إن الكروب حينما تنزل بالمسلمين لا تنزل بهم عبثًا من غير حكمة، أو خِلواً من غير غاية، بل لها حكم وغايات حميدة، فمن ذلك: أن الكروب سبب لتكفير السيئات، وتكثير الحسنات، ورفع الدرجات، إذا صبر المكروب المسلم عندها، فكم من معصية لم تكفرها إلا كربة، وكم من ميزان ثقل لصاحبه يوم القيامة بكرب صبر عنده، وكم درجة بلغها العبد بكربة نالته في الدنيا فاحتسب أجرها عند الله تعالى. قال النبي صلى الله عليه و سلم: ( ما يصيب المسلمَ من نصَب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )[5].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يود أهل العافية يوم القيامة -حين يعطى أهل البلاء الثواب- لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض"[6].

ومن حكم تقدير الكروب: أنها تصقل إيمان المسلم وتصفيه حتى يخرج صافيًا من شوائب النفاق أو الكذب أو الضعف، قال تعالى: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 140-142].

ومن حكم القضاء بالكروب: أنها تسوق الناس إلى ربهم وسيدهم بعد أن شردتهم عنه النعم والشهوات والشبهات، فيرجعون بالكروب خاضعين منيبين، قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

ومن حكم حصول الكروب: أنها تعرف العبد بأنه لله عبد، فينكسر بين يديه، ويخلع عنه كبرياء النفس وترفُّعَها، فتأتيه الكروب لتجعله متواضعًا لله ولخلق الله.

ومن الحكم كذلك: أن الكروب تعلّم الإنسان الرحمة والعطف على المكروبين من الناس، فمن مسه الكرب تذكّر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجراً فقال: نعم، في كل ذات كبد رطبة أجر) [7].

ومن الحكم أيضًا: أن الكروب تشوّق المسلم إلى الجنة دار السلام، التي يرتاح بها من كل عناء، فيصبر عند ذلك ويحتسب، ويتذكر بآلام كروب الدنيا آلام كروب الآخرة في نار جهنم فيستعد بالزاد الذي ينجيه من ذلك. ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أيها المسلمون، إن كروب الدنيا لا تدوم؛ ولذلك فإن الله تعالى برحمته بعباده قد جعل لكشف الكروب أسبابًا، فمن ذلك: الإيمان الصادق بالله تعالى؛ فإنه أعظم سبب للنجاة والخروج من الملمات، قال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [يونس: 98].

ومن الأسباب: ادخار أعمال صالحة خالصة ليوم الكروب، كما نجى الله تعالى أولئك الثلاثة الذي أووا إلى غار فسدت عليهم صخرةٌ بابَ الغار فلم يستطيعوا الخروج، حتى توسلوا إلى الله تعالى بأعمالهم الصالحة الخالصة، كما جاء ذلك في الصحيحين.

ومن الأسباب كذلك: التفريج عن المكروبين، والتنفيس عن المعسرين، والجزاء من جنس العمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) [8].

ومن أسباب كشف الكروب: الدعاء الخاص والدعاء العام؛ فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعية تقال في أوقات الكروب، فمن ذلك: ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: (يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث)[9].

وعن أبي بكرة رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت) [10].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم, لا إله إلا الله رب العرش العظيم, لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم)[11].

وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئًا) [12].

وكذلك على العبد المكروب أن يتضرع بين يدي الله تعالى؛ ليكشف كربه، ويعافيه مما حل به، والله تعالى يقول: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].

[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 3/ 6/ 1432هـ، 5/ 5/ 2011م.

[2] رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو صحيح.

[3] رواه الترمذي والنسائي في الكبرى، وهو صحيح.

[4] رواه مسلم.

[5] رواه البخاري.

[6] رواه الترمذي، وهو حسن.

[7] متفق عليه.

[8] متفق عليه.

[9] رواه الترمذي، وهو حسن.

[10] رواه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد، وهو حسن.

[11] متفق عليه.

[12] رواه أبو داود وابن ماجه، وهو صحيح.

====

تخريج أدعية الهم والحزن والكرب

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا))[1].

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حَزَنٌ فَلْيَدْعُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ يَقُولُ: أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ فِي قَبْضَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ نُورَ صَدْرِي، وَرَبِيعَ قَلْبِي، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي وَغُمِّي ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمَغْبُونَ لَمَنْ غُبِنَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ. قَالَ: «أَجَلْ، فَقُولُوهُنَّ وَعَلِّمُوهُنَّ، فَإِنَّهُ مَنْ قَالَهُنَّ الْتِمَاسَ مَا فِيهِنَّ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حُزْنَهُ، وَأَطَالَ فَرَحَهُ))[2].

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ[3]: ((لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ))[4].

وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ))[5].

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِذَا نَزَلَ بِكُمْ كَرْبٌ أَوْ جَهْدٌ أَوْ لَأْوَاءُ فَقُولُوا: اللَّهُ رَبُّنَا لَا شَرِيكَ لَهُ))[6].

وعن عائشة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ، فَقَالَ: ((إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ غَمٌّ أَوْ كَرْبٌ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي، لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا))[7].

وعن ثوبان أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَاعَهُ شَيْءٌ، قَالَ: ((اللهُ، اللهُ رَبِّي لاَ شَرِيكَ لَهُ))[8].

وعن أسماء بنت عميس قالت: ((عَلَّمَنِى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ: اللهُ اللهُ رَبِّى لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا))[9].

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ))[10].

عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمك كلمات، إذا قلتهن غفر لك، مع أنه مغفور لك: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين))[11].

وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا علي إذا حزبك أمر فقل: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك علي فلا أهلك وأنت رجائي، رب كم من نعمة أنعمت بها عليَّ قلَّ لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري؟ فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا، ويا ذا النعماء التي لا تحصى أبدا، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وبك أدرأ في نحور الأعداء والجبارين))[12].

وعن علي رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا علي، ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة قلتها؟ قلت: بلى، جعلني الله فداك،كم من خير قد علمتنيه. قال: ((إذا وقعت في ورطة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء))[13].

وعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة عند الكرب؛ أغاثه الله عز وجل))[14].

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال لا إله إلا الله قبل كل شيء، ولا إله إلا الله بعد كل شيء، عوفي من الهم والحزن))[15].

وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما قال عبد: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، اكفني كل مهم من حيث شئت، وكيف شئت، ومن أين شئت، إلا أذهب الله عز وجل همه))[16].

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا علي ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعوا ربك به فيستجاب لك بإذن الله، ويفرج عنك: توضأ وصلِّ ركعتين، واحمد الله، وأثن عليه، وصلِّ على نبيك، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات، ثم قل: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم كاشف الغم، مفرج الهم، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك، رحمان الدنيا والآخرة، ورحيمهما، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك))[17].

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جاءني جبريل بدعوات فقال: إذا نزل بك أمر من دنياك فقدمهن ثم سل حاجتك، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا صريخ المستصرخين، يا غياث المستغيثين، يا كاشف السوء يا أرحم الراحمين، يا مجيب دعوة المضطرين، يا إله العالمين، بك أنزل حاجتي، وأنت أعلم بها فاقضها))[18].

وعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر، رفع رأسه إلى السماء فقال: ((سبحان الله العظيم)) إذا اجتهد في الدعاء، قال: ((يا حي يا قيوم))[19].

وعن ابن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل به هم أو غم قال: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث))[20].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، قال: توكلت على الحي الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وكبره تكبيرا))[21].

وعن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث))[22].

[1] إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (1/ 391، 452)، وابن أبي شيبة (10/ 253)، وفي ((مسنده)) (329)، وابن حبان (972)، والحاكم (1/ 509)، والحارث بن أبي أسامة (1057- زوائده)، وأبو يعلى (5297)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (10/ 10352)، وفي ((الدعاء)) (1035)، والبيهقي في ((الدعوات الكبير)) (164)، وفي ((الأسماء والصفات)) (7)، وفي ((القضاء والقدر)) (359)، وعبد الغني المقدسي في ((الترغيب في الدعاء)) (136)، والضياء المقدسي في ((العدة للكرب والشدة)) (11)، والشاشي (282)، وابن أبي الدنيا في ((الفرج والشدة)) (49)، والشجري في ((أماليه)) (1/ 229، 232، 233)، وابن رجب في ((ذيل طبقات الحنابلة)) (1/ 247، 248)، وأحمد بن منيع في ((مسنده))؛ كما في ((اتحاف الخيرة المهرة)) (6/ 6235)، والبزار (1994)، والأصبهاني في ((الترغيب والترهيب)) (1304)، وأبو بكر بن خلاد في ((فوائده)) (20)، والدينوري في ((المجالسة)) (5/ 1803)، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري في ((ستة مجالس)) (ق8/ أ)، والتنوخي في ((الفرح)) (1/ 137)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 99) وغيرهم من طريق فضيل بن مرزوق ثنا أبو سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله به مرفوعا.

قلت: إسناد ضعيف كما قال الدارقطني في ((العلل)) (5/ 201). أبو سلمة الجهني لم يتببين لأئمة الجرح والتعديل من هو، فهو من عداد المجهولين، فقال يحيى بن معين –على سبيل الظن- (كما في ((الكنى)) للدولابي (1/ 191): أُراه موسى الجهني: يعني موسى بن عبد الله- أو ابن عبد الرحمن –الجهني الثقة من رجال التهذيب، إلا أن كل من جاء بعد يحيى فرق بين هذين، فالبخري ترجم لموسى الجهني في ((التاريخ الكبير)) (7/ 288) وكناه أبا عبد الله، وترجم لأبي سلمة الجهني في ((الكنى)) من كتابه المذكور (9/ 39)، وتابعه ابن حبان فذكر كلًّا على حده في ((ثقاته)) (7/ 449، 659)، ولم يترجم ابن ابي حاتم إلا لموسى الجهني في ((الجرح والتعديل)) (8/ 149)، ولم يكنه إلا بأبي عبد الله، واقتصر على كنية أبي عبد الله لموسى الجهني ابن سعد في ((الطبقات)) (6/ 353)، وافسوي في ((المعرفة والتاريخ)) (3/ 91)، ولعل في تأكيد هؤلاء المترجمين لموسى أن كنيته أبو عبد الله فحسب ما يُبعد اشتباهه بأبي سلمة الجهني، وقد فرَّق بينهما أيضا المزني في ((تهذيب الكمال)) مع أنه ذكر في ترجمة موسى أنه يقال له: أبو سلمة وأبو عبد الله- فذكر في الرواة عن القاسم بن عبد الرحمن: موسى الجهني وأبا سلمة، وتابعه في التفريق بينهما الذهبي والحسيني والحافظ ابن حجر والهيثمي.

وموسى الجهني وأبو سلمة الجهني من طبقة واحدة، وكلاهما يروي عن القاسم بن عبد الرحمن، غير أن موسى الجهني معروف من رجال التهذيب، روى له الجماعة عدا البخاري وأبي داوةد، ولا نعرف لفضيل بن مرزوق رواية عنه.

أما أبو سلمة الجهني فلا يُعرف روى عنه غير فضيل بن مرزوق، ولذا حكم الأئمة بجهالته، فقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/ 581): قال بعض مشايخنا: لا ندري من هو، وقال الذهبي في ((الميزان)) (4/ 533)، والحسيني في ((الإكمال)) (ص517): لا يدرى من هو، وتابعهما الحافظ في ((تعجيل المنفعة)) (ص490)، وقال: وقرأت بخط الحافظ ابن عبد الهادي: يحتمل أن يكون خالد بن سلمة. وعقَّب عليه الحافظ بقوله: وهذا بعيد لأن خالدا مخزومي وهذا جهني. وقال الحافظ بعد أن ذكره في ((لسان الميزان)) (7/ 56): والحق أنه مجهول الحال. ومقتضى صنيع الدارقطني في ((العلل)) –كما سيرد- أنه حكم بجهالته، وذكر ابن حبان له في ((الثقات)) لا يرفع عنه صفة الجهالة، فمن عادته توثيق المجاهيل، ولم يذكره العجلي في ((ثقاته)) مع أنه متساهل وبناء على ما تقدم، فلا وجه لجزم الشيخ ناصر الدين الألباني في ((الصحيحة)) (198) أن أبا سلمة الجهني هو موسى الجهني، لما رأيت من تفريق الأئمة بينهما على سبيل الجزم، وما اعتمد عليه نص الاستدلال على أنه هو لا يصلح دليلا، لما علمت من أن كلا الرجلين يروي عن القاسم بن عبد لرحمن، وقد كان الشيخ أحمد شاكر أكثر حيطة حين قال: وأقرب منه عندي أن يكون (يعني أبو سلمة) هو موسى الجهني، فإنه من هذه الطبقة، وفضيل بن مرزوق –وهو الأغرُّ الرقاشي- مختلف فيه، فوثقه أحمد وابن معين والثوري وابن عيينة، وضعفه النسائي والدارمي، وقال الحاكم: كما في ((سؤالات السجزي)) له: فضيل بن مرزوق ليس من شرط الصحيح، وقد عيب على مسلم بإخراجه في الصحيح. وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه إلا اليسير.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم إن مسلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، فإنه مختلف في سماعه من أبيه، فتعقبه الذهبي بقوله: أبو سلمة لا يُدرى من هو، ولا رواية له في الكتب الستة.

قلت: ووهم أيضا في قوله: على شرط مسلم، فإن القاسم بن عبد الرحمن لم يخرج له مسلم، وهو من رجال البخاري وحده. ورواه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي [متفق على ضعفه]

واختلف عليه فيه:

1- فمنهم من رواه عنه عن القاسم عن أبيه عن عبد الله بن مسعود بنحوه مرفوعا.

أخرجه البزار (1994)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (8) وفي ((الشعب)) (9751)، وأبو يعلى في ((مسنده)) كما في ((اتحاف الخيرة المهرة)) (6/ 6235)، والرافعي في ((التدوين)) (2/ 337، 338)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 100).

2- ومنهم من رواه عنه عن القاسم عن عبد الله بنحوه هكذا منقطعا فلم يذكر عن أبيه.

أخرجه محمد بن فضيل الضبي في ((الدعاء)) (6)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (340).

قلت: وأورده الدارقطني في ((العلل)) (5/ 201، 201)، فذكر طريق أبي سلمة الجهني، وطريق عبد الرحمن بن إسحاق، كلاهما عن القاسم، عن أبيه، عن ابن مسعود وطريق علي بن مسهر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم، عن ابن مسعود، مرسلا، ثم قال: وإسناده ليس بالقوي.

[2] ضعيف: أخرجه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (339)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 98) من طريق عبد الله بن زبيد عن أبي موسى به مرفوعا.

قلت إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: عبد الله بن زبيد؛ هو ابن الحارث اليامي الكوفي، وهو مستور.

قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/ 62): روى عنه الكوفيون، سمعت أبي يقول ذلك. وانظر ((التاريخ الكبير)) (3/ 1/ 95)، ((الثقات)) (7/ 23).

الثانية: الانقطاع بين عبد الله هذا وأبي موسى الأشعري؛ فإن عبد الله هذا يروي عن أبيه زبيد بن الحارث وقد عدّه الحافظ في ((التقريب)) من الطبقة السادسة الذين لم يلق أحد منهم أي صحابي؛ كما نص عليه في ((المقدمة))، فإذا كان الأبُ كذلك، فالابن من باب أوى، والله أعلم.

والحديث ذكره الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 136، 137) وقال: رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه، والله أعلم.

وفي الباب عن جعفر بن محمد المعروف بالصادق.

أخرجه الطبراني في ((الدعاء)) (1039) بإسناد فيه محمد بن جعفر متكلم فيه ومحمد بن شاذان لم أقف على ترجمته والله أعلم.

[3] قال النووي في ((شرح مسلم)) (17/ 46): وهو حديث جليل ينبغي الاعتناء به، والإكثار منه عند الكرب، والأمور العظيمة. قال الطبري: كان السلف يدعون به، ويسمونه دعاء الكرب. وانظر ((الجامع لأحكام القرآن)) (8/ 314).

[4] صحيح: أخرجه البخاري (6345) وله أطراف وفي ((الأدب المفرد)) (700، 702)، ومسلم (2730)، والترمذي (3435)، والنسائي في ((الكبرى)) (7674، 7675)، وفي ((عمل اليوم والليلة)) (652، 653)، وابن ماجه (3883)، وأحمد (1/ 228، 254، 259، 268، 280، 284، 339، 356)، وابن أبي شيبة (10/ 196)، وعبد بن حميد (657، 658، 660)، والطيالسي (5651)، والبزار (4812، 5329، 5334)، وأبو يعلى (2541)، والطبراني في ((الكبير)) (10/ 10772، 12750، 12751)، وابن منده في ((التوحيد)) (250، 364)، والحاكم في ((معرفة علوم الحديث)) (ص201، 202)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (2/ 223)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (51، 835)، وفي ((الدعوات الكبير)) (161)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1331، 1332)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 73)، والأشيب في ((جزئه)) (28) وغيرهم وانظر ((التتبع)) (ص338)، و((بين الإمامين)) (ص403)، و((بيان الوهم والإيهام)) (2/ 546)، ((فتح الباري)) (11/ 145، 146)، و((التعليق على الأربعين الفراوية)) (37) والله أعلم.

[5] إسناده ضعيف: أخرجه الطيالسي (868) عن عبد الجليل بن عطية البصري ثنا جعفر بن ميمون أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه به مرفوعا ومن طريقه أخرجه البيهقي في ((الدعوات)) (163)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/ 369)، (4/ 88).

وأخرجه أحمد (5/ 42)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (701)، وأبو داود (5090)، وابن أبي الدنيا في ((الفرج بعد الشدة)) (48)، والنسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (651)، وابن حبان (970)، والطبراني في ((الدعاء)) (1032)، والتنوخي في ((الفرج بعد الشدة)) (1/ 132)، والضياء المقدسي في ((العدة للكرب والشدة)) (25)، والذهبي في ((معجم الشيوخ)) (2/ 226) عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي.

وابن أبي شيبة (10/ 196، 205، 206)، والطبراني في ((الدعاء)) (1032)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (342) عن زيد بن الحباب العكلي كلاهما عن عبد الجليل بن عطية به.

قلت: إسناده ضعيف؛ جعفر بن ميمون ضعيف، وعبد الجليل بن عطية وثقه ابن معين، وقال البخاري: ((ربما وهم)) وقال ابن جبان: ((يعتبر حديثه عند بيان السماع في خبره، إذا رواه عن الثقات، وكان دونه ثبت.

وعبد الجليل قد بين السماع في خبره وروى عنه هذا الحديث ثلاثة من الثقات أبو عامر العقدي وأبو داود الطيالسي وزيد بن الحباب، إلا أنه رواه عن جعفر وهو ضعيف، وقد تفرد به عنه، لذا فقد أعل النسائي الحديث فقال: جعفر بن ميمون ليس بالقوي في الحديث، وأبو عامر العقدي ثقة)).

[6] ضعيف جدا: أخرجه العقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (2/ 202)، والطبراني في ((الكبير)) (12/ 12788)، و((الأوسط)) (8474)، و((الدعاء)) (1030)، والبيهقي في ((الشعب)) (10230) من طريق عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي ثنا صالح بن عبد الله أبو يحيى عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس به مرفوعا.

قال العقيلي: حدثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري يقول: صالح بن عبد الله أبو يحيى عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء: فيه نظر.

وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي الجوزاء إلا عمرو بن مالك، ولا عن عمرو إلا صالح بن عبد الله ؛ تفرد به ابن عائشة. وقال الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 137): وفيه صالح بن عبد الله أبو يحيى، وهو ضعيف.

قلت: وهو منكر من حديث ابن عباس؛ لتفرد صالح بن عبد الله عن عمرو به. وانظر ((الميزان)) (2/ 296)، و((اللسان)) (3/ 212) والله أعلم.

[7] ضعيف جدا: أخرجه ابن حبان (864)، والطبراني في ((الأوسط)) (5290)، والعقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 330) من طريق إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرنْد قال: حدثنا عتاب بن حرب أبو بشر: حدثنا أبو عامر الخزاز عن ابن أبي ملكية عن عائشة به مرفوعا.

قال الطبراني: لم يروه عن أبي عامر الخزاز إلا عتاب، تفرد به إبراهيم بن محمد بن عرعرة.

قلت: هو منكر من حديث عائشة، تفرد به عتاب بن حرب عن أبي عامر الخزاز صالح بن رستم على ضعف في الأخير.

وأما عتاب بن حرب: فقد ضعفه الفلاس جدا، وأودعه العقيلي في ((ضعفائه)) وابن عدي في ((كامله)) وقال ابن حبان في ((المجروحين)) كان ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات على قلة روايته، فليس ممن يحتج به إذا انفرد.

قلت: ومع ذلك فقد أودعا في كتابه ((الثقات)).

وقد روى البخاري البخاري في ((تاريخه الأوسط)) قول الفلاس مفسرا حيث يقول: ... وعتاب بن حرب المري: ضعيف جدا، عن صالح بن رستم. [انظر: ((التاريخ الكبير)) (7/ 55)، ((التاريخ الأوسط)) (2/ 169)، ((الجرح والتعديل)) (7/ 12)، و((الضعفاء الكبير)) (3/ 330)، و((الكامل)) (5/ 356)، و((المجروحين)) (2/ 189)، و((الثقات)) (8/ 522)، و((الميزان)) (3/ 27)، و((اللسان)) (4/ 148) والله أعلم.

[8] أعل بالوقف: أخرجه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (657) وعنه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (335)، والطبراني في ((الدعاء)) (1031)، وفي ((مسند الشاميين)) (424) وعنه أبو نعيم في ((الحلية)) (5/ 219)، وأبو الشيخ في ((طبقات المحدثين)) (4/ 298)، وابن المقري في ((المعجم)) (903)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (12/ 212)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 94، 95)، والشجري في ((أماليه)) (1/ 252)، والمقدسي في ((العدة للكرب والشدة)) (9، 10)، والنسفي في ((القند في ذكر علماء سمرقند)) (ص297) من طريق سهل بن هاشم ثنا سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ثوبان به مرفوعا.

قال أبو نعيم: غريب من حديث خالد وثور، لم يروه عن الثوري إلاسهل بن هاشم.

وهو غريب من حديث الثوري تفرد به عنه سهل بن هاشم وإن كان صدوقا؛ إلا أنه ليس من أصحاب الثوري المشهورين الذين يقبل تفردهم، وقد أطلق يحيى بن معين النكارة على حديث تفرد به يحيى بن آدم [وهو: ثقة حافظ، روى له مسلم عن الثوري] لكونه تفرد به عن سفيان الثوري وقال: ولا نعلم أحدا يرويه إلا يحيى بن آدم، وهذا وهم، لو كان هذا هكذا لحدث به الناس جميعا عن سفيان، ولكنه حديث منكر [((تاريخ ابن معين)) للدوري (2/ 127)، ((الكامل)) (2/ 216)].

قلت: وقد بين عوار هذه الرواية الإمام الجهبذ أبو حاتم فقال: وإنما يرويه عن ثوبان موقوف ((العلل)) (2/ 199، 200) رقم (2089) والله أعلم.

[9] ضعيف: أخرجه إسحاق*[[سقط من إسناده ((عن عمر بن عبد العزيز))]] (2135) وأحمد (6/ 369) والبخاري في ((الكبير)) (2/ 2/ 329) وابن ماجه (3882) والبيهقي في ((الدعوات)) (169) والضياء المقدسي في ((العدة للكرب والشدة)) (8) والمزي في ((تهذيب الكمال)) (33/ 437- 438)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 89)

عن وكيع

وابن أبي شيبة (10/ 196- 197) وابن ماجه (3882) وعبد الله بن أحمد في ((زوائد الزهد)) (ص353) والبيهقي في ((الشعب)) (9745) وأبو موسى المديني في ((اللطائف)) (812)

عن محمد بن بشر العبدي

وأبو داود (1525)

عن عبد الله بن داود الخُرَيبي

والنسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (647)

عن محمد بن خالد الوَهْبي

والبخاري في ((الكبير)) (2/ 2/ 329) والنسائي (649)*[[سقط من إسناده النسائي ((عن عبد الله بن جعفر)) والصواب إثباته فقد ذكر المزي هذا الحديث في ((التحفة)) (11/ 260) ونسبه للنسائي في ((اليوم والليلة)) وذكر عبد الله بن جعفر في إسناده]] والطبراني في ((الدعاء)) (1027) وفي ((الكبير)) (24/ 135- 136) وأبو نعيم في ((الحلية)) (5/ 360) وفي ((الرواة عن أبي نعيم)) (38) وفي ((الصحابة)) (7504) والبيهقي في ((الدعوات)) (168) وفي ((الشعب)) (9764) والتنوخي في ((الفرج بعد الشدة)) (1/ 132- 133) وأبو موسى المديني في ((اللطائف)) (811- 812) والمزي (33/ 438)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 89)

عن أبي نعيم الفضل بن دُكين*[[ومن هذا الطريق أخرجه الدينوري في ((المجالسة)) (60) لكن سقط منه: عن هلال]]

كلهم عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ثني هلال*[[وقع في رواية محمد بن خالد الوهبي عند النسائي ((عن أبي هلال)) قال النسائي: قوله: عن أبي هلال، خطأ وإنما هو هلال وهو مولى لهم]] مولى عمر بن عبد العزيز عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر بن أ[ي طالب عن أمه أسماء بنت عميس قالت: ((عَلَّمَنِى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ*[[وعند أحمد ((أقولها))]] عِنْدَ الْكَرْبِ*[[لفظ أبي داود ((ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند اكرب أو في الكرب))]]: اللهُ اللهُ رَبِّى لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)).

اللفظ لابن أبي شيبة وغيره.

قال أبو نعيم: غريب من حديث عمر، تفرد به ابنه عن هلال مولاه عنه، رواه وكيع ومحمد بن بشر ومروان الفزاري في آخرين عن عبد العزيز.

قلت: واختلف فيه على عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز.

- فرواه شريك*[[تابعه يحيى بن أيوب المصري ثني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز به. أخرجه التنوخي في ((الفرج بعد الشدة)) (1/ 133- 134)]] بن عبد الله القاضي عنه عن هلال عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم عَلَّمَه عِنْدَ الْكَرْبِ اللهُ اللهُ رَبِّى لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا))

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (648)

وقال: وهذا خطأ والصواب حديث أبي نعيم

- ورواه عمر بن علي المُقَدّمي البصري عن عبد العزيز بن عمر عن هلال عن عمر بن عبد العزبز عن بعض ولد عبد الله بن جعفر عن أبيه عن اسماء بنت عميس.

أخرجه البخاري في ((الكبير)) (2/ 2/ 329) ومن طريقه البيهقي في ((الشعب)) (9747)

- ورواه مِسعر بن كِدام واختلف عنه:

فرواه جرير بن عبد الحميد الرازي عنه عن عبد العزيز بن عمر عن عمر بن عبد العزيز قال: جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل بَيته فَقَالَ: ((إِذا أصَاب أحدكُم هم أَو حزن فَلْيقل سبع مَرَّات الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا))

أخرجه إسحاق (2136) والنسائي في ((اليوم والليلة)) (650) والطبراني في ((الدعاء)) (1026)

ورواه سفيان بن عُيينة عن مسعر عن عبد العزيز بن عمر عن أبيه عمر بن عبد العزيز بن مروان عن أبيه عبد العزيز بن مروان عن أسماء بنت عميس.

أخرجه الطبراني في ((ادعاء)) (1025) وفي ((الأوسط)) (6115) عن محمد بن زكريا الغلابي ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي ثنا ابن عيينة به.

والغلابي قال الدارقطني: يضع الحديث، وقال البيهقي: متروك، وذكره ابن حبان في ((الثقات)).

ورواه أبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن التميمي عن مسعر عن بشر بن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن جده عن أسماء.

أخرجه الباغندي في ((مسند عمر بن عبد العزيز)) (17) عن أحمد بن محمد القاضي البرتي*[[واختف فيه على البرتي، فرواه أبو بكر الشافعي في ((فوائده)) (803) عن البرتي ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث ثنا أبو معاوية عن محمد بن عبد الله عن مسعر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن جده عن أسماء. ومن طريقه أخرجه الشجري في ((أماليه)) (1/ 232).

ومن طريقه أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (5/ 457) وقال: وهم في الشافعي إذ قدم محمد بن عبد الله على مسعر، وصوابه عن أبي معاوية عن مسعر عن محمد.

ثم أخرجه من طريق إسماعيل بن محمد اصفار وأبي سهل بن زياد القطان قالا: ثنا البرتي ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث ثنا شيبان ثنا مسعر عن محمد بن عبد الله عن عبد العزبز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن جده عن أسماء.

ورواه أحمد بن محمد الوراق وعلي بن الحسن عن البرتي فلم يذكرا محمد بن عبد الله.

أخرجه إسماعيل اللأصبهاني في ((الترغيب)) (1308)]] ثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا شيبا نبه.

ورواية وكيع ومن تابعه أصح.

قال النسائي: هذا الصواب))

ورواته ثقات غير هلال مولى عمر بن عبد العزيز، ترجمه البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في ((الثقات)).

ويقال هو أبو طُعمة مولى عمر بن عبد العزيز المترجم في ((التهذيب)) وتوابعه والله تعالى أعلم. وانظر ((العلل)) للدارقطني (15/ 302).

ولم ينفرد به بل تابعه مزاحم عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر عن أسماء بنت عميس قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا نَزَلَ بِكِ غَمٌّ أَوْ هَمٌّ أَوْ لَأْوَاءُ أَوْ أَمْرٌ فَظِيعٌ أَوِ اسْتَقْبَلْتِ الْمَوْتَ فَقُولِي اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا))

أخرجه الطبراني في ((الدعاء)) (1028) عن محمد بن زكريا الغلابي ثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة التمي عن أبيه عن عمه مزاحم به.

والغلابي تقدم الكلام فيه.

طريق أخرى: قال عبد الواحد بن زياد البصري: ثني مجمع بن يحيى الأنصاري ثني أبو العيوف صعب أو صعيب العنزي قال: سمعت أسماء بنت عميس تقول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَقُولُ: ((مَنْ أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ غَمٌّ أَوْ سَقَمٌ أَوْ شِدَّةٌ أَوْ لَأْوَاءٌ، فَقَالَ: اللَّهُ رَبِّي لَا شَرِيكَ لَهُ فَإِنَّهُ يُكْشَفُ بِذَلِكَ عَنْهُ)).

أخرجه البخاري في ((الكبير)) (2/ 2/ 328- 329) والدولابي في ((الكبير)) (2/ 80)

عن قيس بن حفص التميمي البصري

وابن أبي الدنيا في ((الفرج بعد الشدة)) (51) والطبراني في ((الكبير)) (24/ 154) و((الدعاء)) (1029) والبيهقي في ((الآداب)) (1076) وفي ((الشعب)) (9749)

عن عفان بن مسلم البصري

قالا: ثنا عبد الواحد بن زياد به.

ورواته ثقات غير صعب أو صعيب العنزي ترجمه البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) على قاعدته.

[10] إسناده حسن: وله عن سعد بن أبي وقاص طرق:

الأول: يرويه إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ثني والدي محمد عن أبيه سعد به مرفوعا.

وفي لفظ ((لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ فِي كُرَبة))

أخرجه أحمد (1/ 170) وأبو يعلى (772)، والضياء في ((المختارة)) (3/ 1040، 1041) والذهبي في ((السير)) (1/ 94، 95)

عن إسماعيل بن عمر الواسطي

والترمذي (3505) والنسائي في ((اليوم والليلة)) (656) والطبراني في ((الدعاء)) (124)، والحاكم (1/ 505 و2/ 382- 383) وابن حجر في ((النتائج)) (4/ 93).

عن محمد بن يوسف الفريابي

والحاكم (2/ 583) والبيهقي في ((الدعوات)) (167) و((الشعب)) (611)

عن محمد بن عبيد الطنافسي

والبزار (1186) والبيهقي في ((الآداب)) (1077) وفي ((الشعب)) (9744) والضياء المقدسي في ((العدة للكرب والشدة)) (20) وفي ((المختارة)) (3/ 1042).

عن أبي أحمد محمد بن عبد الله الزبيري

والخرائطي في ((المكارم)) (2/ 963) رقم (588- منتقى)

عن هارون بن عمران ا لمَوصلي

كلهم عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثنا إبراهيم بن محمد بن سعد به.

قال الترمذي: وقد روى غير واحد هذا الحديث عن يونس بن أبي إسحاق عن إبراهيم بن محمد بن سعد عن سعد ولم يذكر فيه عن أبيه، وروى بعضهم عن يونس بن أبي إسحاق فقالوا: عن إبراهيم بن محمد بن سعد عن أبيه عن سعد، وكأن يونس بن أبي إسحاق ربما ذكر في هذا الحديث عن أبيه وربما لم يذكره))

وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن محمد بن سعد إلا من رواية إبراهيم بن محمد بن سعد عن أبيه عن جده، ولا يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية سعد عنه، وقد روي عن سعد من وجهين))

وقال الحاكم: صحيح الإسناد))

قلت: يونس بن أبي إسحاق صدوق، وإبراهيم بن محمد وأبوه ثقتان، فالإسناد حسن.

ولم ينفرد يونس بن أبي إسحاق به بل تابعه محمد بن مهاجر القرشي ثني إبراهيم بن محمد بن سعد عن أبيه عن جده قال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ((أَلا أخْبركُم أَو أحدثكُم بِشَيْء إِذا نزل بِرَجُل مِنْكُم كرب أَو بلَاء من بلَاء الدُّنْيَا دَعَا بِهِ فرج عَنهُ فَقيل لَهُ بلَى قَالَ دُعَاء ذِي النُّون لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين))

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (655)

عن القاسم بن زكريا بن دينار الكوفي

وابن أبي الدنيا في ((الفرج بعد الشدة)) (33) والحاكم (1/ 505) والبيهقي في ((الدعوات)) (166) والتنوخي في ((الفرج بعد الشدة)) (1/ 129)

عن هارون بن سفيان بن بشير المستمي

كلاهما عن عبيد بن محمد المُحاربي ثنا محمد بن مهاجر به.

وإسناده ضعيف، عبيد بن محمد قال الحافظ في ((التقريب)): ضعيف، ومحمد بن مهاجر ذكره ابن حبان في ((الثقات))، وقال ابن عدي: ليس بمعروف، وذكره العقيلي في ((الضعفاء))، وقال الذهبي في ((الميزان)): لا يعرف، وقال الحافظ في ((التقريب)): لين.

الثاني: يرويه ابن شهاب الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف عن سد مرفوعا ((إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا مَكْرُوبٌ إِلَّا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ: كَلِمَةُ أَخِي يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))

أخرجه ابن السني في ((اليوم والليلة)) (343) وابن عدي (5/ 150) عن أبي يعلى وهو في ((معجمه)) (263) والواحدي في ((الوسيط)) (3/ 249)، وابن مردويه في ((تفسيره))؛ كما في ((تخريج أحاديث الكشاف)) للزيلعي (2/ 369) وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 90، 91) ثنا عمر بن الحصين ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت مَعْمَرا يحدث عن الزهري به.

وأخرجه الضياء المقدسي في ((العدة للكرب والشدة)) (18) من طريق أبي بكر محمد بن حيان البصري ثنا عمرو بن الحصين العقيلي به.

وإسناده ضعيف جدًّا، عمرو بن الحصين العقيلي قال أبو حاتم: ذاهب الحديث وليس بشيء، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال ابن عدي: مظلم الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وكذبه الخطيب البغدادي. وانظر ((نتائج الأفكار)) (4/ 91).

الثالث: يرويه علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سعد مرفوعًا: ((اسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى)) قال: فقلت يا رسول الله، هي ليونس بن متى خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: ((هي ليونس بن متى خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها ألم تسمع قول الله تبارك وتعالى: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} فهو شرط الله لمن دعاه بها)).

أخرجه الطبري في ((تفسيره)) (17/ 82) عن عمران بن بكار الكلاعي ثنا يحيى بن صالح ثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن ثني بشر بن منصور عن علي بن زيد به.

وعلي بن زيد قال ابن معين وغيره: ضعيف.

لكنه لم ينفرد به بل تابعه محمد بن زيد بن المهاجر عن ابن المسيب عن سعد مرفوعًا نحوه، وزاد: ((أيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر شهيد، وإن برأ برأ وقد غفر له جميع ذنوبه)).

أخرجه الحاكم (1/ 505 – 506) من طريق أحمد بن عمرو بن بكر السكسكي ثني أبي عن محمد بن زيد به.

وعمرو بن بكر السكسكي قال ابن حبان: ليس في الحديث بشيء، وقال الذهبي في ((الميزان)): واهٍ، أحاديثه شبه موضوعة.

الرابع: يرويه المطلب بن عبد الله بن حنطب عن مصعب بن سعد عن سعد قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة ذي النون قال: وجاء أعرابي فشغله فاتبعته فالتفت إليَّ فقال: ((أبا إسحاق)) قلت: نعم، قال: ((فمه؟)) قلت: ذكرت دعوة ذي النون ثم جاء أعرابي فشغلك، قال: ((نعم، دعوة ذي النون إذ نادى في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها أحد إلا استجيب له)).

أخرجه الدورقي في ((مسند سعد)) (63)، وأبو سعيد الأشج في ((حديثه)) (118)، والبزار (1163) واللفظ له، والضياء في ((المختارة)) (3/ رقم 1063)، والحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) وابن مردويه كما في ((تفسير ابن كثير))، وأبو يعلى (707)، وابن أبي حاتم كما في ((تفسير ابن كثير)) (3/ 193)، وابن عدي (6/ 86)، والحاكم (2/ 584) من طريق أبي خالد سليمان بن حيان الأحمر ثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله به.

قال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن سعد عنه، وقد روي عن سعد من وجه آخر، وهذا الحديث لا نعلم رواه عن كثير بن زيد إلا أبو خالد الأحمر، قلت: وهما صدوقان، والمطلب بن عبد الله ومصعب بن سعد ثقتان، فالإسناد حسن.

[11] إسناده ضعيف، والحديث صحيح:

وله عن علي طرق:

الأول: يرويه أبو إسحاق السبيعي واختلف عنه:

فقال غير واحد عن أبي إسحاق عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك، مع أنه مغفور لك: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين)).

أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 254)، وأحمد (1/ 92)، وعبد بن حميد (74)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (1315، 1316)، والبزار (705)، والنسائي في ((الكبرى)) (7678)، وفي ((اليوم الليلة)) (638)، وفي ((خصائص علي)) (25، 26)، وابن حبان (6928)، والطبراني في ((الصغير)) (1/ 127)، وفي ((الأوسط)) (3445)، وابن المقرئ في ((المعجم)) (803)، والدارقطني في ((العلل)) (4/ 10)، والشجري (1/ 245)، والضياء في ((المختارة)) (2/ رقم 602) عن علي بن صالح بن حي الهمداني.

والنسائي في ((اليوم والليلة)) (639)، والضياء في ((المختارة)) (2/ رقم (603) عن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق.

وابن أبي عاصم في ((السنة)) (1317)، و الآجري في ((الشريعة)) (1560) عن نصير بن أبي الأشعث القرادي.

الخطيب في ((التاريخ)) (9/ 356 – 357) عن أبي أيوب عبد الله بن علي الإفريقي، كلهم عن أبي إسحاق به.

وقال سفيان الثوري: عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي مرفوعًا به.

أخرجه الدراقطني في ((العلل)) (4/ 9 – 10) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء الهمداني ثنا قبيصة عن سفيان به.

وقال: تفرد به أبو كريب عن قبيصة عن الثوري.

قلت: وقبيصة هو ابن عقبة الكوفي صدوق تكلموا في حديثه عن سفيان.

قال ابن معين: قبيصة ثقة في كل شيء إلا في حديث سفيان ليس بذاك القوي، فإنه سمع منه وهو صغير.

وقال أيضًا: قبيصة ليس بحجة في سفيان.

وقال حسين بن واقد المروزي: عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعًا به.

أخرجه الترمذي (3504)، والنسائي في ((اليوم والليلة)) (640)، وفي ((الخصائص)) (30)، والطبراني في ((الصغير)) (1/ 270) وفي ((الأوسط)) (4995)، والقطيعي في ((زوائد الفضائل)) (1053)، والخطيب في ((التاريخ)) (12/ 463) من طرق عن الفضل بن موسى السيناني عن حسين بن واقد به.

قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي.

وقال النسائي: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها، وإنما أخرجناه لمخالفة الحسين بن واقد لإسرائيل ولعلي بن صالح، والحارث الأعور ليس بذاك في الحديث.

وقال الطبراني: لم يروه عن الحسين إلا الفضل بن موسى.

قلت: تابعه علي بن الحسين بن واقد عن أبيه به.

أخرجه الترمذي (5/ 529)، ورواه إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق واختلف عنه:

فقال غير واحد: عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي مرفوعًا.

منهم:

1- أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم.

أخرجه أحمد (1/ 158) وفي ((الفضائل)) (1216)، والضياء في ((المختارة)) (2/ رقم 650).

2- يحيى بن آدم الكوفي

أخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) (1314)، والطبراني في ((الأوسط)) (3445)، والضياء في ((المختارة)) (2/ رقم 648).

3- عبد الله بن رجاء الغداني.

أخرجه البزار (627).

4- أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي.

أخرجه النسائي في ((الخصائص)) (28).

5- عبيد الله بن موسى العبسي.

أخرجه الحاكم (3/ 138).

6- أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي.

أخرجه الحاكم (3/ 138) ومحمد بن مخلد في حديثه)) (5)، وابن عساكر في ((معجم الشيوخ)) (160)، والذهبي في ((تذكرة الحفاظ)) (2/ 662 – 663)، والضياء في ((المختارة)) (2/ 649).

7- خلف بن تميم التميمي.

أخرجه النسائي في ((الكبرى)) (7677)، وفي ((اليوم والليلة)) (637)، وفي ((الخصائص)) (29).

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

قلت: لم يخرج الشيخان رواية أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو إسحاق مدلس وقد عنعن.

ورواه أحمد بن خالد الوهبي عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي موقوفًا.

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (636)، وفي ((الخصائص)) (27).

وقال هارون بن عنترة الشيباني: عن أبي إسحاق عن مهاجر المدني عن عطية بن عمر عن علي ((العلل للدراقطني)) (4/ 9).

قال الدراقطني في ((العلل)) (4/ 9): وأشبهها بالصواب قول من قال: عن أبي إسحاق عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي. ولا يدفع قول إسرائيل عن أبي إسحاق عن ابن أبي ليلى عن علي. وحديث هارون بن عنترة وحديث السحين بن واقد جميعا وهم.

الثاني: يرويه محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن علي قال: لقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات وأمرني إن نزل بي كرب أو شدة أن أقولهن: ((لا إله إلا الله الكريم الحليم، سبحانه وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين)).

أخرجه أحمد (1/ 94)، والبزار (469)، والنسائي في ((الكبرى)) (7673)، وفي ((اليوم والليلة)) (630 ، 631)، وابن حبان (865)، والطبراني في ((الدعاء)) (1011، 1012)، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (341)، والقطيعي (1124)، وابن منده في ((التوحيد)) (316)، والحاكم (1/ 508- 509)، وأبو نعيم في ((الصحابة)) (353)، والبيهقي في ((الشعب)) (9743)، وأبو القاسم الأصبهاني في ((الترغيب)) (1286)، والضياء المقدسي في ((العدة للكرب والشدة)) (4)، وفي ((المختارة)) (2/ رقم 558)، والتنوخي في ((الفرج والشدة)) (1/ 136) عن محمد بن عجلان المدني.

والبزار (471)، والنسائي في ((اليوم والليلة)) (629)، والضياء في ((المختارة)) (2/ 560) عن أبان بن صالح القرشي.

وأحمد (1/ 91) وابن أبي الدنيا في ((الفرج بعد الشدة)) (49)، والبزار (472)، وبدر بن الهيثم في ((حديثه)) (1)، والطبراني في ((الدعاء)) (1013)، وابن منده (317، 318)، والحاكم (1/ 508)، وأبو نعيم في ((الصحابة)) (352)، والبيهقي في ((الدعوات)) (162)، وفي ((الشعب)) (614)، وفي ((الأسماء)) (رقم 87)، والضياء في ((العدة)) (5)، وفي ((المختارة)) (2/ رقم 559)، والذهبي في ((معجم الشيوخ)) (2/ 276)، و((السير)) (16/ 551)، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (577- منتقى)، وابن حجر في ((النتائج)) (4/ 85).

عن أسامة بن زيد الليثي.

ثلاثتهم عن محمد بن كعب به.

قال البزار: وهذا الحديث يروى عن عبد الله بن جعفر عن علي من وجود، وهذا أحسن إسنادًا يروى في ذلك.

وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

قلت: إسناده صحيح، لكن لم يخرج مسلم رواية عبد الله بن شداد عن عبد الله جعفر، ولا رواية محمد بن كعب عن عبد الله بن شداد، ولا رواية ابن عجلان وأسامة بن زيد عن محمد بن كعب، ولم يخرج لأبان بن صالح شيئا.

ورواه منصور بن المعتمر عن رِبعي بن حراش واختلف عنه.

فرواه غير واحد عن منصور عن ربعي عن عبد الله بن شداد عن عبد الله بن جعفر عن علي موقوفًا.

قال عبد الله بن جعفر: قال لي علي: إني مخبرك بكلمات لم أخبر بهن حسنا ولا حسينا: إذا سألت الله مسألة وأنت تحب أن تنجح فقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم.

منهم:

1- جرير بن عبد الحميد الرازي.

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (633).

2- أبو الأحوص سلام بن سليم الكوفي.

أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 254)، والطبراني في ((الدعاء)) (1014).

3- زائدة بن قدامة الكوفي.

قاله الدارقطني في ((العلل)) (3/ 111).

4- عمار بن رزيق الكوفي.

قال الدارقطني.

5- سفيان بن عيينة.

قاله الدارقطني.

6- زياد بن عبد الله البكائي.

قاله الدارقطني.

وقال شعبة: عن منصور عن ربعي عن عبد الله بن شداد عن علي قوله.

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (635).

وتابعه سفيان الثوري عن منصور به.

أخرجه ابن سعد (488)، والنسائي (634).

وقال مسعر بن كدام: عن منصور عن ربعي قال: قال علي لعبد الله بن جعفر موقوف.

أخرجه الطبراني في ((الدعاء)) (1015).

الثالث: يرويه علي بن الحسين بن أبي طالب واختلف عنه:

فقال محمد بن عمرو بن علقمة: أخبرني علي بن الحسين أن عبد الله بن جعفر علمه هذا عن تعليم علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقولهن عند السلطان وعند كل شيء: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، ويقول بعدهن: اللهم إني أعوذ بك من شر عبادك.

أخرجه الطبراني في ((الدعاء)) (1018) من طريق ابن لهيعة عن مخلد بن مالك الدار عن محمد بن عمرو بن علقمة أخبرني علي بن الحسين به.

وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة.

وقال زيد بن علي بن الحسين: عن أبيه عن أم البنين ابنة عبد الله بن جعفر قالت: سمعت أبي يقول: علمني علي بن أبي طالب كلمات أقولهن عند الكرب وقال: أي بني علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقولهن عند الكرب إذا نزل بي، ولقد خصصتك بهن دون حسن وحسين: ((لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، تبارك الله رب العرش العظيم)).

أخرجه تمام (893) من طريق محمد بن زكريا الغلابي ثنا أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين ثني عمي الحسين بن زيد بن علي وعبد الله بن حسن بن حسن بعن زيد بن علي به.

والغلابي ذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقال: يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات؛ لأن في روايته عن المجاهيل بعض المناكير.

وذكره الدارقطني في ((الضعفاء)) وقال: يضع الحديث.

وقال البيهقي في ((الدلائل)) (2/ 427): متروك.

ورواه محمد بن إسحاق المدني واختلف عنه:

فرواه إبراهيم بن سعد الزهري عن ابن إسحاق قال: حدثني أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن علي بن الحسين عن بنت عبد الله بن جعفر عن أبيها قال: علمني علي بن أبي طالب كلمات أقولهن عند الكرب إذا كان، ويقول: أي بني، علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقولهن عند الكرب إذا نزل بي: ((لا إله إلا الله الكريم الحليم، تبارك الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين)).

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (628)، والطبراني في ((الدعاء)) (1021).

وتابعه محمد بن سلمة الحراني عن ابن إسحاق به.

أخرجه النسائي (627).

ورواه أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء الكوفي عن ابن إسحاق فلم يذكر أبان بن صالح.

أخرجه الطبراني في ((الدعاء)) (1020).

ورواه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن أبان بن صالح عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أم أبيها بنت عبد الله بن جعفر عن أبيها عن علي مرفوعًا.

أخرجه الطبراني (1019).

وإسحاق قال ابن معين وغيره: ليس بثقة، وقال الفلاس وغيره: متروك الحديث.

ورواه مسعر بن كدام واختلف عنه:

فقال المعتمر بن سليمان التيمي: ثنا أبي أنا مسعر عن أبي بكر بن حفص عن عبد الله بن حسن عن عبد الله بن جعفر قال: أخبرني عمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه هؤلاء الكلمات: ((لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم تجاوز عني، اللهم اعف عني)).

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (641)، وابن أبي عاصم في ((الآحاد)) (192)، والطبراني في ((الدعاء)) (1016)، وابن منده (319)، وابن عساكر في ((تاريخه)) (68/ 111)، (74/ 148، 149)، والضياء في ((المختارة)) (2/ رقم 561)، ومحمد بن فضيل في ((الدعاء)) (86)، والحاكم في ((معرفة علوم الحديث)) (ص 219)، والبيهقي في ((الدعوات)) (205).

وقال محمد بن بشر العبدي: ثنا مسعر عن إسحاق بن راشد عن عبد الله بن حسن أن عبد الله بن جعفر عن عمه مرفوعًا به وزاد: ((فإنك عفو غفور)).

أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 270)، والنسائي في ((اليوم والليلة)) (645)، والطبراني في ((الدعاء)) (1017)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (7/ 230).

وقال يحيى بن اليمان العجلي: ثنا مسعر عن أبي بكر بن حفص عن حسن بن حسن بن عبد الله بن جعفر مرفوعًا.

ذكره ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 168، 187 – 188) رقم (1997، 2059).

وقال عن أبيه: هذا خطأ، روى غير واحد عن مسعر لا يوصلونه.

ورواه يحيى بن سعيد القطان عن مسعر قال: حدثني أبو بكر بن حفص ثني حسن بن حسن عن امرأة عبد الله بن جعفر عن عبد الله بن جعفر قوله.

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (642).

ورواه غير واحد عن مسعر عن أبي بكر بن حفص عن الحسن بن الحسن عن عبد الله بن جعفر قوله، منهم:

1- وكيع.

أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 204).

2- يزيد بن هارون.

أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) (643).

3- سفيان بن عيينة.

أخرجه النسائي (644).

[12] ضعيف:

أخرجه الديلمي في ((الفردوس)) (7/ 83)، والأصبهاني في ((الترغيب والترهيب)) (1273)، من طريق علي بن أمية عن الربيع بن الحاجب عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده عن علي به.

قلت: وعلي بن أمية وشيخه الربيع لم أجدهما، والله أعلم.

ورواه ابن أبي الدنيا في ((الفرج بعد الشدة)) (74)، والتنوخي في ((الفرج)) (1/ 318، 319) من طريق الربيع به، والله أعلم.

[13] موضوع:

أخرجه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (336)، والرافعي في ((التدوين في أخبار قزوين)) (1/ 237، 320)، والديلمي في ((مسند الفردوس)) (8323)، والطبراني في ((الدعاء)) (1961)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 102)، وغيرهم من طريق عمرو بن شمر عن أبيه قال: سمعت يزيد بن مرة يقول: سمعت سويد بن غفلة يقول: سمعت عليا به مرفوعًا.

قال الحافظ : هذا حديث غريب... وعمرو ضعيف جدًّا، اتفقوا على توهينه، وانظر ((الضعيفة)) (2721)، والله أعلم.

[14]ضعيف:

أخرجه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (344)، والديلمي في ((مسند الفردوس)) كما في ((إتحاف السادة المتقين)) للزبيدي (4/ 331) من طريق عامر بن مدرك قال: حدثنا خلاء عن أبي حمزة عن زياد بن علاقة عن أبي قتادة الأنصاري به مرفوعًا.

قلت: في إسناده عامر بن مدرك، لين الحديث كما في ((التقريب)).

وقال الزبيدي في ((إتحاف السادة المتقين)) (4/ 331): وسنده ضعيف.

وقال الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (4/ 90): أخرجه من رواية زياد بن علاقة عن أبي قتادة، وما أظنه سمع منه، وفي السند من لا يعرف. اهـ. والله أعلم.

[15] موضوع:

أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (10/ 10691) من طريق العباس بن بكار ثنا أبو هلال عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس به.

قلت: والعباس بن بكار قال الدارقطني كما في ((الميزان)) (2/ 382): كذاب. وذكر الذهبي له أباطيل.

وقال الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 137): فيه العباس بن بكار وهو ضعيف وثقه ابن حبان. اهـ. انظر ((الثقات)) لابن حبان (8/ 512).

قلت: قد ذكره ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 190) أيضًا وقال: لا يجوز كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار للخواص والحديث حكم عليه بالوضع الألباني في ((الضعيفة)) (427) والله أعلم.

[16] ضعيف جدًّا:

أخرجه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (1073) من طريق الحارث عن علي به.

قلت: والحارث واهٍ، والله أعلم.

[17] ضعيف:

أخرجه الأصبهاني في ((الترغيب والترهيب)) (1305) من طريق عبد العزيز بن زياد عن أنس به مرفوعًا.

قلت: في إسناده عبد العزيز بن زياد مجهول كما قال الذهبي في ((الميزان)) (2/ 629)، والله أعلم.

[18] موضوع:

أخرجه الأصبهاني في ((الترغيب والترهيب)) (1307) من طريق محمد بن زكريا البصري، ثنا الحكم بن أسلم، ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به مرفوعًا.

قلت: محمد بن زكريا البصري هو الغلابي وهو كذاب، قال الدارقطني: يضع الحديث، وذكر له الذهبي في ((الميزان)) (3/ 550) حديثا وقال: هذا من كذب الغلابي، والله أعلم.

[19] ضعيف جدًّا: أخرجه الترمذي (3436)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (3381)، وأبو يعلى (6545، 6546)، وابن عدي في ((الكامل)) (1/ 232)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 80)، من طريق إبراهيم بن الفضل، عن المقبري عن أبي هريرة به مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف جدا، إبراهيم بن الفضل – وهو المخزومي المدني – متروك الحديث.

قال الترمذي: هذا حديث غريب.

قال ابن حجر: هذا حديث غريب... ورجاله ثقات إلا إبراهيم بن الفضل؛ فإنهم اتفقوا على ضعفه.

وقال البخاري: منكر الحديث، وقد قال: من قلت فيه: منكر الحديث؛ لا تحل الرواية عنه.

وقال البغوي في ((شرح السنة)) (5/ 123): وهو حديث غريب. اهـ. والله أعلم.

[20] ضعيف: أخرجه الحاكم (1/ 509) والبيهقي في ((الدعوات)) (190) من طريق وضاح بن يحيى النهشلي حدثنا النضر بن إسماعيل البجلي حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق حدثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود به مرفوعًا.

قال الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (4/ 79): هذا حديث غريب... وأخرجه الحاكم من رواية الوضاح بين يحى، عن النضر بن إسماعيل كذلك، وتعقبه الذهبي بأن الوضاح، وشيخه وشيخ شيخه ليسوا بعمدة.

قلت: لم يتفرد به الوضاح.

وأما شيخه النضر فضعيف، وكذا شيخ النضر عبد الرحمن بن إسحاق، وهو الواسطي...

قلت: أخرج الحديث ابن أبي الدنيا في ((الفرج بعد الشدة)) (50) وعنه التنوخي (1/ 138، 139)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 78، 79) عن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه عن النضر بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله مرفوعًا به، يعني دون قول القاسم: ((عن أبيه)) وتابع ابن راهويه عليه إسحاق بن أبي إسرائيل عند التنوخي (1/ 139).

قلت: فبذا يتضح معنى ابن حجر: لم ينفرد به الوضاح، ولكن عزوه الحديث للتنوخي هكذا يوهم أن القاسم قال فيه: عن أبيه، وهذا خلاف الواقع، كما ترى، فيُعل الحديث الآن بالانقطاع، وكذلك بضعف عبد الرحمن بن إسحاق. ثم رأيت البيهقي أخرج الحديث في ((الأسماء والصفات)) (1/ 288) عن حفص بن غياث عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم عن ابن مسعود ... الحديث مرفوعًا به، ثم قال البيهقي: وقد قيل: عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه وهذا مع إرساله أصح. اهـ.

[21] إسناده ضعيف جدًّا:

أخرجه الحاكم (1/ 509)، والبيهقي في ((الدعوات)) (185) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك حدثني سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيهعن أبي هريرة به مرفوعًا.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

وقد سقط هذا الحديث من ((تلخيص المستدرك)) للذهبي.

قلت: ذكر في ترجمة سعد بن سعيد من ((التهذيب)) (3/ 470) أنه يروي عن أخيه عبد الله، ولم يذكر أنه يروي عن أبيه، بل الذي يروي عن أبيه هو أخوه عبد الله. ونوه ابن حجر برواية سعد لهذا الحديث في ((المستدرك)) فقال: وقع في مستدرك الحاكم من رواية ابن أبي فديك عن سعد بن سعيد هذا عن أبيه حديث في الدعاء، وصحح سنده، وكأنه سقط عبد الله من السند.

قلت: وإسناده ضعيف جدا، عبد الله قال عنه في ((التقريب)) (3376): متروك.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في ((الفرح بعد الشدة)) (65) وعنه كل من التنوخي (1/ 138)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (1/ 289)، من طريق الخطاب بن عثمان عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك: حدثني سعد بن سعيد حثني أبو بكر إسماعيل بن أبي فديك مرفوعًا. وقال البيهقي: هكذا جاء منقطعا.

قلت: بذلك يكون الحديث من طريق الخطاب مرسلا، وعبارة البيهقي توحي أنه يرجح ذلك، والله أعلم.

[22] إسناده ضعيف جدًّا:

أخرجه الترمذي (3524) ومن طريقه الحافظ ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (4/ 75)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (337) من طريق شجاع بن الوليد عن الرُّحيل بن معاوية أخي زهير بن معاوية، عن الرقاشي عن أنس مرفوعًا.

قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد روي هذا الحديث عن أنس من غير هذا الوجه.

قال الحافظ: وبه قال أبو عيسى: هذا حديث غريب.

قلت: (أي الحافظ): إن كان الرقاشي هو يزيد فهو ضعيف لسوء حفظه، وإن كان أبان فهو متروك متهم بالكذب. اهـ.

وفي الباب موقوفا عن عمر بن الخطاب وعلي وغيرهما رضي الله عنهما بإسناد لا يصح، أخرجه الطبراني في ((الدعاء)) (1034، 1037، 1039).

وفي الباب عن أبي جعفر رحمه الله قوله.

أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 196).

وفي الباب عن الضحاك رحمه الله.

أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الفرج بعد الشدة)) (ص66، 67) بإسناد ضعيف جدا من أجل جويبر بن سعيد الأزدي.

وفي الباب عن إبراهيم بن خلاف رحمه الله.

أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الفرج بعد الشدة)) (ص34، 39) بإسناد ضعيف لإرساله.

========

الوسائل العشر لنيل رحمة الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى

أما بعد: فحديثنا إليكم أيها الجمع الكريم عن (الوسائل العشر لنيل رحمة الرحمن الرحيم) التي بها ينال رحمة الله تعالى ومغفرته ورضوانه فأعيروني القلوب والأسماع أيها الأحباب ...

الله هو الرحمن الرحيم:

من أسماء الله عزَّ وجلَّ الحسنى (الرحمن، الرحيم)، فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع خلقه - سبحانه وتعالى-: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة:163]، والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه ولا يجوز أن تُنسب لغيره، قال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى.. ﴾ [الإسراء:110]. ورود الاسمين في القرآن الكريم: وقد ذُكر اسمه تعالى: (الرحمن) في القرآن 57 مرة، أما اسمه (الرحيم) فذُكر 114 مرة.

الرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، أي: إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة، قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه:5]، فذكر الاستواء باسمه (الرحمن) ليعم جميع خلقه برحمته.

الرحيم: هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، كما في قوله تعالى: ﴿ .. وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب:43]، فخص برحمته عباده المؤمنين.

سعة رحمة الله تعالى:

أيها الإخوة الأحباب إن رحمة الله واسعة، يقول الله جلَّ وعلا: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.. ﴾ [الأعراف:156]، فرحمة الله عزَّ وجلَّ عامة واسعة، هي للمؤمنين في الدارين، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ .. فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156]، وفتح الله تعالى: أبواب رحمته للتائبين، فقال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر:53].

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إِنَّ للهِ مائةَ رحمةٍ أنزل منها رحمةً واحدةً بين الجنِّ والإنسِ والبهائمِ والهوامِّ، فبها يَتَعَاطَفُونَ، وبها يَتَرَاحَمُونَ، وبها تعطِفُ الوحشُ على ولدِها"، وفي روايةٍ: "حتى تَرفعَ الدَّابةُ حافِرَها عن ولدِها خشيةَ أن تُصيبَه، وأخَّر اللُه تسعًا وتسعين رحمةً يَرحمُ بها عبادَهُ يومَ القيامةِ"، وفي رواية: "إِنَّ الله خلقَ الرَّحمةَ يومَ خلقها مائةَ رحمةٍ"، وفي رواية: "كلُّ رحمةٍ طِباقُ ما بين السماءِ والأرضِ، فأمسَكَ عنده تسعًا وتسعين رحمةً، وأرسلَ في خلقِهِ كلِّهم رحمةً واحدةً"[1].

الوسائل العشر لنيل رحمة الرحمن الرحيم:

اعلموا عباد الله: أن الله تعالى برحمته أرشدنا في كتابه العزيز إلى ما يوصلنا إلى رحمته جل جلاله وإليكم هذه الوسائل لعل الله تعالى أن يرسل علينا سحائب رحمته مدرارًا إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أولا: الإحسان:

الإحسان كلمة جامعة لأصول الدين وأصول المعاملات وأصول الأخلاق قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].

فرحمة الله قريب من المحسنين الذين يعبدون الله تعالى كأنهم يرونه، فيراقبونه في كل صغيرة وكبيرة، ويعلمون أنه جل جلاله يعلم السر وأخفى فيأتمرون بأمره وينتهون عن نهيه.

ورحمة الله قريبة من المحسنين الذين يحسنون في عبادتهم لله تعالى ويؤدونها دون خلل أو تقصير أو تفريط.

ورحمة الله قريب من المحسنين الذين يحسنون إلى خلق الله بالمعاملة الحسنة.

ثانيًا: تقوى الله تعالى:

ومن وسائل تحصيل رحمة الله التقوى والإتيان بأمهات الطاعات، فمن اتقى الله تعالى وأتى بأمهات الطاعات فقد نال القسط الأوفى من رحمته تعالى؛ ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ ﴾ [الأعراف: 156، 157].

﴿ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ فَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: نَحْنُ مُتَّقُونَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ﴾ الْآيَةَ. فَخَرَجَتِ الْآيَةُ عَنِ الْعُمُومِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كتبها الله عز وجل لهذه الأمة[2].

ثالثًا: رحمة المخلوقات سبيل إلى رحمة رب الأرض والسماوات:

معاشر الموحدين: ومن أسباب رحمة الله بعبده رحمة مخلوقاته من الآدميين والبهائم، فمن علامات سعادة العبد أن يكون رحيم القلب؛ فالرحيم أولى الناس برحمة الله، وهو أحب الناس إلى الناس، وأقرب الناس إلى قلوب الناس، وهو أحق الناس بالجنة، لأن الجنّة دار الرّحمة لا يدخلها إلّا الرّاحمون عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»[3].

ورحمة الخلق جميعًا بشرًا أو حيوانات من أعظم أسباب المغفرة، فقد غفر الله لبغي سقت كلبًا، وغفر الله لرجل رأى كلبًا يلهث الثرى من العطش فرَقَّ له فسقاه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، إِذِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ وَخَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لأَجْرًا؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ[4].

إِنْ كُنتَ لَا تَرحَمُ المِسكِينَ إِنْ عَدِمَا

وَلَا الفَقِيرَ إِذَا يَشكُو لَكَ العَدَمَا

فَكَيفَ تَرجُو مِنَ الرَّحمَنِ رَحمَتَهُ

وَإِنَّمَا يَرحَمُ الرَّحمَنُ مَنْ رَحِمَا

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَضَعُ اللَّهُ رَحْمَتَهُ إِلَّا عَلَى رَحِيمٍ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّنَا يَرْحَمُ، قَالَ: (لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صَاحِبَهُ، يُرْحَمُ النَّاسُ كَافَّةً)[5].

عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَابَ عَبْدٌ وَخَسِرَ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ رَحْمَةً لِلْبَشَرِ)[6].

رابعًا: الإيمان والجهاد والهجرة:

الإيمان كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218] أن تحقق الإيمان في أفعالك وأحوالك أن تترجم الإيمان ترجمة حرفية فورية في معاملتك مع الخلق،

والمهاجر هو من ترك ما نهى الله تعالى عنه، والمجاهد هو من جاهد نفسه في طاعة ربه ومولاه جل في علاه.

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ[7].

خامسًا ومن أسباب الرحمة:

إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56].

كيف ترجو رحمة الله يا من تؤخر الصلاة عن وقتها؟!

كيف ترجو رحمة الله يا من لا تصلي في جماعة؟!

كيف ترجو رحمة الله يا من تنام عن الصلاة المكتوبة؟!

كيف ترجو رحمة الله أيها الغني وأنت تضن بمالك عن الفقراء والمساكين؟!

كيف ترجو رحمة الله يا من تكنز الأموال ولا تخرج حق الفقراء والمساكين؟!

سادسًا: ومن أسباب الرحمة طاعة الله ورسوله: قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 132].

فطاعة الله وطاعة رسوله، من أسباب حصول الرحمة، وهذه الآية جاءت ضمن الحديث عن جريمة أكل الربا، فأطيعوا الله والرسول فيما نهيا عنه من أكل الربا وما أمرا به من الصدقة لعلكم ترحمون في الدنيا بما تفيدكم الطاعة من صلاح حال مجتمعكم، وفي الآخرة بحسن الجزاء على أعمالكم.

فيا أيها المرابي كيف ترجو رحمة الله وقد عصيت أوامره ولم تطع رسوله صلى الله عليه وسلم؟

سابعًا: اتباع أوامر القران الكريم واجتناب نواهيه:

فالقران الكريم أيها الأحباب هو دستور الأمة الإسلامية وقد بني ذلك الدستور على الرحمة في التكاليف والنواهي، والرحمة في الأفعال والأقوال، فمن اتبع القران الكريم نال من رحمته بقدر اتباعه له، قال تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155].

أي: اعملوا بما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام وَاتَّقُوا يعني مخالفته واتباع غيره لكونه منسوخًا به لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي: لترحموا بواسطة اتباعه، وهو العمل بما فيه، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من البينات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه.

أما بعد أيها المسلمون:

ثامنًا: الاستماع الإنصات لتلاوة القران الكريم

أيها الإخوة الأحباب اعلموا أن من أسباب الرحمة الاستماع والإنصات لتلاوة القرآن الكريم قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].

يقول السعدي -رحمه الله -: هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب الله يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات، أن الإنصات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.

وأما الاستماع له، فهو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب الله، فإنه ينال خيرًا كثيرًا وعلمًا غزيرًا، وإيمانًا مستمرًا متجددًا، وهدى متزايدًا، وبصيرة في دينه، ولهذا رتب الله حصول الرحمة عليهما، فدل ذلك على أن من تُلِيَ عليه الكتاب، فلم يستمع له وينصت، أنه محروم الحظ من الرحمة، قد فاته خير كثير.

ومن أوكد ما يؤمر به مستمع القرآن، أن يستمع له وينصت في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامه، فإنه مأمور بالإنصات، حتى إن أكثر العلماء يقولون: إن اشتغاله بالإنصات، أولى من قراءته الفاتحة، وغيرها[8].

تاسعًا: الدعاء باسمه الرحمن الرحيم والتعبد بهما:

ومن أسباب حصول الرحمة أن يدعو المسلم باسم الله الرحمن الرحيم فإن ذلك أرجى لحصول الرحمة يقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10] قال تعالى: ﴿ وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، فيسأل لكل مطلوب بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله، ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، ﴿ وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 118].

عاشرًا: الإكثار من الاستغفار:

أيها الإخوة الأحباب لقد أرشدنا الرحمن الرحيم إلى وسيلة أخرى من وسائل حصول الرحمة الربانية ألا وهي الاستغفار قال العزيز الغفار: ﴿ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النمل: 46].

فكثرة الاستغفار والتوبةُ مِن أسباب تنزُّل الرحمات الإلهية، والألطافِ الربانية، والفلاح في الدنيا والآخرة.

عن أبي ذَرّ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-قال: -فيما روى عن الله تبارك وتعالى -أنه قال: «يا عبادي إني حَرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تَظَالموا، يا عبادي، كُلُّكم ضالٌّ إلا مَنْ هَدَيتُه، فاسْتَهدُوني أهْدِكم، يا عبادي، كُلُّكم جائع إلا مَنْ أطعمتُهُ، فاستطعِموني أُطْعِمْكم، يا عبادي، كُلُّكم عارٍ إلا مَنْ كَسوْتُه، فاستكْسُوني أكْسُكُمْ، يا عبادي، إنكم تُخطئون بالليل والنهار، وأنا أَغْفِرُ الذُّنوبَ جميعًا، فاستغفروني أغفِرْ لكم )) [9].

قال العلماء: وإنما قال سبحانه جميعًا ها هنا قبل أمره إيَّانا باستغفاره حتى لا يقنَطَ أحدٌ مِن رحمة الله لعظيم ذنب احتقره، ولا لشديد وِزْر قد ارتكبه، ما أرحمَه وألطفَه جلَّ شأنُه، خلقنا وهو يعلَمُ أننا سوف نذنب ليلًا ونهارًا، ثم فتح لنا أبواب مغفرتِه، ولم يُقنِّط عبادَه مِن رحمته.

[1] رواه البخاري (9469)، ومسلم (2752/ 18 -19، 2753/ 21).

[2] تفسير القرطبي (7/ 296)

[3] رواه الترمذي رقم (1925) في البر والصلة، باب في رحمة الناس، وأبو داود رقم (4941) في الأدب، باب في الرحمة،

[4] أخرجه "البُخاري" 173 وفي "الأدب المفرد" 378. و"مسلم" 5921

[5] حسنه الألباني رحمه الله في "الصحيحة" (167).

[6] حسنه الألباني في "الصحيحة" (456) .

[7] أخرجه الترمذي (1621) مختصرًا، وأحمد (23967).

[8] تفسير السعدي (ص: 314)

[9] رواه مسلم رقم (2577) في البر والصلة، باب تحريم الظلم، والترمذي رقم (2497) في صفة القيامة، وباب رقم 49
    فضل تفريج الكُرَب عن الناس
    د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد
    المصدر: د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد
    هناك عمل عظيم ينال به المرء الموفق أجراً عظيماً، لو أنه عرفه لبذل فيه ماله وما ملكت يداه، وكثيرٌ من الناس يخطئ طريق هذا العمل، ويحظى به آخرون يدخره الله تعالى لهم ويعينهم عليه؛ إنه تفريج كُرُبات أناس قد تتشابك حلقات الشدائد عليهم ولا يجدون من يفرجها عنهم، فيقوم ذلك الموفق بتفريجها كحل العقال، فينال الأجر العظيم، جزاءً له من جنس عمله، وهو ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 

=«من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً، ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، 

=وروى أيضاً من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفس عن معسر، أو يضع عنه».

 
    - قد يكون التفريج عوناً مادياً بشيء من عَلالة الدنيا، وما أيسر ذلك على الموسر.
    فهذا أجر عظيم قد لا يناله المرء بكثرة صلاة ولا صيام ولا أعمال بِر، وإن كثرت؛ لأن الله تعالى جعل جزاء بعض الأعمال منوطاً بعمل صالح يقدمه المرء لمصلحة عبد من عباده، وإن كان العمل يسيراً،

= ولو شاء سبحانه لفرج عن عبده ذاك من غير واسطة أحد من خلقه؛ لكنه سبحانه يريد أن يكرم العبد الآخر الفقير إليه بعمل يقدمه لنفسه في دار العمل، حتى ينال الجزاء الأوفى، في دار الجزاء، 

= فالكرامة الحقيقية هي لهذا المفرج عن أخيه المسلم؛ لأن كربة الدنيا وإن كانت شديدة فإنها ليست شيئاً بالنسبة لكُرُبات الآخرة التي يود المرء لو يفتدي منها «ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه»، وهيهات أن ينال ذلك كله إلا بمثل هذا العمل الصالح الذي قدمه لنفسه في دار العمل، وقد لا يكون المقدم له مدركاً لفضله وعظيم أجره، فإنه عند ربه غير ضائع، فيجده وهو أحوج ما يكون إليه، فمن حظي بهذا الفضل العظيم فقد فاز فوزاً عظيماً، وهذا هو كرم الرب سبحانه على عباده الذين وفقهم لنفع عباده وفقرائه، وإذا بحث الإنسان عن هؤلاء المحظيِّين بهذا الفضل العظيم فلعله لا يجدهم إلا بالمجاهر الضوئية، إما لأنهم يخفون أنفسهم احتساباً لأعمالهم عند باريهم سبحانه خشية الرياء، أو لأنهم لا يعرفون أنهم قاموا بشيء لاستقلالهم أعمالهم، وهذا ما يسمى باحتقار العمل، فيحسبه هيناً وهو عند الله عظيم.
    وسبيل إدراك هذا الفضل العظيم أن يكون لدى المرء شعور بالأُخوَّة الإيمانية، فيحب لأخيه ما يحبه لنفسه ويكره له ما يكرهه لنفسه، وذلك ما يتحقق بها كمال الإيمان، فمن كان كذلك فإنه لن يدخر وسعاً ولا مالاً ولا جاهاً في سبيل تفريج كربات المكروبين ونفع إخوانه المسلمين والناس أجمعين، وإذا كان لديه هذا الشعور الإيماني الأخوي فإن الله تعالى ييسر له السبيل، ويعينه على تحقيق ذلك الفضل الذي قد يكون بكلمة يبلغها مَن بيده الحل والعقد، فيكون بها ذلكم الفرج المطلوب، وهذا ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام أمَّته بقوله: «أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياي، فإنه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة»، فمثل هذا التفريج بالبلاغ أمره يسير، وكما أنه تفريج لكربة المكروب؛ فإنه أيضاً نصح لصاحب الأمر، والنصح له هو خالص الدين، كما قال عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، وهو أيضاً امتثال للأمر النبوي الذي يكون جزاؤه ذلكم التثبيت يوم تزل الأقدام، وما أدراك ما خطر ذلك الزلل الذي يكون إلى قعر جهنم.
    وقد يكون التفريج عوناً مادياً بشيء من عَلالة الدنيا، وما أيسر ذلك على الموسر الذي يُخلف الله تعالى عليه أكثر مما أعطى.
    وقد يكون بشفاعة حسنة فيكون له نصيب منها، وقد يكون بغير ذلك من متيسرات الدنيا، فعلى من كان لديه فرصة لإدراك هذا الفضل العظيم أن لا يبخل على نفسه به، فإنها ستعاتبه يوم يتقدم الناس بأعمالهم فيبطؤه عمله.
    نسأل الله التوفيق للجميع.
    «كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»
 

الهم والكرب عياذا بالله من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
    الهم في علم النفس هو التفكير السلبي المستمر بشأن التهديدات المحتملة في المستقبل والطرق الممكنة لمعالجتها، ويكون على هيئة أسئلة داخلية مثل «ماذا لو حصل كذا؟»، 

= وتعاقب هذا النوع من التفكير قد يسبب القلق، الذي ينتج عن التوتر ثم الكآبة. وخلافه ما يعرف بالاجترار. 

= ووفقًا للمعجم الوسيط فهو يعني ما هَمَّ به الرجلُ في نفسه أو أَوَّلُ العزيمة والجمع: هموم، ويقال: هذا رجلٌ هَمُّك من رجل: حَسْبُك.
    تعريف الهم
    هو شعور نفسي يتمثل في انقباض المزاج مع غم وفقد للمتعة والبهجة وضيق في الصدر وتتفاوت درجاته في الشدة من شخص لآخر. 

= وهذه الحالة البائسة الضيقة من عدم الارتياح والاستياء وفقدان السعادة والسرور هي الحالة التي يهجم فيها على المرء الهم ويتربص به ضيق الصدر والشعور بالفشل. فهو إحساس يكون فيه الفرد نهباً للشعور الداخلي السلبي والفشل وخيبة الأمل، واختفاء الابتسامة والانشراح، وظهور العبوس وعدم الابتهاج والأسى الممزوج بفقدان الهمة والتقاعس عن الحركة والعزوف عن بذل أي نشاط حيوي ولربما العزوف عن الحيوية
    الفرق بين الهم والحزن

= الهم: وهو ضيق الصدر الذي سببه ما يظنه المرء ويتوقعه مستقبلا.
    الحزن: وهو الضيق الذي سببه ما يفكر فيه المرء مما مضى
    مخاطر الهم والهموم على الإنسان
    يرى كثير من العلماء أن الصحة النفسية هي حالة نفسية يشير فيها الإنسان إلى «التوافق» مع نفسه أو مع مجتمعه الذي يعيش فيه، ويوازن بين مصالحة ومصالح مجتمعه.
    التوافق: (عملية ديناميكية يحدث فيها تغيير أو تعديل في سلوك الفرد أو في أهدافه أو في حاجاته، أو فيها جميعا، ويصاحبها شعور بالارتياح والسرور إذا حقق الفرد ما يريد وحقق أهدافه وأشبع حاجاته، ويصاحبها شعور بعدم الارتياح والاستياء والضيق إذا فشل في تحقيق أهدافه، ومنع من إشباع حاجاته).
    وقد أشار المتخصصون أن ذلك الشعور إذا استسلم المرء له نهبه وأكله، وصار سمته تراجع في الفكر وضمور ينتهي في الفراغ الحاصل فيه وإنه ليتطور ليشلّ العقل عن ممارسة دوره السليم في التحليل والتمييز وإصدار التعليمات لباقي أعضاء الجسم وغدده ومن هنا نجد أن كثيرا ما يصاحب الهموم بعض الأمراض الفسيولوجية مثل القرحة وسوء الهضم وآلام القولون ووجع المفاصل والصداع والأرق. وغيرها الكثير.
   
أنواع الهموم
    هموم عصامية

    وهي الهموم السامية مثل هموم الداعية في نشر الدين، وهم بتصحيح عباده في القصد أو الأداء، وهم الراعي في رعيته، وهم المسلم بما يصيب إخوانه في أقطار الأرض.
    هموم ناشئة عن المعصية
    وأكبر الهموم التي تكون لها دلالات مثل هم الزنا الذي ينتج عنه الحمل.
 
   هموم المظلوم
    نجد أن المظلوم المغلوب على أمره له من ألم الظلم. كما قال الشاعر طرفة بن العبد البكري:
    وظلم ذوى القربى أشد مضاضة
    على النفس من وقع الحسام المهند
    أنواع أخرى من الهمومهم الصادق بتكذيبه.
    هم البرئ إذا ألقيت عليه تهمة.
    هم الخوف من المستقبل: ومنها ما يكون بما قد يحصل للزوجة والذرية بعد الموت.
    هم الدين.
    هم الرؤيا التي ترى في المنام من وقوعها حقيقة.
    الهم في الإسلامإن من طبيعة الحياة الدنيا الهموم والغموم التي تصيب الإنسان فيها، فهي دار اللأواء والشدة والضنك.
    لهذا كان مما تميزت الجنة به عن الدنيا أنه ليس فيها هم ولا غم «لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين»، وأهلها لا تتكدر خواطرهم ولا بكلمة «لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاماً».
    وطبيعة الحياة الدنيا المعاناة والمقاساة التي يواجهها الإنسان في ظروفه المختلفة وأحواله المتنوعة، كما دل عليه قول الحق تعالى: «لقد خلقنا الإنسان في كبد». فهو حزين على ما مضى، مهموم بما يستقبل، مغموم في الحال.
    والمكروه الوارد على القلب إن كان من أمر ماض أحدث الحزن، وإن كان من مستقبل أحدث الهم، وإن كان من أمر حاضر أحدث الغم.
    والقلوب تتفاوت في الهم والغمّ كثرة واستمراراً بحسب ما فيها من الإيمان أو الفسوق والعصيان فهي على قلبين:
    قلب هو عرش الرحمن، ففيه النور والحياة والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير.
    وقلب هو عرش الشيطان فهناك الضيق والظلمة والموت والحزن والغم والهم.
    علاج الهم في الإسلام
    أولاً: التسلّح بالإيمان المقرون بالعمل الصالح
    قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ سورة النحل وسبب ذلك واضح، فإن المؤمنين بالله الإيمان الصحيح، المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة، معهم أصول وأسس يتعاملون بها مع كلّ ما يرد عليهم من أنواع المسرات والأحزان. فيتلقون النّعم والمسارّ بقبول لها، وشكر عليها، ويستعملونها فيما ينفع، فإذا فعلوا ذلك أحسوا ببهجتها وطمعوا في بقائها وبركتها ورجاء ثواب شكرها وغير ذلك من الأمور العظيمة التي تفوق بخيراتها وبركاتها تلك المسرات.
    ثانياً: النظر فيما يحصل للمسلم
    من تكفير الذنوب وتمحيص القلب ورفع الدرجة، إذا أصابته غموم الدنيا وهمومها: قال رسول الله ﷺ : (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) رواه البخاري الفتح 5642
    وفي رواية مسلم: (مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلا نَصَبٍ وَلا سَقَمٍ وَلا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ) صحيح مسلم رقم 2573.
    فليعلم المهموم أن ما يصيبه من الأذى النفسي نتيجة للهمّ لا يذهب سدى بل هو مفيد في تكثير حسناته وتكفير سيئاته، وأن يعلم المسلم أنه لولا المصائب لوردنا يوم القيامة مفاليس كما ذكر بعض السلف ولذلك كان أحدهم يفرح بالبلاء كما يفرح أحدنا بالرخاء.
    ثالثاً: معرفة حقيقة الدنيا
    فإذا علم المؤمن أن الدنيا فانية، ومتاعها قليل، وما فيها من لذة فهي مكدّرة ولا تصفو لأحد. إن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً، وإن أعطت يسيراً منعت كثيراً.
    رابعاً: القدوة والأسوة
    ابتغاء الأسوة بالرسل والصالحين واتخاذهم مثلاً وقدوة وهم أشد الناس بلاءً في الدنيا، والمرء يبتلى على قدر دينه.
    خامساً: هم الآخرة وأهوالها
    أن يجعل العبد الآخرة أكبر همه ويسعى للعمل لها سعياًحثيثاً. قال ابن القيم: إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله عنه سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كلّ ما أهمّه، وفرّغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته.
    سادساً: ذكر الموت
    اتخاذ كل التدابير والإستعدادات لذلك اليوم العصيب.
    سابعاً: دعاء الله تعالىومنها: قوله ﷺ: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. رواه البخاري وغيره.
    انظر أيضا

خوف وحزن وألم و  ضيق الصدر نعوذ بالله من كل سوء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج9 كتاب الترغيب والترهيب للمنذري{من5655 الي 5766.}

  ج9 كتاب الترغيب والترهيب من الحديث الشريف عبد العظيم بن عبد القوي المنذري أبو محمد سليمة وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية...